ملتقى صائد الرؤى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر (قصص وعبر)

5 مشترك

اذهب الى الأسفل

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر (قصص وعبر) Empty الامر بالمعروف والنهي عن المنكر (قصص وعبر)

مُساهمة  ابو صالح الخميس يناير 30, 2014 1:28 am

مروا بالمعروف، لا تخشوا إلا الله، لا خير فيكم إن لم تقولوا كلمة الحق، ولا خير فيمن لم يسمعها، ولا تظنوا أن الطريق مفروش بالورود لمن أمر ونهى، إنه طريق محمد -صلى الله عليه وسلم- أوذي فيه، ووضع سلا الجذور على ظهره، ووضع الشوك في طريقه، وأُدمي عقباه، وشُجَّ وجهه، وكسرت رباعيته؛ فما ضعف وما استكان، وما هان، وما كان له ذلك، وللدعاة من بعده، قدوة فيه –صلى الله عليه وسلم-.

هاهو[ عبد الله بن علي]- الحاكم العباسي- عم [أبي جعفر المنصور]، يوم دخل لمصر محتلا، دخلها في يوم واحد، فقتل ثمانية وثلاثين ألف مسلم في ست ساعات، قتل هؤلاء كلهم، كان من جبابرة الدنيا، حتى أدخل الخيول في مسجد بني أمية، ثم دخل قصره، وقال: من يعارضني فيما فعلت؟ قالوا: لا يعارضك أحد، قال: أترون أحدًا من الناس يمكن أن ينكر علىَّ، قالوا: لا يمكن أن ينكر عليك أحد إلا – ]الأوزاعي] –عالم الدنيا في ذلك الوقت، الزاهد، المحدث الكبير-، قال: عليَّ بالأوزاعي ، فلما نُوِدي الأوزاعي، علم أن الموت ينتظره، وأن الله أراد أن يبتليه؛ إما أن ينجح، أو يرسب رسوبًا ما بعده رسوب، علم أن الله أراد أن يمتحنه ليصبر، أولا يصبر، قالوا: للأوزاعى عبد الله بن علي يدعوك لمقابلته اليوم، الدماء تجري لا زالت لم تجف على أرض دمشق. فماذا كان من هذا العالم الزاهد؟ لبس أكفانه بعدما اغتسل، ثم لبس ثيابه من على أكفانه، ثم أخذ عصاه، وخرج من بيته، وقال: يا ذا العزة التي لا تُضام، والركن الذي لا يُرام، يا من لا تُهزَم جنوده، ولا يُغلب أولياؤه، اللهم أنت حسبي، ومن كنت حسبه فقد كفيته، ثم دخل، وقبل أن يدخل سمع عبد الله بن علي، فصف وزراءه وأمراءه ميمنة وميسرة، ليُرهب هذا العالم، ثم مد سماطين من الجلود، ثم أمرهم أن يرفعوا السيوف حتى التقت رؤوسها، ثم قال: أدخلوا الأوزاعي، فدخل من بين السيوف، فلما دخل، ووقف عند عبد الله بن علي، غضب هذا الأمير غضبًا حتى انعقد جبينه، قال: أأنت الأوزاعي؟ قال: يقول: الناس أنِّي الأوزاعي، قال: الأوزاعي في هذه اللحظة قال: والله ما رأيته إلا كأنه ذباب أمامي، يوم أن تصورت عرش الرحمن بارزًا يوم القيامة، وكأن المنادي ينادي: فريق في الجنة وفريق في السعير، والله ما دخلت قصره إلا بعت نفسي من الله- عز وجل- قال الأمير: ما ترى في هذه الدماء التي سفكنا؟ قال: حدثني فلان بن فلان عن فلان عن جدِّك عبد الله بن عباس، أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- قال:" لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث؛ الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة"، فغضب حتى أصبح كالحية يتلظى، قال: ورأيت الوزراء يرفعون ثيابهم؛ لئلا يصيبهم دمي إذا قُتلت، قال: وأخذت أرفع عمامتي ليقع السيف على رقبتي مباشرة، قال: فرفع رأسه، فقال: ما ترى في هذه الأموال التي أخذت، وهذه الدور التي اغتصبت؟ قال: قلت: سوف يجردك الله يوم القيامة، ويحاسبك عريانًا كما خلقك؛ فإن كانت حلالا فحساب، وإن كانت حرامًا فعقاب، قال: فتلمظ كالحية، ورأيت الناس يتحفزون لئلا يقع دمي عليهم. قال: وكنت أقول في نفسي: حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم. قال: فما كان منه إلا أن قال: اخرج.قال فخرجت فما زادني ربي إلا عزة وكرامة. لما مات هذا الإمام، أتى عبد الله بن علي ذلك الجبار إلى قبره، وقال: والله إني كنت أخافك أخوف أهل الأرض، والله إني كنت إذا رأيتك رأيت الأسد بارزًا، لم خافه؟ لأنه صدق مع الله، واعتصم بحبل الله، وخاف الله فخوف الله منه كل شيء.

و هاهو [الأسود العنسي]- طاغية اليمن- الكافر، الساحر، القبيح الظالم، يجتمع حوله اللصوص، وقطاع الطرق؛ ليكونوا فرقة للصد عن سبيل الله، ليذبحوا الدعاة إلى الله، ذبح من المسلمين من ذبح، وحرق من حرق، وطرد من طرد، وفر الناس بدينهم، أخذ يهتك الأعراض، ويعذب الدعاة، ومن بين هؤلاء الدعاة المخلصين [أبو مسلم الخولاني]- عليه رحمة الله ورضوانه- عذبه فثبت كثبات سحرة فرعون، حاول أن يثنيه عن دينه، وعن دعوته، وأمره ونهيه، فقال: كلا والذي فطرني لن أقف، فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا، جمع الأسود الناس، وقال: أتعتقدون في داعيتكم أنه على حق؟ إن كان على حق، فسينجيه الحق، وإن كان على باطل فسترون، ثم أمر بالنار فأضرمت نار هائلة، تمر الطيور من فوقها فتسقط لعِظَمِ ألسنة لهب هذه النار، ثم ربط يديْ أبي مسلم ورجليه بالقيد، ووضعوه في مقلاع، ثم نسفوه بالمقلاع ليهوي في خضم لهيب النار، ولظاها، وجمرها، وهو يقول: حسبي الله ونعم الوكيل، كاد الموحدون أن تنخلع قلوبهم، وقف الناس ينظرون، وبدأت النار تخبو وتضعف، وإذ بأبي مسلم يخرج من طرفيها الأخر ماشيًا على قدميه، قد فكت النار وثاقه، عليه ثيابه لم تحترق، يدوس بقدميه الحافيتين الجمر، ويتبسم وينظر إلى الناس، ذهل الطاغية، وخاف أن يسلم من لم يسلم، فهددهم، وتوعدهم، ليصدهم عن سبيل الله، أما أبو مسلم فخرج من النار، وواصل مشيَه فارًا بدينه، والمؤمنون يتبعونه، حتى وصل إلى المدينة –في عهد أبي بكر، رضي الله عنه وأرضاه- دخل المسجد، وصلى ركعتين، وسمع به عمر –رضي الله عنه-، فجاء يَجِدُّ السير إليه، فلما رآه قال: أأنت أبو مسلم؟ قال: نعم، قال: أأنت الذي قذفت في النار، وخرجت منها سليمًا؟ قال: نعم، فاعتنقه عمر يبكي، ويقول: الحمد لله الذي جعل في أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- مثل إبراهيم الخليل -عليه السلام- ألا فادعوا الله أيها المسلمون، ومروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، واعتصموا بحبل الله، فوالله لو كادتكم السماوات والأرض ليجعلن الله لكم منها فرجًا ومخرجًا.


فاشدد يديْك بحبلِ الِله معتصمًا *** فإنه الركنُ إن خانتك أركانُ

و هاهو أحد الصالحين، ذكر أهل السير أنه دخل على [ابن مقلة]، وزير المجرم العباسي، سفك الدماء، ونهب الأموال، فاعترض عليه هذا الرجل الصالح، وأمره بالمعروف، ونهاه عن المنكر؛ فما كان منه إلا أن جلده عشر جلدات، فقال: أتجلدني يوم آمرك وأنهاك؟ أسأل الله أن يقطع يدك ولسانك. ويستجيب الله دعاء المخلصين الصادقين، ما مر عليه ستة أشهر حتى أُخِذت أمواله، وقطعت يده، وقطع لسانه، وأخذ يبكي، ويكتب على الحيطان:

ليس بعد الحياةِ لذةُ عيشٍ *** يا حياتي بانت يميني فبِيني
يبكي ويكتب على الحيطان:

إذا ما مات بعضك فابكِ بعضًا *** فإن البعضَ من بعضٍ قريبُ

الشيخ علي القرني
ابو صالح
ابو صالح
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 1757
تاريخ التسجيل : 29/04/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر (قصص وعبر) Empty رد: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر (قصص وعبر)

مُساهمة  ابو صالح الجمعة يناير 31, 2014 2:37 pm

قصة ابن تيمية مع ملك التتار
أما ابن تيمية أيها الأخوة فله قصص طويلة جدا، مواقف عظيمة ارجعوا إلى من كتب عن شيخ الإسلام مع التتار، مع المغول، مع حكام مصر، مع العامة لعلني أقتصر على قضية واحدة من هذه القضايا أيها الأخوة وهي قصته مع قازان ملك التتار، لما جاء عندما ذهب جيش قازان التتاري من إيران نحو حلب والتقى جيش قازان بجيش الناصر، وبعد معركة عنيفة هزم جيش الناصر وانهزم الجند وأمراؤهم، ونزح أعيان دمشق إلى مصر يتبعون سير الناصر حتى خلت دمشق من حاكم أو أمير، لكن شيخ الإسلام بقي صامدا مع عامة الناس واجتمع مع كبارهم، واتفق معهم على تولي الأمور في الشام، وأن يذهب هو بنفسه على رأس وفد من الشام؛ لمقابلة غازان، فقابله في الجيش فلما قابله اسمعوا ماذا قال شيخ الإسلام.
جيش تتري الآن منتصر على المسلمين، جيش التتار جيش قازان الآن انتصر على المسلمين، ومع ذلك يأتي ابن تيمية ويقف هذا الموقف الشجاع غير هياب ولا أياب، الملك الناصر ينهزم مسافرا إلى مصر؛ هربا من التتار، وابن تيمية يقف هذا الموقف البطولي واستمعوا إليه، ذهب هو وتلاميذه إلى هذا الملك وقال له: أنت تزعم أنك مسلم ومعك قاض وإمام وشيخ ومؤذن ما بلغنا ولماذا غزوت بلادنا؟ فقال له: وأبوك وجدك كانا كافرين وما غزوا بلاد المسلمين. يقول له الإمام ابن تيمية: إنك غزوتنا وأنت تدعي الإسلام وأبوك وجدك كفار، ولم يغزوا بلادنا؛ لأن هناك معاهدة بيننا وبينهم، ثم قال: إن أباك قد عاهد فوفى، وأنت عاهدت فغدرت، وقلت فما وفيت، وجرت لابن تيمية مع غازان أمور قام بها ابن تيمية كلها، وقال الحق ولم يخش في الله لومة لائم، ثم قام غازان وقرب طعام الغذاء وقال لابن تيمية: تفضل. فقال: لا آكل من طعامكم لماذا؟ لأنه من سبايا المسلمين، وطبختموه بأشجار بلاد المسلمين، فرفض أن يأكل شيخ الإسلام ابن تيمية، ثم بدأ يتكلم معه كلاما شديدا، بدأ أصحابه يرتجفون منه، ما الذي حدث أيها الأخوة؟ لما تكلم بشدة قال بعض طلابه: والله لقد رفعنا ثيابنا خوفا أن يصيبنا دم شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأنه لا شك عندنا أنه سيقتل، فما الذي حدث؟
خذله قازان وأمنه وأعطاه أمانا لدمشق وقال له: اذهب على بركة الله ولا تنسنا من صالح دعائك، هذا الملك الظالم يقول لشيخ الإسلام بعد أن وقف معه هذه البطولة: لا تنسنا من صالح دعائك، فمضى، قال تلاميذه أو بعض تلاميذه: لو أننا ذهبنا معه أكيد أن ملك التتار أراد أن يوقعه في الفخ، أراد أن يعتذر له أمام الناس، ولكنه سيفعل به الأفاعيل بعد أن ينطلق، فاعتذروا من شيخ الإسلام ابن تيمية -انظروا القصة- وذهبوا وحدهم، وشيخ الإسلام ذهب مع بعض تلاميذه وحده لماذا ذهب بعض تلاميذه أو بعض الناس -عفوا ليسوا تلاميذه بعض الناس الذين ذهبوا معه- أبوا أن يرجعوا مع شيخ الإسلام إلى دمشق؟ لأنهم قالوا: لا نشك أن ملك التتار سيرسل فرقة تسحق شيخ الإسلام ومن معه؛ لأنه وقف موقفا عظيما، وسبحان الله يذهب شيخ الإسلام إلى دمشق، ويذهب هؤلاء إلى دمشق مع فريق آخر وقبل وصوله إلى دمشق يلحقه رسل السلطان بالهدايا الثمينة جدا؛ ليوزعها على المسلمين، ويأتي القوم الذين ذهبوا وحدهم، وقد اعترضت لهم قافلة من اللصوص وسرقت ثيابهم ودخلوا دمشق وهم عراة. سبحان الله ! !
شيخ الإسلام مع هذا الموقف البطولي ويذهب ويتخلى عنه بعض الناس يدخل ومعه الهدايا يرسلها ملك التتار؛ ليوزعها على المسلمين لا يريدها لنفسه شيخ الإسلام، والذين تركوه اعترضتهم قافلة من اللصوص، وسرقوا حتى ثيابهم عراة دخلوا أيها الإخوة. هذه هي مواقف العلماء، هي هذه مواقف الأبطال، هذه المواقف الشجاعة والقضايا كثيرة، والأمثلة أكثر، والعلماء ليست قضاياهم مع السلاطين فقط، حتى مع عامة المسلمين.


منقول
ابو صالح
ابو صالح
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 1757
تاريخ التسجيل : 29/04/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر (قصص وعبر) Empty رد: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر (قصص وعبر)

مُساهمة  الازدي333 الجمعة يناير 31, 2014 4:59 pm

أخي / ابوصالح
جزاك الله خيرا ونفع بك
هذه والله الشجاعة وقول الحق قوم اذا ابتلوا صبروا وثبتوا لاتغير أقوالهم المواقف ولا يخشون في الله لومة لائم وإن ماتوا وهم ينكرون على السلطان وأمامه فهم خير الشهداء قوم لايهيبهم السلطان فيجاملوه ومن خلفه يلمزوه عزوا دين الله فأعزهم الله واتبعوا السنة وعرفوا مالهم وما عليهم فأخرجهما الله من بين الظالمين سالمين وغانمين
الازدي333
الازدي333
موقوووووووف

عدد المساهمات : 2313
تاريخ التسجيل : 17/11/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر (قصص وعبر) Empty رد: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر (قصص وعبر)

مُساهمة  yahya3 الجمعة يناير 31, 2014 8:51 pm

واصل يااخينا ابو صالح
yahya3
yahya3
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 1450
تاريخ التسجيل : 31/01/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر (قصص وعبر) Empty رد: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر (قصص وعبر)

مُساهمة  الهمداني الجمعة يناير 31, 2014 9:50 pm

العالم يعرف ان الموت والحياة بيد الله سبحانة وتعالى .. فلا يهمه طاغية او جبار او مجرم .. بالعكس كان ابن تيمية يريد ان يقتل ويكون شهيد .. مع ذلك ما تحقق حلمة في هذا الموقف تحقق في مكان اخر
الهمداني
الهمداني
عضوية ملغية "ايقاف نهائي"

عدد المساهمات : 3554
تاريخ التسجيل : 30/04/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر (قصص وعبر) Empty رد: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر (قصص وعبر)

مُساهمة  ابو صالح السبت فبراير 01, 2014 2:40 pm

اللهم أمين وجزاكم الله خيرا

أنبأنا أحمد بن سلامة ، عن أبي المكارم التيمي ، أخبرنا الحداد ، أخبرنا أبو نعيم ، حدثنا الطبراني ، حدثنا محمد بن زكريا الغلابي ، حدثنا أبو عمر الجرمي النحوي ، حدثنا الفضل بن الربيع ، قال : حج أمير المؤمنين - يعني هارون - فقال لي : ويحك ، قد حك في نفسي شيء ، فانظر لي رجلا أسأله . فقلت : هاهنا سفيان بن عيينة ، فقال : امض بنا إليه ، فأتيناه ، فقرعت بابه ، فقال : من ذا ؟ فقلت : أجب أمير المؤمنين ، فخرج مسرعا ، فقال : يا أمير المؤمنين ، لو أرسلت إلي أتيتك . فقال : خذ لما جئتك له ، فحدثه ساعة ، ثم قال له : عليك دين . قال : نعم . فقال لي : اقض دينه ، فلما [ خرجنا ] قال : ما أغنى عني صاحبك شيئا . قلت : هاهنا عبد الرزاق . قال : امض بنا إليه ، - ص 429 - فأتيناه ، فقرعت الباب فخرج ، وحادثه ساعة ، ثم قال : عليك دين؟ قال : نعم . قال : أبا عباس ، اقض دينه . فلما خرجنا قال : ما أغنى عني صاحبك شيئا ، انظر لي رجلا أسأله ، قلت : هاهنا الفضيل بن عياض ، قال : امض بنا إليه ، فأتيناه ، فإذا هو قائم يصلي ، يتلو آية يرددها ، فقال : اقرع الباب ، فقرعت ، فقال : من هذا ؟ قلت : أجب أمير المؤمنين . قال : مالي ولأمير المؤمنين ؟ قلت : سبحان الله ! أما عليك طاعة ، فنزل ففتح الباب ، ثم ارتقى إلى الغرفة ، فأطفأ السراج ثم التجأ إلى زاوية ، فدخلنا ، فجعلنا نجول عليه بأيدينا فسبقت كف هارون قبلي إليه ، فقال : يا لها من كف ما ألينها إن نجت غدا من عذاب الله ، فقلت في نفسي : ليكلمنه الليلة بكلام نقي من قلب تقي ، فقال له : خذ لما جئناك له - رحمك الله - فقال : إن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة دعا سالم بن عبد الله ، ومحمد بن كعب ، ورجاء بن حيوة ، فقال لهم : إني قد ابتليت بهذا البلاء ، فأشيروا علي . فعد الخلافة بلاء ، وعددتها أنت وأصحابك نعمة . فقال له سالم : إن أردت النجاة ، فصم الدنيا وليكن إفطارك منها الموت . وقال له ابن كعب : إن أردت النجاة من عذاب الله ، فليكن كبير المسلمين عندك أبا ، وأوسطهم أخا ، وأصغرهم ولدا ، فوقر أباك ، وأكرم أخاك ، وتحنن على ولدك .
وقال له رجاء : إن أردت النجاة من عذاب الله ، فأحب للمسلمين ما تحب لنفسك ، واكره لهم ما تكره لنفسك ، ثم مت إذا شئت ، وإني أقول لك هذا ، وإني أخاف عليك أشد الخوف يوما تزل فيه الأقدام ، فهل معك - رحمك الله  يشير عليك بمثل هذا . فبكى بكاء شديدا حتى غشي عليه . فقلت له : ارفق بأمير المؤمنين ، فقال : يا ابن أم الربيع تقتله أنت وأصحابك ، وأرفق به أنا ؟ ثم أفاق ، فقال له : زدني - رحمك الله - قلت : بلغني أن عاملا لعمر بن عبد العزيز شكي إليه ، فكتب إليه : يا أخي أذكرك طول سهر أهل النار في النار مع خلود الأبد ، وإياك أن ينصرف بك من عند الله ، فيكون آخر العهد وانقطاع الرجاء ، فلما قرأ الكتاب طوى البلاد حتى قدم عليه ، فقال : ما أقدمك ؟ قال : خلعت قلبي بكتابك ، لا أعود إلى ولاية حتى ألقى الله ، فبكى هارون بكاء شديدا فقال : يا أمير المؤمنين ، إن العباس عم النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء إليه فقال : أمرني ، فقال له :  إن الإمارة حسرة وندامة يوم القيامة ، فإن استطعت أن لا تكون أميرا فافعل  . فبكى هارون ، وقال : زدني . قال : يا حسن الوجه أنت الذي يسألك الله عن هذا الخلق يوم القيامة ، فإن استطعت أن تقي هذا الوجه من النار ، فافعل ، وإياك أن تصبح وتمسي وفي قلبك غش لأحد من رعيتك ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :  من أصبح لهم غاشا لم يرح رائحة الجنة  . فبكى هارون وقال له   عليك دين ؟ قال : نعم ، دين لربي ، لم يحاسبني عليه . فالويل لي إن ساءلني ، والويل لي إن ناقشني ، والويل لي إن لم ألهم حجتي . قال : إنما أعني من دين العباد . قال : إن ربي لم يأمرني بهذا ، أمرني أن أصدق وعده ، وأطيع أمره ، فقال - عز وجل - : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون  الآيات . فقال : هذه ألف دينار خذها ، فأنفقها على عيالك ، وتقو بها على عبادة ربك ، فقال : سبحان الله ! أنا أدلك على طريق النجاة ، وأنت تكافئني بمثل هذا . سلمك الله ، ووفقك . ثم صمت ، فلم يكلمنا ، فخرجنا ، فقال هارون : أبا عباس ، إذا دللتني ، فدلني على مثل هذا ، هذا سيد المسلمين . فدخلت عليه امرأة من نسائه فقالت : قد ترى ما نحن فيه من الضيق ، فلو قبلت هذا المال . قال : إنما مثلي ومثلكم كمثل قوم لهم بعير يأكلون من كسبه ، فلما كبر نحروه ، فأكلوا لحمه ، فلما سمع هارون هذا الكلام قال : ندخل فعسى أن يقبل المال ، فلما علم الفضيل ، خرج فجلس في السطح على باب الغرفة ، فجاء هارون ، فجلس إلى جنبه ، فجعل يكلمه فلا يجيبه ، فبينا نحن كذلك إذ خرجت جارية سوداء ، فقالت : يا هذا ، قد آذيت الشيخ منذ الليلة ، فانصرف فانصرفنا . حكاية عجيبة ، والغلابي غير ثقة ، وقد رواها غيره .
ابو صالح
ابو صالح
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 1757
تاريخ التسجيل : 29/04/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر (قصص وعبر) Empty رد: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر (قصص وعبر)

مُساهمة  yahya3 السبت فبراير 01, 2014 10:06 pm

مااحلى عيش الاتقياء
yahya3
yahya3
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 1450
تاريخ التسجيل : 31/01/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر (قصص وعبر) Empty رد: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر (قصص وعبر)

مُساهمة  جعبة الأسهم الأربعاء فبراير 05, 2014 12:26 pm

بارك الله فيكم .. وجزاكم الله خيرا

جعبة الأسهم
الفقير إلى عفو ربه

عدد المساهمات : 17019
تاريخ التسجيل : 29/01/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى