ملتقى صائد الرؤى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

جزاء من يكذب على رسول الله

4 مشترك

اذهب الى الأسفل

جزاء من يكذب على رسول الله  Empty جزاء من يكذب على رسول الله

مُساهمة  دعاء السبت أغسطس 29, 2015 9:14 am


الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله

هذا موضوع قمت بنقله عن الكذب عن رسول الله . لما رايته انتشر بكثرة في المنتديات و مواقع التواصل الاجتماعي

############################


والآن إلى أحاديث الباب:
1- حديث علي قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم: ((لا تكذبوا عليَّ، فإنَّه من كَذَبَ عليَّ فليلج النار))؛ أخرجه البخاري في: "كتاب العلم"، "باب إثم من كذب على النبي - صلى الله عليه وسلم".

النَّهيُ في هذا الحديث أشدُّ التحريم، بل إنَّ التحريم يتأكد من وجهين:
الأول: النَّهيُ وهو للتحريم، إذا ورد على إطلاقه إلاَّ لقرينة مُقيِّدة أو مُخصصة، وحيثُ لا مخصص ولا مُقيد، فقد ثَبَتَ التحريمُ في كل الحالات.

الوجه الثاني: الوعيدُ الشديدُ المترتب على الوقوع في الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتمثَّل هذا الوعيد في قوله - صلى الله عليه وسلم: ((فإنه من يكذب عليَّ، فليلج النار)).

2- حديث أنس قال: إنَّه ليمنعُني أنْ أحدِّثَكم حديثًا كثيرًا أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن تعمَّد كذبًا عليَّ، فليتبوَّأ مقعده من النَّار))؛ أخرجه البخاري في: "كتاب العلم"، "باب إثم من كذب على النبي - صلى الله عليه وسلم".

في هذا الحديث نجد تحرج أنس بن مالك - رضي الله عنه - من أنْ يُحدث عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - خشية الوُقوع فيما يعد كذبًا، وإن لم يكن مقصودًا، وهذا يُوضح لنا كيف كان الصَّحابة يَحرصون على النَّقل الدَّقيق لأقوال النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وأفعاله وتقريراته؛ بل كان أحدُهم يُفتي في المسألة دون أنْ يسندَ فتواه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان الإفتاء بناءً على اجتهاده، وقد يفضل الإفتاء بناءً على اجتهاده من أن ينسب إلى النبي ما سمع منه؛ خشية أن يُخطئ في النقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك لأنَّهم كانوا يرون ذلك من أشدِّ المحرمات.

وقوله: "مَن تعمَّد" يشير إلى ما يكون من الخطأ في الرِّواية دون قصد؛ لضَعْف الذاكرة، أو سبق اللَّفظ، أو غير ذلك من الأسباب التي توقع في الخطأ.

وقد ادَّعى البعض ممن وضعوا الأحاديث كذبًا على النبي - صلى الله عليه وسلم: أنَّهم لا يكذبون على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بل يكذبون له، يقصدون بذلك: رواياتِهم المُرغِّبة في الطاعات، والمرهِّبة من المعاصي، والمكذوبة على النبي - صلى الله عليه وسلم، ويُدخِلون من مُخترعات القصص ووَاهِي الرِّوايات ما يُؤثِّرون به في العامة، وهذا ولا شكَّ منهجٌ غير سليم، وكذبٌ وافتراءٌ ممقوت.

ولَقَدْ استشرت هذه الرِّوايات المزعومة، والقصص المكذوبة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في فترة من فترات التاريخ الإسلامي، فتصدَّى لها المحققون من العلماء والنُّقَّاد.

ومِمَّا يدُلُّ على اجتراء هؤلاء الوضَّاعين والكذَّابين: ما رواه ابن الجوزي بإسناده إلى أبي جعفر الطيالسي، قال: "صلَّى أحمد بن حنبل ويحيى بن معين في مسجد الرصافة، فقام بين أيديهم قاصٌّ، فقال: حدَّثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، قالا: حدثنا عبدالرزاق عن معمر عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "من قال لا إله إلا الله، خلق الله من كل كلمة طيرًا منقاره من ذهب، وريشه من مرجان...".

وأخذ في قِصَّته نحوًا من عشرين ورقة، فجَعَلَ أحمد بن حنبل ينظر إلى يحيى بن معين، وجعل يحيى بن معين ينظر إلى أحمد بن حنبل، فقال له: حدثته بهذا؟ فيقول: والله ما سمعت هذا إلاَّ الساعة، فلَمَّا فرغ من قصَّته، وأخذ العطيَّات، ثم قعد ينتظر بقيَّتها، قال له يحيى بن مَعين بيده: فجاء متوهِّمًا لنوالٍ، فقال له يحيى: مَن حدَّثك بهذا الحديث؟ فقال: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، فقال: أنا يحيى بن معين، وهذا أحمد بن حنبل، ما سمعنا بهذا قطُّ في حديث رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم، فقال: لم أزل أسمع أنَّ يحيى بن معين أحمق، ما تحقَّقت هذا إلاَّ الساعة، كأن ليس يحيى بن معين وأحمد بن حنبل غيركما، وقد كتبتُ عن سبعة عشر أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، فوضع أحمد كُمَّه على وجهه، وقال: دَعْه يقوم، فقام كالمستهزئ بهما[14].

وهذه القِصَّة تُبيِّن لنا مدى توقُّح هؤلاء في الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا القيد (مُتعمدًا) لا يخرج هؤلاء الذين يضَعُون الكذب، وينسبونه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - حتَّى ولو توافرت حض النَّاس على العمل الصَّالح، ما دام الرَّاوي يعلم أنَّه كاذب فيما يقول، مهما كانت المُبرِّرات التي تدعوه إلى ذلك.

كما يشير الحديث - بمفهوم المُخالفة - إلى عفوِ الله - تعالى - عمَّا قد يقعُ في الرِّواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - من خطأ بتغيير لفظ بغيره، أو كلمة بأُخرى مع تَحرِّي الدِّقَّة والصواب، ومِمَّن عرفوا بالضَّبط والإتقان والعدالة، وتحرِّي الدِّقة في النَّقل، واتَّفق العلماء على توثيقهم والرواية عنهم.

أمر آخر ينبغي الوقوف عنده، وهو: مدى قَبول الحديث الضَّعيف وروايته، نجد أن علماءَ الحديثِ وضعوا شروطًا لرواية الحديث الضَّعيف، منها: أن ينصَّ على ضعفه عند روايته، وفرقٌ كبير بين الضَّعيف والموضوع المكذوب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم:
فالموضوعُ كذبٌ مَحض وافتراءٌ على صاحب الرِّسالة، أمَّا الضَّعيف من الأحاديث فهو ما لم يتحقَّق فيه أحدُ الشُّروط الخمسة التي أجمع علماءُ الحديث على وجوب توافرها؛ لكي يكون الحديث صحيحًا ومقبولاً وهي:
- العدالة.
- والضَّبط في كل راوٍ في سلسلة الإسناد.
- اتِّصال السند بين الرُّواة، بمعنى أنَّ كلَّ راوٍ ينقل مُباشرة عمَّن أخذ عنه.
- عدم وجود علَّة قادحة في مَتن الحديث أو إسناده.
-عدم وجود شُذُوذ في الرِّواية في سندها أو مَتْنها.
وهذه الشُّروط لها تفصيلاتٌ تطلب في مظانها من كتب علم مصطلح الحديث.

أمَّا ما اشترطوه من الشُّروط لقَبُول العمل بالضَّعيف في التَّرغيب والتَّرهيب وفضائل الأعمال، وهو ما لا يختص بالأحكام فهي:
- ألاَّ يكون الحديث شديد الضَّعف؛ أي: ضعيف منجبر.
- ألاَّ يعتقد ثبوته عند العمل به.
- ألاَّ يُعارض أصلاً صحيحًا أو نصًّا ثابتًا صريحًا.
- أن يندرج في أصلٍ كُليٍّ عام، ويكون ما جاء في الحديث بعضُ أفراده أو وجوهه.

وهذه الشُّروط يَرى بعضُ العلماء أنَّها شروطٌ نظريَّة؛ بمعنى: أنَّه لا يُمكن أن يتحقق منها إلاَّ مَن له إلمامٌ بعلوم الحديث والفقه إلمامًا يُعينه على تحرِّي هذه الشُّروط، والتحقُّق من وجود الرواية الضَّعيفة التي يريد العمل بها[15].

أمَّا الحديثُ المتواتر - وهو الذي رواه جمعٌ عن جمع يستحيلُ تواطؤهم على الكذب - فالإجماع مُنعقد على وجوب العمل به في العلم والعمل؛ أي: في أبواب الاعتقاد، وفي أبواب العمل والفقهيَّات، والنِّزاع في حديث الآحاد، وهو الذي لم يبلغْ مبلغَ التواتُر، ففريق يرى أنَّ حديث الآحاد حُجَّةٌ في باب العقائد كما هو حجة في باب الأعمال.

وفريقٌ يرى أنَّ حديث الآحاد لا يفيد العلم القطعيَّ كالحديثِ المتواتر؛ ولكنَّه حُجَّةٌ في باب العمل؛ لظنيَّة ثبوته، أمَّا الرَّأي الذي نُرجِّحه، فهو أنَّ حديث الآحاد إذا احتفَّت به قرائنُ ترجِّح ثبوته قطعيًّا - حجةٌ في العقيدة والعمل معًا.

على أنَّه لا يفوتنا هنا أن نذكر تعريفًا لبعض المصطلحات الواردة في هذا الشأن؛ مما يسهل على القارئ غير المتخصص فَهْم هذه الاصطلاحات.

فالحديثُ الصحيح: هو الحديثُ الذي تصحُّ نسبته إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بشروطه الواردة في شروط الحديث الصَّحيح الخمسة المذكورة قبلاً.

والحديث الضَّعيف: هو الحديثُ الذي لا تصحُّ نسبته إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا جزمًا؛ ولكن على سبيل عدم الرجحان العلمي للشُّروط الواردة في تعريف الحديث الصَّحيح.

والحديث الصحيحُ: إمَّا مُتواتر وإمَّا آحاد:
والمتواترُ - وقد سبق تعريفُه - يختلف بحَسَبِ العدد الذي يثبتُ به التواتُر، وهو إمَّا متواتر لفظي، بأن تتفق جميعُ رواياته على اللَّفظ نفسه، وإما تواتر معنويٌّ، بأنْ تتَّفق رواياته على المعنى دون اللفظ.

وحديث الآحاد: غيْرُ المتواتر، وهو ثلاثة أقسام: غريب، وعزيز، ومشهور.

فالغريب: هو ما تفرَّد بروايته واحد ثِقَة في كُلِّ طبقات السَّند، أو في أحدها على الأقل، ويُسمَّى الفرد المطلقُ؛ لتفرُّدِ راوٍ بروايته في أحد طبقات السَّند أو بعضها أو كلها.

والعزيز: هو ما رواه اثنان من الثِّقات في أحد طبقات السَّند على الأقل.

والمشهور: هو ما رواه ثلاثةٌ أو أكثر من الثِّقات في كُلِّ طبقات السند؛ ولكن لا يصلُ إلى حدِّ التواتُر[16].

3 - حديث أبي هريرة عن النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ومن كذب علي متعمدًا، فليتبوأ مقعده من النَّار))؛ أخرجه البخاري في: "كتاب العلم"، "باب إثم من كذب على النبي - صلى الله عليه وسلم".

4- حديث المغيرة، قال: سمعت النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: ((إنَّ كذبًا عليَّ ليس ككذبٍ على أحد، مَن كذب عليَّ متعمدًا، فليتبوأ مقعده من النَّار))؛ أخرجه البخاري، "كتاب الجنائز"، "باب ما يكره من النياحة على الميت".

في هذين الحديثَيْن، نجد تصريحًا بأنَّ الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يساوي في حُرمته وفُحشه الكذب على غير رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - في حديث المغيرة - رضي الله عنه - ويتَّفق الحديثانِ في اللَّفظ الباقي: ((ومَن كذب علي، فليتبوأ مقعده من النَّار))، وهذه الجملة الأخيرة من المُتواتر اللَّفظي؛ حيثُ وردت بها رواياتٌ تصلُ إلى حدِّ التواتُر.

و يُمكن أنْ يؤخذ من مجموع أحاديث هذا الباب ما يلي:
أولاً: غلظ الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفُحشه، وأنه لا يَجوز لأحد أن يكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهما كانت المُبرِّرات، وأن يعملَ على ضبط ما يقرأ أو يروي من أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ضبطًا صحيحًا، وأن يروي اللفظ الذي ورد به الحديث في مظانه من كتب الحديث
.

ثانيًا: أنَّ رواية الحديث بالمعنى، وإن جوَّزها بعضُ أهل العلم، فلها شروطٌ منها:
- معرفة الرَّاوي للغة العربيَّة وقواعدها ووجوهها، معرفة تُمكِّنه من سياقِ المعنى في لفظ صحيح يُعطي معنى اللَّفظ الأصلي، ومع ذلك يتحرَّز من النَّص على نسبة ما يروي إلى النَّبي - صلى الله عليه وسلم - بشكل صريح.

- معرفة فقه الحديث بمعرفة ما يتضمنه الحديث من الأحكام، فلا يُغيِّر لفظًا في الحديث يُغيِّر حُكمًا في الحديث، أو يدُلُّ على غيره.

- أن يوثِّق روايتَه للحديث بذكر مَن خرَّجه من أصحاب الكتب الستة أو غيرهم.

- أن يذكر درجةَ الحديثِ من حيثُ الصِّحَّةُ أو الضَّعف، أو ما يعرف به ذلك كقوله: رواه الشيخان، أو مُتَّفق عليه، أو رواه البخاري، أو رواه مُسلم؛ مِا يستطيعُ معه السامع الاطمئنان إلى الرواية.

- أن يتجنب في المحافل العامَّة - خصوصًا - ذكر حديث ضعيف، فضلاً عن الموضوع؛ إلاَّ مع بيان ضعفه أو وضعه، ويقتصر في مثل هذه المواطن - كخطبة الجمعة - على الأحاديث الصِّحاح والحسان.

- أن يبين ما قد يرد في أحاديث النَّاس وكلامهم من أحاديث يظنُّونها صحيحة، وهي ضعيفة أو موضوعة، وخصوصًا مَن طلبة العلم.

- أنْ يُبيِّن الأحاديثَ الضَّعيفة والموضوعة، والتي تكون مُشتهرة على ألسنة النَّاس بالطريقة التي تناسبُ حالَ السامع.

- أن يذكر شيئًا من فقه ما يرويه من الحديث، وما ورد به من أحكام، فيعينُ السامع على الفهم.

ثالثًا: نذكر طرفًا من الأسباب التي أدَّت إلى الوَضْع في الحديث؛ حتَّى يحذر منها طالب العلم، فمن هذه الأسباب ما يلي:
- الانتصارُ للمذاهب السياسيَّة والفكريَّة والعَقديَّة، وذلك أدَّى بمن لا خلاقَ له من أصحاب هذه المذاهب إلى وَضْع الأحاديث؛ انتصارًا لمذهبهم وترويجًا له بين المسلمين.

- التقرُّب إلى الحكام وأصحاب السلطان، باختراع الرِّوايات التي تدعم سلطانهم وآراءهم، وتروج لهم بين العامة.

- التعالم وادِّعاء العلم ممن ليس من أهله، كما فعل من أطلق عليهم القصاص مِمَّن كانوا يخترعون القصص الطويلة، التي تؤثر في قلوب العامَّة تحت دعوى التَّرهيب والترغيب.

- التكسب المادي ونَيْل عرض الدنيا؛ حيثُ كان القصاص يسردون القصص الموضوعة، وينسبونها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليتربحوا من وراء ذلك، ويأخذوا العطيات.

رابعًا: إنه رغم هذه الروايات المكذوبة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد عاش لها الجهابذة ووضعوا لها منهجًا علميًّا دقيقًا، يُميِّزون به بين الرواية الصَّحيحة من المختلَقة المفتراة، وقواعد هذا المنهج كثيرة، أشهرها الخمس التالية، التي يكفي وجود إحداها في خبر ما للحكم بوضعه:

القاعدة الأولى: اعترافُ الواضع نفسه باختلاق الأحاديث؛ كما فَعَلَ أبو عصمة نوح بن أبي مريم، الملقب بنوح الجامع، فإنَّه أقرَّ بوضعه على ابن عباس أحاديثَ في فضل القرآن سورة سورة.

القاعدة الثانية: أنْ يكونَ في المروي لحن في العبارة أو لركاكة في المعنى، فذلك مما يستحيل صدورُه من أفصحِ من نطقَ بالضاد - عليه الصَّلاة والسَّلام - وهذه القاعدة يسهُلُ إدراكها على المتمرسين بهذا الفن، إلا أنَّ للحديث - كما قال الربيع بن خثيم - ضوءًا كضوءِ النَّهار تعرفه، وظلمة كظلمة الليل تنكره.

ونقاد الحديث يُولون عنايتهم ركاكة المعنى قبل ركاكة اللفظ؛ لأنَّ فساد المعنى أوضحُ دليلٍ على الوضع؛ قال الحافظُ ابن حجر: المدار في الركاكة على ركاكة المعنى، فحيثما وجدت دلَّت على الوضع، وإن لم ينضم إليها ركاكة اللفظ؛ لأنَّ هذا الدين كله محاسن، والركاكة ترجع إلى الرداءة.

أمَّا ركاكة اللفظ فقط، فلا تدل على ذلك؛ لاحتمالِ أنْ يكونَ رواه بالمعنى، فغيَّر ألفاظه بغير فصيح، نعم، إنْ صرَّح أنَّه من لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - فكاذب.

القاعدة الثالثة: أنْ يكونَ المرويُّ مُخالفًا للعقل الصَّريح أو الحس أو المشاهدة غير قابل للتأويل، قيل لعبدالرحمن بن زيد: حدَّثك أبوك عن جدِّك أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إنَّ سفينةَ نوح طافت بالبيت وصلت خلف المقام ركعتين؟ قال: نعم، وواضع هذا الخبر، عبدالرحمن بن أسلم، مشهور بكذبه وافترائه، ففي "التهذيب" نقلاً عن الإمام الشَّافعي: ذكر رجل لمالك حديثًا منقطعًا، فقال: اذهب إلى عبدالرحمن بن زيد يحدثك عن أبيه عن نوح.

القاعدة الرابعة: أنْ يتضمَّن المرويُّ وعيدًا شديدًا على أمر صغير، أو وعدًا عظيمًا على أمر خطير؛ كالخلودِ في جنَّات تجري من تحتها الأنهار، في رفقة آلاف من الحور العين؛ لفعل مندوب أو ترك مكروه، أو الخلود في جهنم مع مقت الله وغضبه؛ لترك مندوب أو فعل مكروه، وكان القصاص مولعين بوضع أخبارٍ من هذا النَّوع يستميلون بها قلوب العوام إليهم.

القاعدة الخامسة: أنْ يكونَ واضع الخبر مشهورًا بالكذب، رقيق الدين لا يتورع عن اختلاق الأحاديث والأسانيد؛ انتصارًا لهوى شخصي، قيل لمأمون بن أحمد الهروي: ألاَ ترى إلى الشَّافعي ومن تبعه بخراسان؟ فقال: "حدَّثنا أحمد بن عبدالله، حدثنا عبدالله بن معدان الأزدي عن أنس مرفوعًا: يكون في أمَّتي رجلٌ يقال له: محمد بن إدريس، أضرُّ على أمتي من إبليس، ويكون في أمتي رجل يُقالُ له أبو حنيفة، هو سراج أمَّتي".

وأغرب من ذلك ما أسنده الحاكم عن سيف بن عمر التميمي، قال: كنت عند سعيد بن طريف، فجاء ابنُه من الكتاب يبكي، فقال: ما لك؟ قال: ضربني المعلِّم، قال: لأخزينَّهم اليوم، حدثني عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا: معلمو صبيانكم شراركم، أقلُّهم رحمة لليتيم، وأغلظهم على المسكين.[17].

رابعًا: أنْ يتأدَّب طالبُ الحديث بآداب طالب العلم وطالب الحديث، ومن هذه الآداب ما يلي:
1 - أنْ يُحسن طالب الحديث نيته في طلب الحديث، مُريدًا بذلك وجه الله - تعالى - وحسن القصد، فيكون تعلُّمه لا للمباهاة ولا للمجادلة؛ بل يكونُ قصدُه الانتفاع بما تعلَّم، ونفع غيره من المسلمين ونشر العلم بالسُّنة، وما فيها من أحكام يجب العمل بها وبالسُّنن التي أصبحت مهجورة.
2 - أن يتبع العلم بالعمل، فلا يكون علمه دون عمل؛ لأنَّ ذلك أدْعَى لحفظ العلم، فضلاً عن أجْرِ العمل وثوابه.
3 - أن يأخذ عن أهل العلم مِن كُلٍّ بحسب ما تخصص فيه من علوم الحديث، رواية أو دراية، فقها أو سلوكًا.
4 - أنْ يتعلَّم جملة نافعة من علم مُصطلح الحديث تُعينه على مواصلة طلب الحديث والسنة النبويَّة، فيكون على علمٍ بأهمِّ اصطلاحات ذلك العلم؛ كمعرفة الصَّحيح، والضَّعيف، والحسن، والموضوع، والآحاد، والمتواتر، والعزيز، والغريب، والمشهور، والمقلوب، والمنكر، والشَّاذ، والمعلل، والسَّند العالي، والسند النازل.

ومعنى عُلُوِّ الإسناد ونزوله، وما يترتب على ذلك من أحكام في مَتن الحديث وسَنَده، وشيئًا عن طبقات الرُّواة ومنزلتهم العلميَّة والأدبيَّة، ودرجات توثيقهم، إلى غير ذلك مما يجيء مفصلاً في كتب علوم مصطلح الحديث.

قال حُجَّة الإسلام الإمام الغزالي في كتاب "الأدب في الدين": "آداب المحدث: يقصد الصِّدق، ويَجتنب الكذب، ويُحدِّث بالمشهور، ويروي عن الثِّقات، ويترك المناكير، ولايذكر ما جرى بين السَّلف، ويعرف الزَّمان، ويتحفظ من الزَّلل والتحريف والتصحيف واللَّحن، ويدع المُداعبة، ويقل المشاغبة، ويشكر النِّعمة، ويلزم التواضُع، ويكون معظم ما يحدث به مما ينتفع به المسلمون، من فرائضهم وسننهم وآدابهم، في معاني كتاب ربِّهم - عزَّ وجلَّ[18].

ـــــــــــــــــــــ

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/5683/#ixzz3kBF8myGI



دعاء
ضيف كريم

عدد المساهمات : 807
تاريخ التسجيل : 01/04/2015

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

جزاء من يكذب على رسول الله  Empty رد: جزاء من يكذب على رسول الله

مُساهمة  قادمون ياأقصى السبت أغسطس 29, 2015 10:20 am

جزاكم الله خير
قادمون ياأقصى
قادمون ياأقصى
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 4006
تاريخ التسجيل : 03/03/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

جزاء من يكذب على رسول الله  Empty رد: جزاء من يكذب على رسول الله

مُساهمة  ابو صالح الجمعة سبتمبر 18, 2015 7:42 pm

جزاكم الله خيرا
ابو صالح
ابو صالح
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 1757
تاريخ التسجيل : 29/04/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

جزاء من يكذب على رسول الله  Empty رد: جزاء من يكذب على رسول الله

مُساهمة  السهل الممتنع الجمعة سبتمبر 18, 2015 10:13 pm


جزاكم الله خيرا
السهل الممتنع
السهل الممتنع
وما ينبغي للرحمن ان يتخذ ولدا

عدد المساهمات : 998
تاريخ التسجيل : 06/08/2014

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى