ملتقى صائد الرؤى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

+5
ابن صادق الوعد
ابو بكر العطار
جعبة الأسهم
قادمون ياأقصى
عاشقة السماء
9 مشترك

اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  عاشقة السماء الإثنين يوليو 07, 2014 5:12 am

بسم الله الرحمن الرحيم

تأملات في الواقع (18)


في الصين بقعة كبيرة فيها أكثر من عشرين مليون مسلم تسمى "سيانج يانج" أو "تركستان الشرقية" ، دخلها الإسلام مع الفتوحات الأولى ، كل يوم يُقتل فيها المسلمون من قِبل البوذيين الصينيين الذين يأمرهم دينهم بعدم الإعتداء على الكائنات الحيّة وتركها تعيش في دعة وسكون آمنة في محيطها الطبيعي ، ولكن الصينيون اكتشفوا أن المسلمين ليسوا كائنات حية ، فالله تعالى يقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ...} (الأنفال : 24) جاء في تفسير ابن كثير : "عن عروة بن الزبير {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} أي للحرب التي أعزكم الله تعالى بها بعد الذل ، وقواكم بها بعد الضعف ، ومنعكم من عدوكم بعد القهر منهم لكم" . (انتهى) ..هل قرأ الصينيون تفسير ابن كثير فعلموا أن هذه الأمة ميتة !!


في بورما يُقتَل المسلمون وتُهتك أعراضهم كل يوم بالعشرات وبالمئات من قِبل الرهبان البوذيين !! الرهبان الذين تركوا حياة المتعة وانغمسوا في حياة التبتّل والزهد فحلقوا رؤوسهم ولبسوا الإحرام البرتقالي : آية تطليقهم الدنيا وزخرفها وكل ما فيها ، إلا قتل المسلمين ، فهو عندهم من أعمال الآخرة .. المسلمون في بورما كانت لهم امبراطورية مجاهدة قوية فاتحة ، ولكن "إذا ضن الناس بالدينار والدرهم ، وتبايعوا بالعينة ، وتبعوا أذناب البقر ، وتركوا الجهاد في سبيل الله : أدخل الله تعالى عليهم ذلاً لا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم" (صححه الألباني) ..


تُغتصب الفتيات المسلمات العفيفات في كشمير المسلمة ، ويُقتَل الرجال من قِبل الهندوس الذين يمشي الواحد منهم وعينه على الأرض خوفاً أن يدوس نملة فيسلب حياتها .. كل مخلوق له قيمة في الديانة الهندوسة التي لا يأكل أهلها الكائنات الحيوانية الحية لأنها لا تستحق الموت بسبب شهوة الإنسان !! المسلمون في الهند أكثر من مائتي مليون ولكنهم "غثاء كغثاء السيل" نزع الله من صدور عدوّهم المهابة منهم وقذف في قلوبهم الوهن : "حب الدنيا وكراهية الموت" .(أبو داود وصححه الألباني) ..

أراد السوفييت الوصول إلى المياه الدافئة في الخليج وإلى منابع النفط فبدؤوا بغزو أفغانستان التي قاوم أهلها ورفعوا راية الجهاد فأحياهم الله بها ورزقهم العزّة بعد ذل ، وهزموا الروس بعد أن استطابوا الموت وبذلوا أكثر من مليون ونصف المليون قتيل ، ثم أتى الإعلام وألقى بعصيّه وحباله وخيّل للناس أن أمريكا هي التي انتصرت لأنها لم تُرسل جندياً واحداً إلى أفغانستان ، ولم ترسل قطعة سلاح إلا بعد أن هُزم السوفييت !! الله لم يأمر الأفغان بالجهاد ، ولكن أمريكا هي التي سمحت لهم بالجهاد .. الله لم يمدّ الأفغان بنصرٍ من عنده ، بل أمريكا هي التي أمدّتهم بالسلاح .. هذا هو الصراع بين قوّة الله وعظمته وجبروته وقدرته وبين أمريكا في عقول بعض المسلمين ، ولن ينتصر المسلمون إلا بعد أن يغلب الله تعالى أمريكا والغرب في عقولهم المشركة المهزومة ..نعم ، من ظن أن أمريكا هي التي تنصر وهي التي تهزم فهو مشرك بالله ..

أدركت أمريكا في خضم حربها على الإسلام أن الامر الأخطر عليها هو اعتقاد المسلمين امكانية الإنتصار في أي معركة ، فكل معركة يخوضها المسلمون وينتصرون فيها لا بد من صرف الإنتصار إلى جهة أخرى : فالمجاهدون في أفغانستان انتصروا بأمريكا ، وطالبان انتصرت بباكستان وأمريكا ، والصومال انتصروا بالحركات الوطنية ، والعراق انتصروا بالعشائر الوطنية والبعثية ، والشيشان انتصروا بالقومية الشيشانية ، وتركيا تقدّمت بالعلمانية ، وأسامة والظواهري وخطّاب والزرقاوي عملاء للأمريكان ، والبغدادي عميل لبشار وإيران والمالكي والصهيونية العالمية والأمريكان والوهابية ، و"قاعدة الجهاد" عميلة لإيران ، و"حماس" عميلة لإيران ، فكل قوّة أو شخصية إسلامية تنجح في عمل أي شيء لصالح الأمة الإسلامية لا بد أن تكون عميلة لجهة ما ، فيتيقّن المسلمون بأنهم لا يستطيعون فعل أي شيء لصالح الإسلام ، إلا أن يرضى الغرب .. حاول الإعلام بدايةً إقناع الناس بأن "الربيع العربي" هو صناعة أمريكية لتقسيم البلاد الإسلامية وتمزيقها وإضعافها ، فلما لم ينجح : قامت أمريكا وعملاءها بثورات مضادة لإعادة الوضع كما كان أو أسوأ لتُقنع الشعوب المسلمة بأن الثورة من أجل الحرية مصيرها الفشل والوقوع في مصائب أعظم .. إنه صناعة اليأس ، والأمة اليائسة ميّته ، بل ضالّة كافرة {قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ} (الحجر : 56) ، {إِنَّهُ لاَ يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (يوسف : 87) ..


أمريكا التي وعدت الشعب الأفغاني ببناء المدارس والمستشفيات والمعاهد والطرق بعد دحر طالبان : وفّت بوعدها وبنت السجون لتحبس كل من يعارضها في بناء أفغانستان جديدة لا تمتّ لطالبان المتخلّفة بصلة ، واغتصبت آلاف النساء الأفغان في هذه السجون ، النساء اللاتي أتت أمريكا لتحريرهن من سطوة طالبان التي لا تريد الحريّة للمرأة الأفغانية ، تلك الحريّة التي تريد أمريكا نشرها في البلاد العربية ، والتي رأيناها في السجون المصرية والعراقية .. أمريكا التي دمّرت العراق بحجّة امتلاك صدّام لأسحلة الدمار الشامل ، لم يسأل الناس لماذا قُتل أكثر من مليون ونصف المليون عراقي ، ولكن الناس تسأل : هل وجدت أمريكا السلاح المزعوم !! هذا هو السؤال المنطقي !!ها هي أمريكا اليوم أتت إلى العراق لتقاتل "الدولة الإسلامية" من أجل حريّة الشعوب العربية ..


الطائرات الأمريكية بدون طيار تقصف المسلمين في باكستان بدون علم الحكومات الباكستانية المتعاقبة التي تحتج على الحكومة الأمريكية لعبور طائراتها مسافات شاسعة من بلادها لقتل "مواطنيها" في سوات .. باكستان التي صنعت القنبلة الذرية والتي هي في حالة استنفار دائمة لعداوتها مع جارتها الهند : ينام جنودها وتنام راداراتها إذا مرّت الطائرات الأمريكية فوق أجوائها ، وذلك أن النوم عبادة .. أما في اليمن : فخبراء الرادارات اليمنيون يمضغون أجود أنواع القات في كل الأوقات ، فلا يرون الطائرات ..


لا يمرّ يومٌ إلا ويُقتل في إيران العشرات من أهل السنة أو العرب الرافضة في الأهواز وغيرها ، فيعلَّقون على المشانق ، ويرمون بالرصاص لا لشيء إلا لأن إيران ترى النقص العددي للجنس الفارسي أمر مُقلق ، فلا بد من التوازن ، ولا بد من خفض عدد العرب وغيرهم ليكون الجنس الفارسي هو الأكثر ، فالأمر ليس شعوبي أو مذهبي ، إنما هو إعادة ترتيب الصف الداخلي بما يتماشى مع التخطيط الإستراتيجي القومي ، والعالم كله يُدرك حقيقة الخطّة الإيرانية الوطنية ، فهذا شأن داخلي لا يعني العرب ولا أهل السنّة ، وحينما يهدد وزراء إيرانيون حكومة آل سعود من مغبّة اعدام "مواطن" سعودي رافضي ثبتت عليه تهمة "الخيانة العظمى" : فهذا شأن داخلي إيراني ، أقصد "سعودي" ، لا دخل "للسعودية" فيه ، أقصد إيران ..

ضغَط العالم كلّه على أندونيسيا للسماح لتيمور الشرقية بحق تقرير المصير ، فكل شعب له هذا الحق ، واجتمع العالم كلّه على السودان لإجباره على السماح للجنوب بحق تقرير المصير في استفتاء شعبي ، واجتمع العالم كله لدعم اليهود في فلسطين المُحتلّة وعدم السماح للشعب الفلسطيني بحق تقرير المصير ، فهنا : "ما بيصير" ..

العرب خدعوا أساتذتهم الغربيين لما قالوا بأنهم فهموا الديمقراطية : فأوهموا الغرب بفوز جبهة الإنقاذ الجزائرية في الإنتخابات "الديمقراطية" ، وفوز حماس بغزّة في الإنتخابات "الديمقراطية" ، وفوز الإخوان بمصر في الإنتخابات "الديمقراطية" !! استشاط الأستاذ الغربي غضباً لمكر وغش العرب ، فأمرت فرنسا جنرالاتها في الجزائر بتأديب "جبهة الإنقاذ" حتى تتعلّم معنى الديمقراطية ، ثم كان التأديب لحماس عن طريق دحلان بعد أن سحبوا الإعتراف بها كحكومة لأنها كذبت في امتحان الديمقراطية ، واجتمع العالم أجمع على الإخوان في مصر ليلقنوهم درساً في معنى الديمقراطية .. الديمقراطية الحقيقية تعني فوز "حسني مبارك" في الإنتخابات بنسبة (99%) ، والسيسي بنسبة (97%) ، وأن يفوز مرشّح الجنرالات الفرنسيين في الجزائر ، وأن تفوز "فتح" في فلسطين ، هذه هي الديمقراطية التي جهلها المُخادعون العرب ..

عندما خدعت جبهة الإنقاذ الجميع وأعلنت فوزها في الإنتخابات الديمقراطية المزيّفة : أعلن الرئيس الفرنسي بأن جيشه سيتدخّل في الجزائر إذا حكمت جبهة الإنقاذ الإسلامية ، ولما تحرّك المجاهدون في مالي وفتحوا أكثرها تحرّك الجيش الفرنسي لصدّهم ، وعندما قام الأفارقة بذبح المسلمين في أفريقيا الوسطى ذهب الجيش الفرنسي لمساعدتهم ، العامل المشترك بين هذه الدول أنها "كانت" تحت الإحتلال الفرنسي ، ولكنها "استقلّت" عن الإحتلال الفرنسي ، والأمر مختبئ بين "كانت" و"استقلّت" ، في هذه الدول وبقيّة الدول العربية والأفريقية .. "استقلّت" مثل "استعمرت" ، فاستعمرت بمعنى "احتلّت" و"اسْتَحْمَرت" ، وكذا "استقلّت" ..

الشعب المصري خَدع العالم بثورة "25 يناير" المزعومة ، وأراد أن يخدع "الدولة العميقة" في مصر التي استرجعت أنفاسها وكشفت حقيقة الثورة الزائفة وأقامت ثورة حقيقية في "30 يونيو" ، ثورة تقوم على القيم الحقيقية للشعب المصري الليبرالي فطرة ، والقبطيّ أصلاً ، والفرعونيّ نسبا .. الثورة الحقيقية هي التي تحترم القيم الإنسانية للشعب الحقيقي في مصر وليس الشعب المزيّف : الشعب الذي أمّه المثالية "راقصة" ، وأبوه "راعي الكنيسة" ، كفيله "ملك الجزيرة" ، وولي نعمته "سويرس" ، وقائده "ابن اليهودية" .. الشعب الذي يَقتل خمسة آلاف من الشعب المزيّف قنصاً ثم يحكم بالإعدام على من اعترض على هذه العملية التدريبية لقناصة يهود وأجانب حلوا ضيوفاً على الجيش المصري العظيم في رابعة !! الشعب الذي يقول للشعب المزيّف بأن زيادة أسعار البنزين والسلع هي لصالح الفقراء ، كما أن هتك عرض الفتاة من الشعب المزيّف - في السجون وفي المدرعات - هو لصيانة كرامتها !! الشعب الذي هو نور عين رئيسه ، وليس الشعب الذي يدفع الضرائب من كيسه .. الشعب الذي سيبيع نصف سيناء لليهود ، وليس الشعب الذي يريد الحفاظ على الحدود .. الشعب الذين يبوس البيادة ، وليس الشعب الذي يُداس ويُداس وزياده ..

أمريكا لمّا عرفت العداء المستحكم بين السنّة و"الرافضة" أرادت أن تستثمر هذا العداء بتقوية الرافضة في العالم الإسلامي وجعلهم نداً للسنة ، حتى إذا حصلت حرباً بينهما تكون متكافئة وطاحنة .. ليس هذا الغريب ، الغريب أنها اتفقت مع حكام الدول العربية على تقوية الرافضة !! ...... ، ومصر "السيسي" تستقبل دعاة الرافضة وتنشرهم في أماكن الصوفية لدعوتهم ، وشرق الجزيرة مفتوح على مصراعيه للرافضة يشترون الأراضي ويشاركون في الحكومات ويقيمون الثورات ، وعملت أمريكا على تمكين الرافضة في العراق وسوريا ، وهناك محاولات في الأردن وفلسطين ، وللرافضة امتداد في لبنان وباكستان وأفغانستان والهند ودول وسط آسيا وشرقها ، وللرافضة دعاة في المغرب ووسط أفريقيا وجنوبها وفي أوروبا وأمريكا ، كل هؤلاء تدعمهم إيران بمباركة أمريكا ودعم من بعض الدول العربية !! في الوقت نفسه : تمنع أمريكا المنظمات الإسلامية من دعم المؤسسات السنّيّة الدعوية بدعوى "الإرهاب" حتى يحصل التوازن المطلوب ، ثم تُطلق الرافضة على السنة لتحصل الملحمة التي سيدفع ثمنها حكام الدول العربية بعد شعوبها ..

أمريكا تسمح لطائرات بشار وإيران بالتحليق فوق سماء العراق ، وتستقبل خبراء روس في بغداد رغم المشاكل الكبيرة بينها وبين وروسيا ، وتُرغم الخليج على التعاون مع إيران ودعم المالكي لضرب الدولة من الجهة الشرقية ، وتضغط على الأكراد لقتال "الدولة الإسلامية" من الجهة الشمالية ، وترسل مئات الآلاف من قطع السلاح والملايين من صناديق الذخيرة للمالكي ليقاتل الدولة من الجهة الجنوبية ، وتدعم المرتزقة في سوريا لمحاربة الدولة من الجهة الغربية ، وجاءت هي بطائراتها لتقصف مواقع الدولة من السماء ، كل هذا والدولة لازالت عميلة لأمريكا وإيران وبشار والمالكي والصهيونية والسعودية !!

الدولة هي العميلة ، والذين يُعلنون في وسائل الإعلام أنهم سيقاتلون مع جيش بشار ضد الدولة هم الثوار الحقيقيون !! أليس هناك فرق بين من يتسوّل السلاح من الصليبيين لقتال المسلمين ، وبين من يغنم السلاح الصليبي من الرافضة لقتال الرافضة والصليبيين وأعوانهم !! أليس الأولى بهؤلاء "الثوار" أن يتجهوا غرباً لقتال النصيرية بعد أن انسحب الرافضة العراقيون إلى العراق ، بدل الإتجاه شرقاً لقتال الدولة !! أليست هذه أفضل فرصة "للثوار" للإنقضاض على النصيرية في الغرب السوري !! لماذا الإستماتة في قتال الدولة في هذه الظروف !! لماذا هذا الصريخ وهذا العويل في مثل هذا الوقت بالذات !! لماذا يُعلن بعض قادة "الثوار" بأن قتال الدولة أهم من قتال النصيرية !! لماذا يُفتي البعض بوجوب الفطر في نهار رمضان لقتال الدولة !! أليس في هذه "الفتوى" ثلاثة كبائر : الدعوة لقتال المسلمين ، والفطر في نهار رمضان ، والكذب على الدين .. أين طلبة العلم في سوريا من هذه الفتوى !! أوغلوا في الغرب حتى تصلوا الساحل وقاتلوا النصيرية هناك ، لماذا تختارون لجنودكم الثغر الشرقي الأقوى واللامنطقي والذي عليه علامات استفهام كثيرة ، وتتركون الثغر الغربي المنطقي الأسهل الذي لا غبار عليه !!

البغدادي الذي فتح نصف العراق وثلث الشام وهو غائب عن الأنظار ، وجيوشه على مشارف بغداد الخلافة يطوقها من جميع الجهات ، ووصل إلى حدود جزيرة العرب الشمالية ، وقطع على الأمريكان مورد النفط العراقي الذي يحتاجونه كالدم في عروق اقتصادهم المنهار ، ظهر وخطب وأعلن الخلافة ، وحض الأمة على الجهاد ، وتحدى العالم ، وارتعدت فرائص الشرق والغرب ، واهتزّت الحكومات ، وجُمعت له الجيوش ، وسيق لبغداد الخبراء من كل حدب وصوب ، وطارت بخطبته الصحف والفضائيات في أقطار الأرض تحلل وتتدارس نبرات صوته ونظراته وسكونه وحركاته محذّرة من الخليفة المسلم الذي سيفتح الدنيا ويعيد الحكم الإسلامي ، وتحاول المؤسسات العلمية والعسكرية مستميتة معرفة خطوته التالية .. كل هذا والبعض عندنا يتسائل : ما نوع الساعة التي يلبسها ، ولماذا يلبس البغدادي السواد !! سوّد الله وجوهكم ، فضحتونا أمام العالم ..

ابتغوا الحريّة بالديمقراطية ، وأقيموا الخلافة بلا جماعات جهادية ، وابتغوا العزّة بالسلمية ، وأقيموا شرع الله بالدولة المدنية ، وخلّصوا الحرائر من السجون بالخطب المنبرية ، وحافظوا على أعراضكم بالوسطية ، وقابلوا بطش عدوّكم بالكلام ، وتبرؤوا من العنف والقتل والإرهاب بانتظام ، واركضوا خلف الغرب في مؤتمرات السلام ، وحرروا فلسطين بأسراب الحمام ، وإذا رأيتم العنقاء تحلّق في السماء : فأقرؤوها مني السلام ..



والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم ..


كتبه
حسين بن محمود
8 رمضان 1435هـ

عاشقة السماء
عاشقة السماء
إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ

عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  عاشقة السماء الإثنين يوليو 07, 2014 5:17 am



بسم الله الرحمن الرحيم

الورطة العراقية

خبَت جذوة الجهاد في العالم لبضع سنوات إلا ما كان من مناوشات هنا وهناك بين "قاعدة الجهاد" وبين أمريكا وحلفائها في بعض الجبهات ، وبين طالبان أفغانستان وباكستان وبين الدول الصليبية وعملائها ، وبين مجاهدي القوقاز وبين الروس ، وبين حماس واليهود ، وكاد الناس يهدؤون قليلاً حتى جاء ما يسمى "بالربيع العربي" الذي أشعل جذوته شاب تونسي أحرق نفسه لصفعة شرطيّة غيّرت بصفعتها مجرى التاريخ ..

تسارعت الأحداث بعد "الربيع العربي" : فهرب الطاغية "ابن علي" إلى إخوانه في نجد ، ثم تحرّك الشارع المصري واليمني والسوري والليبي والجزائري : أما الجزائري فهدأ بعد أيام ، وأما الليبيون فحملوا السلاح وخاضوا حرباً ضروساً ضد ابن اليهودية القذافي ، وأما اليمن فوقعت في فخ الحل السلمي وتبخّر ربيعهم ، وأما السوريون فحملوا السلاح ولا زالوا يقاتلون ، ولنا مع مصر وقفة ..

هذا "الربيع العربي" أخذ العالم كله على حين غرّه ، فالتحرّك كان عفوياً لدرجة أن الجماعات السياسية لم تلتحق به إلا متأخرة ، فالشعوب هي التي تحرّكت ، ثم تحرّكت الفصائل والأحزاب التي نظّمت هذه الثورة لما علمت جديّتها ، وقادت جماعة الإخوان المسلمين هذه التجمعات في مصر وتونس ، وحاولت في ليبيا وسوريا واليمن ، ثم صار التركيز على مصر التي نجح الإخوان فيها ظاهراً ، واستلموا الحكم بعد انسحاب تكتيكي من الجيش الذي بدأ يخطط للإنقلاب قبل استلام الإخوان زمام الحكم ..

ما لم يحسب له أحد حساب هو صمود الثورة السورية في وجه النصيرية ، وخاف البعض من تمكّن الإخوان في مصر وسوريا وتونس وليبيا مما سيجعلهم قوّة كبيرة محسوبة على الصف الإسلامي ، وستكون "دولة يهود" وسط الكمّاشة الإخوانية ، فعمل الكل على الإطاحة بالإخوان في إنقلاب دموي نُقل للناس على الهواء مباشرة ..

في أثناء حكم الإخوان تحرّكت الجماعات المجاهدة في سيناء ونشطت ، فكان أكبر خطأ للإخوان - وهذا ما يقعون فيه دائماً – استماتتهم لإقناع الغرب بأنهم ليسوا إرهابيين ، وأنهم يحاربون الإرهاب ، فتحرك الجيش المصري بأمر "مرسي" إلى سيناء لقتال الإرهابيين ، وبدأت العداوة الحقيقية بين المجاهدين والإخوان ..

بينما كان المكر على أشدّه ضد حكومة الإخوان في مصر عن طريق اليهود والأمريكان وأتباعهم ، كان الله عز وجل يمكر للمسلمين في سوريا والعراق ، وبينما توجّهت كل الأنظار وكل الجهود للإطاحة بحكومة الإخوان في مصر ، كان سوق الجهاد ينتعش في سوريا على وجه الخصوص ، وبينما التفت العالم إلى مصر وإنقلابها ، كان البعض في العراق يجمع صفوفه ويلم شعثه ويعمل بلا كلل ولا ملل لجمع القبائل والعشائر والمؤيدين .. كان الإنقلاب في مصر يعمل بصوت عالٍ أصم آذان الناس في الأرض ، بينما جرى العمل في العراق بصمت وسريّة تامّة ..

لقد أخطأت الدول المتآمرة على مصر خطأً تاريخياً بانقلابها على حكومة الإخوان ، ولعل هذا من فضل الله ورحمته بالأمة الإسلامية ، فلولا هذا الإنقلاب لما استطاع المجاهدون في العراق والشام التقاط أنفاسهم والعمل بحرية وسريّة وهدوء ، ولولا هذا الإنقلاب لكان الإخوان اليوم في مواجهة مباشرة مع المجاهدين في سوريا ، فمرسي بدأ التناوش مع "قاعدة الجهاد" في مصر ، ولاستكمال لعب دور "المسلم المعتدل الوسطي" كان لزاماً أن يحارب "جبهة النصرة" التابعة للقاعدة في الشام ، فالإنقلاب حقن دماء المسلمين ، وقطع هذا التسلسل العدائي بينهم ، فالإنقلابيون ومن خلفهم أسدوا للأمة الإسلامية خدمة كبيرة لا يمكن إنكارها ..
ومما استفاد المسلمون من هذا الإنقلاب أنّه عرّى الكثير من الوجوه المستترة خلف عباءة الإسلام ، وأظهر النفاق الحقيقي للكثير من "العلماء" و"المفكّرين" و"السياسيين" الذي اغترت بهم الجموع ، وأقتنع كثير من الشباب المسلم أن الحل الوحيد لهذه الأمة ليس في العمل السياسي والحزبي والديمقراطي ، بل في الجهاد ، فانقلاب مصر كان ولا زال أكبر دعاية تحريضية للجهاد في هذا الزمان ، ولم يحلم المجاهدون بمثل هذا الدعاية التي أتتهم بلا تدبير منهم ..

تقاطر الشباب المسلم بأعداد كبيرة إلى سوريا بعد الإنقلاب المصري ، واشتدت الحرب فيها ، ودخل المجاهدون من العراق وغيرها ، وتقدم هؤلاء حتى وصلوا الساحل الشرقي ودكّوا قرى النصيرية ، هنا انتبه العالم للخطر الإسلامي ، وهنا صرخ النصيرية بأعلى صوتهم يستنجدون بكل عدوّ للإسلام ، ومن هنا بدأت المشاكل في سوريا على أيدي بعض مرتزقة أمريكا .... فأعمل هؤلاء مكرهم ، واستطاعوا التفريق بين المجاهدين حتى وصل الأمر إلى الإقتتال الداخلي ..

تفرّق المجاهدون ، وتوقّف الزحف نحو القرى النصيرية في الساحل ، وضعفت قوة المجاهدين نتيجة تنازعهم ودخول الكثير من المندسّين والعملاء بينهم ، وكبر المكر وزاد الغدر حتى ظن الأعداء أنهم نجحوا في القضاء على الجهاد الإسلامي في سوريا ، وقد نجحوا فعلاً في تحجيمه وتقزيمة بسبب غفلة كثير من المجاهدين الذي خسروا الكثير من العدّة والعتاد بعد غياب اليقضة والوقوع في فك التنازع والتفرّق الذي هو آفة العمل الإسلامي في العقود الماضية لغياب الوعي الكافي في القيادات والأفراد ..

في هذه الأثناء خرج المسلمون في العراق يُحاكون ثورة مصر ، فوقفوا في الميادين يطالبون بحقوقهم "المشروعة" ، وظلوا أكثر من سنة يهتفوت ويصرخون حتى استلهم المالكي فكرة "فض رابعة" من أخيه السيسي ، فهجم على هذه المخيمات والميادين وفضّها بالقوة ..

في خضم هذه الأحداث كانت هناك عمليّة عسكرية سياسية يُخطط لها من قبل المجاهدين في العراق ، وارتكزت هذه العملية على أسس سليمة من بدايتها ، فجمعت أكبر قدر ممكن في المؤيدين ، ومن أهل الخبرة والدراية في شتى الميادين ، ومن مجاهدين باعوا أنفسهم من أجل الدين ، فاجتمعت الخبرة العسكرية مع العدد والعدّة والإصرار على التمكين ، وبحركة مفاجئة مذهلة : زحف هؤلاء على مقرات الأمن والجيش الرافضي ، وركّزا على مستودعات الأسلحة والذخيرة ، وأستخدموا الدعاية الإرهابية المرعبة التي أثخنت في العدو قبل سلاحهم ، فهرب جنود المالكي تاركين أسلحتهم وبدلاتهم العسكرية وكل شيء ، لا يلوون على شيء ، وأخذ المجاهدون باقتناصحهم وإعدامهم وذبحهم في عاصفة جهادية عارمة زلزلت الأرض تحت أقدام أعداء الإسلام في العراق والشرق والغرب ..

إنه البغدادي .. وإنه الذبح .. كذا كان يصرخ عشرات الآلاف من جنود الرافضة وهم يهربون من أمام بضع مئات من جنود الدولة الإسلامية الذي انقضوا على مستودعات الأسلحة ، وانضم إليهم الكثير من الجنود العراقيين السنّة ، والكثير من أبناء العشار العراقية الحرّة ، فكان فتحاً بكل المقاييس ..

الذين لم يرضوا بحكومة الإخوان في مصر ، وعملوا على الإطاحة بها لأنهم ظنوا أنها تمثل خطراً عليهم ، هم الآن في ورطة كبيرة أمام هذا المدّ الجهادي الجارف المسلّح تسليحاً كبيراً ، والمدعّم بخبرات كثير من ضباط الجيش السوري والعراقي والمصري ، والمؤسَّس من مجاهدين لهم خبرات حربية كبيرة في العراق وأفغانستان والقوقاز والبوسنة وليبيا والجزائر وتونس ومصر واليمن وجزيرة العرب ، ثم من انضوى تحت رايتهم خلاصة الشباب الموتور من أوروبا وأمريكا ودول آسيا ، هؤلاء كلّهم خلاصة نخبة الجماعات "المتشدّدة" ، والتي لا تعرف غير لغة الرصاص ، فعصارة الإرهاب الإسلامي في العالم اجتمعت تحت قيادة البغدادي ، ولا زالت البيعات تتوالى ..

ولإعطاء فكرة بسيطة عن حجم هذا الإرهاب يكفينا أن نقول بأنه يمتلك من آبار النفط ما لا تمتلكه بعض دول الخليج الغنيّة ، ويمتلك من الخبرات المتراكمة في المجال التقني والعسكري ما لا تمتلكه – ربما - الجيوش العربية مجتمعة ، فكثير من خبراء الجيش العراقي ومهندسيه وصانعي أسلحته انضموا للدولة ، وهؤلاء لهم ثأر عند الدول التي ساندت أمريكا لاحتلال العراق وجعلها في يد الرافضة يسومونهم سوء العذاب ، وانضم إلى الدولة ضباط وجنود من الجيش السوري والمصري والليبي والتونسي والقوقازي والتركي وغيرهم ، والدولة عندها إمكانيات مادية لإقامة مصانع أسلحة متطورة ، وقد سمعنا عن أسلحة جديدة لم يعهدها العالم استُخدمت ضد الرافضة في العراق ، ولعلنا نرى قريباً أسلحة نوعية تُطيح بالطائرات الأمريكية ، وهذا إن حصل فإن للدولة كلام آخر مع أعدائها .. أما أقوى سلاح تمتلكه الدولة فهو قواتها الخاصة من المجاهدين الذين يسترخصون حياتهم في سبيل مبادئهم ، فالواحد منهم ينغمس بشاحنة تحمل أطناناً من المتفجرات في أي معسكر وتجمّع فيقتل الجموع الغفيرة بمفرده ، ولا يمكن مقارعة هؤلاء بأي سلاح ، ويمتلك البغدادي مخزوناً هائلاً من الإنغماسين لا يوجد نظيره في الأرض كلها ..

لقد كان "محمد مرسي" رجلاً مصرياً إسلامياً وطنياً إخواني ، ولو بقي لوجّه الإخوان ضد "الدولة الإسلامية" ، ولكن ذهابه بهذه الطريقة جعل كثير من شباب الإخوان يلتحق بالعراق وسوريا ، وجعل كثير من الشباب يُعيد النظر في قضيّة السلمية والوسطية والديمقراطية ، فالديمقراطيّة كانت أضعف من الرصاص في مصر ، والوسطية ديست بأرجل العساكر ، والسلميّة انتُهك عرضها في السجون ، وجاءت لغة "البغدادي" التحريضية الجهادية لتُلغي كل النظريات الأخرى في عقول الشباب ، ثم زاد الإقتناع بعد هذه الفتوحات العراقية ، وبعد القمع والتعسف والظلم العسكري في مصر ..

إن ربط ما حدث في رابعة ، وما حدث في ميادين العراق ، أصبح شغل عقول الشباب الشاغل ، والردّ الذي جاء في العراق كان أشفى للصدر من الرد الذي في مصر ، وميزة عقل الإنسان أنه يقيس بين الأمور المتشابهة : فهناك يتم الدعس على العدو بقوة السلاح ، وهنا يُدعس المتظاهر السلمي بقوّة السلاح ، فالسلاح أصبح العامل المشترك بين الموقفين ..

هذه هي الورطة الأولى التي سقط فيها أعداء الإسلام الذين لم يرضوا بمرسي ليخرج لهم "البغدادي" من تحت الأرض .. مرسي كان سيعمل ضمن حدوده الجغرافية ، أما البغدادي فقد ألغى الحدود .. مرسي كانت حلوله سياسية ، والبغدادي سيفه صلتَ يمينه .. مرسي كان يعمل ضمن إطار المنهج الإخواني السلمي ، أما البغدادي فمنهجه أبعد ما يكون عن السلميّة ..

دخل البغدادي الموصل ، وكسر أبواب السجون بيديه ، وحرر النساء والرجال ، وقتل كل من تمكّن منه من أعداء الإسلام انتقاماً لأعراض المسلمات ، ثم اجتاح الولايات الأخرى وعينه ترمق بغداد عاصمة الخلافة العباسية ، ثم أعلن بأنه سينتقم من كل دولة تساند المالكي أو أمريكا في حربها ضد الدولة الإسلامية ، ثم فجّر قنبلة من العيار الثقيل حينما أعلن الخلافة الإسلامية ..

ما معنى إعلان الخلافة ؟

دولة ذات سيادة ، عندها موارد اقتصادية كبيرة ، وجيش على درجة عالية من الكفاءة يحمل عقيدة إسلامية وعزيمة قوية وإصرار على تحقيق أهداف يستميت من أجلها ، مثل هذا الجيش الذي يقوده قيادة لا تعرف أنصاف الحلول ، ولا تعترف بأي حدود ، ولها رؤية بعيدة تجلّت بإعلان الخلافة الإسلامية التي حدودها الطبيعية الأصلية من شرق الصين إلى جنوب باريس ، هذه الخلافة استقطبت جموعاً غفيرة من المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها في بضعة أيام حتى باتت الحكومات تراقب الكلام والهمس والفكر في العقل والنيّة في القلب تخوّفاً من انفلات الأمور في بلادها ..

لو أن أعداء الحراك الإسلامي تركوا الأمر ينفرج قليلاً في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن والجزائر لصالح الشعوب الإسلامية التي تريد بعض الحرّيّة والكرامة لكان الأمر - بالنسبة لها – أفضل بكثير من خروج هذا المارد الجهادي العملاق ، فطموحات الشارع العربي كانت متواضعة ولا يمكن مقارنتها بطموحات "الدولة الإسلامية" ومن سينضم إليها من جماعات وأفراد كلّهم يحملون حقداً وحنقاً وغيظاً على أعداء دينهم وسالبي كرامتهم اللاعبين بمستقبل أمتهم ، فالأمر لم يعد ديمقراطية وحرية وعدالة اجتماعية ، الأمر الآن : قصاص وحرب وإزاحة لكل الحكومات ، وإخضاع بالقوّة .. العجيب أن بعض الدول العربية لا زالت تعمل دعاية للدولة الإسلامية بقمعها للحريات في بلادها وسجنها للعلماء والمصلحين والشباب ، ولو أننا لا نعلم حقيقة هذه الحكومات علماً يقينياً - لا يساوره أدنى شك - لقلنا بأنها تعمل لصالح البغدادي !!

أمريكا تخاف من الإنزلاق في حرب بعد خسائرها في أفغانستان والعراق والصومال ضد جموع قليلة غير مسلّحة ، وقد تكبدت خسائر فادحة كادت تعصف بدولتها اقتصادياً ، وعصفت بها سياساً وأخلاقياً ، وإيران تتدخّل في العراق على استحياء خوفاً من صواريخ "الدولة الإسلامية" التي غنمتها من مخازن السلاح ، وهي أسلحة متطوّرة فتّاكة تصل إلى جميع المدن الإيرانية بكل سهولة ، والدول العربية لزمت الصمت وتعمل تحت الطاولة خوفاً من انتقام البغدادي ، فالكل خائف ، والكل يعلم أن البغدادي لن يتردد في استعمال ترسانة أسلحته ضد أي عدو ، والكل يعلم بأن الرجل عازم على المضي قدماً في تحقيق حلمه باسترداد الخلافة الموعودة ، والكل يعلم بأنه قادر على فعل كل ما يقول ..

إن لكل دولة عظمى قوية أو فاعلة أو غنيّة في عالمنا اليوم : يدٌ قذرة تطلقها كلما احتاجت إلى ضرب أعدائها دون تلطيخ ثيابها ، ويد أمريكا القذرة في العراق هو المالكي ، ويد إيران القذرة هي "حزب اللات" اللبناني ، وأصبح النصيرية في سوريا يداً لأمريكا وإيران والمالكي ، ...... وتريد إيران من أمريكا أن تصبح يدها القذرة في ضرب الدولة الإسلامية ، فالكل يريد أن ينأى بنفسه عن المواجهة المباشرة مع الدولة ، والكل يحاول استخدام الآخر ..

ماذا يفعل العالم اليوم ؟

محاولة التقليل من شأن الدولة في الإعلام الرسمي في الدول الغربية والعربية يحمل تحت طياته خوفاً كبيراً من هذه الدولة ، وهذا التجنيد الدولي الغير مُعلن يخبرنا عن مدى الرعب الذي أحدثته الدولة في العالم ، وكم يتحسّر أعداء الإسلام اليوم على أسامة – رحمه الله – وأيامه الجميلة ، وكم يتوق هؤلاء للعودة إلى أيام الزرقاوي الذي ذبح بعض الرجال هنا وهناك ، أما الآن فأصبحت دولة "ذبّاحة" لها امكانيات وأعلنت الخلافة ، ولا يعتقد أحد بأن الغرب نسي الخلافة الإسلامية كما نسيها المسلمون ، فالغرب لا زالوا يذكرون الفتوحات الإسلامية الأولى للشام ، ثم مصر والمغرب والأندلس وجنوب إيطاليا وشرق أوروبا وجنوب فرنسا والقسطنطينية ، ويعرفون جيداً وعد روما ، وها هم ساسة الغرب وقساوستهم يولولون في كنائسهم وبرلماناتهم خوفاً من الخلافة الإسلامية القادمة ..

أذكر أنني كتبت منذ زمن بعيد عن أجيال الجهاد ، لا أذكر اسم المقالة ، ولكن قلت فيها بأن جيل أسامة ليس هو جيل الفتح ، وإنما هو جيل مؤسّس لما يأتي بعده ، وقلت بأن الجيل الذي يليه أيظاً ليس هو جيل الفتح ، ولا زلت أرى بأن جيل الزرقاوي وعمر وأبو بكر البغداديان وخطاب وشامل ليس هو الجيل الذي يجب أن يخشاه الكفر العالمي خشية كاملة ، إنه الجيل الثالث الذي يعقب هذه الأجيال ، الجيل الذي سيكون حقاً جيلٌ إرهابي بكل ما تحمل الكلمة من معنى ، ولو كنت من أعداء الأمة لحرصت أشد الحرص على حياة الشيخ الظواهري والبغدادي وأقرانهما اليوم ، فهؤلاء رحمة إذا ما قورنوا بالجيل القادم ..

الذي بقي على البغدادي فعله الآن : هو التصالح مع الجماعات الإسلامية بشتى أطيافها ، والعمل على وقف الإقتتال الداخلي في سوريا وتوحيد صفها ، وتحرير دمشق وبغداد من النصيرية والرافضة مما سيكون له أثر كبير على الأمة الإسلامية ، والعمل على التصالح مع القيادات المجاهدة في خراسان ، وهذا من شأنه أن يجمع كلمة المجاهدين في الأرض ويقوي موقف الدولة في العالم الإسلامي أجمع ، وعليه أن لا يخطو خطوة قبل أن يحسب لكل شيء حساب ، فالبداية دائماً صعبة وحسّاسة ، وأقل خطأ قد ينحرف ببوصلة الدولة إلى غير ما قامت من أجله ، فالحذر الحذر ..

وأنصح قادة الجبهات في الأرض أن يبعثوا برسلهم للقاء قادة الدولة ، فإن وجدوهم على ما يحبون فالواجب جمع الكلمة ، وإن كانت لهم تحفظات على بعض الأمور تشاوروا فيما بينهم ، وإن لم يكن كل هذا فلا أقل من نصرة الدولة حتى تقضي على الحكم الرافضي النصيري في العراق والشام ..

أُذكّر قادة الجهاد بأن المواقف السياسية ليست ثوابت شرعية ، فلا بأس أن تتغيّر بتغيّر الأحداث ، ولا ينبغي التمسّك بالرأي إن بدى لنا خيراً منه ، فالمقصود نصرة الدين وليس نصرة الرأي المجرّد ، ولو اجتمعت كلمة المجاهدين في العراق والشام وخراسان والمغرب والقوقاز وجزيرة العرب اليوم فإن الأمة لهم تبع ، وهذه فرصة قلما تتكرر في التأريخ ، فلا ينبغي تضييعها بضيق الأفق ، وعلينا اقتناص هذه اللحظة التاريخية للنهوض بالأمة .. اليوم .. اليوم يا قادة الجهاد نستطيع استرجاع كرامة الأمة .. إن اجتمعت كلمتكم اليوم فإنه التمكين ، وإنها العزّة ، والأمة كلها ترتقب كلماتكم ، والأمّة مهيّئة اليوم أكثر من أي وقت مضى ..

يا قادة الجهاد : أعملوا عقولكم ، وحكّموا قلوبكم ، واستنهضوا هممكم ، وتشاوروا فيما بينكم ، وتجاوزوا زلاتكم ، وتناسوا خلافاتكم ، وأخلصوا نياتكم ، واعتصموا بحبل ربّكم ، وأعلنوا الوحدة الإسلامية المنشودة ، وأسمعوا العالم صرخة "الله أكبر" مدوية مزلزلة ترتجّ منها الجبال ..


والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

كتبه
حسين بن محمود
5 رمضان 1435هـ


عاشقة السماء
عاشقة السماء
إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ

عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  قادمون ياأقصى الإثنين يوليو 07, 2014 1:10 pm


بسم الله الرحمن الرحيم

اقلب الكتاب ــــ حسين بن محمود 3 رمضان 1435هـ


عندنا ولد مشاكس كثير الكذب ، ومعرّض دائماً للعقوبة بسبب ضعف تحصيله العلمي ، دخلت عليه مرّة فوجدته ممسكاً بكتاب في وقت الإمتحانات ، قلت له : ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، كيف المذاكرة ؟ قال : الحمد لله ، قلت : هل تفهم كل ما تقرأ ؟ قال : بالطبع . قلت : طيّب ، اقلب الكتاب .. كان الكتاب في يده مقلوباً !!

هكذا إعلامنا اليوم : ينقل لنا الأخبار بالمقلوب ، ويريدنا أن نفهم بالمقلوب ، وأن نفكّر بالمقلوب ، فيصبح المقلوب هو الأصل ، والأصل هو المقلوب ، لذلك قررت أن أكتب بالمقلوب ، ثم من شاء فليقلب الأوراق في عقله ليفهم المطلوب :

عندما تقصف الطائرات الأمريكية والإيرانية والعراقية والسورية : الدولة الإسلامية ، فهذا يعني بالطبع أن الدولة عميلة لأمريكا والمالكي وإيران وبشار ، وعندما يأتي خبراء الروس لبغداد ويجلسون مع الأمريكان في غرف مشتركة وهم في أوجّ خلافهم بسبب أوكرانيا ، فهذه بالطبع ليست حرباً على الإسلام !!

عندما تُعلن حكومة الرياض حالة الإستنفار في جنودها وتلغي جميع إجازاتهم بسبب تقدّم الدولة الإسلامية نحو حدودها ، فهذا يعني لزاماً أن الدولة الإسلامية عميلة لآل سعود !! أو أنها دولة كرتونية وهمية ، وأن خوف آل سعود من العشائر العراقية السنّية التي تدعمهم ، وليس من الدولة الإسلامية الكرتونية الوهمية التي لا وجود لها ولا قوّة في العراق ..

الرافضة يبكون رجلاً قُتل من أربعة عشر قرناً حزناً على تسليمه لقتلته ، وينتظرون خروج رجل لم يولد من سرداب لا يتسع لفأر من إثني عشر قرناً ، ويزعمون أن حربهم اليوم مع بني أمية الذين انتهى عهدهم من ثلاثة عشر قرناً .. افتروا على أم المؤمنين فجلدوا أنفسهم بالسلاسل والسكاكين كل سنة ، وادّعوا حب الحسين ليأتي ابنه ويقتلهم شر قتله .. الكل يعلم بأن قائد بني أمية لا بد أن يكون من بني هاشم ، من نسل الحسين !!

عوام الرافضة - الذين زج بهم الملالي في العراق والشام ليموتوا - هرب ملاليهم إلى طهران ولندن !! ليس هذا الغريب ، الغريب أن يرضى الرافضي العربي اعطاء خُمس ماله لمعمّم فارسي ، وفوق ذلك يعطيه ابنته وزوجته واخته يتمتّع بهن !! هل انتكست الفطرة العربية في نفوس هؤلاء الذين رخصت أعراضهم وغُيّبت عقولهم وأصبحوا قرابين لهؤلاء الفرس الذين بشّروا الرافضة بخروج المهدي الذي يقتل جميع العرب !! لو صدَق الرافضي مع نفسه لحظة لاتبع الحسيني البغدادي بدلاً من الخامنئي الفارسي .. نسينا أن نذكر بأن جميع المعممين الفرس هم من آل البيت ، بمعنى أنهم عرب ، وهم يقررون أن المهدي إذا خرج فإنه يقتل جميع العرب !! ليست شعوبية ، ولكنه ذكاء مفرط ..

أوباما يريد إعطاء 500 مليون دولار للجماعات المعتدلة في سوريا لتقاتل الدولة الإسلامية كي يخفف عن أعدائه الرافضة الممانعين المقاومين في العراق .. أوباما فقير لم يكن في رصيده شيء ، فاستلف من صديقه الأعرابي الغني في الرياض .. هذا العطاء متدفّق من حكومة الرياض لهذه الجماعات التي سلّمت المدن المحررة للنصيرية في خطّة تكتيكية باهرة .. هي ذات الجماعات التي تظلمها الدولة الإسلامية الإرهابية الشريرة .. "الدولة الإسلامية" سحبت الجنود الرافضة من سوريا إلى العراق ، وأشغلت الحكومة الإيرانية والعراقية عن إمداد النصيرية في سوريا ، فكان أفضل شيء تعمله بعض "الجماعات المجاهدة" في سوريا في مثل هذا الموقف : مهادنة النصيرية ، وقتال الدولة الإسلامية في الشرق السوري نُصرة للإسلام في الشام ، وإغاظة للرافضة في العراق ، ونكاية بأمريكا !!

لا شك أن المالكي هو من صَنع "الدولة الإسلامية" ، ولذلك يقصفها بالطائرات ، ويرسل الأرتال العسكرية في طلبها لترجع مهزومة مدحورة ، فالمالكي اتفق مع البغدادي على ذبح الجيش الرافضي في العراق ، ليُسقط حلفائه حكومته في بغداد !! خطة مُحكمة ..

دول الممانعة والمقاومة اليوم تستنجد بالشيطان الأكبر ليعينها على قتل أحبابهم وجيرانهم من أهل السنة !! إيران تقول بأن أمريكا لا تؤدي دورها على الوجه المطلوب في العراق ، والمالكي يقول بأن الخبراء لا يكْفون ولا بد من تدخّل الطيران الأمريكي في العراق ، وإيران والمالكي يصرون على أن "الدولة الإسلامية" عميلة للأمريكان ، وهم طبعاً ممانعة ومقاومة وجنود آل البيت الأبيض ضد الشيطان الأكبر ، لذلك ينادون "يا باراك حسين" أغثنا !! يقولون أن "باراك حسين" أصله سامرائي ، من قرية المسردب ، قاطع المهدية !!

"الدولة الإسلامية" عميلة للأمريكان لأنها تطبق خطتها لتقسيم العراق ، فالأمريكان لم يكن بوسعهم تقسيم العراق يوم كانت تحت قبضتهم ، كان لا بد من مسرحية طويلة يُقتل فيها آلاف الجنود الأمريكان وملايين من الشعب العراقي وتُنفِق أمريكا مئات المليارات لينهار اقتصادها ، وتظهر جماعة جهادية إرهابية تحتل نصف العراق وتغنم أسلحة الأمريكان وتسيطر على آبار النفط لتكتمل الخطّة الأمريكية في التقسيم ، ثم تأتي أمريكا وتقصف هذه الجماعة وتقتلها لتمحوا كل دليل ضدها خوفاً من أن تكتشف مملكة البحرين ألاعيبها !!

الجامي الذي يدندن حول عَمالة "الدولة الإسلامية" لإيران وعلاقاتها الوطيدة بها يقول ذلك على أساس أن دولته التي يعيش فيها ليس فيها سفارة لإيران ، ولا يزور ولاة أمره طهران ، وليس بينهما تبادل تجاري ولا ثقافي ولا علاقات سياسية ولا شيء من هذا القبيل ، ولا يُقبّل سفرائها رأس روحاني ، وليس عندهم وزير رافضي والعياذ بالله ..

عندما تتشرف الدول العربية بزيارة "جون كيري" الذي يغيّر سياساتها الخارجية في لمح البصر ، ويعيّن ويعزل من شاء من الأمراء والمسؤولين فيها ، فهذا دليل واضح على استقلالية القرارت في هذه الحكومات الموقّرة ذات السيادة .. نحن نخشى أن تكون هذه الحكومات : ممانعة !!

الحكومة التي تدعم الإنفصاليين والشيوعيين والرافضة الحوثيين في اليمن ضد المسلمين ، وتدعم المالكي الرافضي في العراق ضد المسلمين ، وتدعم العلمانيين والنصارى في مصر ضد المسلمين ، وتدعم النصارى في جنوب السودان ضد المسلمين ، وتدعم بشّار النصيري في سوريا ضد المسلمين ، وتدعم الحلف الصليبي في أفغانستان ضد المسلمين ، وتدعم اليهود في فلسطين ضد حماس ، وكل مجاهد أو عامل من أجل الدين تسميه إرهابي ، وفي سجنها أكثر من ثلاثين ألف معتقل سياسي وطالب علم وعالم ، وتستقبل الملحد الكافر المرتد ابن علي في قصر ، وتسجن الحرائر لسنوات في الإنفرادي .. هذه الحكومة لا بد أن تكون راعية التوحيد وحامية حمى الدين .. اللهم لا حسد ..

جميل أن ترى المعمم الرافضي الفاضل يتكلم الآن عن ظلم المالكي ، وعن تقارب السنة والشيعة ، وعن الوطن الواحد والبيت الواحد والدين الواحد ، طبعاً هم لا يريدون مخاطبة العشائر السنية في العراق لاستمالتها لشق صفوف أهل السنة ، لا ، لا ، لا ، معاذ الله أن يكون هذا قصدهم ، معاذ الله أن يكون قصدهم إيهام أهل السنة بأن منهم معتدلون لا يرضون الظلم وإن كانوا من قبل يقتلون أهل السنة ويسبّون الصحابة ويهتكون أعراض المسلمات ، معاذ الله أن يستخفّوا بعقول أهل السنّة ، معاذ الله أن يجدوا من الفضلاء - ممن ينتمون لأهل السنة - مَن يتفق معهم في وجهات النظر ، معاذ الله أن يكونوا خافوا من "الدولة الذبّاحة" ، أو علموا أن لا قبل لهم بها فأرادوا شق صفوف أهل السنة كما لم يفعلوا في سوريا ، معاذ الله فهم ليسوا كذلك ، هؤلاء خدم آل البيت ، ولا يُعرف عنهم الكذب البتّة ، ولا في دينهم تقية ولا هم يحزنون ..

أجمل من هذا أن ترى القلوب الرحيمة الرقيقة تُرسل المساعدات إلى الشعب العراقي المسكين بعد هذه الهجمة الإرهابية الشرسة من قبل "الدولة الإسلامية" .. جميل أن ترى العلماء والدعاة والمسؤولين اليوم يُنشؤون المؤسسات الإغاثية لنُصرة المسلمين في العراق التي كانت تحت الحكم الديمقراطي السويسري طوال عشر سنوات .. لم يكن هناك قتل ولا تشريد ولا هتك أعراض طيلة هذه السنوات حتى أتت هذه العصابات الإرهابية واحتلّت الوسط العراقي لتدمّر كل شيء ، ولتسجن الناس ولتسلبهم حرياتهم ولتهتك أعراضهم .. تحرّكت القلوب الرحيمة والأيادي البيضاء لنُصرة المسلمين في العراق بعد أن انتهوا من نصرة المسلمين في بورما وأفريقيا الوسطى وفي غزّة التي يلقي عليها اليهود رذاذ ماء الورد لتطييب الأجواء في صيف رمضان ، وحينما يفعل اليهود هذا في فلسطين فأفضل شيء يفعله حكام العرب هو إرسال مساعدات إنسانية بالمليارات لبشّار والسيسي والمالكي لدعم القضيّة الإسلامية في موزمبيق ..

جميل أن تسمع التأصيلات الشرعية من علماء المسلمين العظام والدعاة الكرام عن مسألة الخلافة التي أعلنتها الدولة الإسلامية ، فالجميع قالوا بأن البيعة غير ملزمة لأنها لم تكن من أهل الحل والعقد في الأمة ، وأن المتغلّب لا يكون خليفة ولا سلطاناً ، وأن هذا ليس من الدين !! ما أجمل هذا الإجتهاد وما أروعه وما أصدقه .. يجب أن يعلم "الغلاة الخوارج الإرهابيين" بأن حكّام بلاد العرب المحترمين أخذوا البيعة الشرعية من أهل الحل والعقد ، وبرضى الأمة ، فصاروا بذلك حكاماً شرعيين لا غبار عليهم ، هل فهمتم يا مسلمين حقيقة هذه البيعة الباطلة !! أقصد بيعة "الدولة الإسلامية" طبعاً ..


والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم ..


كتبه
حسين بن محمود
3 رمضان 1435هـ
قادمون ياأقصى
قادمون ياأقصى
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 4006
تاريخ التسجيل : 03/03/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  قادمون ياأقصى الإثنين يوليو 07, 2014 11:10 pm

خطبة البغدادي ... [حسين بن محمود] 9 رمضان 1435هـ

بسم الله الرحمن الرحيم


خطبة البغدادي

الحمد لله وحده مالك الملك يؤتي الملك من يشاء ، وينزع الملك ممن يشاء ، يُعزّ من يشاء ، ويُذلّ من يشاء ، القادر القاهر فوق عباده .. ثم الصلاة والسلام على سيّد ولد آدم وخير الأنام محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي العدناني ، وعلى آله وصحبه الكرام ... أما بعد .


لفت انتباهي ما ذكرَته بعض وسائل الإعلام والفضائيات وبعض مواقع الأخبار وصفحات العلماء والدعاة في الشبكة العالمية عن خطبة الأمير البغدادي – حفظه الله – والتي كانت في أول جمعة من هذا الشهر المبارك ، فالقوم اجتمعوا على لفظ واحد "البغدادي يدعوا الناس لطاعته" !! هكذا جاء العنوان الذي تواطئوا عليه ، أو توافقوا عليه دون قصد !!


بغض النظر عن كونه خليفة شرعي : الرجل فتح الموصل ، وهو سيدها الآن ، وهي تحت امرته ، فما الإشكال أن يدعوا المسلمين فيها لطاعته ، ثم ان هذا العنوان الغريب لا يحكي الحقيقة كاملة ، فالرجل استنّ بالصديق والفاروق - رضي الله عنهما - في هذه الجملة التي قال فيها "أطيعوني ما أطعتُ الله فيكم" ، وهذه الجملة لا خلاف عليها ولا يستطيع أحد ردّها ، وهي سنّة الخلفاء الراشدين المهديين ، فلماذا نبتر الكلام ونحوّره ونحاول تصوير الأمر على أنه اجبار للناس على الطاعة ، وغريب أن يصدر هذا الأمر من أناس يرون طاعة المتغلّب واجبة بِرّاً كان أو فاجراً ، وهذا يحكم بالشرع ، ويجاهد أعداء الدين ، وينشر العدل في ما تحته من البلاد ، فما العيب أن يأمر المسلمين في الموصل بطاعته وهو أميرها ، بل أمير الوسط العراقي كله والغرب السوري ..

حينما قرأت التعليقات الكثيرة على خطبة الأمير البغدادي – حفظه الله – تذكّرت قول المتنبي :

ومن ذا الذي تُرضى سجاياه كلها ... كفى بالمَرءِ نُبلاً أن تُعدَّ معايبه

فما هي معايب الأمير البغدادي في الخطبة :

1- أمره للناس بطاعته ما أطاع الله فيهم ، فهذا عيبه الأوّل أن استنّ في خطبته بأبي بكر الصدّيق وعمر بن الخطّاب رضي الله عنهما ، ولما قال "محمد مرسي" هذه الجملة في خطبته طار بها هؤلاء وقالوا : ما شاء الله لا قوّة إلا بالله ، يحاكي الخلفاء الراشدين ، واغرورقت أعينهم من الدمع فرحاً بسماع هذه الكلمات !!

2- العيب الثاني : أنه لبس السواد : لون عمامة النبي صلى الله عليه وسلم يوم دخل مكّة !! السواد مستحبّ عند بعض العلماء للخلفاء خاصة وفي الحرب ، وكان لباس خلفاء بني العباس وولاتهم وقضاتهم وخطبائهم السواد (ذكره ابن القيم في زاد المعاد) ، ففي اللون الأسود هيبة ، وهو علامة قوّة ، والرجل في حرب ، وأقل شيء أن لبس السواد مباح ، ومن قال غير ذلك لزمه الدليل ، وهيهات ..


3- العيب الثالث : ساعته التي يلبسها ، والتي تحدثت عنها وسائل الإعلام الأجنبية ، ونقلها عنهم بعض الجهلاء عندنا .. من المعلوم أن وسائل الإعلام الأجنبية لا تهتم بمثل هذه التفاصيل الدقيقة إلا إذا كان الشخص مشهوراً ومحبوباً أو محطّ إهتمام الناس ، فهذه شهادة للبغدادي ، ولن نخوض في تفاصيل نوع الساعة وقيمتها كما يفعل الغرب التافه ، ولكننا نقول للمسلمين : ماذا لو كانت هذه الساعة من الغنائم ، أليست خير معاش المسلمين ، ولبسها فيه إغاظة لأعداء الدين ، وهذا مطلب شرعي ، وهل ينقم أحد من المسلمين على معاوية رضي الله عنه لباسه الفاخر الذي استقبل به عمر بن الخطاب رضي الله عنه !! الرجل في حرب ، والخيلاء مما يحبه الله في هذا الموضع ، فله أن يلبس الغالي ، ويصبغ لحيته بالسواد ، ويلبس الحرير إن شاء ، فكل هذا جائز ، وليس هو من الترف ولا من البعد عن الزهد ، ثم الرجل لم يدعي الزهد ، والله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده .. نقول للمنصفين المخلصين الحريصين على نصح ولاة أمر المسلمين : كم سعر الساعة التي يلبسها أصغر أمير عندكم !!

4- وذكر بعضهم أنه اتى بحديث مشكوك في صحته !! فيا لله ما أحرص هؤلاء على الأحاديث وصحتها .. أولاً : أحاديث الفضائل لا يُدقق فيها العلماء كثيراً إذا كان لها ما يعضدها ولم تخالف الأصول الشرعية . ثانياً : الحديث مشكوك في صحته كما تقولون ، أي لا جزم في المسألة .. ثالثاً : أنتم تعيشون في ظل حكام لا يستطيعون قراءة الفاتحة قراءة صحيحة من المصحف ، فمن أولى بنصحكم وملاحظتكم القيّمة الدالة على حرصكم الشديد على النصوص الشرعية ..


هذه جميع الملاحظات التي هي في حقيقتها مناقب وليست مثالب تُعيب الأمير البغدادي حفظه الله ونصره على أعداء الملّة ، ولعلي أذكر رأيي في الخطبة حتى لا يكون كل ما ذكرناه ردٌ على كلام لا يرقى لمستوى عقل الإنسان السويّ :
دخل البغدادي بكل هدوء إلى المسجد ، واعتلى المنبر بسكينة ، وجلس فأُلقي الأذان ، ثم دعى ، ثم قام فخطب خطبة قصيرة ذكر فيها فضل الصيام وحض المسلمين على التقوى وحسن أداء هذه الفريضة ، ثم حرّضهم على الجهاد في سبيل الله في شهر الفتوحات ، ثم جلس .. ثم قام فألقى خطبة أقصر ، ثم دعى ، ثم نزل فصلّى بالناس ..

ما فعله كلّه هو من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، وخطبته كانت جميلة موجزة معبّرة لا يستطيع حاكم يحكم أي دولة إسلامية اليوم أن يأتي بمثلها ، وأنا أتحدى كل حكام العرب أن يخطبوا هذه الخطبة على منابرهم .. لا يستطيع حاكم أن يحرّض الناس على أداء فريضة الجهاد في سبيل الله ضد أعداء الدين في هذا الزمان فيطيع الله تعالى في قوله {وحرّض المؤمنين} ..

"إن طول صلاة الرجل ، وقصر خطبته ، مئنّة من فقهه" (مسلم) ، "مئنة" أي دلالة وعلامة ، فالرجل خطيب عالم بالسنّة يعرف آداب الخطبة ، فيه علامات الفقه ، وهو فصيح متمكّن من اللغة ، وكلامه في مثل هذا الموقف المهيب بهذه الأريحيّة دلالة على رباطة جأش وقوة نفس ، وإن كنا رأينا بعض احتباس للنفَس هنا وهناك ، ولا نلومه ، فالرجل يُعلن الخلافة بعد غياب تسعة عقود ، فالحمل ثقيل – كما قال – والأمر خطير ، ومن حمل همّ الأمة وحمل همّ "الخلافة" وإسئنافها بعد هذا الزمن الطويل لا بد أن تُحبس أنفاسه ..

مما لفت الإنتباه : صوته الشجيّ ، وقراءته المتقَنة للقرآن ، ووقوفه أمام مجموعة صغيرة من حراسه الذين صلّوا خلفه ، لا كما يفعل من يخرج للصلاة أمام الكاميرات وخلفه مئات الجنود المدجّجين بالأسلحة ، والذين لا يصلّون مع المسلمين ، والذين يدفعون الناس إلى الصفوف الخلفية ويجعلون حراس الملك خلفه وعن يمينه وشماله ، وبينهم وبين المصلين صفوف فارغة وكأن الملك في بيت أبيه وليس في بيت من بيوت الله تعالى ، هذا وهم في ملكهم آمنون لا يطلبهم أحد ، وصدقَ ربُّنا سبحانه {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (البقرة : 114) ..

لقد دخل البغدادي – وهو المطلوب الأول اليوم على مستوى العالم – الموصل بكل هدوء ، فصلّى بالجامع "النوري" - الذي بناه القائد الفذّ عماد الدين زنكي والد القائد الشهيد نور الدين محمود - ولم يعرف الناس من هذا الذي اعتلى المنبر : حتى أعلن الخلافة ، ثم خرج البغدادي من المسجد بكل هدوء ورجع إلى قاعدته العسكرية يخطط لضرب مواقع أعداء الأمة ، فهل من حكام الدول الإسلامية من يفعل هذا اليوم غير قادة الجهاد الذين أعزهم الله بنصرة دينه !!

الإستماتة في صرف قلوب الناس وعقولهم عن رمزية هذه الخطبة بصرف أنظارهم إلى لون اللباس أو الساعة – التي هي من اهتمامات ربات الخدور - دليل إفلاسٍ كبير لأعداء الدولة ، ودليل على أن البغدادي درس جوانب الأمر فاستبق إلجام الألسنة بهذا الظهور المتقَن ، وهذا يدل على أن الرجل ليس لقمة سائغة ، وهدوءه العجيب في مثل هذا الموقف الرهيب له دلالات كبيرة يعرفها الرجال ، ويجهلها أشباههم ..

خطبته تُشبه خُطب الخلفاء التي قرأنا عنها في بطن الكتب ، وسمته الهادئ الرزين ليس عليه غبار ، والرجل ذو هيبة ووقار ، وطريقة دخوله وخروجه علامات تدل على تواضعه ، وفصاحته وبيانه تدلان على تمكّنه ، وقراءته للقرآن وألفاظ خطبته تدلّان على فقهه وعلمه ، فلم نر فيه ما يُعاب على الرجال ، بل رأينا فيه ما نتمناه في كثير من الرجال ، والرجل ليس بمعصوم ، ونحن نحكم بالظاهر ، والله يتولّى السرائر ..

وهنا الفت انتباه الإخوة الكرام في الدولة الإسلامية وأنصارهم في الخارج : لا تقتلوا البغدادي ، فكثرة هذه الألقاب ، وطريقة التفخيم والتعظيم التي اعتادها الناس لا تصلح في مثل هذا الموقف ، يكفي أن يقال "الأمير" أو "الخليفة" لمن رأى خلافته ، أو حتى البغدادي بدون ألقاب ، ولا حاجة لبعض الكلمات التي لا ترفع المرء بإطلاقها ولا تضعه بغيابها ، فالرجل بفعاله وليس بألقابه ، فمثل هذا الإطراء قتل للإنسان ، وبمثل هذا تُصنع الطواغيت ، وليس هذا من هدي المسلمين ، فنحن نقول أبو بكر وعمر وعثمان وعلي – رضي الله عنهم أجمعين – ولا نسبق ذلك بفخامة ولا زعامة ولا سموّ ولا مجدّد ولا قائد ولا زعيم ولا شيء من هذا ، وهؤلاء سادة هذه الأمة بعد نبيها عليه الصلاة والسلام .. البغدادي رجل من المسلمين : أن أحسن فلنفسه ، وإن أساء فعليها ، وهو أحوج إلى الدعاء منه إلى التعظيم ، فقد ابتلي بأمر عظيم ، ولو خرج منها كفافاً فقد فاز ..



والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

كتبه
حسين بن محمود
9 رمضان 1435هـ
قادمون ياأقصى
قادمون ياأقصى
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 4006
تاريخ التسجيل : 03/03/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  قادمون ياأقصى الإثنين يوليو 07, 2014 11:26 pm

حسين بن محمود
شيخ فاضل من سنوات عديده وهو يكتب مقالات عن الجهاد في سبيل الله ويدافع عن المجاهدين من ايام الشيخ الاسد أسامة بن لادن
قادمون ياأقصى
قادمون ياأقصى
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 4006
تاريخ التسجيل : 03/03/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  جعبة الأسهم الثلاثاء يوليو 08, 2014 1:31 am

قادمون ياأقصى كتب:
3- العيب الثالث : ساعته التي يلبسها ، والتي تحدثت عنها وسائل الإعلام الأجنبية ، ونقلها عنهم بعض الجهلاء عندنا .. من المعلوم أن وسائل الإعلام الأجنبية لا تهتم بمثل هذه التفاصيل الدقيقة إلا إذا كان الشخص مشهوراً ومحبوباً أو محطّ إهتمام الناس ، فهذه شهادة للبغدادي ، ولن نخوض في تفاصيل نوع الساعة وقيمتها كما يفعل الغرب التافه ، ولكننا نقول للمسلمين : ماذا لو كانت هذه الساعة من الغنائم ، أليست خير معاش المسلمين ، ولبسها فيه إغاظة لأعداء الدين ، وهذا مطلب شرعي ، وهل ينقم أحد من المسلمين على معاوية رضي الله عنه لباسه الفاخر الذي استقبل به عمر بن الخطاب رضي الله عنه !! الرجل في حرب ، والخيلاء مما يحبه الله في هذا الموضع ، فله أن يلبس الغالي ، ويصبغ لحيته بالسواد ، ويلبس الحرير إن شاء ، فكل هذا جائز ، وليس هو من الترف ولا من البعد عن الزهد ، ثم الرجل لم يدعي الزهد ، والله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده .. نقول للمنصفين المخلصين الحريصين على نصح ولاة أمر المسلمين : كم سعر الساعة التي يلبسها أصغر أمير عندكم !!

الحديث عن الساعة .. إفلاس حقيقي وتفاهة بينة .. والله المستعان

جعبة الأسهم
الفقير إلى عفو ربه

عدد المساهمات : 17019
تاريخ التسجيل : 29/01/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  قادمون ياأقصى الأربعاء يوليو 09, 2014 5:43 am

بسم الله الرحمن الرحيم
حينما نفقد الطريق



قرأت تعليقاً لأحدهم ظهر منه علامات الفرح والتشفّي لما يجري لحركة حماس "الإخوانية" في غزّة ، وبدى لي أن هذا الكاتب "المسلم" المنتمي ظاهراً لتيارٍ مخالفٍ للإخوان منتشياً بضربات اليهود التي "أذلّت مقاومة حماس الإخوانية الكرتونية" على حد تعبيره !!

ليس هذا قولٌ شاذٌ عابر ، بل هو فكر ومنهج لدى بعض من ينتمي للأحزاب والتيارات الإسلامية التي لم يستطع قادتها تربية بعض أفرادها تربية سليمة واعية ، فكان هذا الإنحراف العقْلي والخُلقي والديني نتاج زرع العصبية المقيتة للحزب بدلاً من العقيدة الإسلامية التي تفرض على أفرادها قيم الولاء والبراء والحب والبغض في الله ..

كم هم مساكين هؤلاء الذين تربّوا على هذه المفاهيم المعْوجّة ، وكم هم واهمون في ظنهم نصرة الإسلام بمعاداة إخوانهم المسلمين حتى وصل بهم الأمر أن يببتهجوا بعدوان إخوان القردة والخنازير الذين قال الله تعالى فيهم {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ} (المائدة : 82) ، فحتى لو كانت بينك وبين "حماس" عداوة متأصّلة لأي سبب من الأسباب : العقل يقتضي أن تُبغض من هم أشد عداوة لك بنص القرآن ، هذا إذا كان لكلام الله في قلبك مكان ..

إن القذائف التي تسقط على غزّة لا تُفّرق بين "حماسي" وطفل وشيخ وامرأة ، فكل هؤلاء مسلمون ، والفرح بقتل المسلم على يد يهود يُعدّ من الردّة عن الدين والعياذ بالله ، فأي قيمة للدين عند من سرّه ظهور اليهود على المسلمين ، وأي قيمة لعقيدة الولاء والبراء والحب والبغض في الله في قلب إنسان يفرح لمصاب مسلم على يد أعداء الدين !!

لكِ الله يا أرض فلسطين .. لكَ الله يا شعب غزّة المُحاصر كم جنى عليكَ بعيد وقريب .. سنوات والمسلمون يئنّون تحت الحصار ولا مجيب .. سنوات والمسلمون جياع لا دواء ولا ماء ، وأموال المسلمين تُكبّ تحت أرجل الطغاة لقتل المسلمين في مصر وليبيا والعراق وسوريا ..

يا أهل غزّة **... وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ..} (الطلاق : 2-3) ، حسبكم الله ونعم الوكيل ، حسبكم الله ونعم الوكيل ، رددوها وآمنوا بها ولا تلتفتوا لغير الله ولا ترجوا سواه {إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (محمد : 7) . إن إخوان القردة أذلّ وأحقر أن ينالوا منكم {فَلاَ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} (محمد : 35) .. عدوّكم جبان ، وأنتم أبناء الوغى ، فاثبتوا واصبروا وصابروا ، فإما نصر أو شهادة ، وعدوكم بين ذل وخذلان ، واعلموا أن "فتح" هي الغدر ، فلا تركنوا إليهم طرفة عين ، فهم عيون يهودٍ عليكم ، فكونوا مع الله وحده ..

من لم يتعلّم حقائق دينه ، وحقيقة منهجه الربّاني ، ولم يتأصّل فيه مفهوم الأمة الواحدة ، فليُعمل عقله قليلاً ولينظر إلى المصير المُشترك كيف يجمع الفرقاء في الأرض : ما الذي جمع الأمريكان والروس في العراق والخلاف بينهم على أشدّه في أوكرانيا وغيرها ؟ ما الذي جمع الإيرانيين الرافضة والنصيريّة في سوريا وكلاهما يُكفّر الآخر ؟ ما الذي جمع الإيرانيين وآل سعود "الوهابيين" في العراق وكلاهما يُكفّر الآخر !! ما الذي جمع آل سعود والعلمانيين والنصارى في مصر وكلٌّ يزدري بالآخر !! ما الذي جمع الإتحاد الأوروبي رغم اختلاف اللغات والأديان والأجناس والأعراق ، ورغم التأريخ الأسود والحروب الطاحنة بينهم !! ما الذي جمع الروس والصين في سوريا رغم العداء التأريخي والتنافس الشرس !!

الذي حارب المجاهدين في العراق وأفغانستان وجزيرة العرب والمغرب لسنوات طويلة خوفاً على عرشه ، هو ذاته الذي يحارب الربيع العربي في تونس ومصر واليمن وسوريا ويساند حفتر في ليبيا حفاظاً على عرشه ، فهولاء الطواغيت اتفقوا على هدف مشترك وهو بقاء "استعباد الشعوب" لسرقة مقدراتها ، والشعوب رغم مصيرها المشترك وهدفها المشترك في التحرر من هذه العبودية إلا أنها لم تجتمع لحرب هؤلاء الطغاة ، كلٌّ يحاول القتال بمفرده - رغم ضعفه وقوة عدوه المجتمع عليه – بعيداً عن إخوانه الذين يظن أنهم لا يعقلون ولا يفقهون ولا يُخلصون ، فهو وحده الحكيم العليم العاقل المخلص لدينه وقضيته ..

ما الذين فرّق الجماعات الإسلامية ؟ الدين الواحد ، والربّ واحد ، والرسول واحد ، والكتاب واحد ، واللغة واحدة ، والعرق واحد ، والمصير مشترك !! من أين أتى هذا العداء الذي جلب على الأمة البلاء !! ما الذي يجعل المسلم يكره أخاه ويعاديه ويحاربه ويقاتله وهو مأمور بحبّه وموالاته ومناصرته وصون ماله وعرضه ودمه !! ما هذه الجماعات التي أصبحت أصناماً تُعبد من دون الله ، وكيف تكون إسلامية وهي أقرب ما تكون إلى الفكر الجاهلي الذي يوالي المنتسبين إليه وينصرهم على الحق والباطل ، ويعادي مخالفيه ويشمت بهم وبمصابهم وهم على دينه !!
الواجب على المسلم اليوم نُصرة المسلمين في غزة في هذه الساعات العصيبة التي تتصبّب عليهم حمم النار من كل حدب وصوب ، والواجب على المسلم نُصرة أهل الشام وأهل العراق وأفغانستان والشيشان والصومال ومالي وكل بقعة يعتدي فيها الكفار والمرتدون على أهل الإسلام ، وإذا كان هؤلاء الطغاة – على اختلافهم ، وسواد قلوبهم ، وانغلاق فكرهم – أدركوا أن مصيرهم مشترك فتعاونوا فيما بينهم على الإثم والعدوان رغم تناف قلوبهم ، فما بال المسلمون لا يتعاونون على البر والتقوى !!

كما فرحنا بفتوحات العراق ، نفرح بقذائف القسّام التي بلغت مسافات بعيدة واخترقت الدرع اليهودي الحديدي المزعوم ، وكما فرحنا بتقدّم المجاهدين في سوريا قبل أشهر ، فلا بد أن نحزن لتأخر الجهاد فيها هذه الأيام بسبب الفتنة الداخلية التي فرّقت المسلمين والتي يجب علينا أن نعمل جميعاً لإخماد نارها ، وكما فرحنا بحرق الطالبان مئات من ناقلات العدو في أفغانستان قبل أيام ، نفرح للعمليات النوعية التي قام بها الفلسطينيون رغم الحصار والإمكانات المتواضعة ..

يذهب وزير السيسي إلى "تل الربيع" قبل أيام من الإعتداء على غزّة ، ثم تبدأ الحرب ويفجّر السيسي الأنفاق في سيناء ، والكل يعلم من هو كفيل السيسي ، وبعضهم "يناشد" أبناء القردة والخنازير بوقف القتل تكرماً ولطفاً ، والكلُّ يعلم أن خطة كسر المقاومة الفلسطينية بدأت في القاهرة بعد الإنقلاب ، والكل يعلم من شارك فيها ، والكل يعلم بأن من قرر تدمير غزّة اليوم هو ذاته الذي يُقاتل المسلمين في مصر وليبيا والعراق وسوريا واليمن وأفغانستان ، وأن هؤلاء هم من يريد التفريق بين المسلمين لينفردوا بهم كلٌّ على حده ، ونحن نرى كيف يمشي المسلمون واثقي الخطى إلى هاوية الفرقة التنازع بجهل وانعدام بصر ، بينما الكل يدّعي الحكمة وبعد النظر !! إن لم نرفع الغشاوة عن أعيننا ، وننظر إلى الواقع بنور إيماننا : اسودّت قلوبنا ، وسهُل التحريش بيننا ..

من كان يؤمن بالله واليوم الآخر لا يفرح لمصاب المسلمين على أيدي اليهود والنصارى والرافضة والنصيرية والعلمانيين والخونة والطواغيت وكل عدوّ للإسلام والمسلمين ، فالواجب النُّصرة ، والواجب الدعاء ، والواجب المؤازرة ، ولا يكون المسلم مُسلماً إلا بهذا ، كما أن الواجب على من يناصر المسلمين في غزّة اليوم ويكتب ويتكلّم ويبيّن ويثني على المجاهدين فيها أن لا ينسى إخوانه المجاهدين – كل المجاهدين - في سوريا والعراق وأفغانستان والشيشان ، والمسلمين في مصر وليبيا وبورما وأفريقيا الوسطى وغيرها من البلاد التي يُعتدى فيها على أهل الإسلام ، فالواجب نُصرة كل مسلم في كل حين ، وإن كان البلاء على غيرك اليوم فيوشك أن يكون عليك ، وتوشك أن تطلب النصرة ، وما تزرعه اليوم تحصده غداً ، فكما تدينُ تُدان ، ومن سرّه تفريق أمة محمد فقد افترق قلبه عن الإيمان ..

كم فرحنا بصواريخ "الرنتيسي" ، وزاد فرحنا بصواريخ "كتائب عبد لله عزام" ، فقادة الجهاد ، وإن لم يبقوا معنا في هذه الدنيا بأجسادهم ، فذكراهم العطرة بقيت في الأجيال ، وحلّقت في السماء أسمائهم .. كم نحن في شوق لصواريخ "أسامة بن لادن" تدكّ معاقل يهود من الشرق ، فهل يفعلها المجاهدون في سوريا ، وهل نرى قريباً صواريخ "خطّاب" و"الزرقاوي" و"أحمد ياسين" وغيرهم من عظماء الأمة الذين بذلوا دمائهم في سبيل رفع راية الجهاد .. هل ستُمطر سماء فلسطين صواريخ آساد الجهاد ليعلم يهود ومن خلفهم أن قادتنا الذين أذاقوهم الأمرّين وهم أحياء ، ستتحوّل ذكراهم صورايخ تُنسيهم فرحة الغدر بهم ..

اللهم انصر المجاهدين في العراق وسوريا وفلسطين والشيشان وأفغانستان ، وكن للمسلمين في مصر وليبيا والمغرب وجزيرة العرب وأفريقيا الوسطى والصومال وبورما ومالي وسائر الأرض .. اللهم وحّد كلمة المسلمين ، واجمع شملهم ، وارزقهم الحكمة والعلم ليعرفوا طريقهم القويم ، وصراطك المستقيم ، فيجتمعموا على كتابك ، ويعتصموا بحبلك ، ويكونوا يداً واحدة على أعداء دينك .. اللهم احفظ المسلمين في فلسطين ، وسدد فيها رمي المجاهدين ، واجعل الدائرة على يهود الملاعين ، وانصر عبادك الموحّدين ، واشف بهم صدور قومٍ مؤمنين ..


والله أعلم.. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

كتبه
حسين بن محمود
10 رمضان 1435هـ
قادمون ياأقصى
قادمون ياأقصى
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 4006
تاريخ التسجيل : 03/03/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  ابو بكر العطار الأربعاء يوليو 09, 2014 9:32 pm

الله أكبر
حسبنا الله ونعم الوكيل
ابو بكر العطار
ابو بكر العطار
ربنا افرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين

عدد المساهمات : 1594
تاريخ التسجيل : 27/06/2014

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  قادمون ياأقصى السبت يوليو 12, 2014 2:31 am

بسم الله الرحمن الرحيم



أمور تحيّرني



لماذا عندما تتقدّم القوات اليمنية قليلاً وتبدأ بوادر فرجة وهزيمة للحوثيين : يعقد عبد الهادي هدنة مع الحوثيين ليرجع الجيش اليمني إلى ثكناته ، ثم يبدأ الحوثيين بعدها بيوم أو يومين في الهجوم مرّة أخرى على نفس المواقع في غياب الجيش اليمني !!


لماذا كلما ذهب عبد الهادي إلى الرياض ، أو اتصل بملك آل سعود ، يقوم الحوثيون بعدها بيوم أو يومين باحتلال قرية أو مدينة يمنية !!


لماذا انطلقت صواريخ الفتاوى بعد اعلان الدولة للخلافة لتفنّد هذا الإعلان !! كان العراقيون يعيشون تحت الظلم والاستبداد لعشر سنوات ، وكانت الفتاوى فيها أقل سرعة من السلاحف !!


لماذا كانت أغلب الفتاوى الصاروخية عن الخلافة عامَّة ليس فيها تأصيلات علمية شرعية مِنْ ذكرٍ لشروط الإمامة وشروط البيعة وشروط المبايِعين ، هل خاف هؤلاء إن يُنزل الناس الفتاوى على حكام البلاد العربية ، أو أن مطلب أهل الحل والعقد لا ينسجم والإنتخابات الديمقراطية في الدولة المدنية المنشودة !!


مما يحيرني أن البعض أثبت بكلامه العام : بطلان "خلافة البغدادي" لعدم توفّر الشروط الشرعية المعتبرة !! طيّب ، الشروط غير متوفّرة كما تقولون ، لكن ما هي الشروط الشرعية المتوفّرة في حكام البلاد التي أنتم فيها !! أيهما أولى بالإمامة : حاكم يجاهد أعداء الدين ، ويحكم في سلطانه بأحكام رب العالمين ، أم حاكم يوالي أعداء الدين ويحكم في سلطانهم بأحكام اليهود والنصارى والعلمانيين !! إن قلتم بأن البغدادي يقتل المسلمين ، فنقول : وهل حكامكم الذين يدعمون الأمريكان والنصيرية والرافضة والليبراليين والخونة يحافظون على حياة المسلمين !! لا مانع أن تبيّنوا حقيقة بيعة البغدادي ، ولكن نريد نصف أو ربع بيان في هؤلاء أيظا !!


لماذا لا تتحرّك "الجيوش السعودية" اتجاه حدودها الجنوبية التي يحتلها الرافضة الحوثيون الذين يريدون إعلان دولة "رافضية إمامية" يرون الطائف جزءاً منها ، بينما الحدود الشمالية يحرسها أكثر من ثلاثين ألف جندي بعد إعلان خلافة إسلامية سُنيّة !! هل عدوهم الأكبر من السنة أم الرافضة !! أيهما "الشيطان الأكبر" بالنسبة لهم !!


انتشرت تسجيلات مرئية لمتحدثين باسم الجيش اليهودي يتحدثون العربية ، ويحاولون إقناع الناس بأن حماس منظمة إرهابية ، هل فشلت قناة "العربية" والقنوات المصرية والقنوات الرسمية في الدول العربية إلى الدرجة التي احتاجت فيها إلى متحدثين من الجيش الصهويني يقنعونا أن حماس إرهابية !!


ومثل هذا اجتياح الشبكة العالمية بكميات هائلة من التسجيلات المرئية التي تحاكي عمليات المجاهدين : فرأينا الكثير من التسجيلات التي فيها بيانات متضاربة ، وعمليات مشبوهة ، وتمثيليات إعدام مشينة ومضحكة في نفس الوقت ، وإشاعات كثيرة أغرقت الساحة الإعلامية في الشبكة العالمية ، فهل فقد هؤلاء ثقتهم بقنواتهم الفضائية ، أم هذا تشويش متعمّد ، أم محاولة إساءة للمجاهدين .. المحيّر أن بعض الجماعات المجاهدة لا تملك – إلى الآن - قنوات إعلامية رسمة معتمدة تنقل بياناتها حصرياً ليأخذ المسلمون منها الأخبار في مقابل هذا الغبش الإعلامي !!


لماذا يطالب البعض "البغدادي" بإصدار بيان عن غزّة ؟ هل غزّة تحتاج إلى بيان آخر يندد ويشجب ويستنكر !! البعض يتحدى البغدادي أن يطلق صواريخ على الأراضي الفلسطينية ، ويقول أين البغدادي من فلسطين !! هل هذا المتحدّث ، أو الكاتب ، يكتب لنا بعد نفيره إلى فلسطين أم قبلها !! لقد تكلّم الشيخ أسامة – رحمه الله – مجرّد كلام عن فلسطين فكان ردّ فعل حماس أنهم لا يريدون تدخلاً خارجياً ، فماذا ستفعل حماس لو كان التدخّل إطلاق صواريخ !! وأين الأمة الإسلامية كلها بحكّامها وجيوشها وعلمائها وعوامها من فلسطين ؟ أم لم يبق في العالم الإسلامي اليوم رجل غير البغدادي الذي يقاتل الرافضة والنصيرية والأمريكان والروس وإيران والصين ودول النفط في العراق وسوريا !! من أراد من البغدادي التدخّل في فلسطين عليه أن يذهب إليه ويبايعه وأنا أضمن له أن البغدادي سيجهّزه بما يحتاج للذهاب إلى فلسطين ، أم يحسب البعض أن البغدادي وحده مكلّف بالجهاد والتدخّل في فلسطين !!


لماذا يتقدّم المتطوعون الرافضة إلى جهة تكريت في حاملات جند تباد الواحدة تلو الأخرى !! أين جنود الجيش العراقي وجنود الجيش الإيراني وميليشيا الملالي الفرس !! لماذا عوام الرافضة العرب فقط هم الذين يقدّمهم المالكي ليجري عليهم عمليات تجارب قاتله كأنهم فئران !! أم أن تذاكر الجنّة لا تُعطى إلا للرافضة العرب فقط !!


تتبّعت جميع ما قيل عن الإخوان في الفترة الأخيرة ، فوجدت أن الإعلام والحكومات قالت في الإخوان جميع ما قاله بعض علماء وقادة الإخوان عن "قاعدة الجهاد" : إرهاب ، تنطّع ، تخلّف ، خوارج ، فئة ضالة ، تحارب الدين ، جاهلة بالدين ، تحرّف المفاهيم الشرعية ، مجرمة ، عميلة ، خائنة ، سفهاء ، ظلاميين ، تنظيم سري ، وغيرها ... كل هذه الألقاب قالها بعض الإخوان عن "قاعدة الجهاد" ، وللأمانة فإن البعض زاد فقال عن الإخوان "ريحتهم نتنة" !!


بعض الإخوان أفتى بوجوب محاربة "قاعدة الجهاد" ، وقال بجواز قتلهم ابتداء : فقتل السيسي من الإخوان الآلاف في رابعة وغيرها ، وبعض الإخوان قال بأن "قاعدة الجهاد" تفتأت على الأمة وتجرها لحرب لا قِبل لها به ، وهذه المقولة تُقال اليوم في حماس !! وبعض الإخوان قال بأن "قاعدة الجهاد" لا تُحسن إدارة مدرسة ، فضلاً عن دولة ، وهذا ما قيل عن الإخوان وحكومة مرسي .. الذي يحيرني أنه مع وجود كل هذه الإشارات والدلالات : لا زال بعض الإخوان يكرر نفس الإسطوانة في "الدولة الإسلامية" !!


القتل في غزّة الحبيبة يؤلم جميع المسلمين ، وتُستنفر جميع القنوات الفضائية ويحصل النفير العام عند الدعاة والعلماء وغيرهم لنصرتها ، وهذا شيء جميل مطلوب ، بل هو واجب ، ولكن المسلمين الذين يُقتلون في العراق وسوريا وبورما وأفريقيا الوسطى وغيرها أضعاف أضعاف مَن يُقتل في غزة الآن ، ولا نرى هذا الإستنفار لهم !! لا نقلّل من حياة المسلمين في غزّة ، ولكن أليس الذين يُقتلون في غيرها مسلمين !!

مما يحيرني أن البعض يقارن بين جهاد حماس وبين جهاد الدولة الإسلامية أو قاعدة الجهاد !! البعض يُفاضل ، والبعض يتعصّب ، والبعض يتّهم ، والبعض يخاصم ويفجر في الخصومة !! المقتول مُسلم ، والقاتل كافر ، فالواقع واحد ، والحدث واحد ، والهدف واحد ، والمصير واحد ، والبعض لا زال غير مقتنع بأي شيء إلا ما غرسه العدو في قلبه من عداوة وتفرقة بين المسلمين ليستفرد بهم الواحد تلو الآخر ، ويضربهم كلٌّ على حده .. هي ذات الإسطوانة : هؤلاء إخوان علمانيون خونة ، وهؤلاء متنطّعون متفيقهون جهلة ، والعدو مجتمع مبتهج يضرب هؤلاء وهؤلاء ..


ومما يحيرني أن نسمع نداءات للسيسي لفتح معبر رفح !! هل من المعقول أن يُساعد السيسي أعداء أخواله !! هل انعدم الإنصاف عند الناس حتى يطلبوا من "ابن يهودية" مساعدة حماس الإرهابية التي تُطلق صواريخ على أبناء خالاته !! لأي شيء كان الإنقلاب إذاً !! قليلٌ من الإنصاف ، هذه صلة رحم ..
ومما يحيرني أن البعض يطالب مَن دعم السيسي بالمال ، ويدعم الحوثيين بالمال ، ويدعم نصارى جنوب السودان بالمال ، ويدعم المالكي بالمال ، ويدعم الأمريكان بالنفط والمال والقواعد العسكرية ، ويدعم الحكومة اللبنانية النصرانية بالمال ، ويدعم حفتر بالمال ، ويدعم الليبراليين في تونس بالمال ، ويدعم بشّار بالمال ، ويدعم العملاء في أفغانستان وباكستان بالمال ، يطالبون هذا الإنسان الكريم الشهم أن تتحرك نخوته لنصرة قضيّة الإسلام في غزّة !! رمضاء ونار : أيهما تختار ؟


خرجت الفتاوى الصاروخية لتُعلن انتفاء شرعية الخلافية الإسلامية التي أعلنها البغدادي ، وزعم أصحابها بأنهم أفتوا إبراءً للذمّة ، وتعليماً وبياناً للأمة ، ونقول : جزاكم الله خيراً وزادكم الله نصحاً وحملاً لهمِّ الأمة .. هلّا فتوى أو "فُتيّة" بوجوب الجهاد العيني على الأمة الإسلامية في غزّة فقط ، لا نريد العراق ولا سوريا ولا أفغانستان ولا الشيشان ولا بورما ولا أفريقيا الوسطى ولا غيرها .. "فُتيّة" تُبيّن اتفاق الفقهاء والمحدّثين والمفسّرين والعُبّاد والزهّاد وكل من يُعتدّ بقوله من هذه الأمة على مرّ العصور بالوجوب العيني للجهاد إذا احتل العدو جزءاً من الأمة الإسلامية ولم يتم طرده من قِبل أهل البلد المُحتلّ ..


مما يُحيّرني أن البعض حينما يرى هذه المذابح وهذا الطغيان الواقع على الأمة الإسلامية ، ويرى طاغية يقتّل في المسلمين ويذبّحهم ويهتك أعراضهم ، فإن أوّل دعاء يتبادر إلى ذهنه : اللهم سلّط عليه "داعشي" يقطع رقبته ويشفي صدورنا .. ثم تسأل هذا الإنسان : هل أنت مع "داعش" ؟ فيجيبك : لا ، "داعش" عندهم أخطاء كثيرة ؟ أعجَزَنا المعصومون !!



والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم ..

كتبه
حسين بن محمود
13 رمضان 1435هـ
قادمون ياأقصى
قادمون ياأقصى
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 4006
تاريخ التسجيل : 03/03/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty الورطة العراقية !

مُساهمة  قادمون ياأقصى الأحد يوليو 13, 2014 3:58 am

الورطة العراقية: http://justpaste.it/g3lx
قادمون ياأقصى
قادمون ياأقصى
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 4006
تاريخ التسجيل : 03/03/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  عاشقة السماء السبت أغسطس 02, 2014 4:18 am


بسم الله الرحمن الرحيم

بين الفاروق والهرمزان

قرأت في صغري كلمة لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كنت أعجب منها ، وأعجب أكثر أنها صدرت من رجل مثل الفاروق .. كنت أقلّب الكلمة في فكري وعقلي دون معرفة حقيقتها ولا معناها على الوجه المرضيّ حتى بدأ الجهاد في زماننا ، فبدأت تتكشّف بعض ملامح هذه الكلمة العجيبة !! وهذه قصة الكلمة :

لما أحاط المسلمون بالقائد الفارسي المجوسي الهرمزان : طلب منهم أن يأسروه ويرسلوه إلى الخليفة عمر رضي الله عنه ، فأجابوه إلى ذلك ، وألبسوه حليته وزينته حتى يراه المسلمون على هيئته ، ثم أخذوه مع وفد إلى المدينة ، فلما رآه عمر رضي الله عنه "قال : الحمد لله الذي أذل بالإسلام هذا وأشياعه ، يا معشر المسلمين تمسكوا بهذا الدين ، واهتدوا بهدي نبيكم ، ولا تبطرنكم الدنيا فإنها غدّارة .
فقال له الوفد : هذا ملِك الأهواز فكلّمه .
فقال: لا حتى لا يبقى عليه من حليته شئ ، ففعلوا ذلك وألبسوه ثوبا صفيقا ،
فقال عمر : يا هرمزان ، كيف رأيت وبال الغدر وعاقبة أمر الله ؟
فقال : يا عمر : إنا وإياكم في الجاهلية كان الله قد خلّى بيننا وبينكم فغلبناكم ، إذ لم يكن معنا ولا معكم ، فلما كان معكم غلبتمونا .
فقال عمر: إنما غلبتمونا في الجاهلية باجتماعكم وتفرقنا" . (انتهى من البداية والنهاية لابن كثير) ..

كانت كلمة الهرمزان في عقلي القاصر أعظم حجّة من كلمة عمر رضي الله عنه ، فالمسلمون انتصروا بمعية الله تعالى ، ولكن عمر - رضي الله عنه- خرج من الحصر الهرمزاني ، وعزى انتصار المجوس على العرب في الجاهلية إلى وحدتهم وتفرّق العرب !! كنت أتسائل : لو كان العرب مجتمعون في الجاهلية : هل ينتصرون على الإمبراطورية الفارسية ؟ لماذا قال عمر - رضي الله عنه - هذه الكلمة ولم يوافق الهرمزان على عبارته فحسب !!

كانت هذه العبارة من الكلمات القليلة التي حفظتها من كتاب "البداية والنهاية" لابن كثير ، وكنت أقلّبها في خلدي بين الفينة والأخرى أحاول استيعاب معناها ، ولكن دون جدوى ، حتى كان الجهاد الأفغاني ضد السوفييت حين التحمت الأمة الإسلامية وصارت صفاً واحداً في مواجهة الشيوعيين ، عندها أدركت بعض معاني كلمة الفاروق رضي الله عنه ..

تأكّدت لي نظرة الفاروق رضي الله عنه في نهاية الحرب الأفغانية ، حيث اختلف المجاهدون وفشلوا في توحيد صفوفهم ، فسُلب منهم النصر ، وضعفت قوتهم ، ثم جاء الطالبان فاكتسحوا أفغانستان في وقت قصير ، واجتمعت عليهم الكلمة ، إلا ما كان من بعض الفصائل التي آثرت الفرقة والتنازع ، فأضعَفت الجبهة الأفغانية بنظرتها الضيقة الأنانية ، فقادة هذه الجماعات كانوا سادة المسلمين في أفغانستان ، فأصبحوا عملاء وعبيد للنصارى الأمريكان !!

توالت الأحداث ، وكثرت الجبهات ، وبقيت كلمة عمر - رضي الله عنه - حاضرة في ذهني لا تغيب عني ، وكلما تابعت جبهة من الجبهات أيقنت بأن عمر رضي الله عنه تكلّم عن علم ودراية وتجربة ، ولعله إلهام من الله تعالى ، فأدركت قصر نظري وقلة علمي وخبرتي وتجربتي في الحياة ..

لقد حاول الشيخ عبد الله عزام - رحمه الله - بكل ما أوتي من علم وحكمة وقدرة : جمع كلمة المجاهدين وتوحيد صفوفهم ، وكان يرى أموراً في الجهاد الأفغاني من الأفراد والقادة فيعرض عن كثير منها ولا يُظهرها ، ويُبرز محاسن الأعمال ويضخّمها ، وينقل ما يوجب التلاحم والإجتماع ، ويُخفي ما يوجب الفرقة والإختلاف ، فكان من أعظم أسباب النصر الأفغاني على الإتحاد السوفييتي ، ولم يكن اغتياله من باب تصفية القيادات ، بل كان اغتياله ثلمة في الأمة الإسلامية وتأريخها وتاريخ الجهاد في الأرض ..

حاول أسامة بن لادن – رحمه الله – المضيّ في سياسة الشيخ عزام رحمه الله ، ولكنه لم يستطع فعل ما فعله سلفه ، وقد حذّر الشيخ عزام رحمه الله المجاهدين العرب أن ينحازوا لفصيل مقاتل ، أو أن يدخلوا كابل مع الجماعات الأفغانية المقاتلة ، وذلك أن عزام رحمه الله يعرف طبيعة القادة الأفغان ، ويعلم أنهم سيختلفون ، فكان يريد من المجاهدين العرب الوقوف على الحياد ليكونوا أداة صلح بين القادة ، ولكن العرب انحازوا لبعض القادة ، ثم انحاز أسامة رحمه الله لطالبان ، واشترك في القتال ، فأصبح طرفاً في النزاع لا حكماً كما كان عبد الله عزام رحمه الله ..

حاول الشيخ أسامة – رحمه الله – بعد ذلك لم شمل المجاهدين العرب في أفغانستان ، ونجح في ذلك نجاحاً ملحوظاً ، ثم حاول هو الظواهري جمع كلمة المجاهدين في الأرض ، فأسّسا "الجبهة الإسلامية العالمية لمحاربة اليهود والصليبيين" سنة (1998م) ، وأُطلقت الدعوة للفصائل المقاتلة في الأرض بالإجتماع تحت راية هذه الجبهة ، ولكن ، ولاسباب كثيرة ، لم تحصل الإستجابة المطلوبة ..

جاءت ضربات نيروبي ، ثم ضربات هنا وهناك ، ثم ضرب الأبراج في عقر دار الأمريكان ، وتوالت الأحداث ، وغزت أمريكا أفغانستان ، ثم العراق ، وجمعت أمريكا أكثر جيوش الأرض وحكوماتها لمحاربة المجاهدين من "قاعدة الجهاد" ... ولنا هنا وقفة :

لم تدخل أمريكا في الحرب وحدها ضد "قاعدة الجهاد" ، بل عملت على جمع أكبر قدر ممكن من المعاونين والحلفاء ، وهذا الجمع يُرجعنا إلى كلمة الفاروق رضي الله عنه "إنما غلبتمونا في الجاهلية باجتماعكم وتفرقنا" ، ولولا نُصرة الله تعال ومعيّته لم يبق في أفغانستان مجاهد ، فالقوّة العسكرية التي ضربت أفغانستان والعدد والعدّة أكبر من أن تصمد أمامها مجموعات قليلة ، ولكن الله تعالى حفظ المسلمين ، فاستطاع المجاهدون الإنحياز إلى الجبال والبلاد القريبة وحفظوا جزءاً كبيراً من قوتهم ، وخسروا الكثير من المجاهدين رحمهم الله وتقبلهم ..

بدأ الشيخ أسامة في دعوة المجاهدين في الأرض إلى التوحّد وضرب أمريكا اقتصادياً وإنهاكها عسكريا ، وحقق المجاهدون بعض أهدافهم ، ولكن الأمة الإسلامية لم تجتمع على رأي ، وتفاقمت الخلافات بين المسلمين وبين المجاهدين ، وكان هذا سبب وهن الأمة وضعفها في مواجهة العدو المتّحد ..

لو نظرنا إلى أكثر الجبهات لرأينا حقيقة ناصعة لا يمكن تجاهلها :

فالجبهة الأفغانية كانت منتصرة عند اجتماعها ضد السوفييت بفضل الله – تعالى - الذي سخّر لها أمثال عبد الله عزام رحمه الله ، ثم هُزمت لما تفرّق القادة واختلفوا على الحكم ومناطق النفوذ ، ثم اجتمع الناس على الطالبان فنجحت في جمع كلمة أكثر المسلمين في أفغانستان ، ثم جاءت أمريكا وأشترت ذمم بعض الأفغان فحصل الإقتتال الداخلي ثم الغزو الأمريكي ، واشترك كثير من الأفغان في حرب أمريكا ضد طالبان ، واليوم تحاول طالبان لم شمل الأفغان لاستعادة السيطرة على بلادها ..

أما الجبهة الصومالية فكانت منتصرة بقيادة المحاكم الشرعية ، ثم حصل الإنشقاق وانحاز بعض القادة للأمريكان فانهزم المسلمون ، ثم اجتمع أكثر المجاهدين تحت قيادة الشباب فاستطاعوا أن يحرروا أكثر الصومال ، ولكن بقي البعض يخالفهم وينازعم ، وعن طريق هؤلاء دخل نصارى أثيوبيا وكينيا لاحتلال أراضي الصومال ..

أما العراق فهُزمت هزيمة نكراء أمام أمريكا بسبب خيانات الرافضة وبعض قادة الجيش العراقي في عهد صدام ، ثم حاول المجاهدون لم شمل المسلمين ، ونجح الزرقاوي في جمع كلمة أكثر المجاهدين ، ثم كانت بعض الإنتصارات حتى جاءت الصحوات التي فرّقت ومزّقت المسلمين في العراق فحصل الوهن والإنهزام ، ثم نجحت الدولة في جمع كلمة أكثر المسلمين فحصلت الإنتصارات المتتالية والفتح الذي نراه اليوم ، ويحاول النصارى والرافضة وغيرهم اليوم جمع الكلمة في مواجهة الدولة ، كما يحاولون خلخلة صفوف الدولة لإضعافها ..

أما في سوريا فكان الفتح في البداية على أيدي المجاهدين المجتمعين ، ثم تدخّلت بعض الدول التي اشترت ذمم بعض القادة المقاتلين ، وأرسل البغداديُّ الجولانيَّ إلى سوريا فأبلى بلاءً حسناً ، واستطاع كسب ثقة أهل سوريا ، ثم جاء إعلان البغدادي عن "الدولة الإسلامية في العراق والشام" التي رفضها الجولاني وأعلن بيعته لقاعدة الجهاد ، فوقع الخلاف ثم الإقتتال الداخلي ، فأصاب المسلمين الوهن ، ودخلت جماعات المرتزقة بين المجاهدين ، وتقدّم النصيرية والرافضة فاحتلوا القصير وحمص وأجزاء كبيرة من الغرب السوري ، ولم يكونوا ليفعلوا ذلك لولا هذه الفتنة ..
أما الشيشان فقد استطاع رجالها توحيد صفوفها منذ البداية : فعمل جوهر دوداييف وزليم خان وشامل باساييف وخطّاب على توحيد الصفوف المتناثرة ، واستطاعوا تكوين جبهة مجتمعة صلبة حرروا بها الشيشان ، وقد حرص الروس على قتل هؤلاء القادة أملاً في تشتيت صفوف المجاهدين ، ولكن الله تعالى منّ على أهل القوقاز بالوحدة رغم غياب قادة الجهاد الكبار ..

وفي ليبيا اجتمع المجاهدون من أوّل يوم ، وعملوا ككتلة واحدة متماسكة ، فاستطاعوا - مع المنشقين من أفراد الجيش والسياسيين ورؤساء القبائل - دحر قوات الطاغية القذافي ومرتزقته ، ثم ما لبث الليبيون أن اختلفوا فيما بينهم في العملية السياسية ، ليدخل "حفتر" البلاد بتمويل ومساعدات خارجية فاستطاع تشكيل خطر حقيقي على مستقبل ليبيا وثورتها ، ولكن المجاهدون تداركوا الأمر ووحدوا صفوفهم واستطاعوا دحره وقواته ، ومن أفضل ما عمل الليبيون أنهم جعلوا قيادة مشتركة لشباب الثورة ، ولن تقوم لليبيا قائمة إلا بوحدة أهلها وتعاليهم على سفاسف الأمور لمواجهة المكر العالمي الكبير ضدها ، والذي لن يهدأ حتى يمزّق ليبيا ويدمرها إن استطاع ، ولن يستطيع إلا إذا نجح في تشتيت قوّة الثوار وتفريق صفوفهم ..

ورأينا في المغرب الإسلامي تشتت قوى المجاهدين والمسلمين ، فلما اجتمعت بعض الفصائل المسلمة في مالي استطاعوا فتح أجزاء كبيرة منها ، ثم جاءت القوة الصليبية الفرنسية التي حارب معها بعض أهل مالي فحصل ما حصل ..

وكانت الجماعات المسلمة متشتتة في البوسنة حتى استطاع "علي عزّت بيجوفيتش" – رحمه الله - توحيد صفوف المسلمين ، وانضم إليهم إخوانهم المهاجرين ، فاستطاعوا دحر العدو وصده عن غيّه حتى تدخّلت دول الغرب لانقاذ المجرمين في معاهدة دايتون الشهيرة ..

ورأينا كيف أن اجتماع الفصائل المقاومة في غزة – رغم اختلافها العقدي – جعلها تصمد إلى الآن في وجه الترسانة العسكرية اليهودية وتكبدها خسائر فادحة ، فلولا هذا الإجتماع لكان هناك اقتتال داخلي في غزّة كما هو الآن في سوريا ، ولا أظن القسام يبقون لأيام اذا حصل مثل هذا الإقتتال لا قدّر الله ، فسلامة جموع المسلمين في غزة مرهون بوحدة صفّ الجبهة الداخلية وتلاحمها ، نسأل الله أن يحفظ المسلمين فيها من كل مكر وغدر ..

وفي مصر اجتمع العسكر مع الداخلية ورجال الأعمال والإعلام واليهود والنصارى - في الداخل والخارج - وخونة العرب على إجهاض الثورة التي تفرَّق أصحابها لمجرّد شعورهم بنصر بسيط ، فكان اختلافهم واجتماع عدوّهم سبباً مباشراً في سقوطهم وانكسارهم ، ولن تقوم لهم قائمة إلا بالاجتماع والوحدة على أوسع نطاق ، فإما أن يموتوا ويُستَعبدوا متفرقين أو ينتصروا مجتمعين ..

نحن ننتصر بمعيّة الله وفضله ، ولكن الله تعالى أرشدنا إلى كيفية تحصيل هذا الفضل وهذه المعية لتحقيق النصر ، وحذّرَنا من السقوط في المعصية والإثم الذي يصير بنا إلى طريق الضعف والهزيمة والعياذ بالله ، فلم تكن كلمات عمر رضي الله عنه – للهرمزان عبثية .. المشكلة أننا لم نرتقِ بعد إلى مستوى الوعي الفكري الذي يؤهلنا لقيادة البشرية ، فالمشكلة فينا نحن ..

هناك تيارات كثيرة مختلفة في الأمة ، ونخص بها ما نحن بصدده من جهاد وقتال لأعداء الله : فأغلب التيارات المقاتلة قُطْرية تهتم بتحرير بلادها من المحتل ، وهذا صحيح في أفغانستان والشيشان والصومال وفلسطين وكشمير والفلبين وتركستان الشرقية وباكستان وغيرها من البلاد ، ولكن قاعدة الجهاد استطاعت أن تغير فكر كثير من المجاهدين إلى العالمية : فجهادها ضد الكفر العالمي ، وجهادها لتحرير جميع بلاد المسلمين غير معترفة بحدود ولا معاهدات دولية ، بل الأصل عندها "الأمة الإسلامية" بفهومها الواسع اللامحدود ..

هذه النقلة النوعية في التفكير جعل من "قاعدة الجهاد" أكبر خطر يهدد الدول الكافرة ومن يدور في فلكها ، وهي نقلة شرعية تحيي مفهوم الأمة الواحدة ، وتمهّد لقيام الخلافة التي تستظل تحت فيئها جميع دول الإسلام ، فكانت هذه النقلة غير مقبولة عند جميع من يكيد بالإسلام والمسلمين ، ولهذا رأينا الهجمة العالمية الشرسة على "قاعدة الجهاد" عسكرياً وسياساً واقتصادياً وإعلامياً وأمنياً وفكريا ، فلم يوفّر أعداء الأمة جهداً إلا بذلوه في سبيل تحطيم هذا الحلم الإسلامي ..

استطاعت قاعدة الجهاد توحيد الكثير من الجماعات والأفراد تحت مظلتها ، وكان هدفها المرحلي : عدم الإشتغال بأي حروب جانبية قبل إسقاط أمريكا ، وهذا ما صرّح به أسامة – رحمه الله – فكانت جميع العمليات والمخططات تصب في هذا المجرى حتى خرج الزرقاوي - رحمه الله – في العراق وبدأ بقتال الرافضة ، وحاول جاهداً إقناع القيادة في خراسان بأن قتال الرافضة أولى من قتال الأمريكان ، ثم صار قتال "الصحوات" أولى من قتال الرافضة والأمريكان ، وهنا تغيّرت البوصلة ، وحدث الخلاف بين الأصل الخراساني والفرع العراقي ..

بغض النظر عن التفاصيل الكثيرة والمتشعبة ، فإن الخلاف في الأصل ليس منهجياً بقدر ما هو تكتيكي ، بمعنى : هل الأولى التركيز على أمريكا وإسقاطها ، وبسقوطها تسقط أذنابها في بلاد العرب ، أم أن هذه الحكومات هي من تغذي أمريكا بالمال والنفط ، فإسقاطها يعني تلقائياً إسقاط أمريكا !!

من هو الخطر الحقيقي على الأمة : أمريكا التي تستظل بظلها الحكومات وتقوى لمحاربة المسلمين ، أم هذه الحكومات التي تمنعنا من قتال أمريكا وتقاتلنا نيابة عنها ؟
هل يجوز لنا مناصرة الثورات العربية رغم اختلاط الحابل بالنابل فيها ، أم أن الجهاد وحده هو الفيصل بيننا وبين أعداء الأمة ؟
هذا هو الخلاف المنهجي بين "قاعدة الجهاد" وبين "الزرقاوي" ثم "الدولة الإسلامية" ، وهو الخلاف الذي تفاقم ليتفرّع ويتشعّب إلى حد التمايز والتنازع !!
من أَولى بالقيادة في الأمة : أصحاب النظرية الأولى أم الثانية ؟ من غيّر وبدّل : أصحاب النظرية الأولى أم الثانية ؟ من الأولى بالإتباع : أهل السابقة في الجهاد أم الشباب المتحمسين الجدد ؟

ليست هذه أسئلة فكرية بقدر ما هي مداخلات شيطانية هدفها تمزيق الصف والتحريش بين المسلمين .. الحقيقة الغائبة الحاضرة أنه لا توجد نظريتين ، بل هي حقيقة واحدة اسمها "الجهاد في سبيل الله" ، وهذه الحقيقة متى ما غفلنا عنها : تناوشتنا ضباع الأفكار الشيطانية لتُعمل أنيابها في عقولنا فتشتتنا وتمزقنا كل ممزّق .. هذه الحقيقة تجعلنا نعمل معاً ، ونفكّر معاً ، ونسلك الطريق سوياً ، فكلنا يريد الله ، وكلنا نهتدي بهداه ، ومتى ما التقينا وتراصّت صفوفنا : أَيس الشيطان من الدخول بيننا ..

الإنفراد بالقرار يجعل العاملين أقل إخلاصاً وتفانياً مهما كانت الأهداف ، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الناس استشارة لأصحابه رغم كونه أكثر الناس استغناءً عنها ، وما أكثر ما كان يقول "أشيروا عليّ" ، وقد قيل أنه كان يستشيرهم حتى في أموره الخاصة : كنوع الإدام الذي يأكله أهله في بيته !! ولهذا كان الصحابة يرون أن هذا الدين ملكهم الشخصي الذي يحافظون عليه بكل ما يملكون لأنهم بذلوا فيه فكرهم وعقلهم ، فلم يكونوا أدوات حرب وجنود فقط ، بل كانوا شركاء في البناء .. فالإنفراد بالقرار منفّر ، والتشاور محفّز ..

إذا خرجنا من الدائرة الضيقة للمجاهدين في العراق وخراسان : نجد أن الصدام يقع مع فكر آخر بمنظومة أخرى تختلف اختلافاً كبيراً عن قاعدة الجهاد والدولة ، فالإخوان المسلمون يملكون رصيداً ثقافياً كبيراً من العمل الإسلامي لا يمكن تجاهله ، والإخوان اليوم مع نظرية العمل الجهادي القطري بمفهومه الضيق ، فحماس ليس لها أهداف معلنة غير الصمود في غزة والإبقاء على الضفّة ، حتى مسألة تحرير فلسطين كلها تكاد تختفي من أدبيات الجماعة في الوقت الراهن ، وهذا ما يجعلها محل انتقاد من البعض ، ونحن لا نلومها كثيراً لمعرفتنا بوضعها الخاص الذي ظهر اليوم في خيانات العرب ..

لقد اختار الإخوان اللعب على ورقة المجتمع الدولي بمؤسساته ، وعلى ما يسمى "باللعبة السياسية" ، وهي حقاً لعبة يتحكم في قوانينها من لا يأبه بها ، فقد رأينا كيف ضغطوا على الإخوان بهذه القوانين في عهد مرسي ، ثم لما آل الأمر إليهم داسوا على القوانين وغيروها وبدلوها بما يوافق أهوائهم ، ونرى كيف تضغط المنظمات الدولية على المسلمين في مواقف كثيرة ، بينما تقف متفرجة أمام أعداء الإسلام من يهود ونصارى وهندوس وبوذيين ، والناظر إلى ما يفعله اليهود في أهلنا بغزة اليوم يرى قيمة هذا المجتمع الدولي وقوانينه ونظمه ومنظماته التي ما أُنشئت إلا لتحقيق مصالح بعض الدول ، ومعظم هذه المنظمات اليوم يتحكم فيها اليهود ، فالمتعلّق بها من المسلمين كالمتستجير من الرمضاء بالنار ..

اختار الإخوان تعطيل عقيدة الولاء والبراء ، وتعطيل الجهاد بمفهومه الشرعي ، وتعطيل أحكام أخرى : كحكم من لا يحكم بما أنزل الله ، والتكفير الذي لا يستقيم دين على وجه الأرض بغيره ، بل لا يكون دين ، وإنما فكر هلامي لا معنى له ..

هذه هي مشكلة الأمة الأساسية منذ أكثر من قرن ، ولو أن علماء الإسلام بيّنوا للناس حقيقة نواقض الإسلام وأعملوها واقعاً في حياة الأمة لما استطاع "مصطفى كمال" أن يحكم دار الخلافة ، ولا استطاع النصيري "حافظ" أن يحكم سوريا ، ولا الماسوني "الحسين بن طلال" أن يحكم الأردن ، ولا ابن اليهودية "القذافي" أن يحكم ليبيا ، ولا "ابن علي" أن يحكم تونس ، ولا الجنرالات المتفرنسين أن يحكموا الجزائر ..

قضيّة التكفير من أهم القضايا التي لا بد من تفعيلها في واقعنا اليوم ، وما أُتيت الأمة إلا من قِبل تمييع هذه المفاهيم وتعطيل الأحكام الشرعية ، فلو علمت جموع الأمة أن الحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله كافر مرتد لا يجوز إبقاءه في الحكم دقيقة لما كان هذا حالنا اليوم ، ولو علم الحاكم أنه يُقتل لمجرّد تفكيره بتنحية شرع الله أو بموالاة أعداء الله كان حكامنا غير الذين على الكراسي اليوم ..

بحّ صوت المجاهدين وهم يقولون بأن هذه الحكومات كافرة ، فكان يقال لهم : تكفيريون .. وقال المجاهدون بأن هذه الحكومات عميلة متآمرة ، فقالوا : مهووسون بنظرية المؤامرة .. وقال المجاهدون بأن هذه الحكومات تحارب الدين ، فقالوا : ضلال مبين .. واليوم رأى هؤلاء بأن المجاهدين كانوا محقون في كل ما قالوا ، وتبيّن لهم خطأهم الذي لا يريدون الأعتراف به !! بل لا زال البعض يرمي المجاهدين بالضلال والخارجية والسطحية رغم كل ما ظهر من صدقهم ومعرفتهم بحقائق الأمور ..

إذا خرجنا من هذه الدائرة إلى الدائرة الأكبر ، نجد "حزب التحرير" الذي يرى العمل السياسي طريقاً لإحياء الخلافة ، ونرى جماعة "الدعوة والتبليغ" التي لا ترى العمل في مجال السياسة أصلاً ، ونرى ما يسمى "بالسلفية التقليدية" التي تهتم بالمجال العلمي البعيد عن السياسة والتصادم مع الحكومات ، ثم الدائرة الأكبر التي فيها عوام الأمة ، وهؤلاء عناصر خاملة غير عاملة ، وهم جمهور الأمة ، وتركيز الحكومات وإعلام الأعداء كله منصب على هذه الدائرة ، فهي خامات غير مصقولة يسهل تشكيلها ..

نستطيع أن نقول بأن أهل الجهاد في مجال دائرة ضيقة جداً من الأمة الإسلامية ، فهم العمود الفقري للأمة وصخرتها الصلبة وقاعدتها ولبّها اليوم ، ومع ذلك حصل هذا الشرخ الكبير بينهم لأسباب لو نظرنا إليها نظرة فاحصة لرأينها لا تستحق كل هذا التهويل ، وليس العتب على الجهاد ، بل العتب على الأفراد الذين لم يعوا بعد حقيقة مكر الأعداء ، ومآل التفرّق والتشرذم ، ولم يُدركوا أبعاد المؤامرة التي تُحاك بالأمة ، وكثير من القادة ليس على مستوى الأحداث ، فهذه مصيبة كبيرة في العمل الإسلامي ، وهي مشكلة قديمة قدم الحركات الإسلامية ، ونادراً ما تجود الساحات بقيادات واعية تقدّم مصلحة الأمة على المصالح الشخصية والحزبية ، أما الأفراد فحدّث عن جهلهم بفضل الوحدة والإجتماع ولا حرج ..

رغم كل ما حصل بين المجاهدين ، فإن أهل الجهاد قادرون على توحيد الصفوف ونبذ الخلاف إن هم أعملوا العقل ونظروا بعين الشرع إلى الموقف الراهن وقدموا مصلحة الأمة ، فالصحابة اقتتلوا في معركة الجمل وصفين ، وقُتل من المسلمين خلقٌ كثير ، ومع ذلك : توحّد المسلمون واجتمع شملهم بعد تنازل الخليفة الحسن رضي الله عنه بالخلافة لمعاوية رضي الله عنه في عام الجماعة وإيثاره حقن دماء المسلمين ، فنسي المسلمون ما كان منهم ، واستأنفوا الفتوحات ، وخرج الصحابة في جيش تحت امرة يزيد بن معاوية لفتح القسطنطينية ، فلم تتوقف الحياة ، ولم يحمل المسلمون الضغائن ، بل احتسبوا من قُتل منهم ، وتناسوا وعفوا وأصفحوا وفوّتوا على الشيطان نزغه وتحريشه بينهم ..

لنعود إلى قالة الخليفة عمر رضي الله عنه "إنما غلبتمونا في الجاهلية باجتماعكم وتفرقنا" ، ما معنى أن يكون العرب متحدون اليوم ؟ وهل هذه المقولة لها حظ من النظر إذا صدقت في واقعنا ؟

تخيّل لو أن العرب اليوم على قلب رجل واحد !! مصر تمنع السفن الحربية الأمريكية من دخول قناة السويس ، ودول الخليج تمنع دخول السفن الحربية إلى الخليج ، ويتوقف تصدير النفط إلى أمريكا ، ويتوقف بيع النفط بالدولار ، وتفتح الأردن ومصر ولبنان وسوريا حدود فلسطين : ستنهار أمريكا في بضعة أشهر ، وسيتدفق الشباب المجاهد إلى فلسطين فتتحرر في أيام ، وسيكون البحر الأحمر محرم على السفن الحربية والتجارية لغير المسلمين كما كان في عهد الدولة العثمانية ..

تخيل لو أن دول الخليج أنفقت أموالها لنصرة الإسلام ، كيف يكون الوضع العالمي ؟ عندنا قنابل نووية باكستانية ، وصناعة ماليزية وتركية ، وعندنا كوادر محترفة وأيدي عاملة ، وأكثر من مليار ونصف مليار مسلم من الصين إلى المغرب ، وعندنا جميع ما نحتاج من موارد طبيعية ، وعندنا جيوش نظامية ومجاهدين على مستوى عالٍ من الجاهزية ، وعندنا صناعات أسلحة خفيفة وثقيلة ، كل هذا نستطيع جمعه لو أن دول الخليج فقط بدأت بالعمل لصالح الإسلام .....

لأوّل مرة في التأريخ البشري : يسكت رجال جزيرة العرب عن سبي نسائهم وسجنهن !! .......

"يا عمر: إنا وإياكم في الجاهلية كان الله قد خلّى بيننا وبينكم فغلبناكم ، إذ لم يكن معنا ولا معكم ، فلما كان معكم غلبتمونا .
فقال عمر:
إنما غلبتمونا في الجاهلية باجتماعكم وتفرقنا"
تفرّق العرب في الجاهلية فأذلتهم الأمم وقهرتهم وغلبتهم ، فكيف لو اجتمع العرب في الإسلام !! كيف لو اجتمعت القبائل العربية في جزيرة العرب وقالت : لا ذُلَّ بعد اليوم !! كيف لو اجتمعت الجماعات الإسلامية وقالت : لا نزاع بعد اليوم !! كيف لو اجتمعت الجماعات المجاهدة في الأرض وقالت : لا تثريب علينا ولا فرقة بعد اليوم !! كيف لو اجتمعت الدول الإسلامية وقالت : لا عزّة إلا بالإسلام ، ولا كفر بعد اليوم !!

أوّل شيء فعله سيف الله خالد بن الوليد - رضي الله عنه - حينما قدم من العراق إلى الشام : توحيد صفوف المسلمين وجعل قيادات الجيوش الإسلامية قيادة واحدة ، فقبل قادة الجيوش المسلمة وفيهم من هو خير من خالد ، فانتصر المسلمون في يوم واحد على جيش يفوقهم بستة أضعاف في اليرموك .. المشكلة ليست : كيف نبدأ ؟ المشكلة : من يبدأ !! من يحمل هم الأمة ويعلن وحدة ولو على مستوى الجماعات ليسن في الإسلام سنّة حسنة له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ..

والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

كتبه
حسين بن محمود
4 شوال 1435هـ

عاشقة السماء
عاشقة السماء
إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ

عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  ابن صادق الوعد السبت أغسطس 02, 2014 7:40 am

بسم الله الرحمن الرحيم

أختي الكريمة "عاشقة السماء" ، أنت عاطفية وتغتري بالشعارات الرنانة. رؤيتك سطحية ومن السهل التلاعب بمن هو كذلك. أختي الكريمة ، من هذا الذي سمى نفسه حسين بن محمود؟ رؤيته مكررة سامجة مللنا منها طوال ربع قرن. هذا وأمثاله يظهر بثوب الناصح وهو في الحقيقة من المخذلين علم ذلك أم لم يعلم. هذه الأسطوانة المشروخة كنا ولا زلنا نسمعها. بل قرأنا أن هناك من يحلم بإقامة خلافة إسلامية منذ ما يقارب المئة سنة. ولا بأس ، فالخلافة الإسلامية مطلب كل مسلم ، ولكن مئة سنة ربما أنها قد أظهرت سوء منهج تلك العقليات المريضة. هذا يمارس جلد الذات ويقر بفساد الأمة ، ومن المؤكد أنه من الأمة ولابد إذا أن يكون من أول المفسدين إلا إن يزكي نفسه!!!

لا مكان له ولأمثاله في هذه الفترة. فقد ولى زمانهم وأتوا في زمن يغلي ، في زمن ظهر الناس على حقيقتهم وسقطت الأقنعة. إن من ثار على الظلم من المسلمين في الشام هم من أصدق المجاهدين الآن في الشام. هم من ذاقوا الهوان ، ولن يكون تنظيم لا يعرف منهجه ولا من يقوده ولا من أين أتى أن يكون أكثر إخلاصا منهم. فحري بتنظيمه أن يبقى في العراق حتى يخرج الرافضة منه. فأهل الشام ليسوا بحاجتهم فلقد أغناهم الله. ومن كان يظن أن تنظيم العراق والشام ومن شابههم أنهم أصحاب الخلافة فهو واهم. فأصحاب الخلافة هم الذين يقضون على حكم الرافضة في إيران وليسوا هم الذين ظهروا خلفا لحزب البعث. أصحاب الخلافة هم الذين يصدون طغاة الشام عندما يدرك هؤلاء الطغاة ذهاب السلطة من يد أمثالهم. أصحاب الخلافة ليسوا هم الذين يقتلون المسلمين قتلا لم يقتله قوم كما فعل أبو مسلم الخراساني من قبل وكما يفعل من شابهه اليوم. أصحاب الخلافة هم الذين ينصرون الله ورسوله ، وأرجو أن أرى بوادرهم مع نهاية هذا العام ومع مطلع العام الهجري القادم وأسأل الله أن يقر أعيننا ويرينا زوال الرافضة قريبا.

عذرا أخي حسين بن محمود ، فلقد ولى زمانك.

كتبه ابن صادق الوعد في السبت 1435/10/06 هجري

ابن صادق الوعد
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 312
تاريخ التسجيل : 30/08/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  عبد من عباد الرحمن السبت أغسطس 02, 2014 8:24 am

ابن صادق الوعد كتب:بسم الله الرحمن الرحيم

أختي الكريمة "عاشقة السماء" ، أنت عاطفية وتغتري بالشعارات الرنانة. رؤيتك سطحية ومن السهل التلاعب بمن هو كذلك. أختي الكريمة ، من هذا الذي سمى نفسه حسين بن محمود؟ رؤيته مكررة سامجة مللنا منها طوال ربع قرن. هذا وأمثاله يظهر بثوب الناصح وهو في الحقيقة من المخذلين علم ذلك أم لم يعلم. هذه الأسطوانة المشروخة كنا ولا زلنا نسمعها. بل قرأنا أن هناك من يحلم بإقامة خلافة إسلامية منذ ما يقارب المئة سنة. ولا بأس ، فالخلافة الإسلامية مطلب كل مسلم ، ولكن مئة سنة ربما أنها قد أظهرت سوء منهج تلك العقليات المريضة. هذا يمارس جلد الذات ويقر بفساد الأمة ، ومن المؤكد أنه من الأمة ولابد إذا أن يكون من أول المفسدين إلا إن يزكي نفسه!!!

لا مكان له ولأمثاله في هذه الفترة. فقد ولى زمانهم وأتوا في زمن يغلي ، في زمن ظهر الناس على حقيقتهم وسقطت الأقنعة. إن من ثار على الظلم من المسلمين في الشام هم من أصدق المجاهدين الآن في الشام. هم من ذاقوا الهوان ، ولن يكون تنظيم لا يعرف منهجه ولا من يقوده ولا من أين أتى أن يكون أكثر إخلاصا منهم. فحري بتنظيمه أن يبقى في العراق حتى يخرج الرافضة منه. فأهل الشام ليسوا بحاجتهم فلقد أغناهم الله. ومن كان يظن أن تنظيم العراق والشام ومن شابههم أنهم أصحاب الخلافة فهو واهم. فأصحاب الخلافة هم الذين يقضون على حكم الرافضة في إيران وليسوا هم الذين ظهروا خلفا لحزب البعث. أصحاب الخلافة هم الذين يصدون طغاة الشام عندما يدرك هؤلاء الطغاة ذهاب السلطة من يد أمثالهم. أصحاب الخلافة ليسوا هم الذين يقتلون المسلمين قتلا لم يقتله قوم كما فعل أبو مسلم الخراساني من قبل وكما يفعل من شابهه اليوم. أصحاب الخلافة هم الذين ينصرون الله ورسوله ، وأرجو أن أرى بوادرهم مع نهاية هذا العام ومع مطلع العام الهجري القادم وأسأل الله أن يقر أعيننا ويرينا زوال الرافضة قريبا.

عذرا أخي حسين بن محمود ، فلقد ولى زمانك.

كتبه ابن صادق الوعد في السبت 1435/10/06 هجري

استطيع ان أقول مثل ما تقول .. من هذا الذي سمى نفسه ابن صادق الوعد ؟

وان كنت ترى ان هذه التنظيمات التي تسميها مجهولة .. فهي عندك مجهوله

و والواجب عليك ان تعرفها قبل ان تحكم عليها بالباطل .. وان عرفتها حق المعرفة ..لا من كلام لا تعرف صحته

فإحكم بالكتاب والسنــه


هل ترى الشمس ؟ على مثلها فإشهد او دع






عبد من عباد الرحمن
عبد من عباد الرحمن
قل جاء الحق وما يُبدئُ الباطل وما يعيد

عدد المساهمات : 645
تاريخ التسجيل : 05/05/2014

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  ابن صادق الوعد السبت أغسطس 02, 2014 9:17 am

بسم الله الرحمن الرحيم

أخي الكريم "عبد من عباد الرحمن" ، حفظك الله أخي ، فأنا لا أجزم أني على حق ولا أجزم أن من يخالفني على باطل. وطالما أنت وأنا لا نستطيع أن نجزم من الذي على حق ، فهل ترى معي إذا أن من الحكمة التوقف حتي يستبين الأمر؟

ابن صادق الوعد
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 312
تاريخ التسجيل : 30/08/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  عبد من عباد الرحمن السبت أغسطس 02, 2014 10:00 am

ابن صادق الوعد كتب:بسم الله الرحمن الرحيم

أخي الكريم "عبد من عباد الرحمن" ، حفظك الله أخي ، فأنا لا أجزم أني على حق ولا أجزم أن من يخالفني على باطل. وطالما أنت وأنا لا نستطيع أن نجزم من الذي على حق ، فهل ترى معي إذا أن من الحكمة التوقف حتي يستبين الأمر؟

نعم

فإن كنت لا تعرفهم فكيف تحكم عليهم او تأتي تحذرنا منهم وتسيء الظن بهم ؟!

وان تحكم عليهم بالظاهر لكن بشرط .. أن تكون متأكد مما رأيته منهم لا من أقوال الناس أو افعال رايتها منهم قد تُفهم خطأ

ولا تحشد لنا اقوالا لا تعلم ماهي وماصحتها ..

وثم الحكم بالكتاب والسنــه وان كانوا على حق وان كانوا على باطل فإنظر

ولتعلم انهم بشر يخطئون مثلنا .. ونعتبرهم مجتهدون ان شاء الله ان كانوا على خطأ في بعض الأمور

ونحسب كل من جاهد لتكون كلمة الله هي العلياء فهو في سبيل الله

والأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى

والله يهدينا الى الحق




عبد من عباد الرحمن
عبد من عباد الرحمن
قل جاء الحق وما يُبدئُ الباطل وما يعيد

عدد المساهمات : 645
تاريخ التسجيل : 05/05/2014

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  عاشقة السماء السبت أغسطس 02, 2014 6:24 pm

ابن صادق الوعد كتب:بسم الله الرحمن الرحيم

أختي الكريمة "عاشقة السماء" ، أنت عاطفية وتغتري بالشعارات الرنانة. رؤيتك سطحية ومن السهل التلاعب بمن هو كذلك. أختي الكريمة ، من هذا الذي سمى نفسه حسين بن محمود؟ رؤيته مكررة سامجة مللنا منها طوال ربع قرن. هذا وأمثاله يظهر بثوب الناصح وهو في الحقيقة من المخذلين علم ذلك أم لم يعلم. هذه الأسطوانة المشروخة كنا ولا زلنا نسمعها. بل قرأنا أن هناك من يحلم بإقامة خلافة إسلامية منذ ما يقارب المئة سنة. ولا بأس ، فالخلافة الإسلامية مطلب كل مسلم ، ولكن مئة سنة ربما أنها قد أظهرت سوء منهج تلك العقليات المريضة. هذا يمارس جلد الذات ويقر بفساد الأمة ، ومن المؤكد أنه من الأمة ولابد إذا أن يكون من أول المفسدين إلا إن يزكي نفسه!!!

لا مكان له ولأمثاله في هذه الفترة. فقد ولى زمانهم وأتوا في زمن يغلي ، في زمن ظهر الناس على حقيقتهم وسقطت الأقنعة. إن من ثار على الظلم من المسلمين في الشام هم من أصدق المجاهدين الآن في الشام. هم من ذاقوا الهوان ، ولن يكون تنظيم لا يعرف منهجه ولا من يقوده ولا من أين أتى أن يكون أكثر إخلاصا منهم. فحري بتنظيمه أن يبقى في العراق حتى يخرج الرافضة منه. فأهل الشام ليسوا بحاجتهم فلقد أغناهم الله. ومن كان يظن أن تنظيم العراق والشام ومن شابههم أنهم أصحاب الخلافة فهو واهم. فأصحاب الخلافة هم الذين يقضون على حكم الرافضة في إيران وليسوا هم الذين ظهروا خلفا لحزب البعث. أصحاب الخلافة هم الذين يصدون طغاة الشام عندما يدرك هؤلاء الطغاة ذهاب السلطة من يد أمثالهم. أصحاب الخلافة ليسوا هم الذين يقتلون المسلمين قتلا لم يقتله قوم كما فعل أبو مسلم الخراساني من قبل وكما يفعل من شابهه اليوم. أصحاب الخلافة هم الذين ينصرون الله ورسوله ، وأرجو أن أرى بوادرهم مع نهاية هذا العام ومع مطلع العام الهجري القادم وأسأل الله أن يقر أعيننا ويرينا زوال الرافضة قريبا.

عذرا أخي حسين بن محمود ، فلقد ولى زمانك.

كتبه ابن صادق الوعد في السبت 1435/10/06 هجري

عجباً لأمرك أخينا ابن صادق الوعد!!!!!!!!
ليتك تمتثل لنصيحتك، فأنت الأجدر بها، ودع من تسميهم عاطفيين ومن السهل تسييرهم، فمن نظر بكتاب الله وصحيح السنة بتبصر وتجرد كفتاه ففيهما الهداية لسواء السبيل، والميزان بين الحق والباطل. فمن ينكر أفعال الدولة الإسلامية والمجاهدين الصادقين الساعين لإعلاء كلمة الله، يصنع كمن يحمل الغربال ليحجب ضوء الشمس، أو يعمل صنيع الإعلام العربي الذي يستخف بعقل المتلقي وقد أيقن أن الخبر كفيل بتوجيهه!!!!!!

والشيخ حسين بن محمود من تتبع كتاباته منذ سنوات، ويقارنها بما وصل إليه الواقع اليوم، يعلم مدى بصيرة الرجل -نسأل الله أن يثبته على طريق الحق-.

ومن نناصرهم ونشد على أيديهم ونسأل الله أن يلحقنا بهم، لم نرى منهم إلا نصرة لدينه وحالهم كمن يصمد صمود اسطوري وسط حمم بركانية، ومن بدل ابدلناه، فنحن أتباع الحق -نسأل الله الثبات- وندور معه أينما دار.
اللهم استخدمنا ولا تستبدلنا يا عظيم، واجعلنا ممن يستظلوا بظل الخلافة قريبا يا ملك يا قدير.
عاشقة السماء
عاشقة السماء
إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ

عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  ابو بكر العطار الإثنين أغسطس 04, 2014 1:44 am

عاشقة السماء كتب:
ابن صادق الوعد كتب:بسم الله الرحمن الرحيم

أختي الكريمة "عاشقة السماء" ، أنت عاطفية وتغتري بالشعارات الرنانة. رؤيتك سطحية ومن السهل التلاعب بمن هو كذلك. أختي الكريمة ، من هذا الذي سمى نفسه حسين بن محمود؟ رؤيته مكررة سامجة مللنا منها طوال ربع قرن. هذا وأمثاله يظهر بثوب الناصح وهو في الحقيقة من المخذلين علم ذلك أم لم يعلم. هذه الأسطوانة المشروخة كنا ولا زلنا نسمعها. بل قرأنا أن هناك من يحلم بإقامة خلافة إسلامية منذ ما يقارب المئة سنة. ولا بأس ، فالخلافة الإسلامية مطلب كل مسلم ، ولكن مئة سنة ربما أنها قد أظهرت سوء منهج تلك العقليات المريضة. هذا يمارس جلد الذات ويقر بفساد الأمة ، ومن المؤكد أنه من الأمة ولابد إذا أن يكون من أول المفسدين إلا إن يزكي نفسه!!!

لا مكان له ولأمثاله في هذه الفترة. فقد ولى زمانهم وأتوا في زمن يغلي ، في زمن ظهر الناس على حقيقتهم وسقطت الأقنعة. إن من ثار على الظلم من المسلمين في الشام هم من أصدق المجاهدين الآن في الشام. هم من ذاقوا الهوان ، ولن يكون تنظيم لا يعرف منهجه ولا من يقوده ولا من أين أتى أن يكون أكثر إخلاصا منهم. فحري بتنظيمه أن يبقى في العراق حتى يخرج الرافضة منه. فأهل الشام ليسوا بحاجتهم فلقد أغناهم الله. ومن كان يظن أن تنظيم العراق والشام ومن شابههم أنهم أصحاب الخلافة فهو واهم. فأصحاب الخلافة هم الذين يقضون على حكم الرافضة في إيران وليسوا هم الذين ظهروا خلفا لحزب البعث. أصحاب الخلافة هم الذين يصدون طغاة الشام عندما يدرك هؤلاء الطغاة ذهاب السلطة من يد أمثالهم. أصحاب الخلافة ليسوا هم الذين يقتلون المسلمين قتلا لم يقتله قوم كما فعل أبو مسلم الخراساني من قبل وكما يفعل من شابهه اليوم. أصحاب الخلافة هم الذين ينصرون الله ورسوله ، وأرجو أن أرى بوادرهم مع نهاية هذا العام ومع مطلع العام الهجري القادم وأسأل الله أن يقر أعيننا ويرينا زوال الرافضة قريبا.

عذرا أخي حسين بن محمود ، فلقد ولى زمانك.

كتبه ابن صادق الوعد في السبت 1435/10/06 هجري

عجباً لأمرك أخينا ابن صادق الوعد!!!!!!!!
ليتك تمتثل لنصيحتك، فأنت الأجدر بها، ودع من تسميهم عاطفيين ومن السهل تسييرهم، فمن نظر بكتاب الله وصحيح السنة بتبصر وتجرد كفتاه ففيهما الهداية لسواء السبيل، والميزان بين الحق والباطل. فمن ينكر أفعال الدولة الإسلامية والمجاهدين الصادقين الساعين لإعلاء كلمة الله، يصنع كمن يحمل الغربال ليحجب ضوء الشمس، أو يعمل صنيع الإعلام العربي الذي يستخف بعقل المتلقي وقد أيقن أن الخبر كفيل بتوجيهه!!!!!!

والشيخ حسين بن محمود من تتبع كتاباته منذ سنوات، ويقارنها بما وصل إليه الواقع اليوم، يعلم مدى بصيرة الرجل -نسأل الله أن يثبته على طريق الحق-.

ومن نناصرهم ونشد على أيديهم ونسأل الله أن يلحقنا بهم، لم نرى منهم إلا نصرة لدينه وحالهم كمن يصمد صمود اسطوري وسط حمم بركانية، ومن بدل ابدلناه، فنحن أتباع الحق -نسأل الله الثبات- وندور معه أينما دار.
اللهم استخدمنا ولا تستبدلنا يا عظيم، واجعلنا ممن يستظلوا بظل الخلافة قريبا يا ملك يا قدير.

+10000
ابو بكر العطار
ابو بكر العطار
ربنا افرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين

عدد المساهمات : 1594
تاريخ التسجيل : 27/06/2014

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  قادمون ياأقصى الإثنين أغسطس 04, 2014 2:57 am

نفع الله بالشيخ حسين بن محمود من سنوات عديده وهو يكتب بالدفاع عن المجاهدين في سبيل الله زكاه علمه ( ولا يعني ان الرجل معصوم عن الخطاء) .
قادمون ياأقصى
قادمون ياأقصى
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 4006
تاريخ التسجيل : 03/03/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  قادمون ياأقصى الجمعة أغسطس 22, 2014 5:27 pm



بسم الله الرحمن الرحيم

مسألة قطع الرؤوس

لا يكاد زماننا هذا يزهد في الإتيان بالعجائب والغرائب التي هي من قبيل المصائب ، فالأمور باتت تحيّر الحليم ، فما نكاد نخرج من مسألة حتى نسقط في أختها بتسلسل ينفي عن نفسه صفة العفوية .. قبل سنوات قليلة : قتل الأمريكان مليون ونصف المليون عراقي ، أكثرهم من الأطفال ، ودمّروا العراق بأكمله ، وهتكوا أعراض العراقيات من أهل السنة ، وما حادثة أبو غريب وأخواتها بغائبة عنا ، ثم مكّنوا للرافضة الذين أذاقوا المسلمين سوء العذاب فقتلوا رجالهم وسبوا نسائهم ودمروا بيوته وأخذوا أموالهم ، كل ذلك تحت الحماية والوصاية الأمريكية ، نسينا كل هذا وتباكينا على أمريكي قتلته الدولة الإسلامة !!


لا أدري ما أقول ، فعقلي حائر من كلمات قرأتها وسمعتها وسمعت عنها من قِبل أناس لا أدري ما وصفهم !! ملايين المسلمين قُتلوا وعُذّبوا وشُرّدوا ، وعشرات الآلاف من نساء المسلمين هتكت أعراضهن واستباح الأمريكان فروجهنّ ثم يكون البكاء على علجٍ نصراني أمريكي حربي كافر دخل دولة الإسلام - وهو يعلم ما هي "دولة الإسلام" - بلا عهد ، فهل كان يُنتظَر من جنود الدولة أن يطبطبوا على ظهر الأمريكي الحربي ويبشّوا في وجهه !! لقد أجمع العلماء قاطبة على جواز قتل الكافر الحربي ، وأنه حلال المال والدم ، والجمهور على جواز قتله إن أُسر ، فمن أين أتى هذا الإنكار على "الدولة الإسلامية" !! هل نسينا دعوة الصهاينة لقتل الأطفال الفلسطينيين وقتل الفلسطينيات الحوامل وإمداد الأمريكان لليهود بالمال والسلاح لقتل المسلمين في فلسطين قبل أيام قلائل !! لا عدمنا يداً قطعت رأس هذا الكافر .. ليكن معلوماً لكل الناس بأن الرجل الحربي إذا دخل بلاد الإسلام بلا عهد شرعي فإنه حلال المال والدم والذريّة ..


لقد تاثّر كثير من المسلمين بنظريات الغرب الكاذبة ، وأفكارهم الخبيثة التي تُصدّر إلى الأمة الإسلامية لإضعافها وتغيير مفاهيم شبابها ليخنعوا ويجبنوا ويتركوا أسباب القوة والإرهاب ، فينشأ جيل لا يعرف القتال ولا ضرب الرقاب ، وقد رأينا في الآونة الأخيرة بعض المنتسبين إلى العلم يخلطون الحابل بالنابل ، ويدلّسون على الأمة ، ويغيّرون المفاهيم الشرعية تماشياً مع مخططات الأعداء ، ولا ندري إن كان هذا عن جهل منهم ببعض الأحكام الشرعية ، أم هو التخذيل والإرجاف ..


ومن العجيب أن سيأل أناس عن موقفنا الشرعي من قتل بعض المسلمين ؟ أيحسب هؤلاء أنهم يسألون يهوداً أو نصارى !! موقفنا من قتل المسلم هو ما قال الله تعالى في كتابه {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (النساء : 92-93) ، و"لزوالُ الدُّنيا أَهونُ عندَ اللَّهِ من قتلِ رجلٍ مسلم" (النسائي ، وصححه الألباني) ، فلسنا نتساهل في دماء المسلمين ، فإننا ننكر ذلك بشدّة ، ونحذّر جميع المجاهدين مغبّة التهاون في أمر الدماء المحرّمة مهما كانت الأسباب ، فليتّق الله من يدّعي الجهاد ، فإن الجهاد ضد الكفار ، وليس قتال المسلمين وقتلهم من الجهاد ، بل هو فتنة وبغي وظلم في الغالب ، وهو قتال مذموم ، وصاحبه آثم غير مأجور ، ، وإن كان يظن البعض أن له دليل أو برهان أو تأويل فليقطع الشك باليقين ، واليقن هو حرمة دماء المسلمين ، فلا يُضيع أحدهم جهاده بمثل هذا ، فإن المجاهد ليس آمن من مكر الله ولا عقابه إن عصى الله تعالى .. ومن ظن أنه مجتهد في المسألة ، فلا يكون الإجتهاد في مثل هذا إلا على نطاق ضيّق جداً يراجع فيه المرء نفسه ألف مرة قبل أخذ خطوة واحدة ، فـ"لا يزالُ المؤمنُ في فسحةٍ من دينِه ، ما لم يصبْ دماً حراما" (البخاري)..


إن مسألة قطع رؤوس الكفار من المسائل المتّفق على جوازها بين الأمة ، فقطع رأس الكافر الحربي أمر محمود يثاب عليه المسلم ، وإنما تكلّم العلماء في مسألة نقل الرأس من مكان إلى آخر ، أو السفر بالرأس أو "حمل الرأس" ، فهذا هو المختلف فيه بين العلماء ، وقد رأينا من جعل نصوص "حمل الرأس" والسفر به شاهدة على حرمة القطع بزعمه ، فخلط هذا بهذا كما فعلوا في أحكام جهاد الدفع والطلب : فاشترطوا شروط الطلب للدفع ، وهذا من الكذب على الله تعالى وعلى النبي صلى الله عليه وسلم ..
فليتّق الله الذين يتلاعبون بالدين ، ويكذبون على المسلمين من حيث يشعرون أو لا يشعرون {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (النحل : 105) ، قال أبو الحسن الإشبيلي في الذخائر والأعلاق : "الكذب – صانَك الله – أوضع كلّ خطّة ، وأجمعها للمذمّة والمحطّة ، وأكبرها ذُلاً في الدنيا ، وأكثرها خزياً في الآخرة ، وهو من أعظم علامات النفاق ، وأقوى الدلائل على دناءة الأخلاق والأعراق ، لا يُؤتمن حاملها على حال ، ولا يُصدَّقُ إذا قال ، فأبعدها الله من خليقة مذمومة ، وشيمة لم تزل في أهل الفضل معدومة" (انتهى) ..


أما قطع رؤوس الكفار من اليهود والنصارى والنصيرية والرافضة المرتدين الذين يفعلون بالمسلمين الأفاعيل ، فهؤلاء يجب إرهابهم وزرع الرعب في قلوبهم ، فتُقطع رؤوسهم ولا كرامة ، فقطع الرؤوس من سنّة الصحابة رضي الله عنهم ، وقد أمر الله تعالى في كتابه بضرب أعناق الكفار وحث المسلمين على ذلك ، فقال سبحانه {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ...} (محمد : 4) ، قال القرطبي في تفسيره : "‏{‏فضرب الرقاب‏}‏ مصدر‏.‏ قال الزجاج ‏:‏ أي فاضربوا الرقاب ضرباً .‏ وخص الرّقاببالذكر لأن القتل أكثر ما يكون بها"‏ (انتهى).‏قال البغوي : "أي فاضربوا رقابهم يعني أعناقهم . {حتى إذا أثخنتموهم} بالغتم في القتل وقهرتموهم" ، وقال الزمخشري في الكشاف : "في هذه العبارة من الغلظة والشدّة ما ليس في لفظ القتل ، لما فيه من تصوير القتل بأشنع صورة وهو حز العنق وإطارة العضو الذي هو رأس البدن وعلوه وأوجَه أعضائه . ولقد زاد في هذه الغلظة في قوله تعالى {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ}" (انتهى) ، وقال ابن عطية في المحرر الوجيز : "{فضرب الرقاب} ، مصدر بمعنى الفعل ، اي : فاضربوا رقابهم ، وعيّن من أنواع القتل أشهره وأعرفه" (انتهى) ، قال ابن كثير في تفسيره : "يقول تعالى مرشدا للمؤمنين إلى ما يعتمدونه في حروبهم مع المشركين: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} أي : إذا واجهتموهم فاحصدوهم حصدا بالسيوف" (انتهى) ..
قال الماوردي في الأحكام السلطانية : ويكون [أي الأمير] في الأسرى مخيراً في استعمال الأصلح من أربعة أمور : أحدهما : أن يقتلهم صبراً بضرب العنق" (انتهى) ..


كم قرأنا حديثاً لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يطلبون منه ضرب أعناق بعض الناس ، ولم يُنكر النبي صلى الله عليه وسلم ضرب العنق ، وإنما رفض ذلك في بعض الناس لأسباب جاءت في الأحاديث ، فممن طلب ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم : عمر وخالد - رضي الله عنهما - حين أرادا ضرب عنق ذي الخويصرة التميمي ، وطلب عمر ضرب عنق ابن صياد ، وعنق حاطب بن أبي بلتعة ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم خال البراء بضرب عنق رجل تزوج امرأة أبيه ، وطلب أبي برزة من أبي بكر ضرب عنق رجل اشتدّ على أبي بكر ، ولما قال رجل من أهل الكتاب للنبي صلى الله عليه وسلك "السام عليكم" استأذن عمر بضرب عنقه ، ومعاذ لما أتى اليمن لم يجلس في مجلس أبي موسى حتى ضرب عنق اليهودي المرتد "قضاء الله وقضاء رسوله" ، وقد حفر المسلمون الخنادق لبني قريضة في سوق المدينة ، ثم أُمر بهم فجُعل يُذهب بهم إلى الخنادق أرسالاً أرسالا ، وتضرب في تلك الخنادق أعناقهم "حكم الله من فوق سبع سماوات" ..


فضرْب الأعناق كان أمراً معلوماً مشهوراً معمولاً به دون نكارة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم إلى وقت احتلال النصارى بلاد المسلمين في القرن الماضي ، فحارب هؤلاء الصليبيون المعاني الشرعية وحرّفوا الدين وأقنعوا المسلمين بأن دينهم دين سلام وحمام وحب ووئام لا دم فيه ولا قتل ولا قتال ، وبقي المسلمون على هذه الحال حتى أحيا الله تعالى سنّة قطع الرؤوس على يد المجاهد الذبّاح أبي مصعب الزرقاوي رحمه الله وتقبله في الشهداء ..


وهذه بعض الآثار الدالة على جواز قطع الرؤوس : جاء في مصنف ابن أبي شيبة ، باب "فيحمل الرؤوس" : "... حدثنا أبو نضرة ، قال : لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم العدو ذات يوم ، فقال لأصحابه : من جاء منكم برأس فله على الله ما تمنى" . قال ابن التركماني في الجوهر النقي [على السنن الكبرى للبيهقي] : والذي روى أبو داود في المراسيل ... عن أبي نضرة، قال : لقي النبي صلى الله عليه وسلم العدو فقال : "من جاء برأس فله على الله ما تمنى" ، فجاءه رجلان برأس فاختصما فيه ، فقضى به لأحدهما ... فهذا حديث منقطع ، وفيه إن ثبت تحريض على قتل العدو ، وليس فيه نقل الرأس من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام" .
وعند ابن أبي شيبة : عن البراء بن عازب ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه ، فأمره أن يأتيه برأسه .. وعنده : عن أبي عبيدة ، قال : قال عبد الله : اشتركنا يوم بدر أنا وسعد وعمار ، فجاء سعد برأسين .. وعنده : عن هنيدة بن خالد الخزاعي ، قال : إن أول رأس أهدي في الإسلام رأس ابن الحمق ، أهدي إلى معاوية". (انتهى) ..


قال ابن كثير في البداية : "قال ابن إسحاق : وزعم رجال من بني مخزوم ، أن ابن مسعود كان يقول : قال لي [أي أبو جهل] : لقد ارتقيت مرتقى صعباً يا رُويعيّ الغنم .. قال [ابن مسعود] : ثم احتززت رأسه ، ثم جئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، هذا رأس عدو الله . فقال : آلله الذي لا إله غيره ؟ وكانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقلت : نعم ، والله الذي لا إله غيره . ثم ألقيت رأسه بين يدي رسول الله ، فحمد الله .. هكذا ذكر ابن إسحاق رحمه الله" (انتهى) .


وروى البيهقي من طريق محمد بن يحيى بن سهل بن أبي حثمة، عن أبيه، عن جده : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أقبل بالأسارى - وكان بعرق الظبية - أمر عاصم بن ثابت فضرب عنق عقبة بن أبي معيط صبرا ، فقال: من للصبية يا محمد ؟ قال : النار" (ورواه الدارقطني) ، وكان هذا يوم بدر ، وقَتل معه النضر بن الحارث العبدري وطُعيمة بن عدي صبرا ..


وروى أهل السير أن الملائكة كانت تقطع رؤوس الكفار يوم بدر ، فقد جاء في البداية والنهاية لابن كثير : "رووى البيهقي ، عن أبي أمامة بن سهل ، عن أبيه قال : يا بني ، لقد رأيتنا يوم بدر وإن أحدنا ليشير إلى رأس المشرك ، فيقع رأسه عن جسده ، قبل أن يصل إليه السيف ... وقال ابن إسحاق: حدثني والدي ، حدثني رجال من بني مازن ، عن أبي واقد الليثي قال : إني لأتبع رجلا من المشركين يوم بدر لأضربه ، فوقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي ، فعرفت أن غيري قد قتله" (انتهى) ..


وقال ابن كثير في البداية والنهاية : "عن أبي بردة بن نيار قال : جئت يوم بدر بثلاثة أرؤس ، فوضعتهن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : أما رأسان فقتلتهما ، وأما الثالث فإني رأيت رجلا طويلا ضربه ، فتدهدى أمامه ، فأخذت رأسه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاك فلان من الملائكة" (انتهى) ..


وقد ذكر ابن أبي شيبة قصّة أبي بكر مع الرأس التي نُقلت إليه في هذا الباب "باب حمل الرأس" ، وهناك فرق كبير – كما قلنا - بين حمل الرأس وقطع الرأس أو حزّه ، فالأوّل هو الذي عليه الخلاف ، أما الثاني فلا أعرف فيه خلافاً بين العلماء ، ومن وجد خلافاً في جواز قطع الرأس فلينقله لنا ..


قال ابن أبي شيبة في مصنفه : عن يزيد بن أبي حبيب المصري ، قال : بعث أبو بكر ، أو عمر ، شك الأوزاعي ، عقبة بن عامر الجهني ، ومسلمة بن مخلد الأنصاري إلى مصر ، قال : ففتح لهم ، قال : فبعثوا برأس ينّاق البطريق ، فلما رآه أنكر ذلك ، فقال : إنهم يصنعون بنا مثل هذا ، فقال : استنان بفارس والروم ؟ لا يحمل إلينا رأس ، إنما يكفينا من ذلك الكتاب والخبر" (قال في كنز العمال : قال ابن كثير : إسناده صحيح) .. وفي السنن الكبرى للبيهقي "باب ما جاء فى نقل الرؤوس" : أن عمرو بن العاص وشرحبيل ابن حسنة بعثا عقبة بريداً إلى أبى بكر الصديق رضى الله عنه برأس يناق بطريق الشام" (والخبر في السنن الكبرى للنسائي عن عبد الله من المبارك عن سعيد بن يزيد ...) ، قال ابن الجواليقى: البطريق بلغة الروم هو القائد ، أى مقدم الجيوش وأميرها ، وجمعه بطارقة" (تهذيب الاسماء واللغات) ..إن إنكار الصدّيق لم يكن لقطع الرأس ، وإنما أنكر نقل الرأس من مصر إلى المدينة ، ودليل هذا قوله : "إنما يكفينا من ذلك الكتاب والخبر"


قال السرخسي في شرح للسير الكبير : " [باب حمل الرءوس إلى الولاة] : "وذُكر عن عقبة بن عامر الجهني - رضي الله عنه - أنه قدم على أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - برأس يناق البطريق . فأنكر ذلك . فقيل له : يا خليفة رسول الله إنهم يفعلون ذلك بنا . قال فاستنان بفارس والروم ؟ لا يُحمل إليّ رأس ، إنما يكفي الكتاب والخبر . وفي رواية قال لهم : "لقد بغيتم" . أي تجاوزتم الحد. وفي رواية كتب إلى عماله بالشام : "لا تبعثوا إلي برأس ، ولكن يكفيني الكتاب والخبر".


فبظاهر الحديث أخذ بعض العلماء ، وقال : لا يحل حمل الرءوس إلى الولاة لأنها جيفة . فالسبيل دفنها لإماطة الأذى ، ولأن إبانة الرأس مُثلة "ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المثلة ولو بالكلب العقور" .. وقد بين أبو بكر - رضي الله عنه - أن هذا من فعل أهل الجاهلية ، وقد نهينا عن التشبه بهم.

وأكثر مشايخنا - رحمهم الله - على أنه إذا كان في ذلك كبت وغيظ للمشركين أو فراغ قلب للمسلمين بأن كان المقتول من قواد المشركين أو عظماء المبارزين : فلا بأس بذلك.
ألا ترى "أن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - حمل رأس أبي جهل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر حتى ألقاه بين يديه ، فقال: هذا رأس عدوك أبي جهل . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الله أكبر هذا فرعوني وفرعون أمتي. وكان شرّه عليّ وعلى أمتي أعظم من شر فرعون على موسى وأمته" . وما منعه ولم ينكر عليه ذلك.
وهو معنى ما رواه عن الزهري - رحمه الله - قال: "لم يُحمل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأس إلا يوم بدر" . وحُمل إلى أبي بكر - رضي الله عنه - فأنكره. وأول من حُملت إليه الرءوس ابن الزبير - رضي الله عنه – . "ولما بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن أنيس إلى سفيان بن عبد الله ، قال عبد الله : فضربت عنقه وأخذت برأسه فصعدت إلى جبل فاختبأت فيه . حتى إذا رجع الطلب وجهت برأسه حتى جئت به النبي صلى الله عليه وسلم" . "وحين بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محمد بن مسلمة - رضي الله عنه - بقتل كعب بن الأشرف ، جاء برأسه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم ينكر عليه ذلك" ، فتبين بهذه الآثار أنه لا بأس بذلك ، والله الموفق. (انتهى النقل عن شرح السير) ..


قال الطحاوي في شرح مشكل الآثار (ج7) في معرض بيانه لكراهة الصدّيق حمل الرؤوس إليه : "أن أبا بكر، وإن كان قد أنكر ذلك ، فقد كان حاملوه شرحبيل بن حسنة ، وعمرو بن العاص ، وعقبة بن عامر بحضرة من كان معهم من أمرائه على الأجناد منهم يزيد بن أبي سفيان ومن سواه ممن كان خرج لغزو الشام من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلم ينكروا ذلك عليهم ، ولم يخالفوهم عليه . فدل ذلك على متابعتهم إياهم عليه ، ولما كان ذلك كذلك ، وكانوا مأمونين على ما فعلوا ، فقهاء في دين الله عز وجل ، كان ما فعلوا من ذلك مباحا لما رأوا فيه من إعزاز دين الله وغلبة أهله الكفار به ، وكان ما كان من أبي بكر في ذلك من كراهته إياه قد يحتمل أن يكون لمعنى قد وقف عليه في ذلك ، يعني عن ذلك الفعل ، وقد كان رأيه رضي الله عنه معه التوفيق ، وكان مثل هذا من بعد يرجع فيه إلى رأي الأئمة الذين يحدث مثل هذا في إبانهم ، فيفعلون في ذلك ما يرونه صواباً ، وما يرونه من حاجة المسلمين إليه ، ومن استغنائهم عنه ، وقد كان من عبد الله بن الزبير في رأس المختار لما حمل إليه ترك النكير في ذلك ومعه بقايا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا في ذلك على مثل ما كانوا عليه" (انتهى) ..


قال الدميري في النجم الوهاج في شرح المنهاج (ج9) : "نقل رؤوس الكفار إلى بلاد المسلمين اتفقوا على أنه لا يحرم ، وفي كراهته أوجه :
أحدها : لا يكره ؛ لأن أبا جهل لما قُتل حُمل رأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رواه ابن ماجه من رواية عبد الله بن أبي أوفى بإسناد جيد .[ضعّفه الألباني].
وروى النسائي [في الكبرى] عن فيروز الديلمي أنه قال : "قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم برأس الأسود [العنسي] الكذّاب" ..
والثاني : وهو الصحيح ، وبه قطع العراقيون والروياني : أنه يُكره ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحمل إليه رأس كافر قط ..
وروى البيهقي : أن أبا بكر لما حُملت إليه رأس يناق البطريق .. أنكر ذلك ، وقال : ما فُعل هذا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا له فائدة [لم أجد هذا اللفظ عن الصديق رضي الله عنه] .
وما روي من حمل رأس أبي جهل قد تكلموا في ثبوته ، وبتقدير الثبوت ؛ فإنه حُمل في الوقعة من موضع إلى موضع ولم ينقل من بلد إلى بلد ، ولأنهم أرادوا أن ينظر الناس إليه فيتحققوا موته .
والثالث: إن كان نقلها منكيًا للعدو .. لم يكره.
والرابع: إن كان فيه إنكاء للعدو وإظهار لقوة المسلمين .. استحب النقل ، واختاره الماوردي" (انتهى) ..


جاء في التاج والإكليل : "سحنون : "لا يجوز حمل الرؤوس من بلد إلى بلد" (انتهى) وفي النوادر والزيادات لابن ابي زيد القيرواني : "ومن كتاب ابن سحنون : قال سحنون لا يجوز حمل الرؤوس من بلد إلى بلد ولا حملها إلى الولاة. وذكر ما أنكر الصديق وقال : استنان بفارس والروم ، يكتفى بالكتاب والخبر" (انتهى) .


قال الشوكاني في السيل الجرار : "إذا كان في حملها [الرؤوس] تقوية لقلوب المسلمين أو إضعاف لشوكة الكافرين فلا مانع من ذلك بل هو فعل حسن وتدبير صحيح ، ولا وجه للتعليل بكونها نجسة فإن ذلك ممكن بدون التلوث بها والمباشرة لها ، ولا يتوقف جواز هذا على ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن تقوية جيش الإسلام وترهيب جيش الكفار مقصد من مقاصد الشرع ومطلب من مطالبه لا شك في ذلك ، وقد وقع في حمل الرؤوس في أيام الصحابة ، وأما ما روي من حملها في أيام النبوة فلم يثبت شيء من ذلك" (انتهى) . الثابت هو القطع لا محالة ، أما الحمل فهذا هو المختلف فيه ..


وفي الإشراف لابن المنذر : "باب حمل الرؤوس" : روينا عن عقبة بن عامر أنه قال: جئت أبا بكر بأول فتح الشام ورؤوس فقال : ما كنت تصنع بهذه شيئاً ، وقال الزهري : أول من سنّ ذلك : ابن الزبير ، حُمل إليه رأس ابن زياد وأصحابه . وكره الأوزاعي حمل رؤوس المشركين . وقد روينا عن علي أنه حمل إليه رأس ففزع من ذلك ، وقال : لم يكن هذا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أبي بكر ، ولا عمر ، ونهى عن حمل الرؤوس" (انتهى) ..


ومن أمثلة قطع الرؤوس في التأريخ الإسلامي ما جاء في البداية والنهاية لابن كثير في حروب الردّة ، قال : "استدعى خالد [بن الوليد] مالك بن نويرة فأنّبه على ما صدر منه من متابعة سُجاح ، وعلى منعه الزكاة ، وقال : ألم تعلم أنها قرينة الصلاة ؟ فقال مالك : إن صاحبكم كان يزعم ذلك . فقال : أهو صاحبنا وليس بصاحبك ؟! يا ضرار ، اضرب عنقه . فضرب عنقه ، وأمر برأسه فجُعل مع حجرين ، وطبخ على الثلاثة قدرا ، فأكل منها خالد تلك الليلة ليرهب بذلك الأعراب من المرتدة وغيرهم . ويقال : إن شعر مالك جعلت النار تعمل فيه إلى أن نضج لحم القدر ، ولم يفرغ الشعر لكثرته . وقد تكلم أبو قتادة مع خالد فيما صنع ، وتقاولا في ذلك ، حتى ذهب أبو قتادة فشكاه إلى الصديق ، وتكلم عمر مع أبي قتادة في خالد ، وقال للصديق : اعزله ، فإن في سيفه رهقا . فقال أبو بكر : لا أشيم سيفا سلّه الله على الكفار ... واستمر أبو بكر بخالد على الإمرة ، وإن كان قد اجتهد في قتل مالك بن نويرة وأخطأ في قتله ، كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى بني جذيمة فقتل أولئك الأسارى الذين قالوا : صبأنا صبأنا ، ولم يحسنوا أن يقولوا : أسلمنا. فوداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رد إليهم ميلغة الكلب ، ورفع يديه وقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد" ، ومع هذا لم يعزل خالداً عن الإمرة" (انتهى) ..


وجاء في البداية والنهاية أيظاً : "عن الشعبي ، قال : بارز خالد يوم الولجة رجلا من الأعاجم يُعدل بألف رجل ، فقتله ، ثم اتكأ عليه وأُتي بغدائه فأكله وهو متكئ عليه . يعني بين الصفين" (انتهى) ..


وفي معركة أُلّيس - وهي بين المسلمين وبين الفرس المجوس - وقد كانت معركة شديدة استبسل فيها الجانبان ، "قال خالد : اللهمّ لك عليّ إن منحتنا أكتافهم أن لا أستبقي منهم أحداً أقدر عليه حتى أجري نهرهم بدمائهم . ثم إن الله - عز وجل - منح المسلمين أكتافهم ، فنادى منادي خالد : الأسر ، الأسر ، لا تقتلوا إلا من امتنع من الأسر . فأقبلت الخيول بهم أفواجاً يساقون سوقا ، وقد وكّل بهم رجالا يضربون أعناقهم في النهر ، ففعل ذلك بهم خالد يوماً وليلة ، ويطلبهم في الغد ومن بعد الغد ، وكلما حضر منهم أحد ضُربت عنقه في النهر ، وقد صرف ماء النهر إلى موضع آخر ، فقال له بعض الأمراء : إن النهر لا يجري بدمائهم حتى ترسل الماء على الدم فيجري معه ، فتبرّ يمينك . فأرسله ، فسال النهر دماً عبيطا ، فلذلك سمي نهر الدم إلى اليوم ، فدارت الطواحين بذلك الماء المختلط بالدم العبيط ما كفى العسكر بكماله ثلاثة أيام ، وبلغ عدد القتلى سبعين ألفا" (البداية والنهاية) . فلنا على المجاهدين في العراق اليوم إن أقسم قادتهم أن يُجروا النهر بدماء الأمريكان والرافضة المرتدين والنصيرية أن لا يبرحوا حتى يبرّوا قسمهم ..


بعد هذه المعارك الطاحنة ، والقتل الكثير من قبل خالد وحصد الفرس وتقطيع رؤوسهم وجريان النهر بدمائهم ، قال الصديق قولته المشهورة : "يا معشر قريش ، إن أسدكم قد عدا على الأسد ، فغلبه على خراذيله ، عجزت النساء أن تلدن مثل خالد بن الوليد" . قال ابن كثير : ثم جرت أمور طويلة لخالد في أماكن متعددة يمل سماعها ، وهو مع ذلك لا يكل ولا يمل ولا يهن ولا يحزن ، بل كل ما له في قوة وصرامة وشدة وشهامة ، ومثل هذا إنما خلقه الله - عز وجل - عزاً للإسلام وأهله ، وذلاً للكفر وشتات شمله" (انتهى) ، فانظر إلى كلام الصدّيق رضي الله عنه ، وانظر إلى تعليق ابن كثير ، ثم قارنه بقول بعض الجهال اليوم من أن تقطيع الرؤوس يشوه صورة الإسلام !!


نقلنا فعل مجاهد واحد من كتاب واحد في سنَة واحدة ، ولو نقلنا ما فعل قادة المسلمون بأعداء الأمة في التاريخ الإسلامي من فتك وتقتيل وتقطيع وإرهاب لانفجرت القلوب الرقيقة ، وتمزّقت الأفئدة الرهيفة ، وانحدرت الدموع الرقراقة على الوجنات الصافية لأهل الميوعة والخناعة تحكي قصّة التخدير الذهني لأشباه الذكور !!



ولكي لا يقول قائل : هذا خالد فقط ، ننقل امثلة عن غيره ، فقد جاء في سير أعلام النبلاء للذهبي عن ابن الزبير في قتال جرجير [ملك البربر] ، قال : "فخرقت الصف إلى جرجير ، وخرجت صامداً وما يحسب هو ولا أصحابه إلا أني رسول إليه ، حتى دنوت منه ، فعرف الشر ، فثابر برذونه مولياً ، فأدركته فطعنته ، فسقط ، ثم احتززت رأسه ، فنصبته على رمحي وكبّرت ، وحمل المسلمون ، فانفض العدو ، ومنح الله أكتافهم." (انتهى) ، وفي البداية والنهاية عن أحداث القادسية : "عن قيس بن أبي حازم البجلي - وكان ممن شهد القادسية - قال: ... وكان عمرو بن معديكرب الزبيدي يمر بنا فيقول : يا معشر المهاجرين، كونوا أسودا، فإنما الفارسي تيس. قال: وكان فيهم أسوار لا تكاد تسقط له نشابة، فقلنا له: يا أبا ثور، اتق ذاك الفارسي ; فإنه لا تسقط له نشابة، فتوجه إليه، ورماه الفارسي بنشابة فأصاب ترسه ، وحمل عليه عمرو ، فاعتنقه فذبحه ... فقتل الله رستم ، وكان الذي قتله رجل يقال له : هلال بن علفة التيمي . رماه رستم بنشابة ، فأصاب قدمه ، وحمل عليه هلال فقتله واحتز رأسه" (انتهى) .. والأمثلة كثيرة جداً في التأريخ الإسلامي ..


الحقيقة أن الذي يشوّه صورة الإسلام ليس قطع رؤوس الكفار وإرهابهم وإنما من يريدها مانديليّة غانديّة لا قتل فيها ولا قتال ولا بطش ولا دماء ولا ضرب رقاب ولا ضرب أعناق ، فهذا ليس دين محمدّ بن عبد الله – صلى الله عليه وسلم - المبعوث بالسيف بين يدي الساعة ، الذي سُميّت السورة الوحيدة باسمه في القرآن (سورة محمد) بسورة القتال .. إنما هذا دين النصارى المحرّف الذي لا يأخذون به ، ودين بوذا الذي تبرأ البوذيون من جانب السلمية فيه .. الإسلام دين قوّة ، ودين قتال ، ودين جهاد ، ودين تقطيع رؤوس ، ودين سفك دماء ، وليس دين إدارة الخدّ الأيسر لمن صفعك على الخدّ الأيمن ، بل دين كسر اليد التي تمتد لتُهين المسلم ، من قاتل دون ماله أو دمه أو عرضه فهو شهيد ..



الإسلام دينٌ : سياحةُ رجاله الجهاد في سبيل الله ، وجنّته تحت ظلال سيوفهم التي هي مفاتيح الجنان ، لا حياة حقيقية لأتباعه إلا بالجهاد ، وغاية مقاتليه الموت في سبيل دينهم ، ولا جلاء لهمّهم ولا غمّهم إلا بمناجزة عدوّهم ، خير معاشهم غنائم الحروب ، وخير رجالاتهم الفاتكين بالأعداء الداخلين عليهم من كل حدب وصوب ، لا يطيب لهم كسب إلا بحد السيف ، ولا يطيب لهم عيش إلا على ظهر سابح ، ولا تقر أعينهم بموت إلا في معركة ، ولا يموتون إلا بعد إثخان في عدو ، فلا يجتمع مسلم وقاتله في النار .. عطرهم غبارٌ أقدامهم من ساحات الوغى ، وزينتهم دم يهراق في سبيل الله فيروي الثرا ، إذا لقوا ربّهم طلبوا الرجوع إلى الدنيا عشر مرات لما يرون من الكرامة ، يضعون سيوفهم على عواتقهم تقطر دماً يزدحمون على باب الجنة ، فيقال : من هؤلاء ؟ يقال : الشهداء كانوا أحياء مرزوقين ، يدخلون جنّة ربهم بغير حساب لما أوذوا وقاتلوا في سبيله ..


هذا هو الإسلام يا شباب الإسلام ، هذا هو الدين الذي وعد اللهُ أن يظهره على الدين كله ولو كره الكافرون : بالدعوة لمن كان له قلب ، وبالسنان لمن لا يستقيم على الدرب .. من وقف أمام دعوته وتمكينه وحكمه في الأرض وسيادته على سائر الأمم : قوبل بحدّ سيفه .. أُمر أتباع هذا الدين بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، ولا يتوقّف القتال حتى يقاتل آخر هذه الأمة الدجال ، ولا تزال طائفة من هذه الأمة تقاتل في سبيل الله لا يضرها من خذلها ولا من خالفها ، ظاهرة قاهرة لعدوّها .. دين شجرته الأشلاء ، وسقياه الدماء ، وأغصانه الجوزاء ، يعلو ولا يُعلى عليه ، يسود ولا يُساد ، يقود ولا يُقاد ، لا يخضع في حكمه لغير رب العباد .. دينٌ : رجاله في النهار آساد ، وفي الليل عُبّاد ، وفي الحياة زُهّاد ، لا يُؤخذ ما فوق رؤوسهم إلا من تحت أرجلهم ، هم في الناس شامة ، وللعزّة علامة ، وللسؤدد قامة ، يملكون الأرض ويشهدون على الناس يوم القيامة ، يقودون الناس بالسلاسل فلا يُعذّبون {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} ..


والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..


كتبه
حسين بن محمود

23 شوال 1435هـ

قادمون ياأقصى
قادمون ياأقصى
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 4006
تاريخ التسجيل : 03/03/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  الازدي333 السبت أغسطس 23, 2014 11:09 am

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختي المجاهدة عاشقة السماء
حقيقة عندما أرى حرصك وصبرك ومثابرتك أطأطئ راسي احتراما لك وخجلا من نفسي الملوله
فلا يسعني الا أن أقول ما شاء الله تبارك الله زادك الله حرصا وهداية
حقيقه بودي أن توضحي لي ما أشكل علي في كلام حسين بن محمود وحقيقة أني ترددت لأنك طلبتي مني سابقا الا أداخلك ولكني قد استسمحتك عما فات فسمحتي وهذا من حسن خلقك فعزمت ان اداخل لا للاعتراض بل تسائل فاني وجدت الكاتب غفر الله لنا وله وأجزل لنا العطاء
قد قال :
، ثم أتى الإعلام وألقى بعصيّه وحباله وخيّل للناس أن أمريكا هي التي انتصرت لأنها لم تُرسل جندياً واحداً إلى أفغانستان ، ولم ترسل قطعة سلاح إلا بعد أن هُزم السوفييت !! الله لم يأمر الأفغان بالجهاد ، ولكن أمريكا هي التي سمحت لهم بالجهاد .. الله لم يمدّ الأفغان بنصرٍ من عنده ، بل أمريكا هي التي أمدّتهم بالسلاح .. هذا هو الصراع بين قوّة الله وعظمته وجبروته وقدرته وبين أمريكا في عقول بعض المسلمين ، ولن ينتصر المسلمون إلا بعد أن يغلب الله تعالى أمريكا والغرب في عقولهم المشركة المهزومة ..نعم ، من ظن أن أمريكا هي التي تنصر وهي التي تهزم فهو مشرك بالله ..

ولن أطالب بالبنية على كلامه لا
ولن أنظر للتعميم بالشرك على جميع المسلمين فقد يكون خرج من مخرج الغالب
لا بل لان الكاتب وقع فيما حذر منه ففي آخر الكلام قد خالف أوله واصبح كلامه سيفا على رقبته ويتضح بذكر كلامه حيث أنه اتهم العالم الاسلامي انه اله امريكا كما في الأعلى  ثم يأتي هو فينسب كل ما يدور في العالم أن خلفه أمريكا فهل هذا تأليه منه ام خطا مطبعي ام ان فهمي قصر فانيريني أنار الله بصيرتك وبصرك .
الازدي333
الازدي333
موقوووووووف

عدد المساهمات : 2313
تاريخ التسجيل : 17/11/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  عاشقة السماء الأحد أغسطس 24, 2014 3:56 am

أكرمك الله أخي الأزدي وجعلك من أنصار الحق وأهله

وغفر الله لنا ولك، فما نحن إلا مجتهدون لا حول لنا ولا قوة ولا برهان، ما لم نتبصر ونزن أفعال البشر وأقوالهم الثابتة بدليل شرعي بميزان الإسلام الذي جعل فرقاناً بين الحق والباطل.
نسأل الله لنا ولكم الإخلاص والثبات حتى الممات.

أما عن سؤالك أخي،

فمن تتبع كتابات حسين بن محمود -أكرمك الله ولا أزل له قلم- عرف أسلوبه وفهم مدلول كلامه، الذي يحاول في كثير من الأحيان استفزاز عقل القارئ مستنكراً إياه كيف يستقبل التناقضات هكذا دون أن تمر على عقله ويتدبرها.

فعندك مثلاً الإعلام صباح مساء يحاول جاهداً الصاق تهمة عمالة المجاهدين تارة لأمريكا وتارة لإيران ونظام الاسد، وكل الأنظمة اليوم بما فيها ايران وسوريا لها سفارات وتعاملات مباشرة مع أمريكا، فماذا نوصِّف علاقاتها بأمريكا، وعلى اي أساس نذهب لاتهام الجماعات المجاهدة بالعمالة لها؟!!!

أما عن جملته "نعم ، من ظن أن أمريكا هي التي تنصر وهي التي تهزم فهو مشرك بالله .." فلا غبار عليها، فهي أيضاً تستفز عقل القارئ لينتبه أن هذا من باب الشرك بالله عز وجل، فعليه أن يتنبه ويراجع نفسه، فهو بمثابة الشرك الخفي الذي أشار له الحديث النبوي الشريف:
"يا أبا بكرٍ ، لَلشِّركُ فيكم أخْفى من دبيبِ النَّملِ والذي نفسي بيدِه ، لَلشِّركُ أخْفى من دَبيبِ النَّملِ ، ألا أدُلُّك على شيءٍ إذا فعلتَه ذهب عنك قليلهُ و كثيرهُ ؟ قل : اللهم إني أعوذُ بك أن أشرِكَ بك و أنا أعلمُ ، و أستغفِرُك لما لا أَعلمُ"
الراوي: معقل بن يسار المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الأدب المفرد - الصفحة أو الرقم: 551
خلاصة حكم المحدث: صحيح


وكما هو معلوم شرعاً أن هناك فرق بين الحكم على الفعل والمعين -الفاعل- فالجهل بالدين ظاهر اليوم، وإن كان هناك مسائل لا يعذر فيها بالجهل.
عاشقة السماء
عاشقة السماء
إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ

عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  الازدي333 الأحد أغسطس 24, 2014 2:22 pm

بارك الله فيك أختي الفاضلة عاشقة السماء
إنما أردت التنبيه فكلنا يحترق على حالنا وما نحن فيه من ضعف وهوان الى الله المشتكى لا يخفى عليه خافيه فحسبنا الله ونعم الوكيل هو مولنا وناصرنا فنعم النصير، ان الله مطلع على ما أصاب اقرب الناس لدينه من ضرر وبأس وضيق ولا ولي لهم غيره والله لا يرضى على أوليائه ولابد من كور بعد الحور والعاقبة للمتقين وصلى الله على البشير النذير .
الازدي333
الازدي333
موقوووووووف

عدد المساهمات : 2313
تاريخ التسجيل : 17/11/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  عاشقة السماء الأحد أغسطس 31, 2014 4:47 am

بسم الله الرحمن الرحيم

المطفّفون

"غزّة تنتصر" ، "وانتصرت غزّة" ، "نصر المقاومة" ، "انتصار أمة" !! شعارات جوفاء سمعناها وقرأناها بعد انتهاء الحرب على غزّة .. عن أي انتصار يتحدّث هؤلاء ؟ كيف انتصر من قتل اليهود منهم أكثر من ألفي شخص وجرحوا أكثر من عشرة آلاف وهدموا عشرات المساجد ومئات البيوت والمستشفيات والمدارس ومخازن الأسلحة ، وقتلوا بعض قياداتهم وأسروا الآلاف !! أي نصر هذا الذي يتحدثون عنه في غزّة و"المقاومون" ذهبوا إلى ابن اليهودية السيسي الذي سلب قاعدتهم "الإخوانية" في مصر - ليعقد لهم صفقة مع أخواله اليهود !! أي نصر هذا الذي لم ينتج عنه غير فكٍ جزئي لحصار مليون وثمانمائة ألف فلسطيني في غزّة !! "انتصرت الأمة" زعموا ، و"رفعو رؤوس الأمة" قالوا ، فأي رفعة وأي نصر ولا زال الغزاوين تحت رحمة يهود القاهرة وتل أبيب !!

كفانا ضحكاً على أنفسنا ، وكفانا ذلاً لعدونا ، وكفانا انبطاحاً لخونة العرب الذين يستجديهم البعض قوت يومه ثم يُعلن تحديه لهم !! مفارقات عجيبة تحكي قصة الوهن الذي تعيشه الأمة في ظل هذه الشعارت الخدّاعة الجوفاء .. شعارات لا تُسمن ولا تُغني من جوع .. أي نصر على اليهود زلم يتقدّم المقاومون شبراً خارج غزة !! أي نصر يأتي من صواريخ تسقط في الصحراء ، وكيف يكون نصرٌ ولم يأسروا من اليهود سوى بضعة أفراد !! لا أدري كيف يفرح البعض بهذا "الإنجاز التأريخي" للأمة ، وقد اختزلوا الأمة في "حماس" التي لولا صدقات أعدائها لهلكت !!

الإنجاز هو تحرير فلسطين ، لا استجداء دخول بضائع ومواد إغاثة .. النصر هو طرد الصهاينة من فلسطين ، لا تمكينهم من تدنيس مقدسات المسلمين .. الإنجاز هو المقدرة على حماية أطفال المسلمين ونسائهم من طائرات العدو الصهيوني ، لا تلقّي الضربات وانتظار سقوط البيوت على رؤوس أصحابها .. أي إنجاز وأي نصر وأي إطراء استحقته "المقاومة الفلسطينية" التي بقي قادتها في الأنفاق مستخفين من ضربات اليهود طوال خمسين يوم !! ولماذا لا يُقاتل هؤلاء القادة في الصفوف الأمامية بينما يزجّون بالشباب الصغار المغرر بهم ليموتوا من أجل كراسيهم !!

كفانا ضحكاً على أنفسنا وعلى الأمة بهذه الإنجازات الوهمية التي نرجوها من صواريخ بدائية ، بينما عدونا يقصفنا بأحدث ما تفتّقت عنه عقول البشرية .. هل قاتل المقاتلون ومات المسلمون في غزّة من أجل إقامة ميناء بحري ، ومن أجل صيد السمك !! إذا كانت حماس لا تستطيع قتال اليهود فلماذا تورّط غزة والجماعات الأخرى في حرب لا قِبل لهم بها !! عندما يأسرون اليهود يعاملونهم معاملة حسنة ، وعندما يأسرون الفلسطينيين يرمونهم بالرصاص علناً بتهمة التجسس ، لو كانوا فعلاً مجاهدين فليقتلوا أسرى اليهود علناً كما فعلوا بأسرى الفلسطينيين الذين زعموا أنهم جواسيس ، أم أنه الخوَر والجُبن والخوف من اليهود ، والاستئساد على أهل فلسطين !!

والآن .. اسرتخِ قليلاً ، وخذ نفس عميق ، واذكر الله تعالى ، وصلِّ على نبيّه صلى الله عليه وسلم ، ثم افتح قلبك ، وأعمل عقلك ، وافهم الآتي :

1- إن كنت قرأت الفقرات السابقة وحدّثتك نفسك بعد كل جملة أن تردّ عليها بما يناسب الموقف فأنت قارئ مستعجل ..
2- وإن قرأت هذه الفقرات واستنتجتَ أن الكاتب يريد نصر جماعة بعينها بالتقليل من شأن المقاومة الفلسطينية فأنت منحاز بغير بصيرة ..
3- وإن وافقتَ على ما جاء في الفقرات السابقة وأيدته في نفسك ورأيت أنه حق : فأنت جاهل تحتاج إلى تأهيل في مفهوم الولاء والبراء ، والأمة الواحدة ..
4- وإن كرهتَ ما قرأتَ ، وسألت الله أن يهدي كاتبه للحق ويريه إياه : فأنت على الجادّة ..

ما حدث في غزّة أمر استثنائي: أن تكون محاصراً من جميع الأطراف في أرض منبسطة لا تضاريس فيها ، وكثافة سكانية عالية ، والعدو يهودي صهيوني حاقد مجرم ، وحولك هذا الكم الهائل من المنافقين والمرتدين والخونة والعملاء ، والعدوان عليك بكل أنواع الأسلحة وبميزانية مفتوحة يدفعها الأعداء ومن ظننت أنهم أصدقاء ، ثم بعد كل هذا استطعت أن تطلق أكثر من أربعة آلاف صاروخ مصنوع محلياً وتُرغم العدو الصهيوني على طلب الهدنة والصلح : فأنت مستحقٌّ للتقدير والاحترام بغض النظر عن أي اعتبار آخر ..

هذا زمان المطففين من كل الأصناف والمشارب : فلهم كل حسنة وعلى غيرهم كل سيّئة ، ولهم كل فضل وعلى غيرهم كل وزر ، وعملهم جد وغيرهم هزل ، وهم العقلاء وغيرهم الجهلاء ، وهم أصل الإنسانية وغيرهم غارق في الوحشية ، وهم المظلومون وغيرهم الظالمون ، وهم المساكين وغيرهم الملاعين ، فكل خير فيهم ، وكل نقيصة في غيرهم ، فهم أقرب إلى العصمة ، وغيرهم غارق في الظُّلمة ..

السيسي يحاكِم مرسي لتخابره مع حماس الإرهابية ، وهو من يحاصر أهل غزة ويخنقهم ويقتلهم ويعين يهوداً عليهم ، ثم يتفاوض مع حماس في القاهرة ، ويعد تفاوضه معهم إنجازاً تأريخياً لا تخابرياً !! هذا اليهودي الخبيث الذي قتل المصلّين في مصر وأحرق المسلمين أحياء يُكافأ بدخول الكعبة المشرّفة التي مُنع من زيارتها الكثير من العلماء والدعاة ودخلها لاعبي كرة القدم وفساق المغنين وابن يهودية !!

لنرجع إلى حماس وبعض المتحمّسين لها :

هناك من يبرر لحماس قتل (15) فلسطينياً عربياً من بني جلدتهم ووطنهم على الملأ رمياً بالرصاص ، وصوّروا القتل وأذاعوه وعدّوه من الحكمة ومن ضرورات الحرب !! وإذا قتلت جهة أخرى مَن رفع السلاح في وجهها وقاتلها أو تجسس عليها فإنها خارجية جائرة ظالمة عابثة بدماء المسلمين تشوّه صورة الإسلام الحضاري عند الغرب !!

حماس جلست مع حكومة الإنقلاب في مصر ، وجلست مع يهود على طاولة المفاوضات لتتفق معهم على فك الحصار جزئياً عن غزّة بعد مقتل أكثر من ألفي مسلم وجرح أكثر من عشرة آلاف وهدم لمئات البيوت وعشرات المساجد والمستشفيات والمدارس ، بل مناطق بأكملها ، فكان هذا نصراً مبيناً وفتحاً باهراً رفع رأس الأمة الإسلامية كلها ، وعندما تفتح جهة أخرى مناطق شاسعة تفوق في حجمها عشرة أضعاف فلسطين فهي لا تفقه في السياسة ، ولا في إدارة الصراعات !!

بعض ما جاء في الفقرات الأولى من المقالة هو عين ما يكتبه البعض عن الدولة الإسلامية : حرب بلا فائدة ، قادة مُختفون عن الأنظار ، شباب مغرر بهم ، انتصارات وهمية ، مقابلة الدول الغربية بأسلحة بدائية ، دولة لا تستطيع حماية أفرادها ، اختزال الأمة في الدولة والمؤيدين لها ، توريط الأمة في حرب لا قبل لهم بها ... إلى غيرها من الأمور التي يرددها هؤلاء مع الدولة ، ثم تنقلب المفاهيم ، وتصبح السيّئات حسنات ، والمستحيلات ممكنات إذا تحدثوا عن حماس والمقاومة الفلسطينية !!

التطفيف منتشر في الأرض ، وقليل من الناس من يقول الحق ولو على نفسه أو حتى لها : فقد بكى بعض المسلمون حال بضع مئات من النصارى الذين خيرتهم الدولة الإسلامية بين الإسلام والجزية والقتال - وهذه سنّة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين مع أهل الكتاب - ولم يبكِ هؤلاء المسلمون على حالهم وهم يدفعون الجزية في بلادهم لحكوماتهم عن يد وهم صاغرون في صورة ضرائب ورسوم ، وتسحب الحكومات "جنسياتهم" وتودعهم السجون لعقود دون محاكمات ، وتعذّبهم وتهتك أعراضهم ، وتهجّرهم !! هذا كله هيّن ، أما تخيير بعض النصارى ، فهذه هذه القضيّة !!

جميع وسائل الإعلام تتباكى على بضع مئات من اللاجئين اليزيديين عُبّاد الشيطان ، وهناك ملايين اللاجئين الفلسطينيين منذ 65 سنة ، وملايين اللاجئين السوريين ، فضلاً عن العراقيين السنّة والأفغان والبورميين والأفارقة المسلمين ، فأين المتباكون على هؤلاء !!

البعض يُرسل مساعدات إلى الحكومة الرافضية في العراق دعماً لها في مواجهة إرهاب "الدولة الإسلامية" ، أين مساعدات هؤلاء للمسلمين في غزة وبورما وأفريقيا الوسطى وغيرها !! علماً بأن جميع "المساعدات الرسمية" المعلن عنها تذهب للبهائي الخبيث "محمود عباس" وليس للمسلمين في غزة ، وعباس حرب على المسلمين ، وحماس لازالت منظّمة إرهابية ، ودعمها بالمال جريمة دولية .. لا ينبغي لأحد أن يتبرّع لمؤسسة رسمية ، وربما تكون بعض المنظمات التركية والقطرية استثناء في وقتنا هذا ، ولكن الأفضل اعطائها لأفراد ثقات من أهل غزة ، وهم كثير ولله الحمد ..

لم نعرف أسماء المسلمين العراقيين الذين يُقتلون في الفلوجة في بيوتهم كل يوم ، وفي بغداد وتكريت ، وفي بورما والصين وأفريقيا الوسطى واليمن وباكستان وأفغانستان والشيشان والصومال والفلبين وكشمير وطاجيكستان وأوزبكستان وسوريا ومالي وغيرها ، ولكننا قرأنا تأريخ الأمريكي المذبوح في العراق ، وعرفنا اسم أبيه وأمه وأصحابه وألوانه المفضّلة من إعلامنا العربي !!

{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (المطفّفين : 1-6)

اليهود في فلسطين يدمّروم أحياءً بأكملها ويسوونها بالأرض ، ويقصفون المساجد والمدارس والمستشفيات ، ويقتلون الأطفال الرُّضّع وينادون بقتل النساء الحوامل ، وتُرسل أمريكا مزيداً من الأسلحة لليهود كي يدافعوا عن أنفسهم ضد الأطفال والأجنّة ، وأوباما - مع كل هذا - يبكي على وحشية قتل فرد أمريكي على أيدي رجال "الدولة الإسلامية" ، ويتباكى معه بعض المسلمون المأمورون بقتل الرجال الحربيين ، فإنا لله وإنا إليه راجعون !!

نحن الآن أمام خدعة إعلامية كبرى على مستوى العالم أجمع : فقد تحرّكت المنظمات الدولية لعقد مسرحية خبيثة مفادها الدفاع عن المسلمين في فلسطين ، وقد خرج بعض وزراء العرب من قبورهم للدفاع عن المسلمين في غزّة ، وعقدوا لقاءات ومؤتمرات ومفاوضات !! الحقيقة أن كل هذا ليس على ظاهره ، بل هو خداع ليثق الناس في هذه المنظمات وهؤلاء الأشخاص مرة أخرى – بعد أن خدعوهم ألف مرّة - فيقفوا معهم في الحرب ضد "الدولة الإسلامية" ، ويجمعوا قواهم لذلك ، ولولا خطر الدولة على هؤلاء لزادوا في النكاية بأهلنا في غزة ، فالأمر كله كذب ودجل وخبث ومكر ، نسأل الله أن يجعله في نحورهم ..

حاول اليهود امتصاص الغضب العالمي بمناداتهم للتفاوض عن طريق الإنقلابيين في مصر في بداية الحرب ، ثم حاولوا الضغط على المسلمين في غزة بالقصف ، فلما لم تُفلح محاولاتهم عمدوا إلى خدعة وقف إطلاق النار حتى يلتقطوا أنفاسهم ويُعملوا مخابراتهم وينشروا جواسيسهم (وأكثرهم من العرب) ليعرفوا طريق مصانع السلاح وأماكن تخزينها ، فإذا عرفوها : لن يقيموا لاتفاق وزناً ، وسيقصفون .. لقد أحسن الإخوة في غزة بقتل الجواسيس ، وليتهم يستمروا بلا هوادة في هذا الفعل ، فلم تؤت الأمة إلا من قبل هؤلاء الخونة : فلولاهم ما انتصر علينا عدوّ ..

لقد غزا الأمريكان أفغانستان بمساندة العملاء الأفغان ، ولولاهم ما استطاعت أمريكا احتلال أفغانستان ، ومن قبلها روسيا ، واستطاع الأثيوبيون دخول الصومال بمساعدة الخونة والعملاء ، واستطاع الروس دخول الشيشان بمساندة الخونة ، ولو لم يغدر بعض قادة الجيش بصدّام لما استطاعت أمريكا دخول العراق بهذه السهولة ، ولو لم يأت الغدر من قبل بعض المنتمين لأهل السنة لما تمكّن الرافضة في العراق وساموا المسلمين سوء العذاب لعشر سنوات ..

بالغدر قُتل قادة الجهاد من أمثال أسامة بن لادن وجوهر دوداييف وخطّاب وشامل باساييف وزليم خان وعبد الله عزام وأحمد ياسين والرنتيسي ويحيى عياش وغيرهم كثير ، وبالغدر انقلبوا على الثورات العربية في مصر وتونس وليبيا واليمن ، وبالغدر يُقتل أهلنا في فلسطين وسوريا ولبنان ، وبالغدر سرقوا خيرات بلاد الإسلام واستخدموها لقتل المسلمين ، وانتهكوا أعراض المسلمات ، وقتلوا ملايين الأبرياء ، فالغدر هو البلاء الذي لا بد من استئصاله ، ولا ننسى "صحوات" الغدر التي أسرت المجاهدين في العراق وقتلتهم وباعت نسائهم للرافضة ، والله تعالى يقول عن هؤلاء المنافقين محذراً شدة خطرهم على الأمة : {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (المنافقون : 4) ..

لا نلوم بعض الجماعات المجاهدة التي عندها حساسية شديدة من الغدر الذي أوصل الأمة إلى ما هي عليه من وهن ، فمن قُتل أهله وهُتك عرضه وسُلبت كرامته بسبب هذا الغدر لا بد أن يحاربه بكل ما أوتي من قوّة ، وقد قُتل قادة حماس الثلاثة غدراً فكان جزاء الجواسيس القصاص علناً ، فالأمة لا تحتمل الغدر وهي مُحاطة من كل جانب بالمتربصين من الداخل والخارج ..

لقد حذّرنا ربّنا تعالى من اليهود وعهودهم فقال سبحانه {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} (البقرة : 100) فليست اتفاقيات وقف اطلاق النار استثناء من هذه الحقيقة القرآنية ، بل الأصل في يهود : الغدر ، وقد غدروا بالأنبياء والرُّسل ، فكيف بالمسلمين في غزة ، وهم القائلون {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (آل عمران : 75) ، فالكذب عندهم جائز في حق غير اليهود ، كما أنه واجب عند الرافضة على أهل السنة ..

الذي يُميّز حماس أنها استطاعت التوفيق بين نهجها الإسلامي وبين قاعدتها الشعبية في غزة على اختلاف مذاهبها وأديانها ، ففي غزة شيوعيين وملاحدة ونصارى وغيرهم ، وقد اتفقوا جميعاً على الإجتماع لقتال العدو الصهيوني ، وكم حاول العدو التفريق بينهم ، لكن باءت محاولاته بالفشل ، وهذا ما تحتاجه بعض الجماعات التي تعيش في حاضنة إسلامية تكاد تكون خالصة ، ومع ذلك يحصل تنازع وتناوش واقتتال داخلي في وقت الحرب !!

الذي يُعاب على البعض: اختزاله الأمة في انجازات جماعته التي يُناصرها ، وأي انجاز لجماعة أخرى يتم تأويله وإخراجه من مضمونه ليبقى الإنجاز حصري في جماعته ، وهذا خلاف العدل ، وخلاف الواقع .. لا بد أن يتحرر البعض من طوق النظرة الإختزالية ويدرك أن الأمر أكبر من جماعة وحزب ، بل أكبر من دولة مكتملة الأركان ، الأمر أمر أمة ، ولا يمكن أن تتحرر الأمة إلا بالتعالي – أولاً – على منطق التحزّب المقيت ، ثم بالاستعلاء الإيماني ..

لا بد من الاجتماع ولو على المبادئ الأساسية كي يحصل التوافق وتتوحد الجهود ولا تتشتت الطاقات ، فالأمة أشبه ما تكون بالسيارة الغارقة في الرمال اجتمع عليها الناس ليُخرجوها : فأتي هذا من الأمام وهذا من الخلف وهذا من اليمين وذاك من الشمال ، والكل يدفع ويحاول إخراج السيارة !! لو اجتمعت الجهود ووقفوا صفاً واحدا في جهة واحدة (خلف السيارة أو أمامها) لأخرجوها بأقل جهد ، ولكن تبقى السيارة في مكانها حتى يُدرك هؤلاء معنى العمل الجماعي المشترك المبني على العقل والحكمة {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} (يوسف : 4) ..

حماس استطاعت أن توحّد غزّة وتجعلها كتلة واحدة ، ولكنها أخفقت في جوانب أخرى ، منها : معرفة حقيقة حكام العرب .. لقد كان أسامة بن لادن – رحمه الله – يحذّر حماس من هؤلاء العملاء ويقول بأنهم من أخطر أعداء الأمة ، وكذا قال الشيخ الظواهري – أيّده الله بنصره – في أكثر من مناسبة ، ولكن الإخوة في حماس – وبعض من يؤيدهم – كانوا يرمون قادة الجهاد : بالتكفير ، والتنطّع ، وجهل الواقع ، والخارجية ، وقلة الخبرة السياسية ، فاتضح أن الأمر ما قال قادة الجهاد ، وتعلّم أهلنا في فلسطين الدرس بثمن باهظ ، ونحن نسمع الآن من قادة حماس ومن بعض مؤيديها ما قرر قادة الجهاد قبل سنوات طويلة ..

نسأل الله أن يتقبّل قتلانا بغزة في الشهداء ، وأن يشفي جرحانا ، وأن ينصر إخواننا ، وأن يرينا في إخوان القردة والخنازير ومن يواليهم وينصرهم ويعينهم ويرضى أفعالهم عجائب قدرته ، وقوّة بطشه ، إنه الواحد القادر القاهر فوق عباده ، السميع القريب المجيب ..

والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

كتبه
حسين بن محمود
2 ذو القعدة 1435ه
ـ
عاشقة السماء
عاشقة السماء
إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ

عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  قادمون ياأقصى الأحد أغسطس 31, 2014 6:50 am

نعم المطففون عندما تعقد حماس الاخوان المسلمين هدنه مع اليهود مقابل فتح جزئي للمعبر تصيح لحى السوء باعلى صوتها
انه نصر للامه كلها وعندما تحرر اراضي شاسعه من تحت حكم الرافضه والنصيريه لا يعد نصر عند عبيد الاحزاب

نفع الله بالشيخ فكلامه تضمن كثير من الملاحظات والفوائد
ونفع بالاخت عاشة السماء
قادمون ياأقصى
قادمون ياأقصى
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 4006
تاريخ التسجيل : 03/03/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  عاشقة السماء الأحد سبتمبر 07, 2014 6:29 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

الحرب الصليبية على الدولة الإسلامية

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، أما بعد ..

فقد ابتُليت الأمة في هذا الزمان بقلب الحقائق ، وتزييف وتحريف الدين ، وابتٌليت بفتنة القتال بين المسلمين ، وفتنة التناحر والتنازع التي أتقن الأعداء إدارتها وفق ما يحقق مصالحهم في غياب شبه تام للوعي الإسلامي الذي يدير الصراع مع العدو الصليبي اليهودي المرتد ، فكم من اقتتال داخلي حصل بين الأمة لأتفه الأسباب وكأنها جاهلية داحس والغبراء ، وكم من تنافر وتباعد حصل بين المسلمين بسبب عناد البعض ، وتعصّب البعض ، وتصلّب البعض في منظرٍ يحكي قصة غياب التجرّد الكامل لله تعالى بتقديم حظوظ بعض الأنفس على حساب مستقبل الأمة!!

إن ما يحدث الآن هو تجييش لحرب صليبية جديدة وغزو قادم على الأمة الإسلامية تقوده حاملة لواء الصليب "أمريكا" ومِن خلفها بريطانيا الصليبية الخبيثة ، وفرنسا الصليبية الحاقدة ، والدنمارك الصليبية الشاتمة لرسولنا صلى الله عليه وسلم ، مع بعض الدول الصليبية الأخرى ، وجيش تركيا العلماني ، وهم يحاولون الآن جر بعض المسلمين ليكونوا كبش الفداء الحقيقي في هذه الحرب التي يريدون خوضها دون التضحية بأي جندي صليبي على الأرض ..

لقد نجح الأمريكان والرافضة في جر الأكراد الحمقى ليكونوا في طليعة من يُذبح في هذه الحرب القذرة ، ونجح الإيرانيون في قيادة قطعان الرافضة العراقيين العرب والباكستانيين والهنود والأفغان واللبنانيين والحساويين واليمنيين وغيرهم ليتقدموا الصفوف دفاعاً عن مراقدهم الشركية في النجف ، فهذه القرابين التي تذهب إلى تكريت ولا ترجع إلا جثثاً مشويّة أو مضروبة الرقاب هي في حقيقتها فئران تجارب للقوات الأمريكية والفارسية لدراسة تحركات الدولة الإسلامية وطرق صدها للهجمات ، والدولة كل مرة تفاجئهم بخطة جديدة مبتكرة تنقضّ بها على أرتالهم العسكرية فتصيّرها ركاماً لتضيع أرواح فئران الرافضة بلا فائدة غير نقلهم للمعدات والأسلحة إلى أماكن الدولة التي تغتنمها لتفتك بها بالرتل التالي ..

لقد أدرك الغرب والفرس ومرتدو العرب بأن الدولة الإسلامية أبعد ما تكون عن الروتينية ، وأن الخلافة التي أعلنتها الدولة يعتقد لوازمها كل المنتسبين إليها وكل من يناصرها ، ومعنى هذا أن جميع الحدود التي تفصل بين بلاد الإسلام هي تحت أقدامهم ، وأن جميع الحكومات التي تحكم بلاد المسلمين غير شرعية : يجب إزالتها وتحكيم شرع الله في بلاد الإسلام ، وأن دولة الإسلام ليس لها حدود ، بل ساحتها الأرض كلها ، وأن هذا الإعتقاد والإيمان الراسخ ليس إرجاءً بلا عمل ، بل هو واقع فعلي على الأرض ، فليس أمام النصارى واليهود والمرتدين إلا محاربة الدولة الإسلامية قبل أن يشتد ساعدها وتُرجع "الخلافة" إلى سابق عهدها ، الخلافة التي نسيها المسلمون ولم ينسها الكفار !!

كيف يقاتلون الدولة وجنود الرافضة والأكراد (العلمانيين) يفرّون من جنود الدولة في كل مواجهة لا يلوون على شيء !! كيف والدول العربية لا تأمن جنودها أن يفروا أو ينضموا للدولة الإسلامية !! الخطة التي أعلنها أوباما وصرّح بها هي أخطر خطة تفتّقت عنها عقول شياطينيهم حتى الآن ، وهي : "ضرب الدولة بأهل السنّة" ، وها هو وزير خارجية أمريكا حاملاً صليبهم الأكبر قادم إلى المنطقة العربية ليُشرف بنفسه على هذا الأمر الخطير ، ولا يظنن أحد بأنهم يقصدون جنود الدول العربية في مواجهة الدولة ، فهذه الجيوش أحقر من أن تواجه سريّة من المجاهدين ، وهذه الحكومات خائفة أشد الخوف من انتقام الدولة ، وإنما المقصود هنا : الجماعات المسلّحة عامة ، والمجاهدين خاصة .. هذه هي خطة أوباما الخبيثة في مواجهة الدولة الإسلامية ..

لقد استطاع الأعداء زرع الشقاق بين المجاهدين في سوريا ، والعجب كل العجب أنهم استطاعوا التفريق بين أصحاب النظرة الواحدة والمنهج الواحد والهدف الواحد ، فلم نكن نتخيل أن يكون هناك نزاع بين "قاعدة الجهاد" و"الدولة الإسلامية" في بداية الأمر ، وظننا الأمر لا يتعدى بعض الجماعات "السعودية" التمويل في سوريا ، فإذا بنا نفاجأ بأن المكر أكبر من ذلك بكثير ، وقد حذرنا المجاهدين مراراً وتكراراً من ألاعيب بعض المندسين ، ونصحناهم بوجوب التزام الوحدة والعمل المشترك والتصدّي للمكر والكيد الذي يهدف إلى التحريش بين المجاهدين ، وكنا نظن أن بعض قادة المجاهدين أعقل من أن يسقطوا في مستنقع الخلاف الذي حفره الأعداء ، خاصة وأن هذه الجحور حُفر مثلها للمجاهدين في أفغانستان والعراق والصومال وغيرها ، فلا ندري كيف وصل الأمر إلى التراشق والتلاسن والإقتتال والفتنة العمياء رغم وضوح المكر والكيد !!

لما كانت أمريكا تحارب "قاعدة الجهاد" كنا نقول بأنها لا تحارب المجاهدين فحسب ، بل تحارب الإسلام ، ولما أعلنت مطالبتها بالشيخ أسامة – رحمه الله – كنا نقول بأن المقصود ليس أسامة ، وإنما الجهاد الأفغاني وجميع المجاهدين ، ولكن بعض قيادات المجاهدين – كسياف ورباني – لم يعقلوا حجم هذه المؤامرة ، ودخلوا كابل بجنودهم على ظهور الدبابات الأمريكية ، وأعلنوا النصر على إيمانهم وبقيّة إسلامهم لتركلهم أمريكا وتأتي بطباخ رئيساً لأفغانستان .. وعندما حاربت أمريكا "الدولة الإسلامية في العراق" قلنا لمن شارك في الحكومة الأمريكية من أهل السنة بأن الدور سيأتي عليكم ، ولما أقامت أمريكا "الصحوات" قلنا لقادتهم بأنكم كبش فداء للرافضة ، ولكن القوم أصموا آذانهم وأعمى الله أبصارهم فوقعوا فريسة غبائهم وجهلهم وبعدهم عن هدي ربهم إذ تولّوا النصارى والرافضة ضد المجاهدين فذاقوا وبال أمرهم وأخزاهم الله في الدنيا قبل الآخرة ، إلا من تاب ورجع ..

اليوم نرى المنطق ذاته ، والمكر ذاته ، والجديد أن الصليبون لن يدخلوا بجنودهم النصارى لأنهم تعلموا الدرس الذي جهله بعض من ينتسب للإسلام : فأهل الجهاد لا يقوم لهم أحد في ساحات القتال لأنهم يسترخصون أنفسهم ويبيعونها في سوق الإنغماس بثمن هو عندهم عظيم ، وطواغيت النصارى عندهم من يُسائلهم عن أبناءهم الذين يزجون بهم في حروب لا يعرفون حقيقتها ولا يُدركون مقاصدها ولا غاياتها ، أما من ينتسب إلى الإسلام من الجماعات المقاتلة – أو من جيوش – فهؤلاء لا قيمة لهم ولا وزن كالرافضة العرب ومرتزقة الأكراد الذين زج بهم الأمريكان والفرس في هذه الحرب الخاسرة ..

الكلام كله يدور حول إنشاء اتحاد جماعات مسلحة "سُنيّة" في سوريا والعراق لقتال الدولة الإسلامية ، مع وجود الأكراد ، ورافضة العرب الذين يفدون معممي الفرس بحياتهم في سبيل تحقيق غايات فارسية شعوبية بغيضة : فيذهب أحدهم ليموت في سبيل "العتبات المقدّسة" بعد أن أعطى الفارسي خمس ماله ، ثم يأتي هذا المعمم ليُجبر زوجته على المتعة ، فينكح هذه المرأة العربية ابنة القبيلة الفلانية : رافضي باكستاني أو هندي أو فارسي زيادة في النكاية بالعرب الذين دمروا دولة الأكاسرة وأنهوا تأريخ الفرس قبل أربعة عشر قرنا ، فالفرس يعتقدون بأن عرب العراق هم بقايا أبناء الصحابة الذين قضوا على دولتهم ، ولذلك يستميتون في استعبادهم وأخذ أموالهم وهتك أعراضه باسم الخمس والمتعة ..

إن أخشى ما نخشاه أن تقف بعض الجماعات المجاهدة في صف الحملة الصليبية ضد الدولة الإسلامية فتخسر جهادها ، وتخسر آخرتها ، وتخسر دنياها في سبيل تحقيق مصالح الصليبيين واليهود والرافضة والمرتدين ، وقد ظهرت بعض البوادر من بعض الجماعات المسلحة – ولا نقول المجاهدة - في سوريا تدعوا المجاهدين إلى وضع يدهم في يد النصارى والنصيرية والرافضة لقتال الدولة الإسلامية ، ولا يخفى على أي عالم أو طالب علم خطورة هذه الدعوة الكفرية التي تُخرج صاحبها من الملّة المحمّدية لتُصيّره مرتداً عن الدين كافراً بملّة إبراهيم منسلاً من شريعة محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ..

وهذه جملة من النصوص الشرعية وأقوال بعض أهل العلم في مثل هذه النازلة التي أسأل الله تعالى أن لا تزل فيها قدم مسلم مهما كان اختلافه وعداوته لأي جماعة مسلمة :
قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْأِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (التوبة : 23) .. قال الطبري رحمه الله : "ومعنى ذلك : لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهراً وأنصاراً توالونهم على دينهم وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين ، وتدلونهم على عوراتهم ، فإنه من يفعل ذلك فليس من الله في شيء ، يعني بذلك: فقد برىء من الله وبرىء الله منه بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر" (انتهى) ، فهذه الآية في الآباء والإخوان الذين هم أقرب الناس إلى الإنسان ، فكيف بالنصارى والرافضة واليهود والمرتدين الأباعد!!

وقال سبحانه وتعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (المائدة : 51) .. قال الطبري رحمه الله في تفسيره : "ومن يتولّ اليهود والنصارى دون المؤمنين فإنه منهم ، يقول : فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملتهم ؛ فإنه لا يتولى متول أحداً إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض ، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه وصار حكمه حكمه". (انتهى) ..

فتولي الكفار : نفاق وردة عن الدين والعياذ بالله ، قال تعالى : {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} (النساء : 138-139) ، وقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا * إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (النساء : 145)، وهذا النفاق من مرض القلوب كما بين الله تعالى {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} (المائدة : 52) ، فإن كان هذا التأويل والتبرير مرفوض ، فمن باب أولى العداء والتحزّب وبغض المسلم ، فهما محرمان لذاتهما ، فهي ظلمات بعضها فوق بعض ..

إن أهل الإسلام عامة ، وأهل الجهاد خاصة : هم أولياء وإخوة في الدين إن خلُصت النيات وكان التجرّد لله :{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} ليس هذا فحسب ، بل يؤدون الواجب الذي عليهم في نصرة بعضهم البعض {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} ، فهذه هي العلاقة الحقيقية بين أهل الإسلام عامة ، وبين أهل الجهاد خاصة ، ومن ظن أنه يجوز له تغيير هذه العلاقة بناءً على اجتهاداته السقيمة فقد خالف كتاب الله عز وجل وادعى لنفسه علماً فوق علم الله تعالى ، والعياذ بالله {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} (الجاثية : 18) ..

وهذه أقوال بعض أهل العلم في حكم من والى أعداء الله من النصارى واليهود أو أية ملّة من ملل الكفر ضد المسلمين ، والعياذ بالله :

قال ابن تيمية في اختياراته : "من جمز إلى معسكر التتر ، ولحق بهم : ارتد ، وحل ماله ودمه" ( نقله الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ في الدرر السنية : ج8) قال الشيخ رشيد رضا في الحاشية : "وكذا كل من لحق بالكفار المحاربين للمسلمين وأعانهم عليهم ، وهو صريح قوله تعالى {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} (انتهى) .. والتتار في عهد ابن تيمية : ادعوا الإسلام ، وكان بعضهم يصلي ، ولكنهم لم يكونوا على الجادة ، وخلطوا بين الكفر والإيمان ، وحكموا بالياسق : دستورهم الكفري الذي وضعه لهم جنكيز خان ، فكيف بالنصارى واليهود والرافضة والنصيرية وأهل الردّة الذين يعلنون عداوتهم للإسلام ويقتلون المسلمين في كل مكان ..

سُئل أبا العباس بن زكري – في النوازل الصغرى - عن قبائل المغرب الأقصى امتزجت أمورهم مع النصارى وصارت بينهم محبة ، حتى إن المسلمين إذا أرادوا الغزو أخبر هؤلاء القبائل النصارى ، فلا يجدهم المسلمون إلا متحذرين ، وربما قاتلوا مع النصار ؟
فأجاب : "ما وصف به القوم المذكورون يوجب قتلهم كالكفار الذين تولوهم ، ومن يتول الكفار فهو منهم" (انتهى) ..

وعن الونشريسي في النوازل الكبرى : "وأما مقتحموا نقيضه [أي الجهاد] بمعاونة أوليائهم على المسلمين : إما بالنفوس وإما بالأموال ، فيصيرون حينئذ حربيين مع المشركين ، وحسبك من هذا مناقضة وضلالا" (انتهى) ..

وذكر الإمام محمد بن عبد الوهاب في نواقض الإسلام : "الثامن : مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين ، والدليل قوله تعالى {ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}" (انتهى) .. وقال رحمه الله في "الرسائل الشخصية" : "إن الأدلة على كفر المسلم إذا أشرك بالله أو صار مع المشركين على المسلمين - ولو لم يشرك -ـ أكثر من أن تحصر من كلام الله وكلام رسوله وكلام أهل العلم المعتمدين" (انتهى) ..

وقال الشيخ سليمان بن عبد الله في الدرر (ج8) : "فنهى سبحانه المؤمنين عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء ، وأخبر أن من تولاهم من المؤمنين فهو منهم ، وهكذا حكم من تولى الكفار من المجوس وعباد الأوثان فهو منهم" (انتهى) ..
وقال ابن حزم في المحلى : "صح أن قوله تعالى {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار ، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين" (انتهى) ..

وقال القرطبي في تفسيره : "أي من يعاضدهم ويناصرهم على المسلمين فحكمه حكمهم في الكفر والجزاء ، وهذا الحكم باق إلى يوم القيامة ، وهو قطع الموالاة بين المسلمين والكافرين" (انتهى) ..

قال سيد قطب – رحمه الله – في الظلال : "فإنه إذا كان اليهود والنصارى بعضهم أولياء بعض فإنه لا يتولاهم إلا من هو منهم . والفرد الذي يتولاهم من الصف المسلم ، يخلع نفسه من الصف ، ويخلع عن نفسه صفة هذا الصف "الإسلام" وينضم إلى الصف الآخر" (انتهى) ..

قال الشيخ عبد اللطيف في الدرر (ج8) : "فليتأمل من نصح نفسه هذه الآيات الكريمات [المجادلة : 22] وليبحث عما قاله المفسرون وأهل العلم في تأويلها وينظر ما وقع من أكثر الناس اليوم ، فإنه يتبين له - إن وفق وسدد - أنها تتناول من ترك جهادهم ، وسكت عن عيبهم ، وألقى إليهم السلم . فكيف بمن أعانهم أو جرّهم على بلاد أهل الإسلام أو أثنى عليهم ، أو فضّلهم بالعدل على أهل الإسلام واختار ديارهم ومساكنتهم وولايتهم ، وأحب ظهورهم ، فإن هذا ردة صريحة بالاتفاق" (انتهى) ..

قال ابن تيمية في الفتاوى (ج7) : "فدل على أن الإيمان المذكور ينفي اتخاذهم أولياء ويضاده ، ولا يجتمع الإيمان واتخاذهم أولياء في القلب ، ودل ذلك على أن من اتخذهم أولياء ما فعل الإيمان الواجب من الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه .. ومثله قوله تعالى {لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} فإنه أخبر في تلك الآيات أن متوليهم لا يكون مؤمنا ، وأخبر هنا أن متوليهم هو منهم ، فالقرآن يصدق بعضه بعضاً" (انتهى) ..

قال الشيخ سليمان بن عبد الله في الدرر (ج8) : "فذكر تعالى أن موالاة الكفار منافية للإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه ، ثم أخبر أن سبب ذلك كون كثير منهم فاسقين ، ولم يفرق بين من خاف الدائرة ومن لم يخف ، وهكذا حال كثير من هؤلاء المرتدين قبل ردتهم ، كثير منهم فاسقون ، فجرّ ذلك إلى موالاة الكفار والردة عن الإسلام نعوذ بالله من ذلك" (انتهى) ..

وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في الدرر (ج11) : "وله نواقض ومبطلات تنافي ذلك التوحيد : فمن أعظمها أمور ثلاثة : … الأمر الثالث : موالاة المشرك والركون إليه ونصرته وإعانته باليد أو اللسان أو المال ، كما قال تعالى {فلا تكونن ظهيرا للكافرين} ، وقال تعالى {ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هو خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون} ، فتأمل ما في هذه الآيات وما رتب الله سبحانه على هذا العمل من سخطه والخلود في عذابه وسلب الإيمان وغير ذلك" (انتهى) ..

قال الشيخ حمد بن عتيق – رحمه الله - في الدفاع عن أهل السنة والاتِّباع : "وقد تقدم أنَّ مظاهرة المشركين ودلالتهم على عورات المسلمين أو الذب عنهم بلسانٍ أو رضى بما هم عليه ، كل هذه مُكفِّرات ممن صدرت منه - من غير الإكراه المذكور - فهو مرتد ، وإن كان مع ذلك يُبْغض الكفار ويحب المسلمين" (انتهى) ، وقال في سبيل النجاة والفكاك : "فنهى سبحانه وتعالى المؤمنين أن يوالوا اليهود والنصارى ، وذكر أن من تولاهم فهو منهم ، أي : من تولى اليهود فهو يهودي ، ومن تولى النصارى فهو نصراني ، وقد روى ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قال : قال عبد الله بن عتبة : ليتق أحدكم أن يكون يهودياً أو نصرانياً وهو لا يشعر ! قال : فظنناه يريد هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء} إلى قوله {فإنه منهم} … لا فرق بين من تولى أهل الكتابين أو غيرهم من الكفار" (انتهى) .. فما بالكم بمن يقف تحت راية يهودية نصرانية رافضية نصيرية مرتدّة ، على أي دين يكون !!

قال الشيخ محمد بن عبد اللطيف في الدرر السنية (ج8) : " وأما إن خرج معهم [ أي مع المشركين] لقتال المسلمين طوعا واختيارا ، أو أعانهم ببدنه وماله ، فلا شك أن حكمه حكمهم في الكفر" (انتهى) ..

وجاء في الدرر السنية (ج9) : "مما يوجب الجهاد لمن أتصف به : مظاهرة المشركين ، وإعانتهم على المسلمين بيد أو لسان أو بقلب أو بمال ، فهذا كفر مخرج من الإسلام ، فمن أعان المشركين على المسلمين ، وأمد المشركين من ماله بما يستعينون به على حرب المسلمين ، اختياراً منه ، فقد كفر" (انتهى) ..

قال الشيخ أحمد شاكر – رحمه الله - في كلمة الحق : " أما التعاون مع الإنجليز بأي نوع من أنواع التعاون ، قلّ أو كثر ، فهو الردّة الجامحة ، والكفر الصّراح ، لا يُقبل فيه اعتذار ، ولا ينفع معه تأوّل ، ولا يُنجي من حكمه عصبية حمقاء ، ولا سياسة خرقاء ، ولا مجاملة هي النفاق ، سواء أكان ذلك من أفراد أو حكومات أو زعماء. كلهم في الكفر والردة سواء ، إلا من جهل وأخطأ ، ثم استدرك أمره فتاب وأخذ سبيل المؤمنين ، فأولئك عسى الله أن يتوب عليهم ، إن أخلصوا من قلوبهم لله لا للسياسة ولا للناس. .. [إلى أن وقال] : ولا يجوز لمسلم في أي بقعة من بقاع الأرض أن يتعاون معهم بأي نوع من أنواع التعاون ، وإن التعاون معهم [أي الفرنسيين] حكمه حكم التعاون مع الإنجليز: الردة والخروج من الإسلام جملة ، أيا كان لون المتعاون معهم أو نوعه أو جنسه" (انتهى) ، فما بالك بمن تعاون مع الإنجليز والفرنسيين والأمريكان الدنماركيين والكنديين والرافضة والنصيرية واليهود والمرتدين !!

وقال الشيخ ابن باز - رحمه الله - في الفتاوى (ج1) : "وقد أجمع علماء الإسلام على أنَّ من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم" (انتهى) .. وقال في الفتاوى الإسلامية (ج4) : "أما الكفار الحربيون فلا تجوز مساعدتهم بشيء ، بل مساعدتهم على المسلمين من نواقص الإسلام لقول الله عز وجل {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}" (انتهى) ..

قال الشيخ حمود بن عقلا الشعيبي رحمه الله : أما مظاهرة الكفار على المسلمين ومعاونتهم عليهم فهي كفر ناقل عن ملة الإسلام عند كل من يُعتدّ بقوله من علماء الأمة قديما وحديثا" ... وقال : "وبناء على هذا فإن من ظاهر دول الكفر على المسلمين وأعانهم عليهم كأمريكا وزميلاتها في الكفر يكون كافراً مرتداً عن الإسلام بأي شكل كانت مظاهرتهم وإعانتهم" (انتهى) ..

قال الشيخ عبد الله السعد : "وليعلم كل مسلم أن التعاون مع أعداء الله ضد أولياء الله بأي نوع من أنواع التعاون والدعم والمظاهرة يعد ناقضاً من نواقض الإسلام ، دلّ على ذلك كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم ، ونص عليه أهل العلم رحمهم الله ، فليحذر العبد أن يسلب دينه وهو لا يشعر" (انتهى) ..

وقال الشيخ صالح بن حميد حفظه الله : "ويزداد العجب ، ويغضب الرب ، حينما يتخاذل المسلمون عن نصرة إخوانهم المسلمين المظلومين ، فكيف إذا همّ أو فكّرَ أو تطوّعَ أحدٌ من المسلمين على مشاركة الكافرين بضرب المسلمين ؟! إنها فتنٌ تدع الحليم حيران ، ومصائب تتصدع لهولها الجبال.." (انتهى) ..

قال الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في الولاء والبراء : "كل من والى كافراً وأعانه وظاهره على مسلم فقد كفر ونقض هذا الأصل "الموالاة" وخرج من دين الله سبحانه وتعالى ، وهذا يصدق أيضاً على من أطْلع الكفار على عورات المسلمين في الحرب وأفشى لهم أسرار المسلمين" (انتهى) ..

وقال الشيخ سفر الحوالي شفاه الله وعافاه : "إن نصرة الكفار على المسلمين بأي نوع من أنواع المناصرة- ولو كانت بالكلام المجرد - هي كفر بواح ، ونفاق صراح ، وفاعلها مرتكب لناقض من نواقض الإسلام - كما نص عليه أئمة الدعوة وغيرهم - غير مؤمن بعقيدة الولاء والبراء" (انتهى) ..

وقال الشيخ سليمان العلوان فك الله أسره : "وقد حكى غير واحد من العلماء الإجماع على أن مظاهرة الكفار على المسلمين ومعاونتهم بالنفس والمال والذب عنهم بالسنان والبيان كفر وردة عن الإسلام قال تعالى {ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}. وأي تولٍ أعظم من مناصرة أعداء الله ومعاونتهم وتهيئة الوسائل والإمكانيات لضرب الديار الإسلامية" (انتهى) ..

وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في الدرر (ج8) : "وقد فرض الله تعالى البراءة من الشرك والمشركين ، والكفر بهم وعداوتهم ، وبغضهم وجهادهم ، {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} ، فوالوهم وأعانوهم ، وظاهروهم واستنصروا بهم على المؤمنين ، وأبغضوهم وسبّوهم من أجل ذلك ، وكل هذه الأمور : تناقض الإسلام ، كما دل عليه الكتاب والسنة في مواضع ، وذكره العلماء رحمهم الله في كتب التفسير والفقه وغيرها ، وعند هؤلاء وأمثالهم أنهم على الدين الذي كانوا عليه لم يفارقوه ، وهذا ليس بعجب ! فقد بين القرآن العزيز أن هذه الحال هي طريقة أمثالهم كما في قوله تعالى {فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}" (انتهى) ..

وقال الشيخ عبدالله بن إبراهيم الحميدي حفظه الله : " فاعلم أن من الكفر الواضح بالدليل على من اتخذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين قوله تعالى {والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير} (الأنفال : 73). وأشد من ذلك كفراً مظاهرة الكافرين على المسلمين ، وأعظم من ذلك كله من يٌوجب مناصرة الكافرين ومساعدتهم والقيام معهم ضد المسلمين.." (انتهى) ..

فيا قادة الجماعات المقاتلة ، ويا قادة الجماعات المجاهدة ، ويا جنود الدول العربية والإسلامية وجنود الجماعات المقاتلة والمجاهدة : إن موالاة أمريكا وحلفاءها ، والدخول تحت رايتها الصليبية في قتال الدولة الإسلامية : ردّة عن الدين بنص كتاب الله تعالى ثم بإجماع أهل العلم قاطبة ، فلا يجوز بأي حال من الأحوال المشاركة في هذه الحرب الصليبية ضد الدولة الإسلامية أو أي جماعة مسلمة مجاهدة أو غير مجاهدة باي نوع من أنواع المشاركة ، فكل هذا محرّم شرعاً وكفرٌ بواح صراح ناقل عن ملّة الإسلام إجماعاً ، بل من شارك الكفار بقلبه فقد نافق نفاقاً أكبراً مخرجاً من الملّة ، فعلى قادة الجماعات المجاهدة أن يتقوا الله تعالى في أمر الجهاد وأمر الأمة ، وأن يكونوا على قدر المسؤولية ، فإن الله تعالى سائلهم يوم القيامة عن كل مسلم يُقتل من هذه الأمة في هذه الحرب - الصليبية الرافضية اليهودية النصيرية الكافرة على الأمة الإسلامية - إن هم تقاعسوا عن نصرة إخوانهم في الدين أو تكاسلوا في توحيد صفوفهم ورصّها في مقابلة عدو اجتمع عليهم ولا يجمعه دين ولا لغة ولا عرق ولا مصير ولا هدف غير عداوة الإسلام وبغض المسلمين !!

من قاتل تحت هذه الراية الصليبية أو أعانها على قتال الدولة الإسلامية فقد انخلع عن ربقة الإسلام وارتد عن الدين : فتُطلّق منه زوجته المسلمة ولا تمكنه من نفسها وتحتجب عنه ، وإتيانها زنى - والعياذ بالله - وأولاده بعد الردّة غير شرعيين ، ويُبغضه المسلمون تديّناً ، ولا يسلّمون عليه ابتداءً ، ولا تجوز الصلاة خلفه ، ولا تُؤكل ذبيحته ، ولا يُمكَّن شرعاً من دخول الحرم ، ولا يجوز له سُكنى جزيرة العرب ، ولا تُقبل منه صلاة ولا صيام ولا زكاة ولا حج ولا أي عمل من أعمال الإسلام ، ولا يكون ولياً لأبناءه المسلمين ، وحُكمه الإستتابة ثلاثاً فإن تاب وإلا ضُربت عنقه ولا كرامة ، ويُقاتَل ابتداءً ويُقتل كافراً ، ولا يرثُ مسلماً ولا يرثُه مسلم ، ولا يُصلَّى عليه إن هلك ولا يُدفَن في مقابر المسلمين وإنما تُحفر له حفرة في الصحراء فيُلقى فيها دون توجيه إلى قبلة ، ولا يجوز لمسلم أن يترحّم عليه لأن الرحمة لا تجوز على الكفار ، وإن قُتل على ردّته فهو مُخلّد في النار أبداً والعياذ بالله ، ذلك أن القتال هنا ليس قتال فتنة بين فئتين مسلمتين ، وإنما هو قتال بين الكفر والإسلام ، بين راية صليبية يهودية رافضية نصيرية مرتدة ، وراية إسلامية تمثلها الدولة رغم مآخذ البعض عليها ، فلا يجزو لمن يؤمن بالله واليوم الآخر إلا أن يقاتل في صف الدولة أو يناصرها ضد هذه الراية الكفرية الصائلة على الأمة الإسلامية ، لا على الدولة وحدها كما يعتقد بعض الجهال ..

لا يجوز لمن يستطيع نصرة الدولة الإسلامية - ضد هذه الأحزاب الكافرة ، وهذه الراية الكفرية – التأخر عن نصرتها أو الوقوف متفرجاً والمسلمين يُقتلون ويُقصفون ويُؤسرون وتسبى نسائهم كما حدث في أفغانستان وفلسطين والشيشان والصومال والفلبين وكشمير والعراق ومالي وغيرها من بلاد الإسلام التي استطاع الأعداء تشتيت المسلمين فيها وتمزيق صفوفهم ثم قتلهم الواحد تلو الآخر ، "ما من امرئٍ يخذل امرءً مسلماً في موطنٍ يُنتقصُ فيه من عِرضِه ، ويُنتهَكُ فيه من حُرمتِه ، إلا خذله اللهُ تعالى في موطنٍ يحبُّ فيه نُصرتَه ، وما من أحدٍ ينصر مسلما في موطن يُنتقَصُ فيه من عِرضِه ، ويُنتهَكُ فيه من حُرمتِه ، إلا نصره اللهُ في موطنٍ يحبُّ فيه نُصرتَه" (حسّنه الألباني في صحيح الجامع) ، وقد رأينا تحقيق هذا الحديث في الجماعات المسلمة – أو التي تدعي الإسلام – التي خذلت "الطالبان" فخذلها الله ، وخذلت "قاعدة الجهاد" فخذلها الله ، والتي خذلت المجاهدين في غزة فخذلها الله وسيخذلها ويكشف سترها ويسلب ملكها ، والجماعة التي ستخذل الدولة الإسلامية في مواجهة "الأحزاب الكافرة" بقيادة أمريكا الصليبية فإن الله لا بد مخزيها ، فهذا يقيننا بكلام رسولنا صلى الله عليه وسلم بعد إيماناً بوعد ربنا جل وعلا ..

إن قال الجاهل بأن الدولة الإسلامية هي التي جرّت على الأمة هذه الحرب فنقول: هل كانت الدولة الإسلامية سبباً في احتلال الصليبيين للعراق وتمكين الرافضة وقتل المسلمين وهتك أعراض المسلمات لسنوات صمَت فيها العالم !! هل كانت الدولة سبباً في سكوت العالم عن مجازر النصيرية في سوريا وإمدادهم بالمال والسلاح الذي منعوه عن المسلمين !! هل كانت الدولة الإسلامية سبباً في بغض وحنق اليهود والنصارى والمرتدين على الإسلام والمسلمين أم أن هذا البغض والحنق كانا قبل الدولة !! هل الصليبيون والمرتدون حاربوا الإسلام قبل الدولة أم بعدها فقط !! هل قَتْل المسلمين في العراق وأفغانستان والشيشان واليمن وبورما والصين والفلبين وفلسطين وجزيرة العرب والمغرب الإسلامي وإيران وطاجيكستان وأوزبكستان والقوقاز والبلقان وغيرها من بلاد الإسلام كان قبل الدولة أم بعدها !! هل توقف قتل المسلمين يوماً في العراق أو سوريا قبل قيام الدولة الإسلامية وإعلانها الخلافة أم أن قتل المسلمين وهتك أعراضهم كان قائماً لعقود من حكم النصيرية والبعثية ومِن قبلهما الإحتلال البريطاني والفرنسي !! البعض يقول بأن الدولة الإسلامية أعطت هؤلاء سبباً للتدخّل ، فنقول : ما هو سببهم للتدخل قبل قيام الدولة الإسلامية ، وقبل أن يولد أميرها البغدادي ، بل قبل أن يولد أباه وجده !! أليس الله تعالى يقول في كتابه {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} (البقرة : 217) ، فهل هذا قبل قيام الدولة أم بعدها !! ألم يقال هذا في الحرب ضد "قاعدة الجهاد" و"طالبان" !! ألم يقال هذا في الحرب الأخيرة ضد غزّة ... أم نسينا !!

لو أن أهل الحق أعملوا عقولهم ونظروا بنور قلوبهم إلى مكر عدوهم وكيده بهم لأدركوا أنها حرباً دينية عقدية ذكر حقيقتها ربنا تعالى في كتابه ، ولم تكن يوماً حرباً على "قاعدة الجهاد" أو "الدولة الإسلامية" أو "طالبان" أو "أسامة" أو لإرساء الديمقراطية والعدالة والحرية والقيم الإنسانية ..

لو أن أهل الحق تجرّدوا لله تعالى وداسوا على حظوظ أنفسهم وأهوائها وكبريائها وابتغوا الآخرة وطلّقوا الدنيا لكان الإتفاق والتلاحم بينهم ..
ولو أن أهل الحق ترفّعوا قليلاً عن سفاسف الأمور واختاروا معاليها لعلموا أن الدنيا لا تساوي كل هذه الجعجعة ، وأن الآخرة هي الحيوان ..
ولو أن أهل الحق درسوا التأريخ ، وأخذوا العبرة من الأحداث السابقة لعلموا أن مكر الأعداء لا يتغيّر ، وإنما يسقط في الحفرة من مشى بغير بصيرة ..
ولو أن أهل الحق علموا أن أمتهم واحدة ، وأن عدوهم واحد ، وأن مصيرهم واحد ، لأدركوا حكمة الله البالغة في قوله تعالى {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} (الصف : 4) ..
ولو أن أهل الحق أدركوا أن الأمر ليس أمر شخص أو قائد أو جماعة أو حزب ، وإنما الأمر أمر الأمة والدين : لتعالوا عن بعض المكاسب الشخصية والحزبية الضيقة ..
ولو أن أهل الحق علموا أن المطلوب منهم ليس الحفاظ على بعض المكتسبات الجزئية -كما يعتقدون – وإنما هدفهم الشرعي هو الظهور على الدين كله وعلى سائر الأمم لتكون تحت قهر المسلمين فتُحكم الأرض بشرع رب العالمين ..
لو علم أهل الحق أن الله تعالى ينصر من ينصره فقط ، وأن الأمر ليس بالدعاوى اللفظية ولا بالأماني ، بل بالتطبيق الكامل للنصوص الشرعية التي تدعوا إلى الوحدة والإئتلاف وتنهى عن التنازع والاختلاف ، فمن أصر على الإختلاف : فشل وإن اجتمع له جنود الأمة وعتاد الأرض كلها ، فالله قضى وحكَم ولا معقّب لكلماته وحكمه جل وعلا ..
لو علم أهل الحق بأن من يوسوس لهم بالفرقة والتنازع وتعظيم الهوة بين المسلمين هو من شياطين الإنس الذين لا يريدون لهذه الأمة الخير ولا يرجون لها النصر : عندها يكون البراء من هؤلاء المندسّين الماكرين بالمسلمين وإبعادهم والتخلّص منهم واجب شرعاً وعقلاً ..
لو علم أهل الحق حقيقة القسام وعزام وأسامة وخطاب وأحمد ياسين وشامل والزرقاوي وأبو عمر البغدادي وابو الزبير المختار – رحم الله الجميع وتقبلهم في الشهداء – لعلموا أن الأمر أغلى من هذا التنافس على بعض المناطق أو بعض الأفراد والمناصرين ، ولأدركوا أن علوّ المنزلة والشهادة لا تكون إلا لأهل الإخلاص والريادة في الدعوة إلى جمع الكلمة ووحدة الصف المسلم ..
لو علم أهل الحق حقيقة الدين لأعملوا حسن الخلق في تعاملهم مع المسلمين من خفض الجناح ، والذل ، وحسن الظن ، والنُّصرة ، والتودد ، وقضاء الحاجة ، والولاية ، والمحبة في الله ، والأخوّة الإيمانية ، والإيثار ، والرحمة .. ولابتعدوا عن سوء الظن ، والتناحر ، والتنابز بالألقاب ، والغيبة ، والنميمة ، والفرقة ، والإختلاف ، والحسد ، والاقتتال ، والطعن ، واللعن ، والفحش ، والبذاءة ، والفتنة ، والعصبية الجاهلية لحزب أو جماعة بدلاً من تحزّبهم للإسلام ولعامة المسلمين ..

والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

كتبه
حسين بن محمود
11 ذو القعدة 1435هـ
عاشقة السماء
عاشقة السماء
إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ

عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  عاشقة السماء الجمعة سبتمبر 19, 2014 5:47 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
تأملات في الواقع (19)

مقارنة بسيطة


من المضحك أن ترى محاولات بعض "الخبراء" تضخيم القوة الاقتصادية والعسكرية للدولة الإسلامية لتبرير الحشد عليها عند الشعوب الغربية ، فلنعقد مقارنة بسيطة بين الدولة الإسلامية وأمريكا لنعرف حجم هذا التدليس العجيب :
قالوا بأن الدولة الإسلامية عندها ميزانية تقدّر ب 6 مليارات دولار ، بينما دخل أمريكا السنوي (16,7) تريليون دولار ، أي (2783) ضعف ميزانية الدولة الإسلامية ..
قالوا بأن جيش الدولة الإسلامية قوامه (30) ألف مجاهد ، بينما العاملون في الجيش الأمريكي أكثر من ثلاثة ملايين ، أي (107) أضعاف جيش الدولة ..
قالوا بأن عدد سكان الدولة 6 ملايين ، بينما عدد سكان أمريكا (318 مليون) أي (53) ضعف عدد سكان الدولة ..
لو قدرنا أن الدولة تُنفق 20% من ميزانيتها على الأعمال العسكرية أي (1,2 مليار) دولار فإن أمريكا تُنفق (550) مليار دولار على جيشها ، أي (458) ضعف الدولة الإسلامية ، وبما يعادل (45%) من الإنفاق العسكري على مستوى العالم متفوقة على ال (17) دولة التي تليها في القائمة مجتمعة .. رغم كل هذا التباين : تحتاج أمريكا لأربعين دولة في مواجهة الدولة الإسلامية ، وتحتاج إلى أموال الخليج ، وإلى جنود غير جنودها !! هذا التبرير العجيب عند الغرب يقابله تقرير حقيقي عند المسلمين في قوله تعالى {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (البقرة : 249) ..

جامعة الدول العربية

انشئت "جامعة الدول العربية" قبل "الأمم المتحدة" بشهور في سنة 1945م ، والتي أنشأها فعلياً "أنتونى إيدن" وزير خارجية بريطانيا آن ذاك لعزل الدول العربية عن محيطها الإسلامي .. لم تستطع - هذه "المنظمة" - إزالة الحدود بين الدول العربية ، ولا توحيد عملتها ، ولا تكامل اقتصادها ، ولا توحيد سياساتها ، ولا أي شيء ذي بال يجمعها حتى قامت من سباتها العميق قبل أيام فأجمع ممثلوها في دقائق معدودة على حرب "الدولة الإسلامية" تحت الراية الأمريكية الصليبية الصهيونية .. قامت حرب في غزّة قُتل فيها الفلسطينيين العرب ، والحرب قائمة في اليمن يَقتل الحوثيون الموالون للفرس العربَ ، والقتل والتنكيل على أشدّه في الأهواز ضد العرب ، كل هذا لا يحتاج إلى اجتماع ، وإنما الإجتماع يكون إذا قامت دولة إسلامية تواجه التغلغل الفارسي في الدول العربية وتهدد المصالح الأمريكة ، عندها تجتمع "جامعة الدول العربية" لتُجمع على حرب هذه الدولة المعكّرة لصفو أهداف "الجامعة العربية" التي رسمها "أنتوني إيدن" وزير خارجية بريطانيا !!

بين إيران وآل سعود !!

من أعجب العجب أن يكون شغل إعلام إيران الشاغل هو كون "الدولة الإسلامية" وهابية عميلة لآل سعود ، وشغل إعلام آل سعود الشاغل كون "الدولة الإسلامية" عميلة لإيران ، ثم تجتمع إيران مع آل سعود على حرب "الدولة الإسلامية" تحت قيادة الشيطان الأكبر الكافر !! وأعجب من هذا تصريحات المسؤولين الإيرانيين بأنهم رفضوا التدخل الأجنبي في العراق ، وتصريحات المسؤولين السعوديين برفضهم تدخل إيران في العراق !!

عَمالة الدولة :

عندما تقول بأن "الدولة الإسلامية" عميلة للمالكي ثم بشار ثم إيران ثم أمريكا ثم روسيا ثم نكتشف بأن كل هذا غير صحيح ، وأن جميع هؤلاء يقاتلون الدولة الإسلامية ، وهي تقاتلهم وتقتلهم وتقطع رؤوس مواطنيهم ، عندها لا تطلب تصديق كلامك ، لأنك بين أمرين : إما أن تكون جاهلاً جهلاً كبيراً بالواقع ، ولذلك تُخطئ كل مرة ، وليس من العقل تصديق جاهل ، وإما أن تكون عالماً ثم تكذب ، وليس من العقل تصديق كاذب .. الأفضل أن تسكت حتى تستبين الحقيقة ، أو تسكت حياء وخجلاً من كثرة الكذب والوقاحة ..

الخوارج :

عجبت لأناس لم يقتلوا كافراً واحداً في حياتهم ، ويُعلنون الدخول تحت راية صليبية أمريكية صهيونية لقتل المسلمين في العراق والشام ، ثم يقولون : المجاهدين خوارج !!

الصهيوعرب :

البعض أعلن بأن التحالف الذي أعان اليهود على المسلمين في غزّة هو تحالف "صهيوعربي" ، ثم نجد هؤلاء يقفون مع هذا التحالف ذاته في حربه ضد "الدولة الإسلامية" {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (الحج : 46) ..

الراشدون :

"الدولة الإسلامية" ارهابية جاهلة متنطعة خارجية ملحدة لأنها تقتل المسلمين في العراق والشام بزعمهم ، أما الحكومات التي قتلت وأعانت على قتل المسلمين وهتك أعراضهم في مصر وليبيا واليمن وسوريا وغزة والعراق وأفغانستان وباكستان فهذه على هدي الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين!!

الإسلام الوسطي :

النظام النصيري قتل أكثر من ربع مليون سوري بشتى أنواع الأسلحة الفتاكة ، وشرّد الملايين من أبناء سوريا ولم يتحرّك أحد ، ولم تجتمع جامعة الدول العربية ولا الأجنبية ، بل أرسلوا مساعدات إنسانية لبشار (ذخيرة وسلاح ومال) تقديراً لجهوده الخيرية ، والآن تتحرك الأرض قاطبة لقتال جماعات إرهابية تدافع عن حياة السوريين ، فالتحالف الصليبي الدولي هو لردع هذه الجماعات التي شوّهت صورة الإسلام الوسطي السلمي المعتدل الذي ليس فيه قتل ولا قتال حسب فتوى هيئة كبار العلماء المتمثّلة في سماحة الشيخ ديفد كاميرون وفضيلة الشيخ العلّامة جون كيري وشيخ الإسلام أبو الحسين بركة بن حسين أبو عمامة ..

الآلهة :

قتَل الأمريكان أكثر من مليوني مسلم عراقي ، ولم تقتل الدولة الإسلامية عراقي نصراني إلى الآن ، ومع ذلك رأينا دموع التماسيح على نصارى العراق لم نرها على المليوني مسلم !! لا يحضر في الذهن من هذا المنظر البشع من بعض من ينتسب للإسلام سوى تسائل قوم إبراهيم {قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ} (الأنبياء : 59) ، فألقوا خليل الرحمن إبراهيم - عليه السلام - في النار بسبب تحطيمه حجارة !! ليس المهم أن يُقتل مليوني مسلم ، المهم أن لا تُمسّ الآلهة بسوء ..

التفويض :


حينما فشلت جميع نظريات الخيانة والعمالة التي أطلقوها على "الدولة الإسلامية" : لجأوا إلى اتهام الدولة بأنها بأعمالها تعطي الأمريكان التفويض والسبب لتقويض "الثورة العربية" أو "الربيع العربي" !! طبعاً الدولة الإسلامية هي التي قتلت المسلمين في رابعة والنهضة وقادت الإنقلاب على مرسي ، وهي التي تدعم حفتر ، وهي التي أتت بهادي عبد ربه ودعمت الحوثيين ، وهي التي تدعم بشار ودعمت المالكي بالمال ، ولو أن المسلمون نجحوا في حكم البلاد العربية بعد "الربيع العربي" فإن أمريكا لن تتدخّل حتى تستأذن أفعال "الدولة الإسلامية" ، فأمريكا لا تتحرك إلى بعد تفويض وليّ أمرها البغدادي ، كما لم تقتل المسلمين إلا بعد تدمير الأبراج في نيويوك وواشنطن وتفويض أسامة ، أما قبل ذلك فلم تقتل – ولم تشارك في قتل - عشرة ملايين مسلم في عشرين سنة ، ولم تكن عدوّة للإسلام والمسلمين منذ قياماها .. حاشاها ، وحاشا البريطانيين والفرنسيين أن يمسوا المسلمين بسوء دون تفويض أو سبب حقيقي مقنع ..

العنف البدائي :

حينما تقصف الدول الكافرة أعراس المسلمين وبيوتهم ومدارسهم ومستشفياتهم ومخابزهم وأماكن تجمعاتهم بالقنابل العنقودية والفوسفورية والجرثومية والنووية المصغّرة فإن جميع القتلى - من الرجال والنساء - يكونون من الإرهابيين ، أو مشاريع إرهاب إن كانوا أطفالاً ، أما إذا قتل المجاهدون رجلاً صليبياً حربياً بالسكّين فلا يمكن أن يكون إلا صحفي أو عامل إغاثة أو متعاطفاً مع قضايا المسلمين ، فالرجل الأمريكي والبريطاني يدخل حدود "الدولة الإسلامية" بلا عهد ولا أمان لعلمه بوسطية وسلمية و"غانديّة" و"ماندلّيّة" الدولة الإسلامية !! لعل هذا الغربي جاهل بفتاوى مشايخه (كيري وأوباما وبراون) ، ولعله يكون معذوراً بالجهل ، والجاهل يُعلّم ، لكن المشكلة أن منهج التعليم عند "الدولة الإسلامية" بدائي لم يرق إلى مستوى الدول المتحضرة ، فمنهج "السكين" البدائي المتخّلف لا يمكن مقارنته بالعنقودي والجرثومي والنووي المتحضّر ..

صورة ساذجة :

هذه صورة ساذجة بسيطة وربما سطحية أهديها لحكومات الدول العربية : دخل السوفييت أفغانستان ثم خرجوا منها وتركوا عملائهم يواجهون المجاهدين ، ودخلت أمريكا أفغانستان ثم خرجت وتركت عملائها يواجهون المجاهدين ، ودخلت أمريكا الصومال ثم خرجت وتركت عملائها يواجهون المجاهدين ، ودخلت أمريكا العراق ثم خرجت وتركت عملائها يواجهون المجاهدين ، وها هي الآن تريد دخول العراق من جديد ، فماذا لو خرجت من المنطقة وتركت الحكومات العربية في مواجهة المجاهدين ؟ لا تقولوا وعدَتْنا ، فقد وعَدت من كان قبلكم وعد عرقوب ..
الدولة هددت جميع من يقف في هذا الحلف ضدها ، وعندها خلايا في جميع الدول ، وإن خرجت من هذه الحرب منتصرة أو ببقية من قوتها فإن العاقبة ستكون وخيمة ، والعقاب سيكون شديد .. ليس عند الحكومات العربية ما يواجهون به الدولة الإسلامية بعد أن شاركوا في الحرب الصليبية : فالجنود سيهربون أو ينضمون إلى الدولة ، والشعوب لن تقاتل الدولة لأنها مستائة من جميع ما حصل بعد الثورات العربية ، ولا يمكن استئجار مرتزقة لقتال جميع الشعوب العربية ، وكأني بالبغدادي - بعد هذه الحرب - يقول "إني أرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها" ..

الجهاد والإخوان :

أخشى ما كنت أخشاه هو ضرب "الدولة الإسلامية" بالإخوان المسلمين ، وكنت أعجب من غباء الدول التي تمكر بالمجاهدين : فلو أنهم تركوا الإخوان في مصر وتونس واليمن لربما ذهب ريح المجاهدين لأسباب كثيرة ، ولكن الله تعالى لطف بالمجاهدين أن أظهر للإخوان خيانة وعمالة أعداء الأمة من الحكومات وغيرها ، فكفّ كثير من الإخوان عن المجاهدين ، وخبَت نار العداوة بين الجماعتين ، فليس هناك في الأمة من يستطيع الوقوف في وجه المجاهدين إلا الإعلام "الإخواني" الذي كان يبيع الوسطية والاعتدال لشباب الأمة بغلاف أنيق ، فبعد هذه الإبتلاءات التي حلّت بالإخوان أصبح كثير من شبابهم يرى أهمية عمل المجاهدين ، وقد انضم كثير منهم للجبهات ، فلم تعد "السلمية" طريقاً لكثير منهم ، ولم تعد "الوسطية" لها نفس المعنى .. الغريب أن أعداء الأمة لا زالوا يعملون في ليبيا واليمن ومصر بنفس الطريقة التي تضمن الإقتناع التام بالجهاد في سبيل الله طريقاً لخلاص الأمة ، وتضمن انخراط الشباب في صفوف المجاهدين ، وتضمن العداء الكبير بين الشعوب والحكومات العميلة التي تكيد بالإسلام ، فالعلاقة بين قادة الإخوان وقادة المجاهدين عكسية : فكلما زاد التنكيل بقادة الإخوان ، زاد سطوع نجم قادة الجهاد ، وكلما زاد فشل نظريّة السلمية ، زاد اقتناع الناس بضرورة العملية العسكرية .. لقد انتبه بعض المفكرين الغربيين لهذه النقطة ، وحذّروا الحكومات الغربية من خطورة إقصاء الإخوان من الساحة في مثل هذا الوقت ، وقد جرت بعض المحاولات هنا وهناك للتفاوض مع الإخوان ، ولكن الله تعالى سخّر بعض العرب الذين تحالفوا مع اللوبي الصهيوني في واشنطن ولندن لدحض فكرة إعادة الإخوان إلى الساحة ، ووعد هؤلاء العرب بمحاربة المجاهدين والإخوان في نفس الوقت ، فلعل هذا من مكر الله ولطفه بعباده من الإخوان والمجاهدين ..

إعلان الحرب :

العقل يقول بأنه إذا أرادت دولة ما محاربة دولة أو جماعة فإنها لا تُعلن ذلك حتى لا تستعد الجماعة لهذه الحرب فتُحدث خسائر في الدولة المحاربة ، ولكن أمريكا أعلنت الحرب على الدولة الإسلامية وجهَرت باستعداداتها لإرهاب الدولة الإسلامية وإدخال الرعب في قلوب جنودها !! ما لا تعرفه أمريكا ولا حلفائها أن أهل الجهاد لهم منهج خاص في التعامل مع جموع الأعداء وإعدادهم ، وهو قوله تعالى {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (آل عمران : 173) فمسألة الرعب والرهبة غير واردة لأن جنود "الدولة" لم يبايعوها على فتح البلاد وإخضاع العباد ، وإنما بايعوا على الموت ونيل الشهادة .. الذي يخاف هو من يريد الحياة ، أما صُنّاع الموت فلا حيلة لأحد معهم {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ} (التوبة : 52) فهم للقاء عدوّهم على أحر من الجمر ، وكلما تأخر الأعداء : كلما زاد الشوق ..

الصورة العجيبة

تخيّل أننا سنعطي أمريكا وبريطانيا وفرنسا واليهود خمسمائة مليار دولاء لقتلنا !! لا اعتقد بأن الغرب الصليبي استوعب الفكرة إلى الآن ، فكيف نستوعبها نحن !! في حرب احتلال جزيرة العرب ، والتي سمّيت بحرب "تحرير الكويت" دفعت الدول الخليجية قرابة الثلاثمائة مليار دولار للتحالف الصليبي بقيادة "نورمان شوارتسكوف" - اليهودي الأمريكي - لقتل المسلمين في العراق ، فقتلت الطائرات والقنابل الصليبية أكثر من مليون ونصف المليون عراقي ..
لك أن تتخيّل ما يقول الصهيوصليبيون الغربيون الآن : سنجرّب الأسلحة الجديدة عليهم ، وسنستخدم الذخيرة القديمة التي في مخازننا لنصنع بدلاً منها ذخائر جديدة ، وستعمل مصانعنا ، وسينتعش اقتصادنا المنهار ، وستدب الحياة فينا من جديد ، وفوق هذا كله : سنتقتل المسلمين بأموالهم ، وستطير طياراتنا من أراضيهم لقتلهم ، وسيحرس أبناء المسلمين قواعدنا وجنودنا الذين سيقتلون إخوانهم ويهتكون أعراض أخواتهم !! غباء ودياثة وعمالة وخيانة لم تشهدها البشرية من قبل ..
لقد ربح الصليبيون في حرب "احتلال جزيرة العرب" ما لم يكونوا يتخيلون ، وفوق هذا احتلوا "جزيرة العرب" قلب العالم الإسلامي برضانا ، ثم بعد عشر سنوات رجعوا لاحتلال مهد الخلافة العباسية "بغداد" بأموالنا ، فقتلوا مئات الآلاف من المسلمين ، وها هم بعد عشر سنوات يرجعون لتدمير مهد الخلافة الأموية ، وقتل المسلمين في العراق والشام ، وبأموالنا .. هنيئاً للعرب حكمتهم وذكائهم ودهائهم وسكوتهم وانزواء علمائهم في زاوية فتاوى الأحوال الشخصية {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ * لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (آل عمران : 187-188) ..

إجماعٌ على الإجماع :

تقرر بأن مَن وقف تحت الراية الأمريكية الصليبية الصهيونية لقتال المسلمين في العراق والشام وساندها بأي وسيلة - ولو بكلمة - فهو كافر مرتد عن الدين بنص كتاب الله ثم بإجماع العلماء قاطبة ، وقد بيّنا هذا جليّاً في مقالة سابقة بعنوان "الحرب الصليبية على الدولة الإسلامية" ، لكن الذي يجب أن يعرفه الناس هو : حكم العالِم الذي يخالف هذا الإجماع ، قال ابن حزم رحمه الله : "ومن شرط الإجماع الصحيح أن يُكَفَّر من خالفه بلا اختلاف بين أحد من المسلمين في ذلك" (مراتب الإجماع) ، وقال ابن تيمية : "والتحقيق أن الإجماع المعلوم يكفُر مخالفه كما يكفر مخالف النص بتركه" (الفتاوى : ج19) .. لقد قال بعض العلماء بأن نسبة آيات الولاء والبراء في القرآن تأتي بعد تقرير التوحيد ونفي ضده ، فحكم الولاء والبراء من المعلوم من الدين بالضرورة عند العلماء ، فأي عالم يُفتي بخلاف هذا الإجماع يكون كافراً مرتداً عن الدين بالإجماع {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (النحل : 106) ، فليتّق الله من يدّعي العلم ، ولينظر ما يقول ..

اليمن بأبخس ثمن !!

قلناها سابقاً ، ونقولها اليوم : اليمن بيعت للإيرانيين ، فهناك اتفاق بين آل سعود والأمريكان والإيرانيين لتسليم شمال اليمن للحوثيين في صفقة تحقق مصالح هذه الدول ، فلا يُتعبنّ أحدهم نفسه بتحليلات ولا كلمات ، فالأمر حُسم بينهم ، ولا خلاص إلا بالجهاد ، وإلا تسقط صنعاء في غضون أسابيع قلية ، وقد سلّمها "عبد ربه هادي" للحوثيين بأمر من أولياءه ، واستلم نصيبه من الأموال .. أما طريقتهم في تسليمها فهي : إجراء مفاوضات وتفاهمات كلما خرج من يقف في وجه الحوثيين من القبائل والجيش وأفراد الجيش اليمني ، فإذا رجع هؤلاء إلى بيوتهم أو ثكناتهم : تقدّم الحوثيون مرّة أخرى ، وإذا أراد مجاهدو أنصار الشريعة قتال الحوثيين : قصفتهم الطائرات الأمريكية واليمنية معاً .. إن لم ينتبه الشعب اليمني ويتخلص من الخونة عاجلاً فإن اليمن ستصبح تحت الإحتلال الرافضي ، وستهتك الأعراض ، وتُسفك الدماء ، ويُحارَب الدين ..

...................

مسألة الإستعانة بالكفار :

بعض الخبثاء يدلّس على المسلمين فيقول بأن العلماء اختلفوا في مسألة الإستعانة بالكفار !! هذا صحيح ، ولكن ما هي المسألة التي اختلفوا فيها ؟ العلماء اختلفوا في مسألة الاستعانة بالكفار على حرب الكفار ، بمعنى أن هناك دولة كافرة تريد قتال المسلمين ، والدول الإسلامية – لضعفها – تطلب المساعدة من بعض الكفار ، وقد وضع العلماء شروطاً لهذه الإستعانة ، منها : أن يكون الذين نستعين بهم يحسنون الرأي بالمسلمين ، وأن يكونوا أضعف من قوة المسلمين بحيث لو غدروا نستطيع أن نحيط بهم ، وأن يكون الدين الإسلامي هو الظاهر وحكمه هو النافد ، وغيرها من الشروط .. المسألة التي نحن بصددها اليوم ليست استعانة للمسلمين ببعض الكفار ضد كفار ، ولكن ما نحن بصدده اليوم هو : استعانة الكفار بالمسلمين على المسلمين ، فأمريكا وبريطانيا وفرنسا هم من أعلنوا هذه الحرب ضد المسلمين في العراق والشام ، وهؤلاء الصليبيون هم من يستعين بأموال وأراضي وجنود الدول الإسلامية ضد المجاهدين ، فهذه هو الموالاة الحقيقية ، وهي الردّة الصريحة عن الدين المنصوص عليها في كتاب الله تعالى والمُجمع عليها بين أهل العلم قاطبة ، فلا دخل لمسألة الإستعانة - وكلام العلماء عنها - في واقعنا هذا ..

حتمية النصر :

من داخل حدود الميقات ، وعلى بُعد 100 ميل من بيت الله الحرام ، وفي الشهر الحرام : اجتمع النصارى واليهود والرافضة والمرتدون في الحجاز (مهبط الوحي) لإعلان الحرب الصليبية على الأمة الإسلامية بقيادة راعية الصليب أمريكا ومعها ألدّ أعداء الأمة من اليهود والفرنسيين والبريطانيين والمنافقين .. حينما يتحدى المرتدّون والصليبيون واليهود والرافضة رب العزّة في حرَمه وفي شهره الحرام لقتل أولياءه ، فإني أقول بكل ثقة وبعقيدة لا تساورها شك : {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} (القمر : 45) ، ذلك أن الله تعالى أشدّ غيرة على حرَمه من البشر ، وقد أعلن الحرب على من آذى أولياءه ، ولن يترك الله تعالى هذه الجموع الخبيثة تدنّس حَرَمه وتتوعّد أولياءه .. كل ما على المجاهدين فعله هو الثبات على الطريق ، والبعد عن المعصية ، والإعداد قدر الإستطاعة ، والإخلاص في الدعاء ، والبعد كل البعد عن النزاع ، والعمل الجاد في توحيد الصفوف وتنسيق الجهود ، والتوكّل على الله حق التوكّل ، إن فعلوا ذلك : فأقسم بالله - الذي لا إله غيره ولا رب سواه - لو اجتمع أهل الأرض قاطبة على قتال المجاهدين فإن الله تعالى ناصرهم ومعينهم ومدمّر الأحزاب بقوّته وجبروته سبحانه ، وليقرأ من شاء قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (محمد : 7) ، فالنصرة المطلوبة ليست حمل السلاح فقط ، بل طاعة الله تعالى واجتناب جميع معاصيه ، فعندها يستحق المجاهدون النصرة الموعودة ..

تذكير :

أُذكّر قادة الجهاد في كل مكان بتقوى الله عز وجل ، ثم بوعده المشروط ، وبوعيده النافذ ، فالله الله في أمة الإسلام فإنها أمانة في أعناقكم ، والله الله في جمع الكلمة ، ووحدة الصف ، وإياكم ونزغات شياطين الإنس والجن ، وإياكم والتنازع والاختلاف ، فالوضع لا يحتمل ، والأمر أكبر من جماعة وأشخاص .. أنتم اليوم في مقام عزّ لا يدوم إلا بدوام الإمتثال لجميع أوامر الله تعالى ، فالله ناصر دينه ومُعزّ أولياءه الذين يمتثلون لحكمه ويطيعونه في جميع أمره ، وإلا فإن سنّة الإستبدال ماضية ، وأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أغلى منا جميعاً .. معصية واحدة أخرجت آدم من الجنة ، ومعصية واحدة هُزم بسببها المسلمون في أُحد ، وكلمة كادت تودي بالمسلمين في حُنين ، فلا يقولنّ أحدٌ أنا مجاهد ، فالمعصية تضع صاحبها ، والطاعة ترفعه ، وسيّد الناس من تواضع لله وترك حظ نفسه لصالح لجماعة ..

اللهم اهد المجاهدين للحق ، وابعد عنهم كل كيد ومكر ، وألّف بين قلوبهم ، واجمع كلمتهم ، ووحد صفوفهم ، واجعلهم يداً واحدة على أعداء ملّتك ، واجعلهم من المتوكّلين عليك ، الناصرين لدينك ، المحكّمين لشرعك ، الصابرين المصابرين .. اللهم واجعل دائرة السّوء على من حاربهم ، أو أعان على حربهم ، أو رضي بحربهم ، أو أراد بهم سوء .. يا قوي يا عزيز ..


والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

كتبه
حسين بن محمود
23 ذو القعدة 1435هـ
عاشقة السماء
عاشقة السماء
إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ

عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  عاشقة السماء الأحد سبتمبر 28, 2014 7:25 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
التحليل السياسي


يختلف التحليل السياسي عن الإجتهاد الشرعي كونه ينظر إلى عوامل متشعّبة كثيرة قل أن تنضبط ، وهو في مجمله يعتمد على تخمينات مبنية على قواعد قد لا تكون ثابتة في بعض الأحيان ، ومشكلة السياسة أنها متقلبة بتقلّب الأوضاع والمصالح ، فلا تكاد تجد حكماً ثابتاً إلا ما ندر ، والمشكلة الأكبر أن العوامل في كثير من الأحيان تكون مستورة لا يعرفها المحلّل إلا بعد فوات الأوان ..

هناك بعض القواعد التي ينبغي للمسلم مراعاتها في تحليلاته السياسية ، وهي قواعد ثابتة لا تتغيّر بتغيّر الزمان والمكان ، وقد تكون لها بعض الإستثناءات النادرة ، وهذه في حكم المعدوم ، والمقصود بالتحليل السياسي هنا : معرفة حقيقة واقعة بناء على المعطيات المطروحة بإعتماد الثوابت إن وُجدت ..

نحن الآن في صراع مع النصارى واليهود والمنافقين والمرتدين والكفار والمشركين ، وهؤلاء لهم أوضاع خاصة ، ولهم قواعد خاصة تعامَل معها الشرع بصورة كليّة ، فينبغي "للمحلل المسلم" الإلمام بهذه القواعد حتى يبني تحليلاته على أرضية صلبة ، ولا تكفي معرفة هذه القواعد مجرّدة ، بل ينبغي الإطلاع على الواقع وحيثياته ، والناس في هذا أربعة أصناف :

1- صنف عرف الحيثيات ودقائق الواقع وعرف القواعد الشرعية وبنى هذه على هذه ، وهؤلاء هم المحللون المحنّكون من المسلمين ، وهم قلّة قليلة ..
2- صنف عرف الحيثيات والدقائق ولكن لم يبنها على القواعد الشرعية لجهله بها ، وهؤلاء في الغالب من عوام المسلمين أو ممن يطلب الإنصاف لكن يضل طريقه ..
3- وصنف عرف القواعد الشرعية ولم يعرف الواقع وحيثياته : مثل بعض العلماء الذين خاضوا في السياسة دون أداتها ، وهؤلاء خطرهم كبير على الأمة ، لإنزالهم النصوص الشرعية غير منزلها ..
4- وصنف لا يعرف الواقع ولا يعرف القواعد ومع ذلك يخوض في أمور الأمة ، وهؤلاء هم الرويبضة والتافهون من الناس ، وقد يمون من ضمنهم بعض الصنف الثاني ، وما أكثر هؤلاء في الفضائيات والشبكة العالمية والبرامج الإجتماعية ..

عندما نتكلّم عن اليهود فإننا نعتمد على قواعد قرآنية كثيرة ، مثل قوله تعالى {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ...} (المائدة : 82) وقوله تعالى {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} (البقرة : 100) وآيات كثيرة وأحاديث تُبيّن شدة عداوة اليهود للمسلمين ونقضهم للعهود والمواثيق وغدرهم وجبنهم وسفاهتهم ووقاحتهم وخيانتهم المتأصلة في طبعهم وتكوينهم الفطري ، فكل تحليل يخرج عن هذا الإطار لابد أن يكون مجانباً للصواب ..

كذلك عندما نتكلم عن النصارى فلا بد أن نراعي القواعد والضوابط الشرعية ، مثل قوله تعالى {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ} (البقرة : 105) وقوله تعالى {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} (البقرة : 109) ، فكل زعم للنصارى بأنهم يريدون لنا الحرية والعدالة "والديمقراطية" - وغيرها من المزاعم - هي باطلة بنص القرآن ، وإنما هدفهم حرماننا من كل خير ، ومحاربتنا في ديننا ..

حينما نتكلم عن العلاقة بين اليهود والنصارى ينبغي أن نعتمد على قاعدة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (المائدة : 51) ، وعندما يكون بيننا عملاء يوالون اليهود والنصارى ضد المسلمين فيجب أن نعتمد على قاعدة {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (المائدة : 51) ، وقاعدة علاقة سائر ملل الكفر ببعضهم البعض في مواجهة الإسلام {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (الأنفال : 73) ، {وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (الجاثية : 19) .. أمة الإسلام فريدة في العالم لاستئثارها بالحق ، وهذا الحق يُحارَب من جميع قوى الباطل والظلم ، فليس للجماعة المسلمة من أولياء إلا المسلمين ، وجميع الكفار حرب على المسلمين : يتناسون خلافاتهم وعداواتهم في لحظة إذا ظهر الإسلام ..

الذي يقرأ هذه الآيات ويتدبرها ويعرف حقيقتها لا يتسائل عن سبب اجتماع دول الأرض على المسلمين ، وسبب قتال دول لا زالت تدعي الديمقراطية والإنسانية والعدالة ، فهذه قيم لا معنى لها في قاموس المواجهة مع الحق ، فكل باطل في الأرض لا بد أن يحارِب الحق بمجرّد الاحتكاك به ، وفي كثير من الأحيان يكفي وجود الحق ليسلب الباطلَ عقلَه وقراره ..

البعض يبني تحليلاته السياسية على فكره وبيئته ، فيظن أن "السياسي" يفكّر كما يفكّر هو ، وأن عنده من الثوابت والمبادئ ما عنده ، وهذا خطأ كبير يقع فيه بعض من يبالغ في مسألة الثقة ، وبعض من عاش في بيئة نظيفة لا تعرف الغش والخداع والكذب والمكر والحقد على الدين ، وهذا حال كثير من طلبة العلم والعلماء الذين نشاوا في بيئة علمية بحتة بين مشايخ وطلبة علم ، وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه "من لم يعرف الجاهلية لم يعرف الإسلام" .. لا نقصد بالسياسي هنا : من يسوس الناس بما يُرضي الله ، وإنما نقصد السياسي الجاهلي الذي لا يبالي كيف – وبم وإلى أين - يسوس الناس ، فالقصد هنا "السياسة الجاهلية" المبنية على غير هدي الوحي ، وهي أكثر سياسة أهل الأرض الآن ..
هناك قواعد سياسية كثيرة متعارف عليها في المحافل الدولية وبين السياسيين ، من مثل :

- السياسة : فن الكذب ..
- لا دين في السياسة ، بمعنى أنه لا ضوابط شرعية أو أخلاقية تحكم السياسة ..
- السياسة فن تحقيق المصالح ، والمقصود تحقيقها بأي وسيلة ، وقد تكون المصلحة شخصية أو جماعية ..
- لا صديق دائم ، ولا عدو دائم في السياسة ..

هذه القواعد معمول بها اليوم على مستوى العالم ، وهي من المتعارف عليه بين السياسيين بلا نكارة ، فمن لا يعرف هذه القواعد يُصاب بالغثيان مما يعمله السياسيون في بعض الأحيان ، ولكن السياسي المتمرّس في عالمنا اليوم لا يُنكر أي فعل أو قول يصدر من إخوانه السياسيين لأنه يعلم أن هذا القول أو هذا الفعل هو ضمن إطار قواعد اللعبة السياسية ..

لنأخذ اليمن مثالاً للتحليل السياسي :

الحوثيون تحركوا من صعدة في شمال اليمن ونزلوا جنوباً دون مقاومة تُذكر حتى دخلوا صنعاء واحتلوها .. ما هي حيثيات هذه الحادثة ؟ وما هي القواعد المعمول بها هنا ؟

الحوثيين ليسوا زيدية ، بل هم من غلاة الرافضة ، وهؤلاء أشبه ما يكونون باليهود ، فهم من أشد الناس عداوة للمسلمين ، وقد رأينا ما فعلوا في العراق وسوريا ولبنان ، وما يفعلونه في الأهواز ، وما فعلوه على مر التأريخ الإسلامي ، فهؤلاء لا يرقبون في مسلم إلاً ولا ذمّة ، ويستحلّون دماء وأعراض وأموال المسلمين ، وفي قلوبهم حقد كبير على أهل الإسلام ، فأقرب القواعد الشرعية في التعامل معهم هي القواعد التي جاءت في اليهود : من بغض للمسلمين ، وشدة عداوة ، ونقض للعهود ، والذي تابع الوضع في اليمن أدرك عداوة هؤلاء الحوثيون للمسلمين ونقضهم لكل وعد وعهد ..

هناك عبارة ذات شأن كبير في مسألة التحليل السياسي ، تقول : "ابحث عن المستفيد" .. مَن المستفيد من دخول الحوثيين في المحافظات اليمنية بهذه الطريقة ؟
بعض دول الخليج التي حملت على عاتقها مسؤولية محاربة "الإخوان المسلمين" في العالم أجمع وإنهائهم من الوجود ، هؤلاء دعموا الحوثيين بالمال والسلاح لدخول صنعاء وضرب الإخوان في اليمن وقتل من قدروا عليه من قادتهم .. و"إيران" التي تريد السيطرة على الجزيرة العربية عامة ، والحجاز والإحساء خاصة ، فهؤلاء لهم مصلحة كبيرة في دعم الحوثيين .. وأمريكا والدول الصليبية التي تريد حرب "قاعدة الجهاد" في اليمن ، وتريد اقتتال المسلمين وتدمير البلاد الإسلامية فتعمل على تقوية الرافضة في هذه المرحلة لتكون الكفة متكافئة مع أهل السنة على مستوى الأمة ثم تتركهم يقتتلون في حرب تبيد الأخضر واليابس .. واليهود الذين يشاركون إخوانهم من حكومات الخليج في إرادة استئصال الإخوان ، فاليهود لم ينسوا أن الإخوان هم الذين مرّغوا أنفهم في التراب في كل حرب خاضوها ضد المسلمين ، فالحرب على الإخوان اليوم هي حرب لصالح اليهود أولاً وقبل كل شيء ، كما أن الحرب على المجاهدين في الشام والعراق هي حرب لصالح يهود ..

قادة الجيش اليمني والشرطة (أبناء علي عبد الله صالح) وقفوا متفرجين ، و"الرئيس اليمني" هو من سهّل دخول الحوثيين صنعاء بإيقاف كل محاولة للمقاومة بحجّة الوصول إلى تفاهم مشترك ، ثم يتبع هذا التفاهم تقدم للحوثيين في كل مرة حتى وصلوا صنعاء ، فنظرية انتقام "علي صالح" من "هادي" غير صحيحة كون الثاني هو من سهّل الأمر للحوثيين ..

التشابه الكبير بين الرافضة واليهود في الطبع يقودنا إلى قاعدة أخرى في القرآن الكريم ، وهي قول الله تعالى {لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَفْقَهُونَ * لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَعْقِلُونَ} (الحشر : 13-14) لا يعقلون ، ولا يفقهون ، خوّارون جبناء ، قلوبهم شتّى ، هذه صفات ملازمة لليهود ، وهي بيّنة ظاهرة في الرافضة ، وقد رأينا مصداق هذا في العراق ، ولكن الإعلام الرافضي استطاع خداع المسلمين وإظهار الرافضة بمظهر القوة والذكاء والوحدة ، وهم أبعد ما يكونون عن ذلك ، وقد رأينا فرارهم من أمام جنود "الدولة الإسلامية" كالجرذان في كل حرب يخلعون ملابسهم العسكرية ويتركون أسلحتهم ومعداتهم ويذوبون كالملح في الماء حتى يتمكن المجاهدون من بعضهم ، ودولة الفرس الرافضية المجوسية أقل شأناً وأحقر وأذل من أن تواجه أهل الإسلام ، وإنما برعوا في الكذب والتضليل والدعاية ..

الحوثيون شرذمة قليلة ذليلة حقيرة لا تستطيع الصمود في وجه ثلة من المسلمين ، ودخولها صنعاء لم يكن بقوتها ولا بذكائها ، بل بكمية الخيانة والعمالة التي رأيناها أمام أعيننا من قادة الجيش اليمني وقادة بعض القبائل وآل سعود وغيرهم ، وهذا "الإنتصار الباهر" ما هو إلا نشوة سكران ، ولا يمكن للسكر أن يستمر وفي اليمن رجال من "قاعدة الجهاد" وقبائل العرب المسلمين الذين لم يُدركوا بعد حجم الخطر المحدق بهم ، ليس من الحوثيين ، بل من هؤلاء الأشخاص المعدودين على الأصابع الذين أباحوا اليمن وباعوها في سوق النخاسة الدولية بثمن بخس ، فتلاعبوا بمستقبل أمة لتحقيق مصالحهم الشخصية ونزواتهم الشيطانية ..

ما يميز اليمن عن كثير من الدول العربية هو : غياب نظرية "الوطنية" الخبيثة ، فالولاء في اليمن للقبيلة ، والقبائل أكثرها من أهل السنة والشيعة الزيدية الذين لا يقرون الإثنا عشرية الرافضية ، وهذه القبائل مسلّحة بشتى أنواع الأسلحة ، وفي اللحظة التي تفيق فيها هذه القبائل وتُدرك أنها بيعت رخيصة من قبل بعض المنتفعين الخونة فإنها ستنتفض وستحرق الأرض تحت أقدام الحوثيين والخونة معاً ، ولا أظن أن الرفض سيجد له مكاناً في اليمن بعد انتفاضة أهلها ، ولعله قريب إن شاء الله ..

ولا ننسى "قاعدة الجهاد" في اليمن ، فهذه فرصتها لاستمالة الشباب اليمني الغيور على دينه وعرضه ، ولعل هذه الأحداث من مكر الله تعالى بالكفار أن جعل من مسلمي الشام والعراق واليمن جنوداً يتقاطرون على ساحات الجهاد تحت قيادة سادة الأمة من قادة المجاهدين ، فالضربات الجوية في العراق والشام أتت بنتائج عكسية حيث انضم كثير من عوام المسلمين – بل ومن المجاهدين – تحت راية الدولة الإسلامية بعد هذه الضربات ، ولا أظن الوضع سيختلف كثيراً في اليمن مع وجود قاعدة الجهاد ، فعلى الإخوة في اليمن شد المئزر وضرب الرافضة بقوة والإثخان فيهم حتى يعلم الشباب معنى العزة ، وتتقوق نفوسهم للكرامة ، وتحيي فيهم أنفة الإسلام واستعلائه فينضمون للمجاهدين ، فليس تحريض أعظم من الإثخان في العدو ..

لنأخذ الحرب على "الدولة الإسلامية" مثالاً آخر ... من المستفيد من هذه الحرب ؟

من أكثر المستفيدين : الدول الغربية المشاركة في القصف ، فهؤلاء يأخذون أموالاً أضعاف أضعاف ما يستهلكون من صواريخ ومعدات من الدول الخليجية ، وفوق ذلك يحققون أهدافهم بتفعيل حقدهم على المسلمين من قتل وتدمير واستنزاف للخيرات ..

واليهود يستفيدون من إضعاف القوى المجاهدة في العراق والشام ، والتي باتت على الجانب الآخر من الجولان ، فاليهود يعتقدون جزماً أن خراب دولتهم في فلسطين سيكون على أيدي أهل العراق ، فهم من أشد الناس فرحاً بقصف المسلمين فيها ، ومن أشد الناس خوفاً من "الدولة الإسلامية" ..

أما العرب فهم الخاسر الأكبر ، وأخصُّ بالذكر الحكومات العربية المشاركة في هذه الحرب بأموال المسلمين ، فهذه الأموال التي جمعتها هذه الحكومات لسنوات طويلة ستذهب كلها في جيوب الغربيين ، وقد أصر الغرب على إعلان أسماء الدول المشاركة في الحرب ، وأعلنوا تفاصيل الطلعات الجوية ليثيروا الشعوب والمجاهدين على هذه الدول والحكومات فينتقموا منها لتحدث الفوضى في الدول العربية ، وخاصة الدول التي استطاعت أن تحدث نقلات نوعية في البنى التحتية ، واستقطبت الشركات العالمية ، وأصبح عندها فائض مالي كبير ، فأي مشاكل في هذه الدول يصب في صالح الدول الغربية التي خسرت الكثير من الشركات والأعمال لصالح بعض دول الخليج ، ومن يتابع تصريحات الساسة الغربيين يُدرك استماتتهم في تهييج المجاهدين والشعوب على هؤلاء الحكام ، وهناك قاعدة اقتصادية دقيقة تقول "رأس المال جبان" ، فأي دولة ليس فيها استقرار سياسي وأمني تهرب منها رؤوس الأموال ولا تقربها ، ففقدان الأمن في بعض دول الخليج معناه : هروب رؤوس الأموال إلى أوروبا ، ولم أرَ في حياتي ركب يسير واثق الخطى إلى حتفه ، ويحفر قبره بيده طوعاً مثل بعض الحكومات الخليجية !!

أما تركيا فستخسر الكثير إن هي دخلت هذه الحرب ، وما بناه أردوغان في عقد من الزمان قد يذهب هباءً في بضعة أشهر إن قرر المجاهدون ضرب الداخل التركي ، وهذا ما يحلم به الغرب والعلمانيون وكل أعداء تركيا "أردوغان" ، وإن كان في هذا الرجل بقية عقل فإنه سينأى بنفسه عن السقوط في هذا المستنقع ..

أما إيران الفارسية فهي المستفيد الأكبر من هذه الحرب : فقد تسلمت شمال اليمن في صفقة مع أمريكا وبعض دول الخليج ، وذلك أن الفرس لم ينسوا احتلالهم لليمن في عهد الأكاسرة ، فهم يعدونها جزء من امبراطوريتهم المجوسية ، وها هي أمريكا ودول الخليج ورافضة العرب يقاتلون بالنيابة عنها في العراق والشام واليمن ، وأي نصر لهؤلاء – لا قدّر الله – هو نصر لها دون مقابل تدفعه ، فالرافضة العرب في العراق ، والنصيرية ، ورافضة لبنان واليمن يعملون من أجل الحلم الفارسي الكسروي باسم المذهب ، وهؤلاء أداة في يد إيران الفارسية تستخدمهم لتحقيق مآربها ، ومن ظن أن ملالي طهران و"قُم" يقدّمون المذهب الرافضي على القومية الفارسية فهو جاهل ، فهؤلاء من أبعد الناس عن الدين ، والدين ورافضة العرب مطية عندهم لاسترجاع حلمهم الإمبراطوري الفارسي الكسْرَوي ، وهيهات "هلك كسرى ، ثم لا يكون كسرى بعده" (البخاري) ..

هنا أذكّر المسلمين بقاعدة كبرى في الصراع بين الكفر والإيمان ، وهي قضية الولاء والبراء .. لقد تقرر في شرعنا أنه من والى أعداء الله فإنه مثلهم في العداوة لله : فمن دخل تحت راية الصليب (الأمريكية الأوروبية الصهيونية) لقتل المسلمين فهو كافر مرتد عن الدين بإجماع علماء الأمة قاطبة ، وأي شخص يدّعي العلم ويفتي الناس بجواز الدخول تحت هذه الراية الصليبية أو المشاركة فيها فهو كافر مرتد عن الدين اتفاقاً لمخالفته الإجماع المعلوم من الدين بالضرورة ، وأخص بالذكر علماء بلاد الحرمين ، ذلك أن علماء نجد أكثر من أصّل في هذه المسألة ، فهي لا تخفى على طلبة العلم الصغار - وكثير من العوام - في هذه البلاد ..

وهنا تنبيه إلى قضية خطيرة تترتّب على هذه الموالاة ، وهي : انفساخ عقد الزواج بين من يشارك وبين زوجه ، فيجب على المرأة المسلمة الاحتجاب عن زوجها إن شارك بأي وسيلة لكونه مرتد عن الدين ، فإن جامَعته فهو زنى والعياذ بالله ، كما يجب وجوباً شرعياً على أهل وقبيلة وأصدقاء هذا المشارك في الحملة الصليبية أن يتبرؤوا منه تحقيقاً لقول الله تعالى{لاَ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ} (آل عمران : 28) ، وقوله تعالى {لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} (المجادلة : 22) قال ابن كثير في تفسيره : "قوله تعالى مخبرا عن الكفار المعاندين المحادين لله ورسوله ، يعني : الذين هم في حدٍّ والشرع في حد ، أي : مجانبون للحق مشاقّون له ، هم في ناحية والهدى في ناحية" (انتهى) ، وقال : "وقيل في قوله : {ولو كانوا آباءهم} نزلت في أبي عبيدة : قتل أباه يوم بدر ، {أو أبناءهم} في الصدّيق : همَّ يومئذ بقتل ابنه عبد الرحمن ، {أو إخوانهم} في مصعب بن عمير : قتل أخاه عبيد بن عمير يومئذ ، {أو عشيرتهم} في عمر : قتل قريباً له يومئذ أيضا ، وفي حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث : قتلوا عتبة وشيبة والوليد بن عتبة يومئذ ، والله أعلم" (انتهى) ، فمن أراد بقاء الإيمان في قلبه وأراد رضى الله والجنة فلا بد أن يأتمر بأمر الله تعالى في البراءة من أي إنسان يشارك في هذه الحملة الصليبية ضد المسلمين بالشام والعراق ولو بكلمة ..

لنرجع إلى تحليل الدور الغربي : عندما ينظر الغربيُّ إلى العالم الإسلامي فإنه يراه كتلة واحدة يسميها "العالم الإسلامي" "The Islamic World" ، تماماً كما ينظر المسلمون إلى الغرب فيقولون "العالم الغربي" أو "الصليبي" ، ولكن الغرب أدرك أن "العالم الإسلامي" به الكثير من التناقضات ، والكثير من العداوات ، والكثير من الخلافات ، ولكي يكون على دراية حقيقية بكيفية استغلال هذه الأمور لصالحه : أنشأ مراكز أبحاث في الدول الإسلامية تُشرف عليها سفاراته ، وهي كثيرة جداً في عالمنا الإسلامي عامة ، وفي الدول العربية خاصة ، وما مؤسسة "راند" إلا واحدة من هذه المؤسسات .. وظيفة هذه المؤسسات هي : دراسة الجماعات الإسلامية وغير الإسلامية ، ومعرفة الفروقات بينها ومكامن العداوات ، ومن ثَم إصدار توصيات للحكومات الغربية بكيفية زعزعة أمن واستقرار المسلمين بما يجعلهم في حالة عداء واقتتال دائم يعود بالنفع على العالم الغربي ..

استطاع الغرب تكوين قاعدة علمانية (لا دينية ، مرتدّة) في العالم الإسلامي بعد قرنين من العمل المتواصل ، ولكن الغرب لم يستطع – بفضل الله ومنته - اجتثاث الإسلام من بلاد المسلمين بسبب بعض الحركات التصحيحية الإحيائية التي واجهت التغريب والعلمانية بكل قوة ، فقامت ثورات عديدة ضد الإحتلال الصليبي للبلاد الإسلامية ، وقامت حركات إسلامية تحاول بكل قوة إحياء ما اندثر من المعالم الشرعية في الأمة ، فقامت حركات تجديدية في جزيرة العرب والهند واليمن والعراق والشام والجزائر ومصر وغيرها من البقاع متحديّة جبروت وبطث الصليبيين ومواليهم في بلاد المسلمين ، ولكن الغرب الصليبي استطاع قمع هذه الحركات أو حرْف أكثرها عن مسارها التجديدي لتصبح جامدة متقوقعة في محيطها الجغرافي ..

ما يريده الغرب من العالم الإسلامي هو : تدميره بالكليّة ، وإلغاء الدين الإسلامي كله من حياة المسلمين ، وامتصاص خيرات بلاد الإسلام ، وكان الغرب يفعل ذلك كله لسنوات حتى اصطدم في بداية القرن الماضي بحركات جهادية شعبية أجبرته على الرحيل من بلاد الإسلام ، ولكن الغرب لم يترك بلاد المسلمين إلا بعد أن أقام حكومات تضمن له تحقيق أهدافه ، وقد اشترط الغرب على هؤلاء الحكام أموراً ، منها :

1- عدم تطوير البلاد الإسلامية ، وإبقاءها وأهلها في مستنقع الجهل ..
2- محاربة الدين الإسلامي وتحريفه والتضييق على الملتزمين به ..
3- إعطاء الشركات الأجنبية امتيازات اقتصادية ، وفي كثير من الأحيان : دفع جزية للدول الغربية مقابل الكراسي وحمايتها ..
4- تكون السياسات الخارجية لهذه الدول تحت وصاية وإشراف الدول الغربية ..
5- تضمن هذه الحكومات استنفار جيوشها لصالح الدول الغربية عند الحاجة ..
6- إلغاء مفهوم الوحدة والخلافة الإسلامية في قلوب المسلمين واستبدالها بالنظريات الحديثة : كالقومية والوطنية وغيرها ..
7- إلغاء مفهوم الولاء والبراء والحب والبغض في الله ، وإلغاء مفهوم الجهاد من قلوب المسلمين وعقولهم ..
8- زرع روح التبعية والهزيمة النفسية في قلوب المسلمين ..

لقد أتقن كثير من الحكام فن قتل الروح الإسلامية في المجتمع المسلم ، وحاربوا الدين بكل ضراوة وقوة ، وكانت الحالة الدينية للمجتمع المسلم قبل أربعين سنة فقط يرثى لها ، ولك أن تتخيّل أن جامعة القاهرة في تلك الفترة لم تكن فيها غير فتاة محجبة واحدة !! وكان الزنا والعري والعهر منتشر بين شباب الإسلام في الشام ومصر والعراق وغيرها ، وكثير من المسلمين لم يكن يصلي ولا يصوم ، وكثير منهم لا يعرف من الدين غير اسمه حتى أتت ما تسمى "بالصحوة الإسلامية" فانتشلت المسلمين من وحل الجاهلية إلى دوحة الإسلام ، وبذل الكثير من عظماء الأمة دمائهم وأوقاتهم وأرواحهم في سبيل إحياء الأمة ..

الغرب لا يفرّق في نظرته بين : سلفي أو إخواني أو رافضي أو سني أو مجاهد أو حاكم أو محكوم أو صوفي أو مرجئ أو معتزلي أو حتى علماني أو شيوعي ، فالكل عنده مسلم .. كما أننا لا نفرق بين كاثوليكي وبروتستانتي وأرثوذكسي وكنيسة شرقية أو غربية ومن يصلي ومن لا يصلي ، ومن يلتزم بالتعاليم النصرانية ومن لا يلتزم ، فالكل عندنا نصراني .. ما يفعله الغرب هو : استغلال هذه الفروقات وهذه العداوات التاريخية لضرب الأمة الإسلامية بعضها ببعض ، وعندنا مخزون هائل من أصحاب المصالح والعداوات والفروقات بحيث يسهُل على الغربي التحريش بيننا ، ولا أظن أننا نستطيع التوفيق بين الآراء ، ولا إلغاء هذه التناقضات ، ولا حتى التقليل من هذه الإختلافات ، ولكن ما نستطيع فعله هو تقوية أنفسنا في جماعة كبرى بضم متقاربي الأحوال والمنهج - كخطوة أولى - بحيث تكون هي المسيّرة لدفّة الأمة كما كانت تفعل الدول الإسلامية في عهد الخلافة .. عندنا جميع مقومات الإجتماع ، ولكن ما نحتاجه هو قيادة واعية ترقى لمستوى فهم حساسية الموقف ، وتتعالى على "الأنا" ، وتترك الأنانية ، وتُخلص لله تعالى ، وتقدّم المصالح العليا للأمة على النفس والهوى ، وتضحي بنفسها وبمركزها من أجل الله تعالى ..

مما لا ينبغي للمحلل السياسي : الاستغراق في الجزئيات وإهمال الكلّيات ، والنظر في التفاصيل وإهمال الصورة الكاملة ، كما لا ينبغي للمحلل السياسي في أن يعتمد على الإعلام لتلقي الأخبار ، وينبغي للمحلل السياسي الحذر الشديد من تلاعب السياسيين بالألفاظ ، فعندما يقول أوباما بأنه "لا دين سماوي يرضى أن يُقتل الناس نحراً بالسكاكين" ثم تقصف طائراته المدن السورية بالصواريخ فإنه يقول : يجوز قتل مئات النساء والأطفال قصفاً بالصواريخ ولا يجوز نحر رجل محارب بالسكين ، فيصبح هذا شبه حقيقة في عقول كثير من المستمعين الذين تجرفهم الألفاظ الشيطانية ، لعل أوباما يجهل ما في كتابهم المحرّف ، فقد جاء في الباب العشرين من كتاب الاستثناء هكذا: "وإذا دنوت من قرية لتقاتلها ادعهم أولاً إلى الصلح * فإذا قبلت وفتحت لك الأبواب فكل الشعب الذي بها يخلص ويكونون لك عبيداً يعطونك الجزية * وإن لم ترد تعمل معك عهداً وتبتدئ بالقتال معك فقاتلها أنت * وإذا سلمها الرب إلهك بيدك اقتل جميع من بها من جنس الذكر بفم السيف * دون النساء والأطفال والدواب وما كان في القرية غيرهم ، واقسم للعسكر الغنيمة بأسرها وكل من سلب أعدائك الذي يعطيك الرب إلهك * وهكذا فافعل بكل القرى البعيدة منك جداً وليست من هذه القرى التي ستأخذها ميراثاً * فأما القرى التي تعطى أنت إياها فلا تستحيي منها نفساً البتة * ولكن أهلكهم إهلاكاً كلهم بحد السيف : الحيثي والأموري والكنعاني والفرزي والحوايي واليابوسي كما أوصاك الرب إلهك" (10-17). فظهر من هذه العبارة أن اللّه أمر في حق القبائل الست (الحيثانيين والأموريين والكنعانيين والفرزيين والحوايين واليابوسيين) أن يقتل بحد السيف كل ذي حياة منهم ذكورهم وإناثهم وأطفالهم. وأمر فيما عداهم أن يُدعوا أولاً إلى الصلح : فإن رضوا به وقبلوا الإطاعة وأداء الجزية فيها ، وإن لم يرضوا يحاربوا ، فإذا حصل الظفر عليهم : يُقتل كل ذكر منهم بالسيف ، وتسبي نساؤهم وأطفالهم ، وتنهب دوابهم وأموالهم وتقسم على المقاتلين ، فهل يعرف أوباما هذه النصوص في كتابه المقدّس المحرّف ، وهل يعرف الغرب الصليبي هذه التعليمات في كتابهم قبل أن ينكروا على الدولة تخيير النصارى والكفار اليزيديين في العراق بين هذه الأمور !!

أما تكسير المراقد الوثنية التي تباكى عليها الغرب فقد جاء في الباب الرابع والثلاثين من سفر الخروج في حق الأمم الست : "فاحذر أن تعاهد البتة سكان تلك الأرض الذين تأتيهم لئلا يكونوا لك عثرة * ولكن اهدم مذابحم وكسّر أصنامهم واقطع أنساكهم" (12-13) وفي الباب الثالث والثلاثين من سفر العدد : 51 (مُر بني إسرائيل وقل لهم إذا عبرتم الأردن وأنتم داخلون أرض كنعان * فأبيدوا كل سكان تلك الأرض واسحقوا مساجدهم واكسروا أصنامهم المنحوتة جميعها واعقروا مذابحها كلها" (51-51) ، وفي الباب السابع من سفر الاستثناء : "إذا أدخلك الرب إلهك الأرض التي تدخل لترثها ، وتبيد الشعوب الكثيرة من قدامك الحيثي والجرحيثاني والأموراني والكنعاني والفرزاني والحوايي واليوساني ، سبعة أمم أكثر منكم عدداً وأشد منكم * وسلّمهم الرب إلهك بيدك فاضربهم حتى إنك لا تبقي منهم بقية ، فلا تواثقهم ميثاقاً ولا ترحمهم * ولكن فافعلوا بهم هكذا : خرّبوا مذابحهم وكسّروا أصنامهم وقطّعوا مناسكهم وأوقدوا أوثانهم" (1-3) . هلّا أطلع البغل أوباما العالم على حقيقة كتابه المحرّف والأمر بهذه بالإبادات الجماعية للشعوب قبل أن يُفتي في الأديان كلها !!

عندما يقول بعض علماء السلطان بأنه "لا يجوز الجهاد ضد النصيرية والرافضة والأمريكان في سوريا والعراق إلا بإذن ولي الأمر" ، ويصدّعون رؤوسنا بأبحاث كاذبة خادعة خبيثة ينسبونها إلى العلم الشرعي ، ثم نرى ولي أمرهم يقصف المسلمين في سوريا والعراق فهذا يعني أن هذا الحاكم استأذن ولي أمره "أوباما" لقتل المسلمين ، فالأمر هنا راجع إلى "ولي الأمر الشرعي" في البيت الأبيض وهيئة كبار علماء الإتحاد الأوروبي ، فالجهاد المفروض على الأمة يصبح حراماً بغير إذن ولي الأمر الغير المحكّم لغير شرع الله والموالي لأعداء الله المحارب لأولياءه ، والقتل المحرّم للمسلمين وموالاة أعداء الدين يصبح واجباً وجوباً عينياً في ليلة وضحاها ببضع كلمات لا يستطيع كثير من الناس ادراك حقيقتها {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} (البقرة : 79) ..

من أعظم الأخطاء التي يقع فيها أكثر المحللين : إخراج "الله" تعالى من الحسابات السياسية ، وإعطاء الحسابات الأرضية حجماً لا يليق بها مع إلغاء جميع الحسابات السماوية ، فهذا الأمر يكاد يكون إجماعاً بين المحللين في الفضائيات والجرائد والمجلات ، وربما يُذكر على استحياء في الشبكة العالمية وبرامج التواصل الإجتماعي .. إن من القواعد الأساسية الكبرى في التحليلات السياسية قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (محمد : 7) ، فمن نصر دين الله تعالى وقاتل في سبيله لإعلاء كلمته فإن الله ناصره على عدوّه لا محالة ، ومثبّت قدمه عند القتال ، ولا يمكن لمن ينصره الله أن يُغلب ، وقاعدة أخرى في قول الله تعالى {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (آل عمران : 160) ، فأهل الإيمان والتوكّل على الله الذين يُقاتلون لإعلاء كلمة الله : موعودون بنصر الله ، ولا ينبغي لمسلم أن يشك في هذا الوعد أو ييأس أو يقنط ، {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ} (الحجر : 56) والقنوط : اليأس ، والضالون : الخاسرون ، واليأس من رَوْح الله تعالى من أكبر الكبائر ، قال الطحاوي : "الأمن والإياس ينقلان عن ملة الإسلام ، وسبيل الحق بينهما لأهل الإسلام ، فيجب أن يكون العبد خائفاً راجيا" (انتهى من شرح الطحاوية) ، قال تعالى {إِنَّهُ لاَ يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (يوسف : 87) أي "لا يقطعوا رجاءهم وأملهم من الله فيما يرومونه ويقصدونه ، فإنه لا يقطع الرجاء ، ويقطع الإياس من الله إلا القوم الكافرون" (ابن كثير) ، فاليأس من رحمة الله تعالى بالمسلمين ونصره لهم من أكبر الكبائر ، بل من الظلم والكفر ، فلا بد للمسلم أن يجزم بأن الله تعالى ناصر دينه ، ومعزّ أولياءه ، ومذلّ أعداءه ، ومدمّر كل حزب يريد بالإسلام والمسلمين السوء ..

التحليل السياسي الدقيق لوضعنا اليوم : أنه مخاض ، وأن الأمة مقبلة على تقلبات كثيرة ، وأن الأمور قد تسير إلى الأسوأ {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ} (البقرة : 214) ، وإنما هذا اختبار وامتحان سيتساقط فيه الكثير على جنبات الطريق {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (التوبة : 16) ، والغلبة ستكون لأهل الصدق مع الله ، وقد تكون ملاحم ، وقد تزداد الفتن ، ولكن الله تعالى وعدنا بالنصر ، فالأمة منصورة ، والمستقبل لهذا الدين ، فكل ما عدى الإسلام : إفلاس ، وكل ما سوى الحق : باطل ، وكل ما وعد الله : واقع ، لا مبدّل لكلماته ولا معقّب لحكمه جل وعلا ، فهذا الدين ظاهر على الدين كله ولو كره الكافرون والمشركون والمرتدون والمنافقون ، وسيدخل كل بيت مدرٍ ووبرٍ بعزّ عزيز أو بذُلّ ذليل ، وستُفتح روما ، وسينطق الحجر والشجر ، وسترجع الخلافة على منهاج النبوّة ..

أبشروا معاشر المسلمين ، وأحسنوا الظن بالله الذي هو عند ظن عبده به ، فإن هذه الجموع والأحزاب المتكالبة على المسلمين في العراق والشام وجزيرة العرب مدحورة مهزومة ، وأهل الجهاد منصورون ، والإسلام قادم ، والأرض بدأت تتململ من الكفر والطغيان ، فنور الإسلام بزغ فجره ، والجهاد علت رايته ، وتسابق آساد الرجال إلى مراتع النزال يبتغون الموت لصنع حياة الأمة ، ولا والله لا تموت أمة يسقيها رجالها بالدماء ، ويشيد شبابها مجدها بلبنات الأشلاء .. ها قد رُفعت راية القعقعاع وسعد والنعمان والمثنى في العراق ، وتلقّف الأبطال راية خالد وأبي عبيدة وشرحبيل وعمرو ويزيد في الشام ، ومدد اليمن لاح في الأفق .. فالثبات الثبات ، والجهاد الجهاد {كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (المجادلة : 21) ، {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} (الصافات : 171-173) ، {إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (الأعراف : 128) ..

يا أهل الجهاد : الزموا التقوى ، واثبتوا ، واصبروا ، وصابروا ، وجاهدوا في سبيل الله وحده ، واعتصموا بحل الله جميعاً ولا تفرّقوا ، ولا تنازعوا ، ولا تختلفوا ، ولا تقطّعوا بينكم أمركم .. كونوا أشداء على الكفار ، رحماء بينكم ، وتواضعوا لله يرفعكم ، ولا تباغضوا ، ولا تقاطعوا ، ولا تدابروا ، ولا تحاسَدوا ، ولا تظلموا ، وكونوا عباد الله إخوانا .. الأرض لكم ، والحكم لدينكم ، والله ناصركم ومعينكم ، فلا تخشوا قوّة عدوكم ولا عدّته وعتاده ، وإنما خافوا معاصيكم وذنوبكم ، فالله فوق طائراتهم ، والله فوق صواريخهم ، والأرض قبضته ، والكل تحت قهره وقوته ، فلا تنقطع علاقتكم بالله فيكلكم إلى أعدائكم ، بل كونوا مع الله يكفيكم ، وتوكّلوا عليه فهو حسبكم .. لينوا في أيدي إخوانكم ، واضربوا رقاب أعدائكم ، وانحروهم ، وشرّدوا بهم من خلفهم ، ولا تلتفتوا لقيل وقال ، فكتاب الله بين أظهركم : منه استقوا ، وبه اعملوا ، وبهديه اقتدوا : تُفلحوا .. هذه أيام العشر من ذي الحجة أطلّت عليكم فأكثروا من فعل الطاعات بالإثخان في أهل الكفر والعصيان ، "لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبدا" (مسلم) ، فمن أراد الجنة فعليه برقاب أهل الكفر يحزّها حزّا ويجزّها جزّا .. أعملوا المفخخات ، وأكثروا من الإنغماسات في هذه الأيام الفاضلات ، واشفوا صدور المؤمنين بالإغارات والفتوحات رحمكم الله وتقبّل منك الصالحات ، وغفر لكم الزلات ..

والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

كتبه
حسين بن محمود
غرة ذو الحجة 1435هـ
عاشقة السماء
عاشقة السماء
إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ

عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  قادمون ياأقصى الإثنين سبتمبر 29, 2014 5:49 am

يحتاج مقالة الشيخ حسن الى موضوع مفرد فكلام مفيد ومهم لكل مسلم
قادمون ياأقصى
قادمون ياأقصى
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 4006
تاريخ التسجيل : 03/03/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  قادمون ياأقصى الثلاثاء أكتوبر 21, 2014 5:29 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

تأملات في الواقع (20)



لا تحسبوه شراً لكم ..

الخيانات الكبيرة التي حصلت من أبناء علي صالح وهادي وجنرالات الجيش اليمني لتسليم صنعاء والولايات اليمنية للحوثيين ضمن صفقة بين الأمريكان ودول الخليج وإيران ليس شراً محضا ، بل فيه من الخير ما لا يعلمه إلا الله ، وقد نصحنا إخواننا في أنصار الشريعة باليمن أن يثخنوا في الروافض لأن الإثخان أكبر دعاية تحريضية ، وقد كان الإخوة أسبق منا فأثخنوا في العدو الحوثي وصارت القبائل اليمنية المسلمة الأبية تسارع إلى مبايعة قاعدة الجهاد في اليمن ، ومن لم يبايع فإنه ينسّق معها ، ولا نشك أن التنسيق سيزداد في الأيام القادمة ، فهذا خير كبير ساقه الله للمسلمين في اليمن ، وما هو أعظم من هذا : سقوط الغشاوة التي كانت على أعين الناس : فهذا الخبيث على صالح الذي حكم اليمن لعقود لم يزدد فيها إلا حقداً وحنقاً وبغضاً لليمن وأهله كانت نزوته الشخصية وأنانيته أغلى من دماء وأعراض وكرامة أهل اليمن التي سلمها للروافض هو وأبناءه وخادمه علي هادي وبعض من يسمّون بالوجهاء الذين هم في حقيقتهم بلهاء لا يعرفون سنن الله تعالى في أمثالهم ، خاصة في يمن الحكمة ومدد الإسلام معدن العرب وأنصار الدين ..

المقاومة المعتدلة

هل عرف الناس الآن حقيقة المقاومة المعتدلة في سوريا والتي يريد الصليبيون واليهود ومرتدو العرب تقويتها في مواجهة المجاهدين ؟ رأس هذه المقاومة المعتدلة هو "بشار" الذي ترسل له روسيا وإيران وبعض دول الخليج الكثير من الذخيرة والأسلحة لمواجهة المجاهدين ، لا الدولة الإسلامية فقط كما يعتقد بعض المغفلون .. والمقاومة المعتدلة الأخرى هي "الجبهة السعودية" التي خالفت أخواتها من الجماعات الأخرى وأنكرت أي وقف للقتال ضد الدولة الإسلامية في مثل هذا الوقت ، فهل يعي البعض حقيقة هذه الجبهة ويتدارك أمره قبل فوات الأوان .. والمقاومة المعتدلة الثالثة هي المجالس التي تشكّلت في أوروبا لسرقة ثمار الثورة السورية ، وهذه لا قوة لها حقيقية على الأرض إلا ما كان من عصابة "سليم إدريس" المنتمي زوراً للجيش الحر .. هناك أفراد يتم تدريبهم هنا وهناك تحت عين أمريكا للزج بهم في سوريا باسم المقاومة المعتدلة ، فهؤلاء ربما يشكلون خطراً على المدى البعيد .. أما المقاومة المتشددة الإرهابية فهي كل جماعة يقول أفرادها "لا إله إلا الله" مخلصين لها ، فهؤلاء كلهم إرهابيون متشددون تحاربهم القوى الصليبية والعربية .. عبثاً حاولت أموال الخليج وإغراءات الاوروبيون ثني هؤلاء المقاتلين عن تشددهم وتمسكهم بـ "لا إله إلا الله" القلبية ، والاكتفاء باللفظية كبقية القوى المعتدلة ..

كان يا مكان !!

كان يا مكان في قديم الزمان كانوا يقول لنا الحذّاق من المحللين السياسيين الأفذاذ والعلماء الراسخين المطّلعين على الأخبار ومعهم وسائل الإعلام بأن هذه الثورة العراقية ، وهذه الفتوحات الموصلية والنينوية والرمادية كانت بقيادة العشائر العراقية ، وأن "الدولة الإسلامية" لا تمثل سوى (5%) من هذه القوى السنيّة !! أين هي العشائر الآن وأين قياداتها وأفرادها وإعلامها وبياناتها وتصريحاتها وجنودها في ساحات النزال وراياتها !! كانوا يقولون لنا : لا تبخسوا الناس أشيائهم ، ولا تعطوا الدولة أكثر من حجمها ، ولا تختزلوا الجهاد والفتوحات الباهرة للقبائل في الدولة فهذا من البهتان والظلم والجور والكذب والتدليس ... !! أين هؤلاء المحللين الخبراء الحذاق الأذكياء مما يحدث الآن !! هل خرج واحد منهم وقال بأنه كان مخطئاً في حساباته !! أطلعتنا هذه الأحداث على نوع من الناس عجيب : يخرج من جهل إلى جهل ، ومن كذبة إلى كذبة ، ومن افتراء إلى افتراء ، ومن خطأ إلى خطأ ، وهو في كل هذا يعتمد على ذاكرة الذبابة عند قرّاءه ومتابعيه وقلة عقولهم وغفلتهم ، مع غياب تام للحياء والخجل عنده !!

دغدغة للذاكرة

قالوا الدولة الإسلامية : شرذمة قليلة فاتضح أنها جيش جرار !! قالوا الدولة الإسلامية عميلة وهم يتفقون مع الإيرانيين على حربها .. قالوا الدولة الإسلامية عميلة لبشار وهم يتفقون مع بشار على حربها .. قالوا الدولة الإسلامية عميلة للأمريكان وهم يتفقون مع الأمريكان على قتالها .. قالوا الدولة الإسلامية عميلة للمالكي وهم يتفقون مع الروافض على قتالها .. قالوا الدولة الإسلامية كرتونية فجمعوا لها أكثر من ستين دولة .. قالوا الدولة الإسلامية تشوّه صورة الإسلام فاتضح أن ما تفعله الدولة من تقطيع رؤوس لا يقارن بما فعله ويفعله الرافضة بالمسلمين ، وأن قطع الرأس رحمة بالمقتولين مقارنة بالقتل الآخر من الحرق والتفجير والتقطيع والدفن للأحياء وهتك أعراض الرجال والنساء .. قالوا البغدادي وهمي لا وجود له فظهر لهم بلحمه ودمه .. قالوا البغدادي أصله يهودي ، وأنه حفيد صدام ، وغيرها من الأقاويل ، وأخرجوا لنا صور ، فرفع البغدادي نسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعرفه كل عراقي ، بل كل من يعرف أنساب العرب ، ولم يجرؤ أحد بالطعن في نسبه .. قالوا بأن الدولة الإسلامية تعطي الأمريكان الضوء الأخضر لقصف المسلمين ، قلنا : من أعطى الدول العربية الضوء الأخضر لقتل أطفال المسلمين في العراق والشام .. قالوا بأن الدولة الإسلامية ارهابية لا وسطية ، نقول : ما بال الجماعات الوسطية الطيّبة التي تقصفها أمريكا في الشام !! قالوا الدولة الإسلامية لا تتحاكم لشرع الله ، قلنا : هاتوا لنا دولة على وجه الأرض اليوم تحكم بشرع الله غير هذه الدولة التي تقيم الحدود على جنودها حتى في وقت الحرب !! قالوا لنا الدولة الإسلامية عندها أخطاء ، قلنا : هاتوا لنا دولة منذ أن بدأ التاريخ حتى الآن لم يكن عندها أخطاء ، واشملوا في هذا البحث الدول التي حكمها الأنبياء والرسل والصدّيقين .. قالوا لنا : الدولة الإسلامية وقفت عند الحدود المرسومة لها من قبل الأمريكان ، قلنا : قلتم هذا قبل فتح الرقة ودير الزور وقبل مهاجمة الدولة للأكراد ، ونقول لكم : ستُفتح بغداد بإذن الله وأربيل والبصرة وسائر العراق والشام ، ولا نقصد بالشام "سوريا" فرددوا هذه العبارة بعد كل فتح حتى تتعبوا ، ولن تتعب الدولة - بإذن الله - من الفتوحات ..

المفاوضات :

إذا رأيت العدو يطلب وقفاً فوريا لإطلاق النار أو يبادر إلى طلب الهدنة أو يدعوا للحوار والتهدئة أو الجلوس على طاولة المفاوضات : فاعلم بأنه مكلوم .. هذه الدعوى من أساليب الأعداء اليوم في استعادة الأنفاس ومحاولة خداع وتشتيت المجاهدين .. عندما يطلب "علي هادي" الحوار مع الحوثيين فإنه يريد بذلك تشتيت القوى الشعبية التي اجتمعت لتقف سداً أمام الزحف الحوثي ، فيطمئنها بكلمات واتفاقات لتتفرّق فيتقدم الحوثيون بعدها دون مقاومة تُذكر .. وحينما يطلب الغرب من الليبيين التوقف عن القتال فاعلم بأن حفتر في مأزق وهم يحاولون إنقاذه .. وحينما طلب اليهود من الفلسطينيين وقفاً لإطلاق النار فذلك نتيجة كسر الفلسطينيون لشوكتهم .. وحينما تحاول الدول الغربية التدخّل في سوريا لوقف إطلاق النار والتوجّه للحوار فاعلم بأن النصيرية في مأزق كبير وأن العدو يحاول إرسال ذخيرة وسلاح له عن طريق الجو والبحر والبر .. لقد فعلوا ذلك في حرب أفغانستان عندما كان المجاهدون قاب قوسين أو أدنى من دخول كابل فطلبت الدول الغربية الحوار ووقع المجاهدون في الفخ فضاع جهادهم ، وفعل الغرب ذلك في البوسنة عندما اجتمع المجاهدون وقويت شوكتهم وكادوا يبطشون بالنصارى فكان الحوار والنقاش كسراً لقوتهم وإضعافاً لموقفهم .. يجب على المجاهدين أن لا ينخدعوا بهذه الدعوات ، وأن يكون الحوار بعد اندحار العدو الحربي وانكساره وهزيمته التي لا يقوم بعدها أبداً ، ولا حوار مع الخونة من أبناء جلدتنا ، فليس لهؤلاء إلا السيف .. من ظن أن هذه المفاوضات والحوارات والتهدئات تجلب خيراً للمسلمين فلينظر إلى فلسطين {فَلاَ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} (محمد : 35) ..

الثورة في كتاب الله تعالى :

حينما تقرأ قول الله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (الأنبياء : 107) تستشعر رسالة الأنبياء التي اختصرها الله تعالى في هذه الآية ، فالوحي والدين رحمة ، وأي رحمة ، وكل حكم سوى الشريعة نقمة وجور وظلم وطغيان مهما بلغ من "الرقيّ" و"التقدّم" الذي يظهر للناس ، ففي هذه الآية من الدلالات ما يفوق التصوّر ، ولكن ما يغفل عنه البعض أن هذه الرحمة لا تكون إلى بعد ظهور الدين لا قبله ، فالله تعالى يقول في سورة الأنفال {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} (الأنفال : 67) فهذه الآية لها علاقة وطيدة وكبيرة بالآية في سورة الأنبياء ، ذلك أن الله تعالى يُرسل الرسل بعد أن يسود الظلم والطغيان في الأرض ، ويكون من العناصر في جنس الإنسان ما يفوق الشيطان فساداً وإفسادا ، فلا بد من استصال هذا المرض كلياً لتنعم البشرية بالأمن والرحمة الشرعية ، فالله تعالى يقرر في هذه الآية أن الأنبياء لا يأسرون الأعداء قبل الإثخان والإستئصال للعناصر البشرية الفاسدة التي تدمّر وتوبئ محيطها ، فهي كالفيروسات القاتلة التي تجلب الطاعون .. ليت شباب الثورة العربية يتعلمون من أعدائهم هذا الأمر : فالعدو يعلم بأن محاربة الدين لا تكون إلا باستئصال عناصره العاملة ، ولذلك أكثروا من القتل في المسلمين ، ولو أن الثوار في البلاد العربية طبّقوا الآية في سورة الأنفال واستأصلوا الفساد وأثخنوا في أعداء الدين لكان الحال غير الحال ، ولكن أبى الله إلا أن يبتلي المسلمين بعض الوقت حتى تتمايز الصفوف ، وحتى يحصل اليقين بكلامه المعجز المبين فيعلم المسلمون أن لا خيار لهم غير الإذعان لأمر الله باتباع هدي الأنبياء في الإثخان في الأرض ..

توحيد الربوبية والأسماء والصفات !!
هناك من الناس من غلا في تقدير القوة الغربية فصرف لها من صفات الله وخصائصه ما لا يستقيم في عقل المسلم : فالبعض يعتقد جازماً بأن التكنلوجيا الأمريكية ترى النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ، فكل شيء عند الأمريكان مراقَب ومُسجَّل ومعلوم ، فلا تخفى على الأمريكان خافية في الأرض !! وهناك من الناس من يعتقد بأن رئيس أمريكا على كل شيء قدير ، فلا يُعجزه شيء ، ولو أراد لأهلك العالم ، ولو شاء أحيا الدول والشعوب !! وهناك من الناس من يعتقد بأن المخابرات الأمريكية تخلق ما تشاء ، وتملّك من تشاء ، وتنزع المُلك ممن تشاء ، وتُعزّ من تشاء ، وتُذلّ من تشاء ، فهي التي تصنع الجماعات ، وتصنع الزعامات ، ولو أرادت : لأطاحت بهذه الجماعة ، ولو شاءت : ما قامت هذه الجماعة .. هذه الإعتقادات أقرب ما تكون إلى الشرك بالله .. البعض لا يصدّق أن جماعة مسلمة تستطيع حمل السلاح والقتال دون إذن أمريكا ، والبعض لا يصدّق أن جماعة مسلمة تستطيع الانتصار رغم أنف أمريكا ، والبعض لا يصدّق أن تستمر جماعة في الوجود دون رضى أمريكا ، فكل شيء عند هؤلاء مرهون بمشيئة أمريكا .. أمريكا طُردت من فييتنام والصومال وأفغانستان والعراق ولم تستطع قتل رئيس كوبا رغم عشرات المحاولات ، ولم تستطع الوصول إلى أسامة إلا بعد أكثر من عشرين سنة ، ولا زال الظواهري حياً وهي تطلبه ، ولا تستطيع الوصول إلى قادة الجهاد في العراق واليمن والشام وغيرها إلا بخيانة بعض العملاء ، ومع ذلك يعتقد فيها البعض كل هذه الإعتقادات ، ويصرف هذه الحقائق إلى كون أمريكا هي التي لا تريد فعل هذا ، أو أرادت فعل ذاك ، وكل فعل أو قول أو شخص أو جماعة باقية : فأمريكا تستفيد منها ، ولولا ذلك لأنهتها من الوجود !!

الإسلام هو الإسلام :

البعض ينجرّ خلف الإعلام دون عقل وإدراك ، فأينما يتوجّه الإعلام فثم وجهه !! يدندن الإعلام على بعض الألفاظ والمصطلحات التي لا أصل لها فجعلها أصلاً في اعتقاد الناس ، منها على سبيل المثال : "الإسلام السني" و"الإسلام الشيعي" !! لا يوجد في ديننا شيء اسمه "إسلام سني" فضلاً عن أن يكون "إسلام شيعي" .. الإسلام هو ما نزل على نبينا صلى الله عليه وسلم ، فكل شيء يخالف ذلك فهو ليس من الإسلام .. علينا أن لا ننجر خلف هذه المصطلحات ، ولا يغلبنا الإعلام على مفاهيمنا الشرعية ، الدين عند الله واحد ، وهو الإسلام .. نحن مسلمون ، ومن خالفنا مبتدع أو غير مسلم ، وكان السلف يقولون "أهل الأهواء" ، فكل من خالف الشرع فهو صاحب هوى إن فعل ذلك عن علم ، وإلا فهو جاهل وضال .. إن قولنا "إسلام سني" لا يختلف عن قولنا "إسلام صلاتي" أو "إسلام زكاتي" لمن صلى وزكّى ، فاتباع السنّة أصل الدين لا ينفك عنه ، وكذا قول البعض "الإسلام السياسي" أو "الإسلام الجهادي" ، فكل هذه المصطلحات باطلة مضللة لا ينبغي تداولها ولا نشرها ، وينبغي محاربتها وتحذير الناس منها لما فيها من إيحاء بأن الإسلام متبعّض .. ليس هناك إسلام دون سياسة وجهاد واتباع سنة ، هذا باطل بطلاناً لا يحتاج إلى بيان .. مثل هذا قول بعضهم "السلفية الجهادية" ، فهذا المصطلح لا يختلف عما سبق في كونه مضلِّل ، فهو يوحي بأن هناك إسلام سلفي وإسلام غير سلفي ، وأن هناك إسلام سلفي جهادي وإسلام سلفي غير جهادي .. الإسلام هو ما كان عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان ، ولم يكن في هذا السلف "جهادي" وغير "جهادي" ، وإنما أتى هذا التقسيم لوجود من يدّعي "السلفية" وينكر الجهاد في وقتنا هذا ضد الأمريكان خاصة ، وهؤلاء حُقّ لنا أن نسميهم "السلفية القاديانية" : فسلفهم "ميرزا غلام القادياني" الذي حرّم القتال ضد الإنجليز خاصة ، ثم أنكر الجهاد بوجه عام ، وزعم أن الإنجليز هم ولاة الأمر الذين تجب طاعتهم ، تماماً كما قال قائلهم في شأن "بول بريمر" الأمريكي ، و"بشار" النصيري ، و"المالكي" الرافضي ، فحرّم قتالهم لأنهم ولاة أمر في زعمه !!

القاعدة الفكرية :

قناعة الإنسان هي قائدة فكره وتحليله للمعطيات حوله ، فلو أن انساناً اعتقد بفساد أحدهم فإنه يبني أقواله وأفعاله على هذه القاعدة : فكل خير يفعله هذا "الفاسد" يصرفه صاحب القاعدة إلى قاعدته الفكرية فيكون الخير إما رياءً أو اضطراراً أو محاباة أو غيرها من الصوارف ، وإن اعتقد البعض في أحدهم خيراً فإنه يصرف جميع أقواله وأفعاله إلى ذلك .. لنأخذ الدولة الإسلامية كمثال : هناك من الناس من يعتقد في قرارة نفسه أن هذه الدولة عميلة حتى النخاع ، فكل تحليلاته مبنية على هذا الأساس ، فلو تقدمت الدولة وتمددت فإن ذلك بسبب رضى إيران أو رافضة بغداد أو نصيرية الشام أو أمريكا أو غيرها ، ولا يمكن لهذا الشخص أن يتخيّل أن الدولة الإسلامية تتمدد لقوتها أو لاستبسال مجاهديها ، فلا بد من صرف كل فعل للدولة إلى ما يوافق أصل الإعتقاد .. وهناك من يعتقد بأن الدولة "خوارج" ، فيصرف كل قول أو عمل لها على هذا الأصل ، وربما استعان بالأحاديث النبوية وأسقطها على هذا القول أو الفعل ، وإن خالفت بعض أقوال وأفعال الدولة الإسلامية بعض النصوص فإن الشخص يسارع إلى تثبيت ما ثبت في عقله ، ويطالب غيره بالانتظار حتى تأتي الدولة بأفعال أخرى تطابق الأحاديث ، أو يقرر بأن الخارجية لا تعني تطابق جميع الأحاديث وإنما يكفي بعضها ، أو يحاول تحوير ولي أعناق النصوص لتكون على مقاس أفعال وأقوال الدولة ، أو يأتي بتعريف للخوارج من عنده وينزله على الدولة فلا تنفكّ عنه .. هناك من يعتقد بأن الدولة الإسلامية "خلافة على منهاج النبوّة" ، فيُنكر – بناء على هذا الأصل – أي خطأ للدولة الإسلامية ، ولا يقع في خلده أن قادة الدولة يُخطؤون لأن منهاج النبوّة يوحي بالعصمة عنده ، فإذا أخطأت الدولة في قول أو عمل صرف ذلك إلى غير مبتغاها ، أو حاول التبرير بشتى الطرق ليصل إلى تحقيق أصله الثابت عنده .. الصحيح أن تكون الثوابت التي ذُكرت في النصوص الشرعية هي الأساس في الحكم على الأشخاص والجماعات ، وحتى هذه القواع المنصوص عليها لها استثناءات ، فالحكم على شخص أو جماعة بناء على تصوّر مسبق متأصّل في قلب الأنسان بلا دليل شرعي : أمر غير مقبول .. الأصل في المسلم الصدق والصلاح ، والواجب تجاهه : حسن الظن والحب والموالاة ، والأصل في الكفار الكذب والفساد ، والواجب تجاههم : سوء الظن والبُغض والمعادة ، فمن خالف هذه الأصول الشرعية فهو ظالم لنفسه ولغيره ..

مصيبة المصائب !!

ليست المصيبة أن تقصف الطائرات العربيةُ المجاهدين في الشام والعراق ، لكن المصيبة أن يُمنع المسلمون من إغاثة النازحين السوريين والعراقيين الذين تجاوزوا العشرة ملايين أغلبهم من الأطفال والنساء .. الدول العربية التي تقصف المسلمين في العراق والشام منعت أهلها من جمع التبرعات للنازحين ، والدول الغربية فتحت الأبواب لكنائسها تتغلغل بين اللاجئين لتنشر النصرانية ، فلا يكفي قتل اللاجئين جوعاً وعطشاً وبرداً ، بل لا بد من تغيير دين من بقي منهم على قيد الحياة !! ليت البعض يصرف جهد الطعن في المجاهدين إلى محاولة إيصال المساعدات للاجئين ..

مصيبة أخرى ..

كنا ندافع عن الأحكام الشرعية ضد هجمات المستشرقين والغربيين واليهود والمرتدين من العلمانيين والشيوعيين وغيرهم ، ولكننا اليوم ندافع عن هذه المفاهيم من اتهامات وتحريفات من ينتمون لهذا الدين !! ضرب الرقاب حرام ، وحز الرؤوس حرام ، والجهاد حرام ، والسبي حرام ، والجزية حرام ، والولاء والبراء حرام ، والحب والبغض في الله حرام ، فكل هذه الأمور مخالفة للأعراف والقوانين الدولية المتفق عليها بين البشر في هذا الزمان !! مساكين هؤلاء ، لم يُدركوا بعد أن هذه القوانين "الدولية" إنما وضعها الغرب الصليبي بعد الحرب العالمية لتنظيم العلاقات بين الدول الصليبية ، فلا علاقة للمسلمين بهذه القوانين ، ولا تنطبق عليهم ، وليست هناك سابقة واحدة توحي بذلك .. إن الأحكام الشرعية الثابتة لا تُنسخ بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو أن الصحابة جميعاً اجتمعوا على نقض حكم شرعي ثابت في كتاب الله تعالى –وهذا ما لا يمكن حدوثه عقلاً ولا شرعاً - لضربنا بقولهم عرض الحائط ، فكيف يقول البعض بأن إجماع اليهود والنصارى على بعض الأعراف والقوانين ينسخ أحكام القرآن والسنة الثابتة !! إن هذا القول جهل كبير بالدين ، بل قد يكون من الشرك بالله لأنه ادعاء حق التشريع أو النسخ لغير الله تعالى ، فالله تعالى وحده الذي ينسخ ويثُبت الأحكام ، فكيف يطيب لمسلم أن يقول بأن ما اتفق عليه اليهود والنصارى ينسخ ما أثبته الله تعالى !! البعض يقول بأن المسلمين وافقوا على هذه القوانين ، وبذلك صح الإجماع !! وهذا من الباطل بمكان : من أعطى المسلمين حق مخالفة شرع الله أو إبطال حكمه أو تغييره ؟ ومن هم المسلمون الذين كانوا في وقت اصدار هذه القوانين ؟ أليسوا هؤلاء الطغاة الذين يقتلون المسلمين اليوم ويحاربون الدين !! البعض يقول بأن هذه القوانين تنظّم العالم وتنهي الرقّ والحروب وتحافظ على الدماء والأموال والأعراض ، وهذه من مقاصد الشريعة ، فنقول : هل حدث هذا فعلاً !! وهل في مخالفة شرع الله تحقيق للمقاصد الشرعية !! وهل البشر أعلم من الله بحيث يستدركون عليه أحكامه !! وما حاجة البشرية إلى التشريع السماوي إن كانوا يستطيعون تنظيم حياتهم في الأرض !! سبحانك هذا بهتان عظيم .. لا تُحفظ الأموال إلا بالشرع ، ولا تُحفظ الأنفس إلا بالشرع ، ولا يزول الظلم إلا بالجهاد ، ولا يكون جهاد إلا بضرب رقاب أئمة الكفر ورؤوس الفساد ، والسبي من حقوق أهل الجهاد الشرعية ، وهو جزء من الغنائم ، ولا يسع أحد منعهم إياه إلا برضاهم ، وأحكام الرق تكاد تدخل في جميع أبواب الفقه ، فمن أنكر هذا فقد أنكر الكثير من أحكام الدين المنصوص عليها في الكتاب والسنة ، ومن زعم أن أصل السبي ليس من المصلحة فقد افتأت على الله وظن أنه أعلم بالمصلحة من الخالق المُشرّع سبحانه .. يجب على المسلم أن يعتقد بأن كل ما شرعه الله تعالى هو المصلحة ، وكل ما نهى الشرع عنه هو مفسدة ، قال تعالى {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (الأعراف : 157) فلا قول ولا رأي مع النص ، ومن لم يستوعب المصلحة في أمر منصوص : فليتّهم عقله ..

نظرة عسكرية :

البعض يتسائل : كيف تستطيع الدولة الإسلامية الصمود في وجه الترسانة الأمريكية-الصهيوعربية بكل هذه الطلعات الجوية مع جحافل الأكراد والرافضة والنصيرية والخونة على الأرض ؟ سؤال منطقي نحاول الإجابة عليه بالمقياس الأرضي ، فنقول : لقد استطاع الصوماليون الوقوف في وجه الأمريكان حتى طردوهم من الصومال ، واستطاع الطالبان الوقوف في وجه التحالف الدولي حتى هزموهم وتركوا أفغانستان ، واستطاع المجاهدون طرد الأمريكان من العراق ، واستطاع الشيشان الصمود أما الروس حتى الآن ، واستطاع الكشميريون الصمود أمام الهندوس ، والمجاهدون في سوريا صمدوا أمام القصف النصيري المدعوم روسيا وصينياً وإيرانياً وخليجيا ، واستطاع الليبيون الصمود والتقدم أمام الخونة رغم الدعم الصليبي والقصف والدعم المصري الخليجي ، واستطاع المجاهدون في غزة الصمود أمام الترسانة اليهودية المدمّرة المدعومة بالأموال الخليجية وكبدوا اليهود خسائر فادحة !! السلاح الجوي - رغم فعاليته الكبيرة - لا يغني عن القتال الأرضي ، خاصة إذا كانت البقعة الأرضية ذات مساحة كبيرة وتضاريس وعرة ، فالأمريكان استخدموا قنابل نووية مصغّرة وقنابل عنقودية وكيميائة في أفغانستان ، وإذا كان اليهود لم يستطيعوا التقدم شبراً واحداً في غزة رغم التباين الكبير بينهم وبين الفلسطينيين ورغم صغر حجم غزة وغياب التضاريس فيها فكيف يستطيع التحالف الصليبي أن يحقق نتائج حقيقية في العراق والشام ؟ الصليبيون حاولوا الإعتماد على الرافضة ثم الأكراد على الأرض فلم يستطع هؤلاء الوقوف في وجه جنود الدولة الإسلامية ، ثم أتى الغرب بالقصف ، ولكنه قصف غير مركّز ، فالدولة تقاتل على أكثر من عشر جبهات في آن واحد ، والعدو الآن يحاول التركيز إعلامياً على "عين العرب" ليحقق نصراً – ولو معنوياً – بينما الدولة تتقدم في جبهات أخرى لا يستطيع العدو التركيز عليها لبعد المسافات وعظم التكلفة وتشتت الجهود ، كل ما يستطيع العدو فعله هو وقف تقدم جنود الدولة في بعض الجبهات وقت القصف ، فإذا توقف القصف استأنف جنود الدولة التقدم .. الدولة أتقنت خلق المفاجئات : فهي تُقصف هنا وتقتحم هناك ، ويُجمع لها هنا فتجمع هناك ، ولا يعرف العدو كيف يجتمع جنود الدولة بهذه الأعداد في ساحة معركة تحت مراقبة الأقمار الإصطناعية والجواسيس !! جنود الدولة أتقنوا فن التمويه ، وهم من يبادر ويباغت ، وأتقنوا الضرب بالمفخخات ، وعندهم مخزون انغماسي لا نظير له في تاريخ الحروب ، وجنود الدولة يقاتلون عن عقيدة لا قِبل لأحد بها : فقضية إحياء الخلافة الإسلامية التي غابت عن واقع الأمة لتسعين سنة ليست كأي قضية أخرى ، والحكم بشرع الله أمر لا يقارن بأي هدف دنيوي مهما كان ، والموت في سبيل هذه الأهداف يعني الخلود في الأرض والسماء ، فالمجاهد يعتقد بأنه يقيم شرع الله في الأرض ، وأن من يأتي بعده يكون عمله في ميزان حسناته ، فليس عمل يعدل هذا عند جنود الدولة ، ولا يملك أي جيش على وجه الأرض مثل هذه العقيدة التي تدفع أصحابها إلى احتضان الموت بصدور ملئها الشوق ، هذا لا يوجد إلا في أهل الجهاد ، وجنود الدولة لهم القسط الأكبر من هذه الحوافز ، فلا نظير لهم على وجه الأرض اليوم ، وهم في ازدياد كل يوم رغم التشويه الإعلامي الكبير ورغم التضييق ، وكثرة الجبهات وقوة الضربات تجعلنا نجزم بأن عددهم أكثر من (30) ألف بكثير ، وتكتيكاتهم الحربية وخططهم العسكرية واستراتيجيتهم تجعلنا نوقن بأنهم على درجة كبيرة من التنظيم والحرفية والإعداد والتركيز والدهاء والعبقرية ، ولعل مجموع الخبرات الحربية في قيادات الدولة الإسلامية لا نظير لها في أي جيش على وجه الأرض ، فاذا اجتمعت الخبرة مع الدهاء والإصرار والعقيدة والروح المعنوية العالية والإعداد الجيد فإنه خليط النصر الذي لا ينقصه إلا حسن التوكل على الله ، وكفى بالله وكيلا ..

مبادرة أنصار الشريعة :

البيان الذي أصدرته "أنصار الشريعة" في نصرة الدولة الإسلامية بيان متزن عاقل صدر من أناس قدّموا المصلحة العليا للأمة الإسلامية على المصالح الضيقة ، وإن كنا نطمع في أكثر من ذلك ، إلا أن هذه بادرة طيبة من أهل الحكمة والمدد الإسلامي .. إننا ندعوا الإخوة في جميع الجبهات أن يتكاتفوا ويتعاضدوا ضد الهجمة الصليبية الصهيوعربية على الأمة الإسلامية ودينها ، فالأمر أعظم وأخطر مما يعتقد البعض ، فليس لدينا جهد فائض نضيعه في جدال ونقاش عقيم ، ولا نملك ترف الوقت نصرفه في نزاع ثانوي ، الأمر أمر الأمة الإسلامية ودين الإسلام ، فعلينا أن نكون على قدر من المسؤولية .. لينظر – من لم يستوعب الموقف بعد- إلى اجتماع أعداء الإسلام على قتالنا في مصر وليبيا وتونس والشام والعراق وخراسان وبلاد فارس واليمن وجزيرة العرب والصومال ومالي والشيشان وتركستان الشرقية وغيرها من بلاد المسلمين : فالأعداء هم هم رغم اختلافهم وعداوتهم لبعضهم وتنافسهم ، ونحن متشرذمون مختلفون متناحرون يكفّر بعضنا بعض ، ويسيء بعضنا الظن في بعض رغم العوامل الكثيرة الجامعة بيننا !! من لم يبايع الدولة الإسلامية وغيرها من الجماعات المجاهدة المُستهدفة فليقف معها وليؤيدها في هذه الحرب ضد أعداء الأمة ، فهذا واجب وفرض على كل مسلم ، ومن أبى فليكف شرّه عنها ولا يقف مع أعداء الإسلام ضدها فإنها والله الردّة عن الدين والخذلان المبين ، ومن ظن أنه ينال من المجاهدين – كل المجاهدين - في مثل هذه الظروف ويعتقد – رغم ذلك - أنه لا يساند الحملة الصليبية على الإسلام فليراجع عقله ، ومن يدعوا - في مثل هذه الظروف - إلى المفاصلة بين المجاهدين فلا عقل له ، أما من يدعوا لقتال المجاهدين في مثل هذه الظروف فلا نشك في عمالته لأعداء الدين ..


والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

كتبه
حسين بن محمود
25 ذو الحجة 1435هـ
قادمون ياأقصى
قادمون ياأقصى
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 4006
تاريخ التسجيل : 03/03/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  قادمون ياأقصى الثلاثاء أكتوبر 21, 2014 5:32 pm

صورة لمثيرى الفتن بكل مكان
قادمون ياأقصى
قادمون ياأقصى
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 4006
تاريخ التسجيل : 03/03/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  عاشقة السماء الأحد فبراير 22, 2015 2:30 am

بسم الله الرحمن الرحيم

أم على قلوب أقفالها

الحمد لله معز أهل الإيمان بالجهاد ، ومذل أهل الشرك والنفاق والعناد ، ثم الصلاة والسلام على المبعوث رحمة بين يدي الساعة بالحسام ، سيّد الأنام محمد وعلى آله وصحبه الكرام .. أما بعد ..

فإن الأحداث تتسارع ، والمواقف تتوالى ، والكلمات تعجز عن مواكبة الأحداث ، وبين أمواج هذا البحر الهائج تقف الحقيقة ثابتة رغم كل الغبش والزبد الإعلامي الذي طغى على عقول لا تكاد ترى سوى نفسها فتظن أنها الواحدة المتفرّدة في الساحة الفكرية لتلقي بدلوها في الشريعة الإسلامية من تحليل وتحريم ما يوافق هواها مما يكاد يُخرج بقايا فقهاء السلف من قبورهم ليصرخوا بملئ فيهم : كفى عبثاً بدين الله تعالى ..

المشكلة ليست في الأمور العويصة الدقيقة ، بل في تغيير الثوابت الشرعية بحجج واهية غير واقعية فضلاً عن أن تكون علمية : فتجد أحدهم يَنهى أهل الجهاد أن يفتأتوا على الأمة ، وهو عاميّ لا يفقه من الشرع غير كلمات سمعها فلا زال يرددها ، أو "صحفي" ليست له دراية بالعلم الشرعي ولا بالسياسة الشرعية يُلقي على الناس مسائل عظام يفتي فيها دون مبالاة !! أو "داعية" غير فقيه ، أو "فقيه" غير متخصص في فقه السياسة الشرعية ولا مارس الجهاد ولا قارع الأعداء ولا دخل العسكرية ولا عِلم له بالحروب الحديثة ولا أسرارها النفسية ، وقد جاء في الأثر أن عمرو بن العاص رضي الله عنه أمر الناس في غزوة "ذات السلاسل" أن لا يوقدوا ناراً فأنكر ذلك عمرٌ رضي الله عنه ، فقال له أبو بكر رضي الله عنه : دعه فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبعثه علينا إلا لعلمه بالحرب ، فسكت عنه عمر . (فتح الباري) .. فأهل الحرب أصحاب صنعة وهم أدرى بصنعتهم من كبار العلماء .. والأدهى والأمر من هذا كله : أن يفتي القساوسة والأحبار ورؤساء الدول الغربية النصرانية في دين الله تعالى "المتسامح" "السلمي" ليوافقهم الإعلاميون والحكّام والجهّال من بني قومنا !!

كيف وصلت هذه الأمة لموقف جعلها توافق بني إسرائيل المُعلنين لموسى {أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا} (الأعراف : 129) ، وقد كانت دعوة موسى لهم قبل هذا الإعلان السخيف : {اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (الأعراف : 128) ، فظن هؤلاء لجهلهم أن النصر في ساعات دون تمحيص وابتلاء وصبر وبذل نفس ومال ودم !!

هي نفس القالة وإن اختلفت الكلمات : المجاهدون يفتأتون على الأمة ويجلبون لها المصائب ويَستعْدون من لا قِبل لهم به ، فالوهن كل الوهن في اعتقاد ضعف النفس كما قالت بنو إسرائيل : {لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ} (البقرة : 249) ، وقالوا قبلها {إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ} (المائدة : 22)، {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} (المائدة : 24) ، فلن نقاتل الأمريكان ولا الأوروبيين لما يملكون من أسلحة فتاكة فاذهبوا أنتم وألقوا بأيديكم إلى التهلكة وقاتلوا ، إنا في بلادنا آمنون !!

هي دعوة المتخاذلين في كل زمان مِلؤها معاني الجبن والخوَر والمهانة التي ترعرع عليها جيل الإستعباد تحت الحكم الفرعوني فنشأ لا يعرف غير الإستسلام للطواغيت ، ولا يستسيغ غير الذلّة والمسكنة ، فظن أن حياة العبودية هي الأصل ، وأن الرضى بالظلم هو الإيمان بالقدر ، وأن عبادة الحاكم هي طاعة ولي الأمر ، وأن كل صوت يريد تغيير هذا الواقع المُشين هو الفتنة ، وأن من لم يقنع برأيه فهو ضال مبتدع ، فلذلك تجده يركن إلى مفاهيم مغلوطة كالتسامح والوسطية والإعتدال ، وهي كلمات حق حرّفوا معانيها لتحقيق باطل من أخطر ما واجه الأمة في عقيدتها وفتك بها وأوهن عزيمتها وقواها فاجترأت عليها الأمم ، وهذا مصداق قول نبينا صلى الله عليه وسلم حين حذّر أمته من الركون للظلم : "كلَّا واللَّه لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر ولتأخذنَّ على يدي الظَّالم ولتَأطُرُنَّهُ على الحقِّ أَطْرًا أو لتَقصُرُنَّهُ على الحقِّ قصراً أو ليضربنَّ اللَّهُ بقلوب بعضِكم على بعضٍ ثمَّ ليلعننَّكم كما لعنَهم" (حسن : انظر تخريج مشكاة المصابيح ، وقد ضعّفه بعضهم) ، وفي رواية "والذي نفسي بيدِه ؛ لتأمرُنَّ بالمعروف ، ولتنهوُنَّ عن المنكر ؛ أو ليوشكَنَّ اللهُ أن يبعثَ عليكم عقابًا منه ، ثم تدْعونه فلا يَستجيبُ لكم" (قال الألباني في صحيح الترغيب : حسن لغيره) ، فالسكوت على الظلم مغبّته وخيمة : فتُطرد الأمة من رحمة الله ، وتشتّت ويُخالف بينها ، وتستحق العقاب والعذاب ، وتُغلق دونها أبواب السماء فلا يُسجاب لها حتى تقوم في وجه الظلم ..

أما أهل الإيمان والتوكّل على الله وأهل الجهاد فإن دعوتهم لم تتغيّر ولم تتبدّل على مر التأريخ {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُو اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (البقرة : 249) ، {قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (المائدة : 23) ، فأهل الإيمان : أهل مقارعة ومجاهدة وكسر للطواغيت وإذلال لهم وإرغام للباطل وإعلاء للحق بالقوة التي تُرعب كل طاغية ، وتُرهب كل من تسوّل له نفسه استعباد بني الإنسان .. قال المجاهدون : ادخلوا على أمريكا والدول النصرانية وطواغيتهم الباب ولا تنظروا إلى العدد والعتاد فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ، اصبروا فالنصر صبر ساعة ، وتوكّلوا على الله فهو حسبكم ، وما النصر إلا من عنده ، لا بسبب الأسلحة الفتاكة ولا القوة الجبارة ، فالله أعلى وأجل وأقوى ، لكن جيل العبودية يأنف القراع والنزال والكرامة والعزة ، ويستعذب والمهانة والخنوع والدونية والذلّة التي يعتقد – جهلاً – أنها مكتسبات لا تقدّر بثمن !!

مشكلتنا الأساسية ليست في معادلة القوة ، بل مشكلتنا في مفهوم الحقائق الشرعية التي غابت عن عقول المسلمين لعقود ، بل لقرون : فأصبح الفرض حراماً ، والحرام واجباً عند كثير من الناس ، وصارت قوة الناس أعظم من قوة الله تعالى ، والخوف من الناس أعظم من الخوف من الله ، واليأس والقنوط هو سيّد الموقف ، ولو أن الناس تركوا الإتكالية العلمية واستنهضوا أدنى همة إنسانية فحملوا أي كتاب معتبر في أي مذهب وقرأوا في العقيدة والجهاد والسياسة الشرعية فإن حقائقهم الثابتة المعشعشة في عقولهم الإنهزامية ستُصدم وتُصعق وربما تنفجر ، لكن الناس حريصون أشد الحرص على ثبات الجهل بطريقة لا تليق ببني البشر ، فضلاً عن أهل الإسلام الذين بدأ وحيهم الرباني بوسيلة العلم الخالدة : {إقرأ} !!

أيها المسلم : {إقرأ} .. لا تقرأ لعلماء قاعدة الجهاد ولا للدولة الإسلامية ولا للجماعة الفلانية ولا الحزب الفلاني .. {إقرأ} سورة التوبة في كتاب ربّك ، {إقرأ} سورة الأنفال بتمعّن ، {إقرأ} باب الجهاد في صحيح البخاري ومسلم وسنن أبي داود والترمذي والنَّسائي وابن ماجة والموطّأ وغيرها من كتب الحديث .. {اقرأ} باب الجهاد في كتب الفقه المعتبرة من المذاهب الأربعة لتعرف معنى الجهاد وحقيقة الأحكام الشرعية التي هي حديث الساعة .. {اقرأ} كتب العقيدة واعرف حقيقة الولاء والبراء والحب والبغض في الله ، وحقيقة الإيمان والكفر ، لتعرف المُحقّ من المُبطل .. {اقرأ} كتب الإمام أبي حنيفة ومالك وأحمد والشافعي وعلماء مذاهبهم الكبار كأبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني والكاساني والسرخسي ، وابن عبد البر والقرافي والقرطبي ، وابن قدامة وابن تيمية وابن مفلح ، والعز بن عبد السلام والجويني والنووي والرافعي وأمثال هؤلاء وأشباههم من كبار علماء الأمة وفقهائها الذين جمعوا العلم وبذلوه للناس بكل إخلاص وتجرّد – نحسبهم كذلك والله حسيبهم – لتعرف حقيقة دينك ، وحقيقة الشبهات التي تُلقى في الساحة ..

أنت مُكلّف بتعلّم دينك وما تحتاج إليه في عبادتك ، وإن كنت تحتاج إلى اتخاذ موقف فأنت مُكلّف بمعرفة الحقائق الشرعية الثابتة لمثل هذا الموقف حتى تكون على بيّنة ، فلا يجوز لك موالاة أو معاداة إنسان إلا وأنت تعلم بأن هذا الموقف مبني على أساس شرعي صحيح ، لأن الموالاة والمعاداة عبادة ، وأي عبادة : سأل النبيُّ صلى الله عليه وسلم الصحابَة : "أي عُرى الإيمان أوثق ؟ قالوا : الصلاة . قال : حسَنة ، وما هي بها . قالوا : صيام رمضان : قال : حسنٌ ، وما هو به . قالوا : الجهاد . قال : حسنٌ ، وما هو به . قال : إن أوثق عُرى الإيمان أن تُحبَّ في الله ، وتُبغض في الله" (صحيح الترغيب ، قال الألباني : حسن لغيره) .. فلا تتّخذ موقفاً إن كنت جاهلاً بالحقائق الشرعية والواقع الحسي ، قف على جانب الطريق إن وسعك ذلك حتى تعلم ، فهو أسلم لدينك ، وكم من إنسان تكلّم في أولياء الله فآذاهم وعاداهم وقد آذنه ربّه بالحرب من حيث لا يشعر : "إن الله قال : مَن عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب" (البخاري) .. الأصل أن تتخذ كل مسلمٍ ولياً وتحبّه ، وتعادي كل كافر وتُبغضه ، فإن أبدى لك أحد غير ذلك فعليك بالعلم والفهم ، فقد يرتدّ المُسلم عن دينه فيستحق البُغض والعداوة ، وقد يُسلم الكافر فيستحق المحبة والنُّصرة ، وقد يعصي المسلم فتُبغض معصيته وتحبه لإسلامه ، وقد يُحسن الكافر فتحب فعل الإحسان وتبغضه لكفره ، ولا تُصغِ لمن يقول : أخوّة إنسانية ، وأعراف دولية ، ومساواة بشرية ، فهذه معانٍ ما أنزل الله بها من سلطان ، فالله تعالى فرّق بين بني الإنسان على أساس الدين لا غيره : فلا يستوي الأعمى والبصير ، ولا الظلمات والنور ، ولا الخبيث والطيّب ، لا أصحاب النار وأصحاب الجنّة ، ولا الكافر والمسلم {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} (القلم : 35-36) ..

لا تلتفت لمن يقول "تعايش سلمي" فالله تعالى لم يرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليتعايش سلمياً ، بل أرسله بهذا ليُظهره على الدين كله ، وأمره أن يقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، وحتى يُخرج الناس من جور الأديان إلى عدل الإسلام ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ، ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد .. هذه وظيفة أهل الإسلام في كل زمان : أن يقاتلوا من يليهم من الكفار ، وأن يقاتلوا اليهود والنصارى حتى يُعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، وأن يقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونهم كافة ، وأن يُعدّوا ما استطاعوا من قوة لإرهاب العدو ومَن خلفه ، وأن يضربوا رقاب أئمة الظلم ويقعطوا أعناقهم ويشرّدوا بهم من خلفهم ، فلا يزال جناب الحق مُاهباً ، والباطل مندحرا ..

هناك هجمة إعلامية رهيبة منظمة وعلى مستوى عال من التنسيق لم نره في التاريخ قبل اليوم ، وهذا التنسيق على مستوى جميع القنوات الإعلامية في الأرض : من فضائيات وجرائد ومجلات وبرامج ومنابر وكتب وبيانات وتحليلات ، كلها اتفقت على محاربة المجاهدين عامة و"الدولة الإسلامية" خاصة ، وعلى التفريق بين المجاهدين : فهذا التشكيك في عمليات المجاهدين ، وهذا الإتهام بالعمالة والخيانة بطريقة منظّمة دقيقة ، وهذا التبادل في الأدوار لم نره في حرب الكفار على أي جماعة مجاهدة أو دولة : لا في الحروب الأممية ولا في الحروب العالمية ، فالأمر جد خطير ، ونظرة سريعة على مقالات الجرائد الغربية وتصريحات الساسة في الشرق والغرب وبرامج الفضائيات في وقتنا هذا تُنبئ عن مدى الذعر الذي أحدثه المجاهدون في الأرض ، وخاصة "الدولة الإسلامية" ، فعلى إعلام المجاهدين التصدي لكل هذا بحذر شديد وعقل رشيد وحرص أكيد على جمع الكلمة ووحدة الصف حتى لا يكون الفشل وذهاب الريح ..

لقد آتى بعض الإعلام المعادي أُكله ، فمن غرائب تأثير الإعلام في هذا الزمان : إعفاء الجاني واتهام المجني عليه ، وهو ما حدث في "رابعة" حيث اتهم الإعلام المصري "الإخوانَ" بقتل المتظاهرين رغم رؤية العالم كله ما حصل بالصوت والصورة وعلى الهواء مباشرة !! وما حصل في سوريا من اتهام النصيريةُ المجاهدينَ بقتل السوريين ، والبراميل المتفجّرة النصيرية تحرق المسلمين على شاشات الفضائيات !! واتهام المتظاهرين بقتل اليمنيين ، والرافضة يعيثون في اليمن فسادا !! واتهام الطالبان بقتل الأفغان ، والأمريكان يمشطون البلاد الأفغانية بقنابل السجاد التي تقتل كل حي ، وبقنابل نووية مصغّرة !! واتهام المجاهدين بقتل العراقيين ، والرافضة يقتلون المسلمين بالجملة كل يوم بالمثاقيب والسكاكين والنار ويهتكون أعراض المسلمات في السجون !!

هناك صنف من بني الإنسان عنده قابلية عجيبة لإلغاء عقله فتدنت عقليته تحت المستوى الحيواني {لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} (الأعراف : 179) فجميع الحقائق بين يديه يراها رأي العين : يرى طائرات النصارى تقصف المسلمين ، ويرى إعلان الدول تحالفها وانضمامها تحت راية النصارى الكفار ، ويرى قتلى المسلمين بالمئات كل يوم ثم يبكي ويدمي مقلتيه على من سبّ نبيّه وحارب دينه وقتل المسلمين !! مثل هذا لا يستحق أن يُصنّف في بني البشر لأنه أضل من التيس والبقر ..

وأعجب من هذا ما يصدر مِن بعض مَن ينتمي إلى جماعة "الإخون المسلمين" في شأن المجاهدين ، ولو أن هؤلاء قارنوا بين ما يقوله الإعلام المصري في شأنهم وبين ما يقولون هم في شأن المجاهدين لرأوا التطابق العجيب في الألفاظ والمصطلحات والأفكار وكأنهم يحاكون هذا الإعلام حذو القذّة بالقذّة ، فكما ينظر الإخوان ومناصريهم إلى الإعلام المصري فإن المجاهدين ومناصريهم ينظرون إلى هؤلاء نفس النظرة .. إرهابيون ، متنطعون ، محرّفون للدين ، مستغلون الدين لمآربهم الخبيثة ، متعطّشون للدماء ، أهل فتنة وضلال ، خوارج غلاة ، لا يفهمون الدين ، عملاء لأمريكا والصهيونية ، كلها مصطلحات يستخدمها الإعلام المصري ضد الإخوان ، ويستخدمها الإخوان ضد المجاهدين ، {أتواصوا به} أم {تشابهت قلوبهم} ؟ هذا من الغباء الذي لا تصفه الكلمات ، ولا تتخيله العقول ، ولو أن بعض هؤلاء أعمل عقله قليلاً لعلم أن جميع أفعال المجاهدين تصب في صالحهم ، وأن في "قص ولصق" هذه التهم بالمجاهدين من الإعلام المصري فيه من الضرر عليهم ما يفوق الوصف ، فلا أغبى من إنسان يكسر غمد سيفه ويستغني عن سلاحه وهو مُقبل على معركة ضد عدو شرس !!

كل عملية للمجاهدين تجرّ على الأمة الويلات وتستنفر الأعداء ، فالمجاهدون لا يمكلون من العقل والحكمة والنظر ما يؤهلهم لخوض معركة الأمة ، كذا يزعمون !! ماذا حصل في مصر واليمن وتونس !! ملكوا البلاد ولم يستطيعوا الحفاظ عليها رغم كل العقول والكفاءات التي يزعمون أنهم يملكونها ، لماذا ؟ لماذا يخرج المتظاهرون كل يومن يُقتل منهم العشرات بدم بارد وبلا فائدة !! ماذا نرجو من مظاهرات "سلمية" غير ضياع حياة الشباب وأعراض الفتيات !! أعداء الأمة لا يحتاجون إلى مبرر للتدخل في بلاد المسلمين وإنما يحتاجون القوة التي تمكّنهم من ذلك ، ويحتاجون حساب الأرباح والخسائر ، فمتى كان الربح أكثر من الخسارة : احتلوا بلادنا وقتلونا وسرقوا خيراتنا ، وإذا كانوا يعلمون أن خسائرهم أكثر بكثير مما يرجون فإنهم يفكّرون ألف مرة قبل الجرأة علينا ، ومن شاء فلينظر إلى تأريخ الدولة العثمانية ليعلم أن ما يحدث الآن هو عين ما حدث قبل سقوط الخلافة ، والمصطلحات السياسية هي ذاتها التي استخدموها (إرهاب ، وحماية أقلّيات ، وإصلاحات سياسية ، وحق تقرير المصير ...) ، حتى مواقف حكام بلاد المسلمين لا تختلف كثيراً عن موقفهم آن ذاك ، وقد قامت حركات جهادية في ذلك الوقت قارعت الإحتلال ، ووُجد في ذلك الوقت من قال في المجاهدين ما يُقال عنهم الآن ..

الإخوان يطالبون المجاهدين بأخذ العبرة من التجارب الجهادية السابقة ، وليتهم من فعل ذلك : فقد كانت لهم تجربة قبل ستين سنة في ثورة مصرية تسلّق على أكتافهم العسكر (عبد الناصر) وسامهم سوء العذاب ، وانقلاب السيسي نسخة من انقلاب عبد الناصر ، فهلا كان النصح لأنفسهم قبل غيرهم !! نحن لا نشنّع على الإخوان ، وإنما ننصحهم ونقول : ليس هذا وقت تفنيد أعمال المجاهدين ، وإنما هو وقت مقارعة الطواغيت ، ونحثّهم على استغلال وجود المجاهدين لكسب بعض المواقف السياسية على أقلّ تقدير ، فوجود المجاهدين من أعظم الفرص التي أتيحت لكم بعد الإنقلاب ، فلم تضيعون هذه الفرصة ، ولم تخرّبون بيوتكم بأيديكم ، ولم تستعطفون ودّ أعدائكم باستعداء أهل ملّتكم الذين يقارعون أعداء الإسلام في أكثر من مكان !! وها نحن نراهم يركضون خلف سراب حكومة "آل سعود" بعد كل ما فعلوه بهم ظناً منهم أن سياسة حاكم الرياض الحالي غير سياسة سلفه ، وهل غاب عنهم أن سياسة الرياض يرسمها فنّانو البيت الأبيض !!

لنعود إلى مسألة الإستعداء ولنرجع قليلاً إلى الوراء : الجيش الأمريكي كان يتدرّب في ولاية "نيفادا" الأمريكية على القتال الصحراوي قبل غزو الكويت بعشرين سنة ، ثم تدرّب في جبال الروكي في ولاية "كلورادو" الأمريكية قبل غزو أفغانستان بعشر سنوات ، فاحتلّت أمريكا جزيرة العرب بحجة تحرير الكويت ، وغزت أفغانستان بحجة وجود أسامة – رحمه الله – ثم بحجة نشر الديمقراطية وتحرير المرأة الأفغانية من تسلط الطالبان ، ثم احتلّت العراق ودمرتها وقتلت مليوني عراقي بحجة أسلحة الدمار الشامل التي حقيقتها كحقيقة مهدي الرافضة المسردب ، وكحقيقة عداء الرافضة والنصيرية لأمريكا ..

حاولت أمريكا احتلال الصومال بحجّة تحكي هوان وذل المسلمين : لقد كان سبب التدخّل في الصومال هو "المساعدات الإنسانية" ومحاربة الفقر والجوع !! دخلت أمريكا بجيوشها إلى الصومال لتخلّصهم من الفقر بقتلهم واحتلال بلادهم وجعلها مقابر للنفايات النووية !! تقتل أطفال ونساء المسلمين في سوريا وباكستان واليمن بحجة محاربة "الإرهاب" الذي ترفض تعريفه !! تحتل بلاد الإسلام وتقتل المسلمين لتخليصهم من الفقر والإرهاب والتنطّع ، فليس أفضل من قتل الإنسان لتوفير حياة ديمقراطية كريمة له بحرقه ونسفه وتفجيره بالقنابل الموجّهة المتطورة !! البعض لا زال يشكك في نوايا أمريكا وإخلاصها وتفانيها من أجل غدٍ أفضل للبشرية ، والبعض لا زال يعتقد بأن دفع العدو هو سبب هجومه علينا !! حقاً : عقول في إجازة مفتوحة ..

أمريكا أعلنت الحرب على أفغانستان وعلى قاعدة الجهاد لأن قاعدة الجهاد فجّرت المباني في أمريكا ، وقتلت آلاف الأمريكان ، هذا ما يعتقده البعض !! أمريكا قتلت ما يقارب العشرة ملايين مسلم بطريقة مباشرة وغير مباشرة قبل تفجيرات نيويورك ، فغزو أفغانستان وقتلها للمسلمين لم تكن ردّة الفعل ، بل ردّة الفعل هي تفجير مبانيها لأنها قتلت وأعانت على قتل عشرة ملايين مسلم ، ولأنها تحتل بلاد المسلمين ، وخاصة بلاد الحرمين ، فحرب أمريكا المُعلنة على الإسلام والمسلمين كانت بسبب دفاع المسلمين عن أنفسهم ضد آلة القتل الأمريكية ، وضد احتلالها لبلاد الإسلام ، والغرب يرى بأنه لا حق للمسلمين في الدفاع عن أنفسهم ، بل يجب عليهم تقبّل القتل وهتك العرض وسرقة الأموال ، وهذه النظرة يوافقهم عليها من بني جلدتنا أصحاب نظرية السلمية والإعتدال اللاإرهابية الذي قتلوا في المسلمين روح الجهاد والعزة فأرادوها غانديّة ماندلّية لا عُمريّة خالديّة ..

لنضع صورة أمريكا وتدخلاتها العسكرية نصب أعيننا ولنفكّر قليلاً بما جرى في الفترة الأخيرة : أحرق المجاهدون "طياراً" أردنياً فأعلنت الأردن أنها ستقصف مواقع المجاهدين في سوريا .. هل فكّر البعض ورجع إلى الوراء قليلاً ليعقل الواقع ؟ لا نقول سنوات ولا أشهر ، بل ساعات ودقائق : الأردن كانت تقصف مواقع المجاهدين في سوريا قبل حرق الطيار ، فالطيّار الأردني وقع في يد المجاهدين وهو يقصف المسلمين في سوريا ، أي أن ردّة فعل الأردن لم تكن في الحقيقة ردة فعل .. لنعيد رسم الصورة حتى يفهم العقلاء الأذكياء : الطيار كان يقصف المسلمين في سوريا قبل القبض عليه ، فكان فعل قصف الطائرة الأردنية متقدّم على فعل حرق الطيار ، وردة الفعل تكون بعد الفعل ، وليس قبل الفعل ..

النصارى المصريين قَبض عليهم المجاهدون في ليبيا ونحروهم فأعلن الجيش المصري عن طلعاته الجوية الإنتقامية لهؤلاء النصارى ، ولا ندري لم لم يُعلن الجيش المصري عن طلعات جوية بعد أن قتل السيسي آلاف المصريين المسلمين في مصر ذاتها وأحرقهم أحياء في رابعة والنهضة وسيناء ، وبعد أن قتل الرافضة في العراق آلاف المصريين ، هذا ليس مهم عندهم ، المهم أن نعلم بأن الطيران المصري كان يقصف مواقع المجاهدين في ليبيا ويدمّر بيوت المسلمين ويقتل أطفالهم قبل نحر هؤلاء النصارى بأكثر من ستة أشهر ، إذاً هذه ليست ردّة فعل : لأن فعل القصف متقدّم على النحر ، وردة الفعل تكون متأخرة لا متقدّمة .. أرجو أن يكون الأمر واضحاً ، فليس شرح أبسط من هذا ..

أما الذين استنكروا نحر النصارى في ليبيا فنقول لهم : هلّا كنتم مثل "تواضرس" وقلتم بأن موقفكم من قتلى النصارى في ليبيا هو نفس موقف تواضرس وكنيسته من قتلى المسلمين في رابعة والنهضة !! أخواتنا المسلمات في سجون الكنائس النصرانية المصرية ، والكنيسة المصرية تبارك قتل المسلمين في مصر ، وقد عُلّقت لافتات كبيرة من قِبل الكنيسة في شوارع مصر تقول للنصارى "الرب يسوع [تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً] يأمركم بدعم المشير عبد الفتاح السيسي في الحرب على الإرهاب" ، وقومنا يبكون على منصّرين دخلوا ليبيا بغير أمان لتنصير أبناء المسلمين ، وحتى إن لم يكونوا منصّرين فالأصل في الكافر أنه حلال المال والدم بالإجماع ، إلا أن يكون له عهد من ذمة أو أمان أو غيره ، ونصارى مصر تبع لكبيرهم "تواضرس" ، وتبع لكنيستهم التي وقفت مع ابن اليهودية "السيسي" في حربه ضد الإسلام المسلمين ، وأعلنت تأييدها لقتل المسلمين ، فهي حربية ،قال ابن القيم في زاد المعاد : "وكان هديه صلى الله عليه وسلم أنه إذا صالح قوما فنقض بعضهم عهده ، وصُلحه ، وأقرّهم الباقون ، ورضوا به ، غزا الجميع ، وجعلهم كلهم ناقضين" ... إلى أن قال "وبهذا القول أفتينا ولي الأمر لما أحرقت النصارى أموال المسلمين بالشام ودورهم ، وراموا إحراق جامعهم الأعظم حتى أحرقوا منارته ، وكاد - لولا دفع الله - أن يحترق كله ، وعلم بذلك من علم من النصارى ، وواطئوا عليه وأقروه ورضوا به ، ولم يُعلموا وليّ الأمر ، فاستفتى فيهم وليّ الأمر مَن حضره مِن الفقهاء ، فأفتيناه بانتقاض عهد من فعل ذلك ، وأعان عليه بوجه من الوجوه ، أو رضي به ، وأقرّ عليه ، وأن حدّه القتل حتماً ، لا تخيير للإمام فيه كالأسير بل صار القتل له حداً ، والإسلام لا يسقط القتل إذا كان حداً ممن هو تحت الذمة ..." . (انتهى) ..

إن قتال النصارى في مصر - وخاصة من يعمل في هذه الكنائس - واجب وفرض على المسلمين لاستنقاذ الأسيرات المسلمات ، فلا عهد ولا أمان ولا كلام مع هؤلاء النصارى قبل استخلاص جميع الأسيرات المسلمات ، وحكم النصارى في بلاد الإسلام أن يكونوا أهل عهد يدفعون الجزية عن يد وهم صاغرون ، وتجري عليهم أحكام الإسلام ، وتطبّق عليهم الشروط العمرية التي اتفق على العمل بها الصحابة والتابعون ومن تبعهم إلى وقت قريب ، ومن لم يدفع الجزية أو دفعها بغير صغار أو لم يوافق على جريان أحكام الإسلام عليه : نقض العهد وصار حلال المال والدم ، فكيف بنصارى يحاربون المسلمين ويأسرون المسلمات ويعينون على قتل المسلمين ويعيثون في الأرض الفساد !! أي عهد وأي حرمة للدماء تبقى لهؤلاء !! هؤلاء أهل حرب - لا أهل عهد - حتى نستخلص أخواتنا ، وحتى يبرم لهم حاكم مسلم عهداً شرعياً يلتزمون فيه بدفع الجزية عن يد وهم صاغرون ، وتجري عليهم أحكام الملّة في الأمور العامة ..

أما هذه الكنائس : فما بُني منها بعد دخول المسلمين مصر ، أو بُني في بلدة خطّها وبناها المسلمون فإنها تُهدَم باتفاق العلماء ، فلا يجوز للنصارى إحداث كنيسة في بلاد الإسلام ، فكل كنيسة في القاهرة – مثلاً – يجب أن تُهدم ، لأن القاهرة خطها المسلمون ، وكذا في كل مدينة أحدثها المسلمون ، قال ابن تيمية "وقد اتفق المسلمون على أن ما بناه المسلمون من المدائن لم يكن لأهل الذمة أن يحدثوا فيه كنيسة" (نقلاً عن مجموع الرسائل والمسائل) ، وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في مقدمته لكتاب "حكم بناء الكنائس والمعابد الشركية في بلاد المسلمين ، لمؤلفه : إسماعيل بن محمد الأنصاري : "وقد أجمع العلماء رحمهم الله على تحريم بناء الكنائس في البلاد الإسلامية ، وعلى وجوب هدمها إذا أُحدثت" (انتهى) ، ومثل هذا جاء في فتوى اللجنة الدائمة برئاسته : "أجمع العلماء على تحريم بناء المعابد الكفرية ، مثل : الكنائس في بلاد المسلمين ، وأنه لا يجوز اجتماع قبلتين في بلد واحد من بلاد الإسلام ، وأن لا يكون فيها شيء من شعائر الكفار لا كنائس ولا غيرها ، وأجمعوا على وجوب هدم الكنائس وغيرها من المعابد الكفرية إذا أُحدثت في أرض الإسلام" (انتهى) ..

أما مسألة استعداء المجاهدين للدول الصليبية على ليبيا : فهذا من أبطل الباطل ، ومن أقبح القول وأسفهه ، فهذه الدول كانت ولا زالت تعادي المسلمين قبل أفعال المجاهدين ، بل قبل أن يولد جميع المجاهدين في هذا الزمان بعقود ، بل بقرون {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} (البقرة : 217) ، فالحرب بيننا وبينهم قائمة وباقية ، ونحن الضحايا منذ ثلاثة قرون يقتلوننا في كل مكان ، فبدلاً من الإنكار على القاتل المعتدي : يُنكر البعض على المدافع عن نفسه الذاب عن دينه وحرماته !! فالدول الغربية هي التي تدعم حفتر بالسلاح ، وتسمح بدعمه بالمال ، وهو يقتل المسلمين في ليبيا نيابة عنها ، فمسألة الإستعداء أتفه من أن ننظر فيها ونحن المأمورون بغزو الكفار في عقر دارهم ، وهذا كمن يقول للنبي صلى الله عليه وسلم : لا تستعدِ قريشاً ، ويقول للصديق : لا تستعدِ فارس والروم ، ويقول لعمر : لا تستعدِ البربر والكرد والترك وأمم الأرض بل كفو عن الجميع وابقوا في مكة واصبروا على تعذيب قريش لكم واخرجوا في مظاهرات علّهم يسمعون نداءاتكم ويملون من مطالباتكم المتكررة فتنالون بعض المناصب وبعض الحريات ، ويكفّون عن غزوكم وقتلكم !! رضي الله عن الصديق إذ قال "والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله لجهادتهم عليه" !! عقال بعير ، وليس تنحية الشرع والحكم بغير ما أنزل الله ومحاربة الدين وتولّي الكافرين !! عقال البعير أوجب قتال العرب كلهم ..

دولة مثل فرنسا لم تأت إلى مالي بسبب المجاهدين ، ففرنسا كانت - ولا زالت - راعية الحملات الصليبية على الأمة الإسلامية عبر التأريخ ، وهي لا زالت تعتبر مالي والجزائر وتونس ولبنان وسوريا مستعمرات لها ، فتدخّلها هو لتثبيت احتلالها وليس لمحاربة الإرهاب ، وكذا إيطاليا التي تريد التدخّل الآن في ليبيا !! هل سألنا أنفسنا : لم إيطاليا !! ولم لا تكون أمريكا أو فرنسا أو بريطانيا !! الجواب : أن إيطاليا لا زالت تعتبر ليبيا تحت انتدابها ، وهي صاحبة الحق – عند الغرب – في التدخّل في ليبيا دون غيرها ، وجميع الدول العربية لها نفس حكم مالي وتونس وليبيا والجزائر ، فهذه الدول لا زالت مُستَعمرة من قبل الدول الغربية ، ولا زالت الدول الغربية تعترف بامتيازات بعضها وتحترم الاتفاقات التي وزَّعت هذه الدول بينها ، والبعض عندنا لا زال يحتفل بأعياد التحرير والاستقلال المزيّف !!

إن ما فعله المجاهدون هو كسر هذا التزييف وهذا التمثيل وجعله واقعاً ليعرف المسلمون حقيقة حالهم ويقوم البعض من رقدته التي فاقت رقدة أهل الكهف ، فينفروا خفافاً وثقالاً ويجاهدوا في سبيل الله لتحرير أنفسهم من ربقة العبودية التي استمرأ بعضهم الحياة فيها : فكرِه العتق وأصر على العيش تحت أرجل النصارى يلعق أحذيتهم مستعذباً تلك النجاسة التي تأنف منها الكلاب ..

إن ما نراه من استعذابٍ للذل والمهانة والدونية بحجّة الحفاظ على المصالح المكتسبة لهو الحمق بعينه ، فأي مكتسبات هذه التي يتغنى بها البعض وأعداء الأمة يقصفون المسلمين أينما شاؤوا وكيفما شاؤوا ومتى شاؤوا وبأي حجّة شاؤوا !! أي مكتسبات هذه والدين مُحارب ، والعرض مُنتهك ، والأموال منهوبة ، والبلاد متخلّفة عليها سلاطين متصهينين أكثر من اليهود !! أي مكتسبات هذه وملايين المسلمين لا يجدون قوت يومهم ولا ملجأ يأويهم ، وبضعة أشخاص في الأمة سرقوا من أموال المسلمين ما يكفي أهل الأرض قاطبة لسنوات !! أي مكتسبات هذه والرجل يقول كلمة يُبدي رأيه فتطير رقبته ، ولا يأمن في بيته فيُنتهك عرضه باسم الحفاظ على الأمن القومي !! أي مكتسبات وآلاف الرجال والعلماء والنساء في سجون الطواغيت بسبب تعكيرهم صفو احتلال النصارى لبلاد المسلمين !!

أما الذكور من أصحاب الخدود الحمراء ، والأيدي الناعمة ، والقلوب الرقيقة ، والدموع الرقراقة ، والأحاسيس المرهفة ، والمشاعر الجيّاشة ، الذين تصدمهم المناظر البشعة المهولة من نحر وقتل وحرق أعداء الملّة ، والذين يُقسمون الأيمان المغلّظة أن هذا ليس من الدين ، فنقول لهم : أديروا وجناتكم الصافية ، وأعرضوا بوجوهكم المليحة عن هذه المناظر القبيحة فهي ليست لكم ، ولستم معنيون بها ، إنما هذا شأن رجال الأمة الأعزة على الكفار ، الغلاظ الأشدّاء ، الذين أقسموا بالمنتقم الجبّار أن يقتصّوا لكل مسلم نُحر وحُرق وقُتل من قِبل أعداء الإسلام جزاء وفاقاً ، وأن يُثخنوا في أعداء الأمة بلا هوادة انتقاماً لأعراض المسلمات : فيقطعوا الأعناق ، ويضروا الرقاب ، ويترصّدوا للأعداء ، ويثخنوا فيهم ، ويشرّدوا بهم مَن خلفهم ..

هذا الجنس الناعم من الشواذ عقلياً في هذه الأمة الذين يريدونها مستضعفة مستكينة ذليلة متمسكنة تتلقى الضربات والطعنات بابتسامات هادئة لطيفة تحكي قصة دينهم "السلمي" "الوسطي" "المعتدل" : ليس المهم عندهم أن يُقتل المسلمون بالمئات والآلاف كل يوم ، ولا أن يُحارب الدين ، ولا أن تُنتهك الحرمات ، المهم أن لا يَظهر المسلمون بغير مظهر "الوسطية" والإعتدال" كي لا يعتقد النصارى في المسلمين غير ذلك ، فهذا أهم شيء عندهم ، وكل شيء في سبيل ذلك يهون : فيُنكرون على المسلمين القصاص ، وينكرون عليهم الجهاد ، والبُغض في الله ، والبراء من الكفار ، ويغيّرون مفاهيم الدين ، ويُبطلون الفرائض ، ويحلّون المحرّمات في سبيل الظهور بمظهر الإعتدال والوسطية البعيدة كل البعد عن التطرّف والإرهاب ، فأي مصيبة حلّت بنا أن وُجد فينا أمثال هؤلاء ، لا كثّر الله في الأمة أمثالهم..

إن ما فعلته "الدولة الإسلامية" قليل جداً في حق أعداء الأمة ، وليس هو الإرهاب الإسلامي المطلوب من الأمة ، فالإرهاب الحق أن يمشي المسلم في أي بقعة على وجه الأرض رافع الرأس يهابه كل من يراه ، ولا يجسر على إهانته أحد لعلمه أن خلفه قوة مرعبة مُرهبة قادرة عازمة على الانتصار له ، هذا هو الإرهاب الشرعي المطلوب من الأمة في كل زمان .. عندما يمشي الأراكاني في بورما ويصفع وجه رهبان البوذية ويحطّم أصنامهم ، ويمشي المسلم في تركستان الشرقية فيسفّه أحلام الصينيين ، ويتبختر المسلم في الهند ويهدم معابد الهندوس فلا يجرؤ أحد أن يحدّ النظر في وجه المسلم خوفاً ورعبا ، عندها نقول بأن الإرهاب الإسلامي تحقق في الأرض ..

الدولة الإسلامية لم تصل بعد إلى درجة الإرهاب المطلوب ، وإنما هي أقرب ما تكون إلى قول الله تعالى {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} (التوبة : 14-15) ، فإثخان الدولة في الأعداء يسر ّكل مؤمن ويغيظ كل كافر ومنافق وأحمق مخذول ، ولا أعلم اليوم من يشف صدور المسلمين ويُذهب غيظ قلوبهم مثل "الدولة الإسلامية" التي تنحر أعداء الله نحراً ، وتحرق من يحرق المسلمين حرقا ، وتُثخن في الروافض والنصيرية والكفار والمرتدين أيما إثخان .. لا نبخس حق بقية الجماعات المجاهدة ، لكن "الدولة الإسلامية" أكثر نكاية في العدو من غيرها هذه الأيام ، فنسأل الله لها العزة والتمكين والنصر المبين ، وأن يجمع بها أو لها كلمة المسلمين..

والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

كتبه
حسين بن محمود
1 جمادى الأولى 1436هـ
عاشقة السماء
عاشقة السماء
إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ

عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  قادمون ياأقصى الأحد فبراير 22, 2015 7:54 am

اللهم لك الحمد عاد الشيخ للكتابه وكعادىته مقال بالصميم يضع النقاط على الحروف حفظه الله

كتب الله اجرك اختنا الفاضله عاشقة السماء
قادمون ياأقصى
قادمون ياأقصى
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 4006
تاريخ التسجيل : 03/03/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  قادمون ياأقصى الأحد فبراير 22, 2015 7:56 am

وقد كتب الشيخ مقال اخر قبل هذا بعنوان (الهبنق!!) :)
قادمون ياأقصى
قادمون ياأقصى
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 4006
تاريخ التسجيل : 03/03/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  فرغلي الأحد فبراير 22, 2015 11:28 am

من هو حسين بن محمود ؟
ياليت قبل نشر أي مقالات تعطونا نبذة تعريفية عن الكاتب أو سيرته الذاتية كي نعلم نقرأ لمن ؟
فرغلي
فرغلي
وقل رب اغفر وارحم وانت خير الراحمين

عدد المساهمات : 1302
تاريخ التسجيل : 01/02/2014

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  قادمون ياأقصى الأحد فبراير 22, 2015 11:59 am

فرغلي كتب:من هو حسين بن محمود ؟
ياليت قبل نشر أي مقالات تعطونا نبذة تعريفية عن الكاتب أو سيرته الذاتية كي نعلم نقرأ لمن ؟



حسين محمود اسم مستعار على ما اظن و يوجد له صفحه خاصة بمنبر التوحيد  ومن عشر سنوات وانا اقراء له مقالات لكن بصراحه اخي الرجل صاحب علم (احساسي انه شخص غير عادي !!)
قادمون ياأقصى
قادمون ياأقصى
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 4006
تاريخ التسجيل : 03/03/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  قادمون ياأقصى الأحد فبراير 22, 2015 12:01 pm

حاولت ان اعرف من يكون هذا الشيخ ولم احصل على الاجابه
قادمون ياأقصى
قادمون ياأقصى
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 4006
تاريخ التسجيل : 03/03/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  عاشقة السماء الإثنين أبريل 20, 2015 2:34 am



بسم الله الرحمن الرحيم

نحن وإيران

كانت إيران "محمد رضا بهلوي" الرافضي العلماني في منتهى التفسخ والإنحلال الخلقي ، وقد عاثت "المزدكية" فساداً في المجتمع الإيراني ، ولولا الإسلام لكان فسّاق أوروبا المعاصرة تلاميذ عند الفرس ، وقد حفظ الله تعالى بقية باقية في هذه الدولة بالإسلام الذي حاربه هذا الرجل بمنعه للحجاب مما أدى إلى ثورات عارمة استغلها "الخميني" الوصولي القابع في فرنسا لينقلب على "بهلوي" ويعلنها "جمهورية إسلامية" ثورية صفّق لها جل العالم الإسلامي بكل حرارة ليكتشفوا بعدها بسنوات أنها عنصرية فارسية طائفية تحارب الإسلام والمسلمين باسم التشيع وحب آل البيت ، ولولا فضل الله على الأمة باندلاع شرارة الجهاد الأفغاني ضد السوفييت في نفس الوقت لاستطاعت الخمينية ابتلاع العالم الإسلامي بشعاراتها الرنانة المرتكزة على الثورة الإسلامية المعادية للغرب والصهيونية !!

وضع الخميني "خطة خمسينية" لتصدير الثورة الرافضية الفارسية إلى العالم الإسلامي ، وعمل على توفير ميزانية ضخمة لتحقيق هدفه في استعادة مجد الإمبراطورية الساسانية ، فأرسل الدعاة إلى آسيا الوسطى وأوربا وأفريقيا وشرق آسيا والدول العربية ، وأنفق مئات الملايين من الدولارات ليحرف الناس عن دينهم إلى دين الرفض المجوسي الصفوي المعادي للإسلام ، فنجح عن طريق التغلغل في الأوساط الصوفية والبدعية ، وعن طريق كل من يخالف أهل السنة ، وعن طريق بعض المسلمين الذين انخدعوا بشعارات ثورته "الإسلامية" البراقة ، وعمل على جذب الكثير من أبناء المسلمين للدراسة في "قم" تحت إشراف ملالي الفرس الحاقدين على الصحابة الذين أسقطوا الامبراطورية الساسانية الفارسية منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة ..

كان انتقام الفرس المجوس من المسلمين ابشع انتقام : حيث حرّفوا دين التوحيد ، ونشروا الشرك والفساد ، وقتلوا أبناء الصحابة باسم حب آل البيت ، أخذوا أخماس أموال المسلمين ، وهتكوا أعراض بناتهم باسم المتعة ، ورغم هذا كله انتشر الرفض بين المغفلين من المسلمين في كثير من البلاد ، وتحقق هدف عبد الله بن سبأ اليهودي في الانتقام من الإسلام ، فاجتمع حقد بني ساسان مع خبث اليهود ، ودان أتباع المذهب الرافضي بالولاء المطلق لإيران ومعمميها الفرس الشعوبيين الحاقدين ليكونوا الطابور الخامس في أي تحرك إيراني مستقبلي ضد الأمة الإسلامية ..

بينما كانت حكوماتنا تنشر بين المسلمين: "وثن الوطنية" ، وسخافة "التعايش السلمي" ، وتفاهة "الحوار المذهبي" ، كانت إيران تغذي في نفوس أتباعها : البغض لكل ما هو سنّي ، والكفر بالكذبة الوطنية ، والاستهزاء بالتعايش السلمي والحوار المذهبي ، مع إعمال التقية في كل هذا ..

استطاعت إيران أن تبني سياجاً حديدياً على مخططاتها المستقبلية ، وبقيت أعمالها طي الكتمان لسنوات طويلة تعمل خلالها على تقوية جيشها ونشر دعاتها واستقطاب الكوادر العلمية من شتى بقاع الأرض ، وقد استفادت إيران من تفتت الإتحاد السوفييتي لتستقطب علماء الذرة المسلمين ومهندسي الصناعات الحربية من الجمهوريات السابقة وتدفع لهم ما يطلبون مقابل تطوير التكنلوجيا الإيرانية ، ومقابل تشيّع بعضهم ، بينما كانت الدول العربية في ذات الوقت تستقطب المومسات الروسيات من هذه الدول ، وتبحث عن تعاون اقتصادي هنا وهناك في مجال السلع الاستهلاكية ، وتحاول استقطاب الأموال الروسية لاعادة تدويرها فيما يسمى "بغسيل الأموال" لتدخل في جيوب المتنفذين عندنا فتزيدها تخمة !!

سقط الإتحاد السوفييتي بفضل الله عز وجل ، ثم بسبب المجاهدين في أفغانستان ، وشارك الرافضة (الهزارة) في الجهاد الأفغاني ، وكان على رأس القادة الروافض "محمد إسماعيل خان" صاحب "هراة" الذي لقي دعماً كبيراً من إيران ، وقد وفد إليه الكثير من الرافضة للقتال في صفه ضد السوفييت ، ثم ضد طالبان ، ولما رجع هؤلاء إلى إيران : استقبلتهم الحكومة الإيرانية استقبال الفاتحين ، وأعطتهم المناصب في الجيش الإيراني ، بعكس ما فعلته الدول العربية بأبناءها المجاهدين الذين أودعتهم السجون بتهمة الإرهاب ، وطاردتهم وشردتهم في البلاد ، وكان على رأس هؤلاء الشيخ المجاهد "أسامة بن لادن" رحمه الله وتقبله في الشهداء ، والذي قال لي في شأنه تاجر صيني في ذلك الوقت : "لو كان أسامة فينا لصنعنا له صنماً ولعبدناه" !!

أهملت إيران الكثير من البنى التحتية لتفرغ لبناء المفاعلات النووية والغواصات ولتطور منظومتها الصاروخية وصناعتها العسكرية ، بينما انشغلت بعض الدول العربية – في نفس الوقت - ببناء ناطحات سحاب يتطاولون فيها ، وإنشاء مسارح وملاعب رياضية ودور سينما وأسواق تجارية ، وبينما كانت إيران تربي أجيالاً من "العلماء" و"طلبة العلم" على نشر مذهبها في شتى بقاع الأرض لتضمن ولاء المخدوعين ، كانت الدول العربية تسجن علماءها وطلبة علمها بدعوى الإرهاب ، ونية قلب أنظمة الحكم ، والفساد ، ونشر الفوضى وغيرها من التهم الفرعونية !! وبينما كانت إيران تدرّب الكتائب في بلادها باسم "القدس" و"فلسطين" وتعمل على كسب ود الفصائل الفلسطينية ، كانت الحكومات العربية توقّع اتفاقات سلام مع يهود ، وتحارب الفصائل الفلسطينية باسم محاربة الإرهاب !!

استطاعت إيران التغلغل في البلاد الإسلامية باستقدام قادة الحركات الشيعية إلى إيران وتمويلهم بسخاء وتدريبهم ، وأرسلت إليهم الكتب والدعاة في بلادهم لتكسب ولاء هذه الحركات ، ثم سلطت عليهم الإذاعات ثم القنوات الفضائية ، فدخلت إيران : لبنان واليمن والمنطقة الشرقية في بلاد الحرمين والبحرين والكويت والإمارات والسودان والجزائر والمغرب وسوريا وفلسطين والعراق وجيبوتي وأريتريا ونيجيريا والسنغال ودول شرق ووسط آسيا وغيرها من البلاد ، واستطاعت تغيير عقائد بعض الفرق المنحرفة إلى العقيدة الرافضية الإثنا عشرية : كالجارودية الزيدية (الحوثية) في اليمن ، والنصيرية في سوريا وتركيا ، والإسماعيلية في أفغانستان ، والصوفية في أفريقيا وآسيا الوسطى وشرق آسيا ، واستطاعت إيران الفارسية مزاحمة العرب على سيادة المذهب الإثنا عشري في العراق : فزرعت فيها الفرس ليكونوا مرجعاً للعرب فيها بعد صراع تاريخي مرير بين جانبي الحدود ، وقد اغتالت إيران بعض المرجعيات العربية العراقية ليخلو لمرجعياتها الفارسية الجو فتحسم مسألة المنافسة على السيادة المذهبية ..

ماذا كان تفعل الدول العربية في هذا الوقت !! لم تأخذ أي دولة عربية على عاتقها مهمة نشر الإسلام في البلاد الإسلامية - وكانت هناك مجهودات فردية مع بعض المساعدات الدعائية من قِبل بعض الحكومات - فتركوا الصوفية والمذاهب البدعية تنخر في جسد الأمة ليتغلغل الغول الرافضي الصفوي في أوساط المجتمعات الإسلامية ، ولعل أكثر باب يستسيغ المذهب الرافضي هو باب التصوّف الغالي الذي استغله الرافضة منذ القدم لإفساد عقائد المسلمين ، فالصوفية الغالية شقيقة الرفض المجوسي ، ولا يحتاج غلاة الصوفية للدخول في المذهب الرافضي إلا طبطبة على الظهر .. وبينما كانت إيران تفعل كل هذا : كانت حكومات الدول العربية تحارب الكتاب والشريط الإسلامي ، وتحارب الدعاة ، ثم عملت على إنشاء قنوات إعلامية ماجنة لتفسد الشباب ، ثم قنوات فضائية سلمت إدارتها للنصارى الموارنة والدروز اللبنانيين والرافضة والعلمانيين وكل من يحارب الدين ..

بعد أن كسبت إيران ولاء كثير من أبناء الدول الإسلامية : عملت على تدريب هؤلاء الشباب تدريباً عسكرياً ، فكانت تستقطب الموجات الشبابية السياحية من دول الخليج والدول العربية لتدريبهم في داخل إيران أو في اليمن وفي الجزر الأريترية في البحر الأحمر وفي سوريا ولبنان وأفغانستان وباكستان ، في الوقت الذي كانت الدول العربية تمنع أبنائها من مجرد لمس السلاح ، وتسجن كل من تشك أنه تدرب على السلاح خارج نطاق الجيش النظامي بعد أن تم تفريغه من كل ما يمت للإسلام بصلة وتربيته على الطاعة المطلقة للحاكم لتصبح هذه الحيوش نقمة على شعوبها تحرس الدكتاتوريات القمعية في بلادنا ، وقد كانت السجون – ولا زالت – مصير كل شاب عربي مسلم شارك في الجهاد الأفغاني أو البوسني أو الشيشاني أو العراقي أو الشامي أو غيرها من الثغور التي هي مصانع الرجال الذين تفاخر بهم الأمم الجادة ..

عملت إيران على دعم العلماء الذين يحسنون استقطاب الجموع للمذهب الرافضي وزرع روح العصبية المذهبية وجمع الأتباع حولهم ، فبذلت جميع الإمكانات في سبيل خلق جيل متعصّب للمذهب ، موالٍ لملالي "قم" حتى النخاع ، بعكس الدول العربية التي تحارب أي عالم يستقطب الشباب للإسلام ويصبح له أنصار وأتباع ، فإيران تغدق الأموال والمناصب والامتيازات على هؤلاء العلماء ، بينما عندنا يكون مصيرهم السجن أو التضييق - أو القتل في بعض الأحيان - لقلة ثقة الحكومات بنفسها ، ولخوفها من التجمعات الإسلامية وشهرة العلماء ، ولا زالت هذه الحكومات تحارب كل عالم يحصل له بعض القبول عند العامة ، فتسلط عليه إعلامها الفاسد والمفسدون من الوسط العلمي كالجامية وغلاة الصوفية وغيرهم ..

استطاعت إيران استثارة الأقليات الرافضية في البلاد الإسلامية لزعزعة أمنها واستقرارها ، وهذا ما حصل في اليمن والعراق ولبنان والبحرين والمنطقة الشرقية من جزيرة العرب وأفغانستان وباكستان ، ولإيران خلايا نائمة كثيرة في أكثر البلاد الإسلامية ينتظرون ساعة الصفر ، وقد استيقضت بعض هذه البلاد مؤخراً فقامت بمحاربة هذه الخلايا والبحث عنها وطردها من البلاد ، وفي المقابل هناك أقليات كثيرة في إيران من العرب والبلوش والتركمان والفرس السنة الذين لا يستغلهم أعداء إيران لزعزعة أمنها ، ولو أن هذه الدول أنفقت ربع عشر ما تنفقه على الكماليات والحفلات الماجنة والرياضة التافهة ، لو أنفقت هذه الأموال في كسب ود هذه الأقليات في إيران لاستطاعت خلق مشاكل لا قبل للحكومة الصفوية بها ، ولكن القوم في سباتهم المقيت ، والإيرانيون يعملون ..

لو أحصينا عدد الشباب العامل المخلص المتعطش لنهضة أمته في السجون العربية لوجدناهم بعشرات الآلاف ، بينما ليس في سجون إيران أي إنسان يريد الرفعة الحقة والسيادة للمذهب الرافضي ، فإيران تسجن وتقتل كل من يخالف مذهبها الرافضي أو يخالف خطة التوسع الفارسي ، بينما في الدول العربية يسجنون ويقتلون الدعاة إلى الدين الإسلامي ، فالفرق بيننا وبين إيران : هو إخلاص الحكومة الإيرانية للمبدأ التوسعي للمذهب الرافضي الضامن للولاء المؤدي إلى استعادة المجد الساساني الفارسي ، بينما دولنا العربية مشغولة بقمع كل مخلص لدينه وأمته يريد استعادة مجدها الإسلامي ..

إيران يحكمها "رجال دين" يتحكمون في الحكومات ، بينما حكوماتنا يتحكمون في "علماءنا" ويحاولون إفسادهم ويضيقون عليهم !! الشعب الإيراني هو من يختار حكومته التي يجب أن تجتاز اختبار الإخلاص للمذهب على أيدي الملالي ، بينما في بلادنا العربية يُفرَض الحاكم على الشعوب من قبل الغرب الصليبي ، ويُشترط للحاكم أن يكون معادياً للدين ، ولو حصلت انتخابات في دولة عربية – لا قدّر الله – ونجح من فيه "مسحة إسلام" فإن أعداء الدين فيها يضربون النواقيس ويستنجدون بالدول الغربية التي تتدخل بسرعة البرق لتصحيح المسار "الديمقراطي" بانقلاب عسكري (كما حدث في الجزائر ومصر) أو بحصار اقتصادي وسياسي (كما حصل في غزة والسودان) أو بمكر ومؤامرات (كما يحصل في تركيا وحصل في تونس) ، فالديمقراطية مكفولة للشعوب العربية والإسلامية طالما اختارت المرشح الغربي المعادي للدين والذي يحقق مصالح الدول الغربية ويحافظ على أمن واستقرار اليهود في فلسطين ، ومن ظن أن الديمقراطية في بلادنا تعني أي شيء آخر غير هذا فليعرض نفسه على طبيب بيطري ..

الشعب الفارسي الإيراني الرافضي ليس متديّناً كما يعتقد البعض ، فلا زال هذا العنصر الإيراني تحت التأثير "البهلوي" العلماني "المزدكي" المتفسّخ المنحل أخلاقياً ، وهؤلاء هم أغلبية الفرس الرافضة في إيران الذين تنتشر بينهم المخدرات والخمور والزنا بشكل جنوني ، والعناصر الأقرب للتدين في إيران هم أهل السنة من الفرس والبلوش والتركمان وسنة عرب الأهواز ، فهؤلاء أقرب إلى التديّن من العنصر الفارسي الرافضي ، ولذلك تبحث الحكومة الإيرانية عن موالين في دول أخرى لعلمها بعدم جدوى التعويل على العنصر الفارسي الرافضي في بلادها الذي سئم حكم الملالي ، بعكس الدول العربية التي فيها نسبة التديّن كبيرة في شعوبها ، وبعكس إيران فإن هذه الدول تحارب شعوبها المتدينة وتستجلب عناصر من الخارج لإفساد شعوبها أخلاقياً ودينياً لتخرّب بيوتها بأيديها !!

استطاعت إيران توظيف المذهب والعاطفة لصالحها بإعلان التمسك بالمذهب الرافضي ، وإظهار معاداة الغرب الصليبي والصهيونية العالمية ، فتأثر بهذه الدعوى الكثير من أبناء المسلمين ، وقضية "الشيطان الأكبر الأمريكي" وعداوته لا يجهلها أحد ، وفي المقابل : كانت الدول العربية تتجه إلى محاربة التمسك بالقيم الإسلامية ، وتسارع برمي نفسها في أحضان الغرب الصليبي ، وتحاول بناء علاقات سلمية مع العدو الصهيوني ، وأصبحت أمريكا هي "الحليف الأكبر" للدول العربية التي خسرت بهذه السياسات تعاطف الشعوب ..

رغم أن الطائرات الأمريكية والصهيونية تحلق جنباً إلى جنب مع الطائرات الإيرانية لتقصف المدن العراقية والسورية ، ورغم أن حلفاء إيران في العراق يستنجدون كل مرة بالطيران الأمريكي ليقصف خطوط المجاهدين الأمامية ، ورغم وجود مؤسسات أبحاث إيرانية في واشنطن لها علاقات وطيدة بأعضاء الحكومة الأمريكية ، والتي استطاعت إقناعها بضرورة التحالف مع "الشيعة" ضد "الوهابية الإرهابية السنية" ، ورغم وجود عشرات المعابد اليهودية والكنائس في طهران وأصفهان ، وكون أكثر الجيش الصهيوني في فلسطين من يهود إيران الذين تعتبرهم إيران مهاجريين إيرانيين ، ورغم كون وزير الدفاع الصهيوني إيراني له علاقات وطيدة بملالي قم وطهران ، ورغم أن كثير من أعضاء جماعات الضغط اليهودية في واشنطن هم من أبناء الجالية الإيرانية اليهودية التي لا تزال لها ارتباطات وثيقة بحكومة طهران ، ورغم وجود عشرات المعابد اليهودية في طهران وأصفهان ، رغم كله هذا : لا زالت إيران والرافضة في العراق وسوريا ولبنان يضربون على وتر "الشيطان الأكبر" الأمريكي والعداء للصهيونية حتى آخر رمق ..

ليس هذا غريباً : فإذا نضب معين العداء المعلن للأمريكان والصهيونية لدى عوام الرافضة فإن هناك شيطان أكبر بديل للأمريكان اسمه "الوهابية" ، فيصبح الشيطان الأكبر الأصلي - وبكل بساطة - حليفاً لآل البيت ضد "الشيطان الأكبر" الجديد ، فلا بأس عند ملالي طهران أن يكون الولاء لآل بيت النبوة وآل البيت الأبيض في نفس الوقت ، وهذه الحقيقة بدأت تظهر أخيراً للمغيَّبين ، وما أسهل اقناع عوام الرافضة بالعدول عن عداوة أمريكا إلى "الوهابية" : فأناس يتعبدون الله بهتك عرض بناتهم وزوجاتهم وأخواتهم وأمهاتهم وتسليمهن للمتعة الجنسية مع بذل الخمس لمن يهتك أعراضهن لا يصعب إقناعهم بأي شيء دون ذلك ..

لا يخفى على الناظر في مجريات الأحداث : حقيقة التوجه الأمريكي في المنطقة ، فأمريكا تريد الضغط على الجانبين السني والرافضي وابتزازهما معاً ، وتريد إيصال الأمور إلى خط اللارجعة لتضمن حرباً ضروساً تأكل الأخضر واليابس في المنطقةكما حاولت ابان الحرب العراقية الإيرانية عندما كانت تبيع الأسلحة للجانبين ، واللوم في كل هذا يقع على أهل السنة الذين يمثلون (95%) من المسلمين ولكنهم غثاء كغثاء السيل بسبب هذه الحكومات التي تلاعبت بمستقبلها ، واستأثرت بمقدراتها ، وحاربت دينها ، في الوقت الذي كانت فيه إيران تخطط للمستقبل ، وتنفق الأموال على تنفيذ مخططات توسعية ، وتنصر المذهب الرافضي لتحقيق هذا التوسع الفارسي الساساني ..

لا يقع اللوم على الحكومات فقط ، فالشعوب الإسلامية لم تكن على مستوى الوعي الفكري والسياسي بما يسمح لها مواجهة المخطط الفارسي ، فإيران استطاعت جمع خليط غير متجانس من مذاهب وفرق متناحرة مكفِّرة لبعضها البعض ومختلفة اختلافاً جوهرياً (كالنصيرية والإسماعيلية وغلاة الصوفية والقاديانية والبهائية وغيرها) لتصب جهودها في محاربة عدو واحد اسمه "الوهابية" السلفية الإرهابية الناصبية المتنطعة المتخلفة المبدّلة للدين المعادية لآل بيت النبوة ، بينما الجماعات الإسلامية المتّفقة على أكثر الأصول الشرعية : عملت على تعميق الخلافات فيما بينها ، وتسفيه بعضها البعض ، وتشتيت قواها ، وأججت نار التناحر فيما بينها حتى وصل الأمر إلى تكفير بعضها البعض واستحلال دماء بعضها في وقت يقف العدو الرافضي المجوسي متفرجاً على هذا الغباء "السنّي" المستحكم في قادة هذه الجماعات ، وقد رأينا "حسن نصر اللات" يخرج في الفضائيات ساخراً من الجماعات السورية المتقاتلة فيما بينها ليثبت للعالم بأن العقل "الرافضي" الذي قال عنه سلفنا بأنه "أغبى عقل على وجه البسيطة" هو أعقل من عقول هؤلاء المتناحرين المتقاتلين لأدنى سبب !!

استطاعت إيران توظيف كل شي لصالحها ، حتى أنها استطاعت إقناع "الشيطان الأكبر" بتسليمها العراق وسوريا وشرق جزيرة العرب وجنوبه مقابل ضمان المصالح الأمريكية ومحاربة "التطرّف" والإرهاب "الوهّابي" السنّي ، بينما أهل السنة لا زالوا في جدالهم الفقهي ، واختلافهم الحزبي ، ولا زالت جماعاتهم "الإسلامية" المختلفة – التي تتفق على أكثر الأصول – تزداد اختلافاً وتشرذماً وتفرقاً ، مع علمها ويقينها بأن العدو واحد ، والمصير واحد ، ولكنهم اختلفوا في الوسائل وبعض الإجتهادات فأصبحوا يوالون عليها ويعادون عليها ويسفكون الدماء من أجلها في موقف يذكرنا : بالنهاية المأساوية للدولة العباسية على أيدي المغول ، وبسقوط الأندلس في عهد دول الطوائف المتناحرة ، وبسقوط الهند لنفس الأسباب !!

إيران دولة متفككة ضعيفة هلامية فارغة غارقة في مشاكلها الإقتصادية والسياسية والاجتماعية ، ولكنها تظهر بمظهر القوي المكين الممتلئ بالفخر التأريخي ، والمعتز بالإنتماء المذهبي ، والقادر على تخطي جميع العقبات ، والثابت في جميع الأحوال ، بينما دولنا العربية مكشوفة مباحة لكل عدو يتربص بها ، ورغم أن بعض دولنا غنية وليس لديها مشاكل داخلية إلا أنها تهدر هذه الأموال وتستجلب المشاكل من الداخل والخارج وكأن الملل أصاب حكامها - بسبب الترف والاستقرار النسبي - فأخذوا يبحثون عن الإثارة في استعداء شعوب هذه البلاد ، وحكومات وشعوب وجماعات البلاد الأخرى !!

نحن في عالَم سريع التغيّر ، لا مكان للمتخلف فيه .. وفي عالَم التكتلات ، فلا مكان للمنفرد فيه .. نحن في عالم الوحدة على تحقيق المصالح المشتركة ، فلا مكان للمتناحرين فيما بينهم فيه .. نحن في عالم السياسة والإعلام والاقتصاد ، لا مكان للمتأخرين فيه .. نحن في عالم سريع التقلّب ، لا مكان للمتباطئين فيه .. نحن في عالم الوعي الفكري ، لا مكان للجهّال فيه .. نحن في عالم القوة ، لا مكان للضعفاء فيه .. نحن في عالم الحروب ، لا مكان للمتثاقلين الخوالف "السلميين" فيه .. نحن في عالم العودة إلى العقيدة ، لا مكان للخاوين فيه .. نحن في عالم الله يورثه من يشاء من عباده ، والعاقبة للمتقين فيه ..

الصراع بيننا وبين إيران صراع سياسي اقتصادي عسكري تأريخي ، ولكنه في نفس الوقت صراع عقدي بالدرجة الأولى : صراع بين عقيدة الإسلام الفاتح الكاسر للإمبراطورية الساسانية الفارسية المجوسية ، وبين عقيدة الشعوبية الفارسية المجوسية المغلّفة بالمذهب الرافضي الإثنا عشري الإنتهازي الوصولي الحاقد على الصحابة الفاتحين .. صراع بين القرآن المنزّل على الرسول الكريم ، وبين مصحف "فاطمة" الذي لم - ولن - يره أحد .. صراع بين مجددي هذه الأمة من العلماء الربانيين والمجاهدين واتباعهم ، وبين اتباع المهدي المسردب الذي لا وجود له .. صراع بين الخلافة الإسلامية الموعودة ، والإمبراطورية الفارسية المنشودة .. صراع على عقول وقلوب المسلمين : بين الدين الحق ، والوهم الرافضي الباطل .. صراع بين قوى الشر المتحالفة مع الشيطان الأكبر الغربي والدب الأحمر الشرقي لكسر شوكة المسلمين ، وبين شعوب مسلمة أخذت على عاتقها نصرة الدين .. صراع بين فارس الساسانية الزرادشتية المزدكية الموتورة المغلّفة بالمذهب الرافضي ، وبين أتباع النبي الأميّ العربي الموعود – وأمته – بالظهور على الدين كله وعلى سائر أمم الأرض ..

نحن نؤمن بأنه "إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده" (البخاري) ، ولكن الحديث لم يخبرنا شيئاً عن "الصفوية" التي كانت من أعظم أسباب سقوط الخلافة العثمانية ووقف فتوحاتها ، ولم يخبرنا الحديث عن "الخمينية" الطالبة للثأر الساساني الكسروي باسم المذهب الرافضي الذي أسسه ابن السوداء عبد الله بن سبأ اليهودي ، لن ترجع الكسروية المجوسية الصرفة - وإن كانت هناك معابد للنار لا زالت موجودة في إيران ومفتوحة لمعتنقيها - لكن الذي قد ينتج من هذه الموجة الإيرانية الخمينية هو امبراطورية ظاهرها الرفض وباطنها الكفر المحض – كما كانت الدولة العبيدية - تستحل الحرمين ، كما فعل أجدادهم القرامطة ..

إنهم يخادعون الله والذين آمنوا بمذهبيتهم ليُعيدوا كسرويتهم التي أعلن مسؤولهم بأن عاصمتها بغداد ، لكن الكسروية لن تعود ، وما يمكن أن يعود هو الصفوية القرمطية العبيدية بثياب الخمينية الرافضية الإثنا عشرية بدعم اليهود والنصارى لتتحقق النبوءة المعصومة بتداعي الأمم علينا كما تداعى الأكلة إلى قصعتها بسبب حبنا للدنيا وكراهيتنا للموت ، وليس في الأمة من يقف في وجه هذا التداعي إلا من لا ينطبق عليه الوصف من المجاهدين الذين يحبون الموت ويبغضون الدنيا التي صارت لكل لكع بن لكع ..

ملالي إيران سرقوا ثروة الشعب الإيراني ليُنفقوا بعضه على التمدد الرافضي الخميني ، وعلى تقوية بلادهم عسكرياً ، بينما حكام بلاد العرب سرقوا أموال الشعوب وأودعوها بنوك سويسرا في حسابات خاصة لينفقوها على ملذاتهم وشهواتهم تاركين بلاد المسلمين عرضة لكل ناهش متربّص .. الشعب الإيراني الفارسي الرافضي في جملته يريد الحرية المؤدية إلى الإنحلال الخلقي والانفلات عن الدين بعيداً عن وصاية الملالي ، والشعوب العربية في جملتها تريد الحرية المتمثلة في العودة إلى دينها وتحكيم شرع ربها بعيداً عن قمع حكوماتها ، فهناك فرق كبير بين الشعبين وبين الحكومتين ، وبين هذه الشعوب وتلك ، وبين هذه الحكومات وتلك : تقف الجاعات الإسلامية عاجزة عن تحقيق آمال المسلمين لما نخر فيها من داء الفرقة والتنازع والتحزب والتشاحن والتباغض والطعن واللعن والهمز واللمز والتكفير والتفصيق والتبديع والتخوين والإستهزاء والسخرية والتربص والاستخفاف والفحش والبذاءة ، وكأن القدر يُخبرنا بأن التغيير الموعود ليس هو المشهود اليوم ، وأن هذا الجيل لا زال في طور التكوين ، أو هو في مرحلة الانتقال أو الإستبدال بجيل أكثر وعياً وفهماً وإدراكاً للحقائق الشرعية والسنن الكونية ..

من أغرب السياسات التي عرفتها البشرية : سياسة بعض الجماعات الإسلامية في محاربة أعداء الأمة : فهذه الجماعات تعمد إلى عدو متفرق مختلف متناحر لتقاتله ككتلة واحدة ، وتستعديه جملة واحدة ، معرضة عن العمل على زيادة تفريقه وإضعافه في مخالفة لأبسط أبجديات الصراع السياسي ، وفي المقابل : تعمل هذه الجماعات على محاربة من هو قريب منها وتستطيع احتواءه أو العمل معه بأقل جهد ، وتعلن المفاصلة ، وتنشر مكامن الخلاف معها على الملأ لتُرشد أعداءها إلى كيفية التغلغل بين صفوفها وتمزيقها ، فهذه بحق : معجزة في الغباء السياسي قلما تتكرر في التأريخ !!

لا يكمل الحديث عنا وعن إيران وسياساتها اليوم بغير ذكر "عاصفة الحزم" التي أظهرت مكامن الخلل في أمتنا الإسلامية ، فالدول المتحالفة متخالفة فيما بينها ، واستطاعت إيران تحريك أتباعها في باكستان - الذين عملت لسنوات طويلة على كسب ولائهم ، في الوقت الذي كان مسؤولينا يذهبون لباكستان للصيد و"الترفيه" - لتستصدر قراراً برلمانياً لصالحها ، وقد ظهرت الخلافات بين دول الجوار في التحالف لاختلاف اجنداتها .. لا يمكن أن يكون عملاً عربياً مشتكراً مثمراً وعلى مصر ابن يهودية يعمل لصالح أخواله ويطمع في أكياس الرز الخليجية ويبتز من أجلها هذه الحكومات ، ولا يمكن أن يكون إنجازاً حقيقياً دون الاعتماد على أبناء البلاد المتحالفة الذين يبغضون حكوماتهم بسبب ظلمها وقمعها لهم وسلبها حرياتهم واغتصابها أموالهم ومحاربتها لدينهم ، ولا يمكن أن يكون عملاً إسلامياً مثمراً وتركيا وباكستان علمانيتان ، ومصر والجزائر وتونس والمغرب يحاربون للدين ، وإيران رافضية ، والشام يحكمها نصيرية ، والاردن في قبضة ماسوني ابن انجليزية ، وفلسطين لا زالت محتلة ، والصومال تحت وصاية الأثيوبيين ، وجنوب السودان في قبضة الصليبيين ، والعراق بيد الرافضة ، فأي عمل إسلامي يعتمد على هذا الواقع المرير لا يمكن أن يكون له قيمة ..

إن حقيقة إيران تتجلى في اليمن : فالرافضة لا يعدو نسبتهم في الأمة الإسلامية (5%) ، وكذلك الحوثيون في اليمن نسبتهم ضئيلة جداً مقارنة بأهل اليمن ، ولكن الحوثيون وجدوا من يساندهم ويقويهم ويعينهم على احتلال المدن اليمنية ، فكان "علي صالح" هو الغادر بأهل اليمن على حين غفلة منهم ، فكذلك إيران لا تستطيع مواجهة الأمة الإسلامية إلا بدعم خارجي وخيانات داخلية ، فالصليبيون واليهود دعموا الرافضة في إيران على مر التأريخ ، ونحن نرى هذا جلياً في العراق حيث الطائرات الأمريكية تقصف المجاهدين بجنون كلما تقدموا ليُعلن الرافض بعدها انتصارهم المجيد على السنّة بفضل طلبهم المدد من آل البيت الذي لا يصرحون بأنه في واشنطن !!

لا بد للرافضة من خونة وأعوان في الداخل تجمعهم مصالح إقتصادية أو سياسية أو حتى انتقامية : كما هو الحال اليوم في مصر ، وحكومات بعض الدول العربية الحاقدة على الإسلام والخائفة من الجماعات الإسلامية ، ومع بعض غلاة الصوفية الحاقدين على أهل السنة ، فالطائرات التي تقصف المجاهدين في العراق وسوريا ليست كلها أمريكية ، وقصف هذه الطائرات يصب في المصلحة الإيرانية بالدرجة الأولى ، فحال إيران الرافضية هو حال اليهود الذين قال الله تعالى في شانهم {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (آل عمران : 112) فلولا حبل "علي صالح" وبعض الخونة في اليمن وخارجها ، وحبل أمريكا والدول العربية والخونة في العراق وسوريا : ما كان الحال كما هو عليه اليوم ، فإيران الفارسية المجوسية ذليلة حقيرة إلا أن يمد لها أحد يد العون فتستقوي به ، وكلنا يرى ما يفعل المجاهدون بالرافضة في العراق إذا اغبرّت الدنيا أو كان ضباب أو سحاب يحيّد الطيران الصليبي والمرتد ..

لقد أرشدنا الله تعالى إلى كيفية تغيير واقعنا بوسيلة لا سبيل للتغيير بغيرها ، ولا يمكن أن يتغير الواقع الإسلامي إلا بما قرره الله تعالى في كتابه ، فسنّة التدافع التي بينها الله تعالى والتي فرَض الجهاد لقيامها هي السنة الشرعية الوحيدة التي تستطيع تغيير الواقع الكوني ، فلا يمكن تغيير واقع الأمة إلا بالجهاد في سبيل الله ، ويجب أن تشترك الأمة كلها في هذا الجهاد بالسيف والسنان ، وبالحجة والبيان ، ويخطئ من يظن أن جماعة بعينها أو فئة تستطيع تغيير الواقع دون إشراك الأمة في أمرها ، فهذا التدافع ليس معركة قتالية فقط ، وإن كان القتال هو السياج الأكثر أهمية لحماية حصن الأمة من الخارج ، ولكن الدفع يكون بكل الوسائل لكل الأخطار ، ومن جميع أفراد الأمة ، كلٌّ بحسب قدرته ومن مكانه ، وسيبقى النصر محدوداً ما لم تشترك الأمة في المعركة ، وقد علمنا التأريخ بأن اشتراك أي أمة في معركتها المصيرية الوجودية يكون بعد ثبات قلة منها على المبدأ ، ومع بداية تحقيق بعض الإنتصارات على يد هذه الثلة المؤمنة المخلصة الحكيمة : ينبعث الأمل في قلوب الجموع لتبدأ بالتحرّك ، فالأمم حركتها في البداية بطيئة ، لكنها إذا تحركت كانت كالسيل الجارف ، فأي جماعة تريد تحقيق نصر حقيقي ينبغي لها أن تستقطب جموع الأمة بزرع الأمل في قولبها فتجعلها وقوداً لمعركتها ..

لقد حاولت إيران كسب أكبر عدد ممكن من الأتباع من شتى بقاع الأرض لتحقيق مآربها ، فملالي الفرس عرفوا حقيقة تدافع الأمم ، وعملوا على دعوة الجموع للانضمام تحت راية "المذهبية" الظاهرة لتحقيق مطامع شعوبية باطنية ، فكان العرب والأفارقة والهنود والأفغان والباكستانيين الرافضة وقود معركتها ضد الإسلام ، والناظر إلى سوريا يرى هذه الحقيقة جلية ، أما حكامنا فقد جعلوها قومية وطنية تلغي الروابط الدينية وتشتت قوى الأمة !!

بفضل الله تعالى نبتت نابتة في الأمة تقاتل من أجل كسر هذه النظريات لترجعها اسلامية خالصة ، وتجلّت هذه النبتة في إلغاء الحدود بين العراق والشام على يد "الدولة الإسلامية" مما حدى بأعداء الأمة إعلان النفير العام لمحاربة هذه النبتة التي سقاها كبار رجالات الأمة بدمائهم وأظلوها بعقولهم ودعواتهم ، فهذا العمل نتاج جهود طويلة مضنية لعلماء ودعاة ومربين ومجاهدين لسنوات طويلة ، ولا زال المشوار طويل ، ولا زالت الأمة بحاجة إلى وعي أعمق ، وجهد أكبر ، ولا زال المجاهدون بحاجة إلى معرفة حقيقة الصراع وحاجة الأمة إلى التراصّ والتصافّ ونبذ الفرقة والخلاف حتى تؤتي الثمرة أكلها وتغلظ النبتة فتستوي على سوقها لتعجب الزراع وتغيظ الكفار ويكون على يدها ظهور دين الحق على الدين كله


والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

كتبه
حسين بن محمود
26 جمادى الآخرة 1436هـ

عاشقة السماء
عاشقة السماء
إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ

عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  ملحمه الإثنين أبريل 20, 2015 9:32 am

ابن صادق الوعد كتب:بسم الله الرحمن الرحيم

أختي الكريمة "عاشقة السماء" ، أنت عاطفية وتغتري بالشعارات الرنانة. رؤيتك سطحية ومن السهل التلاعب بمن هو كذلك. أختي الكريمة ، من هذا الذي سمى نفسه حسين بن محمود؟ رؤيته مكررة سامجة مللنا منها طوال ربع قرن. هذا وأمثاله يظهر بثوب الناصح وهو في الحقيقة من المخذلين علم ذلك أم لم يعلم. هذه الأسطوانة المشروخة كنا ولا زلنا نسمعها. بل قرأنا أن هناك من يحلم بإقامة خلافة إسلامية منذ ما يقارب المئة سنة. ولا بأس ، فالخلافة الإسلامية مطلب كل مسلم ، ولكن مئة سنة ربما أنها قد أظهرت سوء منهج تلك العقليات المريضة. هذا يمارس جلد الذات ويقر بفساد الأمة ، ومن المؤكد أنه من الأمة ولابد إذا أن يكون من أول المفسدين إلا إن يزكي نفسه!!!

لا مكان له ولأمثاله في هذه الفترة. فقد ولى زمانهم وأتوا في زمن يغلي ، في زمن ظهر الناس على حقيقتهم وسقطت الأقنعة. إن من ثار على الظلم من المسلمين في الشام هم من أصدق المجاهدين الآن في الشام. هم من ذاقوا الهوان ، ولن يكون تنظيم لا يعرف منهجه ولا من يقوده ولا من أين أتى أن يكون أكثر إخلاصا منهم. فحري بتنظيمه أن يبقى في العراق حتى يخرج الرافضة منه. فأهل الشام ليسوا بحاجتهم فلقد أغناهم الله. ومن كان يظن أن تنظيم العراق والشام ومن شابههم أنهم أصحاب الخلافة فهو واهم. فأصحاب الخلافة هم الذين يقضون على حكم الرافضة في إيران وليسوا هم الذين ظهروا خلفا لحزب البعث. أصحاب الخلافة هم الذين يصدون طغاة الشام عندما يدرك هؤلاء الطغاة ذهاب السلطة من يد أمثالهم. أصحاب الخلافة ليسوا هم الذين يقتلون المسلمين قتلا لم يقتله قوم كما فعل أبو مسلم الخراساني من قبل وكما يفعل من شابهه اليوم. أصحاب الخلافة هم الذين ينصرون الله ورسوله ، وأرجو أن أرى بوادرهم مع نهاية هذا العام ومع مطلع العام الهجري القادم وأسأل الله أن يقر أعيننا ويرينا زوال الرافضة قريبا.

عذرا أخي حسين بن محمود ، فلقد ولى زمانك.

كتبه ابن صادق الوعد في السبت 1435/10/06 هجري

ماشاء الله تبارك الله

هل انا في حلم ام علم ؟!!!

الله يكثر من امثالك اخي ويزيدك علما وبصيره
ملحمه
ملحمه
موقوووووووف

عدد المساهمات : 2384
تاريخ التسجيل : 25/07/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  عاشقة السماء الخميس يونيو 25, 2015 3:46 am

بسم الله الرحمن الرحيم

جنرال الإرهاب الإسلامي

يقال بأن الإرهاب وليد الظلم والاستبداد ، وأنه ردة فعل لما يصيب الإنسان من قهر ، والبعض يحيل هذا الفعل إلى عوامل نفسية في طبيعة الإنسان تخرجه من ميزان الإعتدال إلى التطرّف في لحظات ومواقف معيّنة ، وهذا كله لا قيمة له من الناحية السياسية أو الشرعية ، فالسياسة تقتضي نوعاً من الإرهاب ، والشرع أقرّ الإرهاب وحضّ عليه ، فالإرهاب عملية مكتسبة تقتضيها الظروف لا دخل لها بالعوامل النفسية وردات الأفعال ، والإرهاب بمعناه اللغوي يحوم حول التخويف وبث الرعب ، ولهذا أسباب كثيرة مشروعة وغير مشروعة ، فإرهاب العدو وتخويفه أمر محمود مشروع ، وإرهاب المسلمين الآمنين وتخويفهم مذموم ومحرّم ، فالإرهاب أداة سياسية وشرعية لتحقيق مصالح أو درء مفاسد ..

كل أمة تفخر بإرهابييها وتنظر إليهم نظرة إجلال وإكبار ، فكل من يقمع الأعداء ويخيفهم ويثخن فيهم يكون محموداً في أمته وإن كان مبغوضاً مكروهاً في الأمم الأخرى .. رجل كجنكيز خان أرهب العالم كله وارتكب مجازر يندى لها الجبين يُعدّ من الشخصيات المرعبة في نظر كثير من الأمم ، ولكنه في قومه شبه إله ، بل إبن إله .. الدولة الرومانية التي استعبدت أكثر شعوب الأرض وقتلت ملايين البشر يعدها الغرب مهد حضارتهم وما زالوا يتغنون بأسماء قادتها .. أمريكا التي قتلت أكثر من مائة مليون أفريقي ومئات الملايين من سكان قارتها الأصليين وأبادت أمم بأكملها لا ترى أي غضاضة في كل هذا لأنها تعتقد أنها دفعت ثمن بناء حضارة حملت شعلة الديمقراطية للعالم ، ولما سُئلت وزيرة الخارجية الأمريكية "مادلين أولبرايت" عن نصف مليون طفل عراقي قتلهم الجيش الأمريكي قالت : "هذا رقم مقبول" ، فهي تنظر بعين المصلحة الأمريكية – الصهيونية كونها يهودية في المقام الأوّل تريد تأجيل خراب الدولة اليهودية على أيديد العراقيين بقتل أكبر عدد منهم ، والدول الغربية والشرقية ما صنعت هذه القنابل الفتاكة إلا لإرهاب أعداءها ..

يحتاج الإرهاب إلى نوع خاص من البشر ، نوع يؤمن بقضية إيماناً راسخاً ، ويعلم حقيقة النفس البشرية ، وطبيعة الجماعات ، ويزن بميزان المصلحة لا العاطفة ، فالقتل المجرّد ليس إرهاباً ما لم يؤدي غرض التخويف ويحقق أهدافاً معينة ، فبعض الجماعات تُستثار بالقتل ولا تستسلم للخوف ، وبعضها تستسلم للإحسان أكثر من الإرهاب ، وبعضها متضلّعة في اللؤم لا تُحكم إلا بالإرهاب : كاليهود ، والرافضة ، والمجوس والعلمانيين وأمثالهم ، فهؤلاء لا يُحكمون إلا بالقوة ، ومتى رُفع عنهم سيف الإرهاب : مكروا وغدروا ..

مَن قلّب التأريخ الإسلامي يجد في صفحاته إرهابياً يُشير إليه الإرهابيون بالبنان ، ويقرّون له بالسيادة ويستسلمون بالإذعان : إنه سيف الله أبي سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي العدناني - رضي الله عنه وأرضاه - مدمّر جيوش الردّة والمجوس والرومان ، هذا الصحابي الجليل بحق "جنرال" الإرهاب الإسلامي بلا منازع (ان استثنينا المنصور بالرعب مسيرة شهر ، صلى الله عليه وسلم) ، فخالد كان استاذاً في فن الإرهاب لا يجارى ولا يُبارى ولا يُنازع ، وجولة سريعة في حياة هذا العبقري الفذّ تعطينا صورة جليّة لشخصية فريدة قلما تتكرر في حياة الأمم ..

لم يكن خالداً من أصحاب الضغوطات النفسية ولا ضحية البؤس الإجتماعي ، بل كان ابن الوليد بن المغيرة عظيم قريش وسيّد من ساداتها الذي بلغ من الجاه أن يكسو الكعبة عاماً وتكسوه قريشٌ كلها عاما ، فخالد نشأ في بيئة بذخ وترف وسؤدد لم يعرف الفقر ولا الجوع والضنك .. نشأ خالد فارساً مقاتلاً شجاعاً قوي البنية حاد الذكاء عاقلاً هادئ الطبع رابط الجأش متواضع رغم منزلته الإجتماعية بين العرب ، فكان في شبابه قائداً لأعنّة خيل قريش - مع وجود الصناديد والشيوخ - لما عَرفت عنه قريش من فروسية ونظرة ثاقبة ودهاء ..

كانت حربه الأولى مع المسلمين في أُحد ، وكان سبب هزيمة المسلمين ببرود أعصابه وصبره وثباته وهو على الخيالة يرى قومه يَتخطّفهم المسلمون فلم يدخل المعركة حتى بعد انتهاءها وهزيمة قريش !! وقف ينظر إلى الفريقين ، وقريش ترمقه وهي هاربة لا تلوي على شيء وتتسائل عن سبب عدم مشاركته بخيله في الحرب ؟! كان خالد ينتظر الوقت المناسب ، والظرف المناسب والمكان والزمان المناسبين ، لم يكن ليخاطر برجاله وخيله في هجمة خاسرة ، فلما رأى نزول الرماة من الجبل ، التفّ حول المسلمين فأتاهم من الخلف وأعمل فيهم سيفه فرجعت قريش وكرّت على المسلمين فكانت الهزيمة ..

شارك في الخندق ولم يكن قتال ، ثم كان في طليعة الخيالة الذين منعوا المسلمين دخول مكة قبل صلح الحديبية ، ثم أسلم خالداً سنة ثمان للهجرة ، وجعله الرسول صلى الله عليه وسلم على جناح المسلمين في فتح مكة في نفس السنة ، فكان القتال في الجانب الذي فيه خالد ، فأنام المعارضين وفُتحت مكة .. ثم كانت أمور ومناوشات ووقعت حادثة "بنو جذيمة" الذين نادى مناديهم : "يا قوم : إنه خالد ، وإنه ليس بعد الأسر إلا القتل" ، فكان القوم يعرفون خالداً وشدته على أعداءه ، فقتلهم خالدٌ خطأً ، فتبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من فعله ، وفداهم بالمال ..

عن قتادة أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بعث خالداً إلى العُزَّى ، وكانت لهوازن ، وسدنتُها بنو سُلَيْم ، فقال : انطلِق ، فإنه يخرج عليك امرأةٌ شديدةُ السواد طويلةُ الشعر ، عظيمة الثديين ، قصيرةٌ . فقالوا يُحرضونها :

يا عُزَّ شُدِّي شدةً لا سواكِها ... على خالد ألقي الخِمَارَ وَشمِّري
فإنَّك إن لا تَقْتُلي المرءَ خَالِداً ... تَبُوئي بذَنْبٍ عاجِلٍ وتَقُصِّري

فشدّ عليها خالد ، فقتلها ، وقال : ذهبت العُزَّى فلا عُزى بعد اليوم . (انتهى) ، قتل خالد ما مضى من شركه وكفره بسيف الإيمان ليُعلن للعرب بأن الإسلام قادم ، ولا مكان لعقيدة غير عقيدة الإسلام ..

ثم كانت مؤتة ، وقُتل القادة الثلاثة ، وأدار المسلمون رايتهم فلم يجدوا غير خالد بن الوليد قائداً يُنقذهم من الورطة التي وقعوا فيها ، فاستلم خالد الراية وحمل على الروم حملة شديدة ، ثم تراجع وموّه وأعمل الحيلة حتى انسحب بالجيش الإسلامي إلى المدينة - حفاظاً عليه في مواجهة غير متكافئة بكل المقاييس - ليحصل على وسام "سيف الله" بسبب انحيازه التكتيكي الذي أظهر به عبقريته في مواجهة أعتى امبراطورية على وجه الأرض ، فكان الإنحياز بتلك المقاييس من أعظم الإنتصارات التي سجّلها التأريخ ..

فُجع المسلمون بوفاة النبي – بأب هو وأمي ونفسي - صلى الله عليه وسلم ، وارتدّت العرب ، وأصبحت الدولة الإسلامية كالقارب الصغير في بحر متلاطم الأمواج ، وكان القبطان الصدّيق رضي الله عنه في حزم لم يُعرف عنه من قبل ، وعزم على قتال المرتدين ، وخرج بنفسه في جيش إسلامي بعد أن أنفذ بعث أسامة بن زيد ، فكان خروجه بنفسه رغم قلة العدد إرهاباً للأعراب والأعداء في جزيرة العرب ، ورجع جيش أسامة ، فاستل الصدّيق سيف الله خالداً بن الوليد ليضرب به رقاب الكفار ، وهنا بدأت قصّة الجنرال الإرهابي الحقيقية مع الإرهاب الإسلامي ..

لم يكن مثل خالد يعرف طبيعة الأعراب الذين كانوا عبدة أصنام قبل وقت قريب ولمّا يدخل الإيمان قلوبهم ، فخواء الروح هو ما عوّل عليه خالد في حربه ضد المرتدين ، فكانت جولته الأولى أن جاور بعض القبائل من طيّ فاستمهله "عدي بن حاتم" أياماً يأتيه بهم مسلمين ، فخوّفهم عدي بخالد ورغّبهم في الإسلام فرجعوا ، ثم يمّم خالدٌ بجيشه شطر "طليحة بن خويلد الأسدي" المتنبّئ ومن معه ، ففلّ جمعهم وشتّت شملهم وهرب طليحة إلى الشام لا يلوي على شيء ، وبعد هذه المعركة كتب الصدّيق رسالة إلى خالد يحدد بها ملامح الإرهاب : "ليزدك ما أنعم الله به خيرا ، واتق الله في أمرك ، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ، جدّ في أمرك ولا تلين ، ولا تظفر بأحد من المشركين قتل من المسلمين إلا نكّلت به ، ومن أخذت ممن حاد الله أو ضاده ممن يرى أن في ذلك صلاحاً فاقتله" (البداية والنهاية) ، وليس مثل خالدٍ يوصى بقتل أعداء الله ورسوله ودينه .. قال ابن كثير في البداية : " فأقام خالد ببزاخة شهرا ، يصعّد فيها ويصوّب ، ويرجع إليها في طلب الذين وصّاه بسببهم الصديق ، فجعل يتردد في طلب هؤلاء شهرا ، يأخذ بثأر من قتلوا من المسلمين الذين كانوا بين أظهرهم حين ارتدّوا : فمنهم من حرقه بالنار ، ومنهم من رضخه بالحجارة ، ومنهم من رمى به من شواهق الجبال ، كل هذا ليُشرّد بهم من يسمع بخبرهم من مرتدة العرب ، رضي الله عنه" (انتهى) .. فلا عزاء لدعاة السلام والحمام وأغصان الزيتون وإدارة الخد ..

اجتمع فلول جيش طليحة على امرأة يقال لها "أم زمل سلمى بنت مالك بن حذيفة" ، وكانت من سيدات العرب ، كأمها أم قرفة ، وكان يُضرب بأمها المثل في الشرف لكثرة أولادها وعزة قبيلتها وبيتها ، فلما اجتمعوا إليها حرّضتهم على قتال خالد وانضم إليهم آخرون من بني سليم وطيئ وهوازن وأسد ، فصاروا جيشا كثيفا ، فلما سمع بهم خالد بن الوليد سار إليهم ، واقتتلوا قتالاً شديدا ، وأم زمل على جمل أمها ، فهزمهم خالد ، وعقر جملها وقتلها ، وبعث بالفتح إلى الصديق ، رضي الله عنه ..

ثم طار خالد إلى البطاح حيث "مالك بن نويرة" في بني تميم ، فأسَره واستسلم من معه ، وأمر خادٌ "ضراراً" أن يضرب عنق ابن نويرة ، فجعل خالدٌ رأسه بين حجرين وجعل عليهم قدراً أكل منه تل الليلة ليسمع الأعراب بفعله فيرهبهم ، واشترى خالد زوجة مالك من السّبي وبنى بها بعد أن حلّت ، وكان نقاش بينه وبين أبي قتادة في قتل مالك وأصحابه ، ثم نقاش مع الفاروق عمر بعد ان استُدعي خالداً إلى المدينة ، فأطلق الصدّيق قالته المشهورة في خالد : "لا أشيم سيفاً سلّه الله على الكفار" ، فرغم هذا التصرّف العنيف من خالد ، ورغم الشك في ردّة قوم مالك ومالكٌ نفسه ، إلا أن الصدّيق كان يعلم بأن هذه الحرب تحتاج إلى مثل هذه الشدّة ، وإن كانت إجتهادات خاطئة هنا وهناك ، فالأمر لا يحتمل الجدال الكثير والقيل والقال في مثل هذه الظروف ..

قال ابن كثير رحمه الله: "واستمر أبو بكر بخالد على الإمرة ، وإن كان قد اجتهد في قتل مالك بن نويرة وأخطأ في قتله ، كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى بني جذيمة فقتل أولئك الأسارى الذين قالوا : صبأنا صبأنا . ولم يحسنوا أن يقولوا : أسلمنا. فوداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رد إليهم ميلغة الكلب ، ورفع يديه وقال : "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد" . ومع هذا لم يعزل خالدا عن الإمرة" (انتهى) ففي لحظات حرجة من تاريخ الدعوة الإسلامية يكون المجال أوسع لتقبّل مثل هذه الأخطاء من قِبل من لهم نكاية بأعداء الأمة ، وتقدير مثل هذا لا يحصل إلا من أمثال الصدّيق رضي الله عنه بحكمته وعقله وعبقريته ..

هشام بن عروة: عن أبيه قال : كان في بني سليم ردَّة ، فبعث أبو بكر إليهم خالد بن الوليد فجمع رجالاً منهم في الحظائر ، ثم أحرقهم ، فقال عمر لأبي بكر : أتدع رجلاً يعذِّب بعذاب الله ؟ قال : "والله لا أشِيمُ سيفاً سلَّه الله على عدوّه" ..

نظر الصدّيق إلى مرتدّة العرب ، فلم يجد أخطر من مسيلمة الحنفي النجدي الكذّاب ، فقرر أن يفلق هامته بسيف الله ، فامتطى خالد جواده وامتشق سيفه ويمم شطر نجد ليلقى الكذّاب في قومه وقد عبّأهم حسياً ومعنوياً ، وأسر جند خالد سرية من ستين مرتداً فضرب أعناقهم وأبقى قائدهم ، ثم التقى الجمعان ، وحمي الوطيس ، وقامت الحرب المجنونة ، وتنادى الأبطال ، وتتطايرت الأعناق ، وكادت الدائرة تدور على المسلمن حتى دخل الكفار خيمة خالد ، فتنادى المهاجرون والأنصار ، وتمايزت الصفوف ، وبرز أصحاب العقيدة في موقف فريد ، فحمل خالدٌ بالمسلمين حملة انغماسيّ مستميت ، ففل جمع الكفار ، وشتت شملهم ، ولجأ المرتدون إلى الحديقة مستدبرين المسلمين ، والمسلمون في حنق شديد حتى نادى سيّد الإنغماسيين البراء بن مالك : "يا معشر المسلمين ، ألقوني عليهم في الحديقة" . فاحتملوه فوق الحجف ورفعوها بالرماح حتى ألقوه عليهم من فوق سورها ، فدخلها وحده ، ولم يزل يقاتلهم دون بابها حتى فتحه ، فأغلقه المسلمون بجماجم عشرة آلاف مرتد ، وقيل واحد وعشرين ألفاً ، وقُتل من المسلمين خمسمئة من خيرة رجالهم الأبطال .. كل هذه الفتوحات كانت في سنة واحدة قَتل فها خالد آلاف المرتدين العرب ، ورجع الباقون إلى رشدهم فأسلموا وأذعنوا وأنابوا – بعد أن رأوا السيوف سلط أيدي الصحابة - فكانوا جنوداً للفتح الإسلامي القادم ..

بعد اليمامة لم تكن قوة تشكّل خطراً تستوجب بقاء خالد في جزيرة العرب ، فأمر الصدّيق خالداً أن ينطلق إلى العراق لمقارعة أرهب وأرعب امبراطورية عرفتها البشرية في ذلك الوقت ، فخرج خالد بالمسلمين إلى تخوم العراق ، وهو أول من دُفعت له الجزية في العراق ، فكتب كتاباً إلى مرازبة الفرس قال فيه : "من خالد بن الوليد إلى مرازبة أهل فارس ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فالحمد لله الذي فض خدمتكم وسلب ملككم ، ووهن كيدكم ، وإنه من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ما لنا وعليه ما علينا ، أما بعد ، فإذا جاءكم كتابي فابعثوا إلي بالرهن ، واعتقدوا مني الذمة ، وإلا فوالذي لا إله غيره لأبعثن إليكم قوماً يحبون الموت كما تحبون أنتم الحياة" (انتهى) . فأخذ المرازبة يقرؤون هذا الكتاب ويعجبون لأعرابي من جزيرة العرب كيف يخاطبهم بمثل هذا وهم سادة الدنيا !! ومن أراد أن يعرف غرابة الموقف فليتصوّر قائد فصيل مجاهد يكتب هذه الرسالة لأمريكا وهو قصد كل كلمة فيها ..

جمع المجوسيّ الخبيث "هرمز" جيشاً للقاء المسلمين في كاظمة (الكويت اليوم) ، فكانت المواجهة مع سيف الله خالد بن الوليد ، وكان المجوسي يضمر غدراً – على عادة المجوس - فتبارز مع خالد بين الصفّين وأسرّ لسريّة له أن تهجم على خالد وقت المبارزة ، فلم يُمهله خالد حتى قتله ، وأتت المفرزة الفارسية تسبق الريح ليخرج لها صقرٌ من صقور الإسلام يتخطّفهم كالطير فينيمهم ، فنعم الصقر "القعقاع بن عمر التميمي" الذي يستحق بكل جدارة لقب "قائد القوات الخاصة" الإسلامية ، وصدق الصدّيق : "لا يُهزم جيش فيه القعقاع وخالد" ، كيف يُهزم و"صوت القعقاع في المعركة بألف فارس" ، ثم انعطف جنود التوحيد على عُبّاد النار يعملون فيهم السيف ، ويرسلونهم إلى جهنّم زُمرا ..

التقى خالدٌ - بعدها - بالفرس في المذار ، فاستباح دمائهم وأصاب الفرس الدمار ، فقتل المسلمون منهم ثلاثين ألفاً أو يزيدون ، وغرق غيرهم في النهر ، وتشتت جموع المجوس وقُتل قادتهم ودارت الدائرة عليهم بحمد الله ومنّته ..

جُنّ جنون "أردشير" ملك الفرس ، فأرسل جيشاً بقيادة أحد قادته الشجعان يقال له "الأندرزغر" وأمدّه بـ "بهمن جاذويه" ، فسارا إلى الولجة ، فقصدهم خالدٌ بالمجاهدين ، ووضع الكمائن خلف المجوس ، فالتقى الجمعان ، واستبسل المسلمون فتمكنوا من رقاب الفرس وظهورهم ، وخرج الكمينان ، فأُسقط بأيدي المجوس ، وتلقّفهم أهل الجهاد قتلاً وتشريداً حتى مات قائدهم عطشا .. عن الشعبي قال : "بارز خالدٌ يوم الولجة رجلاً من الأعاجم يُعدل بألف رجل ، فقتله ، ثم اتكأ عليه وأتي بغدائه فأكله وهو متكئ عليه . يعني بين الصفين" ، لله در أبا سليمان رضي الله عنه وأرضاه ما أرهبه لأعداء الله وما أرعبه ..

كانت الولجة في صفر ، وفي ذات الشهر اجتمع نصارى العرب الذين وترهم خالد في الولجة ، فكاتبوا الأعاجم ، واجتمعوا بألّيْس ، فجاءهم خالد على حين غرّة وقد أعدّوا طعاماً ، فنادى خالد بين الصفين بأسماء بعض شجعانهم ، فبرز له بعضهم فقتله ، ثم حمل القوم على المسلمين ، وكان قتالاً شديداً لم يُر مثله حتى قال خالد : "اللهم لك علي إن منحتنا أكتافهم أن لا أستبقي منهم أحداً أقدر عليه حتى أُجري نهرهم بدمائهم" ، فمكّنه المولى منهم ، ونادى منادي خالد : "الأسر ، الأسر" ، فأقبلت الخيول بهم أفواجا يساقون كالنّعاج ، وقد وكل بهم رجالاً يضربون أعناقهم في النهر ، ففعل ذلك بهم خالد يوماً وليلة ، ويطلبهم في الغد ومن بعد الغد ، وكلما حضر فوج أحد ضربت أعناقه في النهر ، وقد صرف ماء النهر إلى موضع آخر ، فقال له بعض الأمراء : "إن النهر لا يجري بدمائهم حتى ترسل الماء على الدم فيجري معه ، فتبر يمينك" !! فأرسله ، فسال النهر دماً عبيطا ، فلذلك سمي نهر الدم إلى اليوم ، وبلغ عدد القتلى المجوس سبعين ألفا ، وكان الطعام الذي أعده الكفار نفلاً ، فأكله المسلمون ..

لما وصلت الغنائم والسبي إلى الصديق بعد هذه المعركة ، نادى في المدينة : "يا معشر قريش ، إن أسدكم قد عدا على الأسد ، فغلبه على خراذيله ، عجزت النساء أن تلدن مثل خالد بن الوليد" ، قال ابن كثير رحمه الله: "ثم جرت أمور طويلة لخالد في أماكن متعددة يُمل سماعها ، وهو مع ذلك لا يكل ولا يمل ولا يهن ولا يحزن ، بل كل ما له في قوة وصرامة وشدة وشهامة ، ومثل هذا إنما خلقه الله - عز وجل - عزاً للإسلام وأهله ، وذلاً للكفر وشتات شمله" (انتهى) ، رحم الله ابن كثير لو استعمل كلمة غير "يُملّ" ، فمن يمل من سماع فتوحات سيف الله وينهل من عبقريته !!

ثم نزل خالد الخورنق والسدير والنجف ، وبث سراياه يحاصرون الحصون من الحيرة ، ويستنزلون أهلها قسراً وقهرا ، وصلحاً ويسرا ، فأتته وفود عرب تلك النواحي تطلب الصلح بعدما رأوا من شدته وبـأسه وفتكه بالفرس وعملائهم العرب ، فخلع الله قلوبهم وأنزل الرعب فيها ، قال سيف : " وقد أقام خالد هنالك بعد صلح الحيرة سنة يتردد في بلاد فارس ها هنا وها هنا، ويوقع بأهلها من البأس الشديد ، والسطوة الباهرة ، ما يبهر الأبصار لمن شاهد ذلك ، ويشنف أسماع من بلغه ذلك ، ويحيّر العقول لمن تدبره" (انتهى). هذه النّجف التي طهّرها خالد بسيوف التوحيد لتصير الآن بلاد شرك يدنّسها المجوس الجدد ، فنسأل الله أن يعيدها إلى حضيرة الإسلام بفتح جديد على أيدي جنود العقيدة ..

ثم ركب خالد في جيوشه ، فسار حتى انتهى إلى الأنبار وعليها رجل من أعقل الفرس وأسْودهم في أنفسهم ، يقال له "شيرزاذ" . فأحاط بها خالد وطلب صاحبها الصلح فاشترط خالد شروطاً لم يقبلها الفارسي ، فردم خالد الخندق ، فلما رأى الفارسي قرب حتفه أجاب خالداً رغم أنفه ، ففتح خالد الأنبار ، واستناب عليها الزبرقان بن بدر ، وقصد خالد عين التمر وبها "مهران بن بهرام" ، وعنده بعض العرب الذين تقدموا لقتال المسلمين دون الفرس المجوس ، وهذا حال الحمقى من العرب في كل زمان ، وانظر إلى قول قائد الفرس لأصحابه لتعلم أن استغلال الفرس للعرب قديم ، قال الفارسي بعد أن اعترض عليه قومه : " دعوهم ، فإن غلبوا خالداً فهو لكم ، وإن غُلبوا قاتلنا خالداً وقد ضعفوا ونحن أقوياء" . فاعترفوا له بفضل الرأي عليهم ، ونحن نعترف بحمق هؤلاء العرب وغبائهم ، ونقول للمجوسي : كذبت عدو الله ، فإن أهل الإسلام لا يضفون عن قتل أعداء الله ، كيف وفيهم سيف الله ..
كان قائد العرب يدعى "عقّه" ، فأسَره خالد وهرب قومه ، فتتبعهم المسلمون بالأسر ، وهرب الفرس بعد علمهم بهزيمة العرب بهذه السرعة ، ونسوا قالة قائدهم ونسي هو عجرفته قبل قليل ، فدخلت الفلول حصناً ، وطلبوا الصلح من خالد فاشترط أن ينزلوا على حكمه ففعلوا فأمر خالد بقتل عقّة ومن أُسر وجميع من نزل على حكمه ، رضي الله عنه وأرضاه ..

وفي هذه الأثناء: أرسل عياض بن غنم رسالة إلى خالد يطلب المدد في دومة الجندل ، وكان عياض قد خرج مع خالد إلى العراق ، ولكن الفرس أحاطوا بجنوده وحاصروه حتى هذا الوقت ، فكتب خالد أقصر رسالة عسكرية عرفها التأريخ : "من خالد إلى عياض ، إياك أُريد" ، وزاد بعضهم : "لبّث قليلا تأتك الحلائب ... يحملن آساداً عليها القآشب ... كتائب تتبعها كتائب" .. هي الحرب لا تحتاج كثير كلام ، وهي الأفعال تنطق عن أصحابها .. رغم المنافسة الكبيرة بين خالد وعياض على الفتوحات ، إلا أن عياض طلب المدد من خالد لما أُحيط به وعلم أنه محتاج إلى من يخلصه ..

لما سمع أهل دومة الجندل بمسير خالد إليهم ، بعثوا إلى أحزابهم يطلبون المدد ، وكان فيهم أكيدر بن عبد الملك فقال لهم : "أنا أعلم الناس بخالد ، لا أحد أيمن طائراً منه في حرب ولا أحدّ منه ، ولا يَرى وجه خالد قوم أبدا - قلّوا أم كثروا - إلا انهزموا عنه ، فأطيعوني وصالحوا القوم" ، فأبوا عليه ، فقال : "لن أمالئكم على حرب خالد" . وفارقهم ، فقبض عليه جند خالد فضرب خالد عنقه لوم ينفعه كلامه الذي سبق فعله .. بلفتة عبقرية خالدية : حصر خالد جميع الأعداء بينه وبين جيش عياض ، فأعلموا فيهم قتلاً وأسراً ، فدخلوا الحصن فقتل المسلمون من هم خارجه ثم اقتلعوا باب الحصن واقتحموه وقتلوا المقاتلة وسبوا الذراري واقتسموهم واشترى خالد ابنة الجودي الموصوفة بالجمال ورجع إلى الحيرة ..

اجتمعت بعض الفلول ، واجتمع معهم النصارى والعرب والفرس وقصدوا انتزاع الأنبار – وما أشبه اليوم بالبارحة - فاستنجد قائدها بالقعقاع : ففل جمعهم في "الحصيد" وحصدهم حصدا ، وهرب الباقية إلى "المصيخ" فتلقاهم خالد بجيشه وأغار عليهم وهم نائمون فأنامهم النومة الكبرى ، وقُتل في هذه المعركة رجلان كانا قد اسلما ومعهما رسالة من الصدّيق فتكلم عمر بن الخطاب في خالد بسببهما ، كما تكلم فيه بسبب مالك بن نويرة ، فقال له الصديق : "كذلك يلقى من ساكن أهل الحرب في ديارهم" قال ابن كثير : "أي : الذنب لهما في مجاورتهما المشركين . وهذا كما في الحديث : "أنا بريء من كل من ساكن المشرك في داره" . وفي الحديث الآخر : "لا تتراءى نارهما" ، أي لا يجتمع المسلمون والمشركون في محلّة واحدة" (انتهى) ..

ثم كانت وقعة الثني والزميل، وقد بيّتوهم ، فقتلوا من كان هنالك من الأعراب والأعاجم عن بكرة أبيهم ، فلم يفلت منهم أحد ولا انبعث مخبر ، ثم بعث خالد بالخُمس من الأموال والسبي إلى الصديق ، وقد اشترى علي بن أبي طالب من هذا السبي جارية من العرب ، وهي ابنة ربيعة بن بجير التغلبي ، فاستولدها عمر ورقية رضي الله عنهم أجمعين.

ثم سار خالد بمن معه من المسلمين إلى "الفِراض" ، وهي تخوم الشام والعراق والجزيرة (هي اليوم بين حديثة والبوكمال) ، فأقام هنالك شهر رمضان مفطرا : لشغله بالأعداء ، ولما بلغ الروم أمر خالد ومصيره إلى قرب بلادهم ، حموا وغضبوا وجمعوا جموعاً كثيرة في تحالف دولي شمل الفرس (أعدائهم) ومواليهم من عرب تغلب وإياد والنمر ، فناهدوا خالداً بجيش التحالف الدولي ، وحالت الفرات بينهم ، فقالت الروم (وهي قائدة التحالف الدولي) لخالد : اعبر إلينا . وقال خالد للروم : بل اعبروا أنتم . فعبرت الروم إليهم ، فاقتتلوا هنالك قتالا عظيماً بليغا ، ثم هزم اللهُ جموع التحالف ، وتمكن المسلمون من أقفائهم ، فقُتل في هذه المعركة مائة ألف ، وأنشد القعقاع بن عمرو:

لقينا بالفِراض جموع رومٍ ... وفرسٍ غمّها طول السلامِ
أبدنا جمعهم لمّا التقينا ... وبيَّتنا بجمع بني رزامِ
فما فتِئَت جنود السِّلم حتى ... رأينا القومَ كالغنمِ السِّوامِ

وأقام خالد بعد ذلك بالفراض عشرة أيام ، ثم انسلّ عن جيشه واعتمر ، فبعث الصدّيق يعتب عليه مفارقته الجيش ، ومما قال : "وإن الجموع لم تشج بعون الله شجيك ، فليهنك أبا سليمان النية والحظوة ، فأتمم يتمم الله لك ، ولا يدخلنك عُجب فتخسر وتخذل ، وإياك أن تدلّ بعمل ، فإن الله له المنّ ، وهو وليّ الجزاء" . فرضِي الله عن الصدّيق وخالد ..

هذا بعض ما كان من خالد في العراق ، وأما حال الشام: فلما قدمت جيوش الإسلام خافت الروم ، وأرسلت إلى هرقل بحمص ، فامر بخروج الجيوش الرومية صحبة الأمراء : في مقابلة كل أمير من المسلمين جيش كثيف ، وأعلنت الروم في وسائل إعلامها بغطرستها المعهودة : "والله لنشغلن أبا بكر عن أن يورد الخيول إلى أرضنا" ..

جميع عساكر المسلمين في الشام أحد وعشرون ألفا سوى الجيش الذي مع عكرمة ، وكان واقفا في طرف الشام ردءاً للناس في ستة آلاف ، فكتب الأمراء إلى أبي بكر يعلمونه بما وقع من الأمر العظيم ، فنظر الصدّيق يمنة ويسرة ويمم بصره شطر الثغور من يرسل للشام مدداً للمجاهدين ، وما هي إلا لحظات حتى فتح الله عليه ، فأطلقها مدوية : "والله لأُشغلن النصارى عن وساوس الشيطان بخالد بن الوليد" ..

بعث الصدّيق إلى خالد وهو بالعراق ليقدم إلى الشام .. قال سيف : فسارت الروم فنزلوا الواقوصة قريباً من اليرموك ، وصار الوادي خندقا عليهم ، فاستناب خالد المثنى بن حارثة على العراق ، وسار مسرعا في تسعة آلاف وسلك بهم أراضي لم يسلكها قبله أحد ، وأصاب جيشه الجهد حتى وصل الشام في خمسة أيام ، ولم يُمهل جيشه العراقي الذي أخذ على الفتوحات ، ففتحَ بُصرى صلحاً بعد أن علم صاحبها أن القائد خالد ، فكانت أول مدينة تُفتح في الشام ..

قال سيف بن عمر: "ووجد خالد الجيوش متفرقة ... فقام في الناس خطيباً ، فأمرهم بالاجتماع ونهاهم عن التفرق والاختلاف ، فاجتمع الناس وتصافوا مع عدوهم" (انتهى مختصرا) ، فليت قومي يعلمون كيف تُدار الحروب ، وكيف تُواجَه الجموع المجتمعة على حرب الإسلام ، فهذا أمين هذه الأمة ، وهو خير من خالد بلا خلاف ، ومع ذلك أقرَّ خالداً على القيادة ، وهذا يزيد بن بن أبي سفيان صاحب السابقة ، ومعهم شرحبيل وعمرو الداهية ، كلهم آثروا مصلحة الإسلام ، واتفقوا على رأي واحد ، وعلى رجل واحد هو أعلمهم بالحرب وأشدهم نكاية في عدوّ ، مع أنه أتاهم مدداً ولم يُعيَّن من قبل الخليفة قائدا ..

اجتمع الأبطال ، وتكلم البلغاء ، وقام في الناس أشرافهم يستثيرون فيهم العقيدة والإيمان ، وعلت أصوات آي القرآن ، وأقبلت الروم في خيلائها وفخرها وقد سدت أقطار تلك البقعة سهلها ووعرها يصيحون بأصوات مرتفعة في محالوة بائسة للتأثير على عزيمة المسلمين ، ورهبانهم يتلون الإنجيل ويحثونهم على القتال كما يفعل إعلامهم اليوم ، فالتقى عباد الرحمن بعبّاد الصُّلبان ، وصال وجال الفرسان ، واشتاق المؤمنون للجنان والحور الحسان ، وخالد يأمر الرجال ويوجّه الأبطال ويحض على النزال ، وجيش المسلمين من سادات العرب وخيار قبائلها فيهم ألف صحابي ، وتبايع الشجعان على الموت ، ونزلت الروم على المسلمين كالجبال فاخترقوا الصفوف ، فثبت الرجال ، وكانت ملحمة عظيمة استبسل فيها المجاهدون أيما استبسال ، فما لبث أن أنزل الله الرعب في قلوب الكفار بسبب اقتحام الانغماسيين الصفوف يشقونها كالبرق يقتلعون الرؤوس من الأعناق ويحتضنون الموت بصدور عارية ، وخالد وإخوانه يجولون في صفوف العدو ويصولون بكرٍّ وفرٍّ فيقطفون في الجولة آلاف الرؤوس ، ثم منح اللهُ المسلمين أكتافهم فأمعنوا فيهم قتلاً وتشريداً ، وسقط عشرون ومائة ألف صليبي في الوادي فهلكوا ، وقَتل المسلمون بأسيافهم ثمانين ألفاً من أعداء الله ، فكان مجموع من قُتل من الروم في هذه المعركة – حسب بعض الروايات - مائتي ألف رومي كافر ، وقُتل في هذه المعركة الفاصلة ثلاثة آلاف من المسلمين ، فرضي الله عنهم وتقبّلهم في الشهداء ..

بينما الناس في جولة الحرب وحومة الوغى ، والأبطال يتصاولون من كل جانب ، إذ قدم البريد من الحجاز بوفاة الصدّيق رضي الله عنه ، وخلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وعزْل خالد وتولية أبي عبيدة رضي الله عنهما ، فأسرّها خالد ، ولم يبد ذلك للناس لئلا يحصل ضعف ووهن في تلك الحال بخبر وفاة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذلك القائد المحنّك لا ينشر من الأخبار في وقت المعارك إلا ما يرفع به معنويات جنوده ، فما أحوج قادة المجاهدين اليوم لهذه الحكمة الخالدية .. ثم سلّم خالد القيادة لأمين هذه الأمة – بعد المعركة - عن طيب نفس ورضى ، فصار قائد الحرب وفاتح العراق وجزيرة العرب ومدمّر امبراطورية الروم : جندياً من جنود الإسلام ، وأي جندي !!

وذكر أبو حذيفة إسحاق بن بشر أن : أن عمر كتب إلى أبي عبيدة يعزيه والمسلمين في الصديق ، وأنه قد استنابه على من بالشام ، وأمره أن يستشير خالداً في الحرب ، فلما وصل الكتاب إلى أبي عبيدة كتمه من خالد حتى فتحت دمشق بنحو من عشرين ليلة ، فقال له خالد : يرحمك الله ، ما منعك أن تعلمني حين جاك ؟ فقال : إني كرهت أن أكسر عليك حربك ، وما سلطان الدنيا أريد ، ولا للدنيا أعمل ، وما ترى سيصير إلى زوال وانقطاع ، وإنما نحن إخوان ، وما يضر الرجل أن يليه أخوه في دينه ولا دنياه" ، رضي الله عن أمين هذه الأمة وأرضاه ما أعقله ، فهل من يقتدي أثره .

عند أحمد بسنده : "استعمل عمر بن الخطاب أبا عبيدة على الشام وعزل خالد بن الوليد ، فقال خالد : بعث عليكم أمين هذه الأمة ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح" ، فقال أبو عبيدة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "خالد سيف من سيوف الله ، نعم فتى العشيرة" .. لله درّ صحابة رسول الله ورضي الله عنهم ، ما أعقلهم وما أخلصهم وما أزهدهم في الدنيا ومناصبها .. أين هذا من الطعن واللمز والهمز واللعن الذي نراه في الناس اليوم .. متى يقتدي المسلمون بهؤلاء العظماء وينهلوا من معين أخلاقهم ويرتفعوا بأنفسهم ليرفعهم الله كما رفع الذين من قبلهم ..

سار أبو عبيدة (قائد الجيوش الإسلامية الجديد) من مرج الصّفر قاصداً دمشق ، وجعل خالد بن الوليد في القلب ، فنزل خالد بن الوليد على الباب الشرقي وإليه باب كيسان أيضا ، وحاصروها حصاراً شديداً سبعين ليلة ، وقيل أكثر ، واشتد البرد وعسر الحال وعسر القتال ، فقدّر الله أن وُلد لبطريق دمشق مولود في تلك الليالي ، فصنع لهم طعاماً وسقاهم بعده شرابا ، فأكلوا وسكروا وناموا واشتغلوا عن أماكنهم ، وفطن لذلك خالد بن الوليد ، فإنه كان لا ينام ، ولا يترك أحداً ينام ، بل مراصد لهم ليلاً ونهارا ، وله عيون وقصّاد يرفعون إليه أحوال المقاتلة صباحاً ومساء ، فلما رأى خمدة تلك الليلة ، وأنه لا يقاتل على السور أحد ، كان قد أعد سلاليم من حبال ، فتسللت مفرزة القوات الخاصة الإنغماسية بقيادة خالد بن الوليد والقعقاع بن عمرو ومذعور بن عدي فقتلوا من على السور وكبّروا فصعد الأبطال خلفهم وانحدرت القوات الخاصة الإنغماسية إلى البوابين فقتلوهم ، وقطعوا أغاليق الباب بالسيوف ، فدخل الجيش الخالدي من الباب الشرقي ، فثار أهل البلد بعد سماع التكبير بين أظهرهم ، ودخل خالد البلدة عنوة ، فقتل من وجده ، وعلم القوم أنه خالد ، فهرعوا إلى أبي عبيدة يرتجونه الصلح ولم يعلم أبو عبيدة ما صنع خالد ، فأجابهم للصلح ، فالتقى الجيشان وسط المدينة فقال سيف الله : إني فتحتها عنوة ، واختلف الصحابة هل هي صلح أم عنوة ، فما لبثوا أن اتفقوا – وهم في مكانهم - أن جعلوا نصفها صلحاً ونصفها عنوة ..

ثم إن أبا عبيدة بعث خالد بن الوليد إلى البقاع ففتحه بالسيف ، وصالحه أهل بعلبك وكتب لهم كتاباً ، وانصرف أبو عبيدة وخالد من وقعة فحل قاصدين حمص ، فنزلا على ذي الكلاع ، فبعث هرقل بطريقاً يقال له : "توذرا" في جيش معه . فنزل بمرج دمشق وغربيها ، وقد هجم الشتاء ، فبدأ أبو عبيدة بمرج الروم ، وجاء أمير آخر من الروم يقال له "شنس" ، وعسكرٌّ معه كثيف ، فنازله أبو عبيدة فاشتغلوا به عن توذرا ، فسار توذرا نحو دمشق لينازلها وينتزعها من يد يزيد بن أبي سفيان ، فكان سيف الله له راصداً وإليه قاصدا ، وبرز يزيد بن أبي سفيان للرومي من دمشق ، فاقتتلوا ، وجاء خالد وهم في المعركة فجعل يقتل الكفار من ورائهم ، ويزيد يقصل فيهم من أمامهم ، حتى أناموهم ولم يفلت منهم إلا الشارد ، وقتل خالد توذرا ، وأخذوا من الروم أموالا عظيمة فاقتسماها ، ورجع يزيد إلى دمشق وانصرف خالد إلى أبي عبيدة ، فوجده قد واقع "شنس" بمرج الروم ، فقتلهم فيه مقتلة عظيمة حتى أنتنت الأرض من زهمهم ، وقتل أبو عبيدة "شنس" ، وركبوا أكتافهم إلى حمص ، فنزل عليها يحاصرها وفتحها صلحاً بعد حصار شديد ..

ثم بعث أبو عبيدة خالداً بن الوليد إلى "قنّسرين" ، فلما جاءها ثار إليه أهلها ومن عندهم من نصارى العرب ، فقاتلهم خالد فيها قتالاً شديدا ، وقتل منهم خلقا كثيرا ، فأما من هناك من الروم فأبادهم ، وقتل أميرهم "ميناس" ، وأما الأعراب فإنهم اعتذروا إليه بأن هذا القتال لم يكن عن رأينا ، فقبل منهم خالد وكف عنهم (على غير عادته رضي الله عنه) ، ثم خلص إلى البلد فتحصنوا فيه ، فقال لهم خالد : "إنكم لو كنتم في السحاب لحملنا الله إليكم أو لأنزلكم إلينا" . ولم يزل بهم حتى فتحها الله عليه ، ولله الحمد . فلما بلغ عمر ما صنعه خالد في هذه الوقعة قال: "يرحم الله أبا بكر كان أعلم بالرجال مني ، والله إني لم أعزله عن ريبة ، ولكن خشيت أن يوكَل الناس إليه" .

ثم حصلت لخالد أمور يطول ذكرها ، وأصبح اسمه كافياً لاستسلام الجيوش والنزول تحت حكم الفاتحين ، وترك خالد ساحة المعركة لإخوانه ، واعتزل القتال بعد هذه الفتوحات ، حتى وافته المنيّة وهو على فراشه رضي الله عنه وأرضاه ، ولما حضرت خالداً الوفاة بكى ، ثم قال : "لقد حضرت كذا وكذا زحفاً ، وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة بسيف ، أو طعنة برمح ، أو رمية بسهم ، وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير ، فلا نامت أعين الجبناء" .. مات خالد بالشام ، وتشرّفت حمص – على الارجح من أقوال العلماء - باحتضان جسد سيف الله تحت ثراها ، فاضت روحه الطاهرة الوقّادة سنة إحدى وعشرين بقرية على ميل من حمص ، حمص التي دنّسها قرد من قرود الرافضة لينتقم من رجل دمّر كرسيّ إلهه كسرى وكسر دين المجوس ..

هذا هو خالد بن الوليد الذي أسلم قبل فتح مكة ليدخلها فاتحاً بعد أشهر ، والذي انكسرت في يده تسعة أسياف يوم مؤتة فلّ بها رؤوس النصارى ، وهدم بيت العُزّى : ذاك المعبد التراثي والصنم الشّركي .. هو الذي شتت شمل طليحة ، وقتل مالك بن نويرة ، وهزم مسيلمة ، وكسر كسرى ، ودّمر جيوش هرقل .. هو خالد الذي علّم الفرسان الفروسية ، وسطّر للأبطال معاني البطولة ، وبيّن للإرهابيين حقيقة الإرهاب ، "فنعم عبد الله وأخو العشيرة خالد بن الوليد ، سيف من سيوف الله، سلّه الله على الكفار والمنافقين" (أحمد) ، "وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا ، وقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله" (البخاري) .. لا همّ له غير الجهاد ، ولا يعرف إلا القتال ، ولا برع إلا في ساحات النزال ، فقال : "ما ليلة تُهدى إليّ فيها عروس ، أو أبشَّر فيها بغلام ، بأحب إليّ من ليلة شديدة الجليد في سرية من المهاجرين أصبِّح بهم العدو" ..

لم هذا الإرهاب يا خالد !! لم كل هذا القتل يا خالد ؟ لم هذه المجازر يا خالد ؟ إنه الله الذي أمر خالداً وإخوانه بأمر بدأه بنبيّه معلماً طريقة الحق في مقارعة الباطل {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} (الأنفال : 67) سنّة الأنبياء في بداية الدعوات لاستئصال شأفة الفساد وتطهير الأرض من الخلايا السرطانية فتحيى الأجيال حياة طيبة نظيفة خالية من الأمراض المستعصية ، هذه الآية وقول الله تعالى {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} (الأنفال : 57) قاعدتان عمل بهما خالد بكل إتقان وإخلاص : فالأولى فيها استئصال شأفة الكفر من الأرض بإحداث مقتلة عظيمة تطهّر الأرض من رجس ومكر أعداء الحق فلا يرتفع للكفر رأس ، فقتل خالد في خمس سنوات قرابة النصف مليون إنسان بالسيوف والرماح والسهام ، والآية الثانية هي آية الإرهاب التي تحض على شدّة النكاية بحيث يخاف البعيد ، كما في قوله تعالى {تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ} (الأنفال : 60) ، فقطع خالد رؤوس الكفار صبراً واجرى بها نهراً وحزّ رؤوس وحرق أناس وطبخ القدر على رؤوس أناس ، لهذا كان المسلمون في المعارك يقرؤون سورة الأنفال لتقريرها حقيقة الإرهاب وبيانه وكيفية إعمال الخوف والرعب والقتل في أعداء الأمة ..

كانت عبقرية خالد تتجلى إذا عجزت العبقريات واحتار الدهاة : فهذا الداهية عمرو بن العاص يقاتل مسيلمة فيُهزم ليأتيه خالد ويقضي على عدو الله ، ووقف القائد الفذ عياض بن غنم في دومة الجندل محتاراً محاصراً وخالد يفتح البلاد تلو الأخرى حتى وصلته رسالة عياض ففك حصاره ، واحتار القادة في اليرموك أمام جموع الروم الذين تحدروا عليهم كالطوفان فأتاهم المدد العراقي في خمسة أيام ليقود خالد المعركة التأريخية بعد أن جمع القيادة بعبقريته في توافق تام .. أراد الروم الالتفاف على المسلمين وانتزاع دمشق وعليها الأمير "يزيد بن أبي سفيان" فأتاهم خالد من وراء ظهورهم وأذاقهم وبال أمرهم .. أيسمع المسلمون ؟ كان أمير دمشق في الفتح "يزيد بن أبي سفيان" ، واليوم "بشار حافظ" النصيري الكافر عدو الله ورسوله ومن أشد من مبغضي آل أبي سفيان ، فأين أبناء خالد وبني أمية ..

انتصر خالد بالرعب والإرهاب والإثخان في أعداء الله امتثالاً لأمر الله .. انتصر لأنه تواضع لله في كل موطن جهادي فرفعه الله .. انتصر لأنه يقظ القلب حاضر الحس لا ينام ولا يدع عدوّه ينام .. انتصر لأنه في كل موطن يتقدّم صفوف جيشه ويكون أوّل مبارز وأوّل قاتل .. انتصر لأنه ابن الحرب وأخو الحرب وابن عم الحرب وعاشق الحرب لا يعرف غير الحرب ولا تستكين نفسه في غير ميدانه .. انتصر لأنه كفر بالسّلمية وذبح حمامة السلام فشواها على لهيب المعركة ونهشها بأسنانه والقعقاعُ والمثنّى .. عزله عمر كي لا يُفتن الناس به فأبى الله إلا أن يُمضي سيفه .. فتح جزير العرب وكسر أعتى أمبراطويات الأرض في أربع سنين وأبو عبيدة جندي عنده ، ثم صار جندياً وأبو عبيدة قائده فلم تحدثه نفسه غير السمع والطاعة والمضي في الجهاد ، هذه هي نفسيته ، وهنا تتجلى عبقريتة ، فالمصلحة العليا فوق المصالح الشخصية ، والشرف في نيل الشهادة لا في القيادة ..

إنها حرب العقيدة .. إنه الإسلام .. إنه الإيمان .. إنه التوحيد .. لا نزعات شيطانية .. لا مآرب دنيوية .. لا وطنية .. لا قومية .. لا دولة مدنية .. لا سلمية .. لا ديمقراطية .. لا أنصاف حلول .. لا مداهنة .. لا تردد .. لا رغبة في قيادة .. لا زهوّ .. لا غرور .. لا خلافات .. لا منازعات .. لا تشاحن .. لا تباغض .. لا تحاسد .. إنها الأخلاق الإسلامية السامية .. إنها الأخوّة الإسلامية .. إنه الزهد في الدنيا .. الرغبة في ما عند الله .. البعد عن مواطن الريبة .. الجسارة .. القوة .. الشجاعة .. الحنكة .. اليقضة .. طلب الموت في سبيل الحياة الأبدية .. السموّ الفكريّ .. الإبداع العسكري .. الإنغماس الفدائي .. الإخلاص .. الإخلاص .. الإخلاص ..

لولا قصر همم القراء ، وكوننا في عصر المختصرات ، لكتبت مجلدات عن خالد وعبقريته وفتوحاته ، وما ها هنا غيض من فيض ، واختصار شديد جداً لا يليق بالإنجازات الخالدية ، ولعل الله ييسر بجمع كتاب يفي بعض حق هذا العبقري على الأمة ، فلم أجد في الكتب - رغم كثرتها - ما يشفي الغليل في سيرة هذا الرجل الفذّ ، رضي الله عنه وأرضاه ..


والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

كتبه
حسين بن محمود
5 رمضان 1436هـ
عاشقة السماء
عاشقة السماء
إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ

عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  عاشقة السماء الثلاثاء يوليو 21, 2015 6:03 pm


بسم الله الرحمن الرحيم

الدولة الإسلامية الخارجية

الخارجي ليس كائناً نزل من القمر ، أو سراً كونياً لم يطّلع عليه أكثر البشر ،وليس الخارجي لغزاً لا يفكّه غير عباقرة الزمان .. الخارجي إنسان من لحم ودم ، كل ما يميّزه عن بقية المسلمين أنه متنطّع جاهل مغرور يرى نفسه على حق دون غيره ، فجهله هو سبب تنطّعه ، وتنطّعه جرّأه على سفك الدم الحرام ، وصيّره مارقاً عن الدين كما يمرق السّهم من الرميّة ، وبسبب خطره على المسلمين - كونه متهوّر ومقاتل شرس ومستبيح لدمائهم - جاء التحذير منه في النصوص ..

من هو الخارجي ؟ وكيف نميّزه عن غيره ؟

سؤال يخالج صدر كثير من الشباب اليوم لكثرة الآراء والاجتهادات التي صبّهاالناس صباً على قارعة الفكر ليقرر أكثرهم "خارجية" بعض المجاهدين والعلماء والمفكرين في زماننا هذا وقبله حتى يَفُضّوا الجموع من حولهم فلا يسمعوا لهم ولا يتبعوهم ويقللوا من جاذبيتهم ومن جاذبية دعوتهم التجديدية في الغالب .. فمن محمد بن عبد الوهاب وعلماء الدعوة النجدية ، مروراً بحسن البنا ، وسيد قطب وجاعة الإخوان ، ثم عبد الله عزام وأسامة بن لادن وقاعدة الجهاد ، حتى وصلنا إلى "الدولة الإسلامية" ، كل هؤلاء خوارج بغاة مارقة حرورية أهل تنطّع وغلوّ وضلال ، والجامع المشترك بين هؤلاء هو خروجهم عن المألوف في البيئة المحيطة بهم أو ما هو غالب على الأمة في زمانهم : فمن محارب للقبورية ، إلى الداعي للفكرة الإسلامية ، والمطالب بالإستعلاء الإيمانيعلى الكفر العالمي ، ومن محرّض على الجهاد في الأمة ، ومن مُعلنٍ للجهادالعالمي ، ثم الطامة الكبرى والمصيبة العظمى : عدم الاكتفاء بالدعوة والتنظير لقيام الخلافة الإسلامية !!الخروج عن المألوف خارجية بلا شك ، ولكنها ليست الخارجية التي عنتها نصوص خير البريّة صلى الله عليه وسلم ..

هناك خارجيتان : خارجية إبليسية سببها الكِبر والعُجب والجهل بالله تعالىوبأمره والتي كانت نتيجتها {فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} (الحجر : 34) ، وخارجية نبوية شرعية على هذا الكفر والكِبر والجهل الذي صيّر المنكر معروفاً {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ} (الحج : 40) ، وتجلّت محاربة هذه الخارجية في أغرب صورة لها على يد الشواذ جنسياً وعقلياً {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} (النمل : 56) ، فـ "الخوارج" – بالمعنى اللغوي – هنا هم آل لوط عليه السلام الذين بقوا على الفطرة البشرية السويّة التي لم تستسغها العقول المنحرفة !! الخوارج الذين جاء وصفهم في الأحاديث النبوية شابهوا كثيراً الخارجي الأوّل (الشيطان) في صفة العُجب والكِبر والجهل بالله عز وجل وبحقيقة أمره ، فقد جاء وصفهم في الأحاديث النبوية بأنهم " يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم" ، "سفهاء الأحلام" ، "قوم يتعبدون ويتدينون حتى يعجبوكم وتعجبهم أنفسهم" ، فهذه الصفات هي التي أخرجت إبليس من رحمة الله تعالى ، فأبى أن يسجد لآدم واستكبر وقاس قياساً فاسداً {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْنَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} (ص : 76) معارضاً به أمر الله الصريح الذي امتثلت له الملائكة دون تردد ، ولفهم هذه النفسية الغريبة المتكبّرة المتعجرفة العجيبة ينبغي أن نفهم نفسية "ذو الخويصرة التميمي" - أخزاه الله - الذي أتى سيد ولد آدم فقال له : "اعدل ، فإنك لم تعدل" !! أو ذاك الشاب صاحب الزهد والعبادة الذي مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في أصحابه فقال له رسولُ الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم : "أَنشُدُكَ اللهَ هل قلتَ حين وقَفتَ على المجلس : ما في القومِ أحدٌ أفضَلُ مِنِّي أو خيرٌ مِنِّي ؟ قال : اللهمَّ نَعَمْ" فهذا الجاهل المغرور اعتقد في نفسه أنه أفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن الصحابة رضوان الله عليهم بسبب اغتراره بعبادته ، ولم يُدرك عقله الصغير أن العُجب والكِبر هما سبب هلاكه لا رفعته !!كثير من الناس اليوم يخلط بين الخارجيتين بسبب اختلاط المفاهيم ، وبسبب الجهل الكبير بالأحكام الشرعية الذي هو نتاج الحملة الصليبية على الثوابت الإسلامية ..

كثير من الناس لا يعرف حقيقة الجهاد ويظن أن السِّلم والسّلام والسِّلميةأصول شرعية باطلٌ ضدّها ، وطامة البعض مع الجهاد : اعتقاده ضرورة موافقتهللقوانين الدولية التي جاء الجهاد ليكسرها ويمحوها من الوجود !! كثير منالناس لا يعرف حقيقة "الولاء والبراء" فيظن أن القومية والوطنية من الدين فيدعوا لنبذ الطائفية !! وكثير من الناس لا يعرف حقيقة "الحكم بما أنزل الله" فيظن أن الناس يسعهم ترك تحكيم شرع الله أو يسعهم الاستفتاء على ذلك أو يسعهم اختيار نظام الدولة المدنية بالمفهوم الغربي ، بل كثير من الناس لا يعرف حقيقة "أُلوهية الله تعالى" فيصرف العبادة لغير الله عن طريق الإستغاثة والدعاء والخوف والرجاء والاستعانة !! الخوارج المارقة الذين جاء ذكرهم في الأحاديث النبوية أفضل – من الناحية العلمية – من كثير من الناس اليوم ، فالخوارج الأوائل كان جهلهم في فهم بعض النصوص وتأويلها على غير المراد بها ، ولكنهم كانوا منضبطين في الثوابت أكثر من كثير من الناس اليوم ، فلم يكن عندهم انحراف في التوحيد ولا في الولاء والبراء – في الجملة – ولا في أصل الحاكمية ، وإنما انحرافهم كان بسبب تأويل فاسد في حكم مرتكب الكبيرة جرّهم إلى تكفير واستباحة دماء مخالفيهم وأموالهم والشهادة عليهم بالكفر والردّة ، ولذلك لم يكفّرهم جمهور العلماء ، واتفق الصحابة على عدم تكفيرهم وأجازوا مناكحتهم وأكل ذبائحهم والصلاة خلفهم ، بينما كثير من الناس اليوم يُنكرون ما هو معلوم من الدين بالضرورة ويقعون في الردّة من حيث لا يشعرون : كمن يدعوا إلى ترك أحكام أهل الذمة وعدم الزام الكفار بالجزية ومساواتهم مع المسلمين في الحقوق والواجبات باسم الوطنية ، والبعض يدعوا إلى تغيير مفهوم الولاء والبراء ، أو إلغاء جهاد الطلب من التراث الإسلامي وإلغاء أحكام السبي والرقّ في الإسلام بزعم وجود قوانين دولية تحرّم هذه الأمور ، وهذا من أعظم المنكرات كونه اعتقاد بجواز نسخ حكم الله بقوانين وضعها الكفار !!

ومما نراه اليوم من بعض طلبة العلم : الفجور في الخصومة ، واستخدام الألفاظ النابية والكلمات البذيئة ، والإكثار من التنابز بالألقاب ، وإنزال النصوص غير موضعها ، ولمز المجاهدين والكذب عليهم والافتراء المفضوح والتلاعب بالنصوص ، وابتداع حدود لمصطلحات حدّها علماء الأمة قبل ألف سنة !! قال الأشعري في مقدمة "مقالات الإسلاميين" : "ورأيت الناس في حكاية ما يحكون من ذكر المقالات ويصنفون في النِّحل والدّيانات : من بين مقصّر فيما يحكيه ، وغالط فيما يذكره من قول مخالفيه ، ومن بين معتمد للكذب في الحكاية إرادة التشنيع على من يخالفه ، ومن بين تارك للتقصّي في روايته لما يرويه من اختلاف المختلفين ، ومن بين من يضيف إلى قول مخالفيه ما يظن أن الحجة تلزمهم به ، وليس هذا سبيل الربانيين ولا سبيل الفطناء المميزين" (انتهى) ..

نتحدّث اليوم عن الدولة الإسلامية: فكما نفينا صفة الخارجية عن "قاعدة الجهاد" وقادتها قبل سنوات بعد الهجمة الإعلامية الشرسة من قبل الحكومات وعلماء السوء وبعض المغرر بهم في ذلك الوقت (ولا زلنا ننفي عنها هذه الصفة البغيضة) ، فإننا ننفيها عن "الدولة الإسلامية" وقيادتها اليوم ، وقد نقلنا من كلام علماء السلف في مقال "بحث في الخوارج" ما يقطع دابر هذا الأمر ، ولكن بعض الناس قلبوا الأمور وقالوا بعدم الأخذ بكلام العلماء ، وزعموا الرجوع إلى النصوص مباشرة ، فلا بأس أن نبيّن من بعض النصوص أمراً واضحاً لا يحتاج كثير بيان ، وليتبين القارئ حقيقة كلام هؤلاء وقلّة ورع بعضهم وتقوّلهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

فمن صفات الخوارج التي وردت في الأحاديث :


1- أنهم "حدثاء الأسنان ، سفهاء الأحلام ..." (البخاري) ، قال البدر العيني في عمدة القاري : "(حُدثاء الأسنان) أي : الصغار ... قوله : (سفهاء الأحلام) أي : ضعفاء العقول ، والسفهاء جمع سفيه وهو خفيف العقل" (انتهى) .. أما حداثة السنّ : فالغالبية العظمى من الصحابة السابقين إلى الإسلام كانوا من الشباب ، ولما سُئل "خالد بن الوليد" رضي الله عنه عن سبب تأخر إسلامه برر ذلك بكونه كان يرى لشيوخ قريش عقلاً ورأياً وقد تأخروا عن الإسلام ، فكان سبب تأخره رأي الشيوخ !! فليس كل صغير سن خارجي ، بل قد تكون جماعة من الشباب أعقل بكثير من مثلهم من الشيوخ كما هم الصحابة مع شيوخ قريش ، فلا بد أن يكونوا سفهاء أحلام مع حداثة سنّهم ، والعالم كلهه يشهد ، وجميع مراكز الأبحاث في الأرض تشهد بأن الدول الإسلامية أبعد ما تكون عن خفّة العقل .. لقد بايع الدولةَ كثير من وجهاء وشيوخ القبائل والعلماء وطلبة العلم الذين لا يخرجون في الفضائيات في العراق والشام ، وكثير من العلماء وطلبة العلم في البلاد الإسلامية يؤيدونهم ولا يستطيعون إعلان التأييد خوف العقوبة التي تصل إلى الإعدام في بعض البلاد ، وبايعهم الكثير من المجاهدين في القوقاز وخراسان واليمن وأفريقيا وغيرها من البلاد .. رأيت رسالة قال كاتبها بأن الخوارج : "يجذبون إليهم حدثاء الأسنان" ، في إشارة إلى أن هذا هو معنى الحديث ، وهذا خطأ : فحدثاء الأسنان هم الخوارج ذاتهم وقادتهم كما هو ظاهر الحديث ، وكما كان الخوارج في عصر الصحابة .. ليسأل القارئ الكريم نفسه : كم حولك من صغير سن خفيف عقل ؟ لا شك أنهم كثير ، والسؤال : هل هؤلاء خوارج ؟ لا شك أنهم ليسوا خوارج ولم يخطر على بالك أنهم خوارج وذلك أنك تعلم في قرارة نفسك بأن أوصاف الخوارج الأخرى لم تنطبق عليهم ..

2- "هم شرار أمتي يقتلهم خيار أمتي" (أحمد ، وسنده حسن) ، و"خير قتلى تحت ظل السماء من قَتَلوه" (أحمد وهو صحيح) ، وجاء : "طوبى لمن قتَلهموقَتلُوه" (أبوداود وصححه الألباني) .. والدولة - إن شاء الله – من خيار هذه الأمة كونها تجاهد النصارى والنصيرية والرافضة ، وتفك العاني ، وتحكّم شرع الله ، وتُرهب أعداء الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤت الزكاة ، وتأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر ، وتحيي السنن الشرعية التي أماتها المسلمون ، وقد تكالبت عليها الأمم ، ويقاتلها النصارى (ستين دولة نصرانية ومرتدة) واليهود والرافضة والنصيرية والملاحدة يقصفونها كل يوم فيقتل جنودُها شرار الخليقة من الكفار والمرتدين ، ولا يقول مسلم بأن من تَقتلهم الدولة من النصيرية والرافضة والملاحدة والنصارى هم "خير قتلى تحت أديم السماء" وأنه "طوبى لهم" ، وإنما جاء هذا الوعد لمن يقتله الخوارج ، كون الخوارج لا يقتلون إلا المسلمين كما جاء في النصوص ..

3- وجاء : "قوم يقرءون القرآن بألسنتهم لا يعدو تراقيهم" (مسلم) ، وكثير منجنود الدولة من حفظة القرآن الذين يعقلون ما يقرأون ويستندون إلى تفاسيرالسلف والخلف المعتدّ بها ، فهذا ينفي عنهم هذه الصفقة ، أما الخوارج فقدجادلوا في القرآن وأنكروا على الصحابة بعض الأمور في حروراء بفهمهم السقيم ، قال الآجري (في الشريعة) : "وهم قوم يتأولون القرآن على ما يهوون" وذكر قول ابن عباس رضي الله عنه فيهم : "يؤمنون بمحكمه ، ويضلّون عند متشابهه" (انتهى) ، وهذا انما يحصل لمن لا يستند إلى كلام السلف وأهل التفسير ولا يأخذ منهم كما تفعل الرافضة وكثير من أهل البدع الذين يؤولون القرآن بفهمهم وهواهم معرضين عن الأخبار الصحيحة ، فالدولة ترجع إلى فهم السلف لكتاب الله لا فهمها هي ، وهذه موادها المرئية والمسموعة والمقروءة تشهد بذلك ، فالفرق بين الهوى والرجوع إلى فهم السلف واضح .. لنسأل أنفسنا : كم إنسان يقرأ كتاب الله لا يتجاوز تراقيهم ؟ هل هؤلاء خوارج ؟ لماذا لا نحكم عليهم بالخارجية !!

4- وجاء : "يتيه قوم قِبل المشرق محلقة رءوسهم" (مسلم) ، وجاء : "سيماهمالتحليق" (ابن ماجه وصححه الألباني) ، وجاء : "سيماهم التحليق والتسبيد" (أبو داود وصححه الألباني) ، قال أبو داود : التسبيد استئصال الشعر ..وجنود الدولة ليسوا محلّقة ولم يستأصلوا شعورهم ، وقد كان الخوارج يحلّقون رؤوسهم تطهّراً من المعاصي – على حد زعمهم – وكانت هذه صفة ملازمة لهم قال الكرماني " والخوارج اتخذوه [التحليق] دَيْدناً ، فصار شِعاراً لهم ، وعُرفوا به" (انتهى) ، وقال القرطبي في المُفهم : "قوله : (سيماهم التحليق) : أي جعلوا ذلك علامةً لهم على رَفْضهم زينة الدنيا ، وشِعاراً لِيُعرَفوابه كما يَفعل بعض رُهْبان النصارى يفحصون عن أوساط رؤوسهم" (انتهى) .. لما انتفت هذه الصفة فيهم ، ورأى البعض طول شعور بعض جنود الدولة في المقاطع المرئية : لجؤوا إلى أثر ضعيف جداً في كتاب الفتن لأبي نعيم في ذكر قوم يطيلون شعورهم وألصقوه بالدولة ، وهذا من الإفلاس في الحجة .. أما "التيه قبل المشرق" فهذه صفة مخصوصة للخوارج الموصوفون في الأحاديث وليست صفة كل من خرج من المشرق كما يقول بعض الجهال ، فجُلّ علماء المسلمين خرجوا من بغداد أو كانوا فيها ، وكانت فيها الدولة العباسية ، وعاصمة الخلافة في عهد علي رضي الله عنه كانت بالكوفة ، والدولة الزنكية خرجت من الموصل ، فالمقصود بهؤلاء من خرج على علي في حروراء ، وقال بعضهم بأن المقصود الأزارقة والنجدات لأنهم خرجوا في اليمامة وهي شرق المدينة ، ولذلك قال بعض معارضي دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بأنه خارجي لخروجه في نجد ، وهذا خطأ ..

5- وجاء : "قوماً يتعبّدون" (ابن ماجه وصححه الألباني) ، وجاء : "يقرءونالقرآن ليست قراءتكم إلى قراءتهم شيئا ، ولا صلاتكم إلى صلاتهم شيئا ، ولاصيامكم إلى صيامهم شيئا" (أبو داود وصححه الألباني) ، ولا يُعرف عن جنودالدولة فضل عبادة - من صلاة أو صوم - على المسلمين كما عُرف عن الخوارج في عهد الصحابة والتابعين ، بل صلاتهم كصلاة المسلمين وصيامهم كصيامهموعبادتهم كعبادتهم ، ولنا أن نتخيّل عبادة الصحابة - الذين كان بعضهم يقرأا لقرآن في ركعة ، وبعضهم يركع فيحط الطير على ظهره من طول الركوع - ونقارن بها عبادة جنود الدولة لنرى أن هذه الصفة بعيدة كل البعد عن جنود الدولة الذين لم يُنقل عنهم عبادة يحقّر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلمعبادَتُهم لعبادتِهم ، وفي حديث ابن عباس عند الطَّبراني في قصة مناظرته للخوارج قال : "فأتيتهم فدخلت على قوم لم أَرَ أَشَدَّ اجتهاداً منهم ، أيديهم كأنها ثفن الإبل ، ووجوههم معلمة من آثار السجود" ، وقيل بأن أتباع ابن الأزرق كانوا على الدوام يقومون الليل ويصومون النهار !! ونتسائل : هل كل من اجتهد في العبادة خارجي ؟ الجواب معروف ؟

6- وجاء : "يقتلون أهل الإسلام ويدَعون أهل الأوثان" (أبو داود وصححه الألباني) ، وهذا لا ينطبق على جنود الدولة كونهم يقاتلون الكفار النصيريةوالنصارى والرافضة والملاحدة ، والدولة لا تقتل أهل الإسلام ، بل تدافع عنهم وتموت دونهم ، وليست الفتنة الحاصلة في الشام من هذا الباب ، وإنما هي اقتتال بين مسلمين لأسباب يطول ذكرها ، وقد أعلن قادة الدولة بالكفّ عمنيكف عنهم ، وهذا إعلان لا يصدره الخوارج لكونهم يرون قتل المسلمين ابتداءقربة إلى الله : فكانوا يمتحنون المسلمين في دينهم ورأيهم في الصحابةويقتلون من لا يوافقهم ، ويتركون النصارى وأهل الذمة لا يقتلونهم ، وهذه صفة منتفية عن الدولة الإسلامية التي في سلطانها ملايين المسلمين الآمنين ، ولو كانوا خوارج لأمتحنوا هؤلاء في عليّ وعمرو ومعاوية رضي الله عنهم ثم قتلوا من لم يكفّرهم ، أو امتحنوهم في عقائد الخوارج من تكفير مرتكب الكبيرة وغيرها من الأصول البدعية ، وهذا لم يُنقل عمن يعيش في كنف الدولةالإسلامية ..

من المؤسف أن الناس لا يعرفون أحوال الخوارج المذكورين في الأحاديث ، ومنلم يعرف أحوالهم لا يستطيع المقارنة بينهم وبين غيرهم ، فعلى المسلم الرجوعإلى كتب السلف لمعرفة أحوال المقصودين بهذه النصوص حتى يرى حجم الكذبوالتلبيس والتدليس الحاصل بإنزال هذه النصوص على "الدولة الإسلامية" اليوم كما أنزلوها من قبل على "قاعدة الجهاد" وعلى جماعة "الإخوان المسلمين" وعلى دعوة الشيخ "محمد بن عبد الوهّاب" ، ونحيل من يريد الحق إلى بعض المراجع ليحصل العلم ، فمنها : البداية والنهاية لابن كثير فقد جمع جملة طيبة من الأحاديث في أحداث سنة سبع وثلاثين ، والفصل في الملل والنحل لابن حزم ، والمِلل والنِّحل للشهرستاني ، والفرق بين الفِرق للبغدادي ، والكامل في التاريخ لابن الأثير ، وسِير أعلام النبلاء وتأريخ الإسلام للذهبي ، وفتاوى ابن تيمية ، ومصنف ابن أبي شيبة ، وشروح كتب العقيدة والحديث وغيرها ..

حقيقة رمي الدولة بالخارجية :

إن أخشى ما نخشاه أن يتلاعب بعض من في الثغور بالنصوص الشرعية لتحقيق بعض المكاسب الآنية : فالدولة الإسلامية لم تكن خارجية إلا بعد أن حصل الخلاف ، وبعد أن تمددت الدولة وتمكنت في كثير من البقاع ، ولم تأت الفتاوى إلا بعد أن توقف الكثير من المجاهدين عن قتال الدولة وبدأت البيعات تأتيها من هنا وهناك ، هنا ظهرت الفتاوى لتحل ما حرّم الله من قتال الفتنة واقتتال المسلمين ، وهذا عين ما يفعله الطغاة : فالرافضة إخوة الوطن في بلادالحرمين ، ورافضة كفار في اليمن ، وحلفاء في العراق ، وجيران في إيران ، فإذا حسُنت العلاقة مع إيران كان الرافضة مسلمون ، وعندما تسوء العلاقة تنطلق الفتاوى بتكفير الرافضة !! أسامة بن لادن - رحمه الله - كان شيخ المجاهدين ، والمقاتلون في أفغانستان كانوا طليعة الأمة المجاهدة ، ولما جاء الأمر الأمريكي أصبح أسامة رأس الخوارج ، وجميع أتباعه خوارج مارقين ضالين مُضلين ، وانطلقت الفتاوى الشرعية المؤصَّلة من بعض العلماء المشهورين تُنزل النصوص على أسامة وإخوانه !! الإخوان المسلمون كانوا مسلمين وسطيين معتدلين ، فلما حصل الإنقلاب أصبحوا خوارج ضالين مضلين إرهابيين !!

الدُّول المانحة – في الشام - اشترطت على "البعض" قتال الدولة الإسلامية ، والجنود إنما حملوا السلاح للجهاد والأجر ، لا لقتال الفتنة ، ولا تستطيع هذهالجماعات تكفير الدولة لأنها تصبح "تكفيرية" فتقع فيما رمت به الدولة ، فكان المخرج رمي الدولة بالخارجية حتى يستحلّوا قتالها ويطمئِن جنودهم فيقاتلوا "الخوارج" طلباً للأجر والثواب ، كيف لا وفي النصوص : "فأينما لقيتوهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة" (البخاري) ، " لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود" (البخاري) ، "لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد" (مسلم) ، "يقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق" (مسلم) ، "شر قتلى قُتلوا تحت أديم السماء ، وخير قتيل من قَتلوا" (ابن ماجه وحسنه الألباني) ، "ألا فإذا رأيتموهم فأنيموهم ، ثم إذا رأيتموهم فأنيموهم ، فالمأجور قاتلهم" (أحمد وإسناده قوي) ، فبهذه النصوص يسهل استدبار النصيرية ، واستقبال "المارقة الحرورية" ، فحسبنا الله ونعم الوكيل ..

مثال لنفي الخارجية :

لعلنا نبسّط الأمر أكثر لعوام المجاهدين في الشام وللمسلمين ، فنقول : الخارجية لا تثبت إلا بتطابق النصوص مع الواقع ، والواقع يشهد بأن الدولة بعيدة كل البعد عن وصف الخوارج كما ظهر ، وما فعله البعض هو انتقاء واختيار بعض ألفاظ الأحاديث للدلالة على رأيه ، وهذا خطأ لأن الأحاديث تصدّق بعضها بعضا ، وتبيّن بعضها بعضا ، فلا يجوز بترها ولا اختيار ما يناسب منها وترك الباقي ، فالخوارج الذين أتت صفتهم في الأحاديث كانوا : جماعة معلومة ، تَظهر في مكان معلوم ، يقاتلهم أولى الطائفتين بالحق ، ولهم آيات يُعرفون بها لا تُخطئهم ولا يتكلّف الإنسان إنزالها عليهم لتطابق الوصف ، وهؤلاء الخوارج كفّروا عموم المسلمين ، وأعلنوا تكفيرهم ، وشددوا على تكفير عليّ ومعاوية وعمرو بن العاص وأمثالهم من الصحابة ، وكانوا يمتحنون الناس في التكفير ويقتلون من لا يوافقهم دون تردد ، وكانوا لا يقربون الكفارويتورّعون أشد الورع في إيذائهم ، وكانوا يفسّرون القرآن على ظاهره وفقاجتهادهم وفهمهم هم ، ثم بعد ذلك أخذوا بعض عقائد المعتزلة وغيرهم فصار لهم مذهب خاص جمعوا فيه بين الجهل وخفّة العقل والبِدَع ..لنأخذ مثالاً واحداً حتى نبسّط الأمر أكثر ونبيّن كيف تلاعب البعض بالنصوص الشرعية وكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكل بساطة لتحقيق مآربهم ، وربما مآرب أعداء دينهم : حديث : "يقتلون أهل الإسلام ويدَعون أهل الأوثان" .. البعض يذكر الجزء الأوّل من الجملة ويترك الباقي ، وحتى الجزء الأوّل ليس لهم فيه حجّة ، فمن المعلوم أن جيش علي رضي الله عنه قتلوا طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وهما من العشرة المبشرين بالجنة ، وجيش علي ليس خارجياً اتفاقاً!! جيش معاوية قتل "عمّار بن ياسر" ، واقتتل الصحابة في الجمل وصفين فقُتل عشرات الآلاف من خيرة المسلمين ، فهل الصحابة والتابعون خوارج !! الذييقتل المسلمين ليس بالضرورة خارجيّ ، فلا بد أن تتفق الصفتان : "يقتلونأهل الإسلام ، ويدَعون أهل الأوثان" مع عدم إهمال بقية الحديث الذي هو جزءمن حديث "ذو الخويصرة" المذكور في الصحيحين وغيرهما .. الخوارج في عهدالصحابة كانوا يقتلون المسلمين فقط دون الكفّار ، قال القرطبيّ (في المُفهم) : "وذلك أنهم لَمّا حَكَموا بكفر مَن خرَجُوا عليه من المسلمين ، استباحوا دماءهم ، وتركوا أهل الذّمّة ، وقالوا : نفي بذمّتهم ، وعَدَلُوا عن قتال المشركين ، واشتغلوا بقتال المسلمين عن قتال المشركين" (انتهى) ، بل كانوا شديدي الورع مع الكفار حتى أن أكثر شراح الحديث يوردون قصتهم مع عبد الله بن خباب التي مفادها : "لما خرج إليهم عبد الله بن خباب رسولاً من عند عليّ جعل يعِظهم ، فمرّ أحدهم بتمرة لمعاهد فوضعها في فيه ، فقال له بعض أصحابه : تمرة معاهد استحللتها ؟" (انتهى) ، وعند ابن كثير في البداية والنهاية : "فبينما هو [عبد الله بن خباب] يسير معهم إذ لقي بعضهم خنزيراً لبعض أهل الذمة فضربه بعضهم بسيفه فشق جلده ، فقال له آخر : لم فعلت هذا وهو لذميّ ؟ فذهب إلى ذلك الذميّ فاستحلّه وأرضاه" (انتهى) ، فأين هذا الورع مع الكفار مما تفعله "الدولة الإسلامية" وقد رأى العالم كله - بالصوت والصورة - ما فعلوا بالنصيرية والرافضة والنصارى من ذبح وقتل ..

قد يقول قائل : الحكم للغالب ، فنقول : أين الدليل من النصوص بأن الحكمللغالب ؟ ثم لو قارنا من قُتل في هذه الفتنة - من جميع الجماعات بما فيهمجنود الدولة - بمن قَتلت الدولة من الرافضة في تكريت فقط لعُلم الغالب ..بلنقول أكثر من هذا : من ثبت عليه في فترة حكمه أنه "قتل أهل الإسلام فقط ولم يقاتل أهل الأوثان" لا نحكم عليه بالخارجية حتى تنطبق عليه بقية الصفات ، فهذا عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - حكم بلاد الإسلام لسنوات وكان قتاله كله ضد المسلمين ، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه حكم قرابة الخمس سنوات قاتل فيها المسلمين فقط ، وروي عنه أنه قال "أنا من علّم الناس قتال أهل القبلة" ، ولا يقول مسلم بخارجيتهما ، ومعاوية قاتل المسلمين والكفار في خلافته ، ولا يقول مسلم بأن معاوية أفضل من عليّ ، رضي الله عن الصحابة أجمعين ..

بل حتى الذي يسفك دم آلاف المسلمين ، بل مئات الآلاف من المسلمين ، لا يكونخارجياً إلا أن تنطبق عليه صفات الخوارج : فقد قيل بأن الحجاج بن يوسفالثقفي قتل ألف ألف نفس (مليون) واختلف العلماء في كفره ، ولم يرمه أحدبالخارجية !! أبو مسلم الخراساني قتل مئات الآلاف من المسلمين ولم يكنخارجياً ، وقيل بأن بنو العباس كانوا يُخرجون جثث بني أمية من القبورويحرقونها ولم يقل أحد بأنهم خوارج ، وقتلوا كل من وجدوا من بني أمية فيالشام واسرفوا في القتل حتى قيل بأن عبد الله بن علي - عم السفّاح – قتل فيالشام خلال ثلاث ساعات : خمسين ألفاً من جنود بني أمية وأمرائهم وأهليهموأنصارهم وفرّ الباقون إلى المغرب والأندلس (انظر ترجمة أبا مسلم في سيرأعلام النبلاء) ، فقتْل المسلمين قد يكون لسلطة أو بغي أو ثأر أو هوى أو لتثبيت حق أو باطل أو غيرها من الأسباب ، وليس بالضرورة خارجية كما يعتقدالبعض ..

لا بد أن تنطبق الأحاديث كلها على جماعة بعينها حتى تكون خارجية ، وإن قالالبعض : بأن هذا ليس شرطاً ، بل يكفي بعض الوصف ، فنقول : من له حق اختيار بعض الوصف وترك بعضه !! الصفات جميعها انطبقت على الخوارج في عهد علي رضي الله عنه وهو الذي روى الأحاديث وكان من أفقه الصحابة ، ومع ذلك بحث عن صاحب الثُّديَّة حتى يطمئن قلبه وقلوب المسلمين معه ، فمَن مِن العلماء اليوم أعلم من علي بن أبي طالب رضي الله عنه حتى يجزم بخارجية جماعة فينزل الأحاديث عليها ويختار ما يشاء ويدع !! قال ابن الملقّن في التوضيح في شرح حديث ذي الخويصرة : فإن قلت : أليس قال [صلى الله عليه وسلم] : "لئن أنا أدركتهم" ؟ وكيف لم يدع خالدًا أن يقتله وقد أدركه ؟ قيل : إنما أراد إدراك زمن خروجهم إذا كثروا وامتنعوا بالسلاح واعترضوا الناس بالسيف ، ولم تكن هذِه المعاني مجتمعة إذ ذاك ، فيوجد به الشرط الذي علّق به الحكم ، وإنما أقدر أن يكون ذلك في الزمان المستقبل ، وقد كان كما نبه عليه الخطابي" (انتهى) . فهذا تعليل من العلماء بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل أول خارجي لأن المعاني لم تجتمع فيه ، فكيف يأتينا اليوم من يتكلّف إنزال بعض الصفات على جماعة ثم يجزم بخارجيتها ويحكم بقتل أفرادها المسلمين قتل عاد وثمود !!

لو قال قائل بأن الدولة الإسلامية : باغية أو عميلة أو حكم جبري أو قادتهاجُهّال متنطّعون ، وقد قيل كل هذا ، فالأمر يختلف ، ويكون غير هذا النقاش ، لكن الخوارج جماعة معلَّمة جاءت فيهم نصوص مخصوصة لا يمكن إنزالها علىالدولة الإسلامية ، ومن أعجب العجب أن يدّعي البعض خارجية الدولة ثم يرميها بالكذب والعمالة في نفس المقام ، وهذا كمن يقول بأن فلاناً : "رافضي من أهل السنة والجماعة " !! لا يمكن أن يكون جارجيّ كذّاب ، ذلك أن الخوارجيكفّرون مرتكب الكبيرة ، والكذب عندهم من أعظم الكبائر ، والنصوص تشهدبأنهم أهل صدق : "يقرءون القرآن يحسبون أنه لهم" ، "قوم يتعبّدون ويتدينونحتى يعجبوكم وتعجبهم أنفسهم" ، فهم أهل عبادة وإخلاص وصدق حقيقة كما جاءت بذلك النصوص ، لكن عن جهل لا عن نفاق وكذب ، والأخبارهم تشهد - وعلماء السلف يشهدون - بأنهم من أصدق الناس لهجة ، ولم يؤثر عنهم الكذب ، وهذه صفتهم في الأحاديث ، فمن قال بأن الخارجي يكذب فهو كذّاب ، ومن قال بأن الكذّاب خارجيّ فهو كذاب ..

وقل هذا عن العمالة : فالخوارج من أبعد الناس عن العمالة ، وإنما هم شبابأغرار جهّال مندفعون يقاتلون عن عقيدة يؤمنون بها بكل قلوبهم وجوارحهموينصرون دينهم ومنهجهم بكل إخلاص ، فمن قال بأن العميل خارجيّ فهو كذّاب ، ومن قال بأن الخارجيّ عميل فهو كذّاب .. لا يمكن أن نصدّق من يحلف لنا بأن الدولة يكذبون وهم في نفس الوقت خوارج ، فتصديق مثل هذا تكذيبٌ للنبي صلى الله عليه وسلّم .. إما أن يكونوا كاذبين أو يكونوا خوارج .. الدولة تنفي عن نفسها عقيدة الخوارج جملة وتفصيلاً ، وخصومها يصرّون على أنها تكذب ، وهذا لغز لا حل له !!

قواعد في الحكم على جماعة بالخارجية :


هناك قاعدة مهمة في التصنيف ذكرها الشيخ سفر الحوالي في شرح الطحاوية ، فقال : "قاعدة مهمة : كل مذهب من المذاهب ومبدأ من المبادئ له أصول ، من استكملها فقد استكمل المذهب ، كما نقول : مذهب أهل السنة والجماعة له أصول ، من استكملها فهو من أهل السنة ، ومن نقص واحداً منها : نقص من أصول أهل السنة شيئاً ، وتعرضنا لهذا في معرفة الفِرق ، ونقول : المعتزلي هو من يؤمن بالأصول الخمسة ، فإن جاءنا من يوافق المعتزلة في أصلهم الذي يسمونه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهو يعني - عندهم- : الخروج على أئمة الجور ، فهل نقول : هذا معتزلي بإطلاق ؟ الجواب : لا . لكن نقول : هذا الرجل وافق المعتزلة في رأيهم في هذه القضية ، ونقول : هو معتزلي في مسألة الخروج ، فنقيّد المسألة" (انتهى).. قال الشيخ ابن باز بعد أن ذكر صفة الخوراج : "والحكم عام في كل من اعتقد عقيدتهم في كل زمان ومكان" (فتاوى اللجنة الدائمة ج2) ، فمناط الحكم هو الاعتقاد ، وهذا مثل أن نقول : فلان يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فهو مسلم ، ولكن إذا أتى ببعض نواقض الإسلام فإننا نُخرجه من دائرة الإسلام (بشروطه) ، فلا يكون مسلماً وهو يوالي أعداء الله ويعادئ أولياء الله ويحكم بغير ما أنزل الله ويسجد للأصنام أو للصليب ويذبح لغير الله ، فهذا لا يكون ، وكذلك من خرج على بعض المسلمين أو قتل بعض المسلمين أو كفّر بعض المسلمين فهذا لا يكون خارجياً إذا لم تجتمع فيه صفات الخوارج المنصوص عليها ولم يعتقد ما اتفقت عليه الخوارج ، فإن خرج عن بعض اعتقادهم لا يكون خارجياً ..قال الشيخ سليمان بن سحمان في "الضياء الشارق في رد شبهة المازق المارق" : "فإذا وضح لك ما تقدم ذكره فاعلم أنه لا يكون من الخوارج وعلى مذهبهم إلا من يستن بسنة هؤلاء الذين خرجوا على عليّ رضي الله عنه وسلك مسلكهم مِن قتلٍ لأهل الإسلام ، وترك أهل الأوثان ، وتكفير من لا يعتقد معتقدهم ، وإباحة دمه وماله وأهله ، وأن عثمان وعلياً وأصحاب الجمل وصفّين وكل من رضي بالتحكيم كفّار ، وأن من أتى كبيرة فهو كافر مخلّد في النار أبداً ، وأن من لم يخرج ويحارب المسلمين فهو كافر ولو اعتقد معتقدهم ، وإبطال رجم المُحصن ، وقطع يد السارق من الإبط ، وإيجاب الصلاة على الحائض في حال حيضها ، وكفر من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن كان قادراً وإن لم يكن قادراً فقد ارتكب كبيرة ، وحكم مرتكب الكبيرة عندهم حكم الكافر ، وسائر معتقداتهم الفاسدة ، وأعمالهم الزائغة .. فإذا تبيّن لك هذا فالشيخ [محمد بن عبد الوهاب] وأتباعه لا يعتقدون شيئاً من عقائدهم ، ولا يعملون بشيء من أعمالهم ..." (انتهى) ..

انظر كيف أبطل الشيخ "سليمان بن سحمان" الخارجية عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ثم قارنه بكلام بعض المتعالمين الذين أتوا بقواعد جديدة للتصنيف زعموا أنهم استقرؤوها من النصوص ، فيا لله ما أجرأ البعض على دين الله : يحرفون الكلم عن مواضعه ، ويتقوّلون على رسول الله ، ويتعالون على علماء الأمة فلا يرضون أقوالهم ، ويستحدثون حدوداً وأحكاماً يخالفون بها سلف الأمة ليثبتوا أموراً لا تثبت إلا بمثل هذا التلاعب بالنصوص والقواعد الشرعية ، والغريب أنهم يرمون الدولة الإسلامية بكل هذا !!

جاء في رسالة بعضهم بأن الوصف الجامع للخوارج هو : "تكفير المسلمين بغير حق واستحلال دمائهم" (انتهى) ، في محاولة لضرب الحدود التي وضعها العلماء عرض الحائط ، وفي محاولة للالتفاف على النصوص الشرعية ، وقد بينا بأن التكفير لم يرد في النصوص ، وهذا الوصف "الجامع" لم يرد عن علماء الأمة المعتبرين ، وقد قرر الكاتب في رسالته أنه يتبع النصوص ، لا كلام أهل العلم ، ونحن نسأله : أين في النصوص مسألة التكفير ؟ بل حتى لفظ الاستحلال لم يأت في النصوص !! ثم نتسائل : هل اذا اختلف بعض العلماء في تكفير شخص ، فكفّره بعضهم واستحلوا دمه يكون هؤلاء خوارج عند من لك يكفّروهم !! مثال آخر : الحنابلة يرون بأن تارك الصلاة كافر يُستتاب ، فإن تاب وإلا قُتل ، والأحناف لا يرونه كافراً ولا يرون قتله بل يرون تعزيره ، فبتعريف هذاالكاتب يكون الحنابلة خوارج عند الأحناف لأنهم يكفّرون مسلماً بغير حق – في نظرهم – ويستحلون دمه ، فهل يقتل الأحنافُ الحنابلةَ قتل عادٍ وثمود !!وإذا قيل بأن المقصود تكفير جميع المسلمين ، فنقول : الدولة لا تكفّر جميعالمسلمين فضلاً عن أن تستحل دمائهم ، فابتداع حد للخوارج لم يقله العلماء ولا ورد في النصوص ثم إنزاله على جماعة لا ينطبق عليها حتى هذا الوصفالمبتدع يعد من أعظم التلبيس والتدليس ..

إن كان الكاتب صادقاً في متابعة النصوص فليأتِ بحد للخوارج من ألفاظ النصوص ذاتها ، كأن يقول : الخوارج هم "قوم يخرجون من قبل المشرق ، على حين فرقة من الناس ، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يحسبون أنه لهم وهو عليهم ، ليست قراءتكم [أي الصحابة] إلى قراءتهم شيئا ، ولا صلاتكم إلى صلاتهم شيئا ، ولا صيامكم إلى صيامهم شيئا ، حدثاء الأسنان ، سفهاء الأحلام ، يقولون من خير قول البرية ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم ، هم شر الخلق والخليقة ، سيماهم التحليق والتسبيد ، يقتلون أهل الإسلام ويدَعون أهل الأوثان ، يحسنون القيل ويسيئون الفعل ، أشدّاء أحدّاء ، ذلقة ألسنتهم بالقرآن ، يسألون كتاب الله وهم أعداؤه ، يتعبدون ويتدينون حتى يعجبوكم وتعجبهم أنفسهم ، شر قَتلى قُتلوا تحت أديم السماء ، وخير قتيل من قَتلوا" (انتهى) .. هذه هي ألفاظ الأحاديث لم شاء اتباع النصوص ..تَرك الحدود التي حدّها علماء السلف ، واستنبط حداً من عنده لم تأت كلماته في النصوص الشرعية ، ثم زعم أنه يتبع النصوص الشرعية !! هل علماء السلف الذين وضعوا حدوداً لفرقة الخوارج استنبطوها من النصوص البوذيّة !! ألا يكفي ما وضع الأشعري وابن تيمية وابن حزم وابن حجر والنووي والبغدادي والشهرستاني وغيرهم من علماء الأمة حتى يخترع لنا البعض حدوداً من عنده لم تأت بها النصوص !!

لكي نفهم حقيقة إنزال النصوص على فرقة بعينها : نأخذ الجيش المصري - على سبيل المثال - فننزل عليه الأوصاف التي جاءت في النصوص وننظر إن كان جيشاً خارجياً !!جنود الجيش المصري : أكثرهم حدثاء أسنان ، سفهاء أحلام ، يحلقون رؤوسهم ، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان ، يحسنون القيل ويسيئون الفعل ، أشدّاء أحدّاء .. هذه الصفات رآها الناس فيهم مؤخراً ، ولكن هل تنطبق عليهم بقية الصفات ؟ هم لا يقرؤون القرآن فضلاً عن أن يحسبوه لهم ، ولا يقولون من قول خير البرية ، وليس فيهم من يحقّر الصحابة صلاتهم إلى صلاتهم ولا صيامهم إلى صيامهم ولا تُعجبهم أنفسهم من كثرة العبادة بل لا يكادون يذكرون الله إلا قليلاً .. بما أن جميع الصفات لم تنطبق عليهم فهم ليسوا خوارج ، بل فرقة أخرى لها وصف آخر غير الخارجية ، فقد يكونون : بغاة أو كفار أو مرتدون أو ظلمة أو خونة أو عملاء ، لكن ليسوا خوارج لعدم تطابق جميع الوصف ، ولذلك لا نستطيع أن نقول بقتلهم قتل عاد وثمود ، وأن خير قتلى من قتلوه وأنه طوبى لمن قتلهم .. قد نجيز قتلهم من باب آخر : كالدفاع عن النفس ، أو من باب الردّة أو غيره أو كونهم أعوان المرتدين والكفار ، فنفرّق بين كونهم يقتلون المسلمين ويتركون الكفار وكوننا نجيز قتلهم ، وبين كونهم خوارج تنطبق عليهم الصفات المذكورة في النصوص ..

هناك نقولات أخرى تفيد كيفية الحكم على الفرقة بالخارجية في "الدرر السنيّةف ي الأجوبة النجدية" ، وهي قول العلماء في أن المرء لا يتبع جماعة إلا إذا وافق أصولها وأفعالها فضلاً عن أوصافها التي أتت في النصوص الصحيحة ، كماجاء في جواب الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين عندما سُئل عن القدريةوالمعتزلة والخوارج ، فقال نافياً الخارجية عن دعوة الشيخ ابن عبد الوهاب : "فإذا عرفت مذهبهم [مذهب الخوارج] : أن أصله التكفير بالذنوب ، وكفّرواأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستحلّوا قتلهم ، متقربين بذلك إلىالله ! إذا تبيّن لك ذلك ، تبيّن لك : ضلالة كثير من أهل هذه الأزمنة ، في زعمهم : أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – واتباعه خوارج ، ومذهبهم مخالف لمذهب الخوارج ، لأنهم يوالون جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويعتقدون فضلهم على مَن بعدهم ، ويوجبون اتّباعهم ، ويدعون لهم ، ويُضلّلون من قدح فيهم ، أو تنقّص أحداً منهم ، ولا يكفّرون بالذنوب ، ولا يُخرجون أصحابها من الإسلام ، وإنما يُكفّرون من أشرك بالله ، أو حسّن الشرك ، والمشرك : كافر بكتاب الله ، والسنة ، والإجماع ، فكيف يُجعل هؤلاء مثل أولئك" (انتهى من الدرر السنية ج 1 ص362) ، وهناك كلام كثير في الدرر السنية يدور حول هذا المعنى فليراجعه من شاء ..

جاء سؤال للشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – في شأن الشيخ سفر الحوالي – شفاه الله – مفاده : أن بعض الناس يرمون الشيخ سفر بالخارجية ، فما كان من الشيخ ابن عثيمين إلا أن سأل الشيخ سفر سؤالين فقط في نفس المجلس : "هل تقول بكفر مرتكب الكبيرة" ؟ "هل تقول بجواز الخروج على الأئمة" ؟ فأجاب الشيخ سفر بالنفي ، فقال الشيخ ابن عثيمين : هذه أبرز صفات الخوارج ، وبما أن الشيخ سفر أجاب بالنفي فهو ليس خارجياً ، وعزا الشيخ العثيمين هذا القول إلى الحسد .. وهذا هو رابط المقطع الصوتي في الشبكة : (https://www.youtube.com/watch?v=ZAu5Ki3md2Q) .. فإذا انتفت "أبرز" صفتين فلا حاجة للبحث في باقي الصفات ..

لا يُعقَل أن يقال "فلان نصراني" وهو يكفُر بعيسى ، أو يقال "فلان يهودي" وهو كافر بموسى ، أو "فلان مسلم" وهو كافر بالله ثم بمحمد صلى الله على أنبياء الله أجمعين !! هذا لا يستقيم عقلاً ولا شرعاً ولا يقوله أحد من العلماء ولا حتى العوام .. إذا خالف الإنسان أصول معتقد جماعة فكيف يكون منها .. إذا وافق الإنسان الخوارج على أصولهم المتفق عليها بينهم كان خارجياً ، ولكن إذا وافقهم على أمر واحد لا يكون خارجياً ، بل نقول : وافق الخوارج في هذا الأمر ، ولا نُنزل عليه أحاديث الخوارج التي جاءت بقتله ابتغاء الأجر ، فليس هذا من أصول أهل السنة في شيء ، فانظر – يا رعاك الله – إلى أقوال العلماء وكيفية إنزالهم النصوص منزلها ، ثم انظر ما يفعله البعض اليوم ..

لعل البعض يقول : إنّ بعض من يرمي "الدولة الإسلامية" بالخارجية هم من طلبة العلم وأصحاب الشهادات ، فنقول : الذين رموا الشيخ محمد بن عبد الوهاب بالخارجية هم من كبار علماء الأمة في ذلك الوقت ، ولا يُقارن من يرميالدولة بعلم أولئك ولا يقربوهم ، فقد كان منهم الفقهاء والمحدّثون المشهود لهم (كابن عابدين صاحب الحاشية في الفقه الحنفي ، والعلّامة الآلوسي ، وبعضكبار فقهاء ومحدثوا الهند وخراسان ومصر والمغرب والشام بل وجزيرة العرب ،ولا زالت بعض المدارس في الهند تصف "الوهابية" بالخوارج) ، هؤلاء اتهمواالدعوة النجدية بالخارجية جهلاً بها أو كذباً عليها أو فجوراً في الخصومة أو حسداً ، ذلك أن الدعوة خرجت عن المألوف في ذلك الوقت من الاعتقاد بالأموات والقبور والعقائد الاعتزالية والصوفية الغالية والرافضية والأشعرية وغيرها ، فكانت رَدة فعل هؤلاء العلماء أن رموا الدعوة بالخارجية لأنها تكفّر عموم المسلمين في نظرهم ، وليُنفّروا الناس منها وليسهّلوا على الناس محاربتها ، ولن تجد أمراً رُميت به الدولة الإسلامية إلا وقيل في الدعوة النجدية أكثر منه ، فما أشبه الليلة بالبارحة !!بعض الذين رموا "قاعدة الجهاد" بالخارجية هم من كبار العلماء ، وتبعهم بعض طلبتهم ، وكانوا كلهم على باطل في هذه المسألة ، علموا ذلك أم جهلوا ، وأعظم "منصب ديني" في الأمة هو "مشيخة الأزهر" ، وها هو "شيخ الأزهر" يرمي الإخوان المسلمين بالخارجية ، ويقول عن "الشيخ القرضاوي" بأنه رأس الخوارج !! القرضاوي الذي أفتى بنات المسلمين بجواز لبس ملابس السباحة أمام الرجال في جامعات الدول الغربية هو رأس الخوارج في هذا الزمان "لتنطّعه في الدين" وخروجه على ولي الأمر "السيسي" !! ناهيك عن مفتي مصر ووزير الأوقاف ، فهذه المناصب والألقاب لا تُغن عن الحق شيئاً ، وليست من الاجتهاد في شيء ، وليس لها قيمة شرعية ، فالحق فيما جاء في كتاب الله تعالى وما جاء على لسان النبي صلى الله عليه وسلم وما أجمع عليه علماء الأمة ، فهذا هو الحق المتبوع الذي لا يسع أحد مخالفته ، والأسلم اتباع علماء السلف في مثل هذه الأمور ، خاصة في هذا الزمان الذي قل فيه الإخلاص ، وزاد خوف بعض العلماء من السلاطين ، وزاد تملّق بعضهم لهم ، وكثر فيه الكذب في الخصومات وزاد الفجور فيها .

يتبع
عاشقة السماء
عاشقة السماء
إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ

عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد Empty رد: قراءات.. تأملات وعصف ذهني مع حسين بن محمود... متجدد

مُساهمة  عاشقة السماء الثلاثاء يوليو 21, 2015 6:05 pm



تحذير للعلماء وطلبة العلم :

نذكّر من حباه الله بعلم : أن العلم أمانة ، والخائن من دلّس على الناس ولبّس ،والكذب في الدين - بإنزال النصوص غير منزلها - ليس كالكذب في غيره ، فليتقالبعضُ اللهَ فإنه يحاسبهم على كل كلمة يقولونها أو يكتبونها في شأنالمسلمين عامة ، والمجاهدين خاصة ، فهؤلاء أقرب الناس لأن يكونوا أولياءه ،وقد آذن الله تعالى من يعادي أولياءه بالحرب ، ولم نجد في زماننا من رمىالمجاهدين بشيء إلا فضحه الله وهتك ستره وفضّ جمعه ، فليتّق اللهَ من يرميالمجاهدين بما ليس فيهم {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوافقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا} (الأحزاب : 58) ، ولا ينفع البعض مداهنة هؤلاء الحكام لتثبيت دنياهم بإضاعة دينه ، ولا ينفع البعض أن يقول : أناصر هذه الجماعة أو تلك على الدولة ، فالنصرة شيء ، والكذب في الدين شيء آخر..

كما أن هذا الكلام لبيان حقيقة الخوارج والتحذير من سقوط بعض الشباب في مستنقع الغلو والتشدد في معاملة المسلمين والتساهل في إراقة دمائهم ، فهذه من صفات الخوارج الذين حذّرنا النبي صلى الله عليه وسلم منهم ومن جهلهم وقلة فهمهم ، فعلى الشباب الرجوع إلى العلماء الربانيين في المسائل الشائكة ،ولا ينبغي الخوض في المسائل العظيمة – كالتكفير واستحلال الدماء – إلا لمنملك آلة الإجتهاد أو سأل العلماء الربانيين ونقل عنهم كلامهم ، قال الغزالي : "الذي ينبغي الاحتراز عن التكفير ما وجد إليه سبيلا ، فإن استباحة دماءالمسلمين المقرين بالتوحيد خطأ ، والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون منالخطأ في سفك دم مسلم واحد" (التفرقة بين الإيمان والزندقة) ..
ليس سؤال العلماء دليل قلة علم - كما يوسوس الشيطان للبعض - وإنما هو دليل كمال العقل والطاعة لله تعالى في قوله سبحانه {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (النحل : 43) ، وقوله جل وعلا {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} (النساء : 83) ، ودليل خوف وحذر من عاقبة الجرأة على الله {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً} (الإسراء : 36) ..

من قال بأن الدولة الإسلامية خارجية فقد كذب على رسول الله صلى الله عليهوسلم ، وينبغي لمن سمع أو قرأ هذا عن الدولة أن يُلقي على صاحب الكلام قولالنبي صلى الله عليه وسلم "من كذبَ عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" (صحيح متواتر) ، ذلك أن إنزال الأحاديث غير منزلها : من الكذب عليه صلى الله عليه وسلم ، فالمُنزل – جاهلاً أو متحاملاً أو فاجراً في خصومة - يزعم بأن هذا هو مُراد النبي صلى الله عليه وسلم من كلامه

الكذب والفجور في الخصومة من صفات المنافقين "أربعُ خلالٍ مَن كُنَّ فيه كانمُنافقاً خالصاً : من إذا حدَّث كذَب ، وإذا وعد أخلَف ، وإذا عاهد غدَر ، وإذا خاصمَ فجَر . ومن كانت فيه خَصلةٌ منهنَّ كانت فيه خَصلةٌ منَ النِّفاقِ حتى يدَعَها" (البخاري) ، وانظر إلى من كانت فيه خصلة : لم يقل النبي أنه منافق خالص النفاق ، بل قال : فيه خصلة من النفاق ، وهذه الخصلة غير كافية بالحكم على الشخص بالنفاق الذي يكون مآله الدرك الأسفل من النار ، وقارن هذا بما يفعله البعض بأحاديث الخوارج التي يبترونها ويقتطعون منها ما شاؤوا ، وربما أخذوا حديثاً واحداً ورموا به جماعة ثم جزموا بخارجيتها : لأن صفة واحدة تحققت في هذه الجماعة على حد زعمهم !!

الإعلام والكذب على الدولة :

الإعلام من أكذب الآلات اليوم : فما لبث يضخّم أخطاء الدولة ويفتري عليها ويترك الطوام الحقيقية : انظروا إلى حكم إعدام سبعة آلاف مسلم في العراق كيف يمر مرور الكرام ، ولكن إذا قتلت الدولة أمريكياً صليبياً كافراً تقوم قيامةالإعلام لأيام طويلة ، وإذا قتلت عبَدة الشيطان من اليزيدية طاروا بخبر عنفوشدة الدولة ، وإذا سبَت الدولة من اليزيدية أو النصيرية ولولوا وهاجواوماجوا ، ولم يتكلم أحد عما يفعله الرافضة والنصيرية بنساء المسلمين فيالسجون ، وبأطفال المسلمين الذين تفجّر قنابل النصيرية والنصارى والعربوالرافضة رؤوسهم كل يوم في الفلوجة والرقة وغيرها !! فأي فجور وأي كذب وأي خيانة للأمانة أكثر من هذا ، وليسأل المرء نفسه : لماذا تضخيم أفعال الدولةالإسلامية اليوم ومهاجمتها في الإعلام المنافق والكافر والسكوت عن أعمالالرافضة والنصيرية والنصارى والملاحدة والمرتدين ، أليست البراميل المتفجرةوالصواريخ الموجّهة تفعل بالأطفال والنساء والشيوخ أضعاف أضعاف ما تفعله سكاكين الدولة بالرجال المحاربين !! لن ننسى تلك القنوات التي قالت بأنالدولة الإسلامية تريد إعادة صياغة القرآن الكريم ، أو أنها تبيع البناتالمسلمات في السوق وأتوا بمقطع لطفلة تقرأ القرآن في أمسية قرآنية وزعمواأن الممسك بها تزوجها غصباً ، لن ننسى تلك القنوات الكاذبة الفاجرة التيصدّقها من لا عقل له !!

وآخر يقول : الدولة الإسلامية منعت صلاة التراويح في الموصل ، ونقله بعض الجهال بصيغة الجزم ولم يعتذروا حتى لمتابعيهم بعد أن تبيّن كذبه !! ولا زلنانذكر قالتهم لما أرادت الدولة دخول مخيم اليرموك : "المسلمون في خطر ،والدولة ستقطع رؤوس الفلسطينيين ، وعلى العالم إنقاذ المسلمين في المخيّم"فولولوا وصرخوا وتعالت أصواتهم ، ثم خرجت بعض الجماعات (الفلسطينية المجاهدة المقاومة) من عباءة التقية فانحازت إلى النصيرية علناً لتقصف سكان المخيم الذين يزعمون أنهم يدافعون عنهم ، واليوم نرى بأن الدولة الإسلامية لم تُحدث مجزرة بسكان المخيّم ، بل إن سكان المخيّم يشكرون الدولة أن أنقذتهم من ظلم وجور الجماعات المتاجرة بدمائهم ، فيا لله ما أكذب هؤلاء وما أقبح افتراءهم ، فآلة الكذب لم تتوقف منذ أعلن الكفار والمرتدون الحرب على الدولة : فرموها بكل نقيصة ، وافتروا عليها من الكذب المفضوح ما يجعل إبليس في حيرة من أمره ، وكل كذبهم رُدَّ في نحورهم "وما زال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذاباً" (مسلم) ، فدُمغت علامة الكذب على جباههم في الدنيا ، وفُضحوا بين الناس ، فنسأل الله أن يرد كيدهم في نحورهم ويحفظ المسلمين من شرورهم {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (النحل : 105) ، ومن قلة حيائهم أنهم لا يعتذرون عن الكذب ولا يستحون من نقل كل ما يسمعون وما يقرؤون المرة تلو الأخرى و"كفى بالمرء كذباً أن يُحدّث بكل ما سمع" (مسلم) ..

الدولة الإسلامية العميلة !!


لن ننسى أبداً ما قال البعض في بداية الأحداث من أن الدولة الإسلامية عميلةلأمريكا ، وعميلة لإيران ، وعميلة للنصيرية ، وأنها لا تُقاتل النصيرية ولايقصفها النصيرية ولا الأمريكان ، وأنها عميلة للصهيونية العالمية ، وأن الدولة تُديرها المخابرات الأجنبية ، وأنها تُدار من قبل البعثيين ، وأن أميرها مجهول لا وجود له ، وتحدّوا ظهوره ، ثم تحدوا الدولة بدخول دير الزور ، ثم دخول الرقة ، ثم الهجوم على معسكرات الجيش النصيري ، ثم لما فعلت الدولة كل هذا قالوا : لم لا تقصف اليهود ، فقصفت اليهود من سيناء ، فقالوا : تريد أن تضيّق على حماس وتورطها وتُفسد "مقاومتها" ، ولو كانت صادقة لقصفت إيران {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ} (الأنعام : 7) ، ثم هي خارجية مهما فعلت ومهما قالت !! كل هذه الاتهامات والتناقضات والأكاذيب أخجلت مسيلمة الكذاب ، فكل هذا اتضح كذبه وبطلانه ، ولا زال البعض يكذب ويتحرى الكذب ، وآخر كذبة أن الدولة اتفقت مع النصيرية على قتال الجماعات المسلّحة ورأس "زهران علّوش" مقابل إعطاء الدولة أكثر من ثلث سوريا !! لو قالوا : رأس "الجولاني" أو رأس "قائد أحرار الشام" لكان أقرب إلى عقول البعض ، لكن رأس "علّوش" !!

إن كان نتيجة الإتفاق المزعوم : قتل جنود النصيرية وحز رؤوسهم في حلب وحمص والحسكة والقلمون والغوطة بالعشرات كل يوم وتفجيرها ورميها بالرصاص من قبل الشباب الصغار على مسرح تدمر مقابل الرأس الغالي جداً – رأس علّوش الذي هو تحت مرمى نيران الطيران النصيري الذي لا يراه رغم استعراضاته العسكرية المُعلنة في الغوطة ، والذي تتجاوزه الطائرات النصيرية كل يوم لتقصف الرقة ودير الزور والحسكة ودرعا وإدلب - فنحن نحث جميع الجماعات المقاتلة أن تحذوا حذو الدولة وتبرم مثل هذ الاتفاق مع النظام ..

ومثل هذا من لا زال يدندن بأن الدولة عميلة لإيران !! إن كانت العمالة معناهاقتل الجنود الإيرانيين وضباطهم وجنرالاتهم – كما تفعل الدولة التي لم يقتلغيرها في التأريخ الحديث ما قتلت من جنود الفرس – فندعوا الجميع أن يكونوا عملاء لإيران .. البعض يتسائل بخبث : لم لا تضرب الدول الإسلامية إيران بالصواريخ ؟ الجواب : لما أرادت الدولة التقدم نحو أربيل ، وولولت إيران ،من الذي هبّ لنصرة إيران وقصفَ جنود الدولة الإسلامية !! من الذي يقصفهاليمنعها دخول كركوك !! من الذي يمنعها من الاقتراب من إيران !! إذا كانت"الدولة الإسلامية" عميلة لإيران أو صنيعة لها وهي تفجّر في بلادكم لصالحإيران ، فدونكم إيران اقصفوها أو اقطعوا علاقاتكم معها أو حتى اعتبوا عليهاعتاب الحبيب .. كيفت تنسّق طائراتكم مع طائرات إيران لقصف عملاء إيران !! لمَ تعطي حكوماتكم المليارات للحكومة الرافضية في بغداد لمقاتلة الدولة !! هل يُعقل أن تعطوا الأموال للرافضة لقتال عملاء إيران !! ألستم تقولون بأن إيران وأمريكا أصدقاء وأحباب !! لم تدخل حكوماتكم تحت الراية الصليبية الصديقة للإيرانيين الذين صنعوا "الدولة الإسلامية" لقتالكم وقتلكم !! هل يُعقل أن تدعم إيران "دولة إسلامية سنية" تقتل الرافضة في العراق والنصيرية في الشام وتحز رقابهم وتفجّر أعناقهم وتهدم مراقدهم وتهدد مزاراتهم !! أين الخلل في هذه الصورة ؟

إن كانت الدولة عميلة لأمريكا والفرس والنصيرية واليهود والرافضة فلِم لاتقصف الطائرات العربية : حاملات الطائرات الأمريكية الرابضة في موانئها ،وقواعد أمريكا العسكرية في بلادها !! لم لا تقصف الطائرات العربية : اليهودفي فلسطين ، ولم لا تقصف النصيرية في دمشق واللاذقية ، ولم لا تقصف طهران وقم ، ولم لا تقصف بغداد والنجف !! لم كل القصف على الدولة وهي لا ذنب لها سوى كونها "عميلة" فقط ، وهذه الدول هي العدو الحقيقي كما يزعمون !! لم تطير طائرات الرافضة والفرس والعرب والنصيرية واليهود والصليبيين في فضاء واحد وبتنسيق تام من غرف عمليات مشتركة لتقصف جماعة واحدة هي عميلة للجميع !! لم لا تقطع هذه الدول علاقاتها مع بعضها البعض وكل واحدة تُعلن بكل وقاحة أن الدولة الإسلامية عميلة "لأعداءها" الذين يجلسون بجانبها في غرف العمليات المشتركة !! لم نر في حياتنا أعداء مثل هؤلاء الذين فتحوا لبعضهم البعض السفارات ، وأبقوا على العلاقات السياسية والاقتصادية ، ويدعم بعضهم بعض بالمال والأرض والسلاح والرجال في سبيل الخلاص من عملاء هم صناعة الجميع !! ليست هذه المصيبة ، المصيبة أن هناك من يصدّق كل هذا الهراء ، ويبني عليه تصوراً في عقله المغيَّب !!

قبل أن تسألوا عن حقيقة الدولة : اسألوا طائرات الصليبيين من أين لها الوقودالذي في بطونها ؟ اسألوا عمن دفع ثمن الصواريخ التي تقتل المسلمين فيالعراق والشام ؟ اسألوا عمن يدفع رواتب الطيارين النصارى واليهود الذينيقصفون المسلمين في الشام والعراق ، ومن يدفع رواتب الجنود ؟ اسألوا أمريكا الصليبية كم تستفيد من أموالنا التي يدفعها الحكام لقتل المسلمين ليحفظوا كراسيهم ، كما فعلوا في مصر ؟ لا تسألوا عن خارجية الدولة وعنفها وشدتها بل اسألوا عن كفر وردّة من يعين الصليبيين والرافضة واليهود والنصيرية والملاحدة على قتل المسلمين وهتك أعراضهم ..

نحن لا نُنكر أن يختلط على البعض أمر الدولة من حيث شدتها وقسوتها على البعض في بعض الأحيان ، لكن أن تكون عميلة لجهات تقتل منها العشرات كل يوم - وفي أيام مئات - وتحز رؤوسهم ، وتفجّر رقابهم وتحرقهم ، ثم يصدّق البعض بأنها عميلة ، هذا يسمى في عرف جميع البشر : "حماقة" .. ربما نعذر البعض بتصديق بعض الكذب على الدولة لكثرة المردّدين ، ولكن أن يتبيّن الكذب على الدولة كل يوم وكل حين ، وتنتفي الكذبة تلو الأخرى ، ثم يبقى من يصدّق كل كذبة تُقال عن الدولة من نفس المصادر التي كذبت عشرات المرات ، فهذا في عرف جميع العقلاء يسمى : "استِحمار" ..

هذه تجربة تبيّن مدى التحامل على الدولة الإسلامية : قام أحد الإخوة ببث إشاعة تسيء إلى الدولة في برنامج "المغرّد" ، وقال : أتتني الإشاعة بعد ساعتين من كثير ممن أتابعهم ، ونشرَت جهات كثيرة الإشاعة بشكل كبير وبصفة الجزم ، ثم قمتُ في اليوم التالي بنشر نفيٍ للإشاعة من نفس الحساب ونشرته في نفس القنوات ، وانتظرت يومين ، فأتاني التكذيب من مناصري الدولة فقط !! المصدر واحد ، والخبر كذب ، ولكن النقل الكبير أتى بصيغة الجزم ، ثم لما عُلم انتفاء الخبر : لم ينقل هؤلاء النفي ، ولم يعتذر واحد منهم على نقل خبر كاذب ، بل مر الأمر وكأن لم يكن !! إذا كان العلماء وطلبة العلم يستحلّونالكذب ولا يعتذرون منه ، فكيف بالعوام !!

من المسؤول عن تضليل الأمة :

إننا نحمّل بعض العلماء وطلبة العلم مسؤولية تضليل الأمة وشبابها : فمن يرمي الدولة بالخارجية والضلال والعمالة وهو يرى الطائرات تنطلق من قرب بيته لتدكّ بيوت المسلمين في سوريا والعراق ، وتفجّر أجساد الأطفال والنساءوالشيوخ المسلمين تحت راية الصليب الأمريكية تُساند الملاحدة الأكراد الذين يسبّون الله ورسولَه جهرة ، وتساند الرافضة الذين يسبّون الصحابة ويتهمونالنبي صلى الله عليه وسلم في عرضه ، وتساند النصيرية الكفار الذين يهتكونأعراض المسلمات في الشام ، من يرى - من العلماء وطلبة العلم – كل هذا ثم لايكون همّه إلا النيل من المجاهدين : فهذا خائن لأمانة العلم ، خائن لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وسيكون هؤلاء المجاهدون خصومه يوم القيامة، وسيكون شهداءهم - وأطفال وشيوخ ونساء المسلمين الذين قُتلوا بقنابل أولياء أمره - خصومه يوم القيامة ، وإن كان المقتول الواحد يُمسك بناصية ورأس القاتل حتى يدنيه من العرش ويقول "يا ربّ سل هذا فيم قتلني" (الترمذي وهو صحيح) ، فإن هذه الفتاوى تقتل الآلاف من أبناء ونساء وشيوخ المسلمين ،وتقتل المجاهدين ، فيا لله كم إنسان يأتِ برأس هذا العالم يجرجره يوم القيامة ، ويا لله كم جنى هؤلاء على أنفسهم وعلى المسلمين أن جعلوا خصومهم يوم القيامة من حملوا أرواحهم على أكفّهم ليقاتلوا دون أعراض ودماء المسلمين !!

الأولى بالعلماء أن يُنكروا الكفر والردّة الصريحة المُجمع عليها بين علماءالإسلام قاطبة : مِن تولّي الكفار والدخول تحت رايتهم الصليبية لقتالالمسلمين ، فهذا هو الكفر البواح والردّة الصراح التي لا خلاف عليها ولا جدال بين علماء الإسلام قاطبة ، ناهيك عن الحكم بغير ما أنزل الله ، والعداوة لكل ما يمت للإسلام بصلة ، ومحاربة مظاهر التديّن في الأمة والسخرية من الدين في وسائل الإعلام المملوكة لولاة أمرهم ، وقتل المسلمين وحرقهم أحياء بعد "الثورات العربية" ، وإجهاض حلم الأمة بالنهوض من كبوتها بقتل وأسر كل من يريد لها الخير ، وترك العنان للمرتدين (الليبراليين) يكتبون ما شاؤوا من الطعن بالدين ، فهذا كله تُرك لصالح محاربة المجاهدين الذين يقارعون أعداء الدين في العراق والشام !! قال ابن القيم في الداء والدواء : "ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام ، والظلم ، والزنا ، والسرقة ، وشرب الخمر ، ومن النظر المحرم ، وغير ذلك . ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه ، حتى نرى الرجل يشار إليه بالدين ، والزهد ، والعبادة ، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله لا يلقي لها بالاً ، وينزل بالكلمة الواحدة منها أبعد بين المشرق والمغرب . وكم ترى من رجل متورّع عن الفواحش والظلم ، ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات ولا يبالي ما يقول" (انتهى) .. كيف لو رأى ابن القيم زماننا هذا ورأى هؤلاء وقد أطلقوا ألسنتهم في المجاهدين يرمونهم بأشنع الأوصاف في مثل هذه الأوقات !!

فليفرح البعض بخروجه في الفضائيات ، وبنشره التغريدات ، وبكثرة المتابعات واللقاءات ، فإن كل هذا لا يُغني عنه من الله شيئاً ، فقد آذن الله تعالىمن يعادي أولياءه بالحرب ، وليس أولى من المجاهدين بهذه الصفة اليوم ، فهمالذين بذلوا الغالي والنفيس في سبيل الدين ، وهم الذين أرجعوا للأمة بعضكرامتها ، وهم الذين أحيوا ما أمات الناس من التوحيد الخالص الخالي منالعبودية للبشر بالخوف والرجاء ، وهم الذين أحيوا الكثير من السنن والأحكامالشرعية ، وهم الذين ذكرهم الله في كتابه فأثنى عليهم كما لم يُثن على غيرهم وجعل لهم من الدرجات ما لم يجعل لغيرهم سوى الأنبياء ، وجاء على لساننبيّه صلى الله عليه وسلم في فضلهم ما لم يأت في فضل سواهم من غيرالأنبياء ، فأي جريمة يرتكبها البعض وأي جناية على الشرع أن يلمزواالمجاهدين ويرموهم بالألقاب لتزهيد الناس فيهم ولصرف الناس عنهم خدمةلأعداء الدين من الصليبيين والرافضة والنصيرية وأهل الردّة ..

نقول لبعض الدعاة والعلماء ، هدانا الله وإياهم إلى الحق : لا يكون شرط الطبري في تاريخه سندكم في نقل أخبار الدولة الإسلامية ، وشرط البخاري في نقلكم أخبار حكامكم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (المائدة : 8) ، فأكثر ما تسمعون عن الدولة كذب عليها وإن جاءكم من الثغور ، فأكثر من يَنقل الأخبار هم خصوم الدولة ومخالفيها وبعض العملاء والمندسين ، ولا يجوز تصديق الخصوم بالدعوة المجرّدة ، وقد بوّب ابن عبد البر في جامعه : "باب حكم قول العلماء بعضهم في بعض" وروى بسنده عن ابن عباس رضي الله عنه قال : "استمعوا علم العلماء ولا تصدّقوا بعضهم على بعض فوالذي نفسي بيده لهم أشد تغايرا من التيوس في زروبها" ، وفي رواية "الفقهاء" وعن مالك بن دينار "القرّاء" (انتهى) ، وبسنده عن أحمد بن صالح قال : "سألت عبد الله بن وهب عن عبد الله بن زياد بن سمعان ، فقال : ثقة ، فقلت : إن مالكا يقول فيه كذاب فقال : لا يُقبل قول بعضهم في بعض" (انتهى) ، وبسنده عن يحيى بن أبي كثير قال : "لا يزال أهل البصرة بشرٍّ ما أبقى الله فيهم قتادة" !! وعن قتادة : "متى كان العلم في السمّاكين ؟ يعرّض بيحيى بن أبي كثير وكان أهل بيته سماكين" (انتهى) ، فإذا كان هذا في العلماء والفقهاء والقراء الذين لا عداوة بينهم سوى الحسد ، وإذا قيل هذا في الإمام مالك على جلالته ، وكان هذا قول قتادة في يحيى ويحيى في قتادة ، فكيف بعوام المسلمين الذين رفعوا السلاح في وجه بعضهم البعض !! (انظر الباب المذكور في كتاب جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر ففيه من النقولات ما يحيّر العقول) ..

البعض يزعم بأنه ذهب إلى الشام وتأكّد بنفسه من الأخبار ، وهو لم يذهب إلى مناطق الدولة بل ذهب إلى أطراف الشام أو إلى خصوم الدولة وسمع منهم ثم نادى : أنا النذير العريان !! أما ما يُكتَب في الشبكة العالمية والبرامجالإجتماعية من سب وشتم وتكفير فأكثره من عملاء المخابرات التي أخذت علىعاتقها تشويه صورة المجاهدين بنشر كل ما يُسيء لهم على أنه من أهل الجهاد ومناصريهم ، وقد اكتشفنا مؤخراً حسابات لبعض هؤلاء يدّعون نصرة الدولة أو جبهة النصرة أو الأحرار : فينشرون ما يشوهون به صورة الدولة عند الجماعات الأخرى ويحاولون إظهارها بمظهر الخوارج ، وفي نفس الوقت ينشرون ما يحاولون به إثبات ردّة الجبهة والأحرار عند الدولة ، كل هذا ليضربوا المجاهدين بعضهم ببعض ، ولا ندري كيف ينام إخواننا المجاهدون عن مثل هذا المكر ، وكيف ينطلي عليهم !! تناقلت وسائل الإعلام الغربية قبل فترة : إستعانة بعض الحكومات العربية بمخرجين أجانب (نصارى ويهود) لعمل مقاطع مرئية تُسيء للدولة الإسلامية خاصة وللمجاهدين عامة ، وقد بدؤوا فعلاً في أعمالهمالشيطانية ببث مقاطع "لتائبين" رجعوا من الشام ، والمقاطع فيها حرفية عالية ومؤثرات وإخراج لم نعهده من الأعراب ، ولكن المخجل أنهم لم يجدوا ممثلينعرب على المستوى المطلوب ، فالإخراج جيّد لكن المادة ضعيفة جداً والممثلينأضعف ، فهل يأتونا بعد مدة بممثلين أجانب يزعمون أنهم "انفصلوا" عن الدولة وتابوا من الجهاد !!

يجب على من أراد الحق وتجرّد له أن يذهب إلى مناطق حكم الدولة ويرى بنفسه حال المسلمين هناك ويسألهم عن الدولة الإسلامية وتعاملها معهم .. بعض الكفارالنصارى ذهبوا إلى مناطق الدولة – وهم من ألدّ أعدائها – ونقلوا غير الصورةالتي ينقلها بعض المسلمين الذين لم تطب لهم نفوسهم ذكر حسنة واحدة للدولة الإسلامية رغم كل ما فعلته لصالح المسلمين !! وها هم أعداء الإسلام يُعملون خطة جديدة لصرف الناس عن النفير للدولة بقصف مناطقها وقتل المسلمين فيها فلا يبقى مكاناً آمناً يفكّر المسلم الهجرة إليه بعد أن أعجزتهم الحيَل ، ونحن نرى مناطق الرافضة آمنة من هذه الطائرات الصليبية العربية اليهودية ، بينما يُقتَل المُسلمون في بيوتهم في الرقة والفلوجة وغيرها لإيقاف المدّ الإسلامي ، ولصرف القبائل عن بيعة الدولة الإسلامية ، ولإضعاف أهل السنة لصالح المشروع الصفوي الرافضي المجوسي ..

إن فكاك أسر امرأة مسلمة واحدة خير من جميع أقوال وأفعال - بل وحياة - هؤلاء العلماء ، فقد تقرر عند علماء السلف بأنه إذا سُبيت امرأة في المشرق وجب على أهل المغرب استنقاذها ، فامرأة مسلمة واحدة تستحق حياة جيوش مسلمة بأكملها ، فكيف بآلاف النساء اللاتي كنّ يُغتصبنَ في سجون الرافضةوالنصيرية ، واللاتي استنقذهن جنود الدولة الإسلامية ، وقد كتب الروافضالأنجاس على أبواب السجون "استمتعوا بعائشة" لمن كان اسمها عائشة ، فكانيدخل عليها العشرات يهتكون عرضها كل يوم ، وشيخونا مشغولون بإثبات الخارجية على الدولة الإسلامية !! ها هي الدولة الإسلامية تحاول استنقاذ المسلمات من سجون الحسكة والطائرات تنطلق من جزيرة العرب والأردن لتُبقي المسلمات في أسر الملاحدة والنصيرية ، فأي خزي وأي عار يلحق بمن يسكت عن هذا ، بل يحاول النيل من المجاهدين وكسر شوكتهم !!

نقول لو ثبتت الخارجية على الدولة يقيناً ، بل لو ثبتت البوذية والنصرانية والهندوسية واليهودية وكل ملل الكفر على الدولة الإسلامية ، وهي على حالهاتفك أسرى المسلمات من هذه السجون ، لكان العقل والدين والمروءة تحتّم علىالمسلمين الوقوف خلفها ومناصرتها لمثل هذا الموقف ، فكيف وهي دولة مسلمةيقاتلها النصارى والملاحدة والنصيرية والرافضة وأهل الردّة !! البعض يطالبالمنظمات الدولية (النصرانية اليهودية) بفك أسرى المسلمات من السجون العراقية ، ولما ينتدب المسلمون لفكاكهن يرميهم بالخارجية !! أي مصيبة حلّتبالأمة الإسلامية أن وُجد فيها أمثال هؤلاء !! لو اعتقدوا الأخوة الإسلامية ، وكان مَن في السجون من النساء أخواتهم لما قالوا ما قالوا ، ولكنها الوطنية البغيضة التي جعلت البعض يقلل من شأن أعراض المسلمات في غير "وطنه" وينصر حكامه وسياساتهم الكفرية ..
قال ابن حزم في المحلى في شأن الغزو مع الفاسق : "فمن غزا مع فاسق: فليقتُل الكفار وليُفسد زروعهم ودورهم وثمارهم ، وليجلب النساء والصبيان ولا بد [يقصد السبي] ، فإن إخراجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام فرضٌ يَعصي الله من تركه قادراً عليه ، وإثمهم على من غلهم ، وكل معصية فهي أقل منتركهم في الكفر وعونهم على البقاء فيه ، ولا إثم بعد الكفر أعظم من إثم من نهى عن جهاد الكفار وأمر بإسلام حريم المسلمين [إليهم] من أجل فسق رجل مسلم لا يحاسب غيره بفسقه؟ " (انتهى) أتسمعون هذا يا معشر "العلماء" و"طلبةالعلم" : لا إثم بعد الكفر أعظم من هذا !! أتقرؤون يا معشر من آمن بالسِّلمية وأسلم نساء المسلمين "للسيسيّة" اليهودية !!

هل الدولة لها أخطاء ؟

قد يكون بعض ما يقال عن الدولة حق ، ولكنه ليس الأصل فيهم "من الذي ما ساء قط ، ومن له الحُسنى فقط" ، وأكثر ما يقال عنها فيه تهويل ومبالغة وكذبوتضليل ، ونظرة صادقة إلى كل ما قيل عن الدولة في الماضي وما تبيّن كذبهللعالم أجمع ينبينا عن نسبة الكذب على الدولة الإسلامية ، فكيف نصدّق الفرية تلو الأخرى ، والكذبة تلو الأخرى ، ونقع في الجحر تلو الآخر ، ويخدعنا الخبّ المرة تلو الأخرى !! من استحل الكذب ألف مرة يستحله مرّة أخرى ، ومن لم يتثبّت مائة مرة لا نتوقّع منه التثبّت بعدها ، ومن لبّس ألفاً ودلّس ألفاً سيدلّس ويلبّس مرة أخرى .. إننا لا نتّهم شخصاً بعينه ، ولا جماعة بعينها ، ولكننا نتّهم الأخبار التي لا توافق الأصل في أهل الجهاد ، فهذه نردّها حتّى نتبيّن ، فلا نصيب قوماً بجهالة ، هكذا أمرنا الله تعالى في كتابه ، وأمرنا بالبرهان وبعدم الظلم والبهتان ، فلا نقع أسرى أعداء الله في التفريق بين المجاهدين وإزهاد الناس فيهم ، بل نحرّض الناس على الجهاد ونحض أهل الجهاد على العودة إلى أصل العلاقة بين أهل الإسلام : الأخوّة ..

نعم ، الدولة لها أخطاء كثيرة لأنها تعمل كثيراً ، ولو كان عملها قليل لقل خطأها ، فالمسألة نسبية ، ويُغفر لها خطأها لأنها أعظم قوة للمسلمين اليوم : تدافع عنهم ، وتدحر عدوّهم ، وتفكّ أسيرهم ، وتحرر بلادهم ، قال الإمام الذهبي في سِيَر أعلام النبلاء في ترجمة "عبد الرحمن بن محمد" صاحب الأندلس : "وإذا كان الرأس عالي الهمة في الجهاد ، احتُملت له هنّات ، وحسابه على الله ، أما إذا أمات الجهاد ، وظلم العباد ، وللخزائن أباد ، فإن ربك لبالمرصاد" (انتهى) ، ولذلك كان الصدّيق رضي الله عنه يُجيب عمر – رضي الله عنه - على هنّات سيف الله خالد بن الوليد بقوله "لا أُشيم سيفاً سلّه الله على الكفار" ، والكل يعلم من : أمات الجهاد في هذا الزمان ، وظلم العباد ، وللخزائن أباد ..

حقيقة الدولة الإسلامية وحقيقة بعض معارضيها :

لأول مرّة منذ قرون تقوم في الأمة الإسلامية : دولة تحكم بشرع الله حقاً ، دولةتحتضن جميع المسلمين دون تفريق بين عرق وجنس ، دولة تكفُر بالقوانينالوضعية وبالمنظمات الدولية وبالحدود المصطنعة ، دولة تدافع عن المسلمينوتُنكئ في أعداء الدين ، دولة مجاهدة آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر ، دولة بات الكفار يعقدون لحربها المؤتمرات الدولية ويؤسسون المؤسسات المهنية للتقليل من خطرها ، دولة كبيرة بلا حدود تروم جمع شمل الأمة في كيان واحد ، دولة تحاربها روسيا والصين وأمريكا وأوروبا والفرس والعرب والأكراد واليهود فلم يقدروا على هزيمتها !! لأول مرّة منذ قرون تقوم لأهل السنّة دولة إسلامية - لا قومية لا شعوبية لا وطنية لا عرقية لا قطرية - تدافع عنهم ..

ماذا يفعل أهل السنة ؟ هم أوّل من يحارب هذه الدولة رغم وجود الخطر الرافضي والنصيري والكافر والنصراني واليهودي على الأبواب ، ورغم إعلان الأعداء عن خطتهم بضرب أهل السنّة بالسنّة ونشر ذلك في وسائل الإعلام !! ها هم الأعداء اليوم يفكرون جديّاً في الاقتراب من بعض الجماعات الإسلامية على الساحة (كالإخوان وغيرهم) ليحملوهم على مقارعة الدولة فكرياً ، ثم يقارعوهاعسكرياً عن طريق بعض الجماعات الإسلامية المسلّحة (كقاعدة الجهاد وحماس وغيرها) ، وهذا ليس سراً ، بل هو منشور في إعلامهم ، وهذه آخر ورقة يلعببها أعداء الأمة ليكسروا شوكة المسلمين فيَضعفوا ليقوى عدوّهم الرافضيواليهودي بسبب غباء أهل السنة الذين أتقنوا فن كسر كل سيف يقوم لنصرتهم ، وأتقنوا فن الإختلاف والتنازع فيما بينهم ، وأتقنوا فن تقوية عدوّهم عليهم ،وأتقنوا فن إضعاف أنفسهم ، وأتقنوا فن البكاء على حالهم الذي يصلون إليه بغفلتهم !!

وإن أردت البكاء على عقول قوم فابك على بعض من يترحّم على "وزير خارجية آل سعود" الذي عمل مع "حسني مبارك" لثلاثين سنة في وأد الحركة الإسلامية في مصر ، ثم دفع "للسيسي" إثنا عشر مليار دولار لحرق الشباب المسلم في رابعة وقتلهم في النهضة وسحقهم وحصار المسلمين في غزة وتدمير بيوت أهل سيناء - بل وتدمير مصر كلها - وهتك أعراض المسلمات فيها .. هذا "الوزير" الذي وقف مع الأمريكان في حربهم ضد المسلمين في أفغانستان والعراق والتي قُتل فيها ملايين المسلمين وشُرّد الملايين ، هذا الذي دعم النصيرية في سوريا ،والرافضة في العراق ، والنصارى والرافضة في لبنان ، و"حفتر" في ليبيا ،والمرتدين في تونس ، ودعم "جون قرنق" النصراني ضد المسلمين في السودان حتى فصل جنوب السودان عن جسد الأمة .. هذا "الوزير" أصبح "المرحوم" الذي يتباكى عليه ضحاياه !! أي ذلّة وأي مهانة وأي نفس ترضى لنفسها هذه الدونية والمسكنة أن يبكي المجلود ذكرى جلّاده !! البعض يُنكر على المجاهدين قتل الجنود الذين قتلوا إخوانه في رابعة والنهضة وهتكوا عرض أخواته ، ويبكي مَن دفع المليارات لهؤلاء الجنود لقتله ويقدّم "واجب" العزاء لأهله !! قليل من الحياء ، فدماء الشباب ودموع أهليهم لم تجف بعد ..

إلى جنود الدولة الإسلامية :

أما أنتم يا جنود الدولة الإسلامية ، فامضوا في طريقكم ، فأنتم على حق ،والحقُّ وعدكم بالنصر إن نصرتم دينه ، فلا تلتفتوا لقيل وقال ، بل تجاذبواالأعنّة ، وأشهروا الأسنّة ، واقطعوا دابر الكفر بحدّ السيف ، وعليكم بضربالرقاب ، وحزّ الأعناق ، وضرب كل بنان .. احملوا على الرافضة المجوس ،والنصيرية التّيوس ، وكل من والاهم وأعانهم على حرب الإسلام والمسلمين ، لاتأخذكم فيهم رأفة ولا رحمة ، أرهبوهم وألقوا الرعب في قلوبهم وزلزلوا الأرض تحت أقدامهم .. فجّروهم بالمفخخات والصواريخ والقنابل واحرقوا عليهم دورهم وبيوتهم كما يفعلون بالمسلمين جزاءً وفاقا .. إنكم إلى الآن لم تبلغوا مدى إرهاب نبيّكم الذي نُصر بالُّرعب مسيرة شهر ، ولم تصلوا لإرهاب صحابة نبيّكم الذين شذ منهم رجل في قرية فشهر سيفه وأعلن : الإسلام أو الجزية ، فأقروا بالجزية رهبة .. ليكن رعب عدوّكم بحيث يفرّ إن علم وجهتكم ، ويفكّر ألف مرّة قبل المساس بجندي من جنودكم في أي مكان في الأرض ، ويفكّر ألف ألف مرّة قبل أن يقصف أرضاً تحت سلطانكم ، وتفكّر الدول ألف ألف ألف مرة قبل المشاركة في حربكم ، بمثل هذا الخوف منكم تكونوا حققتم بعض الإرهاب الشرعي ، فأكثروا الإثخان في الأرض ، وشرّدوا بمن حضركم الغائب عنكم .. املؤوا الأرض تفخيخاً وتفجيراً ورعباً ودويّاً وناراً ودماراً فلا يبقى كافر في مشرق الأرض ومغربها إلا ألزمتموه بيته {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} ..
في المقابل : ارأفوا بالمسلمين ، وارحموهم ، واقبلوا منهم العذر ، وتجاوزوا عن مسيئهم ، ولينوا لهم ، واخفضوا الجناح ، ومدوا أيديكم إليهم ألف مرة ومرة ، فخيركم من يبدأ بالسلام ، وليكن حلمكم أعظم من جرمهم ، وعطفكم أسبق من عقوبتكم ، وليكن نصيب الكفار منكم : العدل ، والمسلمين: الفضل ، بهذا تكونوا كما قال المولى سبحانه {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} ، فأغيظوا الكفار بتقرّبكم إلى المسلمين ومحبتهم تحصلوا موعود ربّكم {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (الفتح : 29) انظروا إلى هذه الآية في سورة الفتح وقارنوها بآية الاستخلاف في سورة النور تجدوها متطابقة الألفاظ والمعاني : {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} (النور : 55) فاستخلاف أهل الإيمان يكون بسبب ما تقرر في الأمر الشرعي من شدة على الكفار ورحمة بالمؤمنين وإغاظة للكفار وإعجاب للمؤمنين ، وهذا من صميم الإيمان والعمل الصالح ، ومن أعظم أسباب الإستخلاف ..

حقيقة خارجية الدولة الإسلامية :

الدولة الإسلامية خارجية لأنها : خرجت عن مألوف التنظير إلى الواقع العملي ،وخرجت على القوانين والأعراف الدولية التي وضعها اليهود والنصارى ، وخرجت على المنظمات الدولية ولم تعترف بها ، وخرجت من بدعة السلمية إلى الإرهاب الإسلامي ، وخرجت على واقع الحدود المصطنعة التي حدّها النصارى ، وخرجت على منطق المؤتمرات والحوارات والنقاشات التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع ، وخرجت على القومية والوطنية والقطرية وجعلتها إسلامية ، وخرجت من واقع الاستضعاف إلى منطق القوّة ، وخرجت من منطق المُعتَدى عليه إلى واقع المُعتدي ، ومن واقع المقتول إلى واقع القاتل ، وخرجت على دجل الحكومات وتخديرها للشعوب لتشق طريقها في الأرض ، خرجت من طوق الإعتماد على البشر إلى محض التوكّل على الله ، خرجت من طوق الكهنة أصحاب العمائم المذهّبة والمناصب المنمّقة لتُعلن إلغاء البابوية ، خرجت من عباءة الصوفية البدعية والإرجاء الخبيث والجبرية إلى السنّة النبوية ، خرجت من كذبة حوار الأديان إلى حقيقة أن الدين كله للواحد الديّان ، خرجت لتقطع رؤوس الكفاروالصليبيين والملاحدة والمرتدين فتُعيد سنّة ضرب الرقاب .. هي خارجية لأنهاخرجت عن المألوف من سكون ودعة ودونية وتمسكن وضعف وذلّ وجُبن وسلبية إلى حركة وحرب وعزة وقوة وإرهاب وحزم وعزم وشدّة ، خرجت لتُعلن للناس كافة الكفر بكذبة السلام العالمي ، خرجت لتصرخ في الأرض : إنما هو الإسلامالظاهر على الدين كلّه ولو كره الكافرون .. خرجت لتقول لمن خرج عن الدين :عودوا إلى رشدكم قبل القدرة عليكم .. فنعمت الخارجية : خارجية الدولةالإسلامية ..

والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

كتبه
حسين بن محمود
23 رمضان 1436ه


عاشقة السماء
عاشقة السماء
إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ

عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى