عام جديد

**حليم** الجمعة أكتوبر 24, 2014 10:59 am

مع نهاية هذا اليوم، سيرحل العام الخامس والثلاثون بعد الأربعمئة والألف، ليؤْذن بحلول أول أيام عام هجريّ جديد، هو العام السادس والثلاثون من القرن الخامس عشر للهجرة؛ عام جديد يضاف إلى عمر أمّة الإسلام، يتمنّاه كلّ مسلم عام خير وبركة وأمن وإيمان، وعزّ للدّين وأهله.

عام جديد يذكّر من تذكّر بتجديد الحياة، و"تجديدُ الحياة" عبارة يحبّ كلّ واحد منّا سماعها. لكنْ لعلّ قليلا منّا يفكّرون في محاسبة أنفسهم مع رحيل عام، وتجديد حياتهم مع حلول عام جديد. المؤمن الفطن يجدّد حياته كلّ يوم، أو على الأقلّ كلّ أسبوع، ومن حُرِم هذا وذاك فالمفترض ألا يغفل عن محاسبة نفسه وتجديد حياته مرّة كلّ عام.

أنت لست راضيا عن نفسك

كثيرون هم أولئك الذين ملّوا حياتهم وسئموا الرّوتين الذي يعيشونه؛ ينام الواحد منهم كئيبا ويصحو كئيبا، يصبح مهموما ويمسي مغموما. سنوات وسنوات وحاله مع الصّلاة هي حاله، وحاله مع الذّكر وقراءة القرآن هي حاله، علاقته مع زوجته لم تتجدّد ولم تتحسّن. علاقته بأبنائه كما هي منذ سنوات. في قلبه من الضّيق وفي جسده من الوهن والفتور ما الله به عليم، لكنّه مع كلّ هذا إلى الآن، لم يفكّر في تجديد حياته؛ لم يفكّر أن يكون أفضل ممّا هو عليه. هو يستطيع أن يكون أفضل، ولكنّه إلى الآن لم يعقد العزم على تجديد حياته، كلّما زاد عمره ازدادت ذنوبه وتطاولت غفلته، وكلما ازداد بياض شعره بمرور الأيام ازداد قلبه سوادا بالآثام.

ما منّا من أحد إلا وهو يتمنّى أن يكون أفضل ممّا هو عليه الآن. ما منّا من أحد إلا وهو يستطيع أن يكون أفضل ممّا هو عليه الآن. فلماذا لا يجدّد كلّ واحد منّا حياته؟ مرّت بكلّ واحد منّا سنوات وسنوات ولم يتغيّر، بل ربّما تغيّر ولكن إلى الأسوأ. فلماذا؟ المتسابق إذا اقترب من خطّ الوصول زاد سرعته رغبة في الفوز والظّفر، والمسافر إذا اقترب من دياره وأهله حثّ سيره طلبا للراحة من عناء السّفر، لكنّ كثيرا منّا في كلّ عام يزدادون قربا إلى قبورهم، وما يزدادون إلا تثاقلا وفتورا ووهنا.

أحْصِ نقائصك واتّخذ قرارك

أخي المؤمن.. هذا عام جديد يطرق بابك. أحسن استقباله، واعقد العزم أن تجعله بداية لتغيير حالك وتنظيم وقتك وبدء صفحة جديدة من حياتك. أمور كثيرة في واقعك تعلم أنّ الله لا يحبّها، بل أنت أيضا لا تحبّها؛ تتمنّى أن تجدّد حياتك وتتخلّص منها. ألا فلتجلس مع نفسك جلسة صدق فيما بقي من ساعات هذا العام، تتأمّل فيها حالك وواقعك، وتتذكّر فيها عيوبك ونقائصك. اكتبها في ورقة، واكتب بعدها كيف تتمنّى أن تكون، وكيف ستصل إلى ذلك بعون الله، ثمّ ضع برنامجا لإصلاح نقائصك وعيوبك، وتصحيح مسارك واستغلال أيام وساعات عمرك فيما يعود عليه بالنّفع في دنياك وأخراك.

فكّر كيف تجدّد علاقتك بخالقك ومولاك مع بداية عام جديد، كيف تتخلّص من المعاصي التي لا تزال مصرا عليها. النّوم عن الصّلاة وإخراجها عن وقتها كبيرة من أكبر الكبائر؛ جدّد حياتك وتخلّص منها. النّظر إلى الحرام معصية لا يحبّها الله، فجدّد حياتك وتخلّص منها. الغيبة كبيرة من الكبائر فجدّد حياتك وجاهد نفسك أن تصون لسانك عن الحديث في أعراض إخوانك المسلمين. جدّد حياتك وانشغل بعيوبك عن عيوب الآخرين، إلا أن تأمر بمعروف أو تنهى عن منكر أو تسدي نصيحة. جدّد حياتك وكن أحرص على أوقاتك وساعات عمرك منك على دنانيرك ودراهمك، فكلّ ساعة من عمرك إمّا أن تكون لك أو عليك. سماع الغناء يقسّي القلب ويبعد عن القرآن فتخلّص منه. التّدخين حرام ومعصية لله، فجدّد حياتك وتخلّ عنه. جدّد حياتك مع زوجتك وأمّ أولادك. أحسن إليها. أهد إليها هدية. اشكرها على أتعابها. عبّر لها عن مشاعرك. حبّب إليها صلاة الفجر. حبّب إليها قراءة وسماع القرآن. حبّب إليها متابعة القنوات الدّينيّة الهادفة. جدّد حياتك مع أبنائك واحنُ عليهم واهتمّ بأمورهم وأصغ لحاجاتهم. ابتسم إليهم وضاحكهم ولاعبهم. اصطحبهم معك إلى المسجد. حبّب إليهم الصّلاة وحفظ القرآن. جدّد حياتك أخي المؤمن وأنْهِ العداوات بينك وبين من تعاديهم أو يعادونك. استعن بالله واسْعَ جاهدا لقضاء ديونك. جدّدي حجابك أيتها المؤمنة من الحسن إلى الأحسن، من الواسع إلى الأوسع. جدّدي حياتك فالدّنيا أفضل في كنف طاعة الله وطلب مرضاته. جدّدي حياتك فالسّعادة كلّ السّعادة في صلاة الفجر لوقتها. جدّدي حياتك فالسّعادة كلّ السّعادة في طاعتك لزوجك في غير معصية الله، وفي تربيتك لأبنائك على طاعة الله. صلاة وقرآن وحجاب وزوج وأبناء؛ احفظي هذه الخمسة كما يحبّ الله، وستضمنين الجنّة بإذن الله.

ايلاف الأحد أكتوبر 26, 2014 3:00 pm

عام جديد

عام جديد

رد: عام جديد