ملتقى صائد الرؤى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

صل رحمك في رمضان

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

صل رحمك في رمضان Empty رد: صل رحمك في رمضان

مُساهمة  ابو عبد اللطيف السبت أغسطس 03, 2013 2:50 am

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً و أرنا الحق حقاً و ارزقنا إتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الأخوة الكرام: الإنسان كما تعلمون كائن اجتماعي، ومعنى أنه اجتماعي أي مفطور على حب الجماعة، مفطور على حب اللقاء مع أخيه الإنسان، والعوام لهم كلمات كثيرة تؤكد هذا المعنى، المكان مهما كان جميلاً من دون إنسان يؤنسك وتؤنسه لا قيمة لهذا المكان الجميل.
وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديار
فهذه الطبيعة الاجتماعية في الإنسان، النبي عليه الصلاة والسلام رسخها ترسيخاً دقيقاً في أحاديثه الشريفة فيقول عليه الصلاة والسلام:
((عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ أَوْ يُنْسَأَ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ))
يمكن أن يكون هذا الحديث الشريف نوعاً من التكافل الاجتماعي، المجتمع كما تعلمون له خلايا وخلية المجتمع هي الأسرة، والأسرة لها معنيان لها معنى واسع ومعنى ضيق، من هم في بيت واحد هذا المعنى الضيق، أما هذه الأسرة لها جد كبير ولهذا الجد أولاد كثر ولكل ولد زوجة وأولاد، فهذه الأسرة بمعناها الواسع أسرة الأب أو أسرة الأم هي التي عناها النبي عليه الصلاة والسلام بالرحم، لو سألت العلماء عن معنى كلمة رحم يقولون الأقرباء إما من جهة الأب وإما من جهة الأم، الأعمام وأولاد الأعمام وأولاد أولاد الأعمام هؤلاء رحم من جهة الأب والأخوال وأولاد الأخوال والخالات، الأعمام والعمات وأولاد الأعمام وأولاد العمات، والأخوال والخالات وأولاد الأخوال وأولاد الخالات يعني كل أقرباؤك من جهة أمك ومن جهة أبيك هم رحمك، يقول عليه الصلاة والسلام:
((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ أَوْ يُنْسَأَ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ))
الحقيقة من بعض أحكام الزكاة أن الزكاة لا تقبل من الإنسان وفي أقربائه محاويج لأن الأقربون أولى بالمعروف، تصور كل مسلم تفقد أقرباءه، أعمامه أولاد أعمامه، عماته أولاد عماته أعمامه بنات عمه عماته، بنات عماته، تفقد هؤلاء الأقرباء ووصلهم، ما معنى وصلهم من السذاجة أن نتصور معنى وصلهم أي زارهم فقد، وصلهم لها معاني كثيرة من هذه المعاني أنه زارهم، وأحياناً والله تأتي الزيارة مثلاً فتاة متزوجة يأتيها أخوها ليزورها يعني ينعشها بهذه الزيارة، يجبر خاطرها بهذه الزيارة تعتز بهذه الزيارة، تفخر به أمام زوجها بهذه الزيارة، لا تقلوا من قيمة الزيارة، والله الزيارة تفعل فعلاً سحرياً بين الأقارب، من معاني صلة الرحم هذه الزيارة، من معاني صلة الرحم تفقد الأحوال، القرآن الكريم حينما وصف المحتاجين، المؤمنين الصادقين بأنهم، قال تعالى:
﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273)﴾
( سورة البقرة )
الإنسان الذي يمكن أن تساعده تحسبه غنياً من شدة التعفف، ولن يسألك لا يسأل وتحسبه غنياً، فأنت إذا زرت أقرباءك، سألت عن أحوالهم، تفقدت شؤونهم، سألت عن أوضاعهم وكنت أنت من أهل اليسار، كنت أغنى منهم ومددتهم بطريقةٍ أو بأخرى بأسلوب أو بآخر، إما على شكل هدية أو على شكل معاونة، أو على شكل قرض، إذا تفقدت أحوالهم عشنا فيما يسمى بالعصر الحديث بالضمان الاجتماعي، يعني الإنسان في بلدة فيها خمسة ملايين من يعرف ؟ لا يعرف أحداً، من الصادق لا يعرف، من الكاذب لا يعرف لكن أقرباءه يعرفهم معرفةً دقيقة، يعرف البئر وما تحت البئر وما فوق البئر لا يغتر بالمظاهر، يوجد أشخاص لهم مظاهر مقبولة، فلذلك النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الحديث الشريف رسخ المعنى الاجتماعي في الإنسان.
(( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ أَوْ يُنْسَأَ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ))
نحن مرة قلنا أنه لا يوجد إنسان لا يتمنى رزق وفير على الإطلاق من دون استثناء، يا ترى الرزق مقسوم أو غير مقسوم، الحقيقة مقسوم في حده الأدنى، لكن الرزق يتبدل يزيد وينقص وذكرنا في حينه أن من عوامل الزيادة الاستقامة، قال تعالى:
﴿وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً (16)﴾
( سورة الجن )
من عوامل الزيادة الأمانة، الأمانة غنىً، من عوامل الزيادة إتقان العمل إن الله يحب من العبد إذا عمل عملاً أن يتقنه، من عوامل الزيادة أن تتصدق، صدقة السر تطفئ غضب الرب، استمطروا الرزق بالصدقة إذاً الرزق يزداد بالصدقة، ويزداد بالإتقان ويزداد بالاستقامة، ويزداد بصلة الرحم، أحياناً لا من قبيل الجزم بل من قبيل التكهن، تجد في أسرة ما رجل من أهل الغنى يتفقد كل أفراد أسرته الأباعد، هذا الشاب يدعمه وهذا يؤمن له عمل، وهذا يقرضه، وهذا يبحث له عن بيت، هذه الأخت يقدم لها ما تحتاج في فصل الشتاء، فهذا الشخص الذي يرعى أفراد أسرته بالمعنى الواسع قد تجده غنياً، والغنى بسبب هذه الأعمال الطيبة، فهذا كلام النبي عليه الصلاة والسلام، والنبي لا ينطق عن الهوى وإذا كان كلامه لا ينطق عن الهوى إذاً من عند الله.
((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ أَوْ يُنْسَأَ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ))
بعض شارحي الحديث فهموا هذا الكلام فهماً تفصيلاً، يعني إنسان له أخ لزوجته فهذا الأخ للزوجة قريب من أقرب الناس له، وضعه مكانه في المحل التجاري، هذا الإنسان لما وجد صهره أمن له عمل وأكرمه أخلص له، وأنت إذا كان عندك شخص غريب لا تعرف عن أمانته شيئاً ربما سرقك هذا الشخص الغريب، أما هذا القريب يوجد علاقات رحم علاقات قرابة فلو أمنت له عمل عندك اطمأنيت لأمانته ولإخلاصه، فهو يزيد لك إخلاصاً ونشاطاً وأنت تزيده مكافأةً وتشجيعاً فأحد أسباب توفيق الإنسان في أعماله أن يكون عنده مساعدين مخلصين أمناء وأقرب شيء القريب، أنسب إنسان للعمل معك أقرباؤك، فأنت إذا أمنت لهم أعمالاً وأغدقت عليهم من فضلك ومما أفاء الله عليك هذا العمل أغلب الظن ينجح.
إذاً إما أن نفهم الحديث بالمعنى أن الله سبحانه وتعالى بعنايةٍ إلهيةٍ مباشرةٍ، يزيد في رزق هذا الواصل وإما أن طبيعة الصلة نفسها من لوازمها أنها تحيطك بأعوان مخلصين أمناء لأنه يوجد موضوع دقيق تحدثت عنه من قبل كثيراً أن الزكاة سميت زكاةً لأنها تزكي نفس الغني وتزكي نفس الفقير وتزكي المال، ومعنى تزكي أي تنمي، أما نماء نفس الفقير حينما يتفقده قريبه الغني بمساعدة بعمل طيب يشعر شعوراً غريباً إنه ليس هيناً على مجتمعه مجتمعه لن ينسه، مجتمعه حريص عليه، حريص على حاجاته، بهذه الطريقة تنمو نفس الفقير، والغني إذا شعر أنه سبب لإدخال السرور على قلوب مئات الأسر وإنه في قلوب المئات، وأن أسراً كثيرةً سعدت بعطائه تنمو نفسه، نفس الغني تنمو ونفس الفقير تنمو والمال ينمو.
ومن معاني الزكاة أنها تطهر، تطهر مال الغني من تعلق حق الغير به في قول معروف ثابت أن الحجر المغصوبةَ في دارٍ رهن بخرابها، دار فيها مائة ألف حجر وحجر من هذه الحجارة مغتصبة ربما كان هذا الحجر سبباً في خراب هذه الدار كلها، أي أنه إذا كان في هذا المال حق لفقير، تعلق حق الغير به ربما كان سبباً لإتلاف المال، فالزكاة من معانيها أنها تطهر المال من تعلق حق الغير به، تطهر الفقير من الحقد، وتطهر الغني من الشح، ما الذي حدث ؟ صار الزكاة تطهر وتنمي، تطهر المال وتنميه، وتطهر نفس الغني وتنمو بها، تطهر نفس الفقير وتسمو به، هذه كلمة:
(( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ أَوْ يُنْسَأَ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ))
هنا المعنى إما أن الله بطريقةٍ مباشرةٍ لا نعلمها يزيد رزقك وإما أن صلة الرحم نفسها، أولاً الذي يصل رحمه، ينفي عنه الأحقاد، والذين وصلهم وأمدهم مما أمده الله به هؤلاء يحبونه ويحرصون على ماله هذا هو المعنى، فالمعنى الأول أحد أسباب زيادة الرزق أن يصل المؤمن رحمه.
وتحدثنا قبل قليل أن الصلة لا تعني الزيارة فقد تعني تفقد الأحوال، لو فرضنا هذا القريب غني وأنت زرته يوجد صلة من نوع آخر تعني أن تدله على الله، إذا الله عز وجل علمك أكرمك بالهدى، علمك شيء من كتابه، علمك شيء من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أعطاك منطق، وقدرة على التوضيح والبيان، فأنت في صلة الرحم تارةً عليك أن تزورهم، وتارةً عليك أن تمده مما أفاء الله عليك وتارةً عليك أن تقدم له نصيحةً ثمينةً مخلصةً.
فإما أن تصله زيارةً، وإما أن تتفقد أحواله المعشية، وإما أن تدعوه إلى الله عز وجل هذه هي صلة الرحم، وأنا أقترح على أخوانا الكرام أن يعمل قوائم، أولاد عمه أولاد عمه الأول، الثاني، هؤلاء أقرب الناس إليه، أولاد خاله، أولاد خالته، أقرباءه سجلهم في قائمة وحاول أن تتفقدهم مرة بالهاتف، مرة بالزيارة، مرة بالسؤال عن صحتهم لعلهم مرضى لا سمح الله، مرة بالإنفاق عليهم بشكل هدية أو بشكل معونة، أو قرض، ومرة بدعوتهم إلى الله عز وجل، تصوروا لو كل مؤمن تعهد أقرباءه، هذه شبكة متداخلة، يعني كل هذا المجتمع ينهض أما هذا الانتماء الفردي، وتلك الروح الفردية هذه لا تليق بالمؤمن يقول دعهم وشأنهم لا يوجد فيهم خير، نقول له أنت حاولت ؟ هل زرتهم، تلطفت معهم دعوتهم إلى درس، أعطيتهم شريط مثلاً، ذكرتهم بآية، ذكرتهم بحديث، خدمتهم خدمة يعني كل إنسان يتصور أنه من الممكن أن يكون داعية من دون أن يبذل جهد ولاسيما في خدمة الخلق فهذا توهم خاطئ.
((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ أَوْ يُنْسَأَ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ))
الأثر برأي شراح الحديث هو الأجل، معنى ينسأ له في أجله، هذا الكلام يتناقض مع قوله تعالى:
﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلَا نَفْعاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (49)﴾
( سورة يونس )
﴿وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11)﴾
( سورة المنافقون )
يعني أكثر العلماء على أن إطالة العمر لا تعني إطالته زمنياً، بل تعني إطالته بأنه يغتني بالعمل الصالح، يا أيها الأخوان: يوجد عمر تافه ويوجد عمرغني، يوجد إنسان كل يوم عنده عشرات الأعمال الصالحة مئات الأعمال الصالحة كل يوم يرقى آلاف الدرجات عند الله عز وجل ويوجد إنسان يعيش ستين أربعين سنة لو جمعت كل أعماله لا تعادل جناح بعوضة، عاش لذاته، لمصالحه، لشهواته، لمتعه، فالعمر الحقيقة لا يقاس بمدته يقاس بما يغني به من عمل صالح، وكلكم تعرفون وهذا الشيء أنا أقوله كثيراً أنه يوجد علماء أسماءهم على كل لسان، كل يوم وفي كل مكان في العالم الإسلامي، وعاشوا أقل من خمسين سنة، عاشوا عمراً قصيراً، ويوجد أشخاص عاشوا مائة وثلاثين سنة، ولا أحد يعلم عنهم شيئاً، لذلك أكثر العلماء في هذا الحديث على أن طول العمر لمن يصل رحمه متعلقة باغتناء هذا العمل في العمل الصالح.
فنحن دائماً كنا نتمنى على أخوتنا أن يعيشوا الإسلام لا أن يدرسوه، أن تعيشه شيئاً آخر، الإنسان أيام يمسك جريدة ويقرأ، هذه يقرأها وهذه لا يقرأها، لو فرضنا ينوي أن يشتري مركبة والأسعار غالية جداً نظر فإذا في زاوية الجريدة قرار صغير بالسماح بالاستيراد من دون قيد أو شرط، يقول لك هبطت كل سيارة خمس مائة ألف بهذا القرار يفرح تفاعل مع هذه الخمس كلمات، تفاعل تفاعلاً كبيراً، والذي اشترى سيارة بسعر كبير جداً وينوي أن يتاجر بها وقرأ هذا القرار يتألم ألماً شديداً، أنا سؤالي هل من الممكن أن تقرأ النص وتتفاعل معه وتعيشه، المؤمن إذا قرأ القرآن الكريم، إذا قرأ حديث رسول الله يتفاعل معه تفاعلاً شديداً، فنحن شتان بين أن نقرأ النصوص وبين أن نعيش النصوص مثلاً لو سمعت عن المشردين، عن هؤلاء الذين يهيمون على وجوههم حينما تقع مشكلات في بلاد، حينما تقع حروب أهلية، في هذه الأيام الباردة لا مأوى ولا تدفئة، ولا طعام ولا دواء، ولا شراب، في العراء مئات الألوف مشردون، إذا اطلعت على هذه الأخبار أو رأيتها بعينك وقرأت دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمد لله الذي آواني وكم من لا مأوى له.
إذا الإنسان سافر إلى بلدة ولا يوجد غرف فارغة في الفنادق، أول فندق وثاني فندق ورابع فندق، طلب شقة لم يجد، طلب غرفة، وحتى الساعة الثانية بعد منتصف الليل وهو في الطرقات لا يتذوق معنى المأوى إلا إذا عانى هذه المعاناة المؤلمة، فنحن نريد أن نعيش هذه النصوص، لا أن نقرأها ونبحث عن معانيها، إذا عشنا النصوص كنا أشخاص آخرين، فإذا قرأناها قراءة سريعة ووقفنا عند معانيها الدقيقة يعني أحياناً، الإنسان يدعو الله سبحانه وتعالى، يزور إنسان معه مرض عضال، لا يوجد أمل في الشفاء، فإذا دعا بهذا الدعاء: اللهم إنا نعوذ بك من عضال الداء، يقشعر جسمه، تصيبه رعدة بسبب أنه قبل قليل رأى إنساناً مرض مرضاً شديداً وهذا المرض ميئوس من شفائه، فنحن نريد إذا قرأنا لقرآن أو قرأنا الحديث الشريف أن نتفاعل معه، النبي عليه الصلاة والسلام هنا يقول لك إذا وصلت رحمك زاد الله في رزقك، ومن منا لا يتمنى أن يزيد رزقه، وأن يعيش في بحبوحة.
يا أخوان مرة ثانية الصدقة تزيد الرزق، وإتقان العمل يزيد الرزق، أصحاب المصالح والحرف المتقنون هؤلاء لا يشكون البطالة أبداً، الصدقة تزيد الرزق، والإتقان والاستقامة، والأمانة تزيد، وصلة الرحم تزيد، والاستغفار يزيد، قال تعالى:
﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً (12)﴾
( سورة نوح )
سبعة أشياء كلها تزيد الرزق، وأحد هذه جميعاً صلة الرحم، واتفقنا الرحم كل أقرباؤك من طرف الأب، وكل أقرباؤك من طرف الأم، ومعنى الصلة الزيارة أولاً، وتفقد الأحوال المعشية ثانياً، والدعوة إلى الله ثالثاً، وكل واحد منا له أقرباء، يحصيهم وكل جمعة عند قريب، اثني وخمسين جمعة، كل جمعة يعمل زيارة، له أخوات متزوجات، له بنات أخ متزوجات، له عمات، له خالات، له أعمام، له أولاد أعمام، ولو كان بعيد لك أجر، الثواب على قدر المشقة، فأنت طرقت بابه، المؤمن مؤنس، المؤمن كالكوكب الدري، المؤمن إذا رؤي ذكر الله به، ألا تريد عملاً صالحاً، يا بشر لا صدقة ولا جهاد فبما تلقى الله إذاً، هذا عمل متاح لكم جميعاً، كل واحد منكم يتمكن أن يعمل بالجمعة زيارة إلى أقاربه، إلا في حالات نادرة جداً إذا كان الأقارب متفلتين، مستهزئين بالدين، لا يمكن أن ينضبطوا، لو دخلت عليهم لظهرت النساء الأجنبيات أمامك كاسيات عاريات، لا في هذه الحالات نقول له دع خيراً عليه الشر يربو، في مثل هذه الحالات نقول له درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، وهذه حالات نادرة ومع ذلك في مثل هذه الحالة قد يقوم الهاتف مقام الصلة، اتصال هاتفي، لك عمة وبنات عمتك لا يوجد بهم دين أبداً ومائعات، فبهذه الحالة ممكن أن تتصل هاتفياً اطرق الباب عن بعد، يلزم أي خدمة.
المؤمن هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنحن الآن الذي أرجوه من الله عز وجل هذا الحديث الصحيح وهذا الحديث في البخاري ومسلم ورواه الترمذي، وأعلى أنواع الأحاديث ماورد عند البخاري ومسلم معاً، قال تعالى:
﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3)﴾
( سورة النجم )
وهذا منهج كل إنسان يأخذ أخوته الذكور، وأخواته الإناث، يوجد أولاد أخواته وبنات أخواته، يوجد أولاد أخواته الإناث، بنات أخواته الإناث، ويوجد أعمامه وأولاد أعمامه ذكوراً وإناثاً، ويوجد عماته وبنات عماته، طبعاً بنات العمات أجنبيات تزور أزواجهم ويوجد أخواله وخالاته، ولأخواله أولاد ولخالاته بنات، فإذا قصدت أن تصل الرحم كل أسبوع ساعتين يوم الجمعة صلة الرحم، وكما اتفقنا الزيارة وقد تفعل فعل السحر أو التفقد المعاشي، أنت دخلك محدود اسعى لهم في مساعدة بمعونة، بحل مشكلة، أيام تدلهم على طبيب، وأنت عندك معلومات عن أطباء متفوقين وهم لا يعرفون، أيام تعطيهم شيء من خبرتك وهذه مساعدة أيضاً، الزيارة والتفقد المعاشي، ثم الدعوة إلى الله، أيام شريط يغير أسرة بأكملها، اسمع هذا الشريط واحتسبه عند الله عز وجل، ثاني جمعة سمعته خذ شريط ثاني، أنت لا تعرف إلا بعد شهرين ثلاثة وهؤلاء الشباب صاروا معك وجاءوا معك إلى المسجد وأنت دعوت إلى الله وأنت لا تدري، هذه دعوة كبيرة جداً، ممكن كل واحد أن يعمل شبكة علاقات مع أصدقائه، وهذا أمر نبوي، وهذه دعوة إلى الله عز وجل واتفقنا أن الزيارة أولاً، والخدمة ثانياً، والدعوة إلى الله ثالثاً.
والحقيقة الزيارة تعطيك مجال أن تخدم، والخدمة تعطيك مجال أن تدعو إلى الله كل شيء له سبب، لما زرته تفقد أحواله وخدمته وعرفت ما ينقصه، مشكلاته، له ابن يحتاج إلى جلسة توجيهية في الرياضيات وأنت أستاذ رياضيات شيء جميل، له ابن يحتاج إلى أن يكون له عمل وأنت لك أصحاب أعمال حرة، هذه الخدمة الصادقة التي تسديها إلى أقربائك هذه تقيم المودة بينك وبينهم، ومن ثم ادعوهم إلى الله، إما مباشرةً إذا كنت متمكناً من علمك وإما عن طريق واسطة، هذا أول حديث:
(( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ أَوْ يُنْسَأَ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ))
والرحم كلمة واسعة جداً، وتقول هذه الرحم صل من وصلني واقطع من قطعني:
((عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ اشْتَكَى أَبُو الرَّدَّادِ اللَّيْثِيُّ فَعَادَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ عَوْفٍ فَقَالَ خَيْرُهُمْ وَأَوْصَلُهُمْ مَا عَلِمْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَا اللَّهُ وَأَنَا الرَّحْمَنُ خَلَقْتُ الرَّحِمَ وَشَقَقْتُ لَهَا مِنِ اسْمِي فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ))
أنا يوجد شيء أعتز به، أحياناً أزور أشخاصاً أشعر شعوراً غريباً أن هذه الأسرة متماسكة، والله لا أغبط أسرةً على تماسكها، كما أغبط أسرة مؤمنة على تماسك أولادها.
العلاقات بين الأخوة في أعلى درجات التضحية والوفاء، فكل إنسان بحكمته يمكن أن يجعل أفراد أسرته إما بالمعنى الضيق ضمن البيت الواحد، أو بالمعنى الواسع أخوانه المتزوجين إذا زارهم وخدمهم، وأعانهم، يعني أنت عرفت مكان تحضر منه زيت فرضاً، تقول لهم هل تحتاجون إلى زيت مثلاً، هذه خدمة وتتنامى العلاقات بهذه الطريقة يعني ابن أخيك بحاجة إلى خدمة وأنت قادر على أن تخدمه فيها، فإذا شعر الأخ أن أخوه كأنه أب لأولاده والأخ الثاني أب لأولاد الأب الأول، بهذا التعاطف ننجح.
والله يوجد أخ من أخواننا وأنا سمعت قصتين، أول قصة أحد أخوانا له أخ توفي أقسم لي بالأيمان المغلظة أنه ما دخل إلى بيته شيء من الفاكهة قبل بيت أخيه، في نفس المستوى،هذا أخ، وأعرف قصة ثانية، توفي الأب وترك ثلاث بنات، فالعم جهد في تزويج بنات أخيه وكأنهن بناته، ما فرق عنايته ببنات أخيه ولا شعرة عن بناته، الله عز وجل يرضى عن هذه الأسر، يرضى عن هذه العلاقات الطيبة، الإسلام تماسك طبعاً الأصل المؤمنين كلهم، واليوم درسنا على صلة الرحم بالذات، على الأقرباء، وأنت يمكن أن يعم خيرك إلى أقربائك تعينهم، تدلهم على الله، أن تعينهم على أمر دنياهم، أن تعينهم على أمر دينهم، أن تتفقد أولاد أخوتك وهذا الذي يرضي الله عز وجل وقد قال عليه الصلاة والسلام:
((عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لا يَجْمَعُ أُمَّتِي أَوْ قَالَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ضَلالَةٍ وَيَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَمَنْ شَذَّ شَذَّ إِلَى النَّارِ))
ويوجد قول آخر:
(( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ ))
والله عز وجل لا يحبنا إلا إذا كنا متعاطفين، متكاتفين، متماسكين، يعني، نحن اخترنا حديثاً واحداً ولكن حول هذا الموضوع يوجد ثلاثين حديث في كتاب الترغيب والترهيب للمنذري، هناك ثلاثون حديث صحيح كلها تؤكد صلة الرحم، يقول لك لا يوجد عمل صالح، يوجد أعمال صالحة مفتحة أبوابها على مصراعيها، أليس لك أقرباء تفضل وزورهم، تفقدهم، بالمناسبة قد يقول أحدكم لا يوجد معي ما أعطيه، نقول له اسمع ما قال النبي عليه الصلاة والسلام: إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم.
أيام الإنسان يزور أقرباءه صباحاً يأخذ لهم كيلو فول، والله لها معنى كبيراً، دخل عليهم بشيء مهما بدا صغيراً، الأخت يجبر بخاطرها إذا أخوها زارها، قال لي شخص أشكِ الأخ عن أخته فقال له طلقها لا تحتاج إليها، يوجد أخ تراه حريصاً إذا وجد خلاف بين أخته وصهره يتدخل يزورهم يطيب قلب الصهر، ينصح أخته ينبهها، ويوجد أخ لا يسأل يقول أختي حيوانة، هكذا يقول.
المؤمن حريص على أهله، وعلى أخواته كلهم، الذكور والإناث، على أولاد أخواته، فكلما الإنسان الله أعطاه شيء من الإيمان تجد خيره عميم، والله أيام أيها الأخوة وجودك في بيت يساوي رحمانية، إذا كان موصول بالله عز وجل، يدخل إلى البيت فيصبح نورانية البيت، كلهم في هدوء، قبلوا منه النصيحة، هناك مؤمنون دخلوا في صلح وتم على يديهم الصلح، ترى أن هذه الأسرة تسعد بهذه الوساطة الطيبة.
وأفضل شفاعة أن تشفع بين اثنين في نكاح، أنا أقول لا يوجد من عمل أعظم من أسرة على وشك الشقاق، على وشك فصم عرى الزوجية يأتي إنسان يتدخل إما بطلاقة لسانه أو بنورانيته، أو بذكائه، أو بماله يتدخل ويصلح بين الزوجين، هذه الأعمال الطيبة بالمناسبة أيها الأخوة الله عز وجل يقول:
﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1)﴾
( سورة الأنفال )
ومن عظمة هذا الكتاب الكريم أن معانيه واسعة جداً، أول معنى يعني اصلحوا نفوسكم عرفها بالله عز وجل، احملها على طاعة الله اسمو بها عن طريق الاتصال بالله المعنى الثاني لا تجعل العلاقة مع أخ سيئة ـ ذات بينكم ـ لك علاقة مع فلان فيها تشويش اعتذر منه، قدم له هدية، اجعل علاقة طيبة، إنسان وعدته ونسيت الوعد، اذهب إليه بهدية واستسمح منه مثلاً، لا تجعل علاقة مع أخ سيئة، لأنها تتفجر أنت أخطأت معه وقطعته، وهو بدأ يتوهم عاش بأوهام بدأ وهو لا يدري يختلق لك الأخطاء وبدأ ينشر هذه الأخطاء ترى نفسك محاط بجو ليس في صالحك من أناس كثيرين، أي مشكلة مع أخ سارع إلى حلها إما بالاعتذار وإما بالتوضيح، وإما بالبيان، وإما بالهدية، وإما بالمعاونة، وإما بالاعتذار سارع إلى حلها، هذا معنى قوله تعالى:
﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1)﴾
( سورة الأنفال )
يعني يوجد مشكلة مع أخوك حلها، مع ابن أخوك حلها، يوجد مشكلة مع صديقك حلها، مع جارك، الآن يوجد عندنا معنى ثالث لهذه الآية الكريمة، أي أصلحوا كل علاقة بين اثنين، أنت ليس لك علاقة وأنت طرف ثالث، اسمع هذه الآية ما أجملها، إما أن تصلح نفسك وإما أن تصلح كل علاقة بينك وبين غيرك، وإما أن تصلح كل علاقة بين اثنين هذا عمل المؤمن، أحباب النبي عليه الصلاة والسلام يصلحون الناس إذا فسدوا، فأنت الآن انوضعت في هذا الدرس أمام أبواب مفتحة من الأعمال الصالحة، عمل صلة الرحم، أن تتفقد أقرباؤك بزيارات دورية وهذه الزيارات أولاً تمهد لخدمتهم وخدمتك لهم تمهد لدعوتهم إلى الله فإذا دعوتهم إلى الله فهم أقرب الناس إليك.
أنا أيام يأخذني العجب أخ بدأ لوحده، ثم ابن عمه، وصهره، خلال خمس ست سنوات لا يوجد أحد ما أحضره إلى المسجد، وعندما جاؤوا جميعاً على المسجد صار في تعاون بينهم، صاروا جبهة واحدة، لا يوجد مجال للخصومات، والإرباكات في الأسرة الواحدة.
(( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ أَوْ يُنْسَأَ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ))
أما تأخير العمر اللهم صلي عليه عاش ثلاث وستين سنة، قال أحد الفلاسفة الكبار الذي جمع علوم الدنيا وكان موسوعة عصره، قال له أحد تلامذته المقربين: أنت والله مثل نبي، لو دعوت لنفسك بالنبوة، لم يجبه إطلاقاً، قال: في إحدى الليالي الباردة جداً طلب منه أن يأتيه بماء من مكان بعيد، فهذا الطالب تململ وقال له: الآن وقت غير مناسب والحرارة باردة جداً فقال له: لا بأس، إلى أن حان وقت آذان الفجر فأيقظه وقال له: هذا النبي الكريم الذي جاء بهذه الأمة هذا المؤذن رغم البرد الشديد القارص خرج من بيته في هذا الوقت ليؤذن للناس وهذا هو مقام الأنبياء، وأنت رفضت أن تحضر لي كأس ماء من مكان بعيد، فالنبوة مكان عظيم جداً.
ذكرت هذا الشاهد لأن الإنسان لا يستطيع أن يقدم شيئاً إلا إذا قدم خدمة إذا قدم حرص قدم عمل، بقي العمر يكون تافهاً بافتقاره للعمل الصالح ويكون ثميناً جداً وغنياً جداً حينما يغنيه صاحبه بالعمل الصالح دائماً أقول لكم هذا الكلام: أنت حجمك عند الله بحجم عملك الصالح أتمنى كل واحد وكل يوم يسأل نفسه ماذا فعلت اليوم ؟ إذا يمضي يوم لا تزداد من الله علماً ولا تزداد منه قرباً، إذا بعت بخمس مائة ألف كل يوم لست رابحاً لقول النبي عليه الصلاة والسلام:
(( لا بورك لي في طلوع شمس يوم لم أزدد فيه من الله علماً، ولا بورك لي في طلوع شمس يوم لم أزدد فيه من الله قرباً ))
والدليل قوله تعالى:
﴿وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)﴾
( سورة العصر )
أنا أذكر أخ كريم وهذه القصة قلتها سابقاً زار أخته وزارها بوقت غير مناسب ويوجد مشكلة بينها وبين زوجها، والمشكلة على مبلغ من المال تطالبه به كل شهر ولا يوجد معه، وهو موظف، والأمر تفجر في البيت وهذا الأخ دخله محدود لكن مؤمن قال لها: يا أختي هذا المبلغ خذيه مني كل شهر، قال لي: أول شهر طرقت الباب ودفعت هذا المبلغ ثاني شهر، قال لي ستة أشهر وأنا أدفع هذا المبلغ، الشهر السادس طلبت مني درس لبناتها وهم بنات أختي، جمعت لهم وكل خميس درس آيتين وحديث وحكم فقهي، وحفظ قرآن سبحان الله هؤلاء البنات بدؤوا يتحجبون، وبدأ يزوجهم، واحدة واحدة.
أنا بعد أن سمعت هذه القصة بالتفصيل قلت يا رب زيارة عابرة لأخته جعلته داعيةً لله عز وجل، ومكانته عند الله كبيرة إن شاء الله، هذه هي صلة الرحم، تأكل طعام طيب بمفردك ولك أخ، وابن أخ، عم، وخال، أذقه، فإذا الإنسان الله هداه ونور قلبه وأعانه على نفسه وصار إنساناً وفق المنهج الصحيح ليس له الحق أن ينسى أقرباؤه، وأقرب الناس إليه، وأنا من يومين سئلت عن حقوق الزوجة على زوجها، فكان الجواب فيه غرابة أول حق للزوجة على زوجها أن يدلها على الله هل من المعقول أنك تلبي لها كل حاجاتها المادية والمعنوية ولم تهتم بدينها، ليس فيها دين دعها وشأنها الله يحاسبها، هذه خيانة للزوج أهم شيء أن تعتني بدينها وتعرفها بالله عز وجل تعتني بصلاتها، بدينها بتلاوتها للقرآن، بمظهرها بحجابها، فإذا أنت دللتها على الله فقد أعطيتها الحق الأول، والباقي كله سهل.
مرة رجل قال لي: انصحني قبل الزواج، قلت له: يوجد وهم يقع فيه الأزواج يبقى الزوج أو الشاب في مقتبل زواجه معلق آمال لا تعد ولا تحصى، أن هذه الزوجة سوف تسعده، وسوف يغمس في سعادة لا توصف، وهي معلقة آمال لا تعد ولا تحصى أن هذا الزوج سوف يعتني بها، وسوف يخدمها، هي بنت آمال باليمين، وهو بنى آمال باليسار، من أين يأتي الصدام ؟ هو يخيب آمالها وهي تخيب آماله، قال لي: ما هو الحل قلت له الحل يجب أن تتعرف إلى الله أنت أولاً حتى تسعد بقربه، ثانياً يجب أن تعرفها بالله حتى تسعد بقربه، الآن المرحلة الثالثة تسعدك، لا تسعدك إلا إذا سعدت أنت بالله وأسعدتها أنت بالله عندئذٍ عرفت حقوق الزوج، كانت الصحابية تسأل زوجها قبل كل شيء ألك بي حاجة، إذا قال لها لا تذهب وتصلي، يعرف حق زوجها، أما كثير من الأخوان يشكون لي إهمال زوجاتهم إهمال شديد لماذا ؟ لأنها لا تعرف حق زوجها، لو عرفها أبوها، أو عرفتها أمها، أو عرفتها أنت حق الزوج، أو لو أنها اتصلت بالله عز وجل أو أنها قرأت القرآن وقرأت السنة.
قال: اعلمي أيتها المرأة وأعلمي من دونك من النساء أن حسن تبعة الزوجة زوجها يعدل الجهاد في سبيل الله، كثر من القصص من السلف الصالح تبين أن النساء كانوا على مستوى عالي جداً من معرفة حقوق الزوج، البيوت جنة كانت، أما الآن ترى البيوت جحيم والسبب الجهل أساس الزوجة المؤمنة تتقرب إلى الله بخدمة زوجها، والزوج المؤمن يتقرب إلى الله بخدمة زوجته، المنفعة المباشرة غير ملحوظة في الموضوع، ردود الفعل غير ملحوظة أما الآن طالما أنه يوجد نفع.
سمعت عن إنسان زوجته أصابها مرض خطير بالعدوى فوراً طلقها، وهي ليس لها ذنب، عملت عملية في ألمانيا نقل لها دم ملوث، وعندها أولاد وهي امرأة طاهرة وشريفة لما علم أنها مصابة بهذا المرض فوراً طلقها، هذا هو الوفاء ؟ أيضاً إنسان متزوج امرأة صار معها ورم في ثديها استأصل ثديها فطلقها فوراً، يوجد جهل، قال تعالى:
﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)﴾
( سورة الروم )
المودة المظهر المادي للحب، إذا لا يوجد مودة، لا يوجد مصلحة في هذا الزواج ألا يوجد رحمة، نعم يوجد رحمة، الحياة ليس كلها مصالح ومباهج، في جانب منها أخلاقي، إذاً لا تصدق أن في بيوت المسلمين مشكلة إلا وسببها معصية وكل معصية وراءها الجهل، لذلك إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، أرجو الله سبحانه وتعالى جميعاً أن نعمل خطة نزور أقاربنا، أول شيء زيارة ثم تفقد، ثم دعوة إلى الله عز وجل، ورتب أمورك كل جمعة عند أسرة، هذا التواصل شيء جميل جداً.
الآن ترى أخين لا يتزاوران ولا بالعام مرة، وخصومات والمجتمع مفتت، إنما ذلكم الشيطان، هذا من عمل الشيطان كل إنسان عنده إمكان أن يتكلم لك عشر ساعات عن خصوماته مع أقربائه، هذا فعل الشيطان، أما الإنسان المؤمن يحاول أن ينمي كل علاقة بينه وبين أقربائه فلعل الله سبحانه وتعالى يرحمنا جميعاً، أنت لا تذهب بعيداً أب إذا رأى أولاده متعاونين، متكاتفين، متباذلين، مضحين، والله يدخل على قلبه من السعادة لا يعلمها إلا الله، ولله المثل الأعلى، أما إذا رآهم متباغضين، متحاسدين، يطعن بعضهم ببعض يبغضهم جميعاً جملةً وتفصيلاً، فأنا لي كلمة دائماً: نحن نتمنى على الله عز وجل أن نعيش الإسلام لا أن نتكلم عنه، أن نعيش الإسلام شيء في مقدورنا جميعاً، والإنسان إذا قال لك أنا لي مكانتي الخاصة هذا قريبي وليس من مستواي أنا، أنت تكون مخطئاً الله عنده مقاييس لا تعرفها أنت، رب أشعث أغبر ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره، ربما يكون لك قريب بالسلم الاجتماعي أقل منك بكثير، ويكون ظفره يساوي مائة من أمثالك، عند الله يكون مقاييس أخرى لا تعرفها أنت قد يكون أشد إخلاص منك، قد يكون أشد استقامة منك، قد يكون أشد حب لله منك، التفوق لا لمن سبق بل لمن صدق مع الله عز وجل، ولما الإنسان يتواضع لعل الله سبحانه وتعالى يجعل أعمال أقربائه الصالحة في صحيفته.
الآن أنا مما يسعدني أن أرى الأخ وأخوه إلى جانبه، وابن عمه إلى جانبه، وصهره إلى جانبه، ابن حماه، ووالده معه، وأيام والده وعمه معه، هذا شيء مسعد جداً، والكلمة الطيبة صدقة، أول شيء زيارة ثم تفقد وليس كل شيء بالمال، إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، أنت تعمل في الكهرباء يمكنك أن تقدم عمل لله، أيام يوجد الإنسان عنده خبرات جداً يقدمها لإخوانه، وملخص الدرس أن نجري إحصاء لأقاربنا من جهة الأب ومن جهة الأم، طبعاً سوف تجد استغراب، أيام ترى تعليقات فيها استخفاف، تعليقات لاذعة المؤمن من أجل إرضاء الله يفعل كل شيء، وأن تتحول الأسرة من ملهى إلى مسجد الفتيات تتحجب والشباب يصلون، تمثيليات وأغاني، وتفلت وتشليط وسهرات مختلطة ومزاح منحط، إذا أنت بعد سنة سنتين أصبح هذا البيت ملتزم هذا شيء جميل جداً وتحتاج الأمور إلى عمل ونفس طويل وقلب واسع وتحتاج إلى بعد أفق حتى تستطيع أن تأخذ بيد الناس إلى الله عز وجل، ومع ذلك يوجد أناس لا يستجيبوا، قال تعالى:
﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (17)﴾
( سورة فصلت )
ممكن رغم كل هذه الامكانات أن لا يستجيبوا، أنت الذي عليك عملته، اللهم هل بلغت اللهم أشهد، يوجد أخ من أخوانا لا يوجد عنده إمكانية أن يتكلم ولكن يغلي غليان على عمل صالح، اشترى عدد من الأشرطة وعمل قوائم لأقربائه وأعطاهم أشرطة لمدة يومين وثاني يوم يحضرون له الشريط ويبدله بين العائلة، وما مضى ستة أشهر حتى ثمانية من أقاربه جاؤوا إلى المسجد، الإنسان يسمع أول مرة وثاني مرة ثم يشتهي ويأتي إلى المسجد.
ممكن أن يكون لك دعوة إلى الله، ودعوة كبيرة جداً، لكن باخلاص وبظل خفيف، وأدب، إذاً هذا الحديث الشريف منهج من مناهج رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ أَوْ يُنْسَأَ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ))
(رواه البخاري ومسلم، والترمذي)
بلفظ آخر:
((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الأهْلِ مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ مَنْسَأَةٌ فِي الأثَرِ ))
أحياناً الإنسان يزور فقراءه وقد يكونوا فقراء ولكن ترحيبهم جميل، يقدم لك قهوة وشاي ويسعة ويجهد في إكرامك وهو لا يوجد عنده سوى القهوة والشاي، لا تضن عن الناس بمعلوماتك، بابتساماتك، بعطفك وحنانك، لا تضن عليهم بخبرتك، بشخصك أخي ليس لدي وقت فراغ لا يوجد إنسان مات وإلا يوجد عنده خمسين قائمة غير منتهية، اقتطع من وقتك الثمين لصلة الرحم، وأقول لكم مرة ثانية قطع الرحم من الكبائر، كنت أقول كلمة لبعض أخوانا أولادك الغريب أنت له والآخر له، أما ابنك من له غيرك، أختك المتزوجة من لها غيرك، إذا كان أبوها توفي وأمها مريضة، فإذا الأخ لم يزور أخته من لها غير أخيها، وأيام الزوج عندما يرى زوجته يزورها أقاربها يهاب من بيت حماه، فإذا رآها مقطوعة يقول هذه ليس لها أحد يضغط عليها زيادة، زيارة الأخت لها معنى كبير، يعني لها أهل غالية على أهلها يتفقدون أحوالها ترى الإنسان يتحجم، درسنا اليوم هذا الحديث قال له عظني ولا تطل قال له آية واحدة، فقال كفيت، فقال فقه الرجل، لا نريد أن نتحدث ثلاثين حديث في الترغيب والترهيب ثلاثين حديث صحيح عن صلة الرحم وأنا اكتفيت بحديث واحد صلة الرحم تزيد في الرزق وتغني في العمر تغنيه، يصبح عمر الإنسان غني بالأعمال الصالحة.
والحمد لله رب العالمين

ابو عبد اللطيف
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 41
تاريخ التسجيل : 22/07/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صل رحمك في رمضان Empty رد: صل رحمك في رمضان

مُساهمة  جعبة الأسهم الثلاثاء أغسطس 06, 2013 12:23 am

اخي/ ابو عبداللطيف

بارك الله فيك .. وجزاك الله خيراً

جعبة الأسهم
الفقير إلى عفو ربه

عدد المساهمات : 17019
تاريخ التسجيل : 29/01/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى