الخلافة والملاحم وأشراط الساعة .. بقلم الشيخ عبد المجيد الهتاري

جعبة الأسهم كتب:

الخلافة والملاحم وأشراط الساعة

التحرك في نصرة الإسلام وإقامة دولته والعمل بشريعته هو واجب قطعي اتفق عله المسلمون وكل الأعمال والجماعات التي قامت في العصر الحاضر إنما مقصودها وقطب رحى وجودها هو إقامة الشريعة والتخلص من الجاهلية .ولم يكن في ذهن أحد منهم أن أشراط الساعة قد قربت وأن الدافع لهم هو اقترابها أو أنهم يعملون من أجل تقريبها لأن الوجوب القطعي لإقامة الخلافة في كل زمان ومكان حتى تقوم الساعة هو وحده كاف في وجوب السعي لإقامتها اليوم وغدا ووجوب القتال في سبيل ذلك سواء أقام الخلافة المسلمون في الشام أو العراق أو غيرهما من البلدان وسواء دخل القيام بهذا الواجب في أشراط الساعة التي أخبر بها النبي عليه الصلاة والسلام أو لم يدخل وسواء كان هذا الزمان الذي نعيشه هو زمن الملاحم كما تشير إلى ذلك عدة دلائل وإرهاصات أم أنه ليس هو وقت الملاحم .والحصيلة المهمة أن محور ومدار التحرك والجهاد هو إقامة الشريعة والحكم بها ومن مقتضيات الحكم بالشريعة إقامة نظامها الإسلامي أي الخلافة .وما ينشر في المواقع من بحوث عن إمكانية أن يكون هذا الزمان هو زمان الملاحم هو من باب الاجتهاد والتفقه في أحاديث أشراط الساعة .ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من أسلوبه تقريب أشراط الساعة حين يتحدث عنها وخاصة الكلام على الدجال حتى أن بعض الصحابة قال ( ظننا أنه في طائفة النخل ) وهذا الربط بين ما يجري اليوم من الجهاد في سبيل الشريعة والخلافة يدخل في الاقتداء به عليه الصلاة والسلام ويدخل كذلك في شحذ همم المسلمين بأن المستقبل للإسلام وأن لا يغتروا بكتاب نهاية التاريخ وأن الديمقراطية والنظام الرأس مالي هو نهاية هذا التاريخ بل عليهم أن يعلموا أن التاريخ بيد الله والملك بيده ينزعه ممن يشاء ويؤتيه من يشاء .فلو ثبت خطأ التنزيل لم يكن مضرا بمنهجية الجهاد ومقاتلة الناس على الشريعة والخلافة فلا عتب ولا لوم على أحد من أنصار الخلافة إن تحدث عن أشراط الساعة أو الملاحم وحرض الناس على قتال الروم واليهود والمرتدين مبشرا بقرب عودة الخلافة ومقاتلة اليهود وانتصار الإسلام كما أخبر به رسول الإسلام سواء أدركنا ذلك نحن أو جاء في قادم الزمن بجيل أو جيلين أو أقل أو أكثر فلا تعارض بين وجوب إقامة الخلافة وبين الإخبار بأنها ستكون وأن ذلك من أشراط الساعة فبعثته صلى الله عليه وسلم هي من أشراط الساعة وقد قال تعالى عنها ( فقد جاء أشراطها ) فعبر بالماضي لقرب المجيء .

   وأعظم من هذا الخطأ التنزيلي لو ثبت خطأه هو خطأ من يرى عدم مشروعية الدعوة إلى الخلافة وأن الزمن ليس زمنها سواء علل ذلك بعدم صلاحية المجتمع الإسلامي لها أو علل ذ لك بأن الكفار لن يتركونا نقيمها أو أن الخلافة القادمة هي خلافة المهدي وأنه لا يجوز الدعوة إلى الخلافة قبل ظهور المهدي ومادام أنه غير موجود فلا يجوز الدعوة إليها بل لن يقيمها إلا هو فهذا وربك هو الخذلان والتعلل عن إقامة هذا الواجب القطعي بهذه المفاهيم التي لا يسلم بها لمن ادعاها حيث تسببت في وقوف بعض الناس ضد إقامتها وتورطوا في مقاتلة من سعى لإقامتها ولهذا نجعل محور جهودنا هو إقامة الخلافة فإن ابتنى على وجودها وإقامتها ظهور أشراط الساعة فالأمر بيد الله إذ ليس يقدر عليها أحد إلا هو وليس بأيدينا وإنما نحن مكلفون بما نقدر عليه فلا بأس من ذكر أشراط الساعة والاستئناس بذكرها ولكن لا يجوز أن ننزلها نحن بل تنزيلها على الله وحده .

   الشيخ عبد المجيد الهتاري