القواسم المشتركة بين الطائفيين الشيعة ..... والتكفيريين السنّة !!!
4 مشترك
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات العامة و الساحة السياسية والاقتصادية المفتوحة :: حوار الثغور ومنبر السياسة والاقتصاد والفتن الخاصة (عمران بيت المقدس خراب يثرب)!
صفحة 1 من اصل 1
القواسم المشتركة بين الطائفيين الشيعة ..... والتكفيريين السنّة !!!
الموضوع طويل وهو هام جدا للكاتب سعيد الكثيري
http://www.twitmail.com/email/341193647/2/%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%B3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%AA%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%B9%D8%A9-------%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%83%D9%81%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%86%D9%91%D8%A9----
http://www.twitmail.com/email/341193647/2/%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%B3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%AA%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%B9%D8%A9-------%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%83%D9%81%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%86%D9%91%D8%A9----
أحمد محمد- اللهم اني أعوذ بك من فتنة الدجال
- عدد المساهمات : 203
تاريخ التسجيل : 01/04/2014
رد: القواسم المشتركة بين الطائفيين الشيعة ..... والتكفيريين السنّة !!!
هلا قمت بنسخه فهو أفضل !
جعبة الأسهم- الفقير إلى عفو ربه
- عدد المساهمات : 17019
تاريخ التسجيل : 29/01/2013
منسوخ
سعيد الكثيري
03-1-2007 21:00
( منشور في موقع الساحة عام 2007م )
لا يكاد العداء يبدو مستحكماً بين تيارين مثلما هو بين التكفيريين السنّة والطائفيين الشيعة ، ولا يكاد يوقد أوار الفتنة ويغذيها ويوسع دائرتها مثل هذين التيارين . والعجيب أننا إن تلمسنا منطلقات وأسس التفكير لدى هؤلاء ولدى هؤلاء فسنجد أن بينهما قواسم مشتركة تجمعها أكثر مما تجمع أي تيارين آخرين .
هؤلاء الذين يكتبون الآن من منطلقات إسلامية تعليقات مليئة بالحديث عن بطولة صدام و " شهادة " صدام و " إسلامية " صدام ، و " سنية " صدام ، وأولئك الذين اختاروا يوم العيد الأكبر للغالبية الساحقة من المسلمين في أنحاء الكون يوماً لإعدام صدام ، ثم خرجت منهم تلك التعبيرات الطائفية المزلزلة عن تعجيل الفرج ، وأعداء آل البيت ، وإلى الجحيم ، ومقتدى ومقتدى .
هؤلاء وهؤلاء هم وقود الفتنة ، وثقافتهم ثقافة فتنة ، وتوجهاتهم لن تقود الأمة إلا إلى كل شر .
التكفيريون السنّة لم ينشأوا إلا في داخل الدائرة الإسلامية في مواجهة مسلمين آخرين ليتمايزوا عنهم وليوجهوا إليهم سهامهم التكفيرية ، منذ أيام الخوارج في عهد علي كرم الله وجهه إلى أيامنا هذه .
لم ينشأ التكفيريون السنة في مواجهة النصارى واليهود والبوذيين والهندوس وعموم غير المسلمين ، بل نشأوا ونشأت مقولاتهم وأفكارهم وثقافتهم في مواجهة الآخر المسلم ، ليطبقوا في مواجهته أحكام ولوازم التكفير .
وبالمقابل فإن الشيعة لم ينشأوا في مواجهة النصارى واليهود والبوذيين والهندوس وعموم غير المسلمين ، بل نشأوا ونشأت مقولاتهم وأفكارهم وثقافتهم في مواجهة الآخر السنّي ، ليطبقوا في مواجهته أحكام ولوازم النصب والعداء لآل البيت بحسب مفهومهم للنصب وبحسب مفهومهم للعداء لآل البيت .
التكفيريون السنّة عدوهم الأول والاستراتيجي هم الصوفيون والشيعة والمعتزلة والأشاعرة والماتريدية وبقية الفرق الإسلامية التي يشكل بعضها الغالبية الساحقة من المسلمين السنّة .
والشيعة عدوهم الأول والاستراتيجي هم النواصب وأعداء آل البيت الذين تكاد تتسع دائرتهم لدى العامة من الشيعة لتشمل جميع آهل السنة .
التكفيريون السنّة يحاربون أمريكا في اللحظة الراهنة ، ولكن أمريكا ليست سوى عدواً مرحلياً ، أما حين كان الخطر الصدّامي يهدد حدود الإسلام لديهم فقد كان صدام بعثياً كافراً حتى وإن صلى وإن صام ، وكان يجوز فتح بلاد الحرمين لمئات الألوف من الجنود الأمريكيين والغربيين لدحر صدام .
التكفيريون السنّة ينظرون من خلال منظارهم المذهبي ، فلا بأس من السكوت حين تسهم كل دولهم بصورة أو بأخرى في احتلال العراق وأفغانستان ، ولكن العمالة كلها والخطر كله والمؤامرة كلها تحدث حين يتعاون أتباع المذهب الآخر مع الأمريكان بعد احتلال العراق .
لا يمكن رؤية الطرف الكردي السني في معادلة التعاون مع الأمريكان . ولا يمكن رؤية أحزاب المجاهدين الأفغان في معادلة التعاون مع الأمريكان ضد طالبان ، فالمؤامرات كلها تكمن عند الطرف الآخر المذهبي .
والطائفيون الشيعة لا يرون أن صدام كان علمانياً حكاكم حتى وإن كان مؤمناً مصلياً صواماً . لا يرون أن أبرز ضحاياه لم يكونوا من الشيعة بل كانوا من الأكراد السنة . لا يرون أن كثرة وجود أهل السنة في نظامه كان لدواع عشائرية ولدواعي الولاء . لا يقبلون تشبيهه بشاه إيران الذي كان يحكم بالحديد والنار وكان شيعياً ولكنه لم يكن طائفياً ولا إسلامياً ، ولا يقبلون تشبيهه بحافظ الأسد الذي كان يحكم بالحديد والنار وكان نصيرياً علوياً ولكنه لم يكن طائفياً ولا إسلامياً .
رغم كل ذلك انطلقت في مشهد إعدام صدام تلك الشعارات المنادية بالتعجيل بفرج آل البيت والداعية بالخذلان لأعدائهم !!.
لم يستحضر هؤلاء من صدام علمانيته وعشائريته وقوميته في الحكم ، ولم يستحضروا صورة الأكراد السنّة الذين كانوا أكثر المتضررين من حكم صدام ، فكل ما حضر في أذهانهم هي صورته كسني عدو لآل البيت !!
في حادثة إعدام رجل حكم العراق على مدى ثلاثة عقود وتم أسره من قبل الأمريكان وتم تنفيذ الحكم من قبل رجال حكومة تدعي أنها غير طائفية لم يتم الهتاف باسم الوطن أو باسم الحكومة أو باسم الشعب أو باسم أحد رموز الأكراد الذين نالهم من صدام ما نالهم أو حتى باسم الأمريكان الذين بيدهم الأمر والنهي في العراق ، بل تم الهتاف باسم قائد الجيش الطائفي " جيش المهدي " والرمز الأكثر طائفية والأكثر نطقاً باسم ثقافة الكراهية لمن يسميهم النواصب وأعداء آل البيت ، وهم في وعيه يكادون يتسعون ليشملوا كل أهل السنة : مقتدى ، مقتدى ، مقتدى ...
في ظل هذه التعبيرات المليئة بالطائفية والموجهة باتجاه الآخر السنّي ( أعداء آل البيت ) وليس الآخر القومي أو الآخر الديكتاتوري أو الآخر العلماني أو الآخر العشائري ، تم اختيار يوم العيد الأكبر عند الغالبية الساحقة من المسلمين لإمتاعهم في يوم عيدهم بمشهد المشنقة والإعدام وهذه الصيحات بالتعجيل بالفرج والخذلان لأعداء آل البيت والهتاف باسم قائد جيش " المهدي " بدلالاته ومضامينه المغرقة في طائفيتها وعدائها للآخر السنّي .
في يوم العيد الأكبر لا مشكلة عند الطائفيين الشيعة تجاه الرسالة التي يمكن أن تصل إلى المسلم السنّي في أندونيسيا أو ماليزيا في يوم عيده .
لا مشكلة في الرسالة التي يمكن أن تصل إلى المسلم السنّي في المغرب العربي في يوم عيده .
لا مشكلة في التباس هذه الرسالة لدى عامة المسلمين السنة بالوجود الأمريكي الطاغي بدباباته وطائراته وجنوده ومستشاريه ، فالمهم هو إشباع الغريزة الطائفية لدى عامة الشيعة تجاه عدو من أعداء آل البيت !!!.
ثم حين فوجئوا بالحمولة الطائفية التي وصلت إلى الآخر السنّي لم تكمن المشكلة لديهم في تلك الحمولة الطائفية ودلالاتها ، بل في كيفية تصويرها وتسريبها إلى أجهزة الإعلام . وكأنه لا بأس بهذه الحمولة ولا بأس باختيار يوم العيد الأكبر لإرسالها بتصميم من المالكي وأعوانه ، بل المشكلة في تصويرها وتسريبها . هنا تجب التقيّة ، وهنا يجب التحقيق مع الشخص الذي فضح التقيّة ، لا مع الأشخاص الذين جسدوا السلوك والدلالات الطائفية العدائية في يوم العيد الأكبر !!
أمريكا في مرحلة معينة وفي بلد معين ( إيران وجنوب لبنان ) هي الشيطان الأكبر ، وفي مرحلة معينة وبلد آخر ولدى ذات الطائفيين الشيعة هي المعين وهي الحامي وهي النصير مهما كانت الشعارات الاستهلاكية !!
أمريكا لدى الطائفيين الشيعة ولدى التكفيريين السنّة هي عدو مرحلي وقتي ، أما العدو الاستراتيجي فهو لدى الطائفيين الشيعة ليس سوى الآخر السنّي ، ولدى التكفيريين السنة ليس سوى الآخر المسلم سواء كان صوفياً أو شيعياً أو أشعرياً أو ماتريدياً .
الطائفيون الشيعة لم ينشأوا ولم تنشأ مقولاتهم وأحكامهم وثقافتهم إلا في مواجهة الآخر السنّي ، وبذلك فهو يبقى عدوهم المستمر . والتكفيريون السنّة لم ينشأوا ولم تنشأ مقولاتهم وأحكامهم إلا في مواجهة الآخر المسلم سواء كان سنياً أو شيعياً ، ومن ثم فهو يبقى عدوهم المستمر .
لاحقاً بمشيئة الله نحاول تتبع القواسم المشتركة في التفكير وفي النشأة وفي المنطلقات وفي الرموز وفي الأصول الثقافية التي تشكل ثقافة هؤلاء الذين يملأون الأرض فتنة وكراهية واقتياتاً على فتن ومآسي التاريخ .
إلى اللقاء قريباً بمشيئة الله ،،،،،
خيمة الأرقم- موقوووووووف
- عدد المساهمات : 41
تاريخ التسجيل : 24/06/2015
منسوخ
سعيد الكثيري
04-1-2007 20:22
أوجه التشابه بين الطائفيين الشيعة .... والتكفيريين السنّة !!
حين ترى فكراً هداماً يعمل كالخناجر في جسد الأمة ويبقي بأسها بينها ويفتتها شيعاً وقبائل وينسيها عدوها الحقيقي ويحولها إلى ألعوبة بيد ذلك العدو فاعلم أن ذلك الفكر لم ينشأ من حالة إبداع فكري أو فقهي ، بل نشأ من حالة فتنة أو أزمة . من الفتنة أو الأزمة نشأ ومنها يقتات ويتجدد وإليها يعود ويرجع .
الطائفيون الشيعة والتكفيريون السنّة ( الخوارج ) لم ينشأوا إلا في محيط وجو الفتنة الكبرى في عهد علي كرم الله وجهه .
كان هناك شيعة لعلي منذ أيام الرسول الكريم ، وكان علي ومعه بعض الموالين له يشعرون أنه الأحق بالولاية بعد الرسول ، وهناك أحاديث نبوية كثيرة تزكيه ، وسيرة علي وشيعته من الصحابة تثبت أن تلك الأحاديث كانت للترشيح والتزكية واستبطان أحداث الفتنة الكبرى وليست للاستخلاف . وكان يمكن أن تظل سيرة علي والصحابة مرآة لواقع سياسي يعرف الموالاة والمعارضة السياسية ويطور الثقافة والأداء السياسي كما تقضي بذلك طبيعة السياسة لولا أن الأمر انتقل في أجواء الفتنة الكبرى من دائرة السياسة إلى دائرة العقيدة . وهذه هي مشكلة الطائفيين الشيعة والتكفيريين السنّة على الدوام .
إنها مشكلة نقل الاختلافات السياسية إلى دائرة العقيدة .
جو الفتنة والصراع السياسي في أواخر عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم في عهد علي كرم الله وجهه دفع الطائفيين الشيعة والتكفيريين السنّة إلى نقل الاختلافات السياسية إلى دائرة العقيدة . وحين أصبحت الاختلافات السياسية في موقع العقيدة تم تطبيق الأحكام العقائدية لا السياسية عليها ، ومن ثم فقد حضرت معايير الإسلام والكفر عند التكفيريين السنّة ( الخوارج ) ومعايير الإيمان والنفاق أو الارتداد عند الطائفيين الشيعة .
وفق هذه المعايير العقائدية أصبح التكفيريون السنّة والطائفيون الشيعة يبصرون بقية المسلمين ويحكمون على عقائدهم وعلاقتهم بالإسلام من هذه البوابة الضيقة التي كانت ولا زالت بوابة سياسية تسمح بمعايير الصحة والخطأ أو الاستقامة والمعصية في إطار الإسلام ، ولكنهم نقلوها إلى دائرة العقيدة وطبقوا عليها المعايير العقائدية التي تمس المعتقد والعلاقة بالإسلام لا المنهج السياسي والأداء السياسي الذي يوجد في الشريعة وليس في العقيدة .
بداياتهم ليست أكثر من حركات احتجاج ضد الأوضاع القائمة . ولكن وعيهم السياسي شبه المعدوم وتفكيرهم العقائدي الأحادي التلقائي أديا إلى نقل هذه القضية السياسية التي تدور بين الصحة والخطأ أو الاستقامة والمعصية أو الحل والحرمة إلى قضية عقائدية فاصلة تدور فيها الأعمال بين الإسلام والكفرعند التكفيريين السنّة ( الخوارج ) والإيمان والنفاق والارتداد عند الطائفيين الشيعة .
الصراع على الحكم أصبح في وعي العقائديين البسطاء صراعاً عقائدياً بين الإسلام والكفر . إطلاق سراح عائشة رضي الله عنها ثم القبول بالتحكيم دفعا الخوارج إلى إعمال المعايير العقائدية الفاصلة على هذه الاجتهادات السياسية ، فتم إخراج علي وإخراج غيره من الملة .
وانتصار أهل المُلك وقتل الحسين رضي الله عنه ومطاردة وسب آل البيت دفعت العقائديين الموالين لآل البيت إلى إعمال المعايير العقائدية الفاصلة على هذه الأعمال التي تدور بين الخطأ والمعصية والفعل المحرم ، فانقلبت بفعل نقلها إلى دائرة العقيدة إلى أعمال نفاق وارتداد وتم رفع مسألة ولاية علي وآل بيته إلى دائرة أصول الدين وإعادة تفسير النصوص والأحداث من هذه الزاوية العقائدية .
التكفيريون السنّة تتغير حججهم ومحركاتهم التكفيرية باستمرار ، إلا أنها تنشأ دوماً من اختزال الإسلام في قضية معينة ومعالجتها من المنظور العقائدي الصرف ، سواء كانت قضية عقائدية في الأصل ، مثل قضية البدع العقائدية التي اعتبرت شركاً أكبر عند ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله قبل أكثر من قرنين من الزمان ، وتم الاستناد إليها في خوض حروب عقائدية ضد المسلمين داخل حدود الجزيرة العربية وعند أطرافها ، وباستخدام مفاهيم الجهاد والفتح والغنائم ، أو كانت قضية سياسية نقلت إلى دائرة العقيدة وطبقت بشأنها المعايير العقائدية ، مثل قضية الحكم بغير ما أنزل الله في عصرنا والاستناد إليها في تكفير الدول وأنظمة الحكم ، وبالتالي تطبيق معايير الإسلام والكفر والجهاد داخل المجتمعات الإسلامية .
الطائفيون الشيعة والتكفيريون السنّة لديهم هذا النقل الفوري لقضايا السياسة من دائرة الشريعة إلى دائرة العقيدة . مسألة الحاكمية ( النابعة أساساً من قضية التحكيم بين علي ومعاوية ) كانت حجر الرحى في تفكير الخوارج . وإن سألتهم عن الحل فلن تجد في النهاية سوى فكر العصابات وبسط المعايير العقائدية على كل شيء وتبسيط أمور الشريعة ( الأمور السياسية والاجتماعية والاقتصادية ) إلى حدود لا تبني دولاً ولا أمماً ولا حتى قبائل .
ومسألة الولاء لآل البيت كانت حجر الرحى في التفكير الشيعي . وإن سألتهم عن الحل السياسي الإسلامي المتاح والذي ينتمي إلى الشريعة لا إلى العقيدة فستجد أنه باستثناء علي كرم الله وجهه لم يصل أي إمام إلى الحكم ثم انتهى الأئمة منذ القرن الرابع الهجري !!.
ماذا يفعل الناس بعد ذلك ؟! وماذا تقول الشريعة عن المنهج السياسي الذي نتبعه في ظل الولاء لآل البيت منذ القرن الرابع الهجري ؟!
ننتظر الإمام الغائب !!.
ماذا نفعل وكيف يعالج الناس حياتهم السياسية إلى أن يظهر الإمام الغائب ؟!
لا شيء سوى الانتظار والشحن العقائدي واستحضار مآسي التاريخ لإدامة بث الكراهية تجاه الآخر السنّي !!
وهكذا ظل الشيعة على مدى قرابة عشرة قرون محبوسين خلف أسوار التقيّة والانتظار والشحن العقائدي باتجاه الآخر السنّي دون أي منهج سياسي إلى أن تم اختراع فكرة ولاية الفقيه في عصرنا فعادوا إلى دنيا السياسة ، ولكن في إطار الخزين العقائدي التاريخي عن أعداء آل البيت !!
كيف تتحقق ولاية الفقيه هذه ؟!
عن طريق الشورى ( حتى وإن كانت مقيدة كما هو حال الانتخابات في إيران ) التي تناقض المنطق الشيعي في الصميم .
أي أن الطائفيين الشيعة تحت ضغط الواقع والحاجة لم يجدوا بداً من اللجوء إلى نقيض مذهبهم ( أي إلى الشورى ) للدخول الفاعل إلى عالم السياسة . ولكن الطائفيين العقائديين كما هي عادتهم بارعون في تغطية تناقضاتهم والابتعاد عن تحديد أساس مشكلاتهم ، ومعطيات وأحداث التاريخ تمدهم بسيل من الحجج التي يستطيعون بها المحافظة على أيديولوجيتهم الطائفية وترديد شعاراتهم ومقولاتهم حتى وإن كانوا من الناحية العملية قد ضربوها في الصميم .
الوعي السياسي لدى الطائفيين الشيعة ولدى التكفيريين السنّة معدوم أو شبه معدوم ، وهم لذلك في عداء تام وصراع عقائدي صريح أو مضمر مع السياسي الذي لا يخدم منطلقاتهم الطائفية أو التكفيرية ، وهم ألاعيب بأيدي أهل السياسة الذين يخدمون منطلقاتهم الطائفية أو التكفيرية !!
لاحقاً بمشيئة الله سنسلط الأضواء على هذا التحليل لموضوعات وشؤون السياسة من خلال أدوات ومعايير العقيدة عند الشيعة وأهل السنة على حد سواء ، وسنكتشف كيف أن هذه المعالجة العقائدية لموضوعات السياسة في عهد الصحابة الكرام أنتجت الانقسام السنّي الشيعي وكرست الطائفية الشيعية والتكفير السنّي ، وهما أبرز ما نعانيه في لحظتنا الراهنة .
إلى اللقاء لاحقاً بمشيئة الله ،،،،
04-1-2007 20:22
أوجه التشابه بين الطائفيين الشيعة .... والتكفيريين السنّة !!
حين ترى فكراً هداماً يعمل كالخناجر في جسد الأمة ويبقي بأسها بينها ويفتتها شيعاً وقبائل وينسيها عدوها الحقيقي ويحولها إلى ألعوبة بيد ذلك العدو فاعلم أن ذلك الفكر لم ينشأ من حالة إبداع فكري أو فقهي ، بل نشأ من حالة فتنة أو أزمة . من الفتنة أو الأزمة نشأ ومنها يقتات ويتجدد وإليها يعود ويرجع .
الطائفيون الشيعة والتكفيريون السنّة ( الخوارج ) لم ينشأوا إلا في محيط وجو الفتنة الكبرى في عهد علي كرم الله وجهه .
كان هناك شيعة لعلي منذ أيام الرسول الكريم ، وكان علي ومعه بعض الموالين له يشعرون أنه الأحق بالولاية بعد الرسول ، وهناك أحاديث نبوية كثيرة تزكيه ، وسيرة علي وشيعته من الصحابة تثبت أن تلك الأحاديث كانت للترشيح والتزكية واستبطان أحداث الفتنة الكبرى وليست للاستخلاف . وكان يمكن أن تظل سيرة علي والصحابة مرآة لواقع سياسي يعرف الموالاة والمعارضة السياسية ويطور الثقافة والأداء السياسي كما تقضي بذلك طبيعة السياسة لولا أن الأمر انتقل في أجواء الفتنة الكبرى من دائرة السياسة إلى دائرة العقيدة . وهذه هي مشكلة الطائفيين الشيعة والتكفيريين السنّة على الدوام .
إنها مشكلة نقل الاختلافات السياسية إلى دائرة العقيدة .
جو الفتنة والصراع السياسي في أواخر عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم في عهد علي كرم الله وجهه دفع الطائفيين الشيعة والتكفيريين السنّة إلى نقل الاختلافات السياسية إلى دائرة العقيدة . وحين أصبحت الاختلافات السياسية في موقع العقيدة تم تطبيق الأحكام العقائدية لا السياسية عليها ، ومن ثم فقد حضرت معايير الإسلام والكفر عند التكفيريين السنّة ( الخوارج ) ومعايير الإيمان والنفاق أو الارتداد عند الطائفيين الشيعة .
وفق هذه المعايير العقائدية أصبح التكفيريون السنّة والطائفيون الشيعة يبصرون بقية المسلمين ويحكمون على عقائدهم وعلاقتهم بالإسلام من هذه البوابة الضيقة التي كانت ولا زالت بوابة سياسية تسمح بمعايير الصحة والخطأ أو الاستقامة والمعصية في إطار الإسلام ، ولكنهم نقلوها إلى دائرة العقيدة وطبقوا عليها المعايير العقائدية التي تمس المعتقد والعلاقة بالإسلام لا المنهج السياسي والأداء السياسي الذي يوجد في الشريعة وليس في العقيدة .
بداياتهم ليست أكثر من حركات احتجاج ضد الأوضاع القائمة . ولكن وعيهم السياسي شبه المعدوم وتفكيرهم العقائدي الأحادي التلقائي أديا إلى نقل هذه القضية السياسية التي تدور بين الصحة والخطأ أو الاستقامة والمعصية أو الحل والحرمة إلى قضية عقائدية فاصلة تدور فيها الأعمال بين الإسلام والكفرعند التكفيريين السنّة ( الخوارج ) والإيمان والنفاق والارتداد عند الطائفيين الشيعة .
الصراع على الحكم أصبح في وعي العقائديين البسطاء صراعاً عقائدياً بين الإسلام والكفر . إطلاق سراح عائشة رضي الله عنها ثم القبول بالتحكيم دفعا الخوارج إلى إعمال المعايير العقائدية الفاصلة على هذه الاجتهادات السياسية ، فتم إخراج علي وإخراج غيره من الملة .
وانتصار أهل المُلك وقتل الحسين رضي الله عنه ومطاردة وسب آل البيت دفعت العقائديين الموالين لآل البيت إلى إعمال المعايير العقائدية الفاصلة على هذه الأعمال التي تدور بين الخطأ والمعصية والفعل المحرم ، فانقلبت بفعل نقلها إلى دائرة العقيدة إلى أعمال نفاق وارتداد وتم رفع مسألة ولاية علي وآل بيته إلى دائرة أصول الدين وإعادة تفسير النصوص والأحداث من هذه الزاوية العقائدية .
التكفيريون السنّة تتغير حججهم ومحركاتهم التكفيرية باستمرار ، إلا أنها تنشأ دوماً من اختزال الإسلام في قضية معينة ومعالجتها من المنظور العقائدي الصرف ، سواء كانت قضية عقائدية في الأصل ، مثل قضية البدع العقائدية التي اعتبرت شركاً أكبر عند ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله قبل أكثر من قرنين من الزمان ، وتم الاستناد إليها في خوض حروب عقائدية ضد المسلمين داخل حدود الجزيرة العربية وعند أطرافها ، وباستخدام مفاهيم الجهاد والفتح والغنائم ، أو كانت قضية سياسية نقلت إلى دائرة العقيدة وطبقت بشأنها المعايير العقائدية ، مثل قضية الحكم بغير ما أنزل الله في عصرنا والاستناد إليها في تكفير الدول وأنظمة الحكم ، وبالتالي تطبيق معايير الإسلام والكفر والجهاد داخل المجتمعات الإسلامية .
الطائفيون الشيعة والتكفيريون السنّة لديهم هذا النقل الفوري لقضايا السياسة من دائرة الشريعة إلى دائرة العقيدة . مسألة الحاكمية ( النابعة أساساً من قضية التحكيم بين علي ومعاوية ) كانت حجر الرحى في تفكير الخوارج . وإن سألتهم عن الحل فلن تجد في النهاية سوى فكر العصابات وبسط المعايير العقائدية على كل شيء وتبسيط أمور الشريعة ( الأمور السياسية والاجتماعية والاقتصادية ) إلى حدود لا تبني دولاً ولا أمماً ولا حتى قبائل .
ومسألة الولاء لآل البيت كانت حجر الرحى في التفكير الشيعي . وإن سألتهم عن الحل السياسي الإسلامي المتاح والذي ينتمي إلى الشريعة لا إلى العقيدة فستجد أنه باستثناء علي كرم الله وجهه لم يصل أي إمام إلى الحكم ثم انتهى الأئمة منذ القرن الرابع الهجري !!.
ماذا يفعل الناس بعد ذلك ؟! وماذا تقول الشريعة عن المنهج السياسي الذي نتبعه في ظل الولاء لآل البيت منذ القرن الرابع الهجري ؟!
ننتظر الإمام الغائب !!.
ماذا نفعل وكيف يعالج الناس حياتهم السياسية إلى أن يظهر الإمام الغائب ؟!
لا شيء سوى الانتظار والشحن العقائدي واستحضار مآسي التاريخ لإدامة بث الكراهية تجاه الآخر السنّي !!
وهكذا ظل الشيعة على مدى قرابة عشرة قرون محبوسين خلف أسوار التقيّة والانتظار والشحن العقائدي باتجاه الآخر السنّي دون أي منهج سياسي إلى أن تم اختراع فكرة ولاية الفقيه في عصرنا فعادوا إلى دنيا السياسة ، ولكن في إطار الخزين العقائدي التاريخي عن أعداء آل البيت !!
كيف تتحقق ولاية الفقيه هذه ؟!
عن طريق الشورى ( حتى وإن كانت مقيدة كما هو حال الانتخابات في إيران ) التي تناقض المنطق الشيعي في الصميم .
أي أن الطائفيين الشيعة تحت ضغط الواقع والحاجة لم يجدوا بداً من اللجوء إلى نقيض مذهبهم ( أي إلى الشورى ) للدخول الفاعل إلى عالم السياسة . ولكن الطائفيين العقائديين كما هي عادتهم بارعون في تغطية تناقضاتهم والابتعاد عن تحديد أساس مشكلاتهم ، ومعطيات وأحداث التاريخ تمدهم بسيل من الحجج التي يستطيعون بها المحافظة على أيديولوجيتهم الطائفية وترديد شعاراتهم ومقولاتهم حتى وإن كانوا من الناحية العملية قد ضربوها في الصميم .
الوعي السياسي لدى الطائفيين الشيعة ولدى التكفيريين السنّة معدوم أو شبه معدوم ، وهم لذلك في عداء تام وصراع عقائدي صريح أو مضمر مع السياسي الذي لا يخدم منطلقاتهم الطائفية أو التكفيرية ، وهم ألاعيب بأيدي أهل السياسة الذين يخدمون منطلقاتهم الطائفية أو التكفيرية !!
لاحقاً بمشيئة الله سنسلط الأضواء على هذا التحليل لموضوعات وشؤون السياسة من خلال أدوات ومعايير العقيدة عند الشيعة وأهل السنة على حد سواء ، وسنكتشف كيف أن هذه المعالجة العقائدية لموضوعات السياسة في عهد الصحابة الكرام أنتجت الانقسام السنّي الشيعي وكرست الطائفية الشيعية والتكفير السنّي ، وهما أبرز ما نعانيه في لحظتنا الراهنة .
إلى اللقاء لاحقاً بمشيئة الله ،،،،
خيمة الأرقم- موقوووووووف
- عدد المساهمات : 41
تاريخ التسجيل : 24/06/2015
منسوخ
سعيد الكثيري
06-1-2007 20:44
الطائفيون الشيعة والتكفيريون السنّة هم أقوى جنود ترسيخ الاحتلال والتهيئة للحل الاستبدادي !!
لا أشك مطلقاً في أن الطائفيين الشيعة والتكفيريين السنّة بحسب معتقداتهم ومقولاتهم ومشاعرهم ورغباتهم يتقدمون جميع الإسلاميين في رفض العلمانية ، ولا أشك في أنهم يتقدمون بقية الإسلاميين والوطنيين والقوميين في رفض الاحتلال .
هذا شيء أوافق عليه وأقبله تماماً . ولكن ما لا يدركه الطائفيون الشيعة والتكفيريون السنّة هو أنهم بوعيهم السياسي الزائف ورؤيتهم الطائفية المضللة وانفعالاتهم وسطحيتهم يتقدمون الجميع في تجميل الحل العلماني الانقلابي والدفع باتجاهه ، وترسيخ الاحتلال وإعطائه دوراً رسالياً كمنقذ من الحروب الطائفية .
لو سألنا الطائفي الشيعي عن أسباب عدم مقاومته للاحتلال لتذرع بقضايا المصلحة وانعدام القدرة ووجود الرغبة في بناء العراق الجديد وتصحيح المعادلة الظالمة ( أي المعادلة السنّية الشيعية ) التي حكمت العراق بحسب تصريحات عبد العزيز الحكيم .
ولو سألناه عن الوجود الكردي والتركماني : هل يدخل ضمن المعادلة السنّية الشيعية لتغيرت الحجج .
لو سألناه عن المنهج السياسي الذي سيبني في ظله العراق الجديد لأشار إلى الانتخابات والأغلبية والأقلية .
هنا يمكننا أن نسأله : من أين أتى بفكرة الانتخابات والأغلبية والأقلية ؟!.
سيجيب بأنها من التجربة العالمية التي أثبتت جدواها وصلاحيتها والتي بدأت من الثقافة الغربية .
ولكننا سنسأل الشيعي الطائفي : بما أن طرحك وخلافك الجوهري مع أهل السنّة نبع أصلاً من المسألة السياسية ( القول بالإمام المنصوص عليه ) فألا تجد في طرحك حلاً لمشكلتك السياسية المعاصرة ؟!
هذه التجربة العالمية التي أثبتت جدواها وصلاحيتها ، إن تجاهلنا الوسائل والآليات التي تقبل التغيير والتطوير المستمر ، ونظرنا إلى أصل ومنبع الفكرة الديمقراطية ، فهل نجدها في فكرة الإمام المعصوم ، أم في فكرة الشورى ؟!!
هنا ستظهر الغشاوات الطائفية ، فالطائفي الشيعي تحت ضغط الحاجة وعدم صلاحية منهجه السياسي الطائفي وعدم قابليته للتطبيق لجأ إلى الحل السياسي الذي يمثل نقيض منطقه وطائفيته وأساس ومنبع اختلافه مع الآخر السنّي !!.
ومهما تطورت مقولات وأفكار الطائفيين الشيعة ومهما تم وأد الشورى وتعطيلها لدى المسلمين السنة فإن أساس ومنبع الطائفية الشيعية هي رفض الشورى والقول بفكرة الإمام المعصوم .
والعجيب أن ثقافة المّلك العضوض وحكم التغلب في الجانب السنّي ، وانسداد آفاق فكرة الإمام المعصوم وعدم قابليتها للتطبيق في الجانب الشيعي ، نقلت الفريقين إلى مواقف متعاكسة .
حكام التغلب منذ نقض الشورى ونشوء الحكم العائلي في عهد بني أمية أصبحوا من الناحية العملية في موقع مشابه لموقع الإمام المعصوم ، والطائفيون الشيعة منذ تطبيق فكرة ولاية الفقيه أصبحوا من الناحية العملية في موقع أهل الشورى !!
المواقع تبدلت ، وكل طائفة أصبحت من الناحية العملية تطبق المنهج المفترض للطائفة الأخرى ، ولكن الوعي السياسي الزائف أبقى الغشاوات الطائفية والشحن الطائفي على حالهما .
لو طلبنا من الشيعي الطائفي العراقي عبور حدود بلاده غرباً باتجاه سوريا ، حيث يوجد حكم بعثي دكتاتوري قمعي يستند إلى أقلية علوية لا تقارن بما يسمى الأقلية السنّية في العراق ، خصوصاً إذا أخذنا الوجود الكردي والتركماني السنّي بالاعتبار ، فكيف ستعمل المقولات الطائفية الشيعية في سوريا ؟!
صحيح أن النظام البعثي في العراق كان متهوراً وخطراً على الجيران ، ولكنه في الداخل يتشابه مع النظام البعثي في سوريا من حيث القبضة البوليسية الحديدية ، بل إن النظام البعثي في العراق فاق الآخرين على صعيد بعض الإنجازات الداخلية مثل محو الأمية والاهتمام بالتخصصات العلمية والتقنية وتطوير الصناعات العسكرية .
لو قررت أمريكا – لا قدر الله – تحرير سوريا من نظامها البعثي بذرائع الأسلحة الكيماوية التي يتم الحديث عنها فعلاً أو حماية إسرائيل أو قطع الدعم عن حزب الله أو تحرير الشعب السوري من نظام دكتاتوري قمعي ينتمي قادته إلى أقلية طائفية محدودة ، فكيف سيكون موقف الطائفي الشيعي ؟!
هل سيتفهم مواقف المتعاونين مع الاحتلال وهل سيتفهم فتاوى العلماء السنّة المهادنة للاحتلال ؟!
هل سيتفهم مقولات السوريين السنة عن التحرير وعن دحر النظام الدكتاتوري القمعي وتصحيح المعادلة العلوية السنّية الظالمة التي حكمت سوريا ؟!
هل سيدين المقاومة أو يتعامى عنها ؟!
إذا ظهر من الطائفة العلوية المتضررة من الأوضاع الجديدة والرافضة لوجود الاحتلال من ينتقم من المتعاونين مع الاحتلال ومن يصيب بقتله عامة الجماهير السنّة فهل سيقف ضد المقاومة ؟!
لقد حوكم صدام حسين في قضية الدجيل التي أعدم فيها 148 شخصاً اتهموا بالاشتراك في محاولة قتله كرئيس للعراق في زمن الحرب . فماذا لو أن الرئيس حافظ الأسد كان لا يزال على قيد الحياة وقامت القوات الأمريكية المحتلة لسوريا بأسره وتسليمه إلى الغالبية السنّية المتعاونة معها لمحاكمته في قضية قتل ثلاثين ألفاً ( 30.000) من أهل حماة ( السنّة ) الذين سعوا إلى التمرد وليس اغتيال الرئيس في زمن الحرب ؟!
ماذا لو أن حافظ الأسد ورفعت الأسد ومن معهما أدينوا فاختارت الغالبية السنّية يوم عاشوراء لشنق الرئيس حافظ الأسد ؟!
ماذا لو أن مشاهد الشنق والإعدام صورت وتم بثها في لحظات الاحتفال الشيعي بيوم عاشوراء وقامت المجموعة التي تنفذ الشنق في يوم الاحتفال بترديد الصيحات والشعارات السنّية أو الهتاف باسم ابن لادن أو الظواهري أو أبي مصعب الزرقاوي ؟!
ماذا لو تبين أن بعض رموز الطائفة السنّية حضروا مشهد الإعدام وصوروه بجوالاتهم إمعاناً في التشفي ؟!
ماذا لو صرح مسئولو سلطات الاحتلال بأنهم نصحوا السلطات الحكومية السورية بتأجيل الإعدام إلى ما بعد عاشوراء ، ولكن الحكومة " الوطنية " و " غير الطائفية " سارعت بتنفيذ الشنق في يوم عاشوراء وردد الشانقون شعاراتهم وهتافاتهم السنّية الطائفية ؟!
ماذا لو أن هيئة تشكلت في سوريا باسم هيئة العلماء المسلمين وضمت علماء الطائفة العلوية وأعلنت تأييدها لمقاومة المحتل ورفضها وإدانتها لقتل السنّة أو الاعتداء على مقدساتهم ومطالبتها بجدولة انسحاب المحتل ، ثم صدر عن رئيسها ( الذي يماثل وضعه وضع الشيخ حارث الضاري ) تصريحات في برنامج تلفزيوني بطائفية الحكومة أو الأشخاص الفاعلين فيها وإشارات إلى ميليشيا جيش " أبي بكر " ومنظمة " القادسية " التي تهادن المحتل الأمريكي لسوريا وتمارس القتل الطائفي للعلويين السوريين ؟!
هل ستصدر مذكرة اعتقال بحق رئيس تلك الهيئة بينما قادة ميليشيا جيش أبي بكر ومنظمة القادسية اللتين لا تقاتلان المحتل بل تمارسان القتل والانتقام الطائفي هم أعضاء فاعلون في الحكومة وقادة شرعيون في الميدان ولا يكاد يفضح جرائم ميليشياتهم سوى ما يتسرب بغير إرادة الحكومة ؟!
الغالبية السورية السنّية التي تنفذ كل هذا السيناريو وتشارك في كل هذه الأحداث هل ستكون غالبية غير طائفية ؟!
فقط أهل الجهل الطائفي المركّب سيجهلون أنهم طائفيون ، ولن يعلموا أنهم يجهلون طائفيتهم !!
أنا أحمد الله أن السوريين السنّة لا يريدون الاحتلال الأمريكي ولا يرحبون به . فلنخرج من السيناريو المفترض ولنعد إلى النظام الدكتاتوري البعثي القمعي الحالي في سوريا والمعادلة العلوية السنّية الظالمة التي تحكمه كما هي تصريحات عبدالعزيز الحكيم عن الوضع في العراق . من هم أكبر الداعمين للنظام الحالي في سوريا وأبرز المتحالفين معه ؟!
أليسوا الطائفيين الشيعة في إيران وجنوب لبنان ؟!
وبالتالي فإذا كان النظام الدكتاتوري البعثي القمعي المستند إلى أقلية سنّية في العراق قد برر الاحتلال والتعاون مع المحتل أو مهادنته ، فلماذا يتم التحالف من قبل الطائفيين الشيعة في إيران وجنوب لبنان مع النظام الدكتاتوري البعثي القمعي المستند إلى أقلية علوية في سوريا ؟!
هنا ستبدو الغشاوات الطائفية المضللة ويتضح الوعي السياسي الزائف .
وبالمقابل ، وهذه رسالة للطائفيين الشيعة وللتكفيريين السنّة على حد سواء ، أليس هذا النظام البعثي القمعي المستند إلى أقلية علوية في سوريا هو أبرز المتهمين بدعم المقاومة ( السنّية ) في العراق ؟!
حسناً ، إذا كان الطائفيون الشيعة في العراق لا يستطيعون دحر المحتل فلم لا يمتنعون على الأقل عن التعاون معه ؟!
لم لا يلجأون إلى المقاومة السلمية التي اتبعها رجل مثل غاندي ؟!
هنا ستبدو المكنونات الطائفية ، فهذا الطائفي الشيعي الذي يرى أمريكا شيطاناً أكبر في إيران ولبنان ويعد البراءة منها شعيرة من شعائر الحج يتعامل مع هذا الشيطان كحليف وحام في العراق ، لأن أمريكا عدو مرحلي وقتي ، أما العدو الاستراتيجي المستمر لدى الطائفي الشيعي فهو الآخر السنّي ، مثلما أن العدو الاستراتيجي المستمر لدى التكفيري السنّي هو الآخر المسلم سواء كان سنّياً أو شيعياً . وبعد تصحيح ( المعادلة الظالمة ) في العراق واللجوء إلى الانتخابات والأغلبية والأقلية ( أي إلى الشورى التي بسبب رفضها نشأ الوجود الشيعي ) وانتهاء ضرورات التعاون مع المحتل لا بأس من إعادة رفع راية الشيطان الأكبر وترديد المقولات والشعارات الطائفية عن الإمام المعصوم على الصعيد النظري وتطبيق الشورى على الصعيد العملي !!
إنها الغشاوات الطائفية المضللة والوعي السياسي الزائف .
لننتقل إلى التكفيري السنّي الذي يقاوم الاحتلال ولكنه يستخدم المتفجرات في الأسواق والساحات والمقاهي المكتظة بعامة الناس العراقيين في المناطق الشيعية .
وحتى لو تجاهلنا المعايير الإسلامية والإنسانية والأخلاقية في محاكمة هذه الأعمال ، فإننا نتساءل عن جدواها في تحقيق هدفها المعلن على صعيد طرد المحتل وكسر شوكة المتعاونين معه ؟!
فقط يحتاج المرء إلى أبسط درجات الوعي السياسي لليقين بأن هذه الأعمال غير الإسلامية وغير الإنسانية وغير الأخلاقية لن تؤدي إلا إلى ترسيخ الاحتلال واستدعاء العنف الطائفي الشيعي وإظهار المحتل بصورة المنقذ والمجير من الحرب الطائفية الأهلية .
لقد سبق أن جاء المحتل المغولي إلى العراق ثم جاء المحتل الإنجليزي ، وتعاون بعض الطائفيين الشيعة مع الاحتلال المغولي والاحتلال الانجليزي ، إلا أنه لم يكن للثقافة التكفيرية موطئ قدم في العراق ولم تكن الطائفية الشيعية في مواقع الحكم والقرار . وبالتالي فقد سلمت المراقد المقدسة عند الشيعة من تفجيرها على أيدي بعض التكفيريين المحسوبين على أهل السنّة ، وسلمت جموع الناس في المناطق الشيعية من التفجيرات الجماعية ، وسلم المحتلون المغول من فتاوى المراجع الشيعية المهادنة للاحتلال ، وسلم أهل السنّة من نشوء عصابات شيعية تهادن المحتل وتمارس القتل والانتقام الطائفي ، ولم تتصاعد وتتسع المهمة الرسالية والإنسانية للمحتل المغولي أو الإنجليزي لإنقاذ أهل العراق من حرب طائفية ، ولم يصبح الرموز والقادة المؤثرين في الميدان هم قادة القتل الطائفي لدى الطرفين .
الطائفية الشيعية والتكفير السنّي لن يؤديا إلا إلى ترسيخ الاحتلال وتوسيع دائرة التعامل معه والاحتماء والاستقواء به . وهاهي أمريكا قد أعلنت عن زيادة عدد قواتها في العراق ، وهاهو عبدالعزيز الحكيم الذي كان أحد رافعي راية الشيطان الأكبر وأحد المتحدثين في البداية عن الاحتلال والانسحاب أصبح يطالب علناً وأمام الرئيس الأمريكي ببقاء قوات الاحتلال .
ما كان لرجال مثل قادة جيش المهدي ومنظمة بدر وتنظيم القاعدة أن يصبحوا رموزاً وفاعلين في الساحة العراقية لولا الطائفية الشيعية والتكفير السنّي .
وأمام المشهد العراقي الطائفي الدامي ألا تؤدي الطائفية الشيعية والتكفير السنّي إلى الدفع باتجاه الحل الاستبدادي العلماني وتجميله والترحم عليه ؟!
لقد تابعت بعض المقالات لكتاب ينادون بالليبرالية ، ولكنهم يرون في ظل نذر الحرب الطائفية والثقافة الطائفية المستشرية أن الحل الأمثل يتمثل في حدوث انقلاب عسكري يفرض العلمانية . أي العودة إلى صدام حسين آخر !! وكأن " دكتاتورية " صدام و " دمويته " و " استبداده " كانت تحمي الناس من هذا الغول الطائفي .
وهكذا فإن الطافية الشيعية والتكفير السنّي يبرران دكتاتورية صدام واستبداده وعلمانيته ويدفعان باتجاه إعادة تكرار التجربة ويقدمان الحجج للمنادين بالحل الاستبدادي العلماني . هذا فضلاً عن ترسيخ الاحتلال وتوسيع دائرة الاحتماء والاستقواء به وإعطائه وجهاً إنسانياً وأخلاقياً كمنقذ للشعب العراقي من الحرب الطائفية الأهلية .
كل مشكلات الطائفية الشيعية والتكفير السنّي تنبع من الوعي السياسي الغائب . ولاحقاً بمشيئة الله سيكون لنا جولة مع هذا الجهل الطائفي المركّب . سيكون لنا جولة مع هؤلاء الذين يجهلون أنهم طائفيون ، ولا يعلمون أنهم يجهلون كونهم طائفيين .
إلى اللقاء قريباً بمشيئة الله ،،،،
06-1-2007 20:44
الطائفيون الشيعة والتكفيريون السنّة هم أقوى جنود ترسيخ الاحتلال والتهيئة للحل الاستبدادي !!
لا أشك مطلقاً في أن الطائفيين الشيعة والتكفيريين السنّة بحسب معتقداتهم ومقولاتهم ومشاعرهم ورغباتهم يتقدمون جميع الإسلاميين في رفض العلمانية ، ولا أشك في أنهم يتقدمون بقية الإسلاميين والوطنيين والقوميين في رفض الاحتلال .
هذا شيء أوافق عليه وأقبله تماماً . ولكن ما لا يدركه الطائفيون الشيعة والتكفيريون السنّة هو أنهم بوعيهم السياسي الزائف ورؤيتهم الطائفية المضللة وانفعالاتهم وسطحيتهم يتقدمون الجميع في تجميل الحل العلماني الانقلابي والدفع باتجاهه ، وترسيخ الاحتلال وإعطائه دوراً رسالياً كمنقذ من الحروب الطائفية .
لو سألنا الطائفي الشيعي عن أسباب عدم مقاومته للاحتلال لتذرع بقضايا المصلحة وانعدام القدرة ووجود الرغبة في بناء العراق الجديد وتصحيح المعادلة الظالمة ( أي المعادلة السنّية الشيعية ) التي حكمت العراق بحسب تصريحات عبد العزيز الحكيم .
ولو سألناه عن الوجود الكردي والتركماني : هل يدخل ضمن المعادلة السنّية الشيعية لتغيرت الحجج .
لو سألناه عن المنهج السياسي الذي سيبني في ظله العراق الجديد لأشار إلى الانتخابات والأغلبية والأقلية .
هنا يمكننا أن نسأله : من أين أتى بفكرة الانتخابات والأغلبية والأقلية ؟!.
سيجيب بأنها من التجربة العالمية التي أثبتت جدواها وصلاحيتها والتي بدأت من الثقافة الغربية .
ولكننا سنسأل الشيعي الطائفي : بما أن طرحك وخلافك الجوهري مع أهل السنّة نبع أصلاً من المسألة السياسية ( القول بالإمام المنصوص عليه ) فألا تجد في طرحك حلاً لمشكلتك السياسية المعاصرة ؟!
هذه التجربة العالمية التي أثبتت جدواها وصلاحيتها ، إن تجاهلنا الوسائل والآليات التي تقبل التغيير والتطوير المستمر ، ونظرنا إلى أصل ومنبع الفكرة الديمقراطية ، فهل نجدها في فكرة الإمام المعصوم ، أم في فكرة الشورى ؟!!
هنا ستظهر الغشاوات الطائفية ، فالطائفي الشيعي تحت ضغط الحاجة وعدم صلاحية منهجه السياسي الطائفي وعدم قابليته للتطبيق لجأ إلى الحل السياسي الذي يمثل نقيض منطقه وطائفيته وأساس ومنبع اختلافه مع الآخر السنّي !!.
ومهما تطورت مقولات وأفكار الطائفيين الشيعة ومهما تم وأد الشورى وتعطيلها لدى المسلمين السنة فإن أساس ومنبع الطائفية الشيعية هي رفض الشورى والقول بفكرة الإمام المعصوم .
والعجيب أن ثقافة المّلك العضوض وحكم التغلب في الجانب السنّي ، وانسداد آفاق فكرة الإمام المعصوم وعدم قابليتها للتطبيق في الجانب الشيعي ، نقلت الفريقين إلى مواقف متعاكسة .
حكام التغلب منذ نقض الشورى ونشوء الحكم العائلي في عهد بني أمية أصبحوا من الناحية العملية في موقع مشابه لموقع الإمام المعصوم ، والطائفيون الشيعة منذ تطبيق فكرة ولاية الفقيه أصبحوا من الناحية العملية في موقع أهل الشورى !!
المواقع تبدلت ، وكل طائفة أصبحت من الناحية العملية تطبق المنهج المفترض للطائفة الأخرى ، ولكن الوعي السياسي الزائف أبقى الغشاوات الطائفية والشحن الطائفي على حالهما .
لو طلبنا من الشيعي الطائفي العراقي عبور حدود بلاده غرباً باتجاه سوريا ، حيث يوجد حكم بعثي دكتاتوري قمعي يستند إلى أقلية علوية لا تقارن بما يسمى الأقلية السنّية في العراق ، خصوصاً إذا أخذنا الوجود الكردي والتركماني السنّي بالاعتبار ، فكيف ستعمل المقولات الطائفية الشيعية في سوريا ؟!
صحيح أن النظام البعثي في العراق كان متهوراً وخطراً على الجيران ، ولكنه في الداخل يتشابه مع النظام البعثي في سوريا من حيث القبضة البوليسية الحديدية ، بل إن النظام البعثي في العراق فاق الآخرين على صعيد بعض الإنجازات الداخلية مثل محو الأمية والاهتمام بالتخصصات العلمية والتقنية وتطوير الصناعات العسكرية .
لو قررت أمريكا – لا قدر الله – تحرير سوريا من نظامها البعثي بذرائع الأسلحة الكيماوية التي يتم الحديث عنها فعلاً أو حماية إسرائيل أو قطع الدعم عن حزب الله أو تحرير الشعب السوري من نظام دكتاتوري قمعي ينتمي قادته إلى أقلية طائفية محدودة ، فكيف سيكون موقف الطائفي الشيعي ؟!
هل سيتفهم مواقف المتعاونين مع الاحتلال وهل سيتفهم فتاوى العلماء السنّة المهادنة للاحتلال ؟!
هل سيتفهم مقولات السوريين السنة عن التحرير وعن دحر النظام الدكتاتوري القمعي وتصحيح المعادلة العلوية السنّية الظالمة التي حكمت سوريا ؟!
هل سيدين المقاومة أو يتعامى عنها ؟!
إذا ظهر من الطائفة العلوية المتضررة من الأوضاع الجديدة والرافضة لوجود الاحتلال من ينتقم من المتعاونين مع الاحتلال ومن يصيب بقتله عامة الجماهير السنّة فهل سيقف ضد المقاومة ؟!
لقد حوكم صدام حسين في قضية الدجيل التي أعدم فيها 148 شخصاً اتهموا بالاشتراك في محاولة قتله كرئيس للعراق في زمن الحرب . فماذا لو أن الرئيس حافظ الأسد كان لا يزال على قيد الحياة وقامت القوات الأمريكية المحتلة لسوريا بأسره وتسليمه إلى الغالبية السنّية المتعاونة معها لمحاكمته في قضية قتل ثلاثين ألفاً ( 30.000) من أهل حماة ( السنّة ) الذين سعوا إلى التمرد وليس اغتيال الرئيس في زمن الحرب ؟!
ماذا لو أن حافظ الأسد ورفعت الأسد ومن معهما أدينوا فاختارت الغالبية السنّية يوم عاشوراء لشنق الرئيس حافظ الأسد ؟!
ماذا لو أن مشاهد الشنق والإعدام صورت وتم بثها في لحظات الاحتفال الشيعي بيوم عاشوراء وقامت المجموعة التي تنفذ الشنق في يوم الاحتفال بترديد الصيحات والشعارات السنّية أو الهتاف باسم ابن لادن أو الظواهري أو أبي مصعب الزرقاوي ؟!
ماذا لو تبين أن بعض رموز الطائفة السنّية حضروا مشهد الإعدام وصوروه بجوالاتهم إمعاناً في التشفي ؟!
ماذا لو صرح مسئولو سلطات الاحتلال بأنهم نصحوا السلطات الحكومية السورية بتأجيل الإعدام إلى ما بعد عاشوراء ، ولكن الحكومة " الوطنية " و " غير الطائفية " سارعت بتنفيذ الشنق في يوم عاشوراء وردد الشانقون شعاراتهم وهتافاتهم السنّية الطائفية ؟!
ماذا لو أن هيئة تشكلت في سوريا باسم هيئة العلماء المسلمين وضمت علماء الطائفة العلوية وأعلنت تأييدها لمقاومة المحتل ورفضها وإدانتها لقتل السنّة أو الاعتداء على مقدساتهم ومطالبتها بجدولة انسحاب المحتل ، ثم صدر عن رئيسها ( الذي يماثل وضعه وضع الشيخ حارث الضاري ) تصريحات في برنامج تلفزيوني بطائفية الحكومة أو الأشخاص الفاعلين فيها وإشارات إلى ميليشيا جيش " أبي بكر " ومنظمة " القادسية " التي تهادن المحتل الأمريكي لسوريا وتمارس القتل الطائفي للعلويين السوريين ؟!
هل ستصدر مذكرة اعتقال بحق رئيس تلك الهيئة بينما قادة ميليشيا جيش أبي بكر ومنظمة القادسية اللتين لا تقاتلان المحتل بل تمارسان القتل والانتقام الطائفي هم أعضاء فاعلون في الحكومة وقادة شرعيون في الميدان ولا يكاد يفضح جرائم ميليشياتهم سوى ما يتسرب بغير إرادة الحكومة ؟!
الغالبية السورية السنّية التي تنفذ كل هذا السيناريو وتشارك في كل هذه الأحداث هل ستكون غالبية غير طائفية ؟!
فقط أهل الجهل الطائفي المركّب سيجهلون أنهم طائفيون ، ولن يعلموا أنهم يجهلون طائفيتهم !!
أنا أحمد الله أن السوريين السنّة لا يريدون الاحتلال الأمريكي ولا يرحبون به . فلنخرج من السيناريو المفترض ولنعد إلى النظام الدكتاتوري البعثي القمعي الحالي في سوريا والمعادلة العلوية السنّية الظالمة التي تحكمه كما هي تصريحات عبدالعزيز الحكيم عن الوضع في العراق . من هم أكبر الداعمين للنظام الحالي في سوريا وأبرز المتحالفين معه ؟!
أليسوا الطائفيين الشيعة في إيران وجنوب لبنان ؟!
وبالتالي فإذا كان النظام الدكتاتوري البعثي القمعي المستند إلى أقلية سنّية في العراق قد برر الاحتلال والتعاون مع المحتل أو مهادنته ، فلماذا يتم التحالف من قبل الطائفيين الشيعة في إيران وجنوب لبنان مع النظام الدكتاتوري البعثي القمعي المستند إلى أقلية علوية في سوريا ؟!
هنا ستبدو الغشاوات الطائفية المضللة ويتضح الوعي السياسي الزائف .
وبالمقابل ، وهذه رسالة للطائفيين الشيعة وللتكفيريين السنّة على حد سواء ، أليس هذا النظام البعثي القمعي المستند إلى أقلية علوية في سوريا هو أبرز المتهمين بدعم المقاومة ( السنّية ) في العراق ؟!
حسناً ، إذا كان الطائفيون الشيعة في العراق لا يستطيعون دحر المحتل فلم لا يمتنعون على الأقل عن التعاون معه ؟!
لم لا يلجأون إلى المقاومة السلمية التي اتبعها رجل مثل غاندي ؟!
هنا ستبدو المكنونات الطائفية ، فهذا الطائفي الشيعي الذي يرى أمريكا شيطاناً أكبر في إيران ولبنان ويعد البراءة منها شعيرة من شعائر الحج يتعامل مع هذا الشيطان كحليف وحام في العراق ، لأن أمريكا عدو مرحلي وقتي ، أما العدو الاستراتيجي المستمر لدى الطائفي الشيعي فهو الآخر السنّي ، مثلما أن العدو الاستراتيجي المستمر لدى التكفيري السنّي هو الآخر المسلم سواء كان سنّياً أو شيعياً . وبعد تصحيح ( المعادلة الظالمة ) في العراق واللجوء إلى الانتخابات والأغلبية والأقلية ( أي إلى الشورى التي بسبب رفضها نشأ الوجود الشيعي ) وانتهاء ضرورات التعاون مع المحتل لا بأس من إعادة رفع راية الشيطان الأكبر وترديد المقولات والشعارات الطائفية عن الإمام المعصوم على الصعيد النظري وتطبيق الشورى على الصعيد العملي !!
إنها الغشاوات الطائفية المضللة والوعي السياسي الزائف .
لننتقل إلى التكفيري السنّي الذي يقاوم الاحتلال ولكنه يستخدم المتفجرات في الأسواق والساحات والمقاهي المكتظة بعامة الناس العراقيين في المناطق الشيعية .
وحتى لو تجاهلنا المعايير الإسلامية والإنسانية والأخلاقية في محاكمة هذه الأعمال ، فإننا نتساءل عن جدواها في تحقيق هدفها المعلن على صعيد طرد المحتل وكسر شوكة المتعاونين معه ؟!
فقط يحتاج المرء إلى أبسط درجات الوعي السياسي لليقين بأن هذه الأعمال غير الإسلامية وغير الإنسانية وغير الأخلاقية لن تؤدي إلا إلى ترسيخ الاحتلال واستدعاء العنف الطائفي الشيعي وإظهار المحتل بصورة المنقذ والمجير من الحرب الطائفية الأهلية .
لقد سبق أن جاء المحتل المغولي إلى العراق ثم جاء المحتل الإنجليزي ، وتعاون بعض الطائفيين الشيعة مع الاحتلال المغولي والاحتلال الانجليزي ، إلا أنه لم يكن للثقافة التكفيرية موطئ قدم في العراق ولم تكن الطائفية الشيعية في مواقع الحكم والقرار . وبالتالي فقد سلمت المراقد المقدسة عند الشيعة من تفجيرها على أيدي بعض التكفيريين المحسوبين على أهل السنّة ، وسلمت جموع الناس في المناطق الشيعية من التفجيرات الجماعية ، وسلم المحتلون المغول من فتاوى المراجع الشيعية المهادنة للاحتلال ، وسلم أهل السنّة من نشوء عصابات شيعية تهادن المحتل وتمارس القتل والانتقام الطائفي ، ولم تتصاعد وتتسع المهمة الرسالية والإنسانية للمحتل المغولي أو الإنجليزي لإنقاذ أهل العراق من حرب طائفية ، ولم يصبح الرموز والقادة المؤثرين في الميدان هم قادة القتل الطائفي لدى الطرفين .
الطائفية الشيعية والتكفير السنّي لن يؤديا إلا إلى ترسيخ الاحتلال وتوسيع دائرة التعامل معه والاحتماء والاستقواء به . وهاهي أمريكا قد أعلنت عن زيادة عدد قواتها في العراق ، وهاهو عبدالعزيز الحكيم الذي كان أحد رافعي راية الشيطان الأكبر وأحد المتحدثين في البداية عن الاحتلال والانسحاب أصبح يطالب علناً وأمام الرئيس الأمريكي ببقاء قوات الاحتلال .
ما كان لرجال مثل قادة جيش المهدي ومنظمة بدر وتنظيم القاعدة أن يصبحوا رموزاً وفاعلين في الساحة العراقية لولا الطائفية الشيعية والتكفير السنّي .
وأمام المشهد العراقي الطائفي الدامي ألا تؤدي الطائفية الشيعية والتكفير السنّي إلى الدفع باتجاه الحل الاستبدادي العلماني وتجميله والترحم عليه ؟!
لقد تابعت بعض المقالات لكتاب ينادون بالليبرالية ، ولكنهم يرون في ظل نذر الحرب الطائفية والثقافة الطائفية المستشرية أن الحل الأمثل يتمثل في حدوث انقلاب عسكري يفرض العلمانية . أي العودة إلى صدام حسين آخر !! وكأن " دكتاتورية " صدام و " دمويته " و " استبداده " كانت تحمي الناس من هذا الغول الطائفي .
وهكذا فإن الطافية الشيعية والتكفير السنّي يبرران دكتاتورية صدام واستبداده وعلمانيته ويدفعان باتجاه إعادة تكرار التجربة ويقدمان الحجج للمنادين بالحل الاستبدادي العلماني . هذا فضلاً عن ترسيخ الاحتلال وتوسيع دائرة الاحتماء والاستقواء به وإعطائه وجهاً إنسانياً وأخلاقياً كمنقذ للشعب العراقي من الحرب الطائفية الأهلية .
كل مشكلات الطائفية الشيعية والتكفير السنّي تنبع من الوعي السياسي الغائب . ولاحقاً بمشيئة الله سيكون لنا جولة مع هذا الجهل الطائفي المركّب . سيكون لنا جولة مع هؤلاء الذين يجهلون أنهم طائفيون ، ولا يعلمون أنهم يجهلون كونهم طائفيين .
إلى اللقاء قريباً بمشيئة الله ،،،،
خيمة الأرقم- موقوووووووف
- عدد المساهمات : 41
تاريخ التسجيل : 24/06/2015
منسوخ
سعيد الكثيري
08-1-2007 08:30
مع الجهل الطائفي المركب !!
قبل أن نشرع في تحليل أزمة المعالجة العقائدية لموضوعات السياسة لدى الشيعة وأهل السنّة نود التعريف قليلاً بأهل الجهل الطائفي المركّب . هؤلاء الذين يجهلون أنهم طائفيون ولا يعلمون أنهم يجهلون كونهم طائفيين !!.
هؤلاء حتى وإن قدمت لهم حقائق مأخوذة من القرآن وسيرة الرسول ومن يزعمون أنهم يقتدون بهم من الصحابة ، وحتى وإن كانت حججك أقوى من الجبال ، وحتى وإن كان العقل يؤيدها والواقع يصدقها إلى أبعد الحدود ، فإنهم يفرون منها ويتجاهلونها ، وإن أعيتهم الحجة حاولوا تسفيه وتشويه صاحبها إذا كانت مقولاته تخالف ما نشأوا عليه وألفوه من مقولات ومعارف تلقوها في إطار انتمائهم الطائفي . لماذا ؟!
لأن علاقتهم بالوحي لم تعد علاقة مباشرة ، بل أصبحت علاقة تمر عبر الإرث الطائفي . وحتى وإن قرأوا نصوص الكتاب واطلعوا على سيرة الرسول وسيرة رموزهم من الصحابة آناء الليل وأطراف النهار فإنهم لا يبصرونها ولا يستقبلونها إلا من خلال عقليتهم الطائفية وإرثهم الطائفي ورموزهم وعلمائهم الطائفيين .
حتى وإن كنت تناقش قضية دنيوية متطورة بطبعها مثل القضية السياسية وتملك بشأنها معارف ومعلومات وأدوات تحليل لم تكن متاحة للعلماء والفقهاء السابقين فإن معارفك ومعلوماتك وأدواتك التحليلية لن تساوي شروى نقير مادامت تتصادم مع الإرث الفكري والثقافي الطائفي الذي يعود بالضرورة وتعود معلوماته ومعارفه الدنيوية إلى بضعة قرون .
العالم الرباني عند هذه الطائفة وآية الله عند تلك الطائفة لم يعودوا مجرد علماء يؤخذ منهم ويرد ، بل أصبحوا مراجع لتزكية آرائك وإسنادها والاستدلال لها في عصرك .
ولسنا نتحدث هنا عن العبادات أو الشعائر ، بل نتحدث عن فهمنا للتاريخ والسياسة والمعرفة الدنيوية المتطورة بطبعها .
في فهم التاريخ والسياسة تطورت المعرفة الدنيوية وتراكمت وازدادت إلى حد أن أبسط دارس للتاريخ أو السياسة في عصرنا يستطيع أن يجد من المعلومات والمعرفة وأدوات التحليل ما لا يوجد عشر معشاره عند أي عالم رباني أو أي آية لله فيما مضى .
في العلوم العلمية وفي فهم جسم الإنسان وطباعه وفي فهم الأرض والكون يستطيع أي دارس في المرحلة الابتدائية أن يجد من المعلومات والمعرفة ما لم يكن يوجد عشر معشاره لدى أعظم العلماء والفقهاء المسلمين وغير المسلمين فيما مضى .
ولو أجريت مسحاً لكبار العلماء عند هذه الطائفة أو تلك فستجد أنهم علماء بقدر حفظهم للإرث الطائفي وتمثّلهم واستحضارهم له ، ولكنهم في العلوم الدنيوية ، وخصوصاً علم السياسة ، أشباه أميين . ولو نظرت إلى البيانات التي تصدر عن بعض كبار العلماء من هذه الطائفة أو تلك بمناسبة بعض الأحداث السياسية المعاصرة لوجدت أنها تكاد تخلو من أبسط بديهيات الوعي السياسي وتغرق في القراءة العقائدية لأحداث السياسة ، وأن متوسطي كتاب الصحف والإنترنت أو حتى مبتدئيهم يستطيعون أن يكتبوا كلاماً أعمق وأنضج من هذه البيانات لـ " كبار العلماء " عند هذه الطائفة ، و " آيات الله " عند تلك الطائفة .
هذه الحقائق البدهية حول تطور المعرفة الدنيوية غائبة أو تكاد تكون غائبة عن أهل الجهل الطائفي المركب ، رغم أن العقل يؤكدها والواقع الدنيوي المزري لأحوال المسلمين يشهد لها . لماذا ؟!
لأن علاقة الطائفيين بالدين ليست علاقة معرفة في المقام الأول ، بل هي علاقة إرث في البداية ثم علاقة انتماء وتمثّل ووجدان وتقليد وموقع سياسي أو ثقافي أو اجتماعي أو اقتصادي أو ديني ، ثم هي بعد ذلك علاقة معرفة واقتناع ووعي . والمشكلة هنا أن علاقة المعرفة والاقتناع والوعي تضمحل وتتدنى إلى أدنى الحدود لدى العامة ، وحين تتسع وتغري بالخروج من دائرة الطائفة باتجاه فهم أصح وأدق للدين لدى القلة من أصحاب الوعي فإن ذلك يكون على حساب التضحية بعلاقات الإرث والانتماء المعتاد والتمثّل والوجدان والتقليد والموقع السياسي أو الثقافي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو الديني المكتسب ضمن الطائفة .
الطائفي لا ينقصه لكي يهز الجماهير ويصل إلى أبناء طائفته سوى أن يحدثهم بما يألفون ويردد شعاراتهم ويستثير عاطفتهم ووجدانهم وذاكرتهم الجمعية الطائفية . أما حين يريد إيصال معرفة تخالف ما ألفوه واعتادوا عليه حتى وإن كانت معرفة أصح وأدق للدين فأمامه حواجز الوجدان والعاطفة والتقليد والذاكرة ، ثم أمامه البنيان الاجتماعي والسياسي والثقافي والديني القائم وما يحمله من أدوات ممانعة ودفاع تلقائية ضد أي علم أو نقد يجرح المسلمات الطائفية ويسيء إلى الآباء الطائفيين .
أهل الجهل الطائفي المركب على حق وغيرهم على باطل . وحين تظن أنك تصحح بعض معلوماتهم وتحسن فهمهم للدين فإنك لا تدرك بأنك تقدح في مسلماتهم وتصادم وجدانهم وذاكرتهم وتجرح صورة آبائهم وأجداهم وتنتصر لغيرهم من الطوائف الضالة وتمس بنياناً فكرياً وثقافياً ممتداً لا يحتاج في نظر الطائفيين سوى إلى الاتّباع والتقليد .
أهل الجهل الطائفي المركب سيردون عليك بالحجة إن وجدت ، فإن لم توجد فلن يضيفوا حجتك إلى معارفهم لتصحيح فكرهم ومواقفهم باتجاه فهم أدق وأصح للدين ، بل سيستعيضون عن الحجة بمهاجمة شخصك ومحاولة نسبة فكرك إلى طائفة ضالة أخرى . المهم هو الهروب من المساس بالمسلمات الطائفية حتى وإن كانت نصوص الوحي واستدلالات العقل وحقائق الواقع تقلبها رأساً على عقب .
كل المسلمين لا بد أن يكونوا طائفيين عند أهل الجهل الطائفي المركب . فإن وصلت إلى آراء تصحيحية تقربك من الإسلام وتبعدك عن الطائفة فأنت لا تقترب من الإسلام ، بل أنت تقع في حبائل طائفة أخرى . الفكر والفقه الإسلامي لدى الطائفيين أصبح معطى ثابتاً يعكس صحة الإيمان والإسلام لدى طائفتهم وحجم الضلال والزيغ لدى بقية الطوائف .
الطائفيون لا يهتمون ولا يكترثون بنقاط الاتفاق والتلاقي بينهم وبين غيرهم ، بل يهتمون بنقاط الاختلاف والتناحر . كلهم ينطقون الشهادتين ويؤمنون بالقرآن والرسول ويصلون ويصومون ويحجون . وكل هذه الأصول لا تكفي عند الطائفيين لكي تكون العلاقات بينهم أفضل من علاقاتهم باليهود والنصارى والبوذيين والهندوس .
الطائفيون هم أكبر المزايدين على الرموز . التكفيريون المعاصرون يرفعون راية السلف ، والطائفيون الشيعة يرفعون راية آل البيت . وهل يوجد أعظم من هذه الرايات ؟!
والعجيب أننا لو سألنا التكفيريين المعاصرين ولو سألنا بقية أهل السنة ولو سألنا الطائفيين الشيعة عن الأصول والجذور التي نبع منها الخروج والتسنن والتشيع لما أدركوا على النحو المطلوب بأن الأمر يعود حصرياً إلى الموضوع السياسي ، فالتطورات والإضافات اللاحقة والثقافة الطائفية المتراكمة صورت للجميع بأن تكويناتهم الطائفية نبعت من الاختلاف العقائدي أو التعبدي بينما هي لم تنبع إلا من الاختلاف السياسي .
من أين نشأ الخوارج ؟!
مهما كانت الإضافات والتطورات التي ظهرت بعد بروزهم فإن نشأتهم لم تكن إلا بسبب الموضوع السياسي في زمن علي كرم الله وجهه .
ومن أين نشأ الشيعة ؟!
حتى وإن كان قد وجد شيعة لعلي منذ عهد الرسول فإن المحبة لعلي والاقتداء به تعد من الأمور الطبيعية التي يمكن أن تحدث له ولأي سابق إلى الإسلام وقريب للرسول ومحبوب من قبله ، ولكن المختلف هنا هو الولاء السياسي .
هذه القناعة بأولوية علي كرم الله وجهه كانت موجودة عند بعض الصحابة الكرام ، وهذه هي طبيعة السياسة وطبائع البشر ومقتضيات الشورى ، ولكن الأحداث التي سبقت الفتنة الكبرى ثم اندلاع الفتنة وحدوث التقاتل بين الصحابة وصولاً إلى هدم الخلافة وتأسيس المُلك وقتل الحسين ومطاردة وسب رموز آل البيت أدت إلى نقل التشيع من الدائرة السياسية إلى دائرة التأصيل العقيدي والبناء الطائفي .
حتى أولئك الذين قالوا بتحريف القرآن كان محركهم هو إثبات الولاية لعلي من القرآن أو الإساءة إلى من يعتبرونهم خصومه السياسيين .
حتى سب أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وطلحة والزبير رضي الله عنهم أو حتى تكفيرهم أو القول بنفاقهم أو ارتدادهم ليس له محرك سوى الموضوع السياسي . ولو كان أنصار الأولوية السياسية لعلي مثل أبي ذر وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر والمقداد بن عمرو هم الذين قاموا بالأدوار السياسية لأبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وطلحة والزبير لكان السب والتكفير وأوصاف النفاق والارتداد من نصيب شيعة علي .
لو أن أبي بكر لم يصبح خليفة فهل كان سيصبح للشيعي معه قضية ؟!
لو أن عمر لم يصبح خليفة فهل كان سيصبح للشيعي معه قضية ؟!
وبالمقابل لو أن علياً اختير بعد الرسول الكريم أو بعد أبي بكر أو بعد عمر هل كانت ستحدث فصول النزاع السياسي اللاحقة وهل كانت ستنشأ الحاجة إلى إثبات الحق الديني لعلي والسعي إلى تأصيله والغلو فيه ؟!
القول بعصمة الأئمة وقدراتهم والغلو فيهم هل له من محرك وهل له من هدف غير القضية السياسية ؟!
أهل السنة في بدايتهم هل كان يميزهم شيء غير أنهم ليسوا من الخوارج وليسوا من الشيعة ؟!
هل كان يميزهم شيء غير القول بعدالة جميع الصحابة رداً على مواقف الخوارج والشيعة من الصحابة ؟!
هل كان يميزهم شيء غير القول بالبعد عما شجر بين الصحابة . فما الذي شجر بينهم ؟!
هل شجر بينهم غير الموضوع السياسي ؟!
سيتشعب الأمر لاحقاً إلى الموضوعات العقائدية وإلى التعددية الفقهية المذهبية ، ولكن أصل ومنبع الانقسام هو الموضوع السياسي . ولاحقاً بمشيئة الله سنعرض بعض المعلومات الأساسية حول الجانب السياسي من حياة الصحابة والتي سنجد أنها مفقودة لدى أعظم كبار العلماء عند هذه الطائفة وأعظم آيات الله عند تلك الطائفة ، وأنها محجوبة خلف الوعي السياسي الغائب والبنيان الطائفي والثقافة الطائفية المضللة لدى التكفيريين السنّة ولدى بقية أهل السنة ولدى الطائفيين الشيعة .
هذه المعلومات رغم بساطتها يمكن أن تهد البنيان الطائفي وأن تضرب أهم جذوره وأسسه ومنطلقاته لدى كل من يحترم العقل والوحي ولديه معلومات أساسية حول طبيعة السياسة وطبائع البشر .
سنبدأ لاحقاً بالوعي السياسي السُني الغائب ، ثم ننتقل إلى الوعي السياسي الشيعي الغائب ،
فإلى لقاء قريب بمشيئة الله ،،،،،
08-1-2007 08:30
مع الجهل الطائفي المركب !!
قبل أن نشرع في تحليل أزمة المعالجة العقائدية لموضوعات السياسة لدى الشيعة وأهل السنّة نود التعريف قليلاً بأهل الجهل الطائفي المركّب . هؤلاء الذين يجهلون أنهم طائفيون ولا يعلمون أنهم يجهلون كونهم طائفيين !!.
هؤلاء حتى وإن قدمت لهم حقائق مأخوذة من القرآن وسيرة الرسول ومن يزعمون أنهم يقتدون بهم من الصحابة ، وحتى وإن كانت حججك أقوى من الجبال ، وحتى وإن كان العقل يؤيدها والواقع يصدقها إلى أبعد الحدود ، فإنهم يفرون منها ويتجاهلونها ، وإن أعيتهم الحجة حاولوا تسفيه وتشويه صاحبها إذا كانت مقولاته تخالف ما نشأوا عليه وألفوه من مقولات ومعارف تلقوها في إطار انتمائهم الطائفي . لماذا ؟!
لأن علاقتهم بالوحي لم تعد علاقة مباشرة ، بل أصبحت علاقة تمر عبر الإرث الطائفي . وحتى وإن قرأوا نصوص الكتاب واطلعوا على سيرة الرسول وسيرة رموزهم من الصحابة آناء الليل وأطراف النهار فإنهم لا يبصرونها ولا يستقبلونها إلا من خلال عقليتهم الطائفية وإرثهم الطائفي ورموزهم وعلمائهم الطائفيين .
حتى وإن كنت تناقش قضية دنيوية متطورة بطبعها مثل القضية السياسية وتملك بشأنها معارف ومعلومات وأدوات تحليل لم تكن متاحة للعلماء والفقهاء السابقين فإن معارفك ومعلوماتك وأدواتك التحليلية لن تساوي شروى نقير مادامت تتصادم مع الإرث الفكري والثقافي الطائفي الذي يعود بالضرورة وتعود معلوماته ومعارفه الدنيوية إلى بضعة قرون .
العالم الرباني عند هذه الطائفة وآية الله عند تلك الطائفة لم يعودوا مجرد علماء يؤخذ منهم ويرد ، بل أصبحوا مراجع لتزكية آرائك وإسنادها والاستدلال لها في عصرك .
ولسنا نتحدث هنا عن العبادات أو الشعائر ، بل نتحدث عن فهمنا للتاريخ والسياسة والمعرفة الدنيوية المتطورة بطبعها .
في فهم التاريخ والسياسة تطورت المعرفة الدنيوية وتراكمت وازدادت إلى حد أن أبسط دارس للتاريخ أو السياسة في عصرنا يستطيع أن يجد من المعلومات والمعرفة وأدوات التحليل ما لا يوجد عشر معشاره عند أي عالم رباني أو أي آية لله فيما مضى .
في العلوم العلمية وفي فهم جسم الإنسان وطباعه وفي فهم الأرض والكون يستطيع أي دارس في المرحلة الابتدائية أن يجد من المعلومات والمعرفة ما لم يكن يوجد عشر معشاره لدى أعظم العلماء والفقهاء المسلمين وغير المسلمين فيما مضى .
ولو أجريت مسحاً لكبار العلماء عند هذه الطائفة أو تلك فستجد أنهم علماء بقدر حفظهم للإرث الطائفي وتمثّلهم واستحضارهم له ، ولكنهم في العلوم الدنيوية ، وخصوصاً علم السياسة ، أشباه أميين . ولو نظرت إلى البيانات التي تصدر عن بعض كبار العلماء من هذه الطائفة أو تلك بمناسبة بعض الأحداث السياسية المعاصرة لوجدت أنها تكاد تخلو من أبسط بديهيات الوعي السياسي وتغرق في القراءة العقائدية لأحداث السياسة ، وأن متوسطي كتاب الصحف والإنترنت أو حتى مبتدئيهم يستطيعون أن يكتبوا كلاماً أعمق وأنضج من هذه البيانات لـ " كبار العلماء " عند هذه الطائفة ، و " آيات الله " عند تلك الطائفة .
هذه الحقائق البدهية حول تطور المعرفة الدنيوية غائبة أو تكاد تكون غائبة عن أهل الجهل الطائفي المركب ، رغم أن العقل يؤكدها والواقع الدنيوي المزري لأحوال المسلمين يشهد لها . لماذا ؟!
لأن علاقة الطائفيين بالدين ليست علاقة معرفة في المقام الأول ، بل هي علاقة إرث في البداية ثم علاقة انتماء وتمثّل ووجدان وتقليد وموقع سياسي أو ثقافي أو اجتماعي أو اقتصادي أو ديني ، ثم هي بعد ذلك علاقة معرفة واقتناع ووعي . والمشكلة هنا أن علاقة المعرفة والاقتناع والوعي تضمحل وتتدنى إلى أدنى الحدود لدى العامة ، وحين تتسع وتغري بالخروج من دائرة الطائفة باتجاه فهم أصح وأدق للدين لدى القلة من أصحاب الوعي فإن ذلك يكون على حساب التضحية بعلاقات الإرث والانتماء المعتاد والتمثّل والوجدان والتقليد والموقع السياسي أو الثقافي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو الديني المكتسب ضمن الطائفة .
الطائفي لا ينقصه لكي يهز الجماهير ويصل إلى أبناء طائفته سوى أن يحدثهم بما يألفون ويردد شعاراتهم ويستثير عاطفتهم ووجدانهم وذاكرتهم الجمعية الطائفية . أما حين يريد إيصال معرفة تخالف ما ألفوه واعتادوا عليه حتى وإن كانت معرفة أصح وأدق للدين فأمامه حواجز الوجدان والعاطفة والتقليد والذاكرة ، ثم أمامه البنيان الاجتماعي والسياسي والثقافي والديني القائم وما يحمله من أدوات ممانعة ودفاع تلقائية ضد أي علم أو نقد يجرح المسلمات الطائفية ويسيء إلى الآباء الطائفيين .
أهل الجهل الطائفي المركب على حق وغيرهم على باطل . وحين تظن أنك تصحح بعض معلوماتهم وتحسن فهمهم للدين فإنك لا تدرك بأنك تقدح في مسلماتهم وتصادم وجدانهم وذاكرتهم وتجرح صورة آبائهم وأجداهم وتنتصر لغيرهم من الطوائف الضالة وتمس بنياناً فكرياً وثقافياً ممتداً لا يحتاج في نظر الطائفيين سوى إلى الاتّباع والتقليد .
أهل الجهل الطائفي المركب سيردون عليك بالحجة إن وجدت ، فإن لم توجد فلن يضيفوا حجتك إلى معارفهم لتصحيح فكرهم ومواقفهم باتجاه فهم أدق وأصح للدين ، بل سيستعيضون عن الحجة بمهاجمة شخصك ومحاولة نسبة فكرك إلى طائفة ضالة أخرى . المهم هو الهروب من المساس بالمسلمات الطائفية حتى وإن كانت نصوص الوحي واستدلالات العقل وحقائق الواقع تقلبها رأساً على عقب .
كل المسلمين لا بد أن يكونوا طائفيين عند أهل الجهل الطائفي المركب . فإن وصلت إلى آراء تصحيحية تقربك من الإسلام وتبعدك عن الطائفة فأنت لا تقترب من الإسلام ، بل أنت تقع في حبائل طائفة أخرى . الفكر والفقه الإسلامي لدى الطائفيين أصبح معطى ثابتاً يعكس صحة الإيمان والإسلام لدى طائفتهم وحجم الضلال والزيغ لدى بقية الطوائف .
الطائفيون لا يهتمون ولا يكترثون بنقاط الاتفاق والتلاقي بينهم وبين غيرهم ، بل يهتمون بنقاط الاختلاف والتناحر . كلهم ينطقون الشهادتين ويؤمنون بالقرآن والرسول ويصلون ويصومون ويحجون . وكل هذه الأصول لا تكفي عند الطائفيين لكي تكون العلاقات بينهم أفضل من علاقاتهم باليهود والنصارى والبوذيين والهندوس .
الطائفيون هم أكبر المزايدين على الرموز . التكفيريون المعاصرون يرفعون راية السلف ، والطائفيون الشيعة يرفعون راية آل البيت . وهل يوجد أعظم من هذه الرايات ؟!
والعجيب أننا لو سألنا التكفيريين المعاصرين ولو سألنا بقية أهل السنة ولو سألنا الطائفيين الشيعة عن الأصول والجذور التي نبع منها الخروج والتسنن والتشيع لما أدركوا على النحو المطلوب بأن الأمر يعود حصرياً إلى الموضوع السياسي ، فالتطورات والإضافات اللاحقة والثقافة الطائفية المتراكمة صورت للجميع بأن تكويناتهم الطائفية نبعت من الاختلاف العقائدي أو التعبدي بينما هي لم تنبع إلا من الاختلاف السياسي .
من أين نشأ الخوارج ؟!
مهما كانت الإضافات والتطورات التي ظهرت بعد بروزهم فإن نشأتهم لم تكن إلا بسبب الموضوع السياسي في زمن علي كرم الله وجهه .
ومن أين نشأ الشيعة ؟!
حتى وإن كان قد وجد شيعة لعلي منذ عهد الرسول فإن المحبة لعلي والاقتداء به تعد من الأمور الطبيعية التي يمكن أن تحدث له ولأي سابق إلى الإسلام وقريب للرسول ومحبوب من قبله ، ولكن المختلف هنا هو الولاء السياسي .
هذه القناعة بأولوية علي كرم الله وجهه كانت موجودة عند بعض الصحابة الكرام ، وهذه هي طبيعة السياسة وطبائع البشر ومقتضيات الشورى ، ولكن الأحداث التي سبقت الفتنة الكبرى ثم اندلاع الفتنة وحدوث التقاتل بين الصحابة وصولاً إلى هدم الخلافة وتأسيس المُلك وقتل الحسين ومطاردة وسب رموز آل البيت أدت إلى نقل التشيع من الدائرة السياسية إلى دائرة التأصيل العقيدي والبناء الطائفي .
حتى أولئك الذين قالوا بتحريف القرآن كان محركهم هو إثبات الولاية لعلي من القرآن أو الإساءة إلى من يعتبرونهم خصومه السياسيين .
حتى سب أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وطلحة والزبير رضي الله عنهم أو حتى تكفيرهم أو القول بنفاقهم أو ارتدادهم ليس له محرك سوى الموضوع السياسي . ولو كان أنصار الأولوية السياسية لعلي مثل أبي ذر وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر والمقداد بن عمرو هم الذين قاموا بالأدوار السياسية لأبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وطلحة والزبير لكان السب والتكفير وأوصاف النفاق والارتداد من نصيب شيعة علي .
لو أن أبي بكر لم يصبح خليفة فهل كان سيصبح للشيعي معه قضية ؟!
لو أن عمر لم يصبح خليفة فهل كان سيصبح للشيعي معه قضية ؟!
وبالمقابل لو أن علياً اختير بعد الرسول الكريم أو بعد أبي بكر أو بعد عمر هل كانت ستحدث فصول النزاع السياسي اللاحقة وهل كانت ستنشأ الحاجة إلى إثبات الحق الديني لعلي والسعي إلى تأصيله والغلو فيه ؟!
القول بعصمة الأئمة وقدراتهم والغلو فيهم هل له من محرك وهل له من هدف غير القضية السياسية ؟!
أهل السنة في بدايتهم هل كان يميزهم شيء غير أنهم ليسوا من الخوارج وليسوا من الشيعة ؟!
هل كان يميزهم شيء غير القول بعدالة جميع الصحابة رداً على مواقف الخوارج والشيعة من الصحابة ؟!
هل كان يميزهم شيء غير القول بالبعد عما شجر بين الصحابة . فما الذي شجر بينهم ؟!
هل شجر بينهم غير الموضوع السياسي ؟!
سيتشعب الأمر لاحقاً إلى الموضوعات العقائدية وإلى التعددية الفقهية المذهبية ، ولكن أصل ومنبع الانقسام هو الموضوع السياسي . ولاحقاً بمشيئة الله سنعرض بعض المعلومات الأساسية حول الجانب السياسي من حياة الصحابة والتي سنجد أنها مفقودة لدى أعظم كبار العلماء عند هذه الطائفة وأعظم آيات الله عند تلك الطائفة ، وأنها محجوبة خلف الوعي السياسي الغائب والبنيان الطائفي والثقافة الطائفية المضللة لدى التكفيريين السنّة ولدى بقية أهل السنة ولدى الطائفيين الشيعة .
هذه المعلومات رغم بساطتها يمكن أن تهد البنيان الطائفي وأن تضرب أهم جذوره وأسسه ومنطلقاته لدى كل من يحترم العقل والوحي ولديه معلومات أساسية حول طبيعة السياسة وطبائع البشر .
سنبدأ لاحقاً بالوعي السياسي السُني الغائب ، ثم ننتقل إلى الوعي السياسي الشيعي الغائب ،
فإلى لقاء قريب بمشيئة الله ،،،،،
خيمة الأرقم- موقوووووووف
- عدد المساهمات : 41
تاريخ التسجيل : 24/06/2015
منسوخ
سعيد الكثيري
08-1-2007 20:17
مع الوعي السياسي السُني الغائب (1)
فقط لنسأل المسلم المعاصر الذي يرفع راية السلف عن المنهج السياسي الذي يفهمه من حكم الخلفاء الراشدين ثم عن المنهج السياسي الذي يفهمه من حكم الأمويين والعباسيين والعثمانين المحسوبين على أهل السنة ، وحكم الحمدانيين والفاطميين والبويهيين والصفويين المحسوبين على الشيعة ؟!
هنا لن تجد السياسة ولا الوعي السياسي ، بل ستجد إجابات تخلط أمور العقيدة بالعبادات بالمعاملات .
السؤال هو عن المنهج السياسي أو السُنن السياسية ، وليس عن الإيمان والكفر أو الصلاة والصوم والحج .
حين نسأل عن المنهج السياسي للخلفاء الراشدين فنحن لا نسأل عن إيمانهم وصلاحهم وتقواهم وصلاتهم وصومهم وزكاتهم وحجهم ، فهذه أمور مشتركة بينهم وبين كل الصحابة وأمور مطلوبة من كل مسلم على وجه الأرض سواء كان حاكماً أو موظفاً أو تاجراً أو راعياً أو مزارعاً ، وسواء كان رجلاً أو امرأة ، وسواء كان شاباً أو رجلاً أو شيخاً .
أيضاً نحن لا نسأل عن الطرح العقائدي أو المذهب الفقهي الذي يتبعه الحاكم ، فهذه أمور مشتركة بينه وبين كل من ينتمي إلى ذات الطرح العقائدي أو المذهب الفقهي .
نحن نسأل عن أمور الحكم فقط . هذه هي الوظيفة التي ميزت الخلفاء الراشدين عن بقية الصحابة ، وميزت الحكام الأمويين والعباسيين والعثمانيين والحمدانيين والفاطميين والبويهيين والصفويين عن بقية الناس .
ما هو الفارق في المنهج السياسي أو السُنن السياسية بين الحكام الأمويين والعباسيين والعثمانيين من جهة ، وبين الحكام الحمدانيين والفاطميين والبويهيين والصفويين من جهة أخرى ؟!
في المنهج السياسي سنكتشف لاحقاً أنه لا يوجد أي فارق . الفارق يوجد في الطرح العقائدي والفقهي ، وهنا تختلط الأمور وتظهر الغشاوات الطائفية عند أهل السنّة والشيعة على حد سواء .
لو سألنا المسلم السّني المعاصر الذي يرفع راية السلف عما قاله الرسول عن منهج أو سُنن حكم الخلفاء الراشدين لقال لنا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى باتباع سنتهم ( أي منهجهم السياسي ) والعض عليها بالنواجذ . فإن سألته ما هي السنن السياسية التي طبقت في عهدهم فلن تجد جواباً سياسياً .
سيحدثك عن خيريتهم وفضلهم وورعهم وتقواهم وصلاحهم وعدلهم ولكنه لن يحدثك عن منهجهم السياسي .
لا شك أن هناك الكثير من الانطباعات المغلوطة والاستنتاجات الخاطئة حول مرحلة الخلافة الراشدة سواء عند أهل السنة أو عند الشيعة ، وذلك بسبب وجود الموقف المسبق والافتقار إلى الوعي اللازم حول طبيعة السياسة وطبائع البشر . وسيكون لنا وقفة مع تلك الانطباعات المغلوطة والاستنتاجات الخاطئة .
ومؤقتاً ، وفي سبيل التعريف بسنن الخلافة الراشدة نستطيع القول بأن الخلفاء الراشدين اتبعوا عدة طرق للوصول إلى الحكم لم يكن من بينها أبداً طريقة التغلب أو اغتصاب الحكم بحد السيف ، بل كانت تنتمي جميعها إلى أساليب التنافس السلمي وتحري القبول العام أو الغالب .
لم يقم أي خليفة راشد بتوريث الحكم إلى أحد أبنائه أو أفراد عائلته .
خلال القسم الأول من عهد الخلافة الراشدة تمت إعـاقة وإجهاض سنة تولية الأقارب ، ومن ثم فقد كان التساهل الذي حدث إزاء هـذه السنة في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه أحد أهم أسباب انهيار الخلافة الراشدة.
كانت السياسة تدخل ضمن عالم المباحات وحدثت المساءلة والمحاسبة ، خصوصاً خلال القسم الأول من عهد الخلافة الراشدة ، وتم احترام بيت المال وسرت قواعـد العدالة والمساواة على الجميع .
أي أنه بموجب سنن الخلافة الراشدة لا شرعية لحكم التغلب . لا شرعية لتوريث الأبناء وأفراد العائلة . لا شرعية للاستيلاء على بيت المال . لا شرعية لتجريم التعاطي السياسي وتحريم الخوض في أمور السياسة . لا شرعية للتفرد بأمور الأمة . لا شرعية لاحتكار فرد أو عائلة للحقوق السياسية .
هناك شرعية للاختيار . هناك شرعية للمحاسبة والمساءلة . هناك شرعية لمعيار الكفاءة . هناك شرعية للعدالة والمساواة وخضوع الجميع لأحكام الشريعة . هناك شرعية للشورى . هناك شرعية للخوض في أمور السياسة .
هذه هي السنن التي أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباعها ، حين قال : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء ( ولم يقل الصحابة ، بل خصص الخلفاء للتأكيد بأن الأمر يتصل بسنن الحكم أو السياسة ) الراشدين من بعدي ، عضوا عليها بالنواجذ . وهذه السُنن لن تتحقق مرة أخرى إلا إذا تم تطوير الوسائل والآليات وأصبح الاختيار هو الوسيلة الوحيدة المشروعة للوصول إلى الحكم .
الآن ، سنسأل المسلم السنّي المعاصر عن المنهج السياسي الذي تحقق لدى الأمويين والعباسيين والعثمانيين المحسوبين على أهل السنّة ، ولدى الحمدانيين والفاطميين والبويهيين والصفويين المحسوبين على الشيعة ؟!
ومرة أخرى ، نحن لا نسأل عن الطرح العقائدي أو المذهب الفقهي أو العبادات أو الاستقامة والمعصية بل نسأل عن المنهج والسُنن في مجال الحكم ؟!
هنا ينبغي أن نبعد الأحكام المتعلقة بالعقيدة والأحكام المتعلقة بالعبادات والأحكام المتعلقة بالسلوكيات المطلوبة من جميع المسلمين ، وأن نحصر رؤيتنا ووعينا عند قضية الحكم . فما هي السنن السياسية التي سنجدها منذ انتهاء عهد الخلفاء الراشدين إلى أن انهارت الدولتين العثمانية والصفوية ؟!
سنجد أن السيف والانتماء إلى العائلة الحاكمة أصبحا الطريقان الوحيدان للوصول إلى الحكم وللحفاظ عليه .
أصبحت أبرز وأهم مؤهلات الحاكم هي النجاح في اغتصاب إرادة الأمة .
أصبحت الوسيلة الوحيدة لانتقال الحكم هي توريثه للأبناء أو أفراد العائلة ، أو نجاح عائلة جديدة في اغتصاب إرادة الأمة .
لم يعد أمر المسلمين شورى بينهم بل أصبح أمرهم بيد العائلات الحاكمة وأصبح الخوض في الشؤون السياسية بما يخالف هوى الحاكم من المحرمات والمحظورات .
أصبح المعيار الأول للوصول إلى المناصب هو الولاء وليس الكفاءة . وبالطبع فإن الولاء موجود بصورة تلقائية وناجزة لدى الأقارب والمنتفعين والوصوليين .
لم يعد الحاكم يُسأل عما يفعل ولا تنطبق عليه وعلى الكثيرين من المقربين منه بعض أحكام الشريعة وقواعد العدالة والمساواة .
أصبح كل من يخرج عن تقديس الأسر والمجموعات الحاكمة مهدداً بالقمع والملاحقة أو التهميش والتجاهل .
أصبح الحاكم في مكانة صنمية لا مكان فيها لغير الإشادة به وتعظيمه ومدحه والخضوع له .
أصبح بيت المال أحد الأسرار التي لا يعرف تفاصيلها سوى العائلة الحاكمة ومن يرتبط بها .
هذه هي السُنن السياسية التي تحققت لدى الأمويين والعباسيين والعثمانيين المحسوبين على أهل السنّة ، وهي ذاتها السُنن السياسية التي تحققت لدى الحمدانيين والفاطميين والبويهيين والصفويين المحسوبين على الشيعة . ولكن غياب الوعي السياسي وإعمال المعايير العقائدية والفقهية على قضية الحكم غيبت عن أهل السنّة أن الحكام الأمويين والعباسيين والعثمانيين نقضوا كل سنن الخلافة الراشدة ، وغيبت عن أهل السنّة والشيعة أن هؤلاء الحكام لا يختلفون مطلقاً على صعيد السُنن السياسية عن الحكام الحمدانيين والفاطميين والبويهيين والصفويين .
وكما قلنا من قبل فإن كل المقولات والأفكار الشيعية المتعلقة بالعقيدة والعصمة والصحابة نشأت من الموضوع السياسي . ومن ثم فإن إثبات خطأ المنطلق السياسي من شأنه أن يلقي بظلاله على كل ما انبثق عن الشأن السياسي وبُني عليه .
لنعد إلى أهل السنُة ولنسألهم : ماذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن الحكم التالي لحكم الخلفاء الراشدين ، وهذا يشمل حكم الأمويين والعباسيين والعثمانين ويشمل حكم البويهيين والفاطميين والحمدانيين والصفويين ؟!
هنا يوجد الإرث الطائفي الممتد الذي لا يدرك الطائفيون حجم ثقله ومقدار تغلغله في النفوس ، وتوجد سنن حكم التغلب التي لا يدرك أهل الوعي السياسي الغائب مقدار التبعية التي توجدها تلك السنن لدى العلماء والفقهاء ومقدار ضآلة المساحة التي تبقيها لتطور الوعي السياسي والقدرة على البحث الحر في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم المتعلقة بالشأن السياسي .
لاحقاً بمشيئة الله نواصل الطرح ،،،،
08-1-2007 20:17
مع الوعي السياسي السُني الغائب (1)
فقط لنسأل المسلم المعاصر الذي يرفع راية السلف عن المنهج السياسي الذي يفهمه من حكم الخلفاء الراشدين ثم عن المنهج السياسي الذي يفهمه من حكم الأمويين والعباسيين والعثمانين المحسوبين على أهل السنة ، وحكم الحمدانيين والفاطميين والبويهيين والصفويين المحسوبين على الشيعة ؟!
هنا لن تجد السياسة ولا الوعي السياسي ، بل ستجد إجابات تخلط أمور العقيدة بالعبادات بالمعاملات .
السؤال هو عن المنهج السياسي أو السُنن السياسية ، وليس عن الإيمان والكفر أو الصلاة والصوم والحج .
حين نسأل عن المنهج السياسي للخلفاء الراشدين فنحن لا نسأل عن إيمانهم وصلاحهم وتقواهم وصلاتهم وصومهم وزكاتهم وحجهم ، فهذه أمور مشتركة بينهم وبين كل الصحابة وأمور مطلوبة من كل مسلم على وجه الأرض سواء كان حاكماً أو موظفاً أو تاجراً أو راعياً أو مزارعاً ، وسواء كان رجلاً أو امرأة ، وسواء كان شاباً أو رجلاً أو شيخاً .
أيضاً نحن لا نسأل عن الطرح العقائدي أو المذهب الفقهي الذي يتبعه الحاكم ، فهذه أمور مشتركة بينه وبين كل من ينتمي إلى ذات الطرح العقائدي أو المذهب الفقهي .
نحن نسأل عن أمور الحكم فقط . هذه هي الوظيفة التي ميزت الخلفاء الراشدين عن بقية الصحابة ، وميزت الحكام الأمويين والعباسيين والعثمانيين والحمدانيين والفاطميين والبويهيين والصفويين عن بقية الناس .
ما هو الفارق في المنهج السياسي أو السُنن السياسية بين الحكام الأمويين والعباسيين والعثمانيين من جهة ، وبين الحكام الحمدانيين والفاطميين والبويهيين والصفويين من جهة أخرى ؟!
في المنهج السياسي سنكتشف لاحقاً أنه لا يوجد أي فارق . الفارق يوجد في الطرح العقائدي والفقهي ، وهنا تختلط الأمور وتظهر الغشاوات الطائفية عند أهل السنّة والشيعة على حد سواء .
لو سألنا المسلم السّني المعاصر الذي يرفع راية السلف عما قاله الرسول عن منهج أو سُنن حكم الخلفاء الراشدين لقال لنا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى باتباع سنتهم ( أي منهجهم السياسي ) والعض عليها بالنواجذ . فإن سألته ما هي السنن السياسية التي طبقت في عهدهم فلن تجد جواباً سياسياً .
سيحدثك عن خيريتهم وفضلهم وورعهم وتقواهم وصلاحهم وعدلهم ولكنه لن يحدثك عن منهجهم السياسي .
لا شك أن هناك الكثير من الانطباعات المغلوطة والاستنتاجات الخاطئة حول مرحلة الخلافة الراشدة سواء عند أهل السنة أو عند الشيعة ، وذلك بسبب وجود الموقف المسبق والافتقار إلى الوعي اللازم حول طبيعة السياسة وطبائع البشر . وسيكون لنا وقفة مع تلك الانطباعات المغلوطة والاستنتاجات الخاطئة .
ومؤقتاً ، وفي سبيل التعريف بسنن الخلافة الراشدة نستطيع القول بأن الخلفاء الراشدين اتبعوا عدة طرق للوصول إلى الحكم لم يكن من بينها أبداً طريقة التغلب أو اغتصاب الحكم بحد السيف ، بل كانت تنتمي جميعها إلى أساليب التنافس السلمي وتحري القبول العام أو الغالب .
لم يقم أي خليفة راشد بتوريث الحكم إلى أحد أبنائه أو أفراد عائلته .
خلال القسم الأول من عهد الخلافة الراشدة تمت إعـاقة وإجهاض سنة تولية الأقارب ، ومن ثم فقد كان التساهل الذي حدث إزاء هـذه السنة في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه أحد أهم أسباب انهيار الخلافة الراشدة.
كانت السياسة تدخل ضمن عالم المباحات وحدثت المساءلة والمحاسبة ، خصوصاً خلال القسم الأول من عهد الخلافة الراشدة ، وتم احترام بيت المال وسرت قواعـد العدالة والمساواة على الجميع .
أي أنه بموجب سنن الخلافة الراشدة لا شرعية لحكم التغلب . لا شرعية لتوريث الأبناء وأفراد العائلة . لا شرعية للاستيلاء على بيت المال . لا شرعية لتجريم التعاطي السياسي وتحريم الخوض في أمور السياسة . لا شرعية للتفرد بأمور الأمة . لا شرعية لاحتكار فرد أو عائلة للحقوق السياسية .
هناك شرعية للاختيار . هناك شرعية للمحاسبة والمساءلة . هناك شرعية لمعيار الكفاءة . هناك شرعية للعدالة والمساواة وخضوع الجميع لأحكام الشريعة . هناك شرعية للشورى . هناك شرعية للخوض في أمور السياسة .
هذه هي السنن التي أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباعها ، حين قال : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء ( ولم يقل الصحابة ، بل خصص الخلفاء للتأكيد بأن الأمر يتصل بسنن الحكم أو السياسة ) الراشدين من بعدي ، عضوا عليها بالنواجذ . وهذه السُنن لن تتحقق مرة أخرى إلا إذا تم تطوير الوسائل والآليات وأصبح الاختيار هو الوسيلة الوحيدة المشروعة للوصول إلى الحكم .
الآن ، سنسأل المسلم السنّي المعاصر عن المنهج السياسي الذي تحقق لدى الأمويين والعباسيين والعثمانيين المحسوبين على أهل السنّة ، ولدى الحمدانيين والفاطميين والبويهيين والصفويين المحسوبين على الشيعة ؟!
ومرة أخرى ، نحن لا نسأل عن الطرح العقائدي أو المذهب الفقهي أو العبادات أو الاستقامة والمعصية بل نسأل عن المنهج والسُنن في مجال الحكم ؟!
هنا ينبغي أن نبعد الأحكام المتعلقة بالعقيدة والأحكام المتعلقة بالعبادات والأحكام المتعلقة بالسلوكيات المطلوبة من جميع المسلمين ، وأن نحصر رؤيتنا ووعينا عند قضية الحكم . فما هي السنن السياسية التي سنجدها منذ انتهاء عهد الخلفاء الراشدين إلى أن انهارت الدولتين العثمانية والصفوية ؟!
سنجد أن السيف والانتماء إلى العائلة الحاكمة أصبحا الطريقان الوحيدان للوصول إلى الحكم وللحفاظ عليه .
أصبحت أبرز وأهم مؤهلات الحاكم هي النجاح في اغتصاب إرادة الأمة .
أصبحت الوسيلة الوحيدة لانتقال الحكم هي توريثه للأبناء أو أفراد العائلة ، أو نجاح عائلة جديدة في اغتصاب إرادة الأمة .
لم يعد أمر المسلمين شورى بينهم بل أصبح أمرهم بيد العائلات الحاكمة وأصبح الخوض في الشؤون السياسية بما يخالف هوى الحاكم من المحرمات والمحظورات .
أصبح المعيار الأول للوصول إلى المناصب هو الولاء وليس الكفاءة . وبالطبع فإن الولاء موجود بصورة تلقائية وناجزة لدى الأقارب والمنتفعين والوصوليين .
لم يعد الحاكم يُسأل عما يفعل ولا تنطبق عليه وعلى الكثيرين من المقربين منه بعض أحكام الشريعة وقواعد العدالة والمساواة .
أصبح كل من يخرج عن تقديس الأسر والمجموعات الحاكمة مهدداً بالقمع والملاحقة أو التهميش والتجاهل .
أصبح الحاكم في مكانة صنمية لا مكان فيها لغير الإشادة به وتعظيمه ومدحه والخضوع له .
أصبح بيت المال أحد الأسرار التي لا يعرف تفاصيلها سوى العائلة الحاكمة ومن يرتبط بها .
هذه هي السُنن السياسية التي تحققت لدى الأمويين والعباسيين والعثمانيين المحسوبين على أهل السنّة ، وهي ذاتها السُنن السياسية التي تحققت لدى الحمدانيين والفاطميين والبويهيين والصفويين المحسوبين على الشيعة . ولكن غياب الوعي السياسي وإعمال المعايير العقائدية والفقهية على قضية الحكم غيبت عن أهل السنّة أن الحكام الأمويين والعباسيين والعثمانيين نقضوا كل سنن الخلافة الراشدة ، وغيبت عن أهل السنّة والشيعة أن هؤلاء الحكام لا يختلفون مطلقاً على صعيد السُنن السياسية عن الحكام الحمدانيين والفاطميين والبويهيين والصفويين .
وكما قلنا من قبل فإن كل المقولات والأفكار الشيعية المتعلقة بالعقيدة والعصمة والصحابة نشأت من الموضوع السياسي . ومن ثم فإن إثبات خطأ المنطلق السياسي من شأنه أن يلقي بظلاله على كل ما انبثق عن الشأن السياسي وبُني عليه .
لنعد إلى أهل السنُة ولنسألهم : ماذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن الحكم التالي لحكم الخلفاء الراشدين ، وهذا يشمل حكم الأمويين والعباسيين والعثمانين ويشمل حكم البويهيين والفاطميين والحمدانيين والصفويين ؟!
هنا يوجد الإرث الطائفي الممتد الذي لا يدرك الطائفيون حجم ثقله ومقدار تغلغله في النفوس ، وتوجد سنن حكم التغلب التي لا يدرك أهل الوعي السياسي الغائب مقدار التبعية التي توجدها تلك السنن لدى العلماء والفقهاء ومقدار ضآلة المساحة التي تبقيها لتطور الوعي السياسي والقدرة على البحث الحر في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم المتعلقة بالشأن السياسي .
لاحقاً بمشيئة الله نواصل الطرح ،،،،
خيمة الأرقم- موقوووووووف
- عدد المساهمات : 41
تاريخ التسجيل : 24/06/2015
منسوخ
سعيد الكثيري
09-1-2007 08:34
مع الوعي السياسي السُني الغائب (2)
وقفنا عند السؤال عما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم عن الحكم التالي لحكم الخلفاء الراشدين ، وهذا يشمل حكم الأمويين والعباسيين والعثمانين ويشمل حكم البويهيين والفاطميين والحمدانيين والصفويين ؟!
وقلنا إنه هنا يوجد الإرث الطائفي الممتد الذي لا يدرك الطائفيون حجم ثقله ومقدار تغلغله في النفوس ، وتوجد سنن حكم التغلب التي لا يدرك أهل الوعي السياسي الغائب مقدار التبعية التي توجدها تلك السنن لدى العلماء والفقهاء ومقدار ضآلة المساحة التي تبقيها لتطور الوعي السياسي والقدرة على البحث الحر في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم المتعلقة بالشأن السياسي .
في عصرنا ظهر الإنترنت وخسف بالكثير من قيود أهل التغلب ، في حين أن بعض أئمتنا الكبار أوذوا أو عذبوا أو ماتوا في السجن على أيدي حكام التغلب بسبب مواقف بعضها غير سياسية ، فكيف بالمواقف السياسية ؟!.
الفكر السياسي والتجارب السياسية تطورت إلى درجة أن أبسط الكتاب في عصرنا يستطيع أن يتجاوز بوعيه السياسي أعظم العلماء والفقهاء المسلمين وغير المسلمين فيما مضى . معطيات الحياة ووسائل الاتصال والنقل والنشر والتعليم تطورت إلى حد أن اختيار الحاكم أصبح مسألة في منتهى السهولة من الناحية العملية ، بينما كان في الماضي أمراً مثالياً أو شبه مثالي .
لننظر إلى أبرز علمائنا السابقين الذين تناولوا الشأن السياسي بأية صوره . الإمام أبو حنيفة ، الإمام مالك ، الإمام الشافعي ، الإمام أحمد ، الماوردي ، ابن تيمية ، ابن القيم . ما مدى وعيهم السياسي ، وما هي حدود الحرية التي كانت متاحة لهم لتناول الشأن السياسي ، وما هي التجارب البشرية التي كان يمكن أن تثري وعيهم السياسي ، وما هي وسائل النقل والاتصال والنشر والإعلام التي كان يمكن أن تثري تصوراتهم للحلول العملية والبدائل ؟!
مهما كانوا أئمة في الفقه أو العقيدة ، ومهما كان وعيهم السياسي متطوراً في زمانهم ، فإن وعيهم السياسي يعد وعياً بسيطاً ومحدوداً إذا قسناه بمعطيات زماننا والمعلومات التي توافرت لنا والحرية النسبية التي أتيحت لنا والتجارب البشرية التي عرفناها . وهذا أمر ينطبق على أهل السُنة وعلى الشيعة وعلى كل طوائف الدنيا من كل الملل والنحل .
وبالمقابل ، لننظر إلى أبرز الأسماء المعاصرة التي يتعاطى أصحابها مع الشأن السياسي من منطلق ديني . أعضاء هيئة كبار العلماء ، شاغلو مناصب الإفتاء في الدول العربية ، ابن لادن والظواهري . خامنئي ، السيستاني ، أحمدي نجاد ، حسن نصر الله ، مقتدى الصدر . ما مدى وعيهم السياسي ، وما هي حدود الحرية والاستقلالية المتاحة لهم ، وهل هم أهل وعي بعصرهم أم أهل انقطاع عن العصر وتعصب طائفي شديد ؟!!
لنعد في ضوء ذلك إلى أهل السُنة ولنسألهم عما قاله الرسول عن الحكم التالي لحكم الخلفاء الراشدين ؟!
قال إنه مُلك عضوض ومُلك جبري . وصف لحظة الانتقال من الخلافة إلى المُلك بأنها نقض لعروة من عرى الإسلام ، حيث قال " لتنقضن عرى هذا الدين عروة عروة ، فكلما نقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها ، فأولهن نقضاً الحكم ، وآخرهن الصلاة " ، ووصف مؤسسي المُلك بأنهم فئة باغية تدعو إلى النار ، حيث قال عن عمار بن ياسر في أحاديث واردة في الصحيحين وكتب السُنن " ويح عمار ، تقتله الفئة الباغية ، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار " .
هذه الأحاديث رغم وضوحها ودلالاتها المباشرة وموثوقيتها إلا أنها محجوبة لدى أهل السنة بالكثير من الحواجز المذهبية والسياسية .
أول هذه الحواجز هي أن دلالاتها المباشرة تبدو خادمة للمقولات الشيعية التي يصادم بعضها أصولاً اعتقادية وآيات قرآنية وأحاديث نبوية . وقد أسهم عدم الوعي السياسي الكافي بالاختلاف الجذري الهائل بين السنن السياسية التي تحققت في عهد الخلفاء الراشدين ثم في العهود التي تلتهم في إبقاء محاذير ومخاطر الاخذ بالدلالات المباشرة للأحاديث النبوية الواردة بشأن الحكم التالي لعهد الخلفاء الراشدين .
ثاني هذه الحواجز هو حاجز النيل من بعض الصحابة ، مثل معاوية وعمرو بن العاص ، خصوصاً وأن الأحاديث تشير إلى نقض عروة من عرى الدين والدعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها . وهذا الحاجز ينبع من الخلط بين أمور العقيدة والعبادة والمعاملة عند الحكم على الحكام فيما يخص شؤون الحكم .
الأحاديث التي أشارت إلى نقض عروة من عرى الإسلام وهي عروة الحكم ، والدعوة إلى سبب من أسباب النار ، لا يعني مدلولها أن ناقضي عروة الحكم والداعين إلى سبب من أسباب النار ليسوا مسلمين وليسوا مؤمنين بالقرآن أو بالنبوة وليسوا من أهل العبادة وليسوا من الحريصين على المسلمين بحسب فهمهم وغالبية جهودهم ، بل يعني مدلول الأحاديث أنهم فيما يخص الحكم دون سواه نقضوا سنن الخلافة الراشدة أو عروة الحكم أو قيم الإسلام في مجال الحكم وأن هذا النقض يعد سبباً من أسباب النار مثلما أن السرقة أو القتل أو سائر المعاصي من أسباب النار ، ولكنه لا يمكن الحكم على مرتكبها بأنه من أهل النار ولا يصح إدخال معايير العقائد والعبادات هنا ، فالأحاديث إنما خصت قضية الحكم وحدها .
وبالفعل فأهل التغلب منذ عهد بني أمية نقضوا كل سنن الخلافة الراشدة ومجمل قيم الإسلام الكبرى في مجال الحكم . والتاريخ يؤكد ذلك وأقوال الرسول الكريم تنطق بذلك .
ثالث الحواجز هو حاجز سطوة أهل التغلب ، فبعضهم لا يترددون في قتل آبائهم أو أبنائهم أو إخوتهم في سبيل الاحتفاظ بالحكم ودرء مخاطر نزع مشروعيتهم أو التشكيك فيها ، وبعض كبار علمائنا تعرضوا للأذى والتعذيب في قضايا أهون وأقل شأنا من القضايا السياسية المباشرة .
رابع الحواجز هو حاجز الخلط بين متطلبات التصحيح الثقافي والتغيير الواقعي ، فحين تتحدث عن هذه الأقوال المباشرة والصريحة للرسول الكريم حول حكم التغلب تقفز مباشرة إلى السطح قضايا المصلحة ودرء الفتنة والتركيز على الإيجابيات ، وكأن المطلوب هو القيام بتغيير فوري لأنظمة الحكم ، في حين أن المطلوب هو التصحيح الثقافي الطويل بالوسائل السلمية الممكنة إلى أن تشيع بين الناس ثقافة تؤهلهم لخدمة وتحقيق سنن الخلافة الراشدة في إطار أوضاع ومعطيات عصرهم . أما قبل ذلك فالتغيير لن يقود إلا إلى الإتيان بمتغلبين آخرين أو الوقوع في الحروب الأهلية .
الناس لن تتغير نحو سنن الخلافة الراشدة إلا بعد أن تتغير ثقافتهم وتصبح ثقافة سنن الخلافة الراشدة من منظور عصرهم وزمانهم ثقافة شائعة وغالبة ، أما قبل ذلك فالتغيير لن يؤدي إلا إلى تغيير الحكام لا تغيير السنن ، وفي الغالب سيؤدي إلى الفتنة والمساس بمصالح الناس دون جدوى . ولكن هذا التمييز بين متطلبات التصحيح الثقافي والتغيير الواقعي لا يصح أن يكون مدعاة لتأجيل التصحيح الثقافي أو تسويفه ، فالمسلمون يعيشون تحت حالة المُلك العضوض والمُلك الجبري ويرثون نقضاً لعروة من عرى الإسلام وهي عروة الحكم ويرثون سبباً من أسباب النار ، ولا مجال لتسويف أو تأجيل التصحيح الثقافي بكل وسيلة ممكنة إلا إذا طاب للمسلمين أن يستحقوا كل هذه التوصيفات ، أما التغيير الواقعي فهنا يحتاج الأمر إلى الحكمة وإلى تحري المصالح ودرء الفتنة . وحين تشيع بين الناس ثقافة سنن الخلافة الراشدة وفق معطيات عصرهم وزمانهم فإن التغيير يمكن أن يحدث بأقل الأثمان ، ولن يؤدي إلى هدر المصالح أو الفتنة إلا بصورة وقتية وانتقالية نحو تحقيق المصالح والخروج من الفتنة وإعادة تحقيق سنن الخلافة الراشدة .
وإذن فالمهم والعاجل هو تحقيق الإصلاح الثقافي باتجاه سنن الخلافة الراشدة التي أوصانا الرسول الكريم باتباعها والعض عليها بالنواجذ ووصف ما تلاها بأنه مُلك عضوض وجبري ونقض لعروة من عرى الإسلام ودعوة إلى سبب من أسباب النار ، أما الآجل والذي يستدعي الحكمة والهدوء والانتظار فهو التغيير الواقعي الذي قد يأتي بصورة شبه تلقائية بقدر نجاح وعمق التصحيح الثقافي .
خامس الحواجز التي كانت تحول دون استحضار الدلالات المباشرة لأحاديث الرسول المتعلقة بالحكم هو حاجز الأحاديث التي تحث على الطاعة حتى وإن تعرض المرء للجلد أو ولي عليه عبد حبشي . وهذه الأحاديث يساء فهمها بسبب كل الحواجز السابقة وعلى رأسها حاجز الخلط بين التصحيح الثقافي والتغيير الفعلي لأنظمة الحكم . فهذه الأحاديث لم ترد إلا في معرض إشارة الرسول إلى أزمنة الفتن . ومن أبرز الفتن أن يتجه الناس نحو تغيير أنظمة الحكم أو مجابهتها أو الخروج عليها قبل التصحيح الثقافي . لا فائدة من الخروج على حكم إذا كانت ثقافة الناس لا تنتج إلا هذا الحكم . أما إذا كانت ثقافة الناس قد أصبحت مؤهلة لأن تنتج سنن الخلافة الراشدة فإن الفتنة ستنشأ من عدم التغيير لا من التغيير .
وهكذا فإن أحاديث الحث على طاعة أئمة الجور وردت في معرض الحديث عن زمن الفتنة . فهي إذن أحاديث خاصة بوضع مرحلي معين ، وكأنها تستهدف التأكيد على أسبقية التصحيح الثقافي وتأهيل الناس نحو التغيير الإيجابي الذي يحميهم من الوقوع في فتنة التغيير الفعلي قبل تغيير وعيهم ومداركهم وثقافتهم السياسية .
من يقوم بالتصحيح الثقافي ؟!
العلماء وطلبة العلم وكل قادر بحسب استطاعته .
سادس الحواجز التي كانت تحول دون استحضار الدلالات المباشرة لأحاديث الرسول المتعلقة بالحكم هو حاجز معطيات الزمان والمكان فيما مضى . لا يوجد ما هو أسهل وأسرع من اللجوء إلى السيف لإنشاء نظام حكم ، ولم يكن يوجد ما هو أصعب من جمع الناس من الصين إلى الأندلس أو جمع ممثليهم ليختاروا الحاكم .
وسائل النقل والاتصال والنشر والإعلام ومستويات الوعي السياسي والتنظيمي والتعليمي كانت بمثابة حواجز زمانية ومكانية عميقة في وجه تحقيق سنن الخلافة الراشدة . أما في عصرنا فهذه الحواجز زال معظمها . وبالتالي فقد أصبح اختيار ممثلي الناس واختيار الحاكم والتواصل وقياس الرأي العام وإنشاء المؤسسات والتنظيمات السياسية أمراً في غاية السهولة بمجرد أن تتحقق الإرادة وتشيع الثقافة الدافعة باتجاه هذه التغييرات .
لأجل كل هذه الحواجز نحن نرث سنن الملك العضوض ونعيش سنن الحكم الجبري ونرث نقضاً لعروة من عرى الإسلام ونرث دعوة إلى سبب من أسباب النار ولا نتبع سنن الخلفاء الراشدين ولا نعض عليها بالنواجذ .
لاحقاً بمشيئة الله سننتقل إلى الوعي السياسي الشيعي الغائب ،،،،
09-1-2007 08:34
مع الوعي السياسي السُني الغائب (2)
وقفنا عند السؤال عما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم عن الحكم التالي لحكم الخلفاء الراشدين ، وهذا يشمل حكم الأمويين والعباسيين والعثمانين ويشمل حكم البويهيين والفاطميين والحمدانيين والصفويين ؟!
وقلنا إنه هنا يوجد الإرث الطائفي الممتد الذي لا يدرك الطائفيون حجم ثقله ومقدار تغلغله في النفوس ، وتوجد سنن حكم التغلب التي لا يدرك أهل الوعي السياسي الغائب مقدار التبعية التي توجدها تلك السنن لدى العلماء والفقهاء ومقدار ضآلة المساحة التي تبقيها لتطور الوعي السياسي والقدرة على البحث الحر في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم المتعلقة بالشأن السياسي .
في عصرنا ظهر الإنترنت وخسف بالكثير من قيود أهل التغلب ، في حين أن بعض أئمتنا الكبار أوذوا أو عذبوا أو ماتوا في السجن على أيدي حكام التغلب بسبب مواقف بعضها غير سياسية ، فكيف بالمواقف السياسية ؟!.
الفكر السياسي والتجارب السياسية تطورت إلى درجة أن أبسط الكتاب في عصرنا يستطيع أن يتجاوز بوعيه السياسي أعظم العلماء والفقهاء المسلمين وغير المسلمين فيما مضى . معطيات الحياة ووسائل الاتصال والنقل والنشر والتعليم تطورت إلى حد أن اختيار الحاكم أصبح مسألة في منتهى السهولة من الناحية العملية ، بينما كان في الماضي أمراً مثالياً أو شبه مثالي .
لننظر إلى أبرز علمائنا السابقين الذين تناولوا الشأن السياسي بأية صوره . الإمام أبو حنيفة ، الإمام مالك ، الإمام الشافعي ، الإمام أحمد ، الماوردي ، ابن تيمية ، ابن القيم . ما مدى وعيهم السياسي ، وما هي حدود الحرية التي كانت متاحة لهم لتناول الشأن السياسي ، وما هي التجارب البشرية التي كان يمكن أن تثري وعيهم السياسي ، وما هي وسائل النقل والاتصال والنشر والإعلام التي كان يمكن أن تثري تصوراتهم للحلول العملية والبدائل ؟!
مهما كانوا أئمة في الفقه أو العقيدة ، ومهما كان وعيهم السياسي متطوراً في زمانهم ، فإن وعيهم السياسي يعد وعياً بسيطاً ومحدوداً إذا قسناه بمعطيات زماننا والمعلومات التي توافرت لنا والحرية النسبية التي أتيحت لنا والتجارب البشرية التي عرفناها . وهذا أمر ينطبق على أهل السُنة وعلى الشيعة وعلى كل طوائف الدنيا من كل الملل والنحل .
وبالمقابل ، لننظر إلى أبرز الأسماء المعاصرة التي يتعاطى أصحابها مع الشأن السياسي من منطلق ديني . أعضاء هيئة كبار العلماء ، شاغلو مناصب الإفتاء في الدول العربية ، ابن لادن والظواهري . خامنئي ، السيستاني ، أحمدي نجاد ، حسن نصر الله ، مقتدى الصدر . ما مدى وعيهم السياسي ، وما هي حدود الحرية والاستقلالية المتاحة لهم ، وهل هم أهل وعي بعصرهم أم أهل انقطاع عن العصر وتعصب طائفي شديد ؟!!
لنعد في ضوء ذلك إلى أهل السُنة ولنسألهم عما قاله الرسول عن الحكم التالي لحكم الخلفاء الراشدين ؟!
قال إنه مُلك عضوض ومُلك جبري . وصف لحظة الانتقال من الخلافة إلى المُلك بأنها نقض لعروة من عرى الإسلام ، حيث قال " لتنقضن عرى هذا الدين عروة عروة ، فكلما نقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها ، فأولهن نقضاً الحكم ، وآخرهن الصلاة " ، ووصف مؤسسي المُلك بأنهم فئة باغية تدعو إلى النار ، حيث قال عن عمار بن ياسر في أحاديث واردة في الصحيحين وكتب السُنن " ويح عمار ، تقتله الفئة الباغية ، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار " .
هذه الأحاديث رغم وضوحها ودلالاتها المباشرة وموثوقيتها إلا أنها محجوبة لدى أهل السنة بالكثير من الحواجز المذهبية والسياسية .
أول هذه الحواجز هي أن دلالاتها المباشرة تبدو خادمة للمقولات الشيعية التي يصادم بعضها أصولاً اعتقادية وآيات قرآنية وأحاديث نبوية . وقد أسهم عدم الوعي السياسي الكافي بالاختلاف الجذري الهائل بين السنن السياسية التي تحققت في عهد الخلفاء الراشدين ثم في العهود التي تلتهم في إبقاء محاذير ومخاطر الاخذ بالدلالات المباشرة للأحاديث النبوية الواردة بشأن الحكم التالي لعهد الخلفاء الراشدين .
ثاني هذه الحواجز هو حاجز النيل من بعض الصحابة ، مثل معاوية وعمرو بن العاص ، خصوصاً وأن الأحاديث تشير إلى نقض عروة من عرى الدين والدعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها . وهذا الحاجز ينبع من الخلط بين أمور العقيدة والعبادة والمعاملة عند الحكم على الحكام فيما يخص شؤون الحكم .
الأحاديث التي أشارت إلى نقض عروة من عرى الإسلام وهي عروة الحكم ، والدعوة إلى سبب من أسباب النار ، لا يعني مدلولها أن ناقضي عروة الحكم والداعين إلى سبب من أسباب النار ليسوا مسلمين وليسوا مؤمنين بالقرآن أو بالنبوة وليسوا من أهل العبادة وليسوا من الحريصين على المسلمين بحسب فهمهم وغالبية جهودهم ، بل يعني مدلول الأحاديث أنهم فيما يخص الحكم دون سواه نقضوا سنن الخلافة الراشدة أو عروة الحكم أو قيم الإسلام في مجال الحكم وأن هذا النقض يعد سبباً من أسباب النار مثلما أن السرقة أو القتل أو سائر المعاصي من أسباب النار ، ولكنه لا يمكن الحكم على مرتكبها بأنه من أهل النار ولا يصح إدخال معايير العقائد والعبادات هنا ، فالأحاديث إنما خصت قضية الحكم وحدها .
وبالفعل فأهل التغلب منذ عهد بني أمية نقضوا كل سنن الخلافة الراشدة ومجمل قيم الإسلام الكبرى في مجال الحكم . والتاريخ يؤكد ذلك وأقوال الرسول الكريم تنطق بذلك .
ثالث الحواجز هو حاجز سطوة أهل التغلب ، فبعضهم لا يترددون في قتل آبائهم أو أبنائهم أو إخوتهم في سبيل الاحتفاظ بالحكم ودرء مخاطر نزع مشروعيتهم أو التشكيك فيها ، وبعض كبار علمائنا تعرضوا للأذى والتعذيب في قضايا أهون وأقل شأنا من القضايا السياسية المباشرة .
رابع الحواجز هو حاجز الخلط بين متطلبات التصحيح الثقافي والتغيير الواقعي ، فحين تتحدث عن هذه الأقوال المباشرة والصريحة للرسول الكريم حول حكم التغلب تقفز مباشرة إلى السطح قضايا المصلحة ودرء الفتنة والتركيز على الإيجابيات ، وكأن المطلوب هو القيام بتغيير فوري لأنظمة الحكم ، في حين أن المطلوب هو التصحيح الثقافي الطويل بالوسائل السلمية الممكنة إلى أن تشيع بين الناس ثقافة تؤهلهم لخدمة وتحقيق سنن الخلافة الراشدة في إطار أوضاع ومعطيات عصرهم . أما قبل ذلك فالتغيير لن يقود إلا إلى الإتيان بمتغلبين آخرين أو الوقوع في الحروب الأهلية .
الناس لن تتغير نحو سنن الخلافة الراشدة إلا بعد أن تتغير ثقافتهم وتصبح ثقافة سنن الخلافة الراشدة من منظور عصرهم وزمانهم ثقافة شائعة وغالبة ، أما قبل ذلك فالتغيير لن يؤدي إلا إلى تغيير الحكام لا تغيير السنن ، وفي الغالب سيؤدي إلى الفتنة والمساس بمصالح الناس دون جدوى . ولكن هذا التمييز بين متطلبات التصحيح الثقافي والتغيير الواقعي لا يصح أن يكون مدعاة لتأجيل التصحيح الثقافي أو تسويفه ، فالمسلمون يعيشون تحت حالة المُلك العضوض والمُلك الجبري ويرثون نقضاً لعروة من عرى الإسلام وهي عروة الحكم ويرثون سبباً من أسباب النار ، ولا مجال لتسويف أو تأجيل التصحيح الثقافي بكل وسيلة ممكنة إلا إذا طاب للمسلمين أن يستحقوا كل هذه التوصيفات ، أما التغيير الواقعي فهنا يحتاج الأمر إلى الحكمة وإلى تحري المصالح ودرء الفتنة . وحين تشيع بين الناس ثقافة سنن الخلافة الراشدة وفق معطيات عصرهم وزمانهم فإن التغيير يمكن أن يحدث بأقل الأثمان ، ولن يؤدي إلى هدر المصالح أو الفتنة إلا بصورة وقتية وانتقالية نحو تحقيق المصالح والخروج من الفتنة وإعادة تحقيق سنن الخلافة الراشدة .
وإذن فالمهم والعاجل هو تحقيق الإصلاح الثقافي باتجاه سنن الخلافة الراشدة التي أوصانا الرسول الكريم باتباعها والعض عليها بالنواجذ ووصف ما تلاها بأنه مُلك عضوض وجبري ونقض لعروة من عرى الإسلام ودعوة إلى سبب من أسباب النار ، أما الآجل والذي يستدعي الحكمة والهدوء والانتظار فهو التغيير الواقعي الذي قد يأتي بصورة شبه تلقائية بقدر نجاح وعمق التصحيح الثقافي .
خامس الحواجز التي كانت تحول دون استحضار الدلالات المباشرة لأحاديث الرسول المتعلقة بالحكم هو حاجز الأحاديث التي تحث على الطاعة حتى وإن تعرض المرء للجلد أو ولي عليه عبد حبشي . وهذه الأحاديث يساء فهمها بسبب كل الحواجز السابقة وعلى رأسها حاجز الخلط بين التصحيح الثقافي والتغيير الفعلي لأنظمة الحكم . فهذه الأحاديث لم ترد إلا في معرض إشارة الرسول إلى أزمنة الفتن . ومن أبرز الفتن أن يتجه الناس نحو تغيير أنظمة الحكم أو مجابهتها أو الخروج عليها قبل التصحيح الثقافي . لا فائدة من الخروج على حكم إذا كانت ثقافة الناس لا تنتج إلا هذا الحكم . أما إذا كانت ثقافة الناس قد أصبحت مؤهلة لأن تنتج سنن الخلافة الراشدة فإن الفتنة ستنشأ من عدم التغيير لا من التغيير .
وهكذا فإن أحاديث الحث على طاعة أئمة الجور وردت في معرض الحديث عن زمن الفتنة . فهي إذن أحاديث خاصة بوضع مرحلي معين ، وكأنها تستهدف التأكيد على أسبقية التصحيح الثقافي وتأهيل الناس نحو التغيير الإيجابي الذي يحميهم من الوقوع في فتنة التغيير الفعلي قبل تغيير وعيهم ومداركهم وثقافتهم السياسية .
من يقوم بالتصحيح الثقافي ؟!
العلماء وطلبة العلم وكل قادر بحسب استطاعته .
سادس الحواجز التي كانت تحول دون استحضار الدلالات المباشرة لأحاديث الرسول المتعلقة بالحكم هو حاجز معطيات الزمان والمكان فيما مضى . لا يوجد ما هو أسهل وأسرع من اللجوء إلى السيف لإنشاء نظام حكم ، ولم يكن يوجد ما هو أصعب من جمع الناس من الصين إلى الأندلس أو جمع ممثليهم ليختاروا الحاكم .
وسائل النقل والاتصال والنشر والإعلام ومستويات الوعي السياسي والتنظيمي والتعليمي كانت بمثابة حواجز زمانية ومكانية عميقة في وجه تحقيق سنن الخلافة الراشدة . أما في عصرنا فهذه الحواجز زال معظمها . وبالتالي فقد أصبح اختيار ممثلي الناس واختيار الحاكم والتواصل وقياس الرأي العام وإنشاء المؤسسات والتنظيمات السياسية أمراً في غاية السهولة بمجرد أن تتحقق الإرادة وتشيع الثقافة الدافعة باتجاه هذه التغييرات .
لأجل كل هذه الحواجز نحن نرث سنن الملك العضوض ونعيش سنن الحكم الجبري ونرث نقضاً لعروة من عرى الإسلام ونرث دعوة إلى سبب من أسباب النار ولا نتبع سنن الخلفاء الراشدين ولا نعض عليها بالنواجذ .
لاحقاً بمشيئة الله سننتقل إلى الوعي السياسي الشيعي الغائب ،،،،
خيمة الأرقم- موقوووووووف
- عدد المساهمات : 41
تاريخ التسجيل : 24/06/2015
منسوخ
سعيد الكثيري
09-1-2007 20:42
مع الوعي السياسي الشيعي الغائب (1)
الشيعة يستندون إلى أدلة قرآنية ونبوية حول الإمامة . بعض هذه الأدلة غير مباشرة وبعضها تتعلق بالمكانة والمنزلة الدينية ، إلا أن بعضها له إيحاءات سياسية مباشرة ، مثل حديث الغدير المثبت في الكثير من التفاسير وكتب الحديث . وفي المقابل فإن التفسير الشيعي يهدم الشورى ويلغيها . فأيهما هو أساس المشروعية السياسية في الإسلام : الشورى أم ( الأئمة المعصومين ) من آل البيت ؟!
الشورى لا تحتمل عقيدة الأئمة المعصومين ، فهل تحتمل الأدلة التي يسوقها الشيعة حول علي كرم الله وجهه مثل حديث الغدير ؟!
نعم ، تحتملها إلى حد بعيد ، ولكن بعد إعادة التفسير من استخلاف علي إلى تأهيله وتزكيته واستبطان أحداث الفتنة الكبرى والإرشاد إلى كيفية الخروج منها .
الأهم من ذلك أننا ونحن نتحدث عن الدين لا نتحدث عن فكرة تصلح لقرن أو قرنين ، بل نتحدث عما جاء به الدين العالمي والرسالة الخاتمة ليصلح أساساً للمشروعية السياسية للبشر أجمعين إلى قيام الساعة . هذه هي القضية الكبرى التي ينبغي أن تناقش المسألة السياسية من خلالها .
هذا الذي يؤمن بالأئمة المعصومين وأن الإمامة بالنص لعلي وبعض آل بيته رضوان الله عليهم ، هل يقدم منطلقاً سياسياً عالمياً ينسجم مع عالمية رسالة الإسلام ويصلح للتطبيق في كل زمان ومكان ؟!
هذا السؤال البسيط يكفي لحسم المسألة وهد البنيان الطائفي الشيعي لو أن القضية يحكمها العقل والمنطق والمقارنة بين حقائق الدين ومقولات الطائفة .
لنفترض أن فكرة الأئمة المعصومين كانت قابلة للتطبيق إلى حين اختفاء الإمام الثاني عشر بحسب الاعتقاد الشيعي في القرن الثالث الهجري أو في عام 260هـ . فما الذي كان متاحاً للدين العالمي ( الإسلام ) أن يقدمه للناس على صعيد السياسة منذ عام 260هـ إلى عام 1427هـ ؟!!
هل يعقل في دين عالمي ورسالة خاتمة أراد لها الله أن تخاطب البشر إلى قيام الساعة أن يكون المعتقد السياسي ( الذي يعد أصلاً من أصول الدين عند الشيعة ) صالحاً لمدة 260 عاماً ثم يصبح غير ممكن وغير متاح للتطبيق على مدى 1167 عاماً ؟!!
لا يحتاج المرء إلا إلى النظر إلى الطرح السياسي الشيعي في إطار خصائص رسالة الإسلام ، وذلك من حيث الطابع العالمي الممتد إلى قيام الساعة وختم النبوة ، لكي يتيقن بأن الطرح السياسي الشيعي هو وليد مرحلة تاريخية سرعان ما أثبت الزمن تاريخيته .
بالطبع فإن الطائفي الشيعي مسلح بتراث عريض يخفف لديه حدة هذه الإشكالية ويؤهله للتغطية عليها بالعديد من أنصاف الحجج . ولكن الذي لا يتنبه إليه الطائفي الشيعي هو أن الطائفيين الشيعة قبل غيرهم يثبتون من خلال تجاربهم تاريخية فكرة الأئمة المعصومين وبشريتها وعدم صلاحيتها لكل زمان ومكان . بل ويثبتون قدسية قيمة الشورى وطابعها الديني وصلاحيتها لكل زمان ومكان .
لنفترض أن كبار رموز آل البيت ( علي والحسن والحسين ) قصروا في إيضاح حقيقة ومركزية وقدسية فكرة الأئمة المعصومين وكونها أصلاً من أصول الدين لا يصح التفريط فيه ، وأن الشيعة المتأخرين اكتشفوا هذا الثقل وهذه المكانة لفكرة الأئمة المعصومين على نحو فاق ما هو مأثور عن علي والحسن والحسين . لنفترض أيضاً أن الطائفيين الشيعة قبل غيرهم قصروا في نصرة الأئمة من آل البيت منذ عهد الإمام الحسن إلى عهد الإمام الثاني عشر ، وأن تقصيرهم لا يمكن الاحتجاج به ، باعتبار أنه يكفي أنهم كانوا مكلفين بتحقيق الفكرة وأن الأئمة المعصومين كانوا موجودين وأحياء ، سواء آمن الناس بإمامتهم أم لم يؤمنوا .
لنفترض كذلك أن هناك درجة كبيرة من الوضوح والتحديد الديني القاطع الذي تقوم به الحجة على كل المسلمين بشأن أسماء هؤلاء الأئمة منذ الإمام علي إلى الإمام الثاني عشر ، وأن الاختلافات والافتراقات والانشقاقات بين الشيعة لم تحدث بشأن هوية الكثير من الأئمة . فماذا بشأن المسلمين منذ منتصف القرن الثالث إلى يومنا هذا . من هو الإمام المعصوم الذي يتعين عليهم مبايعته ؟!
بالطبع لم يوجد إمام معصوم على مدى 1167 عاماً ، فماذا تقدم العقيدة الشيعية للناس طوال هذه القرون المتطاولة ؟!
تقدم لهم 1176 دليلاً على أن فكرة الأئمة المعصومين هي فكرة بشرية لا تتناسب ولا تنسجم مع رسالة الوحي الخالدة التي أريد لها أن تخاطب الناس جميعاً إلى قيام الساعة وتحمل المنطلقات والركائز السياسية القابلة للتطبيق في كل زمان ومكان .
لنبتعد عن حقائق الدين الكبرى وعن حجج ومنطق الطوائف الأخرى ولننظر إلى الطائفة الشيعية ذاتها . ما الذي تقدمه العقيدة الشيعية للشيعة على صعيد السياسة منذ منتصف القرن الثالث الهجري ؟!
السير على هدي الأئمة .
ما هو هدي الأئمة ؟!
الإيمان بالإمام المعصوم .
وأين هو الإمام المعصوم المتاح للناس منذ عام 260 هـ إلى لحظتنا الراهنة ؟!
هو غائب ، وسيعود في آخر الزمان ؟!
ومن هو الإمام خلال فترة الغياب التي امتدت على مدى 1167 عاماً ؟!
بعض الأتقياء يمكنهم الاتصال بالإمام الغائب ، وهو حاضر في الشدائد والملمات .
إذن فلا يوجد إمام حي وحاضر يمكن مبايعته واتباعه والنظر إليه وعرض القرارات السياسية اليومية عليه وإدارة شؤون المسلمين بتوجيهاته واجتهاداته المباشرة .
كلا ، ولكن يمكن السير وفق الخطوط العامة لهديه والتي تتاح للأتقياء والمخلصين للأئمة .
حسناً ، سنبتعد عن إشكالية ولادة الإمام الثاني عشر ، ونسأل عن هدي هذا الإمام الذي غاب عندما كان عمره خمسة أعوام ، ما هو هديه السياسي الذي أوصله للأتقياء والمخلصين على مدى 1167 عاماً ؟!
سنبتعد عن الحكومات غير الشيعية ، وننظر إلى الحكومات المحسوبة على الشيعة . سننظر إلى البويهيين والفاطميين والحمدانيين والصفويين . ما هو المنهج السياسي المختلف الذي طبقته هذه الحكومات وظهر من خلاله هدي الإمام الثاني عشر ؟!
منذ نشوء الحكم العائلي في عهد بني أمية المحسوبين على أهل السنة أصبح السيف والانتماء إلى العائلة الحاكمة هما الطريقان الوحيدان للوصول إلى الحكم وللحفاظ عليه . أصبحت أبرز وأهم مؤهلات الحاكم هي النجاح في اغتصاب إرادة الأمة . أصبحت الوسيلة الوحيدة لانتقال الحكم هي توريثه للأبناء أو أفراد العائلة ، أو نجاح عائلة جديدة في اغتصاب إرادة الأمة . لم يعد أمر المسلمين شورى بينهم بل أصبح أمرهم بيد العائلات الحاكمة وأصبح الخوض في الشؤون السياسية بما يخالف هوى الحاكم من المحرمات والمحظورات . أصبح المعيار الأول للوصول إلى المناصب هو الولاء وليس الكفاءة . وبالطبع فإن الولاء موجود بصورة تلقائية وناجزة لدى الأقارب والمنتفعين والوصوليين . لم يعد الحاكم يُسأل عما يفعل ولا تنطبق عليه وعلى الكثيرين من المقربين منه بعض أحكام الشريعة وقواعد العدالة والمساواة . أصبح كل من يخرج عن تقديس الأسر والمجموعات الحاكمة مهدداً بالقمع والملاحقة أو التهميش والتجاهل . أصبح الحاكم في مكانة صنمية لا مكان فيها لغير الإشادة به وتعظيمه ومدحه والخضوع له . أصبح بيت المال أحد الأسرار التي لا يعرف تفاصيلها سوى العائلة الحاكمة ومن يرتبط بها .
هذه هي السنن السياسية التي طبقتها الحكومات الأموية والعباسية والعثمانية المحسوبة على أهل السنة ، فما هي السنن السياسية التي طبقتها الحكومات البويهية والفاطمية والحمدانية والصفوية المحسوبة على الشيعة ؟!
إنها ذات السنن التي طبقتها الحكومات المحسوبة على أهل السنة ضمن وحدة وانسجام في المنهج السياسي تكاد تفوق الوصف . فأين هو هدي الإمام الغائب لهذه الحكومات المحسوبة على الشيعة ، وأين هي آثار اتصال الحكام والأتقياء به ؟!
ألم يكن متاحاً خلال عمر كل هذه الحكومات المحسوبة على الشيعة أن يظفر حاكم واحد أو تقي واحد بهدي واحد في المجال السياسي مختلف عن السنن السياسية التي طبقتها الحكومات الأموية والعباسية والعثمانية ؟!
ما هو الأمر الأمر السياسي المختلف لدى الحكومات المحسوبة على الشيعة عنه لدى الحكومات المحسوبة على أهل السنة .
على صعيد المنهج والسنن السياسية لا يوجد أي شيء مختلف ، بل توجد وحدة وانسجام عجيب وعميق . ولكن العقائد الشيعية كانت تؤدي دورها في ترسيخ الافتراق الطائفي والشحن العقائدي باتجاه الآخر السني وزيادة التصاق أهل السنة بالحكومات المحسوبة عليهم وتجميلها في عيونهم والتهوين من الشعور بنقضها لمنهج الشورى وكل سنن الخلافة الراشدة ، بالإضافة إلى فتح الأبواب لبعض المهازل والفواجع التي تفوق ما حدث لدى الحكومات المحسوبة على أهل السنة ، مثلما حدث في عهد الحكومتين الفاطمية والصفوية من ادعاءات للمهدوية أو الألوهية أو بعض المهازل الصبيانية ، وذلك من خلال استغلال نافذة الاتصال بالإمام الغائب .
وهكذا فالمنهج السياسي لدى الحكومات المحسوبة على الشيعة هو ذاته المنهج السياسي لدى الحكومات المحسوبة على أهل السنة ، ولم يكن ممكناً للحكومات المحسوبة على الشيعة أن تأتي بمنهج مختلف سوى من خلال الشورى لا من خلال فكرة الأئمة المعصومين . وهذا هو ما حدث لدى الشيعة في العصر الحديث !!
لنبتعد عن التاريخ وعن الحكومات المحسوبة على الشيعة ولندخل إلى العصر الحديث ، فهاهي جمهورية إيران الإسلامية المحسوبة على الشيعة ، وهاهي الحكومة الخاضعة للاحتلال في العراق والمحسوبة على الغالبية الشيعية ، وهاهو حزب الله في جنوب لبنان والمحسوب على الشيعة . ما هو المنهج السياسي الذي يطبقه كل هؤلاء أو ينادون بتطبيقه ؟!
في إيران ولاية الفقيه ( الموازية لفكرة أهل الحل والعقد ) من خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية ، وفي العراق المحتل الانتخابات والأغلبية والأقلية ( وهي وسائل لا يمكن تأصيلها إلا في إطار فكرة الشورى ) وفي لبنان الانتخابات والأغلبية والأقلية ومفاهيم المجتمع المدني !!
في إيران وفي العراق وفي لبنان ، من أين أتى الشيعة بمنهجهم السياسي ؟!
هل أتوا به من خلال هدي الإمام المعصوم ، أم أن منهجهم هو على النقيض تماماً من فكرة الأئمة المعصومين ؟!!
وإذن ، فتاريخياً فكرة الأئمة المعصومين لم تكن ممكنة التحقيق أو قابلة للتطبيق على مدى 1167 عاماً . وتاريخياً لم تطبق الحكومات المحسوبة على الشيعة سوى المنهج السياسي الذي طبقه الأمويون والعباسيون والعثمانيون . وحديثاً يطبق بعض الشيعة وينادي بعضهم بمنهج سياسي يناقض فكرة الأئمة المعصومين ولا يمكن تأصيله إلا في إطار فكرة الشورى .
كل هذه الحقائق التاريخية والمعاصرة ، ألا تكفي لإثبات أن المنهج الإسلامي الذي نزل به الوحي هو منهج الشورى وأن عقيدة الأئمة المعصومين كانت فكرة بشرية لم تظهر إلا بعد نقض الشورى وتأسيس المُلك في عهد بني أمية ؟!!
كل هذه الحقائق التاريخية والمعاصرة لا تكفي لدى الشيعي المتشبع بإرثه الطائفي وهيبة رموزه ومراجعه الطائفيين . فلم لا نعود إلى الرموز الحقيقيين والأئمة الذين ينبغي أن يكونوا هم المراجع للشيعة ؟!
لم لا نعود إلى علي والحسن والحسين وأبي ذر وعمار بن ياسر وسلمان الفارسي والمقداد بن عمرو وأمثالهم ؟!
كل سيرتهم وأقوالهم وأعمالهم هل يمكن تفسيرها في إطار الشعور والقناعة السياسية بأولوية علي وتزكية الرسول له وترشيحه ولو بشكل غير مباشر للولاية في إطار الشورى ، أم أن سيرتهم وأقوالهم وأعمالهم لا تفهم إلا في إطار الأصل الديني الذي نقضه الصحابة الأوائل ؟!
كل الأدلة الدينية التي تساق للتدليل على فكرة الأئمة المعصومين ، هل تدل سيرة علي والحسن والحسين وشيعتهم على أنهم كانوا يفسرونها في إطار قضية التأهيل والتزكية والترشيح لمنصب الولاية في إطار الشورى ، أم أنهم كانوا يفهمونها في إطار الاستخلاف المباشر والتحديد القاطع لخليفة الرسول ثم خليفة علي وخليفة الحسن وخليفة الحسين ..... الخ ؟!
الطموح السياسي والتعددية السياسية والشعور بالأولوية والتنافس والصراع السياسي ، هل هي أعمال مشروعة وطبيعية وحتمية من منظور علم السياسة وطبائع البشر ولا تخل بإيمان وإسلام وصلاح الطامحين والمختلفين والمتنافسين ، أم أنها من القضايا العقائدية التي تخل بإيمانهم أو إسلامهم أو صلاحهم ؟!
متى ينتهي الاختلاف السياسي المشروع ويبدأ المحظور الديني في عالم السياسة ، حين يتم هدم عقيدة الأئمة المعصومين ، أم حين يتم هدم الشورى والاستيلاء على الحكم بحد السيف ؟! وما الذي تكشفه سيرة علي والحسن والحسين وشيعتهم من الصحابة حول هذا المحظور الديني ؟!
لاحقاً بمشيئة الله نواصل تتبع معالم الوعي السياسي الشيعي الغائب ،،،،
09-1-2007 20:42
مع الوعي السياسي الشيعي الغائب (1)
الشيعة يستندون إلى أدلة قرآنية ونبوية حول الإمامة . بعض هذه الأدلة غير مباشرة وبعضها تتعلق بالمكانة والمنزلة الدينية ، إلا أن بعضها له إيحاءات سياسية مباشرة ، مثل حديث الغدير المثبت في الكثير من التفاسير وكتب الحديث . وفي المقابل فإن التفسير الشيعي يهدم الشورى ويلغيها . فأيهما هو أساس المشروعية السياسية في الإسلام : الشورى أم ( الأئمة المعصومين ) من آل البيت ؟!
الشورى لا تحتمل عقيدة الأئمة المعصومين ، فهل تحتمل الأدلة التي يسوقها الشيعة حول علي كرم الله وجهه مثل حديث الغدير ؟!
نعم ، تحتملها إلى حد بعيد ، ولكن بعد إعادة التفسير من استخلاف علي إلى تأهيله وتزكيته واستبطان أحداث الفتنة الكبرى والإرشاد إلى كيفية الخروج منها .
الأهم من ذلك أننا ونحن نتحدث عن الدين لا نتحدث عن فكرة تصلح لقرن أو قرنين ، بل نتحدث عما جاء به الدين العالمي والرسالة الخاتمة ليصلح أساساً للمشروعية السياسية للبشر أجمعين إلى قيام الساعة . هذه هي القضية الكبرى التي ينبغي أن تناقش المسألة السياسية من خلالها .
هذا الذي يؤمن بالأئمة المعصومين وأن الإمامة بالنص لعلي وبعض آل بيته رضوان الله عليهم ، هل يقدم منطلقاً سياسياً عالمياً ينسجم مع عالمية رسالة الإسلام ويصلح للتطبيق في كل زمان ومكان ؟!
هذا السؤال البسيط يكفي لحسم المسألة وهد البنيان الطائفي الشيعي لو أن القضية يحكمها العقل والمنطق والمقارنة بين حقائق الدين ومقولات الطائفة .
لنفترض أن فكرة الأئمة المعصومين كانت قابلة للتطبيق إلى حين اختفاء الإمام الثاني عشر بحسب الاعتقاد الشيعي في القرن الثالث الهجري أو في عام 260هـ . فما الذي كان متاحاً للدين العالمي ( الإسلام ) أن يقدمه للناس على صعيد السياسة منذ عام 260هـ إلى عام 1427هـ ؟!!
هل يعقل في دين عالمي ورسالة خاتمة أراد لها الله أن تخاطب البشر إلى قيام الساعة أن يكون المعتقد السياسي ( الذي يعد أصلاً من أصول الدين عند الشيعة ) صالحاً لمدة 260 عاماً ثم يصبح غير ممكن وغير متاح للتطبيق على مدى 1167 عاماً ؟!!
لا يحتاج المرء إلا إلى النظر إلى الطرح السياسي الشيعي في إطار خصائص رسالة الإسلام ، وذلك من حيث الطابع العالمي الممتد إلى قيام الساعة وختم النبوة ، لكي يتيقن بأن الطرح السياسي الشيعي هو وليد مرحلة تاريخية سرعان ما أثبت الزمن تاريخيته .
بالطبع فإن الطائفي الشيعي مسلح بتراث عريض يخفف لديه حدة هذه الإشكالية ويؤهله للتغطية عليها بالعديد من أنصاف الحجج . ولكن الذي لا يتنبه إليه الطائفي الشيعي هو أن الطائفيين الشيعة قبل غيرهم يثبتون من خلال تجاربهم تاريخية فكرة الأئمة المعصومين وبشريتها وعدم صلاحيتها لكل زمان ومكان . بل ويثبتون قدسية قيمة الشورى وطابعها الديني وصلاحيتها لكل زمان ومكان .
لنفترض أن كبار رموز آل البيت ( علي والحسن والحسين ) قصروا في إيضاح حقيقة ومركزية وقدسية فكرة الأئمة المعصومين وكونها أصلاً من أصول الدين لا يصح التفريط فيه ، وأن الشيعة المتأخرين اكتشفوا هذا الثقل وهذه المكانة لفكرة الأئمة المعصومين على نحو فاق ما هو مأثور عن علي والحسن والحسين . لنفترض أيضاً أن الطائفيين الشيعة قبل غيرهم قصروا في نصرة الأئمة من آل البيت منذ عهد الإمام الحسن إلى عهد الإمام الثاني عشر ، وأن تقصيرهم لا يمكن الاحتجاج به ، باعتبار أنه يكفي أنهم كانوا مكلفين بتحقيق الفكرة وأن الأئمة المعصومين كانوا موجودين وأحياء ، سواء آمن الناس بإمامتهم أم لم يؤمنوا .
لنفترض كذلك أن هناك درجة كبيرة من الوضوح والتحديد الديني القاطع الذي تقوم به الحجة على كل المسلمين بشأن أسماء هؤلاء الأئمة منذ الإمام علي إلى الإمام الثاني عشر ، وأن الاختلافات والافتراقات والانشقاقات بين الشيعة لم تحدث بشأن هوية الكثير من الأئمة . فماذا بشأن المسلمين منذ منتصف القرن الثالث إلى يومنا هذا . من هو الإمام المعصوم الذي يتعين عليهم مبايعته ؟!
بالطبع لم يوجد إمام معصوم على مدى 1167 عاماً ، فماذا تقدم العقيدة الشيعية للناس طوال هذه القرون المتطاولة ؟!
تقدم لهم 1176 دليلاً على أن فكرة الأئمة المعصومين هي فكرة بشرية لا تتناسب ولا تنسجم مع رسالة الوحي الخالدة التي أريد لها أن تخاطب الناس جميعاً إلى قيام الساعة وتحمل المنطلقات والركائز السياسية القابلة للتطبيق في كل زمان ومكان .
لنبتعد عن حقائق الدين الكبرى وعن حجج ومنطق الطوائف الأخرى ولننظر إلى الطائفة الشيعية ذاتها . ما الذي تقدمه العقيدة الشيعية للشيعة على صعيد السياسة منذ منتصف القرن الثالث الهجري ؟!
السير على هدي الأئمة .
ما هو هدي الأئمة ؟!
الإيمان بالإمام المعصوم .
وأين هو الإمام المعصوم المتاح للناس منذ عام 260 هـ إلى لحظتنا الراهنة ؟!
هو غائب ، وسيعود في آخر الزمان ؟!
ومن هو الإمام خلال فترة الغياب التي امتدت على مدى 1167 عاماً ؟!
بعض الأتقياء يمكنهم الاتصال بالإمام الغائب ، وهو حاضر في الشدائد والملمات .
إذن فلا يوجد إمام حي وحاضر يمكن مبايعته واتباعه والنظر إليه وعرض القرارات السياسية اليومية عليه وإدارة شؤون المسلمين بتوجيهاته واجتهاداته المباشرة .
كلا ، ولكن يمكن السير وفق الخطوط العامة لهديه والتي تتاح للأتقياء والمخلصين للأئمة .
حسناً ، سنبتعد عن إشكالية ولادة الإمام الثاني عشر ، ونسأل عن هدي هذا الإمام الذي غاب عندما كان عمره خمسة أعوام ، ما هو هديه السياسي الذي أوصله للأتقياء والمخلصين على مدى 1167 عاماً ؟!
سنبتعد عن الحكومات غير الشيعية ، وننظر إلى الحكومات المحسوبة على الشيعة . سننظر إلى البويهيين والفاطميين والحمدانيين والصفويين . ما هو المنهج السياسي المختلف الذي طبقته هذه الحكومات وظهر من خلاله هدي الإمام الثاني عشر ؟!
منذ نشوء الحكم العائلي في عهد بني أمية المحسوبين على أهل السنة أصبح السيف والانتماء إلى العائلة الحاكمة هما الطريقان الوحيدان للوصول إلى الحكم وللحفاظ عليه . أصبحت أبرز وأهم مؤهلات الحاكم هي النجاح في اغتصاب إرادة الأمة . أصبحت الوسيلة الوحيدة لانتقال الحكم هي توريثه للأبناء أو أفراد العائلة ، أو نجاح عائلة جديدة في اغتصاب إرادة الأمة . لم يعد أمر المسلمين شورى بينهم بل أصبح أمرهم بيد العائلات الحاكمة وأصبح الخوض في الشؤون السياسية بما يخالف هوى الحاكم من المحرمات والمحظورات . أصبح المعيار الأول للوصول إلى المناصب هو الولاء وليس الكفاءة . وبالطبع فإن الولاء موجود بصورة تلقائية وناجزة لدى الأقارب والمنتفعين والوصوليين . لم يعد الحاكم يُسأل عما يفعل ولا تنطبق عليه وعلى الكثيرين من المقربين منه بعض أحكام الشريعة وقواعد العدالة والمساواة . أصبح كل من يخرج عن تقديس الأسر والمجموعات الحاكمة مهدداً بالقمع والملاحقة أو التهميش والتجاهل . أصبح الحاكم في مكانة صنمية لا مكان فيها لغير الإشادة به وتعظيمه ومدحه والخضوع له . أصبح بيت المال أحد الأسرار التي لا يعرف تفاصيلها سوى العائلة الحاكمة ومن يرتبط بها .
هذه هي السنن السياسية التي طبقتها الحكومات الأموية والعباسية والعثمانية المحسوبة على أهل السنة ، فما هي السنن السياسية التي طبقتها الحكومات البويهية والفاطمية والحمدانية والصفوية المحسوبة على الشيعة ؟!
إنها ذات السنن التي طبقتها الحكومات المحسوبة على أهل السنة ضمن وحدة وانسجام في المنهج السياسي تكاد تفوق الوصف . فأين هو هدي الإمام الغائب لهذه الحكومات المحسوبة على الشيعة ، وأين هي آثار اتصال الحكام والأتقياء به ؟!
ألم يكن متاحاً خلال عمر كل هذه الحكومات المحسوبة على الشيعة أن يظفر حاكم واحد أو تقي واحد بهدي واحد في المجال السياسي مختلف عن السنن السياسية التي طبقتها الحكومات الأموية والعباسية والعثمانية ؟!
ما هو الأمر الأمر السياسي المختلف لدى الحكومات المحسوبة على الشيعة عنه لدى الحكومات المحسوبة على أهل السنة .
على صعيد المنهج والسنن السياسية لا يوجد أي شيء مختلف ، بل توجد وحدة وانسجام عجيب وعميق . ولكن العقائد الشيعية كانت تؤدي دورها في ترسيخ الافتراق الطائفي والشحن العقائدي باتجاه الآخر السني وزيادة التصاق أهل السنة بالحكومات المحسوبة عليهم وتجميلها في عيونهم والتهوين من الشعور بنقضها لمنهج الشورى وكل سنن الخلافة الراشدة ، بالإضافة إلى فتح الأبواب لبعض المهازل والفواجع التي تفوق ما حدث لدى الحكومات المحسوبة على أهل السنة ، مثلما حدث في عهد الحكومتين الفاطمية والصفوية من ادعاءات للمهدوية أو الألوهية أو بعض المهازل الصبيانية ، وذلك من خلال استغلال نافذة الاتصال بالإمام الغائب .
وهكذا فالمنهج السياسي لدى الحكومات المحسوبة على الشيعة هو ذاته المنهج السياسي لدى الحكومات المحسوبة على أهل السنة ، ولم يكن ممكناً للحكومات المحسوبة على الشيعة أن تأتي بمنهج مختلف سوى من خلال الشورى لا من خلال فكرة الأئمة المعصومين . وهذا هو ما حدث لدى الشيعة في العصر الحديث !!
لنبتعد عن التاريخ وعن الحكومات المحسوبة على الشيعة ولندخل إلى العصر الحديث ، فهاهي جمهورية إيران الإسلامية المحسوبة على الشيعة ، وهاهي الحكومة الخاضعة للاحتلال في العراق والمحسوبة على الغالبية الشيعية ، وهاهو حزب الله في جنوب لبنان والمحسوب على الشيعة . ما هو المنهج السياسي الذي يطبقه كل هؤلاء أو ينادون بتطبيقه ؟!
في إيران ولاية الفقيه ( الموازية لفكرة أهل الحل والعقد ) من خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية ، وفي العراق المحتل الانتخابات والأغلبية والأقلية ( وهي وسائل لا يمكن تأصيلها إلا في إطار فكرة الشورى ) وفي لبنان الانتخابات والأغلبية والأقلية ومفاهيم المجتمع المدني !!
في إيران وفي العراق وفي لبنان ، من أين أتى الشيعة بمنهجهم السياسي ؟!
هل أتوا به من خلال هدي الإمام المعصوم ، أم أن منهجهم هو على النقيض تماماً من فكرة الأئمة المعصومين ؟!!
وإذن ، فتاريخياً فكرة الأئمة المعصومين لم تكن ممكنة التحقيق أو قابلة للتطبيق على مدى 1167 عاماً . وتاريخياً لم تطبق الحكومات المحسوبة على الشيعة سوى المنهج السياسي الذي طبقه الأمويون والعباسيون والعثمانيون . وحديثاً يطبق بعض الشيعة وينادي بعضهم بمنهج سياسي يناقض فكرة الأئمة المعصومين ولا يمكن تأصيله إلا في إطار فكرة الشورى .
كل هذه الحقائق التاريخية والمعاصرة ، ألا تكفي لإثبات أن المنهج الإسلامي الذي نزل به الوحي هو منهج الشورى وأن عقيدة الأئمة المعصومين كانت فكرة بشرية لم تظهر إلا بعد نقض الشورى وتأسيس المُلك في عهد بني أمية ؟!!
كل هذه الحقائق التاريخية والمعاصرة لا تكفي لدى الشيعي المتشبع بإرثه الطائفي وهيبة رموزه ومراجعه الطائفيين . فلم لا نعود إلى الرموز الحقيقيين والأئمة الذين ينبغي أن يكونوا هم المراجع للشيعة ؟!
لم لا نعود إلى علي والحسن والحسين وأبي ذر وعمار بن ياسر وسلمان الفارسي والمقداد بن عمرو وأمثالهم ؟!
كل سيرتهم وأقوالهم وأعمالهم هل يمكن تفسيرها في إطار الشعور والقناعة السياسية بأولوية علي وتزكية الرسول له وترشيحه ولو بشكل غير مباشر للولاية في إطار الشورى ، أم أن سيرتهم وأقوالهم وأعمالهم لا تفهم إلا في إطار الأصل الديني الذي نقضه الصحابة الأوائل ؟!
كل الأدلة الدينية التي تساق للتدليل على فكرة الأئمة المعصومين ، هل تدل سيرة علي والحسن والحسين وشيعتهم على أنهم كانوا يفسرونها في إطار قضية التأهيل والتزكية والترشيح لمنصب الولاية في إطار الشورى ، أم أنهم كانوا يفهمونها في إطار الاستخلاف المباشر والتحديد القاطع لخليفة الرسول ثم خليفة علي وخليفة الحسن وخليفة الحسين ..... الخ ؟!
الطموح السياسي والتعددية السياسية والشعور بالأولوية والتنافس والصراع السياسي ، هل هي أعمال مشروعة وطبيعية وحتمية من منظور علم السياسة وطبائع البشر ولا تخل بإيمان وإسلام وصلاح الطامحين والمختلفين والمتنافسين ، أم أنها من القضايا العقائدية التي تخل بإيمانهم أو إسلامهم أو صلاحهم ؟!
متى ينتهي الاختلاف السياسي المشروع ويبدأ المحظور الديني في عالم السياسة ، حين يتم هدم عقيدة الأئمة المعصومين ، أم حين يتم هدم الشورى والاستيلاء على الحكم بحد السيف ؟! وما الذي تكشفه سيرة علي والحسن والحسين وشيعتهم من الصحابة حول هذا المحظور الديني ؟!
لاحقاً بمشيئة الله نواصل تتبع معالم الوعي السياسي الشيعي الغائب ،،،،
خيمة الأرقم- موقوووووووف
- عدد المساهمات : 41
تاريخ التسجيل : 24/06/2015
منسوخ
سعيد الكثيري
10-1-2007 09:12
مع الوعي السياسي الشيعي الغائب (2)
معظم الأخطاء وألوان الغلو تنبع من وجود المواقف المسبقة واستحضار بعض الأدلة وإهمال بعضها . السنّي يستحضر الآيات والأحاديث الواردة بشأن كبار الصحابة وفترة الخلافة الراشدة ، إلا أنه لا يستحضر الأحاديث الواردة بشأن موالاة علي وإخبار الرسول بأن علياً يقاتل على تأويل القرآن كما قاتل الرسول على تنزيله ، ولا يستحضر الأحاديث الواردة بشأن الحكم التالي لحكم الخلفاء الراشدين ، ولا ينظر إلى الخلل الذي أصاب المنهج والأداء السياسي خلال حكم عثمان رضي الله عنه ، ولا يقف ضد المنهج السياسي في عهد بني أمية ، بل البعض يدافع عنه إلى أبعد الحدود .
والشيعي يستحضر الأحاديث الواردة بشأن موالاة علي ولكنه لا يستحضر الآيات المتعلقة بالشورى ولا الآيات المتعلقة بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ولا يقرأ سيرة علي والحسن والحسين وشيعتهم من الصحابة بتجرد وإنصاف ولا يقف عند التطورات التاريخية التي أدت إلى الانتقال بالنصوص الواردة بشأن ولاية علي من التزكية والترشيح العام للولاية في إطار الشورى واستبطان أحداث الفتنة الكبرى والدلالة علي كيفية الخروج منها إلى عقيدة الإمامة الإلهية على النحو الذي أصبحت عليه فيما بعد .
لماذا عرضنا في الجزء السابق الدلائل حول مدى قابلية فكرة الأئمة المعصومين للتطبيق منذ عام 260هـ ؟!
لأن هذا هو المحك لاختبار أساس المشروعية السياسية في الإسلام . وقد رأينا أن فكرة الأئمة المعصومين لم تكن ممكنة التحقيق أو قابلة للتطبيق على مدى 1167 عاماً . وتاريخياً لم تطبق الحكومات المحسوبة على الشيعة سوى المنهج السياسي الذي طبقه الأمويون والعباسيون والعثمانيون . وحديثاً يطبق بعض الشيعة وينادي بعضهم بمنهج سياسي يناقض فكرة الأئمة المعصومين ولا يمكن تأصيله إلا في إطار فكرة الشورى . وكل هذه التجربة والاختبارات الممتدة ليس مقبولاً من الشيعي أن يتجاهلها إلا إذا كان اتباع ما وجد عليه آباءه أولى لديه من اتباع الوحي .
الشيعي سيتحدث عن الوحي ، وعن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تثبت الولاية لآل البيت . وكما قلنا فإن الأفكار الخاطئة والانحرافات الفكرية تنبع غالباً من ابتسار الأدلة أو النظر إلى بعضها دون بعض .
هذه التجربة والاختبارات التاريخية الممتدة حول صلاحية كل من الشورى وفكرة الأئمة المعصومين ، فضلاً عن النصوص القرآنية الواضحة والمباشرة بشأن الشورى ، ينبغي أن نضعها في موضع الأصل والأساس الذي تفهم كل القضايا في ضوئه . فهل يمكن فهم النصوص الواردة بشأن ولاية علي في ضوء قضية الشورى .
أزعم أن هذا ممكن ومطلوب وحتمي . ولو كان المطلوب هو التضحية بإحدى الفكرتين لكانت فكرة الأئمة المعصومين هي الأولى بالتضحية دون جدال أو تردد ، بحكم الصلاحية المستمرة للشورى والنصوص الواضحة والمباشرة التي تدل عليها ، في مقابل الصلاحية المرحلية والمؤقتة لفكرة الأئمة المعصومين وافتقارها إلى التحديد الواضح والمباشر .
في إطار هذه المكانة التي ينبغي أن تحتلها قيمة الشورى ، والتي ما حدثت مصائبنا السياسية إلا بفعل تهميشها أو نقضها أو التهوين من مكانتها ، يمكن فهم وتفسير النصوص الواردة بشأن ولاية علي كرم الله وجهه .
يحتج الشيعة الإمامية بالكثير من الأدلة المتفاوتة في دلالاتها مثل النص القرآني الذي أعطى خصوصية لأهل البيت وأحاديث المنزلة والغدير والثقلين وغيرهـا ، فهل نلغي نصوص الشورى الواردة في القرآن الكريم لنحتج بمثل هذه الأدلة ؟!.
لن يؤدي ذلك إلا إلى مصادمة نصوص القرآن وإنتاج حكم التغلب واستمرار معايشة حكم المغتصبين والقاهرين والمغامرين .
الكثير من الأدلة التي يحتج بها الشيعة تتعلق بالفضل والمنزلة والمقام الديني . ومثل هذه الأدلة لا إشكال فيها ، فعلي كرم الله وجهه أهل لها ، ويوجد إلى جانب هذه الأدلة أدلة مماثلة تخص بعض الصحابة ، بل يوجد آيات تزكي عموم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار . ومن ثم فإن الإشكال يكمن في الأحاديث القريبة من المعنى السياسي مثل حديث غدير خم ، فهل يوجد ما يؤيد تفسير مثل هذه الأحاديث في إطار قيمة الشورى ؟.
الواقع أن كل الأدلة توجب تفسيرها في إطار قيمة الشورى طالما أن هذه القيمة قد وردت في القرآن بصورة صريحة ومباشرة ، فضلاً عن اتسامها بالصلاحية المستمرة لمعالجة أحوال البشر ، بينما اتخذت أدلة الإمامة الإلهية شكل نصوص غير مباشرة أو غير قطعية الدلالة ، وأثبت التاريخ والواقع عدم صلاحيتها المستمرة لمعالجة أحوال البشر .
الآن ، كيف يمكن الجمع بين الشورى وبين الأدلة ذات الدلالات السياسية غير القطعية ، مثل حديث غدير خم .
بأن ندرك أولاً أنه في قضية مثل قضية الحكم بأهميتها وثقلها وقابليتها الشديدة لأن تكون محل تنازع واختلاف وتناحر وتقاتل بمجرد وفاة الرسول الكريم ، هل يصح حسم مثل هذه القضية بإشارات وتلميحات غير مباشرة وعبارات وكلمات غير قطعية الدلالة ؟!
الوحي الذي تحدث عن تفاصيل قضايا الميراث والآداب الأسرية والزوجية ، هل يمكن أن يترك قضية استراتيجية كبرى مثل قضية الأئمة المعصومين لنصوص غائمة غير قطعية الدلالة ، ثم يضرب هذه القضية في الصميم من خلال إيراد الشورى في نصين قرآنيين وتسمية إحدى السور بسورة الشورى ؟!!
قد يقال بأنه لم يتم تحديد ضوابط الشورى وآلياتها . والواقع أن هذا من مقتضيات الشورى . فالشورى تقتضي إبداء الآراء وطرح الاجتهادات والحوار والاختلاف والتنافس والصراع السياسي السلمي والتغيير والمراجعة والتفاوض ، وهذه أمور تتناسب مع طبيعة السياسة ومع تطور آلياتها ووسائلها كلما تغيرت أحوال البشر . ولهذا فإنه لم يتم تحديد تلك الضوابط والآليات . ولو تم تحديدها لتجمد الشق السياسي من الدين عند ظروف وأحوال البشر في مرحلة نزول الرسالة .
إن الضوابط والآليات تختلف لمجرد الاختلاف البسيط في وسائل النقل والاتصال أو التغيير البسيط في أحـوال المجتمع الثقافية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية . ولذلك فـإن المهم هو أن تكون الشورى هي القيمة الحاكمة للشـأن السياسي ، بحيث يكون الناس ملزمين بالاجتهـاد والتنافس وإتاحة الفرصة لكل الآراء والمواقف وتبديلها وتطويرهـا والاجتهاد بشأنها كلما تغـيرت الظروف والأحوال .
قد يقال بأن الشورى التي كانت موجـودة في عهد الصحابة كانت محدودة وضيقة . وهذا صحيح ، فالشورى التي وجدت في عهدهم هي شورى الصفوة - صفوة الأمة ، وهم المهاجرون والأنصار - وهذه الشورى كانت الأنسب لأحوال المجتمع المسلم الذي كان في طور الاتساع والتمدد وكان يتمتع بوجود صفوة جيدة الإعداد ومستجيبة للرسالة ومتواصلة معها منذ لحظات الضعف الأولى ، وهو وضع تميزوا به عن بقية المسلمين . وهذا الوضع تغير بصورة تدريجية ، وكان ينبغي أن تتسع تبعاً لذلك دائرة الصفوة وصولاً إلى عموم الأمة .
إن جلَّ الأحاديث التي وردت بشأن الإمام علي لم تكن تهدف إلى معالجة موضوع الاستخلاف ، بل كانت تهدف إلى معالجة وضع الفتنة الكبرى . ولولا ذلك لكانت تلك الأحاديث صريحة وواضحة في حسم أمر الاستخلاف ولما كان لورود الشورى حينئذ أي معنى .
إن غاية تلك الأحاديث هي إرشاد المختلفين إلى سبل الخروج من الفتنة الكبرى حين تقع . أي أنها أحاديث تستبطن أحداث الفتنة وينبغي رؤيتها والنظر إليها في ضوء طابعها الاستشرافي والتنبؤي ، فهي أحاديث تهدف إلى تأكيد أهلية الإمام علي للخلافة وتوجيه الناس نحو القبول به وموالاته وعدم معاداته حين يتم اختياره ، وبذلك يمكنهم الخروج من وضع الفتنة والحفاظ على استمرارية الخلافة .
هذا الطابع الاستشرافي والتنبؤي يشهد له غموض الدلالات السياسية للأحاديث الواردة بشأن الإمام علي ، ويشهد له وجود نصوص مباشرة وصريحة حول الشورى وورودها في القرآن الكريم الذي يحمل خطاباً عاماً وممتداً إلى قيام الساعة .
وإضافة إلى ذلك فإنه يوجد ملاحظة تستحق الذكر ، وهي أن الأحاديث القريبة من المعاني السياسية كانت تستهدف أهل المدينة ، وكأنها تشير إلى وضع خاص سيحدث في المدينة ويستدعي استحضار تلك الأحاديث . ولعل أوضح مثال لذلك حديث غدير خم الذي يعد أكثر الأحاديث دلالة على الشأن السياسي . فهذا الحديث ألقي في طريق العودة إلى المدينة بعد حجة الوداع ، بينما لو كان المقصود هو استخلاف الإمام علي لألقي هذا الحديث إلى مختلف المسلمين أثناء الحج وبصيغة قاطعة لا يُفهم منها الترشيح ولا المعاني غير السياسية بل يُفهم منها الاستخلاف السياسي ، ولورد ذلك في القرآن الكريم ولألقي في كل مناسبة ولما كان لورود الشورى أي معنى أو محل .
من أهم الأدلة التي تؤكد الطابع الاستشرافي لتلك الأحاديث القريبة من المعاني السياسية ما تؤكده سيرة علي والحسن والحسين رضي الله عنهم ، بل وسيرة عموم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار الذين شهد لهم القرآن وزكاهم .
هؤلاء جميعاً لم يستشهدوا بهذه الأحاديث ولم يطرحوها إلا في إطار التزكية والمفاضلة بين علي وغيره من قبل بعضهم ، وليس في إطار القول باختصاص علي بالحكم من قبل الله .
من أهم الأدلة التي تؤكد الطابع الاستشرافي لتلك الأحاديث القريبة من المعاني السياسية ما تؤكده سيرة علي والحسن والحسين رضي الله عنهم ، بل وسيرة عموم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار الذين شهد لهم القرآن وزكاهم . هؤلاء جميعاً لم يستشهدوا بهذه الأحاديث ولم يطرحوها ، ومن استشهد منهم ببعضها في زمن عثمان أو علي استشهد بها للتزكية والمفاضلة بين علي وغيره لا للقول باختصاص علي بالحكم من قبل الله .
لقد تأخرت بيعة علي لأبي بكر قرابة ستة أشهر . ولا شك في أنه كان يشعر بأنه الأحق والأجدر بالخلافة ، ولكن ليس بسبب وجود حق ديني له فيها ، بل بسبب مكانته وعمله وفضله وقرابته للرسـول صلى الله عليه وسلم . وهذا شعور طبيعي ومشروع في عالم السياسة ويخلو من أي معنى ديني ، بل إنه يعد من شروط الأهلية للقيادة . ومن هنا فإنه لم يصدر عن أي صحابي أي ادعاء باستحقاق علي للخلافة بحكم نصوص الوحي ، وذلك خلال فترة وجود كبار الصحابة وقرب عهدهم بالرسول وبنـزول الوحي . وكل المواقف قبل الدخول في جو الفتنة الكبرى كانت مواقف سياسية اجتهادية تخلو من الانقسامات أو التحزبات الدينية .
علي بايع الخليفة الأول ، حتى وإن تأخرت بيعته لمدة ستة أشهر . وكل الروايات والقصص الواردة حول إكراهـه على البيعة تناقض سيرة الرجلين وتخالف الوقائع السابقة للبيعة والتالية لها ، إضافة إلى أن تلك الروايات والقصص لم تظهر إلا في وقت متأخر ، وفي جو الشحن والغلـو والاندفاع نحو تأصيل نظرية الإمامة الإلهية وفك انسداداتها . هذا الجو بطبعه يسمح بقبول الادعاءات والفرضيات والقصص المتماشية مع التوجه العام والخادمة له ، حتى وإن كانت لا تصمد أمام أي تحليل نقدي .
علي بايع أيضاً الخليفة الثاني ، ثم كان أحد المرشحين لخلافته ، وبايع الخليفة الثالث ، وحين عرض عليه الثـوار استلام الخلافة بعد مقتل عثمان رفض استلامها وأصر على أن تكون البيعة بيد المهاجرين والأنصار - صفوة الأمة - وفي المسجد .
إن فكرة أو عقيدة الأئمة المعصومين ، ومهما كانت الدوافع والخلفيات والملابسات التاريخية التي أسهمت في إنتاجها والدفع باتجاهها ، ومهما بلغ حجم التأوُّل والاجتهاد في طرحها وتبريرها والتخفيف من حدتها ، ومهما أسهمت أوضاع التقليد في استمرارها ، فإنها تقود إلى نتائج خطرة على المستوى العقائدي وعلى المستوى الثقافي وعلى المستوى السياسي ، ومن أهم هذه النتائج ما يلي :
- مصادمة النصوص التي أكدت ختم الرسالات وانقطاع الوحي واكتمال الدين .
- دفع البعض عبر التاريخ إلى القول بتحريف القرآن لتأكيد وجود الأصل الديني الصريح الذي ينص على إمامة علي .
- مصادمة قيم الشورى والعدل والمساواة ومخالفة الواقع التاريخي الذي يؤكد عدم تحققها الفعلي خلال القرون الثلاثة الأولى ثم انتهاء وجود الأئمة بعد ذلك .
- دفع حركة الوعي الشيعي والاستدلالات الشيعية إلى ما قبل نزول الرسالة وما بعد ختمها ، سواء بالقياس على أحوال بعض الرسل والأنبياء والصالحين الذين سبقوا خاتم الرسل أو بالانكباب على أقوال وأفعال بعض آل البيت وإكسابها صفة القداسة .
- دفع القائلين بها إلى نسبة التقية إلى علي والحسن والحسين للجمع بين هذه العقيدة وبين سيرتهم التي تناقضها . وهذه التقية تظهرهم بمظهر الخائفين والمفرطين في أصل من أصول الدين .
- نقل الشق السياسي من حياة الصحابة إلى عالم العقائد ، وتحويل اختلافاتهم السياسية الطبيعية إلى أعمال فسوق وضلال ، وذلك بالمخالفة للآيات التي زكَّت السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار .
- إلغاء السياسة ولغتها ووسائلها وثقافتها والإسهام في تزييف الوعي بشأن أنقى فترة شهدتها الحياة الإسلامية .
- فتح أبواب الادعاء والأساطير والرجم بالغيب أمام الكثير من الأدعياء كلما تعرضت عقيدة الإمامة للانسداد .
- الإسهام في إيجاد المنفذ الثقافي الذي ظهرت منه أو استندت إليه بعض الفرق الباطنية الهدامة .
- تكريس وتجديد الشحن الطائفي والعداء السني الشيعي في مسألة قابلة لإعادة الفهم والتلاقي متى ما تحررنا من سطوة الإرث التاريخي وأعدنا فهمه بجرأة وبموضوعية .
لاحقاً بمشيئة الله نواصل تتبع معالم الوعي السياسي الشيعي الغائب ،،،،
10-1-2007 09:12
مع الوعي السياسي الشيعي الغائب (2)
معظم الأخطاء وألوان الغلو تنبع من وجود المواقف المسبقة واستحضار بعض الأدلة وإهمال بعضها . السنّي يستحضر الآيات والأحاديث الواردة بشأن كبار الصحابة وفترة الخلافة الراشدة ، إلا أنه لا يستحضر الأحاديث الواردة بشأن موالاة علي وإخبار الرسول بأن علياً يقاتل على تأويل القرآن كما قاتل الرسول على تنزيله ، ولا يستحضر الأحاديث الواردة بشأن الحكم التالي لحكم الخلفاء الراشدين ، ولا ينظر إلى الخلل الذي أصاب المنهج والأداء السياسي خلال حكم عثمان رضي الله عنه ، ولا يقف ضد المنهج السياسي في عهد بني أمية ، بل البعض يدافع عنه إلى أبعد الحدود .
والشيعي يستحضر الأحاديث الواردة بشأن موالاة علي ولكنه لا يستحضر الآيات المتعلقة بالشورى ولا الآيات المتعلقة بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ولا يقرأ سيرة علي والحسن والحسين وشيعتهم من الصحابة بتجرد وإنصاف ولا يقف عند التطورات التاريخية التي أدت إلى الانتقال بالنصوص الواردة بشأن ولاية علي من التزكية والترشيح العام للولاية في إطار الشورى واستبطان أحداث الفتنة الكبرى والدلالة علي كيفية الخروج منها إلى عقيدة الإمامة الإلهية على النحو الذي أصبحت عليه فيما بعد .
لماذا عرضنا في الجزء السابق الدلائل حول مدى قابلية فكرة الأئمة المعصومين للتطبيق منذ عام 260هـ ؟!
لأن هذا هو المحك لاختبار أساس المشروعية السياسية في الإسلام . وقد رأينا أن فكرة الأئمة المعصومين لم تكن ممكنة التحقيق أو قابلة للتطبيق على مدى 1167 عاماً . وتاريخياً لم تطبق الحكومات المحسوبة على الشيعة سوى المنهج السياسي الذي طبقه الأمويون والعباسيون والعثمانيون . وحديثاً يطبق بعض الشيعة وينادي بعضهم بمنهج سياسي يناقض فكرة الأئمة المعصومين ولا يمكن تأصيله إلا في إطار فكرة الشورى . وكل هذه التجربة والاختبارات الممتدة ليس مقبولاً من الشيعي أن يتجاهلها إلا إذا كان اتباع ما وجد عليه آباءه أولى لديه من اتباع الوحي .
الشيعي سيتحدث عن الوحي ، وعن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تثبت الولاية لآل البيت . وكما قلنا فإن الأفكار الخاطئة والانحرافات الفكرية تنبع غالباً من ابتسار الأدلة أو النظر إلى بعضها دون بعض .
هذه التجربة والاختبارات التاريخية الممتدة حول صلاحية كل من الشورى وفكرة الأئمة المعصومين ، فضلاً عن النصوص القرآنية الواضحة والمباشرة بشأن الشورى ، ينبغي أن نضعها في موضع الأصل والأساس الذي تفهم كل القضايا في ضوئه . فهل يمكن فهم النصوص الواردة بشأن ولاية علي في ضوء قضية الشورى .
أزعم أن هذا ممكن ومطلوب وحتمي . ولو كان المطلوب هو التضحية بإحدى الفكرتين لكانت فكرة الأئمة المعصومين هي الأولى بالتضحية دون جدال أو تردد ، بحكم الصلاحية المستمرة للشورى والنصوص الواضحة والمباشرة التي تدل عليها ، في مقابل الصلاحية المرحلية والمؤقتة لفكرة الأئمة المعصومين وافتقارها إلى التحديد الواضح والمباشر .
في إطار هذه المكانة التي ينبغي أن تحتلها قيمة الشورى ، والتي ما حدثت مصائبنا السياسية إلا بفعل تهميشها أو نقضها أو التهوين من مكانتها ، يمكن فهم وتفسير النصوص الواردة بشأن ولاية علي كرم الله وجهه .
يحتج الشيعة الإمامية بالكثير من الأدلة المتفاوتة في دلالاتها مثل النص القرآني الذي أعطى خصوصية لأهل البيت وأحاديث المنزلة والغدير والثقلين وغيرهـا ، فهل نلغي نصوص الشورى الواردة في القرآن الكريم لنحتج بمثل هذه الأدلة ؟!.
لن يؤدي ذلك إلا إلى مصادمة نصوص القرآن وإنتاج حكم التغلب واستمرار معايشة حكم المغتصبين والقاهرين والمغامرين .
الكثير من الأدلة التي يحتج بها الشيعة تتعلق بالفضل والمنزلة والمقام الديني . ومثل هذه الأدلة لا إشكال فيها ، فعلي كرم الله وجهه أهل لها ، ويوجد إلى جانب هذه الأدلة أدلة مماثلة تخص بعض الصحابة ، بل يوجد آيات تزكي عموم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار . ومن ثم فإن الإشكال يكمن في الأحاديث القريبة من المعنى السياسي مثل حديث غدير خم ، فهل يوجد ما يؤيد تفسير مثل هذه الأحاديث في إطار قيمة الشورى ؟.
الواقع أن كل الأدلة توجب تفسيرها في إطار قيمة الشورى طالما أن هذه القيمة قد وردت في القرآن بصورة صريحة ومباشرة ، فضلاً عن اتسامها بالصلاحية المستمرة لمعالجة أحوال البشر ، بينما اتخذت أدلة الإمامة الإلهية شكل نصوص غير مباشرة أو غير قطعية الدلالة ، وأثبت التاريخ والواقع عدم صلاحيتها المستمرة لمعالجة أحوال البشر .
الآن ، كيف يمكن الجمع بين الشورى وبين الأدلة ذات الدلالات السياسية غير القطعية ، مثل حديث غدير خم .
بأن ندرك أولاً أنه في قضية مثل قضية الحكم بأهميتها وثقلها وقابليتها الشديدة لأن تكون محل تنازع واختلاف وتناحر وتقاتل بمجرد وفاة الرسول الكريم ، هل يصح حسم مثل هذه القضية بإشارات وتلميحات غير مباشرة وعبارات وكلمات غير قطعية الدلالة ؟!
الوحي الذي تحدث عن تفاصيل قضايا الميراث والآداب الأسرية والزوجية ، هل يمكن أن يترك قضية استراتيجية كبرى مثل قضية الأئمة المعصومين لنصوص غائمة غير قطعية الدلالة ، ثم يضرب هذه القضية في الصميم من خلال إيراد الشورى في نصين قرآنيين وتسمية إحدى السور بسورة الشورى ؟!!
قد يقال بأنه لم يتم تحديد ضوابط الشورى وآلياتها . والواقع أن هذا من مقتضيات الشورى . فالشورى تقتضي إبداء الآراء وطرح الاجتهادات والحوار والاختلاف والتنافس والصراع السياسي السلمي والتغيير والمراجعة والتفاوض ، وهذه أمور تتناسب مع طبيعة السياسة ومع تطور آلياتها ووسائلها كلما تغيرت أحوال البشر . ولهذا فإنه لم يتم تحديد تلك الضوابط والآليات . ولو تم تحديدها لتجمد الشق السياسي من الدين عند ظروف وأحوال البشر في مرحلة نزول الرسالة .
إن الضوابط والآليات تختلف لمجرد الاختلاف البسيط في وسائل النقل والاتصال أو التغيير البسيط في أحـوال المجتمع الثقافية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية . ولذلك فـإن المهم هو أن تكون الشورى هي القيمة الحاكمة للشـأن السياسي ، بحيث يكون الناس ملزمين بالاجتهـاد والتنافس وإتاحة الفرصة لكل الآراء والمواقف وتبديلها وتطويرهـا والاجتهاد بشأنها كلما تغـيرت الظروف والأحوال .
قد يقال بأن الشورى التي كانت موجـودة في عهد الصحابة كانت محدودة وضيقة . وهذا صحيح ، فالشورى التي وجدت في عهدهم هي شورى الصفوة - صفوة الأمة ، وهم المهاجرون والأنصار - وهذه الشورى كانت الأنسب لأحوال المجتمع المسلم الذي كان في طور الاتساع والتمدد وكان يتمتع بوجود صفوة جيدة الإعداد ومستجيبة للرسالة ومتواصلة معها منذ لحظات الضعف الأولى ، وهو وضع تميزوا به عن بقية المسلمين . وهذا الوضع تغير بصورة تدريجية ، وكان ينبغي أن تتسع تبعاً لذلك دائرة الصفوة وصولاً إلى عموم الأمة .
إن جلَّ الأحاديث التي وردت بشأن الإمام علي لم تكن تهدف إلى معالجة موضوع الاستخلاف ، بل كانت تهدف إلى معالجة وضع الفتنة الكبرى . ولولا ذلك لكانت تلك الأحاديث صريحة وواضحة في حسم أمر الاستخلاف ولما كان لورود الشورى حينئذ أي معنى .
إن غاية تلك الأحاديث هي إرشاد المختلفين إلى سبل الخروج من الفتنة الكبرى حين تقع . أي أنها أحاديث تستبطن أحداث الفتنة وينبغي رؤيتها والنظر إليها في ضوء طابعها الاستشرافي والتنبؤي ، فهي أحاديث تهدف إلى تأكيد أهلية الإمام علي للخلافة وتوجيه الناس نحو القبول به وموالاته وعدم معاداته حين يتم اختياره ، وبذلك يمكنهم الخروج من وضع الفتنة والحفاظ على استمرارية الخلافة .
هذا الطابع الاستشرافي والتنبؤي يشهد له غموض الدلالات السياسية للأحاديث الواردة بشأن الإمام علي ، ويشهد له وجود نصوص مباشرة وصريحة حول الشورى وورودها في القرآن الكريم الذي يحمل خطاباً عاماً وممتداً إلى قيام الساعة .
وإضافة إلى ذلك فإنه يوجد ملاحظة تستحق الذكر ، وهي أن الأحاديث القريبة من المعاني السياسية كانت تستهدف أهل المدينة ، وكأنها تشير إلى وضع خاص سيحدث في المدينة ويستدعي استحضار تلك الأحاديث . ولعل أوضح مثال لذلك حديث غدير خم الذي يعد أكثر الأحاديث دلالة على الشأن السياسي . فهذا الحديث ألقي في طريق العودة إلى المدينة بعد حجة الوداع ، بينما لو كان المقصود هو استخلاف الإمام علي لألقي هذا الحديث إلى مختلف المسلمين أثناء الحج وبصيغة قاطعة لا يُفهم منها الترشيح ولا المعاني غير السياسية بل يُفهم منها الاستخلاف السياسي ، ولورد ذلك في القرآن الكريم ولألقي في كل مناسبة ولما كان لورود الشورى أي معنى أو محل .
من أهم الأدلة التي تؤكد الطابع الاستشرافي لتلك الأحاديث القريبة من المعاني السياسية ما تؤكده سيرة علي والحسن والحسين رضي الله عنهم ، بل وسيرة عموم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار الذين شهد لهم القرآن وزكاهم .
هؤلاء جميعاً لم يستشهدوا بهذه الأحاديث ولم يطرحوها إلا في إطار التزكية والمفاضلة بين علي وغيره من قبل بعضهم ، وليس في إطار القول باختصاص علي بالحكم من قبل الله .
من أهم الأدلة التي تؤكد الطابع الاستشرافي لتلك الأحاديث القريبة من المعاني السياسية ما تؤكده سيرة علي والحسن والحسين رضي الله عنهم ، بل وسيرة عموم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار الذين شهد لهم القرآن وزكاهم . هؤلاء جميعاً لم يستشهدوا بهذه الأحاديث ولم يطرحوها ، ومن استشهد منهم ببعضها في زمن عثمان أو علي استشهد بها للتزكية والمفاضلة بين علي وغيره لا للقول باختصاص علي بالحكم من قبل الله .
لقد تأخرت بيعة علي لأبي بكر قرابة ستة أشهر . ولا شك في أنه كان يشعر بأنه الأحق والأجدر بالخلافة ، ولكن ليس بسبب وجود حق ديني له فيها ، بل بسبب مكانته وعمله وفضله وقرابته للرسـول صلى الله عليه وسلم . وهذا شعور طبيعي ومشروع في عالم السياسة ويخلو من أي معنى ديني ، بل إنه يعد من شروط الأهلية للقيادة . ومن هنا فإنه لم يصدر عن أي صحابي أي ادعاء باستحقاق علي للخلافة بحكم نصوص الوحي ، وذلك خلال فترة وجود كبار الصحابة وقرب عهدهم بالرسول وبنـزول الوحي . وكل المواقف قبل الدخول في جو الفتنة الكبرى كانت مواقف سياسية اجتهادية تخلو من الانقسامات أو التحزبات الدينية .
علي بايع الخليفة الأول ، حتى وإن تأخرت بيعته لمدة ستة أشهر . وكل الروايات والقصص الواردة حول إكراهـه على البيعة تناقض سيرة الرجلين وتخالف الوقائع السابقة للبيعة والتالية لها ، إضافة إلى أن تلك الروايات والقصص لم تظهر إلا في وقت متأخر ، وفي جو الشحن والغلـو والاندفاع نحو تأصيل نظرية الإمامة الإلهية وفك انسداداتها . هذا الجو بطبعه يسمح بقبول الادعاءات والفرضيات والقصص المتماشية مع التوجه العام والخادمة له ، حتى وإن كانت لا تصمد أمام أي تحليل نقدي .
علي بايع أيضاً الخليفة الثاني ، ثم كان أحد المرشحين لخلافته ، وبايع الخليفة الثالث ، وحين عرض عليه الثـوار استلام الخلافة بعد مقتل عثمان رفض استلامها وأصر على أن تكون البيعة بيد المهاجرين والأنصار - صفوة الأمة - وفي المسجد .
إن فكرة أو عقيدة الأئمة المعصومين ، ومهما كانت الدوافع والخلفيات والملابسات التاريخية التي أسهمت في إنتاجها والدفع باتجاهها ، ومهما بلغ حجم التأوُّل والاجتهاد في طرحها وتبريرها والتخفيف من حدتها ، ومهما أسهمت أوضاع التقليد في استمرارها ، فإنها تقود إلى نتائج خطرة على المستوى العقائدي وعلى المستوى الثقافي وعلى المستوى السياسي ، ومن أهم هذه النتائج ما يلي :
- مصادمة النصوص التي أكدت ختم الرسالات وانقطاع الوحي واكتمال الدين .
- دفع البعض عبر التاريخ إلى القول بتحريف القرآن لتأكيد وجود الأصل الديني الصريح الذي ينص على إمامة علي .
- مصادمة قيم الشورى والعدل والمساواة ومخالفة الواقع التاريخي الذي يؤكد عدم تحققها الفعلي خلال القرون الثلاثة الأولى ثم انتهاء وجود الأئمة بعد ذلك .
- دفع حركة الوعي الشيعي والاستدلالات الشيعية إلى ما قبل نزول الرسالة وما بعد ختمها ، سواء بالقياس على أحوال بعض الرسل والأنبياء والصالحين الذين سبقوا خاتم الرسل أو بالانكباب على أقوال وأفعال بعض آل البيت وإكسابها صفة القداسة .
- دفع القائلين بها إلى نسبة التقية إلى علي والحسن والحسين للجمع بين هذه العقيدة وبين سيرتهم التي تناقضها . وهذه التقية تظهرهم بمظهر الخائفين والمفرطين في أصل من أصول الدين .
- نقل الشق السياسي من حياة الصحابة إلى عالم العقائد ، وتحويل اختلافاتهم السياسية الطبيعية إلى أعمال فسوق وضلال ، وذلك بالمخالفة للآيات التي زكَّت السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار .
- إلغاء السياسة ولغتها ووسائلها وثقافتها والإسهام في تزييف الوعي بشأن أنقى فترة شهدتها الحياة الإسلامية .
- فتح أبواب الادعاء والأساطير والرجم بالغيب أمام الكثير من الأدعياء كلما تعرضت عقيدة الإمامة للانسداد .
- الإسهام في إيجاد المنفذ الثقافي الذي ظهرت منه أو استندت إليه بعض الفرق الباطنية الهدامة .
- تكريس وتجديد الشحن الطائفي والعداء السني الشيعي في مسألة قابلة لإعادة الفهم والتلاقي متى ما تحررنا من سطوة الإرث التاريخي وأعدنا فهمه بجرأة وبموضوعية .
لاحقاً بمشيئة الله نواصل تتبع معالم الوعي السياسي الشيعي الغائب ،،،،
خيمة الأرقم- موقوووووووف
- عدد المساهمات : 41
تاريخ التسجيل : 24/06/2015
منسوخ
سعيد الكثيري
10-1-2007 21:35
مع علي والحسن والحسين وشيعتهم من الصحابة
لنفترض جدلاً أن معظم كبار المهاجرين الذين ضحوا بأموالهم وممتلكاتهم وهاجروا كاللاجئين إلى الحبشة وعايشوا الحصار والتعذيب والاستضعاف ، ثم تركوا بلادهم وضحوا بعلاقاتهم بآبائهم أو أبنائهم أو أقاربهم وناصروا الدعوة وشاركوا في إنشاء الدولة وحمل الرسالة إلى مختلف الأرجاء قد قدموا كل ذلك اتباعاً لله ورسوله ونصرة للدين ، إلا أنهم تذكروا مطامعهم الشخصية فقط عند مسألة ( الوصية لعلي ) فخالفوا أوامر الله ورسوله ونقضوا أصلاً من أصول الدين .
لنفترض أن كبار الأنصار الذين آووا ونصروا وضحوا بنصف أموالهم وممتلكاتهم للمهاجرين وشاركوا في نصرة الدولة وحمل الرسالة إلى مختلف الأرجاء قد قدموا كل ذلك اتباعاً لله ورسوله ونصرة للدين ، إلا أنهم تذكروا مطامعهم الشخصية فقط عند مسألة ( الوصية لعلي ) فخالفوا أوامر الله ورسوله ونقضوا أصلاً من أصول الدين بطلب الزعامة لهم ، ثم تجاهلوا مطامعهم الشخصية وبايعوا رجلاً من قريش ( أبو بكر ) وخالفوا " وصية الرسول " بشأن رجل آخر من قريش ( علي ) .
لنفترض كل ذلك جدلاً . فماذا بشأن سيرة وأقوال وأعمال علي والحسن والحسين رضي الله عنهم ؟!
لماذا امتنعوا عن الاستدلال الصريح والقاطع والمؤكد بالنصوص التي تعطيهم حقاً سياسياً إلهياً .
لماذا لم يستدلوا بشكل قاطع وصريح ومؤكد بمثل هـذه النصوص بعد وفـاة الرسول صلى الله عليه وسلم واستعاض علي عنها بالحديث عن القرابة أو بتصريحات سياسية حول كفاءته وجدارته .
الأمر ليس أمر تقية ، فقد كان علي كرم الله وجهه واضحاً وصريحاً في ترشيح نفسه لمنصب الخلافة وفي السعي إليها وفي طرح كل الحجج التي تبرر استحقاقه لهذا المنصب . فهل كان دخوله من بوابة القرابة والكفاءة أولى وأكثر حاجة للوضوح والجرأة والصراحة من دخوله من بوابة الدين ؟!.
إذا كان علي والحسن والحسين يعتقدون بفكرة الأئمة المعصومين فلماذا قصروا في إبلاغ هذه العقيدة إلى الأمة ولماذا فرطوا في الدفاع عن إحدى عقائدهم ولماذا لم يفسروا الآيات التي تعطيهم حقوقاً سياسية إلهية ؟!.
كيف تجرأ علي على عدم مبايعة أبي بكر لمدة ستة أشهر دفاعاً عن موقفه السياسي بينما فرط بعد ذلك بكل سهولة في إظهار معتقده الديني والدفاع عنه ، وذلك بمبايعته لأبي بكر ، أو حتى بتعايشه مع الأوضاع ؟!.
كيف تجرأ على إخفاء معتقده الديني والتفريط فيه طوال مدة حكم عمر ؟!. وكيف قبل أن يدخل في منافسة ضمن المرشحين الستة لمنصب الخلافة بعد استشهاد عمر ؟!.
أين كان الحسن والحسين ومؤيدو علي والمؤمنون بحقه الديني في الولاية من كل هذا ؟!.
ما معنى رفضه لحقه الديني في الخلافة حين أتى إليه الثوار ، وما معنى عرضه بأن يكون وزيراً لهم بدل أن يكون أميراً ، ثم ما معنى إصراره على أن تكون البيعة بيد المهاجرين والأنصار ، وفي المسجد ؟!.
لماذا اختفت المقارنات ذات الطابع الديني في مواجهة أبي بكر وعمر وعثمان وظهرت في مواجهة معاوية ؟!.
كيف انطلقت منه عبارات امتداح لحكم أبي بكر وعمر حين رد على من سأله عن أسباب تميز حكمهما عن حكمه ، حيث أشار إلى أن تميزهما يعود إلى وجوده هو وأمثاله بين المحكومين ؟!.
أين كان أبرز شيعة علي كرم الله وجهه ، كعمار بن ياسر ، والمقداد ، وأبي ذر ، وسلمان الفارسي ، وجابر بن عبد الله ... وغيرهم ؟!.
لماذا لم يستشهدوا بالنصوص ؟. ولماذا سكت أبرز شيعة علي ( عمار بن ياسر رضي الله عنه ) في عهد أبي بكر وعمر ، بل وقَبِل استعماله على الكوفة وعزله عنها في عهد عمر ، بينما لم يتردد في الإعلان عن أفضلية علي منذ اختيار عثمان للخلافة ؟!.
لماذا ظل العباس يتحدث فقط عن مسألة القربى حين طلب من الإمام علي ترشيح نفسه للحكم ، سواء بعد وفاة الرسول أو بعد استشهاد عمر ؟.
لنبتعد عن المهاجرين و " مخالفتهم للوصية " ولنتساءل عن الأنصار الذين قدموا أروع وأعظم الأمثلة في نصرة الدين ؟!
لماذا لم يكن لديهم أي علم بالوصية منذ وفاة الرسول الكريم ؟!
لماذا اتجهوا إلى تنصيب رجل منهم واختلفوا حول انتمائه الأوسي أو الخزرجي ، ثم اقترحوا أميراً منهم وأميراً من قريش ؟!
ولماذا اتجهوا في النهاية إلى مبايعة أبي بكر دون إشارة أو ذكر للأحاديث الواردة بشأن علي ؟!.
ثم لماذا تغيرت مواقفهم في النصف الثاني من خلافة عثمان ومالوا بقوة إلى علي ؟!
هل يدل كل هذا على الاختلافات السياسية في إطار الشورى وتغير المواقف تبعاً للأداء السياسي ، أم يدل على تواطؤ السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار الذين شهد لهم الوحي وزكاهم على مخالفة وصية الرسول وهدم أصل من أصول الدين ؟!
هل كان الرسول مخدوعاً حتى في السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، وألا يؤدي ذلك إلى تكذيب الآيات القرآنية الواردة بشأنهم ؟!
هل كان المسلمون سيحققون كل النجاحات التي حققوها وكل التلاحم بينهم في عهد أبي بكر وعمر لو كانت البداية قد شهدت تواطؤاً على هدم أصل من أصول الدين أو سكوتاً عن هدمه ؟!
كيف تنازل الحسن عن إحدى عقائده الدينية ودخل في مساومة حولها وأبرم اتفاقاً مع أبرز محاربيها ؟!.
لماذا فرط الحسين في عقيدته حول الأئمة المعصومين خلال حكم الخلفاء الراشدين وخلال حكم معاوية ثم نقض هذا الموقف ونسي التقية حين تم تنصيب يزيد ؟!.
إذا كان الأنصار وأبو بكر وعمر وأبو عبيدة وبقية المهاجرين القرشيين من غير آل البيت قد ارتدوا عن عقيدة الإمامة الإلهية ، فماذا نقول عن العباس والحسن والحسين ، وماذا نقول عن أبرز شيعة علي ، بل ماذا نقول عن علي ذاته ؟!
هل كان علي والحسن والحسين ممثلين غير جديرين بتمثيل الأمة وخائفين ومضطربين يعيشون بشخصيات مزدوجة يختلف فيها الظاهر عن الباطن ؟!.
هل كانوا يصلون ويصومون ويحجون ويجاهدون ويعيشون بعقليات ونفسيات الأغراب وسط مجتمع هادم لأصل من أصول الدين ؟!.
هل كانوا يمارسون الازدواجية والنفاق إلى حد مبايعة من هدموا أصلاً من أصول الدين ، بل ومصاهرتهم وتسمية بعض أبنائهم بأسماء هؤلاء الخارجين على أحد أصول الدين ؟!.
هل كانت التقية ضرورية حتى في الزواج وتسمية الأبناء ؟!.
هكذا تبدو سيرة وأقـوال وأعمال علي والحسن والحسين حين نتصورها في إطار عقيدة الأئمة المعصومين .
أما حين نتصورها في إطار الصراع السياسي السلمي المشروع والطبيعي والضروري الذي هو ضرورة من ضرورات وجود الشورى ، فإن أعظم ما قدموه على الصعيد السياسي هو احترام إرادة عموم صفـوة الأمة .
لقد قدمـوا أروع النماذج التي ينبغي الاقتداء بها على هذا الصعيد . وإن أعظم إنجاز سياسي حققه الصحابة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم هو استبعاد الحكم العائلي ، وأخطر انحراف حدث بعد ذلك هو الوقوع في أسر هذا النمط من الحكم .
لقد بايع علي ثلاثة خلفاء احتراماً لإرادة عموم صفوة الأمة ، وذلك رغم شعوره بأنه الأجدر بالخلافة ، وتنازل الحسن عن الحكم فحقق بذلك مصلحة عامة للأمة ، وتعايش الحسين مع كل الخلفاء والحكام الذين سبقوا لحظة مصادرة إرادة الأمة ، ثم حين فُرض توريث الحكم للأبناء انتفض ضد هذا العدوان على الأمة .
إن أبا بكر وعمر وعلياً والحسين ينتمون إلى ذات القيم وإلى عالم الرموز والشخصيات الاستثنائية التي يمكن أن تظل مصدراً لإلهام أهل السنة والشيعة على حد سواء ، وذلك إذا أخرجنا الاختلافات السياسية من عالم العقيدة وأبقيناها في عالم السياسة .
إذا آمنا بأن الأربعة كانوا ضد تقديس السياسة وضد الحكم العائلي وضد الاستيلاء القسري على السلطة وضد الحكم على عقيدة وإيمان مخالفيهم السياسيين .
إذا آمنا بأن الطموح السياسي مباح وشرط من شروط القيادة وأن الاختلاف السياسي ضرورة لا مناص منها ولا اختفاء لها إلا في عالم المستبدين .
وهكذا فإنه يمكن تفسير ما ورد بشأن ولاية علي في إطار الطابع الاستشرافي والتنبؤي للأحاديث القريبة من هذا المعنى ودون الإخلال بقيمة الشورى التي عكستها وجسدتها سيرة علي والحسن والحسين رضي الله عنهم . أما فهم تلك الأحاديث في إطار عقيدة الأئمة المعصومين فهو يصادم بعض حقائق الوحي ويخالف سيرة عموم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وسيرة المعنيين بتلك الأحاديث وأبرز شيعتهم من الصحابة .
لقد حظيت الفترة التي تلت وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بالكثير من الإشادات القرآنية والنبوية . ولو كانت الأحاديث الواردة بشأن علي كرم الله وجهه تحمل المعاني السياسية التي يفهمها الشيعة الإمامية لما وردت أية إشادة قرآنية أو نبوية بتلك المرحلة ، بل لكانت محل إدانة كبرى لا تكاد تدانيها إدانة . ذلك أن الانقلاب على عقيدة العصمة الإلهية لم يحدث في عهد الأمويين ، بل حدث بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة . فأين هي تلك الإدانة العامة الصريحة والمحددة ؟. بل ماذا نفعل حيال كل صنوف الإشادة القرآنية والنبوية بتلك المرحلة وبالسابقين الأولين من أهلها ؟!.
لنحاول إعادة النظر إلى الجانب السياسي من حياة الصحابة الكرام من بوابة السياسة وطبيعتها ومعاييرها وطبائع البشر تجاهها ، وليس من بوابة العقيدة أو العبادة وطبيعتهما ومعاييرهما وطبائع البشر تجاههما . وحين نفعل ذلك فإننا سنخرج بوعي مختلف عن حياة الصحابة الكرام ، وسنقدر كثيراً إنجازاتهم في ميدان السياسة ، وسنعرف حجم الاختلاف بينهم وبين غيرهم ، وسنكتشف المزالق والأخطاء التي وقعوا فيها ، وجوانب التطوير التي كان يمكن من خلالها تجنب التقاتل وصولاً إلى هدم الخلافة وتأسيس المُلك .
لاحقاً بمشيئة الله سنتناول هذا الجانب الحيوي والمحوري في إعادة فهم الجانب السياسي من حياة الصحابة الكرام ،،،،
10-1-2007 21:35
مع علي والحسن والحسين وشيعتهم من الصحابة
لنفترض جدلاً أن معظم كبار المهاجرين الذين ضحوا بأموالهم وممتلكاتهم وهاجروا كاللاجئين إلى الحبشة وعايشوا الحصار والتعذيب والاستضعاف ، ثم تركوا بلادهم وضحوا بعلاقاتهم بآبائهم أو أبنائهم أو أقاربهم وناصروا الدعوة وشاركوا في إنشاء الدولة وحمل الرسالة إلى مختلف الأرجاء قد قدموا كل ذلك اتباعاً لله ورسوله ونصرة للدين ، إلا أنهم تذكروا مطامعهم الشخصية فقط عند مسألة ( الوصية لعلي ) فخالفوا أوامر الله ورسوله ونقضوا أصلاً من أصول الدين .
لنفترض أن كبار الأنصار الذين آووا ونصروا وضحوا بنصف أموالهم وممتلكاتهم للمهاجرين وشاركوا في نصرة الدولة وحمل الرسالة إلى مختلف الأرجاء قد قدموا كل ذلك اتباعاً لله ورسوله ونصرة للدين ، إلا أنهم تذكروا مطامعهم الشخصية فقط عند مسألة ( الوصية لعلي ) فخالفوا أوامر الله ورسوله ونقضوا أصلاً من أصول الدين بطلب الزعامة لهم ، ثم تجاهلوا مطامعهم الشخصية وبايعوا رجلاً من قريش ( أبو بكر ) وخالفوا " وصية الرسول " بشأن رجل آخر من قريش ( علي ) .
لنفترض كل ذلك جدلاً . فماذا بشأن سيرة وأقوال وأعمال علي والحسن والحسين رضي الله عنهم ؟!
لماذا امتنعوا عن الاستدلال الصريح والقاطع والمؤكد بالنصوص التي تعطيهم حقاً سياسياً إلهياً .
لماذا لم يستدلوا بشكل قاطع وصريح ومؤكد بمثل هـذه النصوص بعد وفـاة الرسول صلى الله عليه وسلم واستعاض علي عنها بالحديث عن القرابة أو بتصريحات سياسية حول كفاءته وجدارته .
الأمر ليس أمر تقية ، فقد كان علي كرم الله وجهه واضحاً وصريحاً في ترشيح نفسه لمنصب الخلافة وفي السعي إليها وفي طرح كل الحجج التي تبرر استحقاقه لهذا المنصب . فهل كان دخوله من بوابة القرابة والكفاءة أولى وأكثر حاجة للوضوح والجرأة والصراحة من دخوله من بوابة الدين ؟!.
إذا كان علي والحسن والحسين يعتقدون بفكرة الأئمة المعصومين فلماذا قصروا في إبلاغ هذه العقيدة إلى الأمة ولماذا فرطوا في الدفاع عن إحدى عقائدهم ولماذا لم يفسروا الآيات التي تعطيهم حقوقاً سياسية إلهية ؟!.
كيف تجرأ علي على عدم مبايعة أبي بكر لمدة ستة أشهر دفاعاً عن موقفه السياسي بينما فرط بعد ذلك بكل سهولة في إظهار معتقده الديني والدفاع عنه ، وذلك بمبايعته لأبي بكر ، أو حتى بتعايشه مع الأوضاع ؟!.
كيف تجرأ على إخفاء معتقده الديني والتفريط فيه طوال مدة حكم عمر ؟!. وكيف قبل أن يدخل في منافسة ضمن المرشحين الستة لمنصب الخلافة بعد استشهاد عمر ؟!.
أين كان الحسن والحسين ومؤيدو علي والمؤمنون بحقه الديني في الولاية من كل هذا ؟!.
ما معنى رفضه لحقه الديني في الخلافة حين أتى إليه الثوار ، وما معنى عرضه بأن يكون وزيراً لهم بدل أن يكون أميراً ، ثم ما معنى إصراره على أن تكون البيعة بيد المهاجرين والأنصار ، وفي المسجد ؟!.
لماذا اختفت المقارنات ذات الطابع الديني في مواجهة أبي بكر وعمر وعثمان وظهرت في مواجهة معاوية ؟!.
كيف انطلقت منه عبارات امتداح لحكم أبي بكر وعمر حين رد على من سأله عن أسباب تميز حكمهما عن حكمه ، حيث أشار إلى أن تميزهما يعود إلى وجوده هو وأمثاله بين المحكومين ؟!.
أين كان أبرز شيعة علي كرم الله وجهه ، كعمار بن ياسر ، والمقداد ، وأبي ذر ، وسلمان الفارسي ، وجابر بن عبد الله ... وغيرهم ؟!.
لماذا لم يستشهدوا بالنصوص ؟. ولماذا سكت أبرز شيعة علي ( عمار بن ياسر رضي الله عنه ) في عهد أبي بكر وعمر ، بل وقَبِل استعماله على الكوفة وعزله عنها في عهد عمر ، بينما لم يتردد في الإعلان عن أفضلية علي منذ اختيار عثمان للخلافة ؟!.
لماذا ظل العباس يتحدث فقط عن مسألة القربى حين طلب من الإمام علي ترشيح نفسه للحكم ، سواء بعد وفاة الرسول أو بعد استشهاد عمر ؟.
لنبتعد عن المهاجرين و " مخالفتهم للوصية " ولنتساءل عن الأنصار الذين قدموا أروع وأعظم الأمثلة في نصرة الدين ؟!
لماذا لم يكن لديهم أي علم بالوصية منذ وفاة الرسول الكريم ؟!
لماذا اتجهوا إلى تنصيب رجل منهم واختلفوا حول انتمائه الأوسي أو الخزرجي ، ثم اقترحوا أميراً منهم وأميراً من قريش ؟!
ولماذا اتجهوا في النهاية إلى مبايعة أبي بكر دون إشارة أو ذكر للأحاديث الواردة بشأن علي ؟!.
ثم لماذا تغيرت مواقفهم في النصف الثاني من خلافة عثمان ومالوا بقوة إلى علي ؟!
هل يدل كل هذا على الاختلافات السياسية في إطار الشورى وتغير المواقف تبعاً للأداء السياسي ، أم يدل على تواطؤ السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار الذين شهد لهم الوحي وزكاهم على مخالفة وصية الرسول وهدم أصل من أصول الدين ؟!
هل كان الرسول مخدوعاً حتى في السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، وألا يؤدي ذلك إلى تكذيب الآيات القرآنية الواردة بشأنهم ؟!
هل كان المسلمون سيحققون كل النجاحات التي حققوها وكل التلاحم بينهم في عهد أبي بكر وعمر لو كانت البداية قد شهدت تواطؤاً على هدم أصل من أصول الدين أو سكوتاً عن هدمه ؟!
كيف تنازل الحسن عن إحدى عقائده الدينية ودخل في مساومة حولها وأبرم اتفاقاً مع أبرز محاربيها ؟!.
لماذا فرط الحسين في عقيدته حول الأئمة المعصومين خلال حكم الخلفاء الراشدين وخلال حكم معاوية ثم نقض هذا الموقف ونسي التقية حين تم تنصيب يزيد ؟!.
إذا كان الأنصار وأبو بكر وعمر وأبو عبيدة وبقية المهاجرين القرشيين من غير آل البيت قد ارتدوا عن عقيدة الإمامة الإلهية ، فماذا نقول عن العباس والحسن والحسين ، وماذا نقول عن أبرز شيعة علي ، بل ماذا نقول عن علي ذاته ؟!
هل كان علي والحسن والحسين ممثلين غير جديرين بتمثيل الأمة وخائفين ومضطربين يعيشون بشخصيات مزدوجة يختلف فيها الظاهر عن الباطن ؟!.
هل كانوا يصلون ويصومون ويحجون ويجاهدون ويعيشون بعقليات ونفسيات الأغراب وسط مجتمع هادم لأصل من أصول الدين ؟!.
هل كانوا يمارسون الازدواجية والنفاق إلى حد مبايعة من هدموا أصلاً من أصول الدين ، بل ومصاهرتهم وتسمية بعض أبنائهم بأسماء هؤلاء الخارجين على أحد أصول الدين ؟!.
هل كانت التقية ضرورية حتى في الزواج وتسمية الأبناء ؟!.
هكذا تبدو سيرة وأقـوال وأعمال علي والحسن والحسين حين نتصورها في إطار عقيدة الأئمة المعصومين .
أما حين نتصورها في إطار الصراع السياسي السلمي المشروع والطبيعي والضروري الذي هو ضرورة من ضرورات وجود الشورى ، فإن أعظم ما قدموه على الصعيد السياسي هو احترام إرادة عموم صفـوة الأمة .
لقد قدمـوا أروع النماذج التي ينبغي الاقتداء بها على هذا الصعيد . وإن أعظم إنجاز سياسي حققه الصحابة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم هو استبعاد الحكم العائلي ، وأخطر انحراف حدث بعد ذلك هو الوقوع في أسر هذا النمط من الحكم .
لقد بايع علي ثلاثة خلفاء احتراماً لإرادة عموم صفوة الأمة ، وذلك رغم شعوره بأنه الأجدر بالخلافة ، وتنازل الحسن عن الحكم فحقق بذلك مصلحة عامة للأمة ، وتعايش الحسين مع كل الخلفاء والحكام الذين سبقوا لحظة مصادرة إرادة الأمة ، ثم حين فُرض توريث الحكم للأبناء انتفض ضد هذا العدوان على الأمة .
إن أبا بكر وعمر وعلياً والحسين ينتمون إلى ذات القيم وإلى عالم الرموز والشخصيات الاستثنائية التي يمكن أن تظل مصدراً لإلهام أهل السنة والشيعة على حد سواء ، وذلك إذا أخرجنا الاختلافات السياسية من عالم العقيدة وأبقيناها في عالم السياسة .
إذا آمنا بأن الأربعة كانوا ضد تقديس السياسة وضد الحكم العائلي وضد الاستيلاء القسري على السلطة وضد الحكم على عقيدة وإيمان مخالفيهم السياسيين .
إذا آمنا بأن الطموح السياسي مباح وشرط من شروط القيادة وأن الاختلاف السياسي ضرورة لا مناص منها ولا اختفاء لها إلا في عالم المستبدين .
وهكذا فإنه يمكن تفسير ما ورد بشأن ولاية علي في إطار الطابع الاستشرافي والتنبؤي للأحاديث القريبة من هذا المعنى ودون الإخلال بقيمة الشورى التي عكستها وجسدتها سيرة علي والحسن والحسين رضي الله عنهم . أما فهم تلك الأحاديث في إطار عقيدة الأئمة المعصومين فهو يصادم بعض حقائق الوحي ويخالف سيرة عموم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وسيرة المعنيين بتلك الأحاديث وأبرز شيعتهم من الصحابة .
لقد حظيت الفترة التي تلت وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بالكثير من الإشادات القرآنية والنبوية . ولو كانت الأحاديث الواردة بشأن علي كرم الله وجهه تحمل المعاني السياسية التي يفهمها الشيعة الإمامية لما وردت أية إشادة قرآنية أو نبوية بتلك المرحلة ، بل لكانت محل إدانة كبرى لا تكاد تدانيها إدانة . ذلك أن الانقلاب على عقيدة العصمة الإلهية لم يحدث في عهد الأمويين ، بل حدث بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة . فأين هي تلك الإدانة العامة الصريحة والمحددة ؟. بل ماذا نفعل حيال كل صنوف الإشادة القرآنية والنبوية بتلك المرحلة وبالسابقين الأولين من أهلها ؟!.
لنحاول إعادة النظر إلى الجانب السياسي من حياة الصحابة الكرام من بوابة السياسة وطبيعتها ومعاييرها وطبائع البشر تجاهها ، وليس من بوابة العقيدة أو العبادة وطبيعتهما ومعاييرهما وطبائع البشر تجاههما . وحين نفعل ذلك فإننا سنخرج بوعي مختلف عن حياة الصحابة الكرام ، وسنقدر كثيراً إنجازاتهم في ميدان السياسة ، وسنعرف حجم الاختلاف بينهم وبين غيرهم ، وسنكتشف المزالق والأخطاء التي وقعوا فيها ، وجوانب التطوير التي كان يمكن من خلالها تجنب التقاتل وصولاً إلى هدم الخلافة وتأسيس المُلك .
لاحقاً بمشيئة الله سنتناول هذا الجانب الحيوي والمحوري في إعادة فهم الجانب السياسي من حياة الصحابة الكرام ،،،،
خيمة الأرقم- موقوووووووف
- عدد المساهمات : 41
تاريخ التسجيل : 24/06/2015
منسوخ
سعيد الكثيري
11-1-2007 21:35
الصحابة الكرام من بوابة السياسة (1)
الصحابة عند السنة وعند الشيعة بسبب الوعي السياسي الغائب وإعمال المعايير العقائدية في ميدان السياسة ليسوا بشراً يمارسون السياسة ، بل هم كائنات عقائدية بطباع ملائكية عند أهل السنة وكائنات عقائدية بطباع ملائكية وشيطانية عند الشيعة .
الساحة السياسية هي ساحة الاجتهاد الذي لا يكاد يتناهى . وإذا ما تم الالتزام بالشورى والصراع السلمي فإن كل الآراء والأعمال تدور في محيط الصحة والخطأ ، بل الصحة النسبية والخطأ النسبي . وبحكم هذا الطابع الاجتهادي المفتوح وتعدد أوجه الصحة والخطأ فإن هذه الساحة بطبعها هي ساحة اختلاف وصراع وتحزبات وبحث عن المواقع واستثارة للدوافع الرسالية والمعنوية والمادية وتهييج للمشاعر واستقطاب للشائعات وتلقف للادعاءات وتحريك للانتماءات غير المبنية على أسس سياسية .
هذه هي ساحة السياسة التي ينبغي رؤية حياة أي بشر يتعاطون السياسة في إطارها ، بما في ذلك حياة الصحابة الكرام ، سواء في طباعهم أو معايير الحكم على أدائهم أو طبيعة الموضوعات التي يتناولونها . ولنتنبه هنا إلى أن الاختلاف والصراع والتحزبات والبحث عن المواقع واستثارة الدوافع وتهييج المشاعر وتحريك الانتماءات هي أعظم وسائل تطوير الأداء السياسي والحياة الدنيوية طالما وجدت الشورى ووجد المشروع الدنيوي الجامع .
وبالمقابل فإن الحكم الاستبدادي لا يلغي هذه الدوافع والمشاعر والتوجهات والطباع الإنسانية بل يقمعها ويكبتها ويفعل شتى الأفاعيل بالناس من أجل ضمان نجاح هذا القمع والكبت . والنتيجة هي إلغاء الساحة السياسية وتجميد الأداء السياسي ومصادرة إمكانات تقويمه وتصحيحه وتعطيل أهم وسائل تطوير الحياة الدنيوية .
الآن ، هذه الساحة السياسية بطبيعتها ومواصفاتها وسماتها ، والطباع البشرية التي تعمل في إطار هذه الساحة ، والمعايير التي ينبغي أن تحكم الأداء فيها ، غائبة عن الوعي السني وعن الوعي الشعي .
الساحة الحاضرة في أذهانهم هي ساحة العقيدة والعبادة . الطباع الحاضرة في أذهانهم هي الطباع المستمدة من موضوعات العقيدة والعبادة ( الاهتداء والزيغ ، الامتثال والعصيان ) . المعايير الحاضرة في أذهانهم هي معايير العقيدة والعبادة ( الإيمان ، الكفر ، النفاق ، الارتداد ) .
لا مكان للطموح السياسي بموجب معايير العقيدة والعبادة ، فهو منقصة وعيب وسبة وينافي كمال الأخلاق ، بينما هو بمعايير السياسة وطباع البشر أمر فطري ومشروع وضروري ومحمود وسنة من سنن الله في خلقه ، بل إنه غالباً ما يزيد كلما علت مكانة الأشخاص وإمكاناتهم وقدراتهم ومواهبهم في مجال القيادة والحكم ، وكلما كان الشأن السياسي من الأمور الاجتهادية والمباحة .
هذا هو ما تعكسه سيرة كبار الصحابة الكرام ( أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وغيرهم ) الذين لو لم يكن لديهم الطموح السياسي لما كانوا بشراً ولما كانوا قادة ولا صالحين للقيادة .
هذا هو ما تكشفه سير حكام التغلب الذين يضحون أحياناً بأبنائهم وآبائهم وإخوتهم ويتفننون في قمع شعوبهم واللجوء إلى كل ألوان الأذى والتعذيب والقتل والإبادة والحروب لتحقيق طموحهم السياسي ووأد طموحات غيرهم والانتقام من خصومهم ، حتى من خلال نبش قبورهم .
هذا هو ما تكشفه سير الناس في البلدان الديمقراطية الذين أسالوا أنهاراً من الدماء في حروبهم السياسية قبل أن يكتشفوا أن هذا الطموح هو طموح أصيل وفطري وشديد في النفس البشرية ، وأنه يقوى ويشتد لدى المؤهلين للقيادة والإدارة والحكم . وبالتالي فقد أباحوا هذا الطموح وقننوا ونظموا التنافس بشأنه من خلال وسائل وآليات الديمقراطية لتتحول حياتهم مع كل انتخابات إلى ساحات صراع وتجاذب واختلاف وتنافس مؤطر ومتجه بالضرورة نحو خدمة الوطن .
الاختلاف في ميدان العقيدة والعبادة هو دليل فرقة وتشتت وانحراف ، في حين أن الاختلاف السياسي هو أمر فطري ومشـروع ولا مناص منه ، بل إنه أهم وأقوى آليات تطوير الفكر والأداء السياسي . والمهم هو أن يخضع المختلفون من البداية إلى النهاية لرأي الأمة أو لرأي صفوتها . ولذلك فإنه ليس غريباً أن يكون الاختلاف السياسي قد ثار مباشرة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، بل الغريب والمستحيل هو خلو الشأن السياسي الاجتهادي بطبعه والزئبقي بطبعه من الاختلاف والصراع السلمي . إنهما دليل الصحة السياسية طالما أنهما يتحققان في إطار ولاية الأمة أو ولاية صفوتها . والديمقراطية والشورى هما فكرتان وقيمتان تستهدفان تأطير وتنظيم وشرعنة الاختلاف والطموح والصراع السياسي السلمي ، أما إلغاء الاختلاف والطموح والصراع السلمي فهو ما تختص به الأنظمة الاستبدادية .
هذه المعلومات البدهية حول طبيعة السياسة وطبائع البشر غائبة عن الوعي السنّي والشيعي ، الأمر الذي يؤدي إلى الفهم العقائدي للطموح السياسي والاختلافات السياسية بين الصحابة كما يفعل الشيعة أو النظر إليها كعيب أو منقصة أو سُبة أو دليل فرقة وتشتت كما يفعل أهل السُنَّة .
هذا الخلل النابع من تواضع مستوى الوعي بطبيعة السياسة وطبائع البشر وشدة حضور أحداث الفتنة الكبرى وتداعياتها يقود عند الشيعة إلى المحاكمات العقائدية للطموح السياسي والاختلافات السياسية بين الصحابة ، ويقود عند أهل السُنَّة إلى ترسيخ الجهل السياسي وعدم الوعي بسنن الخلافة الراشدة وربط الاختلاف بالفتنة وربط المصلحة بحكم التغلب ، وذلك بالمخالفة لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم حول ذلك الحكم .
إن مجرد الوعي بطبيعة السياسة وطبائع البشر خصوصاً في قضية الطموح السياسي وقضية الاختلاف تكفي لوحدها للحكم بعدم صلاحية عقيدة الأئمة المعصومين وعدم انسجامها مع طبيعة السياسة وطبائع البشر التي أودعها الله فيهم ، وتكفي أيضاً للحكم بعدم شرعية حكم التغلب وعدم صلاحيته للبناء والتطوير وإطلاق قدرات الأمة ، وإن كان له حسنات في مراحل الأزمات والفتن من خلال حيلولته المؤقتة دون الحروب الأهلية .
فقط حين نطل على الجانب السياسي من حياة الصحابة الكرام من بوابة السياسة وطبيعتها ومعاييرها وطبائع البشر تجاهها ، وليس من بوابة العقيدة أو العبادة وطبيعتهما ومعاييرهما وطبائع البشر تجاههما ، سنخرج بوعي مختلف عن حياة الصحابة الكرام ، وسنقدر كثيراً إنجازاتهم في ميدان السياسة ، وسنعرف حجم الاختلاف بينهم وبين غيرهم ، وسنكتشف المزالق والأخطاء التي وقعوا فيها ، وجوانب التطوير التي كان يمكن من خلالها تجنب التقاتل وصولاً إلى هدم الخلافة وتأسيس المُلك .
لننظر فقط من الناحية السياسية إلى اختيار أبي بكر وعمر ، أو في أسوأ الأحوال لننظر إلى وصولهما السلمي للسلطة ، ولماذا لم يُحدث هذا الوصول كارثة أو انشقاقاً دينياً عاماً ؟!
هذا لوحده يثبت أن عقيدة الأئمة المعصومين لم تكن موجودة لديهم ، وإلا لقادت إلى التفتيت والانشقاق الديني مباشرة .
لننظر بالمقابل إلى فرضية وصول علي إلى السلطة سلمياً بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم . ما الذي كان سيحدث ؟!
قد لا يصل أحد إلى مرتبة علي في الفضل والقرابة والشجاعة ومحبة رسول الله له . ولكن كل هذه الجوانب ليست أهم عوامل النجاح السياسي .
أولاً من ناحية السن كان علي الشاب سيقود شيوخاً . ورغم أنه لا غضاضة في هذا الأمر من الناحية الدينية ولا من الناحية السياسية ، ولا مشكلة في الأمر عند قيادة الجيوش ، إلا أنه في مجال الحكم والإدارة وفي مجتمع عربي مكون من العديد من العشائر والقبائل التي تسهم عشائريتها وقبائليتها في تشكيل وعيها السياسي ، فإن هذه النقطة كانت لصالح أبي بكر وعمر .
ثانياً من ناحية حماية الشورى ، كان وصول علي إلى الخلافة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم سيؤدي إلى هدم الشورى وتأسيس الحكم العائلي .
لا شك أن علياً ما كان ليهدم الشورى أو يورث الحكم إلى أحد أبنائه أو أفراد عائلته ، ولكن الثقافة السياسية العربية وغير العربية كانت ستأتي بهم وكان سيتهيأ هذا الوضع خلال حكمه حتى ولو لم يرد ذلك . وبعيداً عن صحة ما يروى عنه من أن قريشاً كانت تشعر بأن الحكم لو انتقل للهاشميين لما خرج منهم فإن هذا الاستنتاج عميق ودقيق إلى أبعد مدى حتى ولو لم يثبت صدوره عن الإمام علي .
إن أعظم إنجاز سياسي تحقق في عهد الخلفاء الراشدين هو استبعاد الحكم العائلي رغم كل المكانة التي كانت للإمام علي كرم الله وجهه . وأعظم كارثة سياسية حلت بالأمة هي نقض الشورى وتأسيس الحكم العائلي منذ عهد بني أمية .
ثالثاً : أبو بكر وعمر لم يكونا من البيوت القرشية المنافسة على الزعامة ، وهذا أدى إلى إطفاء أو تحجيم جذوة الرابطة العائلية والتنافس القرشي العائلي في عهدهما . ومثلما صعدت الرابطة العشائرية والمنافسة بين الأوس والخزرج منذ أول تفكير في خليفة الرسول فإن قضية الهاشميين والأمويين كانت ستصعد منذ وفاة الرسول لو أن علياً اختير بعده . وقد نشأت بالفعل هذه المنافسة منذ ازدياد النفوذ الأموي في عهد الخليفة عثمان ثم تصاعدت إلى أن تم نقض الخلافة وتأسيس المُلك . بل إننا منذ ذلك العهد نكاد نعيش ثقافة الحكم العائلي الذي أسسه بنو أمية وتشكلت في ظله الثقافة السياسية السنية ، وثقافة الإرث العلوي العائلي المقدس الذي تشكلت في ظله الثقافة السياسية الشيعية .
رابعاً : علي كان أبرز حاملي رايات الجهاد . وفي مجتمع لم يتخلص تماماً من ثقافة الثأر ومليء بحديثي العهد بالإسلام ، كان القادة غير العسكريين أصلح لعدم استثارة وتحريك هذا الهاجس واستدعاء ثقافة الثأر أو إحيائها أو تقويتها بأية صورة .
وهكذا ، ومع استبعاد الموازنات على صعيد الفضل والقربى واستحضار الموازنات السياسية فقط ضمن ظروف وثقافة المجتمع الإسلامي بعد وفاة الرسول الكريم ، فإن أبا بكر وعمرا كانا أصلح من علي للقيادة السياسية ، سواء بحكم السن أو بحكم حماية الشورى واستبعاد الحكم العائلي أو بحكم عدم انتماء أبي بكر وعمر لأسر منافسة على زعامة قريش أو بحكم مصالح المسلمين في التأليف والتوحد ضمن مجتمع حديث عهد بقادة الفتوحات وبالمسلمين الجدد .
نأتي الآن إلى ما يقال عن الإسراع في اختيار أبي بكر . ونعتقد من الناحية السياسية أنه لولا الإسراع في اختياره بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم لأدى ذلك الحدث الاستثنائي إلى اهتزاز الأمة وتشرذمها . ولا شك أن حركات الردة تعد مؤشراً للحالة العامة التي كان يمكن أن تؤول إليها الأوضاع لو تأخر اختيار خليفة الرسول أو ثارت انقسامات واسعة حولـه أو كان محل رفض من قبل عموم أو غالبية المهاجرين والأنصار . ولولا القبول العام أو الغالب للخليفة الثاني وتمتعه بكفاءة سياسية استثنائية لما تحققت أفضل تجربة سياسية في تاريخ المسلمين .
متى بدأت العوامل السياسية تميل بقوة لمصلحة علي ، ومتى كان علي أصلح من الناحية السياسية ، وبعيداً عن معايير الورع والتقوى والفضل والقرابة والمكانة الدينية ؟!!
لاحقاً بمشيئة الله نتناول هذه المسألة ، ونواصل تحليل حياة الصحابة من المنظور السياسي ،،،،
11-1-2007 21:35
الصحابة الكرام من بوابة السياسة (1)
الصحابة عند السنة وعند الشيعة بسبب الوعي السياسي الغائب وإعمال المعايير العقائدية في ميدان السياسة ليسوا بشراً يمارسون السياسة ، بل هم كائنات عقائدية بطباع ملائكية عند أهل السنة وكائنات عقائدية بطباع ملائكية وشيطانية عند الشيعة .
الساحة السياسية هي ساحة الاجتهاد الذي لا يكاد يتناهى . وإذا ما تم الالتزام بالشورى والصراع السلمي فإن كل الآراء والأعمال تدور في محيط الصحة والخطأ ، بل الصحة النسبية والخطأ النسبي . وبحكم هذا الطابع الاجتهادي المفتوح وتعدد أوجه الصحة والخطأ فإن هذه الساحة بطبعها هي ساحة اختلاف وصراع وتحزبات وبحث عن المواقع واستثارة للدوافع الرسالية والمعنوية والمادية وتهييج للمشاعر واستقطاب للشائعات وتلقف للادعاءات وتحريك للانتماءات غير المبنية على أسس سياسية .
هذه هي ساحة السياسة التي ينبغي رؤية حياة أي بشر يتعاطون السياسة في إطارها ، بما في ذلك حياة الصحابة الكرام ، سواء في طباعهم أو معايير الحكم على أدائهم أو طبيعة الموضوعات التي يتناولونها . ولنتنبه هنا إلى أن الاختلاف والصراع والتحزبات والبحث عن المواقع واستثارة الدوافع وتهييج المشاعر وتحريك الانتماءات هي أعظم وسائل تطوير الأداء السياسي والحياة الدنيوية طالما وجدت الشورى ووجد المشروع الدنيوي الجامع .
وبالمقابل فإن الحكم الاستبدادي لا يلغي هذه الدوافع والمشاعر والتوجهات والطباع الإنسانية بل يقمعها ويكبتها ويفعل شتى الأفاعيل بالناس من أجل ضمان نجاح هذا القمع والكبت . والنتيجة هي إلغاء الساحة السياسية وتجميد الأداء السياسي ومصادرة إمكانات تقويمه وتصحيحه وتعطيل أهم وسائل تطوير الحياة الدنيوية .
الآن ، هذه الساحة السياسية بطبيعتها ومواصفاتها وسماتها ، والطباع البشرية التي تعمل في إطار هذه الساحة ، والمعايير التي ينبغي أن تحكم الأداء فيها ، غائبة عن الوعي السني وعن الوعي الشعي .
الساحة الحاضرة في أذهانهم هي ساحة العقيدة والعبادة . الطباع الحاضرة في أذهانهم هي الطباع المستمدة من موضوعات العقيدة والعبادة ( الاهتداء والزيغ ، الامتثال والعصيان ) . المعايير الحاضرة في أذهانهم هي معايير العقيدة والعبادة ( الإيمان ، الكفر ، النفاق ، الارتداد ) .
لا مكان للطموح السياسي بموجب معايير العقيدة والعبادة ، فهو منقصة وعيب وسبة وينافي كمال الأخلاق ، بينما هو بمعايير السياسة وطباع البشر أمر فطري ومشروع وضروري ومحمود وسنة من سنن الله في خلقه ، بل إنه غالباً ما يزيد كلما علت مكانة الأشخاص وإمكاناتهم وقدراتهم ومواهبهم في مجال القيادة والحكم ، وكلما كان الشأن السياسي من الأمور الاجتهادية والمباحة .
هذا هو ما تعكسه سيرة كبار الصحابة الكرام ( أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وغيرهم ) الذين لو لم يكن لديهم الطموح السياسي لما كانوا بشراً ولما كانوا قادة ولا صالحين للقيادة .
هذا هو ما تكشفه سير حكام التغلب الذين يضحون أحياناً بأبنائهم وآبائهم وإخوتهم ويتفننون في قمع شعوبهم واللجوء إلى كل ألوان الأذى والتعذيب والقتل والإبادة والحروب لتحقيق طموحهم السياسي ووأد طموحات غيرهم والانتقام من خصومهم ، حتى من خلال نبش قبورهم .
هذا هو ما تكشفه سير الناس في البلدان الديمقراطية الذين أسالوا أنهاراً من الدماء في حروبهم السياسية قبل أن يكتشفوا أن هذا الطموح هو طموح أصيل وفطري وشديد في النفس البشرية ، وأنه يقوى ويشتد لدى المؤهلين للقيادة والإدارة والحكم . وبالتالي فقد أباحوا هذا الطموح وقننوا ونظموا التنافس بشأنه من خلال وسائل وآليات الديمقراطية لتتحول حياتهم مع كل انتخابات إلى ساحات صراع وتجاذب واختلاف وتنافس مؤطر ومتجه بالضرورة نحو خدمة الوطن .
الاختلاف في ميدان العقيدة والعبادة هو دليل فرقة وتشتت وانحراف ، في حين أن الاختلاف السياسي هو أمر فطري ومشـروع ولا مناص منه ، بل إنه أهم وأقوى آليات تطوير الفكر والأداء السياسي . والمهم هو أن يخضع المختلفون من البداية إلى النهاية لرأي الأمة أو لرأي صفوتها . ولذلك فإنه ليس غريباً أن يكون الاختلاف السياسي قد ثار مباشرة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، بل الغريب والمستحيل هو خلو الشأن السياسي الاجتهادي بطبعه والزئبقي بطبعه من الاختلاف والصراع السلمي . إنهما دليل الصحة السياسية طالما أنهما يتحققان في إطار ولاية الأمة أو ولاية صفوتها . والديمقراطية والشورى هما فكرتان وقيمتان تستهدفان تأطير وتنظيم وشرعنة الاختلاف والطموح والصراع السياسي السلمي ، أما إلغاء الاختلاف والطموح والصراع السلمي فهو ما تختص به الأنظمة الاستبدادية .
هذه المعلومات البدهية حول طبيعة السياسة وطبائع البشر غائبة عن الوعي السنّي والشيعي ، الأمر الذي يؤدي إلى الفهم العقائدي للطموح السياسي والاختلافات السياسية بين الصحابة كما يفعل الشيعة أو النظر إليها كعيب أو منقصة أو سُبة أو دليل فرقة وتشتت كما يفعل أهل السُنَّة .
هذا الخلل النابع من تواضع مستوى الوعي بطبيعة السياسة وطبائع البشر وشدة حضور أحداث الفتنة الكبرى وتداعياتها يقود عند الشيعة إلى المحاكمات العقائدية للطموح السياسي والاختلافات السياسية بين الصحابة ، ويقود عند أهل السُنَّة إلى ترسيخ الجهل السياسي وعدم الوعي بسنن الخلافة الراشدة وربط الاختلاف بالفتنة وربط المصلحة بحكم التغلب ، وذلك بالمخالفة لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم حول ذلك الحكم .
إن مجرد الوعي بطبيعة السياسة وطبائع البشر خصوصاً في قضية الطموح السياسي وقضية الاختلاف تكفي لوحدها للحكم بعدم صلاحية عقيدة الأئمة المعصومين وعدم انسجامها مع طبيعة السياسة وطبائع البشر التي أودعها الله فيهم ، وتكفي أيضاً للحكم بعدم شرعية حكم التغلب وعدم صلاحيته للبناء والتطوير وإطلاق قدرات الأمة ، وإن كان له حسنات في مراحل الأزمات والفتن من خلال حيلولته المؤقتة دون الحروب الأهلية .
فقط حين نطل على الجانب السياسي من حياة الصحابة الكرام من بوابة السياسة وطبيعتها ومعاييرها وطبائع البشر تجاهها ، وليس من بوابة العقيدة أو العبادة وطبيعتهما ومعاييرهما وطبائع البشر تجاههما ، سنخرج بوعي مختلف عن حياة الصحابة الكرام ، وسنقدر كثيراً إنجازاتهم في ميدان السياسة ، وسنعرف حجم الاختلاف بينهم وبين غيرهم ، وسنكتشف المزالق والأخطاء التي وقعوا فيها ، وجوانب التطوير التي كان يمكن من خلالها تجنب التقاتل وصولاً إلى هدم الخلافة وتأسيس المُلك .
لننظر فقط من الناحية السياسية إلى اختيار أبي بكر وعمر ، أو في أسوأ الأحوال لننظر إلى وصولهما السلمي للسلطة ، ولماذا لم يُحدث هذا الوصول كارثة أو انشقاقاً دينياً عاماً ؟!
هذا لوحده يثبت أن عقيدة الأئمة المعصومين لم تكن موجودة لديهم ، وإلا لقادت إلى التفتيت والانشقاق الديني مباشرة .
لننظر بالمقابل إلى فرضية وصول علي إلى السلطة سلمياً بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم . ما الذي كان سيحدث ؟!
قد لا يصل أحد إلى مرتبة علي في الفضل والقرابة والشجاعة ومحبة رسول الله له . ولكن كل هذه الجوانب ليست أهم عوامل النجاح السياسي .
أولاً من ناحية السن كان علي الشاب سيقود شيوخاً . ورغم أنه لا غضاضة في هذا الأمر من الناحية الدينية ولا من الناحية السياسية ، ولا مشكلة في الأمر عند قيادة الجيوش ، إلا أنه في مجال الحكم والإدارة وفي مجتمع عربي مكون من العديد من العشائر والقبائل التي تسهم عشائريتها وقبائليتها في تشكيل وعيها السياسي ، فإن هذه النقطة كانت لصالح أبي بكر وعمر .
ثانياً من ناحية حماية الشورى ، كان وصول علي إلى الخلافة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم سيؤدي إلى هدم الشورى وتأسيس الحكم العائلي .
لا شك أن علياً ما كان ليهدم الشورى أو يورث الحكم إلى أحد أبنائه أو أفراد عائلته ، ولكن الثقافة السياسية العربية وغير العربية كانت ستأتي بهم وكان سيتهيأ هذا الوضع خلال حكمه حتى ولو لم يرد ذلك . وبعيداً عن صحة ما يروى عنه من أن قريشاً كانت تشعر بأن الحكم لو انتقل للهاشميين لما خرج منهم فإن هذا الاستنتاج عميق ودقيق إلى أبعد مدى حتى ولو لم يثبت صدوره عن الإمام علي .
إن أعظم إنجاز سياسي تحقق في عهد الخلفاء الراشدين هو استبعاد الحكم العائلي رغم كل المكانة التي كانت للإمام علي كرم الله وجهه . وأعظم كارثة سياسية حلت بالأمة هي نقض الشورى وتأسيس الحكم العائلي منذ عهد بني أمية .
ثالثاً : أبو بكر وعمر لم يكونا من البيوت القرشية المنافسة على الزعامة ، وهذا أدى إلى إطفاء أو تحجيم جذوة الرابطة العائلية والتنافس القرشي العائلي في عهدهما . ومثلما صعدت الرابطة العشائرية والمنافسة بين الأوس والخزرج منذ أول تفكير في خليفة الرسول فإن قضية الهاشميين والأمويين كانت ستصعد منذ وفاة الرسول لو أن علياً اختير بعده . وقد نشأت بالفعل هذه المنافسة منذ ازدياد النفوذ الأموي في عهد الخليفة عثمان ثم تصاعدت إلى أن تم نقض الخلافة وتأسيس المُلك . بل إننا منذ ذلك العهد نكاد نعيش ثقافة الحكم العائلي الذي أسسه بنو أمية وتشكلت في ظله الثقافة السياسية السنية ، وثقافة الإرث العلوي العائلي المقدس الذي تشكلت في ظله الثقافة السياسية الشيعية .
رابعاً : علي كان أبرز حاملي رايات الجهاد . وفي مجتمع لم يتخلص تماماً من ثقافة الثأر ومليء بحديثي العهد بالإسلام ، كان القادة غير العسكريين أصلح لعدم استثارة وتحريك هذا الهاجس واستدعاء ثقافة الثأر أو إحيائها أو تقويتها بأية صورة .
وهكذا ، ومع استبعاد الموازنات على صعيد الفضل والقربى واستحضار الموازنات السياسية فقط ضمن ظروف وثقافة المجتمع الإسلامي بعد وفاة الرسول الكريم ، فإن أبا بكر وعمرا كانا أصلح من علي للقيادة السياسية ، سواء بحكم السن أو بحكم حماية الشورى واستبعاد الحكم العائلي أو بحكم عدم انتماء أبي بكر وعمر لأسر منافسة على زعامة قريش أو بحكم مصالح المسلمين في التأليف والتوحد ضمن مجتمع حديث عهد بقادة الفتوحات وبالمسلمين الجدد .
نأتي الآن إلى ما يقال عن الإسراع في اختيار أبي بكر . ونعتقد من الناحية السياسية أنه لولا الإسراع في اختياره بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم لأدى ذلك الحدث الاستثنائي إلى اهتزاز الأمة وتشرذمها . ولا شك أن حركات الردة تعد مؤشراً للحالة العامة التي كان يمكن أن تؤول إليها الأوضاع لو تأخر اختيار خليفة الرسول أو ثارت انقسامات واسعة حولـه أو كان محل رفض من قبل عموم أو غالبية المهاجرين والأنصار . ولولا القبول العام أو الغالب للخليفة الثاني وتمتعه بكفاءة سياسية استثنائية لما تحققت أفضل تجربة سياسية في تاريخ المسلمين .
متى بدأت العوامل السياسية تميل بقوة لمصلحة علي ، ومتى كان علي أصلح من الناحية السياسية ، وبعيداً عن معايير الورع والتقوى والفضل والقرابة والمكانة الدينية ؟!!
لاحقاً بمشيئة الله نتناول هذه المسألة ، ونواصل تحليل حياة الصحابة من المنظور السياسي ،،،،
خيمة الأرقم- موقوووووووف
- عدد المساهمات : 41
تاريخ التسجيل : 24/06/2015
منسوخ
سعيد الكثيري
12-1-2007 20:37
الصحابة الكرام من بوابة السياسة (2)
بعيداً عن معايير الورع والتقوى والفضل والقرابة والمكانة الدينية فإن العوامل السياسية كانت لمصلحة أبي بكر وعمر بالمقارنة بعلي . وبعيداً أيضاً عن معايير الورع والتقوى والفضل والقرابة والمكانة الدينية فإن العوامل السياسية كانت لمصلحة علي مقارنة بعثمان . ورغم ذلك فإن عثمان لم يأت من خلال السيف بل أتى من خلال اجتهاد سياسي في تطبيق الشورى . وكان ينبغي الاحتكام مرة أخرى إلى الشورى لتصحيح الخلل السياسي خلال النصف الثاني من خلافة عثمان .
هناك فارق جوهري عميق بين اتصاف أحد الأشخاص بالخيرية والفضل والورع والتقوى وبين اتصافه بالكفاءة السياسية وتمتعه بالوعي السياسي اللازم لحسن قيادة الدولة وبناء المجتمع . قد يجتمع الجانبان ، وقد اجتمعا فعلاً في أبي بكر وعمر ، إلا أن اجتماعهما قليل ، وهذا هو ما تشهد به أحوال معظم الفقهاء والدعـاة والصالحين من جانب ، وأحوال معظم القادة والسياسيين من جانب آخر .
وإذا صحت هذه التفرقة بين الصلاح والكفاءة السياسية ، وإذا سلمنا بأن وجود الصلاح لا يعني بالضرورة وجود الكفاءة السياسية وأن ذلك لا يلغي فضل الشخص وصلاحه ، إلا أنه يقود إلى أفدح الأضرار على مستوى الأمة إذا لم تتمكن من تدارك الأمر ومعالجته . إذا صح ذلك فإننا نعتقد أنه يصدق على عثمان رضي الله عنه ، حيث كان يتمتع بالخيرية والفضل والورع والتقوى ، ولكنه لم يكن يتمتع بالكفاءة السياسية أو الوعـي السياسي اللازم لحسن إدارة الدولة وبناء المجتمع .
وبمثل ما أن العوامل السياسية كانت تميل لمصلحة أبي بكر وعمر في مقابل علي فإن العوامل السياسية كانت تميل لمصلحة علي في مقابل عثمان . لماذا ؟!
لأن عامل السن لم يكن كما كان عليه الحال بعد وفاة الرسول وبعد وفاة أبي بكر بل أصبح لمصلحة علي مقارنة بعثمان ، ولأن السمات القيادية كانت لمصلحة علي ، ولأن الانتماء إلى أسر قرشية متنافسة على الزعامة كان موجوداً لدى الإثنين ، فعلي هاشمي وعثمان أموي ، ولكن المؤشرات السلبية للرابطة العائلية كانت أكثر لدى عثمان الذي عرف عنه السخاء والحياء والضعف الشديد أمام رابطة القرابة .
وبحكم التأثير الهائل الذي تلعبه سمات الحكام في مجتمع كمجتمع الصحابة ، خصوصاً مع البعد التدريجي عن عهد النبوة ، أتيح لسمات عثمان رضي الله عنه أن تنحو بالحكم نحو الرابطة العائلية . ولعل مما عزز هذا الشعور وأدى إلى تعاظمه كونه أتى بعد اثنين من الخلفاء الذين لم يكن لديهم مثل هذه السمات ، إضافة إلى تزايد القناعة بوجود من هو أكفأ وأقدر على معالجة حالة الخلل السياسي الذي كانت مؤشراته تظهر وتتضح تباعاً .
لقد كانت خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه بمثابة مرحلة انتقالية باتجاه الحكم العائلي ، ولذلك فقد شهدت بدايات تخلف بعض السنن المرتبطة بمبدأ ولاية صفوة الأمة ( الشورى ، عدم التفرد بالأمور العامة ، تقديم الكفاءة على الولاء ، المساءلة والمحاسبة ) وبدايات تحقق بعض السنن المرتبطة بمبدأ ولاية العائلة .
وهنا نود أن نشير إلى الأحاديث التي ورد فيها إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الله قد يُلبس عثمان قميصاً ، فإن أراد المنافقون خلعه فلا يخلعنه . وفي تقديرنا فإن خلع القميص هنا لا يشير إلى خلع الحاكم ، فقد كان بين من يريدون خلعه بعض الصحابة المشهود لهم بالفضل وعلو المنزلة ، بل إن الرغبة في خلعه كانت رغبة مضمرة لدى معظم الصحابة ، بينما الأحاديث وصفت من يريدون - مجرد الإرادة أو الرغبة - نزع القميص بالنفاق . هذا بالإضافة إلى أن تشبيه الحكم بالقميص يتناقض مع كل المعاني القرآنية والنبوية التي أكدت على أن الحكم شأن عام وحق من حقوق الأمة .
ولذلك فإننا نعتقد بأن نزع القميص يقصد به الإخلال بسنن الخلافة الراشدة التي انتقلت إليه وكأنه لبسها بوضع محدد وعلى نحو معين ، ثم أراد الأقارب في مجملهم استغلال سمات عثمان وسعوا إلى الإخلال بسنن الخلافة الراشدة وتحويلها لمصلحتهم أو العدول بها إلى ما يخدم أوضاعهم ومصالحهم . ومن ثم فإن التوجيه صدر له بعدم الإخلال بالوضع السياسي الذي انتقل إليه ، وذلك من خلال التعويل على الأقارب وتمكينهم وعدم محاسبتهم بالمخالفة لما كان عليه الأمر حين انتقلت إليه الخلافة أو حين أُلبس القميص الذي أتى إليه ممن سبقه .
وبغير هذا المعنى فإن الحديث يأخذ معنى يخدم فكرة الاستبداد ويضفي عليها المشروعية الإلهية ، فضلاً عن أن وصف النفاق سيصدق على من أرادوا خلع عثمان رضي الله عنه ، وهو معنى لا يصح ، فقد كان معظم الصحابة يريدون ذلك حتى وإن لم يصرح بهذه الرغبة ويسعى من أجل تنفيذها سوى بعضهم . وجريمة الثائرين على عثمان لا تتمثل في رغبة الخلع بل تتمثل في القتل . أما الأقارب أو بعضهم فقد كانوا مصدر الخلل ومنبع الأزمة منذ البداية ، والمواقع التي وصل إليها بعضهم - خصوصاً مروان بن الحكم وعبدالله بن سعد المسخوط عليهما من الرسول ومن معظم الصحابة - لم تتحقق إلا على حساب سنن الخلافة الراشدة .
هؤلاء كانوا أبرز المسهمين في تعميق الخلل وترسيخه وإعاقة فرص الإصلاح والدفع باتجاه جريمة قتل الخليفة . لقد كانوا يسعون إلى تغيير سنن الحكم أو تحويلها لمصلحتهم على نحو يخل بوضعها الذي كانت عليه وقت إلباسها لعثمان رضي الله عنه وعلى نحو يخل بنسبة ذلك الإلباس إلى الله أو إلى ما يرضاه الله .
هذا الانتقال بسنن الحكم من الرابطة المجتمعية التي تجمع صفوة الأمة إلى الرابطة العائلية لم يحظ بالمعالجة الثقافية والسياسية اللازمة ، وذلك بحكم أن المسلمين في عهد أبي بكر وعمر كانوا يجسدون مبدأ ولاية صفـوة الأمة ويطبقون شورى المجتمع المدني ( أي مجتمع المدينة المنورة ) ليس بحكم إدراكهم لهذا النوع من الشورى ، ولكن بحكم قوة تأثير عموم تكاليف الدين عليهم ، خصوصاً تلك التكاليف المنظمة للجانب الخلقي ، وبحكم الكفاءة الاستثنائية التي كان يتمتع بها أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وتدني ثقل الرابطة العائلية عليهما . ثم إن وعي المسلمين السياسي كان متأثراً بخلفياتهم الاجتماعية والثقافية ، وهي خلفيات لا تنسجم مع فكرة الشورى ، بل تصب حتى الثمالة في فكرة المُلك ، سواء كانت تلك الخلفيات عربية - صحراوية أو غير صحراوية - أو كانت كسروية أو قيصرية . وهذا أمر يصدق حتى على أبرز شيعة علي من الهاشميين وغيرهم .
إن أخطر ما في صعود الرابطة العائلية في عهد عثمان رضي الله عنه هو أنها كانت تتم على حساب رابطة الصفوة التي أنتجت سنن الخلافة الراشدة .
لقد تعرض معظم رموز الصفوة للاستبعاد ، وبذلك تفتتت قوتهم الجمعية وتباعدت مواقعهم وضعفت الروابط بينهم وتحولت قوتهم الجمعية إلى قوى استقطاب فردية دافعة باتجاه الانقسام ، وفي مقابل ذلك تزايدت القوة المادية والسياسية لبعض بني أمية وتحولوا إلى قوة جمعية نافذة ومؤثرة ، وشاع الشعور بضعف الخليفة واهتزت هيبته وتجرأ عليه بعض العامة وغير العامة . ومع تفتت الصفوة وتباعد رموزها وغياب آليات التصحيح والتغيير حل الساخطون والعامة محل الصفوة وحالت القوة الجمعية للأقارب دون التصحيح .
كل هذه العوامل مجتمعة ( تفتت الصفوة واضمحلال قوتها الجمعية ، تحول رموز الصفوة إلى قوى فردية متباعدة ومتباينة المواقع ، صعود الرابطة العائلية وتزايد القوة الجمعية لبني أمية ، الخطأ في فهم أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم حول القميص الذي يلبسه الله عثمان ويريد المنافقون خلعه ، البعد النسبي عن مرحلة النبوة ، تزايد حضور الثقافة السياسية العربية وغير العربية ) أدت إلى نقل المبادرة وصناعة الأحداث من أيدي الصفوة إلى أيدي الساخطين والعامة من جانب وأيدي بعض أقارب عثمان من جانب آخر . وهنا تبرز خطورة وأهمية قضية الآليات .
لقد شهدت الخلافة الراشدة تحقق ثلاثة إنجازات سياسية كبرى لم تحدث بعد ذلك إلا عند غير المسلمين ، وهي الوصـول السلمي إلى السلطة وعدم توريث الحكم للأبناء وأفراد العائلة واستناد الحكم إلى قبول عام أو غالب من قبل صفوة المجتمع .
هذا القبول العام أو الغالب توافر لأبي بكر ثم توافر لعمر ثم توافر لعثمان في البداية ولكنه تغير تمامـاً مع مرور الوقت . ورغم هذه الإنجازات الكبرى التي تجسد مبـدأ ولاية صفوة الأمة وتحقق من الناحية الفعلية غايات قيمة الشورى ، إلا أنها خلت من الآليـات المستقرة والمنضبطة ولم تحظ بالتطوير بل تعرضت للهدم .
لقد وصـل الخلفاء الراشدون إلى الحكم عن غير طريق السيف ، إلا أن طريقة وصـول كل منهم اختلفت عن طريقة وصـول الآخرين ، نظراً لعدم وجـود آلية مستقرة ومتفق عليها تضبط وتنظم ذلك الوصـول . لم توجد آلية لقياس عوامل التغيـير التي تطرأ على رضا الناس حـول أداء الخليفة والتجديد لـه أو استبداله بغيره ، الأمر الذي أسهم في التقريب بين وضع الخليفة ووضع الملك . لم توجـد آلية لنقل الملاحظات والتظلمات حول أداء الولاة ، فضلاً عن عدم وجـود آلية للفصل في تلك الملاحظات والتظلمات . لم توجد آلية للفصل بين توجهـات المعارضة ورأي الحاكم .
لقد كانت الحاجة شديدة لمثل هـذه الآليات ، خصوصاً في عهد عثمان رضي الله عنه . وبحكم عدم وجودهـا وتواضع الثقافة السياسية والوعي السياسي العـام وتصاعد مؤشرات تردي الأوضاع بدأت مساحة الرفض والسخط تتسع وتتعمق وتزداد .
إن مجرد وجود أي تنظيم يسمح للصفوة بأن تكون في موقع المبادرة وصناعة الأحداث كان يكفي لاجتناب أو معالجة كل أو معظم أسباب السخط وكان سيحول دون انتقال زمام المبادرة وصناعة الأحداث إلى أيدي الساخطين والعامة والأقارب وإنهائهم الأمور إلى ما انتهت إليه وكان سيؤدي إلى عدم حدوث حالة الفراغ السياسي وصعود الخلافات الشخصية لتقود إلى موقعة الجمل وصعود القوة العائلية لتقود في النهاية إلى اغتصاب إرادة الأمة وفرض المُلك .
لقد كانت حالة السخط والرغبة في التغيير السياسي في أواخر عهد عثمان حالة عامة وعميقة ، ويشهد لذلك أن الساخطين احتشدوا من أقطار بعيدة وحاصروا منـزل الخليفة وسط موقف سلبي من معظم أهل المدينة ، وذلك على مدى أيام عديدة إلى أن قتله بعض الثوار . هنا بدأت حالة الفتنة ، فالمشروعية السياسية التي كان يمكن أن يحصل عليها الإمام علي بكل سهولة في الأحوال الطبيعية تحققت لـه من خلال بيعة حقيقية على أيدي أهل المدينة ، إلا أن تلك البيعة أتت بعد حادثة القتل وبعد تفتت الصفوة وصعود الولاءات العائلية .
من هذه البوابة تم استهلال الحياة السياسية واختلطت المسؤولية الجماعية عن القتل بمهمة التغيير التي قام بها الساخطون ، وبذلك تهيأت ورقة سياسية لكل مدافع عن موقعه ودوره السياسي .
الأهم من ذلك أن حادثة القتل أدت إلى محو مسألة الأداء السياسي أو التغطية عليها والتهوين من أمرها ونشوء نظرة سلبية للمستفيدين السياسيين من حادثة القتل حتى وإن حدث بغير إرادتهم أو رغبتهم ، وذلك في مقابل تحسن صورة المتضررين السياسيين من حادثة القتل .
لقد أدت كل التطورات التي لحقت بالثقافة السياسية وبأوضاع الصفوة خلال فترة صعود الرابطة العائلية إلى تحويل رموز الصفوة إلى قوى فردية متباعدة ومتباينة المواقع . ثم أدى مقتل عثمان واختلاط أوضاع القتلة بأوضاع الساخطين والقوة المادية والسياسية التي حققها بعض بني أمية وشعور بعض رموز الصفوة بعدم نيلهم المكانة التي يستحقونها وشيوع الشعور بانفلات الأمور إلى صعود الاختلافات الشخصية حول الحاكم الأفضل والأكفأ ضمن ظروف وملابسات الفتنة ( علي من جانب وطلحة والزبير وعائشة من جانب آخر ) ، وهو ما أدى في النهاية إلى موقعة الجمل . والأحاديث تشهد بخطأ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وهو ما يدل عليه إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بأن إحدى نسائه تنبح عليها كلاب الحوأب ، وقد ندمت عائشة بعد ذلك على خروجها . وتشهد الأحاديث كذلك بخطأ الزبير ، وهو ما يدل عليه إخبار الرسول بأن الزبير يقاتل علياً وهو ظالم له ، وقد ذكّر علي الزبير بهذا الحديث فتذكره وتراجع عن القتال . أما طلحة فقد قُتِل غدراً من قبل أبرز المسخوط عليهم في عهد عثمان وأبرز رموز الخلل وأبرز حماته ( مروان بن الحكم ) . وبعد أن انتصر الحكم العائلي أصبح مروان والياً على المدينة ثم حاكماً للمسلمين !!.
لاحقاً بمشيئة الله نواصل تأمل الجانب السياسي من حياة الصحابة الكرام ،،،،
12-1-2007 20:37
الصحابة الكرام من بوابة السياسة (2)
بعيداً عن معايير الورع والتقوى والفضل والقرابة والمكانة الدينية فإن العوامل السياسية كانت لمصلحة أبي بكر وعمر بالمقارنة بعلي . وبعيداً أيضاً عن معايير الورع والتقوى والفضل والقرابة والمكانة الدينية فإن العوامل السياسية كانت لمصلحة علي مقارنة بعثمان . ورغم ذلك فإن عثمان لم يأت من خلال السيف بل أتى من خلال اجتهاد سياسي في تطبيق الشورى . وكان ينبغي الاحتكام مرة أخرى إلى الشورى لتصحيح الخلل السياسي خلال النصف الثاني من خلافة عثمان .
هناك فارق جوهري عميق بين اتصاف أحد الأشخاص بالخيرية والفضل والورع والتقوى وبين اتصافه بالكفاءة السياسية وتمتعه بالوعي السياسي اللازم لحسن قيادة الدولة وبناء المجتمع . قد يجتمع الجانبان ، وقد اجتمعا فعلاً في أبي بكر وعمر ، إلا أن اجتماعهما قليل ، وهذا هو ما تشهد به أحوال معظم الفقهاء والدعـاة والصالحين من جانب ، وأحوال معظم القادة والسياسيين من جانب آخر .
وإذا صحت هذه التفرقة بين الصلاح والكفاءة السياسية ، وإذا سلمنا بأن وجود الصلاح لا يعني بالضرورة وجود الكفاءة السياسية وأن ذلك لا يلغي فضل الشخص وصلاحه ، إلا أنه يقود إلى أفدح الأضرار على مستوى الأمة إذا لم تتمكن من تدارك الأمر ومعالجته . إذا صح ذلك فإننا نعتقد أنه يصدق على عثمان رضي الله عنه ، حيث كان يتمتع بالخيرية والفضل والورع والتقوى ، ولكنه لم يكن يتمتع بالكفاءة السياسية أو الوعـي السياسي اللازم لحسن إدارة الدولة وبناء المجتمع .
وبمثل ما أن العوامل السياسية كانت تميل لمصلحة أبي بكر وعمر في مقابل علي فإن العوامل السياسية كانت تميل لمصلحة علي في مقابل عثمان . لماذا ؟!
لأن عامل السن لم يكن كما كان عليه الحال بعد وفاة الرسول وبعد وفاة أبي بكر بل أصبح لمصلحة علي مقارنة بعثمان ، ولأن السمات القيادية كانت لمصلحة علي ، ولأن الانتماء إلى أسر قرشية متنافسة على الزعامة كان موجوداً لدى الإثنين ، فعلي هاشمي وعثمان أموي ، ولكن المؤشرات السلبية للرابطة العائلية كانت أكثر لدى عثمان الذي عرف عنه السخاء والحياء والضعف الشديد أمام رابطة القرابة .
وبحكم التأثير الهائل الذي تلعبه سمات الحكام في مجتمع كمجتمع الصحابة ، خصوصاً مع البعد التدريجي عن عهد النبوة ، أتيح لسمات عثمان رضي الله عنه أن تنحو بالحكم نحو الرابطة العائلية . ولعل مما عزز هذا الشعور وأدى إلى تعاظمه كونه أتى بعد اثنين من الخلفاء الذين لم يكن لديهم مثل هذه السمات ، إضافة إلى تزايد القناعة بوجود من هو أكفأ وأقدر على معالجة حالة الخلل السياسي الذي كانت مؤشراته تظهر وتتضح تباعاً .
لقد كانت خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه بمثابة مرحلة انتقالية باتجاه الحكم العائلي ، ولذلك فقد شهدت بدايات تخلف بعض السنن المرتبطة بمبدأ ولاية صفوة الأمة ( الشورى ، عدم التفرد بالأمور العامة ، تقديم الكفاءة على الولاء ، المساءلة والمحاسبة ) وبدايات تحقق بعض السنن المرتبطة بمبدأ ولاية العائلة .
وهنا نود أن نشير إلى الأحاديث التي ورد فيها إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الله قد يُلبس عثمان قميصاً ، فإن أراد المنافقون خلعه فلا يخلعنه . وفي تقديرنا فإن خلع القميص هنا لا يشير إلى خلع الحاكم ، فقد كان بين من يريدون خلعه بعض الصحابة المشهود لهم بالفضل وعلو المنزلة ، بل إن الرغبة في خلعه كانت رغبة مضمرة لدى معظم الصحابة ، بينما الأحاديث وصفت من يريدون - مجرد الإرادة أو الرغبة - نزع القميص بالنفاق . هذا بالإضافة إلى أن تشبيه الحكم بالقميص يتناقض مع كل المعاني القرآنية والنبوية التي أكدت على أن الحكم شأن عام وحق من حقوق الأمة .
ولذلك فإننا نعتقد بأن نزع القميص يقصد به الإخلال بسنن الخلافة الراشدة التي انتقلت إليه وكأنه لبسها بوضع محدد وعلى نحو معين ، ثم أراد الأقارب في مجملهم استغلال سمات عثمان وسعوا إلى الإخلال بسنن الخلافة الراشدة وتحويلها لمصلحتهم أو العدول بها إلى ما يخدم أوضاعهم ومصالحهم . ومن ثم فإن التوجيه صدر له بعدم الإخلال بالوضع السياسي الذي انتقل إليه ، وذلك من خلال التعويل على الأقارب وتمكينهم وعدم محاسبتهم بالمخالفة لما كان عليه الأمر حين انتقلت إليه الخلافة أو حين أُلبس القميص الذي أتى إليه ممن سبقه .
وبغير هذا المعنى فإن الحديث يأخذ معنى يخدم فكرة الاستبداد ويضفي عليها المشروعية الإلهية ، فضلاً عن أن وصف النفاق سيصدق على من أرادوا خلع عثمان رضي الله عنه ، وهو معنى لا يصح ، فقد كان معظم الصحابة يريدون ذلك حتى وإن لم يصرح بهذه الرغبة ويسعى من أجل تنفيذها سوى بعضهم . وجريمة الثائرين على عثمان لا تتمثل في رغبة الخلع بل تتمثل في القتل . أما الأقارب أو بعضهم فقد كانوا مصدر الخلل ومنبع الأزمة منذ البداية ، والمواقع التي وصل إليها بعضهم - خصوصاً مروان بن الحكم وعبدالله بن سعد المسخوط عليهما من الرسول ومن معظم الصحابة - لم تتحقق إلا على حساب سنن الخلافة الراشدة .
هؤلاء كانوا أبرز المسهمين في تعميق الخلل وترسيخه وإعاقة فرص الإصلاح والدفع باتجاه جريمة قتل الخليفة . لقد كانوا يسعون إلى تغيير سنن الحكم أو تحويلها لمصلحتهم على نحو يخل بوضعها الذي كانت عليه وقت إلباسها لعثمان رضي الله عنه وعلى نحو يخل بنسبة ذلك الإلباس إلى الله أو إلى ما يرضاه الله .
هذا الانتقال بسنن الحكم من الرابطة المجتمعية التي تجمع صفوة الأمة إلى الرابطة العائلية لم يحظ بالمعالجة الثقافية والسياسية اللازمة ، وذلك بحكم أن المسلمين في عهد أبي بكر وعمر كانوا يجسدون مبدأ ولاية صفـوة الأمة ويطبقون شورى المجتمع المدني ( أي مجتمع المدينة المنورة ) ليس بحكم إدراكهم لهذا النوع من الشورى ، ولكن بحكم قوة تأثير عموم تكاليف الدين عليهم ، خصوصاً تلك التكاليف المنظمة للجانب الخلقي ، وبحكم الكفاءة الاستثنائية التي كان يتمتع بها أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وتدني ثقل الرابطة العائلية عليهما . ثم إن وعي المسلمين السياسي كان متأثراً بخلفياتهم الاجتماعية والثقافية ، وهي خلفيات لا تنسجم مع فكرة الشورى ، بل تصب حتى الثمالة في فكرة المُلك ، سواء كانت تلك الخلفيات عربية - صحراوية أو غير صحراوية - أو كانت كسروية أو قيصرية . وهذا أمر يصدق حتى على أبرز شيعة علي من الهاشميين وغيرهم .
إن أخطر ما في صعود الرابطة العائلية في عهد عثمان رضي الله عنه هو أنها كانت تتم على حساب رابطة الصفوة التي أنتجت سنن الخلافة الراشدة .
لقد تعرض معظم رموز الصفوة للاستبعاد ، وبذلك تفتتت قوتهم الجمعية وتباعدت مواقعهم وضعفت الروابط بينهم وتحولت قوتهم الجمعية إلى قوى استقطاب فردية دافعة باتجاه الانقسام ، وفي مقابل ذلك تزايدت القوة المادية والسياسية لبعض بني أمية وتحولوا إلى قوة جمعية نافذة ومؤثرة ، وشاع الشعور بضعف الخليفة واهتزت هيبته وتجرأ عليه بعض العامة وغير العامة . ومع تفتت الصفوة وتباعد رموزها وغياب آليات التصحيح والتغيير حل الساخطون والعامة محل الصفوة وحالت القوة الجمعية للأقارب دون التصحيح .
كل هذه العوامل مجتمعة ( تفتت الصفوة واضمحلال قوتها الجمعية ، تحول رموز الصفوة إلى قوى فردية متباعدة ومتباينة المواقع ، صعود الرابطة العائلية وتزايد القوة الجمعية لبني أمية ، الخطأ في فهم أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم حول القميص الذي يلبسه الله عثمان ويريد المنافقون خلعه ، البعد النسبي عن مرحلة النبوة ، تزايد حضور الثقافة السياسية العربية وغير العربية ) أدت إلى نقل المبادرة وصناعة الأحداث من أيدي الصفوة إلى أيدي الساخطين والعامة من جانب وأيدي بعض أقارب عثمان من جانب آخر . وهنا تبرز خطورة وأهمية قضية الآليات .
لقد شهدت الخلافة الراشدة تحقق ثلاثة إنجازات سياسية كبرى لم تحدث بعد ذلك إلا عند غير المسلمين ، وهي الوصـول السلمي إلى السلطة وعدم توريث الحكم للأبناء وأفراد العائلة واستناد الحكم إلى قبول عام أو غالب من قبل صفوة المجتمع .
هذا القبول العام أو الغالب توافر لأبي بكر ثم توافر لعمر ثم توافر لعثمان في البداية ولكنه تغير تمامـاً مع مرور الوقت . ورغم هذه الإنجازات الكبرى التي تجسد مبـدأ ولاية صفوة الأمة وتحقق من الناحية الفعلية غايات قيمة الشورى ، إلا أنها خلت من الآليـات المستقرة والمنضبطة ولم تحظ بالتطوير بل تعرضت للهدم .
لقد وصـل الخلفاء الراشدون إلى الحكم عن غير طريق السيف ، إلا أن طريقة وصـول كل منهم اختلفت عن طريقة وصـول الآخرين ، نظراً لعدم وجـود آلية مستقرة ومتفق عليها تضبط وتنظم ذلك الوصـول . لم توجد آلية لقياس عوامل التغيـير التي تطرأ على رضا الناس حـول أداء الخليفة والتجديد لـه أو استبداله بغيره ، الأمر الذي أسهم في التقريب بين وضع الخليفة ووضع الملك . لم توجـد آلية لنقل الملاحظات والتظلمات حول أداء الولاة ، فضلاً عن عدم وجـود آلية للفصل في تلك الملاحظات والتظلمات . لم توجد آلية للفصل بين توجهـات المعارضة ورأي الحاكم .
لقد كانت الحاجة شديدة لمثل هـذه الآليات ، خصوصاً في عهد عثمان رضي الله عنه . وبحكم عدم وجودهـا وتواضع الثقافة السياسية والوعي السياسي العـام وتصاعد مؤشرات تردي الأوضاع بدأت مساحة الرفض والسخط تتسع وتتعمق وتزداد .
إن مجرد وجود أي تنظيم يسمح للصفوة بأن تكون في موقع المبادرة وصناعة الأحداث كان يكفي لاجتناب أو معالجة كل أو معظم أسباب السخط وكان سيحول دون انتقال زمام المبادرة وصناعة الأحداث إلى أيدي الساخطين والعامة والأقارب وإنهائهم الأمور إلى ما انتهت إليه وكان سيؤدي إلى عدم حدوث حالة الفراغ السياسي وصعود الخلافات الشخصية لتقود إلى موقعة الجمل وصعود القوة العائلية لتقود في النهاية إلى اغتصاب إرادة الأمة وفرض المُلك .
لقد كانت حالة السخط والرغبة في التغيير السياسي في أواخر عهد عثمان حالة عامة وعميقة ، ويشهد لذلك أن الساخطين احتشدوا من أقطار بعيدة وحاصروا منـزل الخليفة وسط موقف سلبي من معظم أهل المدينة ، وذلك على مدى أيام عديدة إلى أن قتله بعض الثوار . هنا بدأت حالة الفتنة ، فالمشروعية السياسية التي كان يمكن أن يحصل عليها الإمام علي بكل سهولة في الأحوال الطبيعية تحققت لـه من خلال بيعة حقيقية على أيدي أهل المدينة ، إلا أن تلك البيعة أتت بعد حادثة القتل وبعد تفتت الصفوة وصعود الولاءات العائلية .
من هذه البوابة تم استهلال الحياة السياسية واختلطت المسؤولية الجماعية عن القتل بمهمة التغيير التي قام بها الساخطون ، وبذلك تهيأت ورقة سياسية لكل مدافع عن موقعه ودوره السياسي .
الأهم من ذلك أن حادثة القتل أدت إلى محو مسألة الأداء السياسي أو التغطية عليها والتهوين من أمرها ونشوء نظرة سلبية للمستفيدين السياسيين من حادثة القتل حتى وإن حدث بغير إرادتهم أو رغبتهم ، وذلك في مقابل تحسن صورة المتضررين السياسيين من حادثة القتل .
لقد أدت كل التطورات التي لحقت بالثقافة السياسية وبأوضاع الصفوة خلال فترة صعود الرابطة العائلية إلى تحويل رموز الصفوة إلى قوى فردية متباعدة ومتباينة المواقع . ثم أدى مقتل عثمان واختلاط أوضاع القتلة بأوضاع الساخطين والقوة المادية والسياسية التي حققها بعض بني أمية وشعور بعض رموز الصفوة بعدم نيلهم المكانة التي يستحقونها وشيوع الشعور بانفلات الأمور إلى صعود الاختلافات الشخصية حول الحاكم الأفضل والأكفأ ضمن ظروف وملابسات الفتنة ( علي من جانب وطلحة والزبير وعائشة من جانب آخر ) ، وهو ما أدى في النهاية إلى موقعة الجمل . والأحاديث تشهد بخطأ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وهو ما يدل عليه إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بأن إحدى نسائه تنبح عليها كلاب الحوأب ، وقد ندمت عائشة بعد ذلك على خروجها . وتشهد الأحاديث كذلك بخطأ الزبير ، وهو ما يدل عليه إخبار الرسول بأن الزبير يقاتل علياً وهو ظالم له ، وقد ذكّر علي الزبير بهذا الحديث فتذكره وتراجع عن القتال . أما طلحة فقد قُتِل غدراً من قبل أبرز المسخوط عليهم في عهد عثمان وأبرز رموز الخلل وأبرز حماته ( مروان بن الحكم ) . وبعد أن انتصر الحكم العائلي أصبح مروان والياً على المدينة ثم حاكماً للمسلمين !!.
لاحقاً بمشيئة الله نواصل تأمل الجانب السياسي من حياة الصحابة الكرام ،،،،
خيمة الأرقم- موقوووووووف
- عدد المساهمات : 41
تاريخ التسجيل : 24/06/2015
منسوخ
سعيد الكثيري
13-1-2007 20:46
مرة أخرى ..... مع النصوص !!
من المهم للغاية التمييز ، بل الفصل ، بين مواقف طلحة والزبير وعائشة في موقعة الجمل وبين مواقف المقاتلين لعلي في موقعة صفين .
إن الاختلافات بين علي وبين عائشة وطلحة والزبير كانت اختلافات شخصية حول الأصلح في ظل وضع الفتنة وملابساته والجو الذي سبقه ، وقد أسهم صعود الرابطة العائلية وأوضاع قتلة عثمان وعدم التقدير السياسي الكافي للتغييرات التي طرأت على مراكز القوى والثقافة والأوضاع السياسية في تصعيد تلك الاختلافات وتبديل المواقف إلى حدود النزاع حول مشروعية وصحة البيعة وصولاً إلى التقاتل . أما الاختلافات بين علي وفئة معاوية فقد امتدت إلى القيم الحاكمة للسياسة .
أهل الجمل كانوا ينازعون حول الأفضل والأولى ضمن ظروف وملابسات الفتنة ودون رفض إعادة الاحتكام إلى الشورى وولاية الأمة . أما أهل صفين فكانوا مقتنصين للولاية وساعين إلى اغتصاب إرادة الأمة . وحتى الحل التحكيمي الذي طُرح حوَّلوه إلى نوع من الخديعة والتلاعب . وحين انتهى الأمر إلى ما يريدون تم هدم الشورى وتأسيس حكم التغلب والتوريث العائلي . ورغم ذلك فإن هـذا الخلل لا يسأل عنه معاوية أو عمرو بن العاص أو يزيد ، بل تسأل عنه الأمة بأسرها ، فقد أسهمت في حدوثه ولم تعالج أسبابه منذ البداية وتعايشت معه وبررته أو لم تعمل على تصحيحه ، بل ونسأل عنه نحن حين نضفي المشروعية الدينية عليه .
ونعود مرة أخرى إلى الأدلة الواردة بشأن ولاية علي كرم الله وجهه ، فهنا ينبغي استحضار دلالاتها والحكم على مواقف أهل الجمل وصفين في ضوئها .
هناك أحاديث عامة تشير إلى أن علي يدور مع الحق والحق يدور معه ، وتوصي بموالاته وعدم معاداته ، وتتضمن الدعاء لمن والاه بموالاة الله ونصره والدعاء على من عاداه بمعاداة الله وخذلانه .
وهناك أحاديث أقل عمومية تحفظ للمقاتلين لعلي إسلامهم وإيمانهم ، حيث تشير تلك الأحاديث إلى أن علياً يقاتل على تأويل القرآن بمثل ما قاتل الرسول على تنزيله ، وأحاديث تشير إلى أن الطائفة التي تقاتل الخوارج ( طائفة علي ) هي أولى الطائفتين بالحق .
وهناك أحاديث أكثر خصوصية تؤكد الخطأ أو الظلم في مواقف أبرز المقاتلين لعلي في موقعة الجمل ، وأحاديث تؤكد المعصية والانحراف في مواقف المقاتلين لعلي في صفين .
والخلل في فهم هذه الأحاديث عند الشيعة ينبع من تطبيق الأحاديث العامة على مرحلة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان ، ثم يستمر الخلل بتطبيق تلك الأحاديث على مواقف المقاتلين لعلي في موقعة الجمل . وقد دلَّلنا فيما مضى على أنه لا صحة لتطبيق هذه الأحاديث العامة على مرحلة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان . أما مواقف المقاتلين لعلي في موقعة الجمل فإن بقية الأحاديث تقيد وتخصص مدلولات الأحاديث العامة فيما يتعلق بمواقفهم .
لنبدأ بالأحاديث الأكثر خصوصية والتي تميز بين مواقف المقاتلين لعلي في موقعة الجمل والمقاتلين له في موقعة صفين ، فالأحاديث كما سبق أن أشرنا تشهد بخطأ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وهو ما يدل عليه إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بأن إحدى نسائه تنبح عليها كلاب الحوأب ، وقد ندمت عائشة بعد ذلك على خروجها . وتشهد الأحاديث كذلك بخطأ الزبير ، وهو ما يدل عليه إخبار الرسول بأن الزبير يقاتل علياً وهو ظالم له ، وقد ذكّر علي الزبير بهذا الحديث فتذكره وتراجع عن القتال . أما طلحة فقد سبق أن أشرنا إلى أنه قُتِل غدراً في تلك المعركة من قبل أحد المقاتلين معه وأبرز المسخوط عليهم في عهد عثمان وأبرز رموز الخلل وأبرز حماته ( مروان بن الحكم ) . وبعد أن انتصر الحكم العائلي أصبح مروان والياً على المدينة ثم حاكماً للمسلمين !!.
أما أهم الأدلة التي تؤكد اختلاف مواقف المقاتلين لعلي في موقعة الجمل عن مواقف المقاتلين له في موقعة صفين فهي تلك الإدانة النبوية الكبرى التي صدرت في مواجهة مقاتلي علي في موقعة صفين ممن قاموا باغتصاب أمر الأمة وتأسيس الحكم العائلي ، حيث وصف الرسول صلى الله عليه وسلم حكمهم بأنه ملك عضوض أو عاض ونقض لعروة من عرى الإسلام ووصفهم بأنهم فئة باغية تدعو إلى النار أو إلى سبب من أسبابها .
ورغم ذلك فإنه يهمنا التنبيه هنا إلى أن إدانة المقاتلين لعلي في موقعة صفين تنحصر في الشق السياسي ، بدليل إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الله يصلح بالحسن بين طائفتين من المؤمنين ( طائفة علي وطائفة معاوية ) ، وإخباره بأن الطائفة التي تقاتل الخوارج ( علي وأتباعه ) أولى بالحق . ومن ثم فإن الفئة التي أسست حكم التغلب والتوريث العائلي في عهد بني أمية تظل من طوائف المؤمنين ويظل علي وأتباعه أولى بالحق منها ، أما اقتناص الولاية واغتصاب أمر الأمة فهي أعمال بغي ونقض لعروة من عرى الإسلام ودعوة إلى سبب من أسباب النار . على أن الإخبار عن أن دعوة المُلك ( التغلب والتوريث العائلي ) هي دعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها ينبغي أن يفهم بمثل ما يفهم به أي أمر محرم مثل الزنا أو القتل أو خيانة الأمانة أو أكل مال اليتيم . أما أهل الدعوة فالأمر يرتبط بمجمل أعمالهم ومعتقداتهم ودرجة اجتهادهم وتأولهم ، وقد نقضوا عروة من عرى الإسلام إلا أنهم لم ينقضوا بقية عرى الدين .
نأتي الآن إلى الأحاديث التي تحفظ لكل المقاتلين لعلي إسلامهم وإيمانهم ، ولكنها ذات دلالات دينية تخاطب المسلمين في كل العصور ، حيث أنبأ الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث وردت في سنن الترمذي والنسائي ومسند أحمد وبعض كتب الحديث الأخرى عن قتال علي ، وأخبر أن الله يمتحن قلبه للإيمان فيقاتل على الدين وعلى تأويل القرآن كما قاتل الرسول على تنزيله .
والشيعة يستشهدون بهذه الأحاديث دون التنبه إلى أنها تنقض عقيدة الأئمة المعصومين . وحتى لو عرضوها من باب إلزام أهل السنة بما يلزمون به أنفسهم ، فإن الأدلة العقلية والمنطقية تثبت صحة هذه الأحاديث باعتبار أن وضعها ليس أبداً من مصلحة خصوم علي ، فهي لا تشهد لمواقفهم السياسية بل تدينها .
لاحقاً بمشيئة الله نتناول دلالات هذه الأحاديث ،،،،
13-1-2007 20:46
مرة أخرى ..... مع النصوص !!
من المهم للغاية التمييز ، بل الفصل ، بين مواقف طلحة والزبير وعائشة في موقعة الجمل وبين مواقف المقاتلين لعلي في موقعة صفين .
إن الاختلافات بين علي وبين عائشة وطلحة والزبير كانت اختلافات شخصية حول الأصلح في ظل وضع الفتنة وملابساته والجو الذي سبقه ، وقد أسهم صعود الرابطة العائلية وأوضاع قتلة عثمان وعدم التقدير السياسي الكافي للتغييرات التي طرأت على مراكز القوى والثقافة والأوضاع السياسية في تصعيد تلك الاختلافات وتبديل المواقف إلى حدود النزاع حول مشروعية وصحة البيعة وصولاً إلى التقاتل . أما الاختلافات بين علي وفئة معاوية فقد امتدت إلى القيم الحاكمة للسياسة .
أهل الجمل كانوا ينازعون حول الأفضل والأولى ضمن ظروف وملابسات الفتنة ودون رفض إعادة الاحتكام إلى الشورى وولاية الأمة . أما أهل صفين فكانوا مقتنصين للولاية وساعين إلى اغتصاب إرادة الأمة . وحتى الحل التحكيمي الذي طُرح حوَّلوه إلى نوع من الخديعة والتلاعب . وحين انتهى الأمر إلى ما يريدون تم هدم الشورى وتأسيس حكم التغلب والتوريث العائلي . ورغم ذلك فإن هـذا الخلل لا يسأل عنه معاوية أو عمرو بن العاص أو يزيد ، بل تسأل عنه الأمة بأسرها ، فقد أسهمت في حدوثه ولم تعالج أسبابه منذ البداية وتعايشت معه وبررته أو لم تعمل على تصحيحه ، بل ونسأل عنه نحن حين نضفي المشروعية الدينية عليه .
ونعود مرة أخرى إلى الأدلة الواردة بشأن ولاية علي كرم الله وجهه ، فهنا ينبغي استحضار دلالاتها والحكم على مواقف أهل الجمل وصفين في ضوئها .
هناك أحاديث عامة تشير إلى أن علي يدور مع الحق والحق يدور معه ، وتوصي بموالاته وعدم معاداته ، وتتضمن الدعاء لمن والاه بموالاة الله ونصره والدعاء على من عاداه بمعاداة الله وخذلانه .
وهناك أحاديث أقل عمومية تحفظ للمقاتلين لعلي إسلامهم وإيمانهم ، حيث تشير تلك الأحاديث إلى أن علياً يقاتل على تأويل القرآن بمثل ما قاتل الرسول على تنزيله ، وأحاديث تشير إلى أن الطائفة التي تقاتل الخوارج ( طائفة علي ) هي أولى الطائفتين بالحق .
وهناك أحاديث أكثر خصوصية تؤكد الخطأ أو الظلم في مواقف أبرز المقاتلين لعلي في موقعة الجمل ، وأحاديث تؤكد المعصية والانحراف في مواقف المقاتلين لعلي في صفين .
والخلل في فهم هذه الأحاديث عند الشيعة ينبع من تطبيق الأحاديث العامة على مرحلة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان ، ثم يستمر الخلل بتطبيق تلك الأحاديث على مواقف المقاتلين لعلي في موقعة الجمل . وقد دلَّلنا فيما مضى على أنه لا صحة لتطبيق هذه الأحاديث العامة على مرحلة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان . أما مواقف المقاتلين لعلي في موقعة الجمل فإن بقية الأحاديث تقيد وتخصص مدلولات الأحاديث العامة فيما يتعلق بمواقفهم .
لنبدأ بالأحاديث الأكثر خصوصية والتي تميز بين مواقف المقاتلين لعلي في موقعة الجمل والمقاتلين له في موقعة صفين ، فالأحاديث كما سبق أن أشرنا تشهد بخطأ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وهو ما يدل عليه إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بأن إحدى نسائه تنبح عليها كلاب الحوأب ، وقد ندمت عائشة بعد ذلك على خروجها . وتشهد الأحاديث كذلك بخطأ الزبير ، وهو ما يدل عليه إخبار الرسول بأن الزبير يقاتل علياً وهو ظالم له ، وقد ذكّر علي الزبير بهذا الحديث فتذكره وتراجع عن القتال . أما طلحة فقد سبق أن أشرنا إلى أنه قُتِل غدراً في تلك المعركة من قبل أحد المقاتلين معه وأبرز المسخوط عليهم في عهد عثمان وأبرز رموز الخلل وأبرز حماته ( مروان بن الحكم ) . وبعد أن انتصر الحكم العائلي أصبح مروان والياً على المدينة ثم حاكماً للمسلمين !!.
أما أهم الأدلة التي تؤكد اختلاف مواقف المقاتلين لعلي في موقعة الجمل عن مواقف المقاتلين له في موقعة صفين فهي تلك الإدانة النبوية الكبرى التي صدرت في مواجهة مقاتلي علي في موقعة صفين ممن قاموا باغتصاب أمر الأمة وتأسيس الحكم العائلي ، حيث وصف الرسول صلى الله عليه وسلم حكمهم بأنه ملك عضوض أو عاض ونقض لعروة من عرى الإسلام ووصفهم بأنهم فئة باغية تدعو إلى النار أو إلى سبب من أسبابها .
ورغم ذلك فإنه يهمنا التنبيه هنا إلى أن إدانة المقاتلين لعلي في موقعة صفين تنحصر في الشق السياسي ، بدليل إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الله يصلح بالحسن بين طائفتين من المؤمنين ( طائفة علي وطائفة معاوية ) ، وإخباره بأن الطائفة التي تقاتل الخوارج ( علي وأتباعه ) أولى بالحق . ومن ثم فإن الفئة التي أسست حكم التغلب والتوريث العائلي في عهد بني أمية تظل من طوائف المؤمنين ويظل علي وأتباعه أولى بالحق منها ، أما اقتناص الولاية واغتصاب أمر الأمة فهي أعمال بغي ونقض لعروة من عرى الإسلام ودعوة إلى سبب من أسباب النار . على أن الإخبار عن أن دعوة المُلك ( التغلب والتوريث العائلي ) هي دعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها ينبغي أن يفهم بمثل ما يفهم به أي أمر محرم مثل الزنا أو القتل أو خيانة الأمانة أو أكل مال اليتيم . أما أهل الدعوة فالأمر يرتبط بمجمل أعمالهم ومعتقداتهم ودرجة اجتهادهم وتأولهم ، وقد نقضوا عروة من عرى الإسلام إلا أنهم لم ينقضوا بقية عرى الدين .
نأتي الآن إلى الأحاديث التي تحفظ لكل المقاتلين لعلي إسلامهم وإيمانهم ، ولكنها ذات دلالات دينية تخاطب المسلمين في كل العصور ، حيث أنبأ الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث وردت في سنن الترمذي والنسائي ومسند أحمد وبعض كتب الحديث الأخرى عن قتال علي ، وأخبر أن الله يمتحن قلبه للإيمان فيقاتل على الدين وعلى تأويل القرآن كما قاتل الرسول على تنزيله .
والشيعة يستشهدون بهذه الأحاديث دون التنبه إلى أنها تنقض عقيدة الأئمة المعصومين . وحتى لو عرضوها من باب إلزام أهل السنة بما يلزمون به أنفسهم ، فإن الأدلة العقلية والمنطقية تثبت صحة هذه الأحاديث باعتبار أن وضعها ليس أبداً من مصلحة خصوم علي ، فهي لا تشهد لمواقفهم السياسية بل تدينها .
لاحقاً بمشيئة الله نتناول دلالات هذه الأحاديث ،،،،
خيمة الأرقم- موقوووووووف
- عدد المساهمات : 41
تاريخ التسجيل : 24/06/2015
منسوخ
سعيد الكثيري
15-1-2007 09:39
مع الأحاديث الواردة حول قتال علي
وقفنا عند الأحاديث الواردة في سنن الترمذي والنسائي ومسند أحمد وبعض كتب الحديث الأخرى ، والتي أنبأ فيها الرسول صلى الله عليه وسلم عن قتال علي ، وأخبر أن الله يمتحن قلبه للإيمان فيقاتل على الدين وعلى تأويل القرآن كما قاتل الرسول على تنزيله .
إن هذه الأحاديث تؤكد الطابع الاستشرافي والتنبؤي للأحاديث الواردة بشأن ولاية علي ، وبالتالي خطأ المقولات السياسية الشيعية ، إضافة إلى خطأ الفقه السياسي السني .
أما بالنسبة لخطأ المقولات السياسية الشيعية ، فإذا كان الوحي قد حرص كل هذا الحرص على الإخبار عن قتال علي والإشادة به ووصفه بأنه قتال على الدين وأن الله يمتحن قلب علي للإيمان ، فماذا عن المرحلة الطويلة التي سبقت القتال منذ عهد أبي بكر إلى نهاية عهد عثمان ؟!.
لو كانت عقيدة الإمامة الإلهية صحيحة لما خضع علي لحكم أبي بكر وعمر وعثمان ولما سكتت الأحاديث عن خضوعه ، ولما قاتل بعد اختياره خليفة ولما أشاد الوحي بقتاله .
هل تكون قضية النزاع مع علي حول الحكم أثناء خلافته أولى بالإخبار من قضية نزع الحكم منه أثناء خلافة أبي بكر وعمر وعثمان ؟!.
وأيهما أكبر : خطأ المقاتلين لعلي في موقعة الجمل وبغي المقاتلين له في موقعة صفين ، أم هدم أصل من أصول الدين في عهد أبي بكر وعمر وعثمان ( بحسب الاعتقاد الشيعي ) ؟!.
وإذا كان علي قد فرط في أصل من أصول الدين في عهد أبي بكر وعمر وعثمان فهل يستحق هذا المفرط إشادة الوحي بصحوته المتأخرة للقتال بعد أن اختير خليفة ؟!.
ولماذا لم تتضمن النصوص إدانة لتفريطه وسكونه في عهد الخلفاء الثلاثة بينما أشادت بقتاله حين أصبح خليفة ؟!!
إن الإخبار عن قتال علي كرم الله وجهه ، والإشارة إلى أن الله يمتحن قلبه للإيمان فيقاتل على الدين وعلى تأويل القرآن كما قاتل الرسول على تنزيله ، ثم التمييز بين اختلاف الأشخاص في موقعة الجمل واختلاف المبادئ في صفين ، لهي دلائل قاطعة على أنه لم يكن يوجد أئمة معصومون بل كان يوجد ولاية للأمة أو لصفوة الأمة تم إجهاضها والقضاء عليها وتأسيس نقيضها .
ولولا ذلك لما تم السكوت عن مرحلة السلم في حياة علي والإشادة بمرحلة القتال ، ولما اقتصرت الإدانة على الفئة التي اغتصبت أمر الأمة وأسست حكم التغلب والتوريث العائلي ، بل لكانت الإدانة من نصيب طلحة والزبير وعائشة ، ولكانت قبل ذلك من نصيب أبي بكر وعمر ومعظم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، بل ولكانت أيضاً من نصيب علي الذي فرط في قتال الخلفاء الذين سبقوه .
هذا بالنسبة للمقولات السياسية الشيعية . أما بالنسبة للفقه السياسي السني ، فإذا كانت الأحاديث قد وصفت قتال علي بأنه قتال على الدين وقتال على تأويل القرآن بمثل قتال الرسول على تنزيله ، فهل وردت هذه الإشادة لمجرد تمكيننا من الحكم على مواقف المتقاتلين ، أم أن الهدف الأسمى لهذه الأحاديث هو دفعنا نحو التعرف على أسباب هذه الإشادة وإعادة التمسك بتلك الأسباب ومخالفة الذين أخبر الرسول بأنهم أخطأوا التأويل وأولئك الذين لم يكن قتالهم على الدين ؟!
صحيح أن أهل السنة يقرون بأن الحق كان مع علي ، ولكن دلالات الأحاديث لا تقف عند المواقف الآنية التاريخية للأشخاص ، بل تتعداها إلى التوصيف الديني للأوضاع .
الأحاديث تشهد بأن قتال علي كان قتالاً على الدين وعلى تأويل القرآن بمثل قتال الرسول على تنزيله . فألا يستحق ذلك أن نفهم لماذا كان قتالاً على الدين وعلى تأويل القرآن ، ثم نتبع موقف علي ونستهدي به ونسير عليه ؟!
أهل السنة يقرون بخطأ مواقف عائشة والزبير وطلحة ، فضلاً عن أن عائشة والزبير أقرا بخطأ مواقفهما ، وأحاديث الرسول الكريم لم تنسب لهما أكثر من الخطأ والظلم في لحظات القتال . فماذا عن مواقف أهل صفين ؟!
ليسوا مجرد مخطئين ، ومواقفهم لا تقف عند حدود القتال في جو الفتنة ، بل كانت تهدف إلى اغتصاب إرادة الأمة ، وقد نجح أصحابها في ذلك ولم يتراجعوا عن مواقفهم ، بل أضافوا إليها مطاردة آل البيت وسبهم وقتل بعضهم ومحاولة الإساءة إليهم بكل السبل . هؤلاء تصدق عليهم كل دلالات الأحاديث العامة حول موالاة علي ومعاداته ، فضلاً عن الأحاديث الخاصة التي تؤكد أنهم فئة باغية ، وأنهم نقضوا عروة من عرى الإسلام ، وأن دعوتهم كانت دعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها ، وأن قتالهم لم يكن على الدين .
وإذا كانت كل هذه التوصيفات وهذه الإدانة تعود إلى اغتصاب إرادة الأمة وتأسيس المُلك أو حكم التغلب بدواعي المصلحة ودرء الفتنة ، فأين يقف الفقه السياسي السنِّي ؟!
بالضبط في موقف هؤلاء ، وباستخدام ذات الذرائع والتبريرات ، وذلك باستثناء سب آل البيت أو النيل من مقامهم .
إن تبني الحكم الذي قاتل علي من أجل عدم التمكين له ، وهو حكم التغلب ، بل وإضفاء المشروعية الدينية عليه ، هو وقوف تام ضد موقف علي الذي وصف الرسول قتاله بأنه قتال على الدين وعلى تأويل القرآن بمثل قتال الرسول على تنزيله ، ووقوف تام مع الحكم الذي وصفه الرسول بأنه مُلك عضوض ونقض لعروة من عرى الإسلام ووصف مؤسسيه بأنهم فئة باغية تدعو إلى النار أو إلى سبب من أسبابها .
لاحقاً بمشيئة الله سيكون لنا وقفة مع الأحاديث التي أشارت إلى آل محمد وعترته ،،،،
15-1-2007 09:39
مع الأحاديث الواردة حول قتال علي
وقفنا عند الأحاديث الواردة في سنن الترمذي والنسائي ومسند أحمد وبعض كتب الحديث الأخرى ، والتي أنبأ فيها الرسول صلى الله عليه وسلم عن قتال علي ، وأخبر أن الله يمتحن قلبه للإيمان فيقاتل على الدين وعلى تأويل القرآن كما قاتل الرسول على تنزيله .
إن هذه الأحاديث تؤكد الطابع الاستشرافي والتنبؤي للأحاديث الواردة بشأن ولاية علي ، وبالتالي خطأ المقولات السياسية الشيعية ، إضافة إلى خطأ الفقه السياسي السني .
أما بالنسبة لخطأ المقولات السياسية الشيعية ، فإذا كان الوحي قد حرص كل هذا الحرص على الإخبار عن قتال علي والإشادة به ووصفه بأنه قتال على الدين وأن الله يمتحن قلب علي للإيمان ، فماذا عن المرحلة الطويلة التي سبقت القتال منذ عهد أبي بكر إلى نهاية عهد عثمان ؟!.
لو كانت عقيدة الإمامة الإلهية صحيحة لما خضع علي لحكم أبي بكر وعمر وعثمان ولما سكتت الأحاديث عن خضوعه ، ولما قاتل بعد اختياره خليفة ولما أشاد الوحي بقتاله .
هل تكون قضية النزاع مع علي حول الحكم أثناء خلافته أولى بالإخبار من قضية نزع الحكم منه أثناء خلافة أبي بكر وعمر وعثمان ؟!.
وأيهما أكبر : خطأ المقاتلين لعلي في موقعة الجمل وبغي المقاتلين له في موقعة صفين ، أم هدم أصل من أصول الدين في عهد أبي بكر وعمر وعثمان ( بحسب الاعتقاد الشيعي ) ؟!.
وإذا كان علي قد فرط في أصل من أصول الدين في عهد أبي بكر وعمر وعثمان فهل يستحق هذا المفرط إشادة الوحي بصحوته المتأخرة للقتال بعد أن اختير خليفة ؟!.
ولماذا لم تتضمن النصوص إدانة لتفريطه وسكونه في عهد الخلفاء الثلاثة بينما أشادت بقتاله حين أصبح خليفة ؟!!
إن الإخبار عن قتال علي كرم الله وجهه ، والإشارة إلى أن الله يمتحن قلبه للإيمان فيقاتل على الدين وعلى تأويل القرآن كما قاتل الرسول على تنزيله ، ثم التمييز بين اختلاف الأشخاص في موقعة الجمل واختلاف المبادئ في صفين ، لهي دلائل قاطعة على أنه لم يكن يوجد أئمة معصومون بل كان يوجد ولاية للأمة أو لصفوة الأمة تم إجهاضها والقضاء عليها وتأسيس نقيضها .
ولولا ذلك لما تم السكوت عن مرحلة السلم في حياة علي والإشادة بمرحلة القتال ، ولما اقتصرت الإدانة على الفئة التي اغتصبت أمر الأمة وأسست حكم التغلب والتوريث العائلي ، بل لكانت الإدانة من نصيب طلحة والزبير وعائشة ، ولكانت قبل ذلك من نصيب أبي بكر وعمر ومعظم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، بل ولكانت أيضاً من نصيب علي الذي فرط في قتال الخلفاء الذين سبقوه .
هذا بالنسبة للمقولات السياسية الشيعية . أما بالنسبة للفقه السياسي السني ، فإذا كانت الأحاديث قد وصفت قتال علي بأنه قتال على الدين وقتال على تأويل القرآن بمثل قتال الرسول على تنزيله ، فهل وردت هذه الإشادة لمجرد تمكيننا من الحكم على مواقف المتقاتلين ، أم أن الهدف الأسمى لهذه الأحاديث هو دفعنا نحو التعرف على أسباب هذه الإشادة وإعادة التمسك بتلك الأسباب ومخالفة الذين أخبر الرسول بأنهم أخطأوا التأويل وأولئك الذين لم يكن قتالهم على الدين ؟!
صحيح أن أهل السنة يقرون بأن الحق كان مع علي ، ولكن دلالات الأحاديث لا تقف عند المواقف الآنية التاريخية للأشخاص ، بل تتعداها إلى التوصيف الديني للأوضاع .
الأحاديث تشهد بأن قتال علي كان قتالاً على الدين وعلى تأويل القرآن بمثل قتال الرسول على تنزيله . فألا يستحق ذلك أن نفهم لماذا كان قتالاً على الدين وعلى تأويل القرآن ، ثم نتبع موقف علي ونستهدي به ونسير عليه ؟!
أهل السنة يقرون بخطأ مواقف عائشة والزبير وطلحة ، فضلاً عن أن عائشة والزبير أقرا بخطأ مواقفهما ، وأحاديث الرسول الكريم لم تنسب لهما أكثر من الخطأ والظلم في لحظات القتال . فماذا عن مواقف أهل صفين ؟!
ليسوا مجرد مخطئين ، ومواقفهم لا تقف عند حدود القتال في جو الفتنة ، بل كانت تهدف إلى اغتصاب إرادة الأمة ، وقد نجح أصحابها في ذلك ولم يتراجعوا عن مواقفهم ، بل أضافوا إليها مطاردة آل البيت وسبهم وقتل بعضهم ومحاولة الإساءة إليهم بكل السبل . هؤلاء تصدق عليهم كل دلالات الأحاديث العامة حول موالاة علي ومعاداته ، فضلاً عن الأحاديث الخاصة التي تؤكد أنهم فئة باغية ، وأنهم نقضوا عروة من عرى الإسلام ، وأن دعوتهم كانت دعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها ، وأن قتالهم لم يكن على الدين .
وإذا كانت كل هذه التوصيفات وهذه الإدانة تعود إلى اغتصاب إرادة الأمة وتأسيس المُلك أو حكم التغلب بدواعي المصلحة ودرء الفتنة ، فأين يقف الفقه السياسي السنِّي ؟!
بالضبط في موقف هؤلاء ، وباستخدام ذات الذرائع والتبريرات ، وذلك باستثناء سب آل البيت أو النيل من مقامهم .
إن تبني الحكم الذي قاتل علي من أجل عدم التمكين له ، وهو حكم التغلب ، بل وإضفاء المشروعية الدينية عليه ، هو وقوف تام ضد موقف علي الذي وصف الرسول قتاله بأنه قتال على الدين وعلى تأويل القرآن بمثل قتال الرسول على تنزيله ، ووقوف تام مع الحكم الذي وصفه الرسول بأنه مُلك عضوض ونقض لعروة من عرى الإسلام ووصف مؤسسيه بأنهم فئة باغية تدعو إلى النار أو إلى سبب من أسبابها .
لاحقاً بمشيئة الله سيكون لنا وقفة مع الأحاديث التي أشارت إلى آل محمد وعترته ،،،،
خيمة الأرقم- موقوووووووف
- عدد المساهمات : 41
تاريخ التسجيل : 24/06/2015
منسوخ
سعيد الكثيري
16-1-2007 19:54
آل محمد وعترته
الشيعة يستخدمون مصطلح آل البيت لتأصيل وترسيخ فكرة الحقوق السياسية الإلهية لبعض أهل البيت .
والواقع أنه يهمنا أن نشير إلى أن هذا المصطلح يأخذ ثلاثة معان :
المعنى الأول هو المعنى الأسري الزوجي ، والبيت هنا هو بيت الزوجية . وهذا هو المعنى المباشر الوارد في قوله تعالى ( ....... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) والسياق الذي وردت فيه هذه الآية يؤكد هذا المعنى تماماً ، وإن كان لا يحول دون تطبيق المعنى الوارد فيها على المعاني الأخرى .
وإلى جانب ذلك فـإن المصطلح يأخذ معنى أسرياً عاماً يشمل أفـراد عائلة الرسـول صلى الله عليه وسلم ونسلهم من بعدهم . وهذان المعنيان هما معنيان اجتماعيان يستوي فيهما معظم البشر . وبالنسبة للرسل والأنبياء والقادة والعلماء والفقهاء يوجد معنى ثالث أوسع من المعنيين السابقين وأكثر دلالة على أدوارهم ومهامهم والعلاقة بهم ، وهو معنى الأتباع . وهذا هو المعنى الذي ورد من خلاله استخدام مصطلح الآل للحديث عن أتباع الرسل والأنبياء . ومما يؤكد ذلك قوله تعالى عن ابن نـوح عليه السلام ( قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ...... ) .
الآن ، ما هو المعيار في التمييز بين المعاني المقصودة لمصطلح الآل ، سواء ورد بلفظ آل البيت أو أهل البيت أو آل محمد أو عترته ؟!
المعيار هو ورود المعنى في إطار التكليف أو وروده في إطار التزكية . فحين يرد في إطار التكليف فإنه ينصرف إلى المعنى الأسري الزوجي أو إلى المعنى الأسري العائلي ، ومن ذلك ما تدل عليه الآية السابقة التي وردت فيها جملة " أهل البيت " بعد عرض العديد من التكاليف الخاصة بأمهات المؤمنين . ومن ذلك أيضاً ما تدل عليه الأحاديث التي أوصى فيها الرسول بالإحسان إلى أهل بيته من بعده .
أما النصوص التي ورد فيها الحديث عن الآل في سياق التزكية فالمعنى ينصرف إلى الأتباع ، سواء كانوا من الزوجات أو الأقارب أو من غيرهم . وهذا هو المعنى الأهم والأوسع والأكثر ثباتاً وامتداداً وتحقيقاً لرسالة وقيم وتكاليف الدين . وحين نصلي أو نسلم على آل نوح أو آل لوط فإن المعنى المقصود هو معنى الأتباع الحاملين للرسالة والمجسدين لها ، وليس المعنى الأسري الزوجي ، فزوجتاهما خانتاهما ، ولا المعنى الأسري العائلي ، فابن نوح بنص القرآن ليس من أهله . إن الأتباع الحاملين للرسالة والمجسدين لها هم الذين يستحقون التزكية والإشادة ، ويستحقون أن يكونوا أئمة وأعلاماً يُقتدى بهم . وهذا المعنى لا يؤدي إلى استبعاد الأتباع من الزوجات والأقارب ، ولا يعطي لهؤلاء شرف التزكية والإشادة لمجرد علاقة الزواج أو علاقة النسب ، فضلاً عن أنه أكثر إنصافاً لغيرهم ممن استحقوا نيل شرف هذا المعنى دون أن تتوفر لهم ذات درجة السهولة التي تتوفر للأتباع من الزوجات والأقارب . وبناء على ذلك فإن آل محمد الذين نصلي ونبارك عليهم في كل صلاة أو عترة الرسول الذين قُرن بينهم وبين القرآن إلى قيام الساعة هم الأتباع والسائرون على نهج الرسـول صلى الله عليه وسلم وهديه إلى يوم القيامة . ومن الخطأ الاعتقاد بأن المسلمين من أقصى الأرض إلى أقصاها أمروا عند أداء صلواتهم إلى قيام الساعة بأن يصلوا ويباركوا على أفراد معدودين من أقارب الرسول صلى الله عليه وسلم .
إن المعنى الأقرب لرسالة الإسلام وتكاليفه وقيمه والمعنى المنسجم مع اتساع وامتداد الصلاة إلى قيام الساعة هو معنى الأتباع المتميزين في حمل الرسالة وتجسيدها . وهذا - في تقديرنا - هو ذات المعنى الذي ورد في الحديث الذي تضمن الحث على التمسك بالقرآن الكريم وعترة الرسـول أهل بيته وأنهما لن يفترقا حتى يردا الحوض . إذ كيف يكون التمسك بالعترة منجياً من الضلال إلى قيام الساعة ويُقرن بالقرآن الكريم إذا كان المقصود بضعة أفـراد من عائلة الرسول صلى الله عليه وسلم ممن انتهت سلالـة بعضهم وبقيت سلالـة بعض الذين لا سبيل إلى فهم الحديث حين يربط بهم ؟!.
إن المعنى الواسع والجوهري للحديث الوارد حول القرآن والعترة لا يُفهم ولا تتضح صورته وأبعاده ومدلولاته ولا يستقيم معناه إلا حين تفسر العترة على أن المقصود منها الأتباع المخلصين في حمل الرسالة وتطبيقها إلى قيام الساعة . وبذلك يكون المعنى المقصود هو الحث على التمسك بالقرآن وملازمة الجماعة المتميزة في اتباعها لهدي محمد صلى الله عليه وسلم وأنهما لن يفترقا حتى يردا الحوض .
الآن ، كيف يمكن الاستدلال على المعنيين بهذا المعنى عن الآل أو العترة ؟!
بأن نتعرف – من خلال الأحاديث أيضاً – على المسلمين الذين شهد لهم الرسول بأنهم لن يفترقوا عن القرآن . وهنا سنجد أنفسنا مرة أخرى عند دلالات أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن قتال علي على الدين وأنه يقاتل على تأويل القرآن بمثل ما قاتل الرسول على تنزيله ، وسنجد أنفسنا عند دلالات الأحاديث الواردة بشأن أهل الملك العضوض الذين ينقضون أول عروة من عرى الدين .
هذه الأحاديث تنبئ عن نهاية مرحلة التطبيق التام للقرآن وبداية مرحلة الافتراق عنه . وطالما أن علياً يقاتل على تأويل القرآن وأن نشوء المُلك العضوض يعد أول نقض لعروة من عرى الدين ، فإن هذا يدل على أن المرحلة التي سبقت ذلك النقض هي مرحلة الآل أو العترة التي ستشهد الاقتران بالقرآن وعدم الافتراق عنه . أي مرحلة الخلفاء الراشدين .
الأحاديث تشير إلى أنه بعد المُلك العضوض سينشأ الحكم الجبري ثم تعود خلافة راشدة على منهاج النبوة . وهذه هي المرحلة الثانية لآل محمد أو عترته الذين يعيدون أولى عرى الدين التي تم نقضها ، وهي عروة الحكم .
وهذا لا يعني أن أهل غير هاتين المرحلتين ليسوا مؤمنين وليسوا مسلمين ، بل يعني أن هؤلاء هم الصفوة والقدوة وأكثر المسلمين تجسيداً للقرآن وتطبيقاً للرسالة التي أرسل بها محمد ، فكأنهم آله وعترته إلى قيام الساعة .
وهنا قد يثور التساؤل عما إذا كان للسياسة كل هذه القيمة التي تجعلها قضية فاصلة بين نيل شرف الانتساب إلى آل محمد وعترته الذين قرنهم الرسول بالقرآن ، وبين غيرهم من المسلمين الذين لم ينالوا مثل هذا الشرف ؟!
والجواب على ذلك هو أن السياسة تدور حول العمل العام والمال العام وأطر ومرتكزات الثقافة والتعليم والدفاع والأمن والصحة والإعلام والعلاقات الخارجية والمناصب القيادية وشاغليها ومستوى أدائهم والأخطاء ومكامن الخلل الكبرى وسبل تصحيحها والوعي العـام والعدالة والمساواة ومصالح الأمة العليا . وحين تؤمم هذه القضايا أو توضع تحت وصاية أحد الأفراد أو إحدى العائلات أو العصابات السياسية فما الذي يبقى للأمة دنيوياً ، بل ما الذي يبقى منها ؟!
إن فكرة الأئمة المعصومين لم تؤد ولن تؤدي إلا إلى حجب واستبعاد قيمة الشورى ونقل علم السياسة إلى عالم العقيدة والدفع باتجاه حكم التغلب والإساءة إلى معظم الأوائل من آل محمد وعترته ( أتباعه ) . أما حكم التغلب فقد أدى وسيظل يؤدي إلى تشويه مفاهيم الخلافة والشورى والبيعة وبيت المال وأهل الحل والعقد ، كما أنه أدى وسيظل يؤدي إلى تغذية فكر الإرجاء ونقل علم السياسة إلى عالم المحرمات وجعل السياسة والسياسيين من الناحية الواقعية أكثر قدسية من الدين والرسل ، بالإضافة إلى إذكاء الانقسامات والصراعات واللهو وشتى صنوف الارتزاق .
من أجل ذلك فإن السياسة تستحق أن تكون قضية فاصلة بين نيل شرف الانتساب إلى آل محمد وعترته الذين قرنهم الرسول بالقرآن ، وبين غيرهم من المسلمين الذين نقضوا أو ورثوا نقضاً لعروة من عرى الدين .
والواقع أنه يهمنا في هذا السياق استحضار اسم الحسين رضي الله عنه ، ليس بوصفه قريباً للرسول الكريم ، ولا بسبب مجرد حادثة استشهاده ، بل للقيمة الرسالية التي جسدها بمواقفه كمنتفض ضد أول نقض لعروة من عرى الدين وكعلم من أعلام الآل أو العترة وكرمز لآمال إعادة الخلافة الراشدة والوقوف في وجه المُلك العضوض . ولو كانت الأدوار قد اختلفت ، وكان يزيد هو المدافع عن سنن الخلافة الراشدة ضد حكم عائلي حسيني أو علوي لكان هو القدوة وأحد رموز آل محمد وعترته .
لقد كانت انتفاضة الحسين انتفاضة حق خذلتها الأمة ثم شوهتها عبر القرون ، سواء من خلال سوء فهمها والغلو في صاحبها كما يفعل الشيعة أو من خلال تجاهلها وخدمة نقيضها كما يفعل أهل السنة .
وحيث أن ذكرى استشهاد الحسين أصبحت على الأبواب ، فإنه يهمنا أن نقف عندها كذكرى دفاع عن سنن الخلافة الراشدة ونهاية لمرحلة الأوائل من آل محمد وعترته ( صفوة الأتباع ) وكذكرى تثبيت لسنن المُلك العضوض ونقض لعروة من عرى الدين كما أخبرت بذلك أحاديث الرسول الكريم .
لاحقاً بمشيئة الله نتناول هذه المسألة ،،،،،
16-1-2007 19:54
آل محمد وعترته
الشيعة يستخدمون مصطلح آل البيت لتأصيل وترسيخ فكرة الحقوق السياسية الإلهية لبعض أهل البيت .
والواقع أنه يهمنا أن نشير إلى أن هذا المصطلح يأخذ ثلاثة معان :
المعنى الأول هو المعنى الأسري الزوجي ، والبيت هنا هو بيت الزوجية . وهذا هو المعنى المباشر الوارد في قوله تعالى ( ....... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) والسياق الذي وردت فيه هذه الآية يؤكد هذا المعنى تماماً ، وإن كان لا يحول دون تطبيق المعنى الوارد فيها على المعاني الأخرى .
وإلى جانب ذلك فـإن المصطلح يأخذ معنى أسرياً عاماً يشمل أفـراد عائلة الرسـول صلى الله عليه وسلم ونسلهم من بعدهم . وهذان المعنيان هما معنيان اجتماعيان يستوي فيهما معظم البشر . وبالنسبة للرسل والأنبياء والقادة والعلماء والفقهاء يوجد معنى ثالث أوسع من المعنيين السابقين وأكثر دلالة على أدوارهم ومهامهم والعلاقة بهم ، وهو معنى الأتباع . وهذا هو المعنى الذي ورد من خلاله استخدام مصطلح الآل للحديث عن أتباع الرسل والأنبياء . ومما يؤكد ذلك قوله تعالى عن ابن نـوح عليه السلام ( قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ...... ) .
الآن ، ما هو المعيار في التمييز بين المعاني المقصودة لمصطلح الآل ، سواء ورد بلفظ آل البيت أو أهل البيت أو آل محمد أو عترته ؟!
المعيار هو ورود المعنى في إطار التكليف أو وروده في إطار التزكية . فحين يرد في إطار التكليف فإنه ينصرف إلى المعنى الأسري الزوجي أو إلى المعنى الأسري العائلي ، ومن ذلك ما تدل عليه الآية السابقة التي وردت فيها جملة " أهل البيت " بعد عرض العديد من التكاليف الخاصة بأمهات المؤمنين . ومن ذلك أيضاً ما تدل عليه الأحاديث التي أوصى فيها الرسول بالإحسان إلى أهل بيته من بعده .
أما النصوص التي ورد فيها الحديث عن الآل في سياق التزكية فالمعنى ينصرف إلى الأتباع ، سواء كانوا من الزوجات أو الأقارب أو من غيرهم . وهذا هو المعنى الأهم والأوسع والأكثر ثباتاً وامتداداً وتحقيقاً لرسالة وقيم وتكاليف الدين . وحين نصلي أو نسلم على آل نوح أو آل لوط فإن المعنى المقصود هو معنى الأتباع الحاملين للرسالة والمجسدين لها ، وليس المعنى الأسري الزوجي ، فزوجتاهما خانتاهما ، ولا المعنى الأسري العائلي ، فابن نوح بنص القرآن ليس من أهله . إن الأتباع الحاملين للرسالة والمجسدين لها هم الذين يستحقون التزكية والإشادة ، ويستحقون أن يكونوا أئمة وأعلاماً يُقتدى بهم . وهذا المعنى لا يؤدي إلى استبعاد الأتباع من الزوجات والأقارب ، ولا يعطي لهؤلاء شرف التزكية والإشادة لمجرد علاقة الزواج أو علاقة النسب ، فضلاً عن أنه أكثر إنصافاً لغيرهم ممن استحقوا نيل شرف هذا المعنى دون أن تتوفر لهم ذات درجة السهولة التي تتوفر للأتباع من الزوجات والأقارب . وبناء على ذلك فإن آل محمد الذين نصلي ونبارك عليهم في كل صلاة أو عترة الرسول الذين قُرن بينهم وبين القرآن إلى قيام الساعة هم الأتباع والسائرون على نهج الرسـول صلى الله عليه وسلم وهديه إلى يوم القيامة . ومن الخطأ الاعتقاد بأن المسلمين من أقصى الأرض إلى أقصاها أمروا عند أداء صلواتهم إلى قيام الساعة بأن يصلوا ويباركوا على أفراد معدودين من أقارب الرسول صلى الله عليه وسلم .
إن المعنى الأقرب لرسالة الإسلام وتكاليفه وقيمه والمعنى المنسجم مع اتساع وامتداد الصلاة إلى قيام الساعة هو معنى الأتباع المتميزين في حمل الرسالة وتجسيدها . وهذا - في تقديرنا - هو ذات المعنى الذي ورد في الحديث الذي تضمن الحث على التمسك بالقرآن الكريم وعترة الرسـول أهل بيته وأنهما لن يفترقا حتى يردا الحوض . إذ كيف يكون التمسك بالعترة منجياً من الضلال إلى قيام الساعة ويُقرن بالقرآن الكريم إذا كان المقصود بضعة أفـراد من عائلة الرسول صلى الله عليه وسلم ممن انتهت سلالـة بعضهم وبقيت سلالـة بعض الذين لا سبيل إلى فهم الحديث حين يربط بهم ؟!.
إن المعنى الواسع والجوهري للحديث الوارد حول القرآن والعترة لا يُفهم ولا تتضح صورته وأبعاده ومدلولاته ولا يستقيم معناه إلا حين تفسر العترة على أن المقصود منها الأتباع المخلصين في حمل الرسالة وتطبيقها إلى قيام الساعة . وبذلك يكون المعنى المقصود هو الحث على التمسك بالقرآن وملازمة الجماعة المتميزة في اتباعها لهدي محمد صلى الله عليه وسلم وأنهما لن يفترقا حتى يردا الحوض .
الآن ، كيف يمكن الاستدلال على المعنيين بهذا المعنى عن الآل أو العترة ؟!
بأن نتعرف – من خلال الأحاديث أيضاً – على المسلمين الذين شهد لهم الرسول بأنهم لن يفترقوا عن القرآن . وهنا سنجد أنفسنا مرة أخرى عند دلالات أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن قتال علي على الدين وأنه يقاتل على تأويل القرآن بمثل ما قاتل الرسول على تنزيله ، وسنجد أنفسنا عند دلالات الأحاديث الواردة بشأن أهل الملك العضوض الذين ينقضون أول عروة من عرى الدين .
هذه الأحاديث تنبئ عن نهاية مرحلة التطبيق التام للقرآن وبداية مرحلة الافتراق عنه . وطالما أن علياً يقاتل على تأويل القرآن وأن نشوء المُلك العضوض يعد أول نقض لعروة من عرى الدين ، فإن هذا يدل على أن المرحلة التي سبقت ذلك النقض هي مرحلة الآل أو العترة التي ستشهد الاقتران بالقرآن وعدم الافتراق عنه . أي مرحلة الخلفاء الراشدين .
الأحاديث تشير إلى أنه بعد المُلك العضوض سينشأ الحكم الجبري ثم تعود خلافة راشدة على منهاج النبوة . وهذه هي المرحلة الثانية لآل محمد أو عترته الذين يعيدون أولى عرى الدين التي تم نقضها ، وهي عروة الحكم .
وهذا لا يعني أن أهل غير هاتين المرحلتين ليسوا مؤمنين وليسوا مسلمين ، بل يعني أن هؤلاء هم الصفوة والقدوة وأكثر المسلمين تجسيداً للقرآن وتطبيقاً للرسالة التي أرسل بها محمد ، فكأنهم آله وعترته إلى قيام الساعة .
وهنا قد يثور التساؤل عما إذا كان للسياسة كل هذه القيمة التي تجعلها قضية فاصلة بين نيل شرف الانتساب إلى آل محمد وعترته الذين قرنهم الرسول بالقرآن ، وبين غيرهم من المسلمين الذين لم ينالوا مثل هذا الشرف ؟!
والجواب على ذلك هو أن السياسة تدور حول العمل العام والمال العام وأطر ومرتكزات الثقافة والتعليم والدفاع والأمن والصحة والإعلام والعلاقات الخارجية والمناصب القيادية وشاغليها ومستوى أدائهم والأخطاء ومكامن الخلل الكبرى وسبل تصحيحها والوعي العـام والعدالة والمساواة ومصالح الأمة العليا . وحين تؤمم هذه القضايا أو توضع تحت وصاية أحد الأفراد أو إحدى العائلات أو العصابات السياسية فما الذي يبقى للأمة دنيوياً ، بل ما الذي يبقى منها ؟!
إن فكرة الأئمة المعصومين لم تؤد ولن تؤدي إلا إلى حجب واستبعاد قيمة الشورى ونقل علم السياسة إلى عالم العقيدة والدفع باتجاه حكم التغلب والإساءة إلى معظم الأوائل من آل محمد وعترته ( أتباعه ) . أما حكم التغلب فقد أدى وسيظل يؤدي إلى تشويه مفاهيم الخلافة والشورى والبيعة وبيت المال وأهل الحل والعقد ، كما أنه أدى وسيظل يؤدي إلى تغذية فكر الإرجاء ونقل علم السياسة إلى عالم المحرمات وجعل السياسة والسياسيين من الناحية الواقعية أكثر قدسية من الدين والرسل ، بالإضافة إلى إذكاء الانقسامات والصراعات واللهو وشتى صنوف الارتزاق .
من أجل ذلك فإن السياسة تستحق أن تكون قضية فاصلة بين نيل شرف الانتساب إلى آل محمد وعترته الذين قرنهم الرسول بالقرآن ، وبين غيرهم من المسلمين الذين نقضوا أو ورثوا نقضاً لعروة من عرى الدين .
والواقع أنه يهمنا في هذا السياق استحضار اسم الحسين رضي الله عنه ، ليس بوصفه قريباً للرسول الكريم ، ولا بسبب مجرد حادثة استشهاده ، بل للقيمة الرسالية التي جسدها بمواقفه كمنتفض ضد أول نقض لعروة من عرى الدين وكعلم من أعلام الآل أو العترة وكرمز لآمال إعادة الخلافة الراشدة والوقوف في وجه المُلك العضوض . ولو كانت الأدوار قد اختلفت ، وكان يزيد هو المدافع عن سنن الخلافة الراشدة ضد حكم عائلي حسيني أو علوي لكان هو القدوة وأحد رموز آل محمد وعترته .
لقد كانت انتفاضة الحسين انتفاضة حق خذلتها الأمة ثم شوهتها عبر القرون ، سواء من خلال سوء فهمها والغلو في صاحبها كما يفعل الشيعة أو من خلال تجاهلها وخدمة نقيضها كما يفعل أهل السنة .
وحيث أن ذكرى استشهاد الحسين أصبحت على الأبواب ، فإنه يهمنا أن نقف عندها كذكرى دفاع عن سنن الخلافة الراشدة ونهاية لمرحلة الأوائل من آل محمد وعترته ( صفوة الأتباع ) وكذكرى تثبيت لسنن المُلك العضوض ونقض لعروة من عرى الدين كما أخبرت بذلك أحاديث الرسول الكريم .
لاحقاً بمشيئة الله نتناول هذه المسألة ،،،،،
خيمة الأرقم- موقوووووووف
- عدد المساهمات : 41
تاريخ التسجيل : 24/06/2015
منسوخ
سعيد الكثيري
17-1-2007 19:44
الاختطاف الشيعي للحسين والتأييد السنّي لهذا الاختطاف !!
كل الانحرافات الشيعية الكبرى تنبع من قضية الإمامة ، والانحراف السنّي الأكبر ينبع من قضية السياسة !!
الشيعة رفعوا قضية الإمامة إلى عالم العقيدة وجعلوها أصلاً من أصول الدين وحصروا استحقاقها في بعض آل البيت .
وأهل السنة أنزلوا السياسة إلى عالم الثانويات والتكميليات وقدموا الأمة على طبق من ذهب للبغاة والمغتصبين وأهل السيوف .
ذاك انحراف وهذا انحراف . فليست الإمامة من قضايا العقيدة بل هي من قضايا الشريعة . وفي الشريعة لا يوجد سوى الشورى ، وفي الحياة الدنيوية الممتدة لا يصلح سوى الشورى .
أما حكم البغاة والمغتصبين وأهل السيوف فليس له من اسم في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم سوى اسم المُلك العضوض أو المُلك الجبري ، وليس له من وصف في أحاديث الرسول سوى بأنه أول نقض لعروة من عرى الإسلام ، وليس للدعوة إليه وصف في أحاديث الرسول سوى بأنها دعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها .
هنا يبرز اسم الحسين رضي الله عنه كرمز تلخص المواقف منه انحرافات الشيعة وانحرافات أهل السنة .
بعد أيام معدودة ستحل ذكرى استشهاد الحسين رضي الله عنه في يوم عاشوراء ، وستتبدى بعض أبرز مظاهر الانحراف الشيعي .
لن يحضر الحسين لدى الشيعة كرمز للدفاع عن الشورى ورفض للمُلك العضوض .
لن يحضر كرمز لجهود إعادة أول عروة نقضت من عرى الدين وهي عروة الحكم .
لن يحضر كحامل دعوة إلى الجنة أو إلى سبب من أسبابها أو كمجابه لدعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها .
ستحضر الانحرافات والسواطير والدماء ودعوات الثأر واللعن والسب والشتم ودعوة الناس للإيمان بالإمام المعصوم وكأنهم يعيشون في التاريخ .
ماذا ستقدم هذه الذكرى لحاضرهم ؟!
لا شيء سوى تجديد مشاعر الشحن والكراهية وتغييب العقول وترسيخ انقسام الأمة والدعوة إلى أمر غير قابل للتطبيق في حاضرهم . ولن يستفيد من جهودهم سوى أبرز أعداء الحسين رضي الله عنه ، وهم حكام التغلب والسيف ، وأعداء الأمة الذين ستصب كل جهود تكريس الانقسام وترسيخه لخدمة مصالحهم .
ما الذي يمكن أن يريده أعداء الحسين ( حكام التغلب ) أكثر من صرف الأنظار والعقول عن حكم التغلب وتقديم فكرة غير قابلة للتطبيق ومصادمة لعقائد الغالبية الساحقة من المسلمين ؟!
ما الذي يريدونه أكثر من الجهد الشيعي في إظهارهم بمظهر المدافعين عن عقائد الغالبية الساحقة من المسلمين ؟!
ما الذي يريدونه أكثر من إظهار الحسين بصورة الباحث عن الزعامة الشخصية والحق العائلي المسلوب ؟!
ما الذي يريدونه أكثر من ربط صورة الحسين وذكراه في أذهان الناس بمشاهد السواطير والدماء ودعوات الثأر واللعن والسب والشتم والنحيب ؟!
سيهنأ حكام التغلب بحكمهم وسيحكمون الحاضر بينما أهل السواطير والدماء ودعوات الثأر واللعن والسب والشتم والنحيب يعيشون في التاريخ ويحملون أفكاراً تاريخية لا تصلح للتطبيق بقدر ما تصلح لحجب الناس عن الفكرة الصالحة للتطبيق ، وهي فكرة الشورى .
ماذا لو قام الشيعة باستحضار الحسين وإحياء ذكراه في إطارها الصحيح كذكرى رجل قدم نفسه وأهل بيته في سبيل مواجهة حالة اغتصاب أمر الأمة ونقض الشورى ؟!
هذا ما لا يريده ولن يسعد به أعداء الحسين ( حكام التغلب ) وفي مقدمتهم يزيد بن معاوية .
هذا سيؤدي إلى توجيه الأنظار والعقول باتجاه حكم التغلب ومنهجه وسُننه وسيؤدي إلى إحياء الفكرة الوحيدة التي كان يمكن أن تنزع عرش يزيد ومن يماثل يزيد ، وهي فكرة الشورى القابلة للتطبيق والوارد ذكرها في القرآن والموافقة لعقائد الغالبية الساحقة من المسلمين .
هذا سيؤدي إلى حرمان حكام التغلب وفي مقدمتهم يزيد بن معاوية من فرص الدفاع عنهم أو السكوت عن منهجهم السياسي أو إظهارهم بمظهر المدافعين عن عقائد الغالبية الساحقة من المسلمين .
هذا سيؤدي إلى إظهار الحسين بصورة المدافع عن قيمة الشورى وحق المسلمين في أن يكون أمرهم شورى بينهم ، وليس بمظهر المدافع عن الزعامة الشخصية والحق العائلي المسلوب .
هذا سيؤدي إلى ربط صورة الحسين وذكراه بقيمة الشورى وحقوق المسلمين في مواجهة البغاة وأهل التغلب والسيف والتوريث العائلي ، بدلاً من ربط صورته بمشاهد السواطير والدماء ودعوات الثأر واللعن والسب والشتم والنحيب .
هذا سيؤدي إلى إعادة رسم صورة الحسين ويزيد في أذهان أهل السنة قبل الشيعة .
سيؤدي إلى إعادة الاعتبار إلى الحسين كمدافع عن القيم السياسية الإسلامية التي يمكن تطبيقها في حاضر المسلمين ومستقبلهم .
سيؤدي إلى تحويل الوعي بيزيد إلى رمز لانتهاك القيم السياسية الإسلامية وتحويل حكمه إلى نموذج للحكم الذي ينبغي اجتنابه والخروج منه في حاضرهم والحيلولة دون عودته في مستقبلهم .
هذا عن استحضار الحسين وذكراه عند الشيعة ، فماذا عن استحضار الجانب السياسي من حياة الحسين عند أهل السنة ؟!
لاحقاً بمشيئة الله نلقي الأضواء على مواقف أهل السنة ،،،،
17-1-2007 19:44
الاختطاف الشيعي للحسين والتأييد السنّي لهذا الاختطاف !!
كل الانحرافات الشيعية الكبرى تنبع من قضية الإمامة ، والانحراف السنّي الأكبر ينبع من قضية السياسة !!
الشيعة رفعوا قضية الإمامة إلى عالم العقيدة وجعلوها أصلاً من أصول الدين وحصروا استحقاقها في بعض آل البيت .
وأهل السنة أنزلوا السياسة إلى عالم الثانويات والتكميليات وقدموا الأمة على طبق من ذهب للبغاة والمغتصبين وأهل السيوف .
ذاك انحراف وهذا انحراف . فليست الإمامة من قضايا العقيدة بل هي من قضايا الشريعة . وفي الشريعة لا يوجد سوى الشورى ، وفي الحياة الدنيوية الممتدة لا يصلح سوى الشورى .
أما حكم البغاة والمغتصبين وأهل السيوف فليس له من اسم في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم سوى اسم المُلك العضوض أو المُلك الجبري ، وليس له من وصف في أحاديث الرسول سوى بأنه أول نقض لعروة من عرى الإسلام ، وليس للدعوة إليه وصف في أحاديث الرسول سوى بأنها دعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها .
هنا يبرز اسم الحسين رضي الله عنه كرمز تلخص المواقف منه انحرافات الشيعة وانحرافات أهل السنة .
بعد أيام معدودة ستحل ذكرى استشهاد الحسين رضي الله عنه في يوم عاشوراء ، وستتبدى بعض أبرز مظاهر الانحراف الشيعي .
لن يحضر الحسين لدى الشيعة كرمز للدفاع عن الشورى ورفض للمُلك العضوض .
لن يحضر كرمز لجهود إعادة أول عروة نقضت من عرى الدين وهي عروة الحكم .
لن يحضر كحامل دعوة إلى الجنة أو إلى سبب من أسبابها أو كمجابه لدعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها .
ستحضر الانحرافات والسواطير والدماء ودعوات الثأر واللعن والسب والشتم ودعوة الناس للإيمان بالإمام المعصوم وكأنهم يعيشون في التاريخ .
ماذا ستقدم هذه الذكرى لحاضرهم ؟!
لا شيء سوى تجديد مشاعر الشحن والكراهية وتغييب العقول وترسيخ انقسام الأمة والدعوة إلى أمر غير قابل للتطبيق في حاضرهم . ولن يستفيد من جهودهم سوى أبرز أعداء الحسين رضي الله عنه ، وهم حكام التغلب والسيف ، وأعداء الأمة الذين ستصب كل جهود تكريس الانقسام وترسيخه لخدمة مصالحهم .
ما الذي يمكن أن يريده أعداء الحسين ( حكام التغلب ) أكثر من صرف الأنظار والعقول عن حكم التغلب وتقديم فكرة غير قابلة للتطبيق ومصادمة لعقائد الغالبية الساحقة من المسلمين ؟!
ما الذي يريدونه أكثر من الجهد الشيعي في إظهارهم بمظهر المدافعين عن عقائد الغالبية الساحقة من المسلمين ؟!
ما الذي يريدونه أكثر من إظهار الحسين بصورة الباحث عن الزعامة الشخصية والحق العائلي المسلوب ؟!
ما الذي يريدونه أكثر من ربط صورة الحسين وذكراه في أذهان الناس بمشاهد السواطير والدماء ودعوات الثأر واللعن والسب والشتم والنحيب ؟!
سيهنأ حكام التغلب بحكمهم وسيحكمون الحاضر بينما أهل السواطير والدماء ودعوات الثأر واللعن والسب والشتم والنحيب يعيشون في التاريخ ويحملون أفكاراً تاريخية لا تصلح للتطبيق بقدر ما تصلح لحجب الناس عن الفكرة الصالحة للتطبيق ، وهي فكرة الشورى .
ماذا لو قام الشيعة باستحضار الحسين وإحياء ذكراه في إطارها الصحيح كذكرى رجل قدم نفسه وأهل بيته في سبيل مواجهة حالة اغتصاب أمر الأمة ونقض الشورى ؟!
هذا ما لا يريده ولن يسعد به أعداء الحسين ( حكام التغلب ) وفي مقدمتهم يزيد بن معاوية .
هذا سيؤدي إلى توجيه الأنظار والعقول باتجاه حكم التغلب ومنهجه وسُننه وسيؤدي إلى إحياء الفكرة الوحيدة التي كان يمكن أن تنزع عرش يزيد ومن يماثل يزيد ، وهي فكرة الشورى القابلة للتطبيق والوارد ذكرها في القرآن والموافقة لعقائد الغالبية الساحقة من المسلمين .
هذا سيؤدي إلى حرمان حكام التغلب وفي مقدمتهم يزيد بن معاوية من فرص الدفاع عنهم أو السكوت عن منهجهم السياسي أو إظهارهم بمظهر المدافعين عن عقائد الغالبية الساحقة من المسلمين .
هذا سيؤدي إلى إظهار الحسين بصورة المدافع عن قيمة الشورى وحق المسلمين في أن يكون أمرهم شورى بينهم ، وليس بمظهر المدافع عن الزعامة الشخصية والحق العائلي المسلوب .
هذا سيؤدي إلى ربط صورة الحسين وذكراه بقيمة الشورى وحقوق المسلمين في مواجهة البغاة وأهل التغلب والسيف والتوريث العائلي ، بدلاً من ربط صورته بمشاهد السواطير والدماء ودعوات الثأر واللعن والسب والشتم والنحيب .
هذا سيؤدي إلى إعادة رسم صورة الحسين ويزيد في أذهان أهل السنة قبل الشيعة .
سيؤدي إلى إعادة الاعتبار إلى الحسين كمدافع عن القيم السياسية الإسلامية التي يمكن تطبيقها في حاضر المسلمين ومستقبلهم .
سيؤدي إلى تحويل الوعي بيزيد إلى رمز لانتهاك القيم السياسية الإسلامية وتحويل حكمه إلى نموذج للحكم الذي ينبغي اجتنابه والخروج منه في حاضرهم والحيلولة دون عودته في مستقبلهم .
هذا عن استحضار الحسين وذكراه عند الشيعة ، فماذا عن استحضار الجانب السياسي من حياة الحسين عند أهل السنة ؟!
لاحقاً بمشيئة الله نلقي الأضواء على مواقف أهل السنة ،،،،
خيمة الأرقم- موقوووووووف
- عدد المساهمات : 41
تاريخ التسجيل : 24/06/2015
منسوخ
سعيد الكثيري
18-1-2007 21:28
موقف أهل السنة من الحسين
لا يزال الحسين رضي الله عنه عند أهل السنة رهن الاختطاف الشيعي .
لا يكاد يعرف عامة أهل السنة عن الحسين رضي الله عنه سوى مقامه كمسلم وعابد وحفيد للرسول صلى الله عليه وسلم وكسيد لشباب أهل الجنة . أما الحسين السياسي فهذه فتنة ينبغي عدم الخوض فيها ، كما هو الحال مع كل أمور السياسة التي تم تأميمها منذ نشوء المُلك العضوض .
والذي لا يتنبه إليه أهل السنة هو أنهم ليسوا مدعوين لمناقشة إسلام وإيمان وتعبد وصلاح الحسين أو يزيد ، بل هم مدعوون لمناقشة المنهج السياسي للحسين ويزيد .
هنا قد يبدو للبعض ممن لم يعرفوا السياسة ولم يعرفوا سننها أن الأمر يتعلق بأمر تاريخي لم يعود له وجود ، بينما الحقيقة أن المنهج السياسي الذي بدأ تثبيته منذ عهد يزيد هو المنهج السياسي الذي حكم ولا زال يحكم الثقافة السياسية السنية منذ ذلك الحين إلى وقتنا الراهن .
أهل السنة يعترضون على أعمال يزيد ومعظمهم يدينونها ، لكنهم لا يعترضون على المنهج السياسي الذي أدى إلى هذه الأعمال ، وهو منهج التغلب والتوريث العائلي للحكم . بل إنهم يضفون على هذا المنهج المشروعية الدينية ، رغم أنه على النقيض تماماً من منهج الخلفاء الراشدين الذي أوصاهم الرسول باتباعه والعض على سننه بالنواجذ ، ووصف الحكم التالي لحكم الخلفاء الراشدين بأنه مُلك عضوض ونقض لعروة من عرى الإسلام ووصف الدعوة السياسية لأصحابه بأنها دعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها .
أهل السنة يعترضون على أعمال يزيد ومعظمهم يدينونها ، لكنهم لا يدركون أنها نتيجة طبيعية وحتمية من نتائج حكم التغلب والتوريث العائلي . ربما كان سيختلف الأمر في درجته أو مستواه أو تفاصيله لو كان الحاكم شخصاً آخر غير يزيد ، لكن الطابع العام والسنن العامة لحكم التغلب تظل واحدة مهما اختلفت التفاصيل ومهما اختلفت طباع الحكام .
ربما يسمح حكم التغلب بظهور شخصية مثالية قلما يجود حكم التغلب بمثلها مثل شخصية عمر بن عبدالعزيز ، إلا أن مثل هذه الشخصية تظل أشبه بالاستثناء الذي يؤكد القاعدة ولا ينفيها ، ولذلك لم يدم حكمه سوى أقل من ثلاثة أعوام ، ويقال إن الأقارب دسوا له السم ، وعادت سنن حكم التغلب كما هي .
هل كان الأمر بين الحسين ويزيد أمر فتنة كما هو الحال في موقعة الجمل ؟!
إن الفتنة تثور عند اشتباه الأمور واختلاطها وصعوبة التمييز بينها ، فهل بين دعوة الحسين ودعوة يزيد ومقام الحسين ومقام يزيد ما يدعو إلى اشتباه الأمور واختلاطها وصعوبة التمييز بينها ؟!
ثم إذا كانت الدعوة إلى اجتناب الفتنة نابعة من احتمالات التقاتل وإراقة الدماء فهذا أمر كان مرتبطاً بزمن الحسين ويزيد ، فماذا بعد زمنهما ، وماذا بعد أن حدث التقاتل وحدثت الفتنة واستشهد الأول ومات الثاني ؟!
ماذا بعد أن أصبح المسلمون يعيشون بعد الحدث التاريخي وبعد احتمالات دخولهم في القتال ، وأصبحوا ينظرون إلى الموضوع من زاوية التاريخ وتوفرت لهم فرص الفهم الهادئ لمواقف الحسين ويزيد ؟!
ماذا إذا كنا لا نناقش التاريخ ، بل نناقش المنهج السياسي الذي بدأ منذ عهد يزيد ولا زال راسخاً حتى لحظتنا الراهنة ؟!
هنا ، ألا يستطيع أهل السنة ، ودون الدخول في القتال ودون السب أو الشتم أو اللعن ، أن يكتشفوا أن حكم يزيد هو بداية التثبيت الحقيقي لما وصفه الرسول بأنه " مُلك عضوض " ؟!
ألا يستطيعون أن يكتشفوا أن أهل المُلك العضوض ومؤيديهم والمعتذرين لهم احتجوا بالمصلحة ودرء الفتنة ، إلا أن ذلك لم يحل دون وصف الرسول لحكمهم بأنه " مُلك عضوض " !!
احتج أهل المُلك العضوض ومؤيديهم والمعتذرين لهم بالمصلحة ودرء الفتنة ، إلا أن ذلك لم يحل دون وصف الرسول لحكمهم بأنه " أول نقض لعروة من عرى الإسلام ، وهي عروة الحكم " !!
احتج أهل المُلك العضوض ومؤيديهم والمعتذرين لهم بالمصلحة ودرء الفتنة ، إلا أن ذلك لم يحل دون وصف الرسول لدعوتهم السياسية بأنها " دعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها " !!
وبالتالي ، ودون الطعن في إيمان يزيد أو إسلامه أو سبه أو شتمه أو لعنه ، ألا نستطيع القول بأنه حكمه لم يكن خلافة بل كان مُلكاً عضوضاً ونقضاً لأول عروة من عرى الإسلام وهي عروة الحكم ، وأن دعوته السياسية كانت دعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها ؟!
إذا كنا لا نستطيع ذلك فنحن من أهل المُلك العضوض ونحن من أهل عروة الدين المنقوضة ونحن من أهل الدعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها ، وذلك لسبب بسيط ، وهو أننا إذا استبعدنا الأحداث التاريخية لحكم يزيد فإن سنن حكمه هي السنن السائدة إلى لحظتنا الراهنة ، وهي السنن التي تشيع في الفقه السياسي السني على أنها الحكم الإسلامي .
وبالتالي فأهل السنة لا يتجنبون صراع الحسين ويزيد إلا من حيث الحديث المباشر عن الأشخاص أو الوقائع التاريخية ، أما من حيث النتائج والمنهج السياسي وسنن الحكم ، فإن أهل السنة يتبنون سنن حكم يزيد ويضفون عليها المشروعية الدينية ويرثونها منذ عهد يزيد إلى لحظتنا الراهنة .
بالمقابل ، ودون الغلو في الحسين ، ألا نستطيع القول بأنه احترم الشورى خلال حكم الخلفاء الراشدين ثم احترم الصلح مع معاوية والعهد بإعادة الأمر إلى المسلمين بعده – تحقيقاً للمصلحة ودرءاً للفتنة - ولكنه انتفض ضد الحكم الأموي حين تم الإخلال بالعهد وتثبيت المُلك العضوض ، كما نطقت بذلك أحاديث الرسول الكريم ؟!.
ألا نستطيع القول بأنه احترم الشورى خلال حكم الخلفاء الراشدين ثم احترم الصلح مع معاوية والعهد بإعادة الأمر إلى المسلمين بعده – تحقيقاً للمصلحة ودرءاً للفتنة - ولكنه انتفض ضد الحكم الأموي حين تم الإخلال بالعهد ونقض عروة من عرى الدين ، وهي عروة الحكم ، كما نطقت بذلك أحاديث الرسول الكريم ؟!.
ألا نستطيع القول بأنه احترم الشورى خلال حكم الخلفاء الراشدين ثم احترم الصلح مع معاوية والعهد بإعادة الأمر إلى المسلمين بعده – تحقيقاً للمصلحة ودرءاً للفتنة - ولكنه انتفض ضد الحكم الأموي حين تم الإخلال بالعهد وتثبيت الدعوة السياسية التي وصفها رسول الله بأنها دعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها ، كما نطقت بذلك أحاديث الرسول الكريم ؟!.
ألا نستطيع إعادة الحسين من حالة الاختطاف الشيعي وإعادة الاعتبار لمنهجه السياسي في ضوء أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن حكم بني أمية ومن جاء بعدهم ؟!
ألا نستطيع أن نميز بين حكم الخلفاء الراشدين الذي أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم باتباع سننه والعض عليها بالنواجذ ، وبين حكم الأمويين والعباسيين والعثمانيين الذي لن نجد له وصفاً في أحاديث الرسول سوى بأنه مُلك عضوض ونقض لعروة من عرى الدين وهي عروة الحكم ، ولن نجد وصفاً للدعوة السياسية التي يقوم عليها ( التغلب والتوريث العائلي للحكم ) سوى بأنها دعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها ؟!
إذا كنا لا نستطيع ذلك فنحن نقف فعلياً وواقعياً ضد الشورى وضد منهج الخلفاء الراشدين ونقف فعلياً وواقعياً وإلى أبعد الحدود مع المُلك العضوض والجبري ومع أول نقض لعروة من عرى الدين وهي عروة الحكم ومع أصحاب الدعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها .
إذا كنا لا نستطيع ذلك فنحن من أهم أسباب بقاء الغلو الشيعي في الحسين . وحين نرى مشاهد السواطير والدماء واللعن والسب في يوم عاشوراء فإن علينا أن ندرك بأننا نسهم إلى حد بعيد في إفراز وبقاء هذه المشاهد والإساءة إلى مبادئ الحسين وسيرته ومنهجه السياسي .
أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن والحسين ومعاوية ويزيد وأبو العباس السفاح والمنصور كلهم مسلمون . ولكن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن والحسين لم يصلوا إلى الحكم بحد السيف ولم يورثوا الحكم إلى أبنائهم أو عائلاتهم ، بل كانوا يخضغون للشورى ويختلفون سياسياً في إطارها ، أما معاوية ويزيد وأبي العباس السفاح والمنصور فلم يصلوا إلى الحكم إلا بحد السيف ثم ورثوه لأبنائهم أو أفراد عائلاتهم ، وبذلك فهم أهل تغلب ومُلك عضوض وناقضون لإحدى عرى الدين وداعون إلى سبب من أسباب النار .
أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن والحسين هم من آل محمد وعترته ، وذلك وفق المعنى الديني لهذا المصلح . أي معنى الأتباع الحاملين للرسالة والمجسدين لها . وهؤلاء هم الذين ينبغي الاقتداء بمنهجهم السياسي الذي لم يعرف التغلب والتوريث العائلي للحكم ، أما الآخرين فيمكن اتباعهم في أي أمر إلا منهجهم السياسي ، حيث ينبغي اجتنبابه والبعد عنه .
بهذا يمكننا أن نصبح نحن من آل محمد وعترته حتى وإن لم نكن من أقربائه العائليين ، وبهذا يمكن استعادة علي والحسين من حالة الاختطاف الشيعي ، وبهذا يمكن التأسيس لإعادة الخلافة الراشدة من جديد وتحقيق نبوءة الرسول الكريم بأنه بعد الحكم الجبري تعود خلافة راشدة على منهاج النبوة .
كيف ؟!
من خلال التصحيح الثقافي أولاً ، والنظر إلى قيم الخلافة الراشدة وفق معايير ومعطيات عصرنا وزماننا الذي نحياه .
18-1-2007 21:28
موقف أهل السنة من الحسين
لا يزال الحسين رضي الله عنه عند أهل السنة رهن الاختطاف الشيعي .
لا يكاد يعرف عامة أهل السنة عن الحسين رضي الله عنه سوى مقامه كمسلم وعابد وحفيد للرسول صلى الله عليه وسلم وكسيد لشباب أهل الجنة . أما الحسين السياسي فهذه فتنة ينبغي عدم الخوض فيها ، كما هو الحال مع كل أمور السياسة التي تم تأميمها منذ نشوء المُلك العضوض .
والذي لا يتنبه إليه أهل السنة هو أنهم ليسوا مدعوين لمناقشة إسلام وإيمان وتعبد وصلاح الحسين أو يزيد ، بل هم مدعوون لمناقشة المنهج السياسي للحسين ويزيد .
هنا قد يبدو للبعض ممن لم يعرفوا السياسة ولم يعرفوا سننها أن الأمر يتعلق بأمر تاريخي لم يعود له وجود ، بينما الحقيقة أن المنهج السياسي الذي بدأ تثبيته منذ عهد يزيد هو المنهج السياسي الذي حكم ولا زال يحكم الثقافة السياسية السنية منذ ذلك الحين إلى وقتنا الراهن .
أهل السنة يعترضون على أعمال يزيد ومعظمهم يدينونها ، لكنهم لا يعترضون على المنهج السياسي الذي أدى إلى هذه الأعمال ، وهو منهج التغلب والتوريث العائلي للحكم . بل إنهم يضفون على هذا المنهج المشروعية الدينية ، رغم أنه على النقيض تماماً من منهج الخلفاء الراشدين الذي أوصاهم الرسول باتباعه والعض على سننه بالنواجذ ، ووصف الحكم التالي لحكم الخلفاء الراشدين بأنه مُلك عضوض ونقض لعروة من عرى الإسلام ووصف الدعوة السياسية لأصحابه بأنها دعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها .
أهل السنة يعترضون على أعمال يزيد ومعظمهم يدينونها ، لكنهم لا يدركون أنها نتيجة طبيعية وحتمية من نتائج حكم التغلب والتوريث العائلي . ربما كان سيختلف الأمر في درجته أو مستواه أو تفاصيله لو كان الحاكم شخصاً آخر غير يزيد ، لكن الطابع العام والسنن العامة لحكم التغلب تظل واحدة مهما اختلفت التفاصيل ومهما اختلفت طباع الحكام .
ربما يسمح حكم التغلب بظهور شخصية مثالية قلما يجود حكم التغلب بمثلها مثل شخصية عمر بن عبدالعزيز ، إلا أن مثل هذه الشخصية تظل أشبه بالاستثناء الذي يؤكد القاعدة ولا ينفيها ، ولذلك لم يدم حكمه سوى أقل من ثلاثة أعوام ، ويقال إن الأقارب دسوا له السم ، وعادت سنن حكم التغلب كما هي .
هل كان الأمر بين الحسين ويزيد أمر فتنة كما هو الحال في موقعة الجمل ؟!
إن الفتنة تثور عند اشتباه الأمور واختلاطها وصعوبة التمييز بينها ، فهل بين دعوة الحسين ودعوة يزيد ومقام الحسين ومقام يزيد ما يدعو إلى اشتباه الأمور واختلاطها وصعوبة التمييز بينها ؟!
ثم إذا كانت الدعوة إلى اجتناب الفتنة نابعة من احتمالات التقاتل وإراقة الدماء فهذا أمر كان مرتبطاً بزمن الحسين ويزيد ، فماذا بعد زمنهما ، وماذا بعد أن حدث التقاتل وحدثت الفتنة واستشهد الأول ومات الثاني ؟!
ماذا بعد أن أصبح المسلمون يعيشون بعد الحدث التاريخي وبعد احتمالات دخولهم في القتال ، وأصبحوا ينظرون إلى الموضوع من زاوية التاريخ وتوفرت لهم فرص الفهم الهادئ لمواقف الحسين ويزيد ؟!
ماذا إذا كنا لا نناقش التاريخ ، بل نناقش المنهج السياسي الذي بدأ منذ عهد يزيد ولا زال راسخاً حتى لحظتنا الراهنة ؟!
هنا ، ألا يستطيع أهل السنة ، ودون الدخول في القتال ودون السب أو الشتم أو اللعن ، أن يكتشفوا أن حكم يزيد هو بداية التثبيت الحقيقي لما وصفه الرسول بأنه " مُلك عضوض " ؟!
ألا يستطيعون أن يكتشفوا أن أهل المُلك العضوض ومؤيديهم والمعتذرين لهم احتجوا بالمصلحة ودرء الفتنة ، إلا أن ذلك لم يحل دون وصف الرسول لحكمهم بأنه " مُلك عضوض " !!
احتج أهل المُلك العضوض ومؤيديهم والمعتذرين لهم بالمصلحة ودرء الفتنة ، إلا أن ذلك لم يحل دون وصف الرسول لحكمهم بأنه " أول نقض لعروة من عرى الإسلام ، وهي عروة الحكم " !!
احتج أهل المُلك العضوض ومؤيديهم والمعتذرين لهم بالمصلحة ودرء الفتنة ، إلا أن ذلك لم يحل دون وصف الرسول لدعوتهم السياسية بأنها " دعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها " !!
وبالتالي ، ودون الطعن في إيمان يزيد أو إسلامه أو سبه أو شتمه أو لعنه ، ألا نستطيع القول بأنه حكمه لم يكن خلافة بل كان مُلكاً عضوضاً ونقضاً لأول عروة من عرى الإسلام وهي عروة الحكم ، وأن دعوته السياسية كانت دعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها ؟!
إذا كنا لا نستطيع ذلك فنحن من أهل المُلك العضوض ونحن من أهل عروة الدين المنقوضة ونحن من أهل الدعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها ، وذلك لسبب بسيط ، وهو أننا إذا استبعدنا الأحداث التاريخية لحكم يزيد فإن سنن حكمه هي السنن السائدة إلى لحظتنا الراهنة ، وهي السنن التي تشيع في الفقه السياسي السني على أنها الحكم الإسلامي .
وبالتالي فأهل السنة لا يتجنبون صراع الحسين ويزيد إلا من حيث الحديث المباشر عن الأشخاص أو الوقائع التاريخية ، أما من حيث النتائج والمنهج السياسي وسنن الحكم ، فإن أهل السنة يتبنون سنن حكم يزيد ويضفون عليها المشروعية الدينية ويرثونها منذ عهد يزيد إلى لحظتنا الراهنة .
بالمقابل ، ودون الغلو في الحسين ، ألا نستطيع القول بأنه احترم الشورى خلال حكم الخلفاء الراشدين ثم احترم الصلح مع معاوية والعهد بإعادة الأمر إلى المسلمين بعده – تحقيقاً للمصلحة ودرءاً للفتنة - ولكنه انتفض ضد الحكم الأموي حين تم الإخلال بالعهد وتثبيت المُلك العضوض ، كما نطقت بذلك أحاديث الرسول الكريم ؟!.
ألا نستطيع القول بأنه احترم الشورى خلال حكم الخلفاء الراشدين ثم احترم الصلح مع معاوية والعهد بإعادة الأمر إلى المسلمين بعده – تحقيقاً للمصلحة ودرءاً للفتنة - ولكنه انتفض ضد الحكم الأموي حين تم الإخلال بالعهد ونقض عروة من عرى الدين ، وهي عروة الحكم ، كما نطقت بذلك أحاديث الرسول الكريم ؟!.
ألا نستطيع القول بأنه احترم الشورى خلال حكم الخلفاء الراشدين ثم احترم الصلح مع معاوية والعهد بإعادة الأمر إلى المسلمين بعده – تحقيقاً للمصلحة ودرءاً للفتنة - ولكنه انتفض ضد الحكم الأموي حين تم الإخلال بالعهد وتثبيت الدعوة السياسية التي وصفها رسول الله بأنها دعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها ، كما نطقت بذلك أحاديث الرسول الكريم ؟!.
ألا نستطيع إعادة الحسين من حالة الاختطاف الشيعي وإعادة الاعتبار لمنهجه السياسي في ضوء أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن حكم بني أمية ومن جاء بعدهم ؟!
ألا نستطيع أن نميز بين حكم الخلفاء الراشدين الذي أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم باتباع سننه والعض عليها بالنواجذ ، وبين حكم الأمويين والعباسيين والعثمانيين الذي لن نجد له وصفاً في أحاديث الرسول سوى بأنه مُلك عضوض ونقض لعروة من عرى الدين وهي عروة الحكم ، ولن نجد وصفاً للدعوة السياسية التي يقوم عليها ( التغلب والتوريث العائلي للحكم ) سوى بأنها دعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها ؟!
إذا كنا لا نستطيع ذلك فنحن نقف فعلياً وواقعياً ضد الشورى وضد منهج الخلفاء الراشدين ونقف فعلياً وواقعياً وإلى أبعد الحدود مع المُلك العضوض والجبري ومع أول نقض لعروة من عرى الدين وهي عروة الحكم ومع أصحاب الدعوة إلى النار أو إلى سبب من أسبابها .
إذا كنا لا نستطيع ذلك فنحن من أهم أسباب بقاء الغلو الشيعي في الحسين . وحين نرى مشاهد السواطير والدماء واللعن والسب في يوم عاشوراء فإن علينا أن ندرك بأننا نسهم إلى حد بعيد في إفراز وبقاء هذه المشاهد والإساءة إلى مبادئ الحسين وسيرته ومنهجه السياسي .
أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن والحسين ومعاوية ويزيد وأبو العباس السفاح والمنصور كلهم مسلمون . ولكن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن والحسين لم يصلوا إلى الحكم بحد السيف ولم يورثوا الحكم إلى أبنائهم أو عائلاتهم ، بل كانوا يخضغون للشورى ويختلفون سياسياً في إطارها ، أما معاوية ويزيد وأبي العباس السفاح والمنصور فلم يصلوا إلى الحكم إلا بحد السيف ثم ورثوه لأبنائهم أو أفراد عائلاتهم ، وبذلك فهم أهل تغلب ومُلك عضوض وناقضون لإحدى عرى الدين وداعون إلى سبب من أسباب النار .
أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن والحسين هم من آل محمد وعترته ، وذلك وفق المعنى الديني لهذا المصلح . أي معنى الأتباع الحاملين للرسالة والمجسدين لها . وهؤلاء هم الذين ينبغي الاقتداء بمنهجهم السياسي الذي لم يعرف التغلب والتوريث العائلي للحكم ، أما الآخرين فيمكن اتباعهم في أي أمر إلا منهجهم السياسي ، حيث ينبغي اجتنبابه والبعد عنه .
بهذا يمكننا أن نصبح نحن من آل محمد وعترته حتى وإن لم نكن من أقربائه العائليين ، وبهذا يمكن استعادة علي والحسين من حالة الاختطاف الشيعي ، وبهذا يمكن التأسيس لإعادة الخلافة الراشدة من جديد وتحقيق نبوءة الرسول الكريم بأنه بعد الحكم الجبري تعود خلافة راشدة على منهاج النبوة .
كيف ؟!
من خلال التصحيح الثقافي أولاً ، والنظر إلى قيم الخلافة الراشدة وفق معايير ومعطيات عصرنا وزماننا الذي نحياه .
خيمة الأرقم- موقوووووووف
- عدد المساهمات : 41
تاريخ التسجيل : 24/06/2015
رد: القواسم المشتركة بين الطائفيين الشيعة ..... والتكفيريين السنّة !!!
السلام عليك خيمه الأرقم وجزاك الله خير على النقل والمجهود (من اجمل ما قرأت والله) لا أزيد على ذلك لم يضع اصبعه على الجرح (بل أدخله)
قصة أبي الثعالب- كاتب وباحث في الفتن
- عدد المساهمات : 373
تاريخ التسجيل : 20/04/2015
مواضيع مماثلة
» الشيخ مصطفى العدوى يفضح عقائد الشيعة الفاسدة بمؤتمر "الشيعة هم العدو فاحذرهم"
» الرد المبين على شبهات الخوارج والتكفيريين
» انواع الصلاة عند الشيعة !!!
» أمور كفرية لدى فرق الشيعة
» الرد على الشيعة
» الرد المبين على شبهات الخوارج والتكفيريين
» انواع الصلاة عند الشيعة !!!
» أمور كفرية لدى فرق الشيعة
» الرد على الشيعة
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات العامة و الساحة السياسية والاقتصادية المفتوحة :: حوار الثغور ومنبر السياسة والاقتصاد والفتن الخاصة (عمران بيت المقدس خراب يثرب)!
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى