ملتقى صائد الرؤى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

معاملة الأسرى(المعتقلين) في الإسلام

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

 معاملة الأسرى(المعتقلين) في الإسلام Empty معاملة الأسرى(المعتقلين) في الإسلام

مُساهمة  حاسم 1433 الأحد يوليو 21, 2013 8:12 pm

[b style="font-family: Arial; font-size: x-large; color: rgb(0, 0, 0);"]بسم الله الرحمن الرحيم[/b]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



معاملة الأسرى في الإسلام..



إن الإسلام الحنيف قد سبق المدنية الحديثة إلى سن القوانين التي تمنع الحرب ما أمكن إلى ذلك سبيلاً، ووضع القواعد التي تحكمها وتلطف من آثارها إذا اضطر الجيش الإسلامي إلى خوضها ..( دفاعا عن المسلمين، أو رفعا لظلم واقع على الشعوب).



وألزم الجندي المسلم بواجبات وبأخلاقيات عظيمة، يجب عليه التحلي بها في سلوكياته ومعاملاته مع الآخرين من الأعداء، والمغلوبين في الحرب، والمعاهدين أو المهادنين، وغيرهم.



والسلام هو القاعدة الرئيسة التي تنطلق منها العلاقات الدولية في الإسلام، ولكنه السلام الذي ينطلق من مقام القوة ويحمي الحقوق.. وأما الحرب فهي الاستثناء عن تلك القاعدة، ويعدها الإسلام جريمة إن لم تكن عادلة، ولغرض مشروع كالدفاع عن الدين ونشره.



تعريف الأسير:



بتتبع استعمالات الفقهاء لهذا اللفظ يتبين أنهم يطلقونه على كل مَن يظفر بهم من المقاتلين ومَن في حكمهم، ويؤخذون أثناء الحرب أو في نهايتها، أو من غير حرب فعلية، ما دام العداء قائمًا والحرب محتملة.
ويطلق الفقهاء لفظ الأسير أيضًا على مَن يظفر به المسلمون من الحربيين إذا دخلوا دار الإسلام بغير أمان، وعلى من يظفرون به من المرتدين عند مقاتلتهم لنا، كما يطلقون لفظ الأسير على المسلم الذي ظفر به العدو. (راجع مثلاً: مجموع فتاوى ابن تيمية: 28/355، وبداية المجتهد: 1/282. دار الفكر بيروت).



مشروعية الأسر وحكمته:



والأسر مشروع في الإسلام، ( كما هو مشروع في كل الأعراف والقوانين البشرية)، ويدل على مشروعيته النصوص الواردة في ذلك، ومنها قول الله سبحانه ﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ﴾ (محمد:4)




وقد بيَّن الله في كتابة العزيز (ولم يشترط قتلهم، بل يمكن يتلافي قتلهم بطرق منها):



الأول: التلطف معهم وترغيبهم في الإسلام . وقد جاء هذا الوجه في قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " الأنفال (70).



والذي يؤخذ من الأسرى هو حريتهم بوقوعهم في الأسر ، وحرمانهم العودة إلى أهليهم . ومغفرة الله لهم لا تكون إلا بعد إسلامهم وصلاح عقيدتهم واستقامتهم على صراط الله المستقيم .



والوجه الثاني: هو إطلاق سراحهم مجانا ، بشرط ألا تخشى منهم خطرا في المستقبل . وهذا يرجع إلى إمام المسلمين .



والوجه الثالث : فهو أخذ الفدية منهم شخصيا أو من دولتهم . وتقدر الفدية حسب ما يراه ولى أمر المسلمين ، شريطة ألا يكون فيها إجحاف أو تعجيز للأسير عن دفعها .



وهذان الوجهان وردا في قوله تعالى: " فإما منا بعد وإما فداء " محمد (4) .



معالم معاملة الأسرى في الإسلام:



وضع الإسلام معالم هادية لمعاملة الأسرى منذ أربعة عشر قرنًا، أي قبل أن نسمع بمعاهدات دولية واتفاقات عالمية في (جنيف) وغيرها، حري بالدنيا كلها أن تقف أمامها خاشعة متأملة لترى ما للإسلام من تعاليم نبيلة وإنسانية كريمة؛ ذلك أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم) عقب غزوة بدر وبعد أن فرق الأسرى على أصحابه ليحرسوهم في رحلة العودة إلى المدينة أذاع بيانًا عامًا صار قاعدة كلية في التعامل مع الأسرى، وهو "استوصوا بهم خيرا"!!.



فأصبح لزامًا على كل مسلم أن يعمم هذه الخيرية في كل مجالات معاملات الأسرى، سواء كانت خيرية مادية أو معنوية، وهي من جوامع كلم النبي- صلى الله عليه وسلم، والآن إلى المعالم:



أولاً: إطعام الأسير:
الطعام- كما هو معروف- ضرورة من ضرورات الحياة، وبالرغم من أن المسلمين الأوائل كانوا في ضيق من العيش، إلا أن ذلك لم يمنعهم من إيثار أسراهم) بما لم يحظَ به المسلمون أنفسهم، والأصل في ذلك قول الله تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ (الإنسان:8). 
(فقد) جعل الله ذلك من صفات الأبرار الذين يشربون من كأس (في الجنة) كان مزاجها كافورًا، وهم إنما يطعمونه وهم في أمسِّ الحاجة إليه، كما عبر القرآن ﴿عَلَى حُبِّهِ﴾ ويبتغون بذلك وجه الله ويطلبون رضاه.. ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا﴾ (الإنسان:9)، ويلتمسون أن ينجيهم الله من كربات اليوم العبوس القمطرير1405هـ).



ويروي الإمام الطبري في تاريخه هذه الحادثة الباهرة: كان أبو عزيز بن عمير بن هاشم أخو مصعب بن عمير لأبيه وأمه في الأسارى، قال فقال أبو عزيز: مر بي أخي مصعب بن عمير ورجل من الأنصار يأسرني، فقال: "شد يديك به.. فإن أمه ذات متاع لعلها أن تفتديه منك".. قال: وكنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بي من "بدر" فكانوا إذا قدموا غذاءهم وعشاءهم خصوني بالخبز وأكلوا التمر*** (كان الخبر عند العرب أحسن من التمر)؛ لوصية رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إياهم بنا ما تقع في يد رجل منهم كسرة من الخبز إلا نفحني بها، قال: فأستحي، فأردها على أحدهم، فيردها عليّ ما يمسها (تاريخ الطبري: 2/39. دار الكتب العلمية. بيروت. ط. أولى. 1407هـ).



إذن فإطعام الأسير، على الرغم من أنها معاملة إنسانية بحتة، إلا أن الإسلام أضفى عليها نوعًا من القدسية والعبادة؛ لأن فيها طاعة الله وطاعة رسوله والقربى إلى الله؛ طلبًا لثوابه واتقاءً لعقابه.



ثانيًا: كساء الأسير:
والكساء عمومًا أمر واجب لستر العورات، وعدم إشاعة الفاحشة في المجتمع، وأوجب الشرع كسوة الأسير، وستر عورته، وقد عنون الإمام "البخاري" بابًا كاملاً أسماه (باب الكسوة للأسارى)، وهو دليل قائم على أهمية ما يحتويه المعْلم من معنى، قال: "حدثنا عبدالله بن محمد



حدثنا بن عيينة عن عمرو سمع جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- قال: لما كان يوم بدر أُتي بأسارى وأُتي بالعباس ولم يكن عليه ثوب فنظر النبي- صلى الله عليه وسلم- له قميصًا، فوجدوا قميص عبدالله بن أبيّ يقْدُر عليه فكساه النبي- صلى الله عليه وسلم- إياه فلذلك نزع النبي- صلى الله عليه وسلم- قميصه الذي ألبسه".



وهذا دليل على أنه لا بد من كساء الأسير الكساء المناسب له في الطول والعرض وغير ذلك، فانظر وتأمل، ولعل كثيرًا من أبناء المسلمين لا يجد ما يواري به عورته.



ثالثًا: مأوى الأسير: 
والمأوى كذلك من ضرورات الحياة وقد كفل الإسلام للأسير في المأوى ما كفله للإنسان كافةً، وإضافةً إلى تأمين مأكله ومشربه وملبسه ضمن الإسلام مسكنه الصحي اللائق بإنسانية الإنسان.
وكان هذا المسكن إما في بيوت الصحابة، فعن الحسن قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يُؤتى بالأسير، فيدفعه إلى بعض المسلمين، فيقول: "أحسن إليه" فيكون عنده اليومين والثلاثة، فيؤثره على نفسه (صفوة التفاسير للصابوني: 3/493).



وإما في المسجد، فعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ "بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-..." الحديث (رواه مسلم كتاب الجهاد والسير. باب ربط الأسير وحبسه وجواز المن عليه، وانظر. صحيح ابن حبان: 4/42)



وهكذا نرى أن مأوى الأسير كان موزعًا بين بيوت الصحابة والمسجد، وقد كانا أكرم مكانين عند المسلمين، أما ربطه في سارية المسجد فليس فيه شيء من الإساءة، إنما خوفًا من الهرب فقط؛ لأنه لم تكن توجد في حينها (سجون).



رابعًا: عدم تعذيب الأسير وإكراهِه:



وتعذيب البشر عمومًا وإكراههم أمر محظور في شريعة الإسلام، إذ الإنسان له حرمة محفوظة، وقد كفل الإسلام للأسير ذلك وحفظه من الأذى.
وكيف يحض الإسلام على إطعامه وسقيه ويوفر له المأوى المناسب والكسوة المناسبة ويرتِّب الجزاء الكبير على ذلك ثم يستبيح تعذيبه ويهدر كرامته؟!



وتحريم تعذيب الأسرى يشمل عدم تعذيب الجرحى منهم بطريق الأولى، بل إذا كان الجريح لا تعينه قوته على المقاومة مُنع قتله وأُمِر بأن يبقى ويداوى ويفدى أو يُمَن عليه (راجع مثلاً شرح مختصر الخليل: 8/60، الأشباه والنظائر للسيوطي: 52612). 
وقد كان من المعتاد في الأزمنة الغابرة أن يُمثِّل المنتصر بجثث عدوه المغلوب بقصد التشفي، أما في الإسلام فقد نهى عن ذلك تمامًا، بل إن عموميات الأدلة الشرعية في الإسلام توصي بالإحسان إليهم كما مر، لكنهم لا يُمثَّل بهم إلا أن يكونوا مثّلوا بالمسلمين؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾ (النحل:126) وقوله أيضًا:﴿وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ (البقرة:194).



(والأحسن العفو والصفح، لقوله: {ولئن صبرتم لهو خير للصابرين} )



ومن (الإنسانية العالية) أن شريعة الإسلام لا تجيز إكراه الأسير للحصول على معلومات عن العدو: "قيل لمالك: أيعذب الأسير إن رُجيَ أن يدل على عورة العدو؟ قال: ما سمعت بذلك". (التاج والإكليل: 3/353. دار الفكر. بيروت. ط. ثانية. 1398م)



خامسًا: محادثته والرد عليه وتلبية ما يريد:



ومن معالم معاملة الإسلام الطيبة للأسير أن يحدثه المسلمون، ويردوا على استفساراته في حدود سياسة الدولة، وأن يلبوا رغباته في حدود الشرع؛ لأن تركه وإهماله بعدم الرد عليه نوع من الإهانة وإهدار الكرامة التي نهى عنها الإسلام في معاملة الأسير، وحوارات النبي مع الأسرى معروفة ومشهورة.



عن عمران بن حصين قال كانت ثقيف حليف بني عقيل، فأسَرَت ثقيف رجلين من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأسر أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رجلاً من بني عقيل، وأصابوا معه العضباء، فأتى عليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو في الوثاق قال يا محمد، فأتاه فقال ما شأنك؟ فقال بم أخذتني، وبم أخذت سابقة الحاج؟ فقال "إعظامًا لذلك أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف" ثم انصرف عنه فناداه فقال يا محمد، يا محمد، وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رحيمًا رقيقًا فرجع إليه، فقال "ما شأنك؟" قال إني مسلم. قال: "لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح"، ثم انصرف فناداه فقال يا محمد، يا محمد، فأتاه فقال: ما شأنك؟ قال إني جائع فأطعمني وظمآن فاسقني قال "هذه حاجتك" .... الحديث. (رواه مسلم. كتاب النذر. باب لا وفاء لنذر في معصية الله).



وهذه المحادثة والكلام والأخذ والرد مع الأسير وتلبية ما يريده- في حدود الشرع طبعًا- قد تؤدي بالأسير إلى الإسلام، وفيها خير كثير لا سيما لمن يُرجى إسلامه من الأشراف، الذين يتبعهم على إسلامهم خلق كثير.
كما في حديث الرسول مع "ثمامة" وهو مربوط في سارية المسجد.
خرج إليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: "ماذا عندك يا ثمامة" فقال: عندي يا محمد خير، إن تقتل تَقتل ذا دم، وإن تُنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهكذا ثلاث مرات في ثلاثة أيام، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "أطلقوا ثمامة" فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، يا محمد، والله ما كان على الأرض وجه أبغض إليَ من وجهك.. فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك.. فأصبح دينك أحب الدين كله إلي، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك.. فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إليّ .....الحديث (رواه مسلم: كتاب الجهاد والسير. باب ربط الأسير وحبسه وجواز المن عليه).





سادسا: إعادة الأسير:
تظل رعاية الإسلام للأسير قائمة منذ وقوعه أسيرًا في أيدي المسلمين إطعامًا وإسقاءً وكسوةً ومأوىً ومعاملةً طيبةً؛ حتى يعود إلى قومه ويتسلمه أهله.



يروي الإمام الطبري في تاريخه وقوع ابنة حاتم الطائي في سبايا طيئ، فجعلت ابنة حاتم في حظيرة بباب المسجد كانت السبايا يحبسن بها، فمر بها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقامت إليه، وكانت امرأةً جزلةً، فقالت: يا رسول الله هلك الوالد، وغاب الوافد، فامنن عليَّ منَّ الله عليك.. قال: ومَن وافِدُك؟ قالت: عدي بن حاتم. قال: الفارّ من الله ورسوله... قال: قد فعلت، فلا تعجلي بخروج حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة حتى يبلغك إلى بلادك، قالت: فكساني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وحملني، وأعطاني نفقةً، فخرجَت معهم حتى قدمت الشام على أخيها ليسألها: ماذا ترين في أمر هذا الرجل؟ قالت: أرى والله أن تلحق به سريعًا فإن يكن الرجل نبيًا فالسابق إليه له فضيلة( راجع تاريخ الطبري: 2/187-188).
وبهذه الحادثة سنَّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بعد المن على الأسير، تأمينَ الطريق الذي سيرجع منه الأسير، وتزويده بالنفقة والمال الكافي، وتوفير الكسوة والرفقة الآمنة له؛ حتى يصل إلى قومه سالمًا آمنًا.
بعد هذا البيان لكيفية معاملة الإسلام لأسرى الحرب أترك للقارئ الكريم باب التفكر والتدبر في صفحة الواقع الدامية؛ ليقارن ذلك بما فعلته أمريكا مع الهنود الحمر، وما تفعله اليوم مع أفغانستان والعراق، وينظر إلى أسرى المجاهدين بكوبا (جوانتانامو)، وأسرى المجاهدين الفلسطينيين في السجون اليهودية، وأسرى المجاهدين الكشميريين في السجون الهندوسية، وأسرى المجاهدين الشيشانيين في روسيا.. وغيرهم من الأسرى المستضعفين الذين يعانون التعذيب والتشويه، وصدق الله القائل... ﴿;إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا﴾. (الكهف:10)



من مواقف الرسول صلاة الله عليه وسلم التي تشهد بالتسامح:



·هناك من أطلق الرسول سراحهم لفقرهم وحاجتهم ولأنهم لا يملكون الفداء كما فعل في غزوة بدر وغيرها.



·وفي غزوة حنين أطلق الرسول ستة آلاف أسير من قبيلة هوازن دفعة واحدة. لماذا لأنه رسول هداية للعالمين؟ لم يكن الإسلام دين انتقام ، حاشاه أن يكون دين حقد وتنكيل بخصومه.·



في غزوة بني المصطلق أطلق الصحابة الأسرى اكراما لرسول الله صلى الله عليه وسلم رغم أن قانون الحرب في زمانهم كان يبيح (قتلهم أو استرقاقهم) مع تحويلهم إلى عبيد وذل ومهانة.



وهذا ليس غريبا على الاسلام، فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ اهدى اباسفيان طعاما وهو بمكة على شركه ومحاربته للرسول وحين اشتد القحط على اهل مكة ـ وهى على عداوتها وشركها ـ ارسل اليها نبي الرحمة خمسمائة دينار تفرق فى اهلها.



ونتذكر هنا ما فعله القائد المسلم صلاح الدين الايوبي حينما اطلق عشرات الالاف من اسرى الصليبيين دون فداء وبلا مقابل وقد فعل المسلمون مثل هذا فى حروبهم فى الاندلس.



لقد جاء الإسلام بقانون سماوي جديد علم الإنسان كيف يحترم الإنسان حتى ولو كان الأسير عدوا. . . هذا قبل أن تولد عصبة الأمم أو هيئة الأمم وقبل أن تولد الإتفاقيات الدولية الشهيرة كاتفاقية جنيف الخاصة بأسرى الحرب التي كفر بها الأمريكان في " جوانتنامو".






****************************







معاملة الأسـرى في الإسلام




بقلم الشيخ/



فلاح سعد الدلـو











المحاضر في كلية الدعوة الإسلامية










إن من يتأمل تراث الإسلام في مسألة الأسرى، ويطلع على ما دونه علماء الإسلام عن الأسرى وحقوقهم في الإسلام يلحظ بجلاء أن الإسلام يجنح باستمرار إلى تغليب الجانب الإنساني في معاملة الأسرى، والأهم من ذلك أن الإسلام أخضع معاملة الأسرى لنظام محكم وتشريع مدون، لا يجوز بأي حال من الأحوال تجاوزه أو التعدي عليه لا سيما تحت ضغط الحالات النفسية المتوترة التي تولدها الحروب والانتصارات.


لقد وضع فقهاء الإسلام أوصافاً لمن يجوز أسره، وشروطاً لوقوع الأسر حتى أصبح له نظام وحدود معروفة ومدونة في الشريعة الإسلامية قبل أن يعرفها فقه القانون الدولي الحديث بقرون، بل لما ظهرت تشريعات الأسرى في القانون الدولي كان للفقه الإسلامي نظرياته الخاصة به، والتي تلتقي بالفقه الدولي أحياناً وتختلف عنه أحياناً أخرى.



لقد وردت نصوص كثيرة في القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة تحث على معاملة الأسرى معاملة حسنة تليق به كإنسان، يقول الله تعالى: (يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم) سورة الأنفال: الآية 70، فإذا كان المولى سبحانه يعد الأسرى الذين في قلوبهم خير بالعفو والمغفرة، فإن المسلمين لا يملكون بعد هذا إلا معاملتهم بأقصى درجة ممكنة من الرحمة والإنسانية.



لقد قرر الإسلام بسماحته أنه يجب على المسلمين إطعام الأسير وعدم تجويعه، وأن يكون الطعام مماثلاً في الجودة والكمية لطعام المسلمين، أو أفضل منه إذا كان ذلك ممكناً، استجابة لأمر الله تعالى في قوله في (ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً) سورة الإنسان: الآية 8.
ويروى أنه صلى اله عليه وسلم أطعم بعض الأسرى ورواهم بيده الكريمة، ويقول أبو عزيز بن عمير، وكان أحد أسرى بدر حول معاملته: "كنت في رهط الأنصار حين
أقبلوا من بدر، فكانوا قدّموا غذاءهم وعشاءهم خصوني بالخبز وأكلوا التمر، لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بنا، فما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نفحني بها فأستحي فأردها على أحدهم فيردها عليّ وما يمسكها".
كما قرر الإسلام بسماحته وعدله ورحمته أنه يجب معاملة الأسير بالحسنى وعدم إهانته أو إذلاله، روى الطبراني عن أبي عزيز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "استوصوا بالأسارى خيراً"، ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرى يهود بني قريظة موقوفين في العراء في ظهيرة يوم قائظ، قال مخاطباً المسلمين المكلفين بحراستهم: 
"لا تجمعوا عليهم حرّ هذا اليوم وحرّ السلاح، قَيّلوهم حتى يبردوا" ومن هذا المنطلق لا يجوز تعذيب الأسير لأجل الحصول على معلومات عسكرية عن جيش العدو، فقد سئل مالك رحمه الله: "أيُعذّب الأسير إن رجي أن يدل على عورة العدو؟ فقال: ما سمعت بذلك". إنها سماحة الإسلام ورحمته التي لم يبلغها القانون الدولي الإنساني المعاصر.
ومن الواجبات التي قررها الإسلام كسوة الأسير كسوة لائقة به تقيه حر الصيف وبرد الشتاء، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث جابر رضي الله عنه أنه لما كان يوم بدر أتي بالأسارى، وأتي بالعباس ولم يكن عيه ثوب، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد قميص عبد الله بن أبي بن الحارث يقدر عليه فكساه إياه، كما ورد انه عليه السلام كسا بعض الأسارى من ملابسه.
وعند استقراء أحكام الأسرى التي وقعت في غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، والسرايا التي قام بها أصحابه نجد أن مصير الأسرى حدد في أمرين، أحدهما العفو والمن، والآخر الفداء، وقد أكد عليهما العلماء، كما ورد في الآية الكريمة التي تحكم الوضع الشرعي للأسرى غير المسلمين في دولة الإسلام فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فإما منّاً بعد وإمّا فداء حتى تضع الحرب أوزارها) سورة محمد: الآية 4، ومعنى الآية أن على المجاهدين المسلمين عند لقائهم بالكفار في ساحة الوغى أن يعملوا السيف في رقابهم، وبعد إثخانهم بالجراح وإنهاكهم إلى درجة الوهن، عليهم القبض عليهم وتقييدهم والتحفظ عليهم حتى تضع الحرب أوزارها، وعند ذلك يحق للمسلمين المن عليهم بإطلاق سراحهم بدون أي مقابل أو مفاداتهم بمال:
أما الأول فهو العفو عن الأسير وإطلاق سراحه مجاناً دون مقابل، وقد حكم به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في كثير من غزواته، كما هو مدون في سيرته عليه السلام، ولا غرو في ذلك فإن الله سبحانه بدأ بالمن عندما قال: (فإما مناً بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها)، ومدح من يتصف بصفة العفو والصفحوإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم).
وهكذا كان العفو هو الأول لأنه من شيمة المصطفى صلى الله عليه وسلم، حتى إنه كان يطلق الأسير بمجرد بسيط، أو تدخل رجل من المؤمنين يطلب حرية الأسير، وكان عليه السلام يتمنى أن يتدخل أحدهم، حتى إنه تمنى حياة أحد الكفار من الذين ماتوا ليتدخل في أسرى بدر ليطلق سراحهم، وهو المطعم بن عدي، كل هذا وذاك يدل دلالة أكيدة ما للعفو من قيمة ومن قدسية، ولأجل ذلك حث الإسلام الناس على تطبيق هذه الصفة، وأعظم التطبيق حين يكون ذلك مع أسرى الحرب.
أما الثاني وهو فداء أسرى الحرب : فالأسير إما أن يفدي نفسه بالمال، كما وقع ذلك في أسرى غزوة بدر الكبرى، أو يفدى برجل مسلم أسير عند الكفار، ولم يقتصر الرسول صلى الله عليه سلم على الفداء بالمال والرجال، بل جعل الفداء بتعليم الأسير أولاد المسلمين الكتابة والقراءة، وهذه أسهل مهمة بالنسبة للأسير ولم يسبق إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على ما لهذا الدين من تطلع إلى الحرية وإلى محاربة الجهل الفكري والاعتقادي على حد سواء، وأنه يتطلع إلى دولة العلم والتفكير الصحيح والاعتقاد بالتوحيد، وللأسف فإن الإنسانية لم تنتبه حتى يومنا هذا إلى هذا الحكم النبوي الكريم الذي طبقه سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام منذ أربعة عشر قرناً، في وقت لم تكن للثقافة قيمة ولا للأسير حاجة، ولا توجد جمعيات دولية أو منظمات تهتم بالأسرى.
وقد ذكر بعض العلماء أن القتل يعد خياراً ثالثاً، لكن الصحيح أن القرآن الكريم ليس فيه أي نص يبيح قتل الأسير لمجرد أنه أسر، ورأي الفقهاء مستقر على أن التي في سورة الأنفال: (وما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة): الآية 67، تتعلق بواقعة معينة أراد بها المسلمون أن يأخذوا أسرى رغبة في مفاداتهم بالمال، وذلك قبل تحقق الهدف الأساسي من المعركة وهو إعلاء كلمة الله، وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم: "لا يعترض أحدكم أسير أخيه فيقتله"، والأخبار في ذلك كثيرة جداً، مما يضيق المقام بذكره.
إن ما جاء به الإسلام، وما هو مدون في الأنظمة والتشريعات الدولية عن الأسرى، أمر لا يختلف عليه اثنان، فليس هناك جهل بالأنظمة ولا بالقوانين، ولكن للأسف لا يلتفت لتلك الحقوق وتلك الأنظمة، إنه تسلط القوي على الضعيف، فأين المبادىء والأخلاق؟ أين القيم والمثل الإنسانية؟ أين المنظمات الإنسانية؟ أين الضمير الإنساني من هذا الفجائع التي يراها العالم المتحضر؟ أين الذين يريدون حماية العالم من الإرهاب؟ أين هؤلاء الذين يدعون أنهم وصلوا إلى أعلى المراتب في المحافظة على حقوق الإنسان، وحقوق أسرى الحرب؟ إن الواقع ليشهد، ويزخر بالشواهد الكثيرة التي تظهر فجاعة المعاملة اللاإنسانية لأسرى المسلمين والتي تعد عاراً على جبين الإنسانية.













************************************************** *****
معاملة الأسرى في الإسلام
السبت, 1 أكتوبر 2011 11:45 صباحاً 


الكاتب: د/ راغب السرجاني


جاء الإسلام وغرضه إنصاف المظلوم، وهداية الضالِّ، وإخراج الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، ونشر الرحمة والعدالة، فقد استطاع الإسلام نقل البشريَّة من التعامل الهمجي الذي كان يُلاقيه الأسير إلى وضع كله رحمة ورأفة به وبحاله.




وكان للإسلام فضل السبق في ذلك؛ فقد حرص الإسلام على الإحسان إلى الأسرى فقال تعالى في كتابه العزيز: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا[1]" وقال قتادة: لقد أمر الله بالأسرى أن يُحسن إليهم، وإن أسراهم يومئذ لأهل الشرك[2].



ووضع الإسلام تشريعات للأسرى، وفي الوقت الذي كان يُنَكَّل بالأسير في الأمم السابقة فقد وردت نصوص كثيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة تحثُّ على معاملة الأسرى معاملة حسنة تليق به كإنسان، يقول الله تعالى في سورة الأنفال: "يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ[3]".



فإذا كان المولى سبحانه يَعِدُ الأسرى الذين في قلوبهم خيرٌ بالعفو والمغفرة، فإنَّ المسلمين لا يملكون بعد هذا إلا معاملتهم بأقصى درجة ممكنة من الرحمة والإنسانيَّة.



لقد قرَّر الإسلام بسماحته أنه يجب على المسلمين إطعام الأسير وعدم تجويعه، وأن يكون الطعام مماثلاً في الجودة والكَمِّيَّة لطعام المسلمين، أو أفضل منه إذا كان ذلك ممكنًا، استجابة لأمر الله تعالى في قوله في سورة الإنسان: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا[4]".



وأوصى النبي أصحابه بحُسن معاملة الأسرى فقال: "اسْتَوْصُوا بِالأَسْرَى خَيْرًا[5]، كما نهى النبي عن تعذيب وامتهان الأسرى، فقد رأى أسرى يهود بني قُرَيْظة موقوفين في العراء في ظهيرة يوم قائظ، فقال مخاطِبًا المسلمين المكلَّفين بحراستهم: "لاَ تَجْمَعُوا عَلَيْهِمْ حَرَّ الشَّمْسِ وَحَرَّ السّلاَحِ، وَقَيِّلُوهُمْ وَاسْقُوهُمْ حَتَّى يَبْرُدُوا"[6]."



وامتثل الصحابة لقول النبي فكانوا يحسنون إلى أسراهم، والفضل ما شهد به الأسرى أنفسهم، فيقول أبو عزيز بن عمير وكان في أسرى بدر: "كُنْتُ مَعَ رَهْطٍ مِنَ الأَنْصَارِ حِينَ قَفَلُوا، فَكَانُوا إِذَا قَدَّمُوا طَعَامًا خَصُّونِي بِالْخُبْزِ وَأَكَلُوا التَّمْرَ؛ لِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللهِ إِيَّاهُمْ بِنَا، مَا يَقَعُ فِي يَدِ رَجُلٍ مِنْهُمْ كِسْرَةٌ إلاَّ نَفَحَنِي بِهَا؛ قَالَ: فَأَسْتَحِي فَأَرُدُّهَا عَلَى أَحَدِهِمَا، فَيَرُدُّهَا عَلَيَّ مَا يَمَسُّهَا"[7]، والأمثلة في ذلك كثيرة ومتعدِّدة.
==========
[1] (الإنسان: 8).
[2] القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، 19/126.
[3] (الأنفال: 70).
[4] (الإنسان: 8).
[5] الطبراني: المعجم الكبير، (977)، والمعجم الصغير، (409)، وقال الهيثمي: إسناده حسن، انظر: مجمع الزوائد، (10007).
[6] الشيباني: السير الكبير، 2/591.
[7] الطبري: تاريخ الطبري، 2/39، ابن كثير: البداية والنهاية، 3/307، 374.
==========





كيف يعامل أسرى الحرب في الإسلام ؟
سئل الشيخ محمد بن صالح المنجد في : كيف يعامل أسرى الحرب في الإسلام فأجاب :
(( الحمد لله . دين الإسلام دين رحمة وعدل ، أمرنا بالدعوة إلى دين الله بالتي هي أحسن ، وترغيب الناس في الدخول في هذا الدين العظيم ، فإن أصر بعض الناس على رفض دين الله وقام في وجه الحكم بما أنزل الله في الأرض وحاربوا الدعوة إلى الله فإننا نخيرهم بين ثلاثة أشياء : 
إما الإسلام ، فإن أبوا فالجزية ( وذلك بأن يدفعوا مبلغاً معيناً للمسلمين مقابل أن يبقوا في أرضهم ويقوم المسلمون بحمايتهم ) فإن أبوا فحينئذٍ لم يبق لهم إلا الطريق الذي اختاروه لأنفسهم وهو القتال وإعمال السيف في رقاب الذين آذوا المسلمين وعرقلوا سير الدعوة الإسلامية ووقفوا حجر عثرة في طريق المسلمين لأن ذلك يجعل المسلمين أعزة ، والأعداء أذلة حتى إذا أثخناهم في المعركة قتلاً وجرحاً ، وتم لنا الرجحان عليهم رجحنا الأسر - المعبر عنه بشدِّ الوثاق - ؛ لأنه يكون حينئذٍ من الرحمة الاختيارية وتكون الحرب ضرورة تُقدر بقدرها وليس المراد بها سفك الدماء ، وحب الانتقام .
فإذا استولى المسلمون عليهم وساقوهم إلى المكان المُعدّ لهم فإنه لا ينبغي لهم أن يؤذوهم أو يُعذبوهم بضرب أو جوع أو عطش أو تركهم في الشمس أو البرد أو لسعهم بالنار المُحرقة ، أو تكميم أفواههم وآذانهم وأعينهم ووضعهم في أقفاص الحيوانات ، بل رفق ورحمة ، وإطعام وترغيب في الإسلام .
فهذا ثمامة بن أثال – سيد بني حنيفة – جئ به أسيراً ، فرُبط بسارية المسجد ، فجاء إليه الرسول فقال : ماذا عندك يا ثمامة ؟ 
قال : عندي يا محمد خير ، إن تقتل تقتل ذا دم – أي أستحق القتل لأني قتلت من المسلمين - ، وإن تُنعم تُنعم على شاكر ، وإن كنت تريد المال فسل تُعط منه ما شئت فتركه رسول الله  ثلاثة أيام وفي كل يوم يأتي إليه فيسأله مثل هذه الأسئلة ويجيبه ثمامة بمثل إجابته تلك ، وبعد اليوم الثالث أمر بفك أساره ، فانطلق إلى نخلٍ قريب من المسجد فاغتسل ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله ، ثم قال : يا رسول الله : والله ما كان على الأرض أبغض إلى من وجهك ، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إليَّ ، والله ما كان من دين أبغض إليَّ من دينك فأصبح دينك أحب الدين كله إليَّ ، والله ما كان من بلد أبغض إليَّ من بلدك فأصبح بلدك أحب إليَّ ، وإن خيالتك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى ؟ فبشره رسول الله ،وأمره أن يعتمر ، فلما قدم مكة قال له قائل : صبوت ؟ 
فقال : لا ، ولكني أسلمت مع رسول الله ، ولا والله لا يأتينكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله . 
فتأمل رحمك الله هذه القصة ، وكيف أثرت المعاملة الحسنة في ثمامة إلى أن اقتادته إلى الإسلام ، وما كان ذلك ليحصل لولا توفيق الله ثم المعاملة الكريمة التي لقيها ثمامة .
أما في كتاب الله فقد الله تعالى في الأبرار : { ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا } قال ابن كثير – رحمه الله - : "قال ابن عباس كان أسراهم يومئذ مشركين ويشهد لهذا أن رسول الله  أمر أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسارى فكانوا يقدمونهم على أنفسهم عند الغداء ... قال مجاهد هو المحبوس أي يطعمون الطعام لهؤلاء وهم يشتهونه ويحبونه . انتهى
حكم ربط الأسرى : من المعلوم أن الأسرى لو تمكنوا من الفرار لما ترددوا لأنهم قد يخافون من نهاية مصيرهم ، ولا يعلمون ماذا سيقابلهم ، لذلك أُمر المسلمون بربط الأسير ، وشدِّ يديه إلى عنقه خوفاً من فراره وهو أمرٌ لا يزال سارياً ومعروفاً لدى الناس جميعاً .
ويبدو أن الحكمة من مشروعية الأسر كسر شوكة العدو ودفع شرِّه بإبعاده عن ساحة القتال لمنع فاعليته وأذاه ، فضلاً عن توفير أسباب افتكاك أسرى المسلمين بمن عندنا .
حبس الأسرى ..وحبس الأسير سياسة لاستبانة الأصلح : فلإمام المسلمين حبس الأسرى حتى يرى فيهم وجه المصلحة ، فإما أن يقبل فيهم الفداء بالمال ، أو يبادلهم بأسرى مسلمين ، أو يُطلقهم منّاً بلا مقابل أو يوزعهم على المسلمين رقيقاً وسبياً،أو يقتل الرجال دون النساء والأولاد لنهي النبي  عن قتلهم .
والغاية من حبس الأسير هي الاحتراز والتحفظ ، وكان النبي  يوصي بهم خيراً ، بينما كان الروم ومِن قبلهم الآشوريون والفراعنة يَسمِلُون عيون الأسرى (أي يفقأون أو يكحلون أعينهم بالمسامير المحمَّاة ) ويسلخون جلودهم ويُطعمونها الكلاب ، حتى فضَّل الأسرى السجناء الموت على الحياة .أحكام السجن ومعاملة السجناء في الإسلام لحسن أبي غدة 256.))

حاسم 1433
حاسم 1433
على الشواية

عدد المساهمات : 744
تاريخ التسجيل : 21/05/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 معاملة الأسرى(المعتقلين) في الإسلام Empty رد: معاملة الأسرى(المعتقلين) في الإسلام

مُساهمة  جعبة الأسهم الإثنين يوليو 22, 2013 12:49 am

بارك الله فيك .. وجزاك الله خيرا

معاملة المسلمين للأسرى مثل في رعاية حقوق الانسان .. احتاج العالم الغربي لمؤتمرات حتى يلتزموا بها في الحروب دون جدوى .. والمسلمون ملتزمون بها تنفيذا لأمر ربهم وهدي نبيهم .. سبحانه وتعالى وصلى الله على نبيه .. لكن يسبق الاسر مسألة هامة وهي الاثخان في الارض للعدو المحارب وهذه أيضا تحتاج إلى توضيح ولها أحكام متعلقة بها .. والله الموفق

جعبة الأسهم
الفقير إلى عفو ربه

عدد المساهمات : 17019
تاريخ التسجيل : 29/01/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 معاملة الأسرى(المعتقلين) في الإسلام Empty رد: معاملة الأسرى(المعتقلين) في الإسلام

مُساهمة  حاسم 1433 الإثنين يوليو 22, 2013 2:16 am

 معاملة الأسرى(المعتقلين) في الإسلام 13706076361
حاسم 1433
حاسم 1433
على الشواية

عدد المساهمات : 744
تاريخ التسجيل : 21/05/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى