ملتقى صائد الرؤى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دراسة بانتظار المنقذ

اذهب الى الأسفل

دراسة بانتظار المنقذ Empty دراسة بانتظار المنقذ

مُساهمة  الحالم السبت سبتمبر 27, 2014 2:03 am


تعاَل یا غودو
وخلّصنا من الطغاِة والطغیاْن
ومن أبي جھٍل ، ومنُظلِم أبيُسفیاْن
فنحُن محبوسوَن في محّطِة التاریِخ كالخرفاْن
أولاُدنا ناموا على أكتاِفنا
رئاُتنا .. تسّمَمْت بالفحِم والدخاْن
والَعْرَضَحالاُت التي نحملُھا
عن قلَِّة الدواْء
والغلاء
والِحرمان
صاَدَرھا مرافقو السلطاْن
تعاَل یا غودو .. وجِّفْف دمَعنا
وأنقِذ الإنساَن من مخالِب الإنساْن
نزار قباني
من قصیدة بانتظار غودو
حین وقف الانسان عاجزا مستضعفا ازاء بعض القوى والظواھر العظمى او الخارقة المتفوقة على قدراتھ والعصیة على فھمھ وتفسیره فانھ ورغبة منھ في اتقاء
شر ھذه القوى وتجنب قدراتھا وسخطھا المدمر ، ورضوخا امام جبروتھا الرھیب والمرعب اضطر الى الانصیاع والانقیاد الیھا الى حد وصل الى عبادتھا
وتقدیسھا وتألیھھا ومن ھنا كان عبادة الانسان البدائي للطواطم والظواھر الطبیعیة من مثل الرعد والریاح والنار وحتى عبادة الشیطان اعتقادا ان ھذه الاشیاء
ھي مصدر الشر والأذى ولكي یتجنب شرھا فانھ قام بعبادتھا واتخذھا الھة وقدم القرابین الیھا ومع تقدم البشریة بقیت بعض الشعوب محتفظة بھذه العبادات بینما
استجدت عبودیة اخرى لدى بعض الشعوب تمثلت في عبودیة الحاكم والسلطان باعتباره خلیفة الله وممثلھ وذلك الاعتقاد اتاح للحكام والسلطات ممارسة ابشع
انواع القھر والاستبعاد والظلم ضد الشعوب وعاثوا في الارض فسادا وخرابا وتدمیرا یملكون وكل شيء ویستعبدون كل شيء ، بعض الشعوب رفضت ھذا
الواقع وتمردت علیھ وثارت ضده وأسقطت الحكام والسلطات الظالمة المستبدة وتحررت نھائیا من سطوتھا ، اما اكثر الشعوب فقد بقیت تنتظر مجھول او غیب
ما یحررھا وینفذھا ولذلك تراھا تستسلم لواقعھا المریر والفاسد والمأساوي وتفویض امرھا الى حین نھایة العالم والانتقال الى العالم الاخر لینال كل واحد حسابھ
او عقابھ ، والبعض الاخر ینتظر ظھور منقذ ما یحررھم من العبودیة والقھر والاستبداد وجور الحكام والسلطات القمعیة ویقیم دولة او حكومة او مجتمعا ینعم
بالحریة والعدالة ، فالمنتظر ھو (عنوان لطموح اتجھت إلیھ البشریة بمختلف أدیانھا ومذاھبھا، وصیاغة لإلھام فطري، أدرك الناس من خلالھ ـ على الرغم من
تنوع عقائدھم إلى الغیب ـ إن للإنسانیة یوماً موعوداً على الأرض، تحقق فیھ رسالات السماء بمغزاھا الكبیر وھدفھا النھائي وتجد فیھ المسیرة المكدودة للإنسان
على مر التاریخ استقرارھا وطمأنینتھا بعد عناء طویل ). (1) وھذا المنتظر ھو شخص لھ عمق تاریخي بعید جدا وموغل في بطن التاریخ وھو فارس وبطل
یتمتع بالشجاعة والقوة والعدالة ومحب للخیر ومن نسل بشري نبیل و متمیز ومعروف عنھ كل الصفات الایجابیة والخیرة ، وھو مختفي في مكان ما وسیظھر
في زمن غیر معلوم ، ولكن الجمیع یتفقون انھ سیظھر بعد ازدیاد وتفاقم الفساد والظلم وھو یظھر للقضاء على الشر والباطل والفساد وقد یكون ظھوره ھو نھایة
الفساد والشر الى الابد وقیام عالم العدالة والسلام والحریة والمحبة او ان ظھوره یسبق نھایة العالم للقضاء على الظالمین والأخذ بالحق والثأر للمظلومین
والمستضعفین .
* عالمیة الفكرة
لم تختص فكرة ظھور المنقذ على حضارة او امة او شعب او دیانة بعینھا ، فلا نكاد نجد شعبا من الشعوب لا یؤمن بوجود منقذ ما یظھر في زمن غیر معلوم
للقضاء على الشر والظلم وینشر العدالة والخیر ، فكان العراقیون القدماء ینتظرون البطل تموز المنقذ و متى یبعث لذلك ومن اجل ذلك كانوا یضحون لھ بالنذور
والقرابین . اما الفینیقیون فكانوا ینتظرون الآلھة البطل بعل ، وفي بلاد فارس القدیمة كانوا ینتظرون زرادشت (2) وأھل إیران من الفرس لدیھم معتقد بمنقذ
ومخلص فارسي الأصل اسمھ الـشاه بھرام. یعید الحضارة و الإمبراطوریة الفارسیة للصدارة العالمیة .. وأول ما یفعلھ ھو ان یطرد العرب من ایران
وفي مصر القدیمة كانوا ینتظرون اوزیرس وفي بلاد الیونان كانوا ینتظرون أدونیس وفي البلدان الأسكندنافیة ینتظرون أودین وفي الھند ینتظرون بوذا.
وقد تملكت ھذه الفكرة مخیلة بعض الشعوب الى درجة ظھر في الھند اكثر من شخص ادعى انھ بوذا ولم یصدقھم احد في حیاتھم ولكن بعد مضي سنین طویلة
على وفاتھم اختار الناس احدھم على اساس انھ بوذا الحقیقي و یؤمنون بأنھ في اخر الزمان سوف یظھر بوذا مرة اخرى و ینشر العدل والسلام والخیر والمحبة.
اما عند الدیانة الھندوسیة فتمثل في( كرشنا وراما)
اما بعض أھل أفغانستان من ذوي الأصول الیونانیة و المقدونیة من بقایا و احفاد جیش إسكندر المقدوني أو اسكنـدر الكبیر كما یسمونھ .. یعتقـون و مازالوا بان
ابن اسكندر في طریقھ إلیھم .. ولا یعترفون بمنقـذ أو مخـلص و منتـظر غیر ابن اسكندر
و حتى الشعب الیمني لدیھ معتقد قدیم بشخص خارق من نسل الملكة الراحلة بلقیس یكون لھ دور و شأن عظیم یقود الیمن لمكانھ عظیمة مثل ما كانت في قدیم
الزمن !!
أما الدیانات السماویھ من الیھود والمسیحیة فھي أیضا تؤمن بالمنقذ في أحر الزمان فالیھودیة تقول ان المنقذ ھو نبي الله عزیز والمسیحیة تقول ان المنقذ ھو نبي
الله عیسى ؟ اما بعض المسلمین فیعتقدون ان المنقذ ھو المھدي المنتظر من نسل النبي محمد .
وظھرت فكرة المنقذ حتى عند العلماء و الفلاسفة القدامى والمتأخرین مثل أفلاطون في جمھوریتھ والفارابي في مدینتھ الفاضلة و الفیلسوف الإنجلیزي توماس
مور في یوتوبیا أو جزیرة طوبي بینما تتمثل في طبقة البرولیتاریا عند بعض المفكرین والفلاسفة وأحیانا ھي ( الاشتراكیة ).
و اشتھرت المدن الفاضلة المثالیة عند الحكماء والفلاسفة القدامى والمحدثین، مثل ( أفلاطون في الجمھوریة ) و(الفارابي في المدینة الفاضلة) و(الفیلسوف
الإنجلیزي توماس مور في الیوطوبیا طوبي)، وھناك ایضا ( إتلانتا الجدیدة لفرنسیس بیكون ) و)المدینة المسیحیة لیوھان) ، و( مدینة الشمس لتوماس كامبلا)
و(جزیرة كونفیسشیوس لحكیم الصین) وغیرھا (3).
وھي لیست خیالیة بشكل كامل بل ھي نتیجة لتصورات تؤیدھا المعرفة و الآثار، ولكنھم اختلفوا في شخص القائد الموعود على مّر التاریخ من یكون
* العذابات اولا
یجب اولا وقوع الجریمة ویجب ان كون ھناك مجرم وضحیة لیصل الشرطي بعد ذلك ویلقي القبض على المجرم وقد لا یتمكن من القاء القبض علیھ من اول
مرة ، فتكون ھناك جرائم اخرى ومزید من الضحایا والدماء .
ولابد من وقوع الحریق اولا ووقوع خسائر وخراب ودمار لیصل الاطفائي بعد ذلك وقد یصل متأخرا فیجد ان كل شیئا قد احترق واستحال رمادا وقد لا یجد
حتى ثمة ما یطفئھ !!!
ان مسالة الموعود المخلص تنتشر في 35 دیانة ومعظم ھذه الدیانات تؤكد على ان ظھور المنقذ ھو نتیجة تفشي وانتشار الظلم والفساد والقھر والحرمان في
العالم وتفشي الصراعات والحروب والفقر وسلب ونھب وانتھاك حقوق وحریات وكرامة المستضعفین من قبل الطغاة والأثریاء والجشعین والسراق والمرابین :
فعلى سبیل المثال إن انتظار منقذ ومخلص لدى الیھود كان یأخذ أبعاداً وتیارات عدیدة، فھناك تیار من یفسر انتظار المنقذ لظروف قاسیة التي عاشھا الشعب
الیھودي أثناء وبعد السبي البابلي والذي أدى إلى اضطھادھم من الشعوب الأخرى.
اما الدیانة المسیحیة فإنھا تؤمن بأن مجيء المنتظر قد تم على ید المسیح عیسى ابن مریم لكن الذي ظھر بعد ذلك اعتقاد بأن مجيء المسیح المنتظر سوف یكون
المجيء الثاني، وعلیھ فإن الدیانة المسیحیة تعتقد أن المسیح ھو )المخلص) للشعب والمصحح لمسیرة الیھودیة، وقد أطلق على ھذا المخلص اسم )یسوع
المسیح) أو ابن الله.
اما المسلمین فیقولون : ان المھدي المنتظر یظھر لیملا الارض قسطا وعدلا بعد ان ملئت ظلما وجورا .
اما الشیوعیون فیرون في الشیوعیة ھي المنقذ الموعود ، وإنھا المرحلة التي تصبح فیھا الارض جنة كما یعبرون عنھا.مع الاختلاف العقائدي والفكري، ان
(الغلاء.. الفساد.. التضخم.. البطالة.. كلمات تتناولھا ألسنة الناس باستمرار وفي كل مكان.. بعد أن طال ضنك الحیاة للأغلبیة الساحقة من الأفراد في كل البلاد
تقریباً.. سواء تلك التيُتحسب في خانة الدول الغنیة أو الدول محدودة الموارد اصبح ھم الإنسان الیوم ھو البحث عن الأموال بكل الطرق والوسائل، التي تقع
أغلبھا في إطار السرقة المشروعة أو غیر المشروعة قانوناً. لقد ابتدعت الرأسمالیة آلیات معقدة لسرقة الأموال وتولیدھا وزیادتھا، كما أوجدت طرقاً ناجعة
لغسلھا وتنظیفھا من أیة شوائب قد تلحق بھا أو تشكك في مصادرھا السؤال الملح الذي یطرحھ الجمیع إلى أین نحن متجھین؟.. أي مصیر یواجھ الحیاة البشریة
فوق الأرض، قلة تكدس الثروة فتزداد غنى.. وكثرة تعاني الفقر وتزداد فقراً.. منظرو الرأسمالیة یّدعون أنھم یوزعون الغنى بین الناس، لكن الواقع غیر ذلكبكل تأكید... فوجود أغنیاء یتطلب وجود فقراء لو استمر الحال على ما ھو علیھ فإن الإنسانیة تتجھ إلى موت جماعي محقق بشكل مباشر ولأسباب مختلفة. ربما
أھمھا انتشار المجاعات الناتجة عن تزاید حالات الفقر، فبالتأكید أعداد الجوعى أكثر بكثیر من أعداد الأغنیاء في العالم الذي تشكل أغلب سكانھ طبقة وسطى
بالكاد توفر لقمة العیش، إضافة إلى الإرتفاع المضطرد للأسعار بسبب الندرة المتزایدة في توفیر المواد الغذائیة والأشیاء الضروریة، ناھیك عن طابور العاطلین
عن العمل الذي یتوسع یومیاً لیشمل نسبة مخیفة بین سكان العالم القادرین على الإنتاج، واختلال منظومات الحمایة الإجتماعیة في كل دول العالم تقریباً.... ان
المال العالمي یتركز بید 10% من سكان العالم والباقي ھم عاملین لدى ھذه الشركات و كلما زادت الشركات غنى زادت نسبة الفقر وكلمة خسرت الشركات
زادت نسبة الفقر أي ان الفقر في الحالتین من نصیب الطبقات العاملة وان الشركات لا تعطي سوى سد قوت العامل لكي یأتي غدا في الصباح الباكر لكي یعمل
من جدید و ان العمال یصنعون اشیاء بدولارات وتباع بالألف الدولارات حیث ھذا العامل لا یستطیع شراءھا) (4)
بسبب ماتقدم فان الشیوعیین یرون ان الشیوعیة ھي مرحلة حتمیة في تاریخ البشریة، تأتي بعد مرحلة الاشتراكیة التي تقوم على أنقاض المرحلة اللا قومیة،
ویرى ماركس أن الصراع التنافسي للبرجوازیة یولد العھد الكوسموبولیتي الذي یعتقد البعض انھ ( مرحلة العولمة ) الحالیة وھو العھد الذي یغلب علیھ الطابع
الاحتكاري، وتحول الربح التنافسي للربح الاحتكاري سیؤدي إلى ثورات تفرض النظم الاشتراكیة ویتقاضى كل فرد في المجتمع حسب عملھ، حیث یتم القضاء
على الملكیة الخاصة، وتأتي الشیوعیة كتطور تاریخي للاشتراكیة، ومن میزات العھد الشیوعي أنھ عھد أممي، وتزول الدولة تلقائیاً وتضمحل بحیث یتلاشى
وجود الدولة.
اما الرأسمالیون : فیرون ان الرأسمالیة والدیمقراطیة ھي المنقذ بحسب نظریة ( نھایة التاریخ) التي وضعھا المفكر الامریكي فو كویاما ، ففي عام 1989 كتب
مقالة في دوریة ناشونال انترست( National Interest) اصبحت فیما بعد احدى النظریات السیاسیة الحدیثة، كانت بعنوان " نھایة التاریخ ) :قائلا إن نھایة
تاریخ الاضطھاد والنظم الشمولیة قد ولى وانتھى إلى دون رجعة مع انتھاء الحرب الباردة وھدم سور برلین، لتحل محلھ اللیبرالیة وقیم الدیمقراطیة الغربیة).
وقد أضاف وشرح فوكویاما نظریتھ المثیرة للجدل في كتاب أصدره عام 1992 بعنوان "نھایة التاریخ والإنسان الأخیر"
وقد قصد فوكویاما أن یعارض فكرة نھایة التاریخ في نظریة كارل ماركس الشھیرة "المادیة التاریخیة"، والتي اعتبر فیھا أن نھایة تاریخ الاضطھاد الإنساني
سینتھي عندما تزول الفروق بین الطبقات. كما تأثر فوكویاما في بناء نظریتھ بآراء الفیلسوف الشھیر ھیغل وأستاذه الفیلسوف ألن بلوم، حیث ربط كلاھما بین
نھایة تاریخ الاضطھاد الإنساني واستقرار نظام السوق الحرة في الدیمقراطیات الغربیة.(5)
وتقوم نظریة فو كویاما على ثلاثة عناصر أساسیة. العنصر الأول، ھو أن الدیمقراطیة المعاصرة قد بدأت في النمو منذ بدایة القرن التاسع عشر، وانتشرت
بالتدرج كبدیل حضاري في مختلف أنحاء العالم للأنظمة الدیكتاتوریة. العنصر الثاني في نظریة نھابة التاریخ، ھو أن فكرة الصراع التاریخي المتكرر بین "
السادة" و"العبید" لا یمكن أن یجد لھ نھایة واقعیة سوى في الدیمقراطیات الغربیة واقتصاد السوق الحر. العنصر الثالث في نظریة فوكویاما، ھو أن الاشتراكیة
الرادیكالیة أو الشیوعیة لا یمكنھا لأسباب عدة أن تتنافس مع الدیمقراطیة الحدیثة، وبالتالي فإن المستقبل سیكون للرأسمالیة أو الاشتراكیة الدیمقراطیة.
مما تقدم یتبین ان كل الذین یعتقدون بوجود منقذ ، سواء كانوا وثنیین او مؤمنین او من اصحاب النظریات الوضعیة والمادیة ، یعتقدون مسبقا بضرورة وجود
ظلم وعذابات وألام وفساد یجب وقوعھ على البشر ویجب تزاید شدتھ وقساوتھ ووتیرتھ ، وانھ یجب على البشریة نزف دماء ودموع غزیرة ، وتقدیم تضحیات
وقرابین وأرواح كثیرة جدا ، وتذوق مرارات ومعاناة وماسي جمة ، قبل ظھور المنقذ الفارس الذي یقاتل الشر بكل اشكالھ ویقضي على الظلم والقھر وینشر
الخیر والأمان والسلام والعدالة والحریة .
* الانتظار .. طاعة الحكام .. التقیة :
استغلت فكرة انتظار ظھور المنقذ من البعض استغلال سیئا في اتجاھات متوازیة سلبیة جدا وھي:
1.عدم مقاومة الظلم والفساد والانحراف والسكوت والقبول بتفشیھم في الحیاة والمجتمعات لان ذلك احد الاسباب الممھدة لظھور المنقذ .
2.الاستسلام وعدم مقاومة الحكام والسلطات الجائرة والطغاة والفاسدین والصبر علیھم وطاعتھم ( مبدا طاعة الحاكم وعدم الخروج علیھ ) حتى ظھور المنقذ .
3.الوصول الى حد التقیة ومداھنة ومحاباة والقبول بالظلم والفساد وموافقة الظالمین والفاسدین على تصرفاتھم وسلوكیاتھم ونھجھم وتأییدھم ولو ظاھرا دون
التصدي لھم او مقاومتھم والثورة علیھم ، بانتظار ظھور المنقذ وقیام دولتھ .(6)
وعلى سبیل المثال، ظھرت في عام 1953 جماعة في ایران في مدینة مشھد تسمي نفسھا ( الحجتیة ) اسسھا ( محمود ذاكر زادة تولایي) الذي یشار الیھ بـ ((
محمود الحلبي في (( مشھد بعد نجاح انقلاب الجنرال زاھدي على الحكومة الوطنیة التي كان یترأسھا الدكتور مصدق , وكان الشاه محمد رضا بھلوي
یستخدمھا اداة لأستئصال اتباع البھائیة , وھو ھدف دعا بعض علماء الحوزة الى تأیید الجمعیة بسبب قلقھم من انتشار البھائیة في المدارس الدینیة .
اسمھا مشتق من ( الحّجة ) الامام الثاني عشر لدى الشیعة الأمامیة.
وھي بالأصل جماعة سیاسیة عقائدیة اجتذبت الكثیر من الشباب فترة الكبت الدیني التي استمرت حتى عام 1979،تقوم عقیدتھا على الایمان الراسخ بان اشاعة
الفوضى والفساد والظلم والقسوة في الارض تعجل في ظھور صاحب الزمان المھدي المنتظر , وتنفي أي ظھور سابق للمھدي بل تنتظره في المستقبل وترفع
شعار ( لا دولة شیعیة قبل المھدي ) وھو شعار استفاد منھ الشاه لانھ محبط لأیة ثورة تقوم قبل الظھور ! .
واتھمت النظام الایراني الذي اعقب حكم الشاه , بأنھ اغتصب ولایة المھدي واسھم في تأخیر ظھوره , وھم في دعوتھم لإشاعة الفواحش تمھیداً للظھور ,
اجتذبوا اعداداً غفیرة من الشباب , وفي الوقت نفسھ كسبوا الى صفھم شخصیات ذات وزن , بسبب من نفوذھم الذي ازداد وأسھم في نجاحھ (اسلوب العمل
السري الذي یتبعونھ ), اسلوب نشاطھم اشبھ بالجمعیات الماسونّیة , فاجتذبوا الكوادر والنخب وتغلغلت من خلالھم في مؤسسات الدولة الحساسة , وتقدم لھم
بالمقابل فرصاً ومنافع تجاریة واقتصادیة وسیاسیة .
انتشرت الجماعة الى خارج ایران وفي العراق خصوصا اذ انتشرت جماعات ترفع شعارات الحجتّیة نفسھا وتمارس ممارساتھا , فیھا جماعة السلوكیین في
النجف وجماعة روح الله وجماعة المرسومي وجماعة النبأ في مدینة الصدر الذین یعتقدون ان مقتدى الصدر ھو النبأ .(7)
* متى سیأتي غودو ...
في الفترة ما بین (تشرین الأول – أكتوبر 1949 وكانون الثاني – ینایر1950 ) كتب الروائي الایرلندي صموئیل بیكیت روایة عنوانھا ( في انتظار غودو( ،
ولا تزال المسرحیة إلى یومنا ھذا، تفّسر بأقاویل عدیدة ومختلفة, وكل حسب خلفیتھ العقائدیة والفكریة، وعندما كتب بیكیت ھذه المسرحیة فكر أن یكون عنوانھا
(انتظار) ، لصرف انتباه القارئ عن شخصیة غودو، لینشغل بموضوع الانتظار، آملا أن لا ینھمك القارئ في التركیز على أیة شخصیة في المسرحیة ویھمل
في الوقت نفسھ التفكیر في كیفیة أن وجود البشریة كلھ ھو عبارة عن انتظار. وأصبحت شخصیة غودو بمثابة كلمة سر یتبادلھا الناس فیما بینھم للتعبیر عن
حالات كثیرة مثل: والآن، ھل ستأتي أم أنك تنتظر غودو؟
وعندما سئل بیكیت من ھو (غودو)؟ أجاب : لا اعرف عن ھذه المسرحیة أكثر مما یعرف ھذا أو ذاك من الذین یقرؤون المسرحیة بیقظة وانتباه؛ لا أعرف عن
الشخصیات أكثر مما تقولھ ھي، أكثر مما تفعلھ وماذا حدث لھا ومعھا؛ لا أعرف من ھو غودو ومن یكون؛ لا أعرف حتى إذا كان موجودا أم غیر موجود؟
من خلال قراءة ھذه الروایة بتمعن یتبین للقارئ ان الحدث الاھم الذي تدور حولھ ھو الانتظار المجرد عن العمل أي ان المنتظر ینتظر المنقذ فقط دون ان یعمل
شیئا آخر لیحیي ھذا الانتظار ویقرب مجیئھ ولذلك فأن (بیكیت) یحاول ھنا أن یوصل خطاباً مفاده إن التفكیر في الأسئلة التي یصعب الإجابة عنھا والتي تبرز
كمّحصلة لفعل الانتظارُینتج الألم والقلق وتعطیل فعالیة الإنسان وتحطیمھ من الداخل، وإن شخصیاتھ ینبغي علیھا أن تواصل إنتظارھا للشيء الذي لن یأِت
مطلقاً، إلا أنھا مع ذلك تظل تنتظر وتنتظر حتى اللحظة الأخیرة للسقوط في ھوة الشیخوخة والخرف، المرحلة التي تقّزم تلك الشخصیات وتضاعف من بؤسھا
وعجزھا وتبعیتھا في الآِخر.
وفي حوار بین بطلي المسرحیة المشردان اللذان كانا یجلسایعرفانھ: من شجرة جرداء في شارع ریفي أحدھما یدعى فلادیمیر (دیدي) والآخر إیستراغون(
الرئیسي الموقع في الموضوع على والتصویت التعلیق  
(غوغو) بإنتظار شخص یدعى غودو. وھما لا یعرفانھ و لم یریانھ من قبل وحتى لو رأیاه فلن یعرفانھ :
ستراجون : یجب أن یأتى إلى ھنا
فلادیمیر : إنھ لم یقل أنھ سوف یأتى على وجھ الیقین
استراجون : وإذا لم یأت ؟
فلادیمیر : سوف نحضر إلى ھنا فى الغد
استراجون : ثم بعد غد
فلادیمیر : ربما
استراجون : وھكذا باستمرار
فلادیمیر : المسألة ھى
استراجون : متى یأتى ..(8)
ویبقى السؤال الاخیر والمھم ،وھو متى سیظھر ھذا المنقذ ؟ وھل ستقدم البشریة خسائر وتضحیات ودماء اكثر ؟ وماھو السر في تأخر ظھور ھذا المنقذ حتى
الان ؟
وھل ان البشریة ستحتمل المزید من المعاناة وتؤجل ثورتھا ورفضھا للقھر والفساد حتى ظھور المخلص الموعود كما یقول ویعتقد ویدعو الیھ البعض من
ضرورة الرضوخ والقبول بالواقع مھما كان مریرا ومأساویا بانتظار المنقذ ولان تفشي الفساد والظلم ضرورة لابد منھا وتمھید بغیره لا ظھور للمنقذ او
المخلص مطلقا ؟!!!

الحالم
موقوووووووف

عدد المساهمات : 1116
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى