ملتقى صائد الرؤى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ذكره سبحانه لمن ذكره‎

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

ذكره سبحانه لمن ذكره‎ Empty ذكره سبحانه لمن ذكره‎

مُساهمة  الحالم الثلاثاء أغسطس 26, 2014 2:12 am

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة برنامج ذكرى

ذكره سبحانه وتعالى لمن ذكره



سبحان من رفع مقام الذاكرين ..سبحان من أضاء من نور جلاله وجوه الذاكرين ..سبحان من وصل بالأنس قلوب الذاكرين ..سبحان من اصطفى من أولياءه عباده الذاكرين ..سبحان من اختص بمناجاته قلوب وألسنة الذاكرين ..سبحان من طيّب بذكره أفواه الذاكرين ...

أحياناً يُقدّر لك أن تجلس في بعض المجالس فتسمع من بعضهم أنّه يذكر على السبيل الفخر أنه ذكره الملك ,ذكره الأمير فلان ,ذكره المسئول الفلاني في مجلس من المجالس فيفخر ,بل لو أنَّ أحداً ذكر في أي من تلك المجالس لبدأ يمشي بين الناس بطراً وإعجاباً أنّه ذُكر في ذلك المكان ..الله أكبر .. فكيف يا عبد الله إذا
ذكرك الله في الملأ الأعلى !!
ليس هناك فضل يمكن أن يحققه الإنسان في باب الفخر كمثل هذا الفخر حينما يذكرك الله في الملأ الأعلى .


إذاً ..كيف السبيل إلى ذلك ,كيف تُذكر عند الله عزّ وجل ..السبيل بذكر الله عز وجل ,قال الله تعالى ((فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ))[البقرة :152] (فاذكروني) الله عز وجل هو الذي يخاطبنا بهذا جلّ في عُلاه (أذكركم) هو الذي يذكرنا .

ليست الغرابة ولا العجب في ذكر الضعيف للقوي وفي ذكر الأدنى للأعلى ,وإنما العجب كل العجب أن يذكر الأعلى ..الأجل ..الكبير ..السميع ..البصير الذي بيده ملكوت كل شيء ,الذي يُدبّر الأمر كله أن يذكر هذا العبد الضعيف .

ما نحن على هذه الأرض إلّا ذرّة هباء قبل مئة عام ,ما كنا أحياء ,وبعد مئة عام نكون تحت التراب ,بل هذه الأرض التي نعيش عليها ما هي إلّا ذرّة في هذا الفضاء الواسع ,من نحن ومن نكون ؟!! لا شيء ولكنَّ الله جلّ وعلا بعظمته وجلاله يذكر عبده إذا ذكره
((فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ )) .

يقولون المحب لا يكاد يفتر عن ذكر من يحبه , ولذلك المؤمن بما أنه يحب الله فلا ينبغي أن يفتر لسانه عن ذكر الله , ولكن هل تعلم أنك إذا ذكرت الله في نفسك حيث ينساه الآخرون ..ينساه من حولك يذكرك الله في نفسه !! ألا تُحب أن يذكرك الله في نفسه ,قال ربنا سبحانه وتعالى في حديثه القدسي :[أنا عند ظن عبدي بي ,فليظن بي عبدي ما شاء ,وأنا معه إذا ذكرني فإذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ]

يا سبحان الله !!! يذكر العبد الضعيف ربّه في نفسه ..وأين نفس العبد من نفس الله ..أين نفس الحقير ..الذليل ..المسكين الفاني ..الفقير ..من نفس الغني العظيم الله جلّ جلاله بنفسه يذكرك هناك في نفسه !!

من أنت ..من أنت يا عبد الله ..لا شيء ..لا شيء أمام تلك العظمة , ومع ذلك انظر إلى رحمة هذا الخالق العظيم وفضله عليك أن يذكرك إذا ذكرته .
إنها إشارة إلى فضل الذكر حيث لا يسمعك أحد ,ولكن لو قُدّر وأنك ذكرته في ملأ في جمع من الناس.. فالله يُكافئك في هذا بأن يذكرك في ملأ خير ممن ذكرته عنده ,نحن نذكر الله في الأرض الفانية وبين بشر مخلوقين هم قبضة من تراب لا وزن لهم ولا قدر ولكن الله يذكر عبده في الملأ الأعلى فيُثني عليه عند ملائكته [ من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير من ملأه ,أنا مع عبدي حيثما ذكرني وتحركت بي شفتاه ] ..

فكيف بك أيها العاقل إذا ذكرك ملك الملوك ذو الجلال والإكرام من خضع لعظمته كل شيء جلّ في كبرياءه بل في ملأ من الملائكة المُقرّبين ,فيا له من شرف فاز به الذاكرون ..شرف قعد دونه كل شرف ..ونسب انقطع دونه كل نسب ,وتاج خضع له كل تاج ..وفرحة فاقت كل فرحة .

هل تستشعر معي أخ الإيمان ..هل تستشعر معي هذه العظمة ,أن ربّك الجليل يذكرك في نفسه ,وأن ربّك العظيم الذي بيده السماوات ويمسك السماوات والأرض أن تزولا ,أنَّ هذا الربَّ يذكرك في نفسه وأنَّ هذا الربَّ يذكرك في الملأ الأعلى ((هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)) [الأحزاب:43] فصلاته تبارك وتعالى عليك يا عبد الله ..صلاته عليكِ يا أمة الله ..صلاته عليكما أن يذكركما الله عز وجل بالثناء والذكر الحسن الجميل عند ملائكته .

لذلك تبلغ المنزلة لبعض العباد أن يُعلن الله حبّه في أولئك الملأ ,إذا وجد في الإنسان من التقوى والخلق والغيرة على هذا الدين وغير ذلك من الصفات التي يحبها الله في العبد يحبه حتى يُعلن ..يقول لجبريل :{ يا جبريل إني أحبُّ فلاناً فأحبّه ,فيحبّه جبريل ,ثم ينادي على أهل السماء يقول جبريل :إن الله يحب فلاناً فأحبّوه ,فيُحبّه أهل السماء ويوضع له القبول في الأرض } إنها منزلة رائعة عالية لا يبلغها إلّا الخُلّص من عباد الله تبارك وتعالى ,فهذا شيء من الذكر الذي يذكره الله لمن أحبّه فكن منهم يا عبد الله.

من ذكره الله فهو المذكور حقَّا ..من ذكره الله فهو السعيد يقيناً وصدقا.. من ذكره الله فهو ملك في الدنيا والآخرة متوّجا .. من ذكره الله فهو المعروف لأهل السماء لا يخفى ..

دخل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فوجد أصحابه جالسين هذا الحديث يرويه معاوية رضي الله عنه ,قال :{ ما أجلسكم ؟؟ قالوا: يا رسول الله جلسنا نذكر الله ونحمده على ما منَّ به علينا من نعمة الإسلام ,قال: آ الله ما أجلسكم إلّا ذاك , قالوا: آ الله ما أجلسنا إلّا ذاك ,قال: أما إنّي لم أستحلفكم تُهمةً لكم غير أنه جاءني جبريل يُخبرني أن الله يُباهي بكم الملائكة } .

يقول النبي صلى الله عليه وسلم مُرغّباً لحضور مجالس الذكر ومجالس العلم ومجالس القرءان ,يقول عليه الصلاة والسلام :{ ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلّا حفّتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده }

ذكرهم الله ..تأمّل معي هذه النقطة (ذكرهم الله فيمن عنده) ,فأنت إذا جئت في مجلس ربما لا يدري بك أحد ..تحضر مجلساً من مجالس العلم أو مجلس من مجالس القرءان تتعلّم ربما لا يعرفك أحد ,لكنَّ الله يعرفك وسيذكرك هناك في الملأ الأعلى فانظر إلى هذا الفضل العظيم .

هؤلاءكم الّذين تتحرّك لهم الملائكة إن جلسوا في مسجد يذكرون الله ,الملائكة ينادي بعضهم على بعض {هلمّوا هناك من ينشغلون
بالله } إذا انشغل الناس عن الله بالدينار والدرهم والأموال والأسهم والأرباح والطعام والشراب هناك من ينشغلون بالله ولا يغفلون عنه طرفة عين ,الملائكة تحب هؤلاء وهم سيّارة في الطرقات يلتمسون حِلق الذكر والعلم إذا وجدوهم تنادوا بعضهم على بعض فيحفّونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا .

كم لله في مجالس الذكر من عين محرّمة عن النار ..كم قد وضع فيها عن الظهور من ثقل الأوزار ..وتنفجر فيها ينابيع الرحمة ..ويتوفّر فيها على الحاضرين من النعمة ..ويُعطي كل سائل ما سأله ..ومبلغ كل آمل ما أمّله من كرم ذي الجلال والإكرام ومواهب من له الفضل والإنعام الذي لا يتعاظم ذنب غفره لجانيه ولا فضل وهبه لسائله ..

وينبغي عليك يا عبد الله أن لا تستهين بذكر الله لك في الملأ الأعلى ,إنه يعني معنى وملحظ يحتاجه كل واحد منا ,إنه حفظ الله لك وأن يكون في معيّتك ,يقول الله تبارك وتعالى :{ أنا مع عبدي حيث ذكرني وتحرّكت بي شفتاه }
وذكر الله لك في الملأ الأعلى إنه يعني الثناء عليك ثم يعني أن الله يذكرك ويعلم بحالك ,وبالتالي ربما تحتاج إلى الأمر من غير سؤال يعطيك الله إيّاه يحفظك ويكلأك ويرعاك وينصرك ويؤيدك ويدفع عنك ويُسخّر لك ,فلا تستهين بأمر الذكر,لذلك إذا أردت أن تكون ممن تتحقق له مثل هذه الأمور فعليك بذكر الله في كل حين ..

أهل السماء يعرفون أصوات الذاكرين لأن الطاعات تصعد إلى ربنا ((إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ))[فاطر:10] فالذي كان في رخاء ونعمة فذكر الله صوته معلوم في الملأ الأعلى ,يونس عليه السلام كان في هلكة محققة في ظلمات ثلاث ..في باطن الحوت ..في باطن البحر وكان في ظلمة الليل ولكنّه ما غفل عن ربّه ,في هذا الموطن الشديد ماذا قال ((لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ))[الأنبياء:87] .


إذا كنت في قاع المحيط أو على طرف مجرّة من المجرّات التي في هذا الكون وفي هذا الفضاء الفسيح فاعلم أن صوتك معلوم عند الله وعند الملأ الأعلى إذا كنت ذاكراً لربّك .

بل قد جاء في بعض الآثار أن الملائكة لما سمعت تسبيح يونس عليه السلام في ظلمات البحر بمشيئة الله رفع الله صوته إلى أن تسمعه الملائكة في الملأ الأعلى فقالت :{أي رب ..هذا صوت معروف من عبد معروف } وفي هذا إشارة إلى أن الملائكة تعرف المؤمنين الذاكرين الّذين يتقرّبون إلى الله عز وجل بالطاعات بساعة الرخاء ,قالوا:{ يارب ..عبد معروف ,صوت معروف ,قال: نعم ..هذا عبدي يونس ابن متى ,قالوا :أليس هذا الذي يُسبّحك ويعبدك إنه في بطن الحوت ,قال : نعم , قالوا : لما لا تنجيه يارب أو أنجيه يارب ,قال :نعم سأنجيه } فأنجاه الله فأمر الحوت أن يُلقيه خارجه .

فانظر إلى الله عز وجل عرف هذا العبد النبي الكريم يوم أن ذكر الله عز وجل لأنه كان له رصيد من ذكر الله في الرخاء فعرفه الله في الشدّة .

ونحمد الله أن الباب ما أغلق على يونس ولكنّ الباب مفتوح ليوم القيامة بشرط ..ما هو الشرط ؟؟ أن نفعل مثل ما فعل ((وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ ))[الأنبياء:88] .

بذلك أوصانا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بقوله :{ تعرّف على الله في الرخاء ..يعرفك في الشدّة } هذا من ذكر الله لك أن يذكرك ولا ينساك لأنك صاحب رصيد في ذكره جلّ في علاه ,وهكذا
أخ الإيمان ..


هكذا يا عبد الله ينبغي أن تذكر الله تعالى إذا نزل بك مصاب أو إذا أحاط بك بلاء فإذا ذكرته سبحانه وتعالى هوّن الله تعالى عليك ذلك البلاء لما يحصل من ذكر الله تعالى لك في نفسه وبما يكون من ذكر الله تعالى لك في ملأه الأعلى ,كما قال عزَّ وجل عن أيّوب عليه السلام ((إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)) [ص :44] .


ومن المواضع العظيمة التي وعدنا الله فيها بأن يذكرنا قوله تبارك وتعالى ((فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ))[البقرة :152] قال سعيد ابن جبير :{ اذكروني بالطاعات أذكركم بالمغفرة والعفو } فالعبد إذا أقبل إلى الله جلّ وعلا بالتوبة كان له ذنب ..كان له خطيئة فبات مغموماً ..مهموماً فعلم أنه لا ملجأ من الله إلّا إليه فأقبل إلى الله فيكون إقبال الله جلّ وعلا إليه بمغفرة ذنوبه وشرح صدره وتوفيقه للخيرات ,كقوله جلّ وعلا ((وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ))[آل عمران :135]

فأنت أعظم صورة تذكر فيها الله أن تتقرّب إليه بما أمرك ,أن يراك حيث أمرك وأن يفقدك حيث نهاك ,أن تسارع له بالخيرات ,هذا هو أعظم ذكر ولذلك الإنسان إذا أدّى شيء من العبادة فليعلم أنها متضمّنة لذكر الله عز وجل وقد قال علماءنا الذكر نوعان :

# إمّا أن يكون ذكر مجرّد كالتسبيح والتهليل والتحميد .

# أو أن يكون ذكر مشتمل على فعل كقراءة القرءان أو الصلاة أو الزكاة أو السعي في إعانة الناس أو الحج ,هذه أعمال لكنها متضمّنة للذكر لأنك ذكرت أمر الله ففعلته ,فالله يذكرك إذا فعلت أمره , فتأمّل هذه الآية ولا تنساها .

كذلك ينبغي أن يُعلم أنّ التجارة مع الله جلّ وعلا لا تبور ,فعبد سمع عن أرملة منقطعة أو عن أيتام في ضيق أو عن فقير قد التصق وجهه في التراب أو صاحب كرب في مكان ما ,فذكر الله جلّ وعلا وتعالى فيهم ..ما معنى ذكر الله جلّ وعلا فيهم ؟؟؟ تذكّر الآيات التي تدعو إلى وصل هؤلاء ((فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ *فَكُّ رَقَبَةٍ *أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ*يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ *أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ))[البلد:11ـــ 16] وغيرها من الآيات في هذا الشأن , فلما ذكر الله فيهم وبرّهم وأعطاهم يكون ذكر الله جلّ وعلا له أن يتقبل الله منه ذلك العمل ,أن يحفظه الله جل وعلا في أبناءه من بعده ,أن يكتب الله جلَّ وعلا له أعظم العطايا وأجلَّ الثواب ,إذا لقيه يُقرّب من منزلة الأنبياء كما قال صلى الله عليه وسلم :{أنا وكافل اليتيم كهاتين} فهذه ثمار يانعة لمن عرف كيف يذكر الله جل وعلا ولم يقف عند الذكر باللسان .

وتأمّل معي حديث السبعة الذي يظلّهم الله في ظله يوم لا ظل إلّا ظله ذكر منهم النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ,نعم ..خالياً ساعة صفاء ,ساعة ظلام ,ساعة حيث لا يراك أحد حيث أنت في مكان تفرّغت فيه لذكر الله وجعلت ذكر الله هو الأمر الذي قد شغل بالك وشغل ذهنك وشغل قلبك ,هذه الساعة من الصفاء إذا اجتمعت في قلب عبد فذكر الله واستحضر عظمته فبكى الله عزّ وجل يذكره , أين ؟؟

يذكره في الدنيا ويذكره يوم القيامة حيث ينادى عليه يوم القيامة من أجل أن يُظل تحت ظلّ الرحمن يوم لا ظلّ إلّا ظلّه ...
فالله أكبر ... ما أعظم هذه العبادة ,ما أعظم هذه القُربة أن تذكر الله وقلبك خاضع وقلبك خاشع وقلبك حاضر ,لأن الذكر المجرّد قد ينال عليه الإنسان الثواب ولكنّه قد يُحرم أثره في قلبه ,أنت بحاجة إلى هذا الأثر ..وهذا الأثر لذكر الله عزّ وجلّ إنما ينشئ في ساعة الاستحضار لعظمة الله عزّ وجل المستحق لذلك الحمد والذكر ..

نـفقـــــــــه من هذا كله أن ذكر الله بمعناه العام لا يكاد يحدّه حد ,والعبرة كل العبرة بصدق السريرة وسلامة الطويّة ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ))[التوبة :119]  .


يا غافلاً عن شرف العالي ..ويا طالباً أبخس اللآلئ ..غفلت عن ذكر الحي الذي لا ينام وطلبت ذكر الذي يموت .. أما كان أولى لك لو سعيت في تدوين اسمك في الخالدين.. بذكرك رب العالمين ليذكرك في الملأ المقرّبين .. فما أربحها من تجارة .. وما أنفسها من بضاعة .. غنمها الذاكرون وفاز بها الصادقون ..

لكن المعنى  العام لهذا الأمر أن يعلم العبد أن الجزاء من جنس العمل فإذا غفل عن الله أوكله الله عياذاً بالله إلى نفسه ..

هل تعلم أنك إذا غفلت عن الله عزّ وجل ونسيته ابتلاك بنسيانه ..نساك الله وغفل عنك ,ليس غفلة عن جهل ولكن عن قصد لأنك تركت ذكره فتركك الله ,يقول الله في القرءان ((وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ))[الحشر:19] ابتلاهم الله بعقوبة عظيمة ,هل سمعت بأحد ينسى نفسه ؟!! هل مرّ عليك أنّ أحداً من الخلق ينسى نفسه هذا ينذر,هذه عقوبة يُعاقبها الله لمن غفل عنه ,ينسيه نفسه بأن لا يفعل الخير الذي يحميها ,لا يفعل الطاعة التي تنجيه ,لا يفعل ما يقرّبه إلى ربه ليظفر بنعيم الله وثوابه ,إنه نسيان النفس يوم أن تُحرم من الطاعات ,ويوم أن تُكدّس بالمعاصي والموبقات هذا نسيان النفس ,يوم أن يحرمك الله لذّة ذكره ,يوم أن يحرمك الله حلاوة مناجاته ..كل ذلك من نسيان النفس .  

أمّا من أعرض عن ذكر الله ,وعن طاعة الله وامتثال أمره واجتناب نهيه ,والاستقامة على أمره هذا في معيشة ضنك ,يقول العلماء :{ المعيشة الضنك فقدان السعادة مع وجود أسبابها } عنده مال, عنده صحة ,عنده طعام وشراب ,عنده منصب ,عنده كل شيء ولكنه ينتحر ويتخلّص من حياته ..لماذا ؟؟؟
لأن الروح ظامئة والقلب مقطوع عن الله ,هذا الذي في العيشة الضنك يوم القيامة يحشره الله أعمى ..كان في الدنيا مبصراً لكن يوم القيامة يأتي أعمى فيتعجّب !!! لماذا أصبحت أعمى وقد كنت في الدنيا بصيرا ؟ السبب ذكرته الآية ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى* قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا *قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى))[طه:124ــ 126] .

فاعلم يا عبد الله أن نسيان الله أمر خطير وهو من أعظم آثاره أن الله لا يذكرك ولا يُشيد بك عند ملائكته ولا يحصل لك ذلك الثناء الذي تتطلّع إليه نفوس المؤمنين ,يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ مثل الذي يذكر ربّه والذي لا يذكر ربّه مثل الحي والميّت } وشتّان بينهما : الحي فيه الحياة وفيه الخير وفيه العطاء وفيه كسب الأجر ,أمّا الميّت فقد توقّف عن العمل فلا أجر ولا عمل بل إنّه لا يستعدّ للقاء الله عز وجل .

ومن آثار الغفلة عن ذكر الله تبارك وتعالى وعدم حدوث فضل ذكر الله للعبـــــــــد أن يقسو قلبه ..

في القلوب قسوة لا تذوب إلّا بذكر الله ,وفي القلوب وحشة لا تمتلئ وتأنس هذه الوحشة إلّا بذكر الله ,في القلوب ظمأ إلى معرفة ربهـــــــــــــــــــــا ...

وإذا قسى قلب العبد حُرم كثيراً من الملذّات ..حُرم كثيراً من الطاعات ,وفي الحديث :{ إنّ أبعد القلوب عن الله القلب القاسي } ,القلب القاسي متوعّد عليه في القرءان ,الله يقول في القرءان ((فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ))[الزمر:22] قال علماءنا {أي عن ذكر الله } غفل عن ذكر الله فقسى قلبه .

يسمعون القرءان يتلى عليهم فلا تتحرّك له قلوبهم ,ولا تقشعرّ لهم جلودهم ,بينما القرءان لو نزل على جبل لرأيته خاشعاً من خشية الله ,الجبل ما الذي فيه ؟؟
الجبل فيه أحجار وفيه صخور ,هذه الصخور والأحجار يأتي فيها الخشية حينما ينزل عليها كلام ربنا ,هل أصبح قلب ابن آدم أشدّ وأقسى من الصخر و الحجارة حتى أنه لا يخشع لذكر ربّه !!!
((لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ))[الحشر:21] .

والقلب القاسي مذموم ..وهو سبب البلايا والرزايا ,فاحذر يا عبد الله أن تكون من أصحاب القلوب القاسية الّذين يُحرمون ذكر الله فيُحرمون ذكر الله لهم ..

فاحرص على أن تكون من الذاكرين الله كثيراً لتكون من أصحاب القلوب الخاشعة  ..


تمت بحمد الله




اغافلاً عن الشرف العالي
ويا طالباً أبخس اللآلي
أغفلت عن ذكر الحي الذي لا يموت
وطلبت ذكر الذي يموت
أما كان أولى لك لو سعيت
بتدوين اسمك في الخالدين
بذكرك رب العالمين
ليذكرك في الملأ المقربين
فما أربحها من تجارة
وما أنفسها من بضاعة
غنمها الذاكرون وفاز بها الصادقون

الحالم
موقوووووووف

عدد المساهمات : 1116
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكره سبحانه لمن ذكره‎ Empty رد: ذكره سبحانه لمن ذكره‎

مُساهمة  مجنون ليلى الإثنين سبتمبر 01, 2014 9:49 pm

لا اله الا الله وحده لا شريك له . له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير

مجنون ليلى
موقوف بطلب منه

عدد المساهمات : 230
تاريخ التسجيل : 31/03/2014

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى