ملتقى صائد الرؤى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

البحث عن الإنسان !..

3 مشترك

اذهب الى الأسفل

البحث عن الإنسان !.. Empty البحث عن الإنسان !..

مُساهمة  GalaxyGuard الأحد سبتمبر 07, 2014 2:05 am

بسم الله الرحمن الرحيم



البحث عن انسان


قضيت عمرى فى دراسة الانواع المختلفة للكائنات العاقلة فى الكون .. فأنا المسؤل عن تصنيف وتبويب تلك الكائنات فى مركز أبحاث علوم الحياة على كوكبى ..

كنت اعمل ليلا ونهارا دون نوم أو راحة .. الا فترات قصيرة كنت اسرقها من وقت إلى اخر فقد اعتدت أن اخذ قسط من الراحة ساعة او اثنتين كلما سمحت الظروف ..

شغلى الشاغل الأن هو الاستعداد للرحلة التى سأقوم بها لدراسة احد الكائنات العاقلة على احد الكواكب البعيده فى اغوار الفضاء السحيق ..

هو الكوكب الثالث من نجم متوسط الحجم فى احد اطراف المجرة الحلزونية فيما وراء السديم ..

يطلقون على مجرتهم فى هذا الكوكب أسم (درب التبانة) او (الطريق اللبنى) ، وهم مخلوقات عضوية حيويه تحيا على التهام بعض حيوانات ومخلوقات ونباتات الكوكب ..

لعمرى ستكون رحلة فريده من نوعها .. سأرى هذا المخلوق الذى يطلقون عليه الأنسان .. انه مخلوق عجيب فعلا ..فكل ما قرأته عنه يؤكد ذلك ..

لا أعرف كيف يجمع بين الصفات الحيوانية المتمثلة فى جسده وطريقة تغذيته وبين تلك الروح السامية التى تشكل ذاته ..

تشريحيا يختلف عنا كثيرا .. فأنا لست الا دفقة من الطاقة الصافية المتجمده .. أن المادة الأساسية التى تشكل جسدى تشبه كثيرا ناتج تجمد الماء او (الثلج) كما يسميه البشر .. مع الاختلاف انى طاقة متجمدة ..

اخذت فى جمع كل المعلومات الممكنة عن ذلك الكائن العجيب حتى اكون جاهزا تماما للمهمة التى سأقوم بها قريبا ..

وجدت أن البشر نوعان وليسو نوع واحد !.. ذكر وأنثى .. كما أنهم يتميزوا عن باقى مخلوقات الكوكب بأنهم عاقلين وأذكياء يؤمنون بالقيم والمبادئ مثلنا تماما ويحملون الكثير من الأحاسيس النبيله وقد فرحت كثيرا لذلك فهم على هذا الحال شديدى الشبه بنا مع الفارق التشريحى فقط .. كما انهم يدينون بنفس دياناتنا التى جاء بها الرسل الينا ..

هم مخيرين ايضا مثلنا .. كما أن عقليتهم تسمح لهم بالبناء والاختراع والتطور ..

أعتقد انها ستكون رحلة جميله ممتعه .. كلى شوق حقا للتعرف إلى ذلك الأنسان ودراسته عن قرب ..

أستغرقنى البحث فى كل ما نعلمه عن البشر كثيرا .. راجعت كل ما سجل عنهم فى قواعد بيانات المركز .. كل حرف وبدقة حتى اكون على علم بكل الأحتمالات التى من المحتمل أن اواجها ..

واخيرا حان وقت الرحلة ..فذهبت الى قاعة النقل الكهرومغناطيسى وبمجرد دخولى اليها وجدت كل شئ جاهزا تماما لأنتقالى إلى ذلك الكوكب البعيد ..

لقد طور علماؤنا تقنية فريدة من نوعها تتيح لنا اختصار الكثير من الوقت والجهد فى الأنتقال عبر ارجاء الكون ..

وقد ساعدهم فى ذلك طبيعتنا الأقرب إلى الطاقة .. وبذلك يستطيع جهاز (الناقل الكهرومغناطيسى) أن يقذفنى مباشرة إلى الكوكب المراد التوجه إليه بعد لحظات قليلة من تشغيله .. عبر عدة بوابات زمكانية لأختصار المسافة والزمن ..

لا اعرف حقا التفاصيل العلمية الدقيقة لأنى غير متخصص فى هذا المجال .. لكنى اعرف مبداء العمل بشكل عام ..

الأمر اشبه بذلك السلاح فى هذا الكوكب الذى سأذهب اليه والذى قرأت عنه بعض المعلومات .. سلاح يقذف قذيفة كبيرة الحجم الى مسافات بعيدة ..

فى حالتنا هذه اكون انا القذيفة .. مع فارق انى اتحول الى مجال كهرومغناطيسى قوى ..

دعونا من التفاصيل التقنية .. المهم انى سأصل إلى ذلك الكوكب ..

دخلت الى جهاز (الناقل الكهرومغناطيسى) وبداء العلماء فى تحديد مكان الكوكب من الكون على اجهزتهم وتحديد مكان الهبوط بدقة .. كما اختاروا لى صورة احد ابناء هذا الكوكب لأكون فيها عندما اصل كى لا يكشفنى احدهم ..

وبداء هدير الجهاز أذ بدأت الطاقة تسرى فيه ثم شعرت بسحب الانتقال السريع وشعرت بأن الكواكب والنجوم والشهب تمر بجوارى فى لمح البصر كل الكون يجرى سريعا من حولى فى كل الاتجاهات تقريبا ..

لا استطيع ابدا استيعاب كيفية توصل علماؤنا إلى هذه الفكرة .. بل كيف استطاعوا تصنيع مثل هذا الجهاز ..

حقا أن العلم بحر لا نهاية له .. وله ملاحيه المتخصصون فى الأبحار فيه ..

المهم انى استيقظت من غيبوبة النقل على الكوكب المختار ..

يالا الروعة والجمال ..

اترى معى هذه الطبيعة الخلابة ..


الطبيعة الساحرة لهذا الكوكب .. النباتات المتناثرة فى تناسق رائع والبحر الممتد إلى ما لا نهاية والسماء الصافية المرصعة بالنجوم التى تتلألأ فى سرمدية الليل مضيئة كأنها الف كوكب ..

حسدت البشر على هذا الكوكب الجميل الذى وهبهم اياه رب العزة (سبحانة وتعالى) فهو كوكب يخلب الألباب ذا طبيعة ساحرة متألقة ..

وبينما أنا اسير على شاطئ البحر فى ظلام الليل اذا بى ارى مشهد لم استطيع استيعابه فى بادئ الأمر .. ثم سرعان ما هبط المعنى فى ذهنى كالصاعقة ..

صدمت لما أرى لكنى تمالكت نفسى واختبئت سريعا خلف احدى الصخور المتناثرة على شاطئ البحر لأتابع ما يحدث ..

توالت الاحداث وانا غير مصدق لما ارى .. ما هذا الذى يفعلونه .. اى ضياع بل اى شيطان القى بهم الى هذا الدرك !

نجمة مرسومة على الارض .. الكثير يرقص من حولها على موسيقى صاخبة ..

منهم من جلس فى جانب يمارس افعالا اخجل من ذكرها ..

ومنهم من يتعاطى المخدرات فى جانب اخر ..

و ..

وتداعت الأفكار فى داخلى .. وأمتزجت المعانى من جراء الصدمات المتتالية فلم اعد اعرف هل هذا واقع ما أرى أم انه درب من الخيال .. هل هذا هو المخلوق الذى ضيعت عمرى فى دراسته ؟؟؟

ترانى لم استيقظ بعد من غيبوبة النقل وهذا الذى اراه كابوس سرعان ما سينتهى واصحوا منه فزعا ..

وكيف يكون كابوس فى غيبوبة .. من منكم سمع عن ذلك !..

دعوت ربى أن تكون قلة ولا يكون هذا حالهم جميعا والا اصابتنى الصدمة بأنهيار تام ..

انا الذى قضيت اغلب عمرى فى دراسة كل شئ عن البشر وانتظار ميعاد الرحلة التى اتعرف اليهم فيها عن قرب بفارغ الصبر ..

من ثم تمالكت نفسى وخرجت من وراء الصخرة فى هدوء حتى لا يلحظنى احد ورجعت من حيث اتيت..


*******


تركت الشاطئ ودخلت وسط المبانى الصغيرة الموازية له .. متغلغلا وسطها .. احاول أن استشف ما يدور داخلها ..

حتى خرجت منها إلى شارع واسع يبدوا انه احد الشوارع الرئيسيه فى هذه المدينة ..

لاحظت اثناء سيرى السيارات المرصوصة على جانبى الطريق وكيف كانت تغلق مجرى الطريق فى بعض الأماكن فتعجبت من ذلك ..

لماذا يترك احدهم سيارته فى ذلك الوضع ؟.. وكيف كان سيمر هو أذا سار فى الطريق وأخر فعل ذلك ؟.. بل كيف سيخرج سيارته اذا كان اوقفها على جانب الطريق وجاء احدهم واغلق عليه المكان هاكذا بسيارته ..

انها لطريقه غريبة فى التفكير حقا !؟..

اخرجنى من لجة افكارى انى لاحظت احد المحال على جانب الطريق .. كانت لافتاته تتألق وبوابته تضئ بأضواء مختلفة الألوان ويخرج منه خليط من نغمات موسيقية وضجيج وضحكات ..

دخلت الى هذا المحل فوجدت انه حانة الكل يلهوا فيها ويضحك ويسكر ..

ليتنى ما دخلته حقا .. ما هذا الذى يحدث اكل هذا الكوكب بهذا الشكل ؟.. ام هى تلك الم‍دينة اللعينة التى وصلت اليها ‍؟..

سأغادر تلك المدينة الى الطرف الاخر من الكوكب ..

اشعلت جهاز الناقل الجزيئى وادخلت احداثيات بعيده كل البعد فى الطرف البعيد من الكوكب ثم ضغطت على مفتاح النقل .. فأنتقلت الى مدينة اخرى ..


*******


وصلت هذه المرة فى صحراء مترامية الاطراف ..

اخذت اسير دون هدى الى ان وجدت احد الطرق السريعة امامى ..

مشيت قليلا موازيا للطريق وشاهدت سورا حديديا يلوح من بعيد ..

عندما اقتربت منه اكثر اكتشفت انه معسكر ..

لا اعرف ما حاجتهم الى كل تلك المعسكرات والأسلحة التى يبتكرونها .. لماذا لا يعيشوا فى سلام !..

فجاءة سمعت ضجيج وصوت يدوى وكأنه انذار ما .. ثم شاهدت طائرات تنقض من بعيد على المعسكر ..

انطلقت من المعسكر بعد القذائف الدفاعية أسقطت طائرتين من السرب المنقض لكن باقى السرب كان قد ناور وحاور حتى وصل الى مدى يسمح له بالهجوم .. فأنقض .. وتحول الليل الى نهار ..

انفجارات تضئ المكان .. نيران مشتعله فى كل مكان .. ضجيج وصراخ ودماء تسيل انهارا ..

ثم اذا بطائرة سوداء غريبة الشكل تنفصل عن السرب وتنطلق نحو المدينة القريبة ..

لم الحظ تلك المدينة الا الأن .. فلا يوجد اى ضوء او اشارة الى وجودها .. فقط ارى ظلالها كالأشباح على وهج النيران المنبعثه من المعسكر القريب الذى دمر عن اخره الأن ..

انطلقت الطائرة الى تلك المدينة .. وانقضت عليها ثم ارتفعت سريعا وانطلقت مبتعده بسرعه عالية ..

وفى نفس اللحظة تقريبا انطلق السرب كله مبتعدا بأقصى سرعه ..

ترى ماذا يعنى ذلك ؟..

هل هذا له علاقة بذلك الشئ الاسود الغريب الذى القته الطائرة على المدينة ؟؟

ترى هل ....

يالا الهول ..ما هذا الذى يحدث ..

جهازى الاشعاعى يئن فى الم .. من جراء هذا الكم الهائل من الاشعاع المنبعث ..

سأبتعد سريعا ...

يلا هول ما شاهدت وانا اطير مبتعدا ..

انفجار هائل .. غطى كل الارجاء .. طاقة هائلة تنبعث من كل مكان ..

حرارة فظيعة .. هل انفجر نجم ما هنا ام ماذا ..

ماذا يفعل هؤلا القوم ..

أن الغلاف الواقى الذى عمل تلقائيا بمجرد تسجيل كمية الاشعاع الكبيرة .. قد بداء يتهاوى ..

أخشى ان ينهار فيتم تشتيت طاقتى وانهار تماما ..

يجب ان ابتعد بأى طريقة ..

يجب أن .. انه يتناقص ..

هاهو يتناقص تدريجيا .. أن الانفجار بداء يتلاشى ..

حمدا لله كدت اموت ..

ثم ما هذا الشكل الغريب الذى تتخذه السحابة النارية المتخلفة عن الانفجار ..

انه شكل اشبه بقنينة مقلوبه .. او طبق يتدلى منه عمود نار ..

سأتفحص الأمر الأن وقد تلاشى اثر الانفجار تقريبا .. ولم يبقى سوى معدلات هائلة من الاشعاع .. يستطيع الغلاف الواقى ان يشتتها بعيدا عنى ..

أن جهازى الاشعاعى يقول انها نوع من اشعة تحطم الذرات .. هي طاقة ذرية اذن ..

لكن لماذا ؟؟

لماذ يبيد مخلوق اعدادا هائلة من بنى جنسه بهذه الطريقة البشعه ؟؟

تراهم جنوا .. ام هم تخلو عن اى مشاعر ؟!..

اين ذهبت مشاعرهم الادمية السامية التى طالما طالعتها فى معلوماتنا عنهم التى حفظتها عن ظهر قلب !..

ترانا اخطأنا فى جمع المعلومات .. هل معلوماتنا ناقصة ومغلوطة الى هذا الحد ؟!..

لم اعد ادرى ..

ولم اتحمل المذبحة التى أمامى اكثر من هذا .. فأدخلت احداثيات جديده على الناقل ..

لنرى مكان اخر من ذلك الكوكب الرهيب ..


*******


انتقلت الى مكان متوسط من الكوكب .. وجدت حولى بعض المساكن والناس تسير فى الشوارع فى كل مكان ..

يبدوا أنهم فى هذا المكان غير متقدمين .. هم بدائيين بالنسبة لما رأيته فى اقصى الكوكب شرقا وغربا ..

وهنا تعالى صوت جميل .. انه يصيح فى مكبر للصوت على الارجح ..

يصيح قائلا (الله اكبر ) ويكررها ..

تحركت الى مكان الصوت الذى حددته مسبقا فوجدت بيت للعباده ..

والناس فى داخله يصلون ..

وجدتهم يسجدون ويركعون .. ويرددون اسماء الله فى خشوع ..

هم مسلمين اذن ..

تعجبت أن الاسلام يوجد هنا أيضا فى اقصى الكون البعيد ..

كيف .. هل تم ارسال رسول لهم كما حدث لدينا ..

دخلت اتفحص المكان ..

ففوجئت بأن القران ايضا موجود تماما كما انزل لدينا ..

عجبا أن هذا الكتاب يصلح لكل الاكوان ..

سبحان الذى انزله لكل العصور وكل الاماكن على اختلاف المسافات الشاسعه بينها ...

ان المسجد جميل للغاية ..

وبجواره مسجد اخر رائع الجمال ..

اخذت اتأمله و..

فجاءة سمعت صوت صراخ فظيع .. صراخ ودوى يصم الاذان ..

جريت سريعا الى مكان الصوت ويلا هول ما رأيت ..

انهم يقتلون المصلين ؟؟

من هؤلا الجنود المدججين بالسلاح ..

كيف يجرؤن على قتل انسان يسجد لله ..

ومن هؤلا الاطفال والصبيه ..

عجبا أن الاطفال تقذفهم بالحجارة دون خوف من اسلحتهم ..

هل وصل الحد بهم الى ان يقفوا هذا الموقف حقا ..

لا .. لم اعد استطيع ..

لا اتحمل كل ما اراه فى هذا الكوكب اللعين ..

انهم ليسوا بشر ..

كل ما درسته وقرأته عنهم طوال حياتى خاطئ ..

كل معلوماتنا مغلوطه ..

تبا للعلماء الذين درسوهم عن بعد ..

لا يوجد بينهم الا قلة قليليه للغاية ينطبق عليها ما سجل لدينا ..

انطلقت هاربا من ذلك المنظر البشع الذى لم اتحمله ..

طرت مبتعدا غربا .. ترانى عبرت بحر ما فى الطريق لا ادرى حقا ..

فقد شلنى الموقف تماما فصرت عاجزا عن التمييز ..

عموما انا الأن فوق مدينة يتوسطها نهر توجد بداخله بضعة جزر ..

شكله جميل من اعلى هذا النهر يشبه الزهرة علي ساق طويلة تحوي ورقة خضراء !.. سأهبط اليه كى اراه عن قرب سيبدوا اجمل ولا شك ..

هبطت الى النهر واخذت اتجول طائرا فوقه ..

اسمع من يقول كيف تطير وسط البشر الا يوجد من يراك ؟..

عذرا فقد نسيت ان اخبركم انى استخدم جهازا للأخفاء الأن .. اريد أن اعود لكوكبى دفقة طاقة واحدة لا مشتته .. فبعد ما شاهدته على هذا الكوكب اصبح الظهور خطرا لا شك فيه ..

اخذت فى التجول هنا وهناك .. لكم هو جميل هذا النهر .. خاصة تلك الجزيرة وسطه التى اكتظت بالنباتات المتعددة الاشكال والاحجام تنمو حول المبانى والمنشأت تناسق رائع ..

وهنا رأيته .. انه احد سكان هذا الكوكب .. لا اعرف تحديدا ماذا جذبنى اليه فى جلسته هذه على النهر .. فلا يوجد فيه ما يجذب الانتباه .. انسان عادى مثل باقى من حوله !..

ترى جلسته وحيدا هى ما لفتت نظرى اليه ..

ام هى تلك النظرة فى عينيه وقد عقد كفيه حول ركبتيه وسرح ببصره مع مياه النهر واطل حزن غريب من عينيه .. حزن وشجن لم ارى مثلهم من قبل ..

اقتربت منه واخذت اتأمله وهو شارد ..

وبدأت فكرة مجنونه تتكون فى عقلى ........


*******


أولا اعرفكم بنفسى ..

انا شاب كأى شاب اخر ..

اعيش هنا فى تلك البلد الواسعة الجميله ..

التى تحوى كل انواع البشر تقريبا ..

يقولون انى مثقف جدا .. لكنى لا اصدقهم ..

فمن انا حتى اظن ذلك .. وانا لا اعرف شئ عن هذا الكون الكبير مترامى الاطراف ..

فكلما تعلمت شئ جديد زاد يقينى بجهلى وبأنى مهما تعلمت وعرفت ما زلت لا اعرف شئ بعد ..

المهم .. ساحكى لكم حكاية غريبة حدثت لى ..

فى ذات يوم كنت جالسا وحدى فى ذلك المكان الذى احبه كثيرا على ضفاف النهر العظيم وفى منطقة نائية بعيدا عن الزحام والضجيج ..

تلك المنطقة التى احب الجلوس فيها عندما اكون حزينا .. فهى تطل مباشرة على صفحة النهر العظيم وامام الجالس ترى اروع واجمل مجموعة من الأشجار الوارفة والورود الجميله المتمايلة مع نسمات الهواء العليل ..

كنت جالسا وحدى افكر فى هذا الكون العجيب الغامض .. واسراره التى تستعصى على اعتى علمائنا .. هذا الكون الذى يحوى ملايين الملايين من المجرات والكواكب والشموس والثقوب السوداء .. الثقوب التى تأكل كل شئ وتمتصه فى نهم جشع بقوة حتى تبتلعه .. حتى الكواكب والشموس لا تفلت من قبضتها الرهيبة .. تجذبها بقوة عاتية فتتلاشى داخلها ..

يقولون انها تنقل ما تجذبه اليها الى مكان اخر من الكون فيخرج من ثقب ابيض فى الناحية الاخرى لهذا الثقب الأسود وقد رصدوا بالفعل عدة ثقوب بيضــ ...

مهلا .. ما هذا ..

فجاءة .. وجدته امامى ..

وصدمت لما ارى .. وتملكنى الخوف ..

لا اعرف ما هذا بالضبط ..

لكنه اشبه بهالة من الضوء تأخذ شكل انسان .. وتتضارب فيها الكثير من الشرارت بمختلف الالوان ..

انه شبح ولا شك ..

تذكرت ما سمعته عن ان الشياطين يحبون ان يعيشو فوق المياه ..

استعذت بالله من الشيطان الرجيم .. واخذت فى قراءة ما تذكرته من القران فى خوف ..

وهنا بداء يتكلم ..

لم يكن كلاما بالمعنى المعروف ..

سمعت صوته داخل عقلى مباشرة ..

وتحدث الى بصوته الهادئ العميق ..

وكان اسلوبه سلس وهادئ فزال الخوف وحلت الدهشة محله ..

قال لى فى هدوء :

لا تخف ايها الأرضى فلن اؤذيك .. انا صديق جئت من اعماق سحيقة فى الفضاء من اجل الانسان ..

فلا تخف وازل عنك هذا الرعب الذى تملكك ..


قلت له فى حذر محاولا التماسك :

من انت .. بل ما انت ؟


فقال لى بنفس الصوت الهادئ :

اسمى لا يوجد له ترجمة فى لغتكم .. لكنه يرتبط بالنور والضياء وتحديدا بالشئ الذى يبعث الضياء ..
سمنى ما تريد ..


لكنى اتيت من خلف الشهب والنجوم خصيصا من اجلك ..


تسألت فى دهشة :

من اجلى انا ؟


فرد قائلا :

الست انسان .. لقد اتيت من اجل الأنسان


فقلت له :

تقصد انك جئت من اجل البشر كلهم .. أذن فلماذا اتيت ؟


وبداء يروى لى قصته .. فأسمحوا لى ببضع لحظات كى استمع اليها ...

اريد ان اعرف منه ما عرفتموه قبلى ..


بعد أن فرغ من روايته قال لى :

وهذا ما حدث لى .. الى ان رأيتك وقررت أن اظهر لك بشكلى الحقيقى واكلمك ..


قلت :

لكم كان حظك سيئا حقا .. بعد ان تمضى عمرك تتمنى ان ترى الأنسان عن قرب فأذا هو يصدمك بكل ما رأيته منه ..

لكن الا ترى معى انك لم تبحث جيدا ؟..

كان قد اتخذ هيئة بشرية ليسهل الحديث بيننا وكى لا يلفت الانظار بهذا الضوء المبهر متعدد الألوان الذى ينبعث منه فى كل اتجاه ..

تعجب من قولى وقال :

كيف وقد جبت الكوكب من اقصاه الى اقصاه ؟

قلت له وقد زال كل اثر لخوفى السابق وتحول الى الاستغراب والعجب من هذا الموقف العجيب :

لقد انتقلت عشوائيا من مكان الى اخر وكنت دوما تهرب من شئ ما .. ليس هذا بحث لكن سمه حظ سئ اذا جاز التعبير ..


قال لى :
فعلا اصبت فى قولك .. غاب ذلك عنى من جراء الصدمات المتوالية التى لقيتها ..


قلت له :
هل تعرف ان ما تبحث عنه قد بحث عنه فلاسفتنا ومفكرينا كثيرا وطويلا دون جدوى .. وكل منهم له نظرية ما فى ذلك .. فقد حاروا جميعا فى تفسير ذلك السلوك الغريب للأنسان الذى يفترض فيه ان يكون عكس ذلك تماما ..


قال لى :
وهل وصلوا الى شئ ؟

قلت :
لست ملم كثيرا بذلك .. لكن كل منهم كان يعزى هذا التغير الى شئ ما .. منهم من قال انها نفسه الأمارة بالسوء .. ومنهم من قال انها غريزته وشهواته التى يتبعها ويريد اشباعها دون مراعاة لأى قواعد .. ومنهم من قال انه الشيطان وقد غلبهم واصبح يحركهم كما يحرك لاعب الشطرنج القطع ملقيا بهم الى الهاوية .. ومنهم من قال انها نتيجة لهذا جميعا ..لكنهم اجتمعوا كلهم على أن الظروف والبيئة المحيطة بالشخص هى ما تدفعه الى أن يصبح سفاحا او انسان سوى ..


فرد على قائلا :
ولماذا لا يواجه الانسان كل ذلك ؟؟

لماذا لا يجاهد نفسه كما امره خالقه فى كل الاديان ؟؟

لماذا لا يكبت صوت الشهوة داخله ويوجهه الى مساره الطبيعى ؟؟

لماذا لا يقاتل الشيطان الذى تربص به منذ بداء الخليقة ؟؟

لماذا لا يحاول تحسين الظروف ومواجهةالصعاب وحل المشاكل ؟؟



قلت ولم احر جوابا :
دعنا من ذلك فالحديث لن يجدى فكثيرا ما نتحدث عنه تحدث عنه فلاسفتنا ومفكرينا وكتبانا كثيرا .. وتناقشنا كثيرا فى  مثل هذه الامور ولا نجد من يسمع ..

هل تريد حقا ان ترى الأنسان على حقيقته ؟؟


قال لى فى لهفة :
اتمنى .. هل مازال موجود بالفعل وسط كل هذا الخضم من .. من .. لا اعرف ماذا اسمهيم تراهم اشباه البشر ؟؟


قلت مبتسما :
اصبت هم فعلا اشباه بشر ..
الانسان الذى احتفظ بصفاته التى خلقها الله عليها او اغلبها .. مازال موجودا .. لايظهرون كثيرا ولا يحبون الظهور او لفت الانظار لكنهم مازالوا موجودين ..


قال لى :
وأين اجدهم ؟


قلت :
تجد بعضهم فى المساجد ودور العبادة .. والبعض الاخر تجده فى اماكن عجيبة للغاية ..
منهم من تجده يقف امام محتل غاشم بحجر فى يده ..
ومنهم من تجده يجاهد فى سبيل الله .. او فى سبيل قضية نبيلة ..
لكنك قد يختلط عليك الامر خاصة مع هذه الفئة الاخيرة ..


قال حائرا :
وكيف يختلط على الأمر ولماذا ؟


اجبته :
قد يختلط عليك الأمر مع المجاهدين .. فصفاتهم وسماتهم كلهم واحدة تقريبا لكن يختلفون فيما بينهم ..
منهم المجاهد بحق الذى يجاهد فى سبيل الله أو وطنه أو قضية نبيلة ..
ومنهم الأرهابى الذى اختلط عليه الأمر واستمع الى مجموعة من الناس يحركهم البعض الاخر من خلف الستار لتنفيذ اغراض دنيوية ابعد ما تكون عن الدين ..
هذا هو الأرهابى الذى يسيئ الى نفسه والى دينه والى وطنه ..

لكنك هنا تجد فيه الشخص المخدوع ..
فداخله دائما نقى ، متدين ، ملتزم يحب ان يبذل روحه فى سبيل الله .. لكنه للأسف قد وقع فريسة لبعض الاشخاص ممن يزيفون الحقائق ويلبسون الباطل ملبس الحق والعكس .. فيختلط عليه الأمر وتنقلب فى داخله المعانى فتجده يفعل ما يفعله وهو مقتنع انه فى سبيل نصرة دينه وقضيته ..


قال لى  حائرا :
ولما لا يعالجوهم ماداموا هاكذا وهم يعلمون ؟


قلت :
لا احد يعرف لهم مكانا محددا فهم دائمى التنقل فى الخفاء .. كما انهم لا يستجيبوا للعلاج فقد تم عمل غسيل مخ شامل لهم ..

المهم لنعود الى ما كنا نتكلم فيه ..
ان الانسان مازال موجود صدقنى .. كلما بحثت ستجد ..
ستجد الفنان المعتز بفنه والذى يقدم فنا هادفا اصيلا ..
وستجد الكاتب والصحفى المعتز بقلمه الذى يكتب فيما يقدم معنى مفيد او ينصر قضية هامة او يرد على ظالم ..
وستجد الممثل والمطرب والموسيقى والمؤلف الذى ابى ان يشارك فى اعمال مبتذله رخيصة .. وقدم اعمالا هادفة مفيدة للناس والمجتمع تدعوا الى الاصلاح وتبين الاخطاء والمشاكل فى المجتمع وتحاول مناقشتها او اقتراح حلول لها..
وستجد السياسى والعالم ورجل الدين ..
ستجد الكثير والكثير من الناس .. هم ليسوا ملائكه .. لكنهم ليسوا شياطين ايضا ..
وأن ارادوا وعملوا بجد تفوقوا على الملائكة فى الخير او الشياطين فى الشر ..


رد على فى حزن :

وقد صادفت الشياطين منهم لسوء حظى ..
كلماتك اعادة الى الأمل .. سأعاود البحث بشكل اكثر تدقيقا وبناء على منهج علمى هذه المرة ..


لكن لماذا كنت حزين حين رأيتك ؟؟


ابتسمت وقلت :
هل تصدق اذا ما اخبرتك ؟؟


قال متعجبا :
صدقتك فى ما قلت فلم لا اصدق ما ستقول ؟؟


قلت :
كنت حزينا لأنى ابحث عن الأنسان .. ولم اجده بعد !؟..


صدم للجواب وقال :
انت ايضا تبحث عنه .. ولم تجده بعد كل ما قلته لى ؟؟

عجبا لأمركم حقا معشر الناس ..

لنبحث سويا اذن ولنتعاهد على أن نصبح اصدقاء من الأن ..


قلت :
اقبل ذلك .. لنتعاهد على الا يخون احدنا الأخر ابدا مهما كانت الاسباب ونشكل فريقا للبحث عن الأنسان ومحاولت اصلاح الفاسد وتقويم المعوج ..
هل تعاهدنى على الأصلاح ايضا ؟..


صمت قليلا وقد بدى عليه التفكير ثم قال :
لن امكث كثيرا فى الأرض .. لكنى اعاهدك ما دمت هنا..


هذه كانت البداية ..

بداية البحث عن الأنسان ..

بداية اصلاح ما افسده اشباه البشر ..

بداية تقويم القابل فيهم للتقويم ...

بداية رحلة مثيرة مليئة بالمواقف والمشاكل والمغامرات التى خضناها معا ..

بداية ما سأقصه عليكم انا وصديقى فى المرات القادمة بأذن الله ..





وللحديث بقية !..


بقلم / محمد هشام أبوالعلا


31 يوليو 2005
GalaxyGuard
GalaxyGuard
كاتب وباحث في الفتن

عدد المساهمات : 257
تاريخ التسجيل : 04/04/2014

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

البحث عن الإنسان !.. Empty رد: البحث عن الإنسان !..

مُساهمة  الهمداني الأحد سبتمبر 07, 2014 4:45 pm

كلام عميق جدا .. يوضح ما يمر به الانسان من تغيرات تجعله انسان تايه لا يستطيع الاجابة عن الكثير من الاسئلة التي يسئل الانسان بها نفسه .. عندك ابداع حقيقي في اخراج ما تفكر به .. في قالب ادبي مصاغ تتنقل بينه احرفه وكانه قصة درامية او فلم يخبرك عن الكثير من الاشياء التي تريد معرفه حقيقتها او الاجابة عنها
الهمداني
الهمداني
عضوية ملغية "ايقاف نهائي"

عدد المساهمات : 3554
تاريخ التسجيل : 30/04/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

البحث عن الإنسان !.. Empty رد: البحث عن الإنسان !..

مُساهمة  الازدي333 الأحد سبتمبر 07, 2014 5:33 pm

اخي حارس المجرة
فعلا هذا الذي نريده جميعا ... وهو بكل اختصار الرجوع الى الفطرة التي خلقنا عليها فتركناها
وغادرنا الى كوكب الشياطين فكسبنا من صفاتهم السيئة ... لاشك اخي انك توصلت الى ان 
هذا الكائن سريع التأثر بمن حوله ... لديه علم ولكن للأسف لا يستطيع التحرر من الآصار التي
وضعها على نفسه عبر الأجيال ... فقال إن كتاب الله للقرآءة وللرقية ... لا احد يحاول غير ذلك او ان يجتهد في فهم سنن الله في الذين خلوا من قبلنا ... حتى نعرف خطائهم وكيف اصلحوه .
الازدي333
الازدي333
موقوووووووف

عدد المساهمات : 2313
تاريخ التسجيل : 17/11/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

البحث عن الإنسان !.. Empty رد: البحث عن الإنسان !..

مُساهمة  GalaxyGuard الإثنين سبتمبر 08, 2014 12:37 am

بارك الله فيكم اخواني الهمداني والازدي
سعيد أن راقت لكم .. وشكر للنقد الموضوعي
جزاكم الله خيرا

GalaxyGuard
GalaxyGuard
كاتب وباحث في الفتن

عدد المساهمات : 257
تاريخ التسجيل : 04/04/2014

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى