دولة الخلافة..والدولة القومية.. مقال لأحمد طه عن سر التحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية
3 مشترك
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات العامة و الساحة السياسية والاقتصادية المفتوحة :: حوار الثغور ومنبر السياسة والاقتصاد والفتن الخاصة (عمران بيت المقدس خراب يثرب)!
صفحة 1 من اصل 1
دولة الخلافة..والدولة القومية.. مقال لأحمد طه عن سر التحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية
دولة الخلافة..والدولة القومية.. مقال لأحمد طه عن سر التحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية
[IMG]
دولة الخلافة هي النظام السياسي والاجتماعي المنبثق عن الإسلام، وفيها:
(1) الاجتماع على الإسلام، والانتساب للشرع.
(2) تحكيم شرع الله.. بحدوده ومقاصده.
(3) حمل رسالة الله إلى العالمين، ورفع علم الجهاد.
(4) عدم التقيد بحدود الأرض، وفتح البلاد والعباد لعلو شرع الله كنظام.. وحرية المعتقد لمن شاء.
(5) التفرقة على أساس الدين لا على أساس اللغة أو القوم أو الجنس أو تخوم الأرض أو اعتبارات أخرى غير اعتبار الدين.
(6) الولاء والبراء فيها منعقد على الإسلام.. فالولاء لله ورسوله وللمؤمنين.. والبراء من الشرك والكفر والطاغوت والكافرين.
(7) إقامة الحق والعدل الرباني.. الذي من أجله أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب.. والناس كلهم أمام حكم الله وشرعه سواء، ولا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى.
هذه الدولة هي التي أنشأها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وامتدت حتى حكمت من الأندلس غرباً إلى حدود الصين شرقاً.. مرت بفترات انهزام وانحسار في فترة “الملك العضوض” وتنوعت هذه الفترة ما بين الرشد، والظلم والطغيان.. لكن في النهاية بقي كيان “الدولة الإسلامية” كما هو، وكل إصلاحات وتغيير إنما كان يستلزم رفع الظلم.. والعودة إلى الرشد داخل كيان “الدولة الإسلامية” حيث الاجتماع على الإسلام، والانتساب للشرع.
مع مجئ الحملات الصليبية، وقيام الحرب العالمية الأولى والثانية.. سقط كيان “دولة الخلافة” من حيث المعنى والاصطلاح والمضمون والشكل، وتم هدمه نهائياً.. واستبداله بـ “الدولة القومية”.
وأصبحت الدولة القومية هي الكيان الشاذ الذي يجمع المسلمين وفيها:
(1) الاجتماع فيها على أساس القوم، والحدود، واللغة.. والانتساب فيها لـ “العلمانية”.
(2) الاحتكام فيها إلى القوانين الوضعية، فهي الأصل في الحكم والتشريع.
(3) التقيد بحدود الأرض.. والانتساب لها، فصارت هي “محدد” العلاقة بين المسلمين.
(4) الولاء والبراء فيها للأرض.
(5) الهيمنة والتبعية للمحتل الذي أنشأ هذه الصورة من “الدولة القومية”.
(6) التفرقة فيها ليست على أساس الدين.. فالدولة على مسافة واحدة من كل الأديان، إنما التفرقة على أساس القوم والحدود…إلخ.
(7) لا تحمل رسالة سوى ادعاء العمل على رفاهية القوم، والازدهار الاقتصادي.
هذه الدولة القومية.. على النقيض تماماً من دولة الخلافة الإسلامية، ومناقضة تماماً لرسالة الإسلام، وهدفه.. والطريق الذي يسير فيه.
نشأت الدولة القومية كأحد مخرجات “دين العلمانية” فإذا كانت الخلافة هي الوجه السياسي والاجتماعي لـ “الإسلام”.. فالدولة القومية هي الوجه السياسي والاجتماعي للعلمانية.
ولما تم للمحتل الصليبي تقسيم دولة الخلافة الإسلامية.. وشرذمة الأمة الواحدة، ظن البعض أن المحتل الصليبي قسم دولة الخلافة إلى مجموعة دويلات فحسب! وهذا التصور غير صحيح، المحتل الصليبي دمر فكرة “دولة الخلافة” من أساسها.. ثم فتت الأمة على أساس دين “العلمانية” فجاءت هذه الدويلات التابعة له، وهويتها على أساس العلمانية !!
ودين العلمانية هو التطور الطبيعي للنصرانية، والوجه الآخر لها.. وهي من أقصى درجات الإلحاد، فلما أفلست النصرانية، وثارت عليها أوربا.. استبدلتها بالوجه الآخر وهو “العلمانية” أي: عبادة الحياة الدنيا وملذاتها، وأهواء البشر – بدلاً عن عبادة البابا والإمبراطور! – وإبعاد أي مكون أو تأثير لـ “الدين” عن وجه الحياة البشرية.. تحت أي ذريعة: كونه مقدس، كونه يُفرق، كونه اختراع…إلخ المهم أن يتم إبعاده، وإطلاق الإنسان من كل قيد.. ووضع الإنسان مكان الإله، فهو المقدس الوحيد!
وانطلق الصليب يُبشر بالدين الجديد “العلمانية” وجعله هو الدين الوحيد المعتمد الذي على البشرية كلها أن تفيء إليها.. واستخدمت كل ما وصلت إليه من علم وتقنية ووسائل اتصال وقوى عسكرية لفرض نمط الحياة العلماني في كل شيء: في المعتقد والتصور، وفي القيم والموازين، وفي الفكر والشعور، وفي النظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وفي المأكل والملبس، وفي التعليم والثقافية، وفي الفن والأدب والمسرح والسينما… إلخ.
حتى تكونت شبكة مصالح اقتصادية عالمية تراعها القيم العلمانية، فنمط الغذاء والملبس – مثلاً – الذي تُقره أمريكا، يجري تعميمه على أرجاء الأرض كلها.. وجعله هو القيمة الصحيحة، والمثل الأعلى.. الذي على البشرية كلها تقليده، واتباعه.. ومن تخلف عنه فهو الرجعي القديم الذي فاته ركب التقدم الإنساني !!
وأصبحت “الدولة القومية” هي الصورة الوحيدة المعتمدة للاجتماع الإنساني، وتم إنشاء هيئات الأمم، والمجالس الدولية باختلاف مسمياتها وأهدافها لحماية هذه الدولة.. وهذا الدين.
وفي الدولة القومية المنبثقة عن “دين العلمانية” يصبح “معتقد” الفرد.. حرية شخصية لا تمنع الدولة الفرد ممن ممارسته، بشرط أن لا يتعدى على دين العلمانية.. أو يتجرأ على الخوض في الحياة العامة، فحرية المعتقد للفرد مكفولة بشرط الحفاظ على هوية الدولة العلمانية.. وعدم التعدي على مبادئ الدولة القومية.
وأصبح مسمى “الدولة الدينية” مستقبحاً شنيعاً مقززاً.. هكذا فرضته وعممته الدولة القومية، وجعلته صورة قبيحة مستوحاة من جرائم الكنيسة في العصور الوسطى.. وأصبح الناس أمام فرضيتين: إما “الدولة الدينية” حيث تسلط رجال الدين كما حدث لأوربا في عصورها الوسطى المظلمة.. أو “الدولة المدنية القومية العلمانية” حيث حقوق الإنسان، والحريات والديمقراطية… إلخ، والحقيقة لم يكن هناك ثمة اختيارات للناس، فالدولة القومية فرضت نفسها من خلال الثورات والحروب التي كادت أن تأكل أوربا كلها، ولكن يُقال مصطلح “الدولة الدينية” على سبيل الماضي البغيض الذي هربوا منه وانتصروا عليه..!
وتم فرض هذه الصورة على بلدان الأمة الإسلامية.. وتمت عملية إلغاء وتقويض لمجرد التفكير في بديل ثالث يخرج من رسالة الإسلام واستمر قرابة ألف وثلاثمائة عام وهو “دولة الخلافة”.. وعلى المسلمين الالتزام بمبادئ الدولة القومية، وها هم على مبادئها منذ سقوط الخلافة حتى الآن، وورثت الأمة الذلة والهوان، والهيمنة والتبعية للصليب، وضياع الثروات.. ومن قبل كل ذلك ضياع الدين ذاته !!
* * *
ولما أُعلنت دولة الخلافة الإسلامية في العراق في رمضان 1435 هـ – 2014 م كان هذا الإعلان يُمثل الآتي:
(1) التعدي على دين العلمانية الذي يُهيمن على البلدان الإسلامية.
(2) هدم الدولة القومية التي أنشأها المحتل الصليبي بعد الحرب العالمية الأولى والثانية.
(3) انتهاء النفوذ الصليبي على بلدان الأمة الإسلامية، والتحرر من ربقته.
(4) إلغاء الحدود المصطنعة التي أُنشئت على أساس قومي وقبلي وعشائري.
(5) عودة الأمة من جديد إلى الصورة التي كانت عليها وإقامة دولتها الفريدة من جديد.
(6) انتهاء عولمة “دين العلمانية” ووجود دين عالمي وحضاري ورسالي آخر غير دين العلمانية، وهو الإسلام.
(7) انهيار الاقتصاد العالمي القائم على الاستفادة من عولمة نمط الحياة العلمانية، ونهب ثروات الأمة، ودورة الربا اليهودي العالمي.
كل هذا استدعى الصليب الأمريكي والأوربي وخدمهم ووكلائهم – من الطواغيت الذين وضعوهم على رأس الدول القومية – لمحاربة هذه الدولة في مهدها قبل أن يستفحل شرها! وتخرج عن السيطرة.. فإذا خرجت عن السيطرة، فإذا هذا يعني سقوط كل الدولة القومية، وسقوط وانتهاء أنظمة الطواغيت كلها، وعودة الأمة إلى الاجتماع على الإسلام، والانتساب للشرع، وهذا يعني تقويض الحضارة الغربية كلها، واقتراب زوالها.. ودخول الصراع بين الإسلام والكفر.. أو بين الإسلام والعلمانية إلى مرحلة جديدة تأذن بعلو الإسلام، وعودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.. كما بَشّر بها النبي صلى الله عليه وسلم.
لذا فإن هذه الحرب التي استدعت كل ملل الكفر من جميع أرجاء الأرض شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً ورصد كل الأموال والأسلحة والجيوش لمحاربتها.. ليست كما ظن البعض من أجل محاربة “تنظيم جهادي مسلح”!! ولكن هذا الحشد لأن المواجهة الآن أصبحت بين الإسلام متمثلاً – في صورته السياسية والاجتماعية – في “دولة الخلافة”، وبين العلمانية النصرانية متمثلة – في صورتها السياسية والاجتماعية – في “الدولة القومية” !!
لذا، عندما نقول إن الحملة الصليبية الدولية: هي “حملة على الإسلام” ونسكت، فنحن نُدلس على الناس، ولا نُفهمهم طبيعة الصراع، وحقيقة المعركة..
فأمريكا التي تتولى قيادة الحملة الصليبية الدولية عدد المسلمين بها أكبر من مجموع دولتين عربيتين!! والمسلمون بأمريكا يمارسون شعائرهم بحرية أكثر من البلدان العربية، بل وترعاهم أمريكا رعاية اجتماعية، وتعليم مجاني، وفرص عمل متساوية، وحياتهم هناك أفضل من الدول العربية…إلخ.
فكيف سيفهم المسلمون أنها “حرب على الإسلام” بينما المسلمون منعمون في أكبر بلد صليبية.. وليس هذا فحسب، بل تُنشأ لهم المراكز الإسلامية والمساجد وتحميها وترعاها، بل وتشجع عليها أحياناً ؟!
ذلك لأنه – كما سبق الذكر – أن الدولة العلمانية القومية، تسمح بممارسة شعائر المعتقد دون التدخل في شؤون الدولة ونمط الحياة.. وتقف – كما يزعمون – على مسافة واحدة من كل الأديان، فالصليب الأمريكي لا يحارب “ممارسة” شعائر الإسلام.. ولكنهم يحاربون أن يكون هناك دين آخر غير “دين العلمانية” وصورة أخرى للدولة غير “الدولة القومية” وهذا ما اصطلحت عليه كل ملل الأرض، وهذا ما هو قائم بالفعل في كل أنحاء الأرض..!!
ولذا، لما جاء إعلان الخلافة.. وقيام دولة إسلامية على صورتها الصحيحة، كان يمثل هذا الإعلان التهديد الأول – منذ الحرب العالمية الثانية حتى الآن – للعلمانية ودولتها القومية.. فاجتمعت كل ملل الأرض لمحاربة هذا التهديد!
وإن الحرب على الإسلام لم تنقطع منذ أن جاء محمد – صلى الله عليه وسلم – بـ “لا إله إلا الله” التي كانت تعني الحرب على كل طاغوت.. ورد الأمر والسلطان كله لله، وهذه الحرب مستمرة إلى قيام الساعة.. كما قال تعالى: {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ } [البقرة : 217] { وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } [البقرة : 120]
ولكن يجب أن نفهم طبيعة الحملة الصليبية هذه المرة، وما تمثله من تهديد.. وأن هذه المواجهة هي بين: الإسلام والعلمانية.. ودولة الخلافة والدولة القومية.
وهذه المواجهة حتمية لا مفر منها، بل قد تأخذنا إلى “الملاحم الكبرى” وانتهاء رحلة الحياة على الأرض، فاقتراب الساعة كان منذ بعثة محمد – صلى الله عليه وسلم – { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ } [القمر : 1] ولكن حساب الأرض ورحلتها تتضخم في حِسنا نحن البشر بينما هي – في النهاية – ساعة من نهار بالنسبة للحياة الآخرة..
وسواء كان هذا الواقع هو حلقة من إحدى حلقات الصراع مع الكفر.. وسيأتي من يكمل المسير بعدنا، أو هي “الملاحم الكبرى” واقتراب الوعد الحق، فإن هذا لن يغير من طبيعة الصراع وحقيقته شيئاً.. ولن يغير كذلك من واجب المسلم منذ سقوط الخلافة وهو: هدم الدولة القومية.. وإعادة دولة الخلافة.
منقول
[IMG]
دولة الخلافة هي النظام السياسي والاجتماعي المنبثق عن الإسلام، وفيها:
(1) الاجتماع على الإسلام، والانتساب للشرع.
(2) تحكيم شرع الله.. بحدوده ومقاصده.
(3) حمل رسالة الله إلى العالمين، ورفع علم الجهاد.
(4) عدم التقيد بحدود الأرض، وفتح البلاد والعباد لعلو شرع الله كنظام.. وحرية المعتقد لمن شاء.
(5) التفرقة على أساس الدين لا على أساس اللغة أو القوم أو الجنس أو تخوم الأرض أو اعتبارات أخرى غير اعتبار الدين.
(6) الولاء والبراء فيها منعقد على الإسلام.. فالولاء لله ورسوله وللمؤمنين.. والبراء من الشرك والكفر والطاغوت والكافرين.
(7) إقامة الحق والعدل الرباني.. الذي من أجله أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب.. والناس كلهم أمام حكم الله وشرعه سواء، ولا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى.
هذه الدولة هي التي أنشأها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وامتدت حتى حكمت من الأندلس غرباً إلى حدود الصين شرقاً.. مرت بفترات انهزام وانحسار في فترة “الملك العضوض” وتنوعت هذه الفترة ما بين الرشد، والظلم والطغيان.. لكن في النهاية بقي كيان “الدولة الإسلامية” كما هو، وكل إصلاحات وتغيير إنما كان يستلزم رفع الظلم.. والعودة إلى الرشد داخل كيان “الدولة الإسلامية” حيث الاجتماع على الإسلام، والانتساب للشرع.
مع مجئ الحملات الصليبية، وقيام الحرب العالمية الأولى والثانية.. سقط كيان “دولة الخلافة” من حيث المعنى والاصطلاح والمضمون والشكل، وتم هدمه نهائياً.. واستبداله بـ “الدولة القومية”.
وأصبحت الدولة القومية هي الكيان الشاذ الذي يجمع المسلمين وفيها:
(1) الاجتماع فيها على أساس القوم، والحدود، واللغة.. والانتساب فيها لـ “العلمانية”.
(2) الاحتكام فيها إلى القوانين الوضعية، فهي الأصل في الحكم والتشريع.
(3) التقيد بحدود الأرض.. والانتساب لها، فصارت هي “محدد” العلاقة بين المسلمين.
(4) الولاء والبراء فيها للأرض.
(5) الهيمنة والتبعية للمحتل الذي أنشأ هذه الصورة من “الدولة القومية”.
(6) التفرقة فيها ليست على أساس الدين.. فالدولة على مسافة واحدة من كل الأديان، إنما التفرقة على أساس القوم والحدود…إلخ.
(7) لا تحمل رسالة سوى ادعاء العمل على رفاهية القوم، والازدهار الاقتصادي.
هذه الدولة القومية.. على النقيض تماماً من دولة الخلافة الإسلامية، ومناقضة تماماً لرسالة الإسلام، وهدفه.. والطريق الذي يسير فيه.
نشأت الدولة القومية كأحد مخرجات “دين العلمانية” فإذا كانت الخلافة هي الوجه السياسي والاجتماعي لـ “الإسلام”.. فالدولة القومية هي الوجه السياسي والاجتماعي للعلمانية.
ولما تم للمحتل الصليبي تقسيم دولة الخلافة الإسلامية.. وشرذمة الأمة الواحدة، ظن البعض أن المحتل الصليبي قسم دولة الخلافة إلى مجموعة دويلات فحسب! وهذا التصور غير صحيح، المحتل الصليبي دمر فكرة “دولة الخلافة” من أساسها.. ثم فتت الأمة على أساس دين “العلمانية” فجاءت هذه الدويلات التابعة له، وهويتها على أساس العلمانية !!
ودين العلمانية هو التطور الطبيعي للنصرانية، والوجه الآخر لها.. وهي من أقصى درجات الإلحاد، فلما أفلست النصرانية، وثارت عليها أوربا.. استبدلتها بالوجه الآخر وهو “العلمانية” أي: عبادة الحياة الدنيا وملذاتها، وأهواء البشر – بدلاً عن عبادة البابا والإمبراطور! – وإبعاد أي مكون أو تأثير لـ “الدين” عن وجه الحياة البشرية.. تحت أي ذريعة: كونه مقدس، كونه يُفرق، كونه اختراع…إلخ المهم أن يتم إبعاده، وإطلاق الإنسان من كل قيد.. ووضع الإنسان مكان الإله، فهو المقدس الوحيد!
وانطلق الصليب يُبشر بالدين الجديد “العلمانية” وجعله هو الدين الوحيد المعتمد الذي على البشرية كلها أن تفيء إليها.. واستخدمت كل ما وصلت إليه من علم وتقنية ووسائل اتصال وقوى عسكرية لفرض نمط الحياة العلماني في كل شيء: في المعتقد والتصور، وفي القيم والموازين، وفي الفكر والشعور، وفي النظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وفي المأكل والملبس، وفي التعليم والثقافية، وفي الفن والأدب والمسرح والسينما… إلخ.
حتى تكونت شبكة مصالح اقتصادية عالمية تراعها القيم العلمانية، فنمط الغذاء والملبس – مثلاً – الذي تُقره أمريكا، يجري تعميمه على أرجاء الأرض كلها.. وجعله هو القيمة الصحيحة، والمثل الأعلى.. الذي على البشرية كلها تقليده، واتباعه.. ومن تخلف عنه فهو الرجعي القديم الذي فاته ركب التقدم الإنساني !!
وأصبحت “الدولة القومية” هي الصورة الوحيدة المعتمدة للاجتماع الإنساني، وتم إنشاء هيئات الأمم، والمجالس الدولية باختلاف مسمياتها وأهدافها لحماية هذه الدولة.. وهذا الدين.
وفي الدولة القومية المنبثقة عن “دين العلمانية” يصبح “معتقد” الفرد.. حرية شخصية لا تمنع الدولة الفرد ممن ممارسته، بشرط أن لا يتعدى على دين العلمانية.. أو يتجرأ على الخوض في الحياة العامة، فحرية المعتقد للفرد مكفولة بشرط الحفاظ على هوية الدولة العلمانية.. وعدم التعدي على مبادئ الدولة القومية.
وأصبح مسمى “الدولة الدينية” مستقبحاً شنيعاً مقززاً.. هكذا فرضته وعممته الدولة القومية، وجعلته صورة قبيحة مستوحاة من جرائم الكنيسة في العصور الوسطى.. وأصبح الناس أمام فرضيتين: إما “الدولة الدينية” حيث تسلط رجال الدين كما حدث لأوربا في عصورها الوسطى المظلمة.. أو “الدولة المدنية القومية العلمانية” حيث حقوق الإنسان، والحريات والديمقراطية… إلخ، والحقيقة لم يكن هناك ثمة اختيارات للناس، فالدولة القومية فرضت نفسها من خلال الثورات والحروب التي كادت أن تأكل أوربا كلها، ولكن يُقال مصطلح “الدولة الدينية” على سبيل الماضي البغيض الذي هربوا منه وانتصروا عليه..!
وتم فرض هذه الصورة على بلدان الأمة الإسلامية.. وتمت عملية إلغاء وتقويض لمجرد التفكير في بديل ثالث يخرج من رسالة الإسلام واستمر قرابة ألف وثلاثمائة عام وهو “دولة الخلافة”.. وعلى المسلمين الالتزام بمبادئ الدولة القومية، وها هم على مبادئها منذ سقوط الخلافة حتى الآن، وورثت الأمة الذلة والهوان، والهيمنة والتبعية للصليب، وضياع الثروات.. ومن قبل كل ذلك ضياع الدين ذاته !!
* * *
ولما أُعلنت دولة الخلافة الإسلامية في العراق في رمضان 1435 هـ – 2014 م كان هذا الإعلان يُمثل الآتي:
(1) التعدي على دين العلمانية الذي يُهيمن على البلدان الإسلامية.
(2) هدم الدولة القومية التي أنشأها المحتل الصليبي بعد الحرب العالمية الأولى والثانية.
(3) انتهاء النفوذ الصليبي على بلدان الأمة الإسلامية، والتحرر من ربقته.
(4) إلغاء الحدود المصطنعة التي أُنشئت على أساس قومي وقبلي وعشائري.
(5) عودة الأمة من جديد إلى الصورة التي كانت عليها وإقامة دولتها الفريدة من جديد.
(6) انتهاء عولمة “دين العلمانية” ووجود دين عالمي وحضاري ورسالي آخر غير دين العلمانية، وهو الإسلام.
(7) انهيار الاقتصاد العالمي القائم على الاستفادة من عولمة نمط الحياة العلمانية، ونهب ثروات الأمة، ودورة الربا اليهودي العالمي.
كل هذا استدعى الصليب الأمريكي والأوربي وخدمهم ووكلائهم – من الطواغيت الذين وضعوهم على رأس الدول القومية – لمحاربة هذه الدولة في مهدها قبل أن يستفحل شرها! وتخرج عن السيطرة.. فإذا خرجت عن السيطرة، فإذا هذا يعني سقوط كل الدولة القومية، وسقوط وانتهاء أنظمة الطواغيت كلها، وعودة الأمة إلى الاجتماع على الإسلام، والانتساب للشرع، وهذا يعني تقويض الحضارة الغربية كلها، واقتراب زوالها.. ودخول الصراع بين الإسلام والكفر.. أو بين الإسلام والعلمانية إلى مرحلة جديدة تأذن بعلو الإسلام، وعودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.. كما بَشّر بها النبي صلى الله عليه وسلم.
لذا فإن هذه الحرب التي استدعت كل ملل الكفر من جميع أرجاء الأرض شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً ورصد كل الأموال والأسلحة والجيوش لمحاربتها.. ليست كما ظن البعض من أجل محاربة “تنظيم جهادي مسلح”!! ولكن هذا الحشد لأن المواجهة الآن أصبحت بين الإسلام متمثلاً – في صورته السياسية والاجتماعية – في “دولة الخلافة”، وبين العلمانية النصرانية متمثلة – في صورتها السياسية والاجتماعية – في “الدولة القومية” !!
لذا، عندما نقول إن الحملة الصليبية الدولية: هي “حملة على الإسلام” ونسكت، فنحن نُدلس على الناس، ولا نُفهمهم طبيعة الصراع، وحقيقة المعركة..
فأمريكا التي تتولى قيادة الحملة الصليبية الدولية عدد المسلمين بها أكبر من مجموع دولتين عربيتين!! والمسلمون بأمريكا يمارسون شعائرهم بحرية أكثر من البلدان العربية، بل وترعاهم أمريكا رعاية اجتماعية، وتعليم مجاني، وفرص عمل متساوية، وحياتهم هناك أفضل من الدول العربية…إلخ.
فكيف سيفهم المسلمون أنها “حرب على الإسلام” بينما المسلمون منعمون في أكبر بلد صليبية.. وليس هذا فحسب، بل تُنشأ لهم المراكز الإسلامية والمساجد وتحميها وترعاها، بل وتشجع عليها أحياناً ؟!
ذلك لأنه – كما سبق الذكر – أن الدولة العلمانية القومية، تسمح بممارسة شعائر المعتقد دون التدخل في شؤون الدولة ونمط الحياة.. وتقف – كما يزعمون – على مسافة واحدة من كل الأديان، فالصليب الأمريكي لا يحارب “ممارسة” شعائر الإسلام.. ولكنهم يحاربون أن يكون هناك دين آخر غير “دين العلمانية” وصورة أخرى للدولة غير “الدولة القومية” وهذا ما اصطلحت عليه كل ملل الأرض، وهذا ما هو قائم بالفعل في كل أنحاء الأرض..!!
ولذا، لما جاء إعلان الخلافة.. وقيام دولة إسلامية على صورتها الصحيحة، كان يمثل هذا الإعلان التهديد الأول – منذ الحرب العالمية الثانية حتى الآن – للعلمانية ودولتها القومية.. فاجتمعت كل ملل الأرض لمحاربة هذا التهديد!
وإن الحرب على الإسلام لم تنقطع منذ أن جاء محمد – صلى الله عليه وسلم – بـ “لا إله إلا الله” التي كانت تعني الحرب على كل طاغوت.. ورد الأمر والسلطان كله لله، وهذه الحرب مستمرة إلى قيام الساعة.. كما قال تعالى: {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ } [البقرة : 217] { وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } [البقرة : 120]
ولكن يجب أن نفهم طبيعة الحملة الصليبية هذه المرة، وما تمثله من تهديد.. وأن هذه المواجهة هي بين: الإسلام والعلمانية.. ودولة الخلافة والدولة القومية.
وهذه المواجهة حتمية لا مفر منها، بل قد تأخذنا إلى “الملاحم الكبرى” وانتهاء رحلة الحياة على الأرض، فاقتراب الساعة كان منذ بعثة محمد – صلى الله عليه وسلم – { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ } [القمر : 1] ولكن حساب الأرض ورحلتها تتضخم في حِسنا نحن البشر بينما هي – في النهاية – ساعة من نهار بالنسبة للحياة الآخرة..
وسواء كان هذا الواقع هو حلقة من إحدى حلقات الصراع مع الكفر.. وسيأتي من يكمل المسير بعدنا، أو هي “الملاحم الكبرى” واقتراب الوعد الحق، فإن هذا لن يغير من طبيعة الصراع وحقيقته شيئاً.. ولن يغير كذلك من واجب المسلم منذ سقوط الخلافة وهو: هدم الدولة القومية.. وإعادة دولة الخلافة.
منقول
فالح المطيري- وما ينبغي للرحمن ان يتخذ ولدا
- عدد المساهمات : 255
تاريخ التسجيل : 29/08/2014
رد: دولة الخلافة..والدولة القومية.. مقال لأحمد طه عن سر التحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية
بارك الله فيك المطيري موضوع مهم جدا يمس الواقع
لعل الامة تمر بمخاض عسير تولد منه الخلافة الراشدة
لعل الامة تمر بمخاض عسير تولد منه الخلافة الراشدة
حليم- معبّر المنتدى
- عدد المساهمات : 4182
تاريخ التسجيل : 03/03/2013
رد: دولة الخلافة..والدولة القومية.. مقال لأحمد طه عن سر التحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية
أكرمك الله أخينا فالح وأكرم الكاتب أحمد طه فهو -لا نزكيه على الله- ممن رزقوا الحكمة والبيان
ولا زال الرجاء لن ينقطع أن تدرك أمتنا حقيقة الصراع وتصطف لجهاد المرتدين والصليبيين
ولا زال الرجاء لن ينقطع أن تدرك أمتنا حقيقة الصراع وتصطف لجهاد المرتدين والصليبيين
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
مواضيع مماثلة
» العراق يرفض حرب السعوديه باليمن .. ويطالب بمشاركة التحالف الدولي العربي بالهجوم على تكريت !!!
» استراتيجية تنظيم الدولة ضد التحالف الدولي:
» الاسترتيجيات المتوقعة بعد ظهور بوارد فشل التحالف على الدولة الإسلامية
» لماذا لا تتصالح الدولة مع المجتمع الدولي للتفرغ لقضيتها الاساسية في العراق وسوريا
» دول عربية تعلق مشاركتها في التحالف الدولي خوفًا من مصير الطيار الأردني
» استراتيجية تنظيم الدولة ضد التحالف الدولي:
» الاسترتيجيات المتوقعة بعد ظهور بوارد فشل التحالف على الدولة الإسلامية
» لماذا لا تتصالح الدولة مع المجتمع الدولي للتفرغ لقضيتها الاساسية في العراق وسوريا
» دول عربية تعلق مشاركتها في التحالف الدولي خوفًا من مصير الطيار الأردني
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات العامة و الساحة السياسية والاقتصادية المفتوحة :: حوار الثغور ومنبر السياسة والاقتصاد والفتن الخاصة (عمران بيت المقدس خراب يثرب)!
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى