كيف سيبدو الشرق الاوسط
4 مشترك
ملتقى صائد الرؤى :: ملتقيات الفتن والنبوءات وأشراط الساعة :: بدء الملاحم واستمرارها إلى " آخر الزمان " :: ممهدات وأحداث الحرب العالمية الثالثة
صفحة 1 من اصل 1
كيف سيبدو الشرق الاوسط
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا تقرير حول
((كيف سيبدو الشرق الاوسط في حالته الافضل))
مجلة آرمد فورسس القوات المسلحة الأمريكية
الجنرال المتقاعد رالف بيترز
التقرير صدر سنة 2006 مع هذا فان التقرير
ربما يعكس وجهة نظر الولايات الامريكية المتحدة حول ماستكون عليه الاوضاع في الخليج العربي في المستقبل
الموضوع منقول
إن أكثر الحدود جورا وعشوائية هي تلك التي في أفريقيا والشرق الأوسط. وقد قام برسم الحدود الأفريقية أوربيون انتهازيون لا يعرفون حدود دولهم الأصلية على وجه الدقة، هذه الحدود التي ما تزال مستمرة في قتل الملايين من شعوب الدول المتجاورة. أما الحدود الجائرة في الشرق الأوسط -والتي رسمها تشرشل- فقد أدت إلى كم كبير من المشاكل يفوق ما تتحمله شعوب هذه المنطقة.
وبينما يعج الشرق الأوسط بمشاكل تتعدى مسألة الحدود الفاسدة -بدءا من الركود الثقافي مرورا بالمستوى الفاضح من انعدام المساواة إلى التطرف الديني المفرط- فإن المحظور الأعظم في عملية السعي نحو فهم قضية الانهيار الشامل في هذه المنطقة، لا يكمن في الإسلام بل في تلك الحدود العالمية المحرمة المريعة، والتي يقدسها الدبلوماسيون لدينا.
وبالطبع، لا يمكن ألية عملية تعديل في الحدود -مهما كانت قاسية- أن ترضي أية أقلية في الشرق الأوسط. ففي بعض الحالات، تعيش المجموعات العرقية والدينية جنبا إلى جنبا وتتزاوج في ما بينها. وفي أماكن أخرى، لا يبدو بأن المجموعات المتحدة على أساس العرق أو الدين تنعم بالبهجة التي يتوقعها الداعون إلى مثل هذه الاتحادات، والحدود المرسومة على الخرائط المرافقة لهذا المقال تعوض المجموعات البشرية «المخدوعة:» كالكرد، والبلوش، والشيعة العرب. لكنها لا تزال عاجزة عن إرضاء رغبات العديد من الأقليات: كمسيحيي الشرق الأوسط، والبهائيين، والاسماعيليين، والنقشبنديين. ويبقى ثمة خطأ راسخ لا يمكن التعويض عنه برقعة من الأرض، وهو: الإبادة الجماعية التي ارتكبتها الإمبراطورية العثمانية البائدة ضد الأرمن.
أما الآن، فإن تجاهل كل هذا الكم من الجور في الحدود، وعدم مراجعتها بصورة جوهرية، سيؤدي إلى أن هذه المنطقة لن تنعم بحالة من السالم تتفوق على ما نشهده حاليا.
وحتى أولئك الذين يمقتون مسألة تغيير الحدود، سينخرطون بفعالية في إعطاء تصور أكثر عدلا، إن بقي الحل ناقصا، في عملية تعديل الحدود العالمية في المنطقة الممتدة بين مضيق البوسفور ووادي السند. وإذا قبلنا بفكرة عدم قيام الفكر السياسي الدولي بتطوير الأدوات الفعالة غير الحربية لإعادة ضبط الحدود الخاطئة، فإن الجهد العقلي المبذول للإحاطة بالحدود الحقيقة سيساعدنا -على الرغم من ذلك- في إدراك مدى الصعوبات التي نواجهها -وسنظل نواجهها- في هذا المجال. إننا نتعامل هنا مع تشوهات هائلة صنعها الإنسان بيده، وهذه التشوهات لا تزال مستمرة في توليد الحقد والكراهية ما لم يتم تصحيحها.
وبالنسبة للذين يرفضون «التفكير في ما لا يمكن التفكير به» ويعلنون أن الحدود يجب أن لا تتغير، وما إلى ذلك من هذا الكلام، فهم يذكروننا بأن الحدود لم تكف عن التغير خلال القرون المتعاقبة. فلم تكن الحدود يوما من العناصر الثابتة، والكثير منها لا يزال يتغير إلى يومنا هذا، من الكونغو مرورا بكوسوفو وصولا إلى القوقاز
آه، كدت أن أنسى سرا قذرا صغيرا يتعلق بهذه المسألة وعمره 5 آلاف سنة: أعمال التطهير العرقي.
سأبدأ بالحدود التي يتحسس لها القارئ الأمريكي بشكل أكبر: فمن أجل منح إسرائيل
أي أمل بحالة معقولة من السالم مع جيرانها، يجب عليها أن ترجع إلى حدود ما قبل حرب 1967، مع تعديلات موضعية ضرورية في ما يختص بالاحتياطات الأمنية المشروعة. لكن في ما يختص بقضية القدس ذات التاريخ المخضب بالدماء، فقد يحتاج الأمر لتحله الأجيال القادمة. وفي وقت حول فيه أطراف النزاع إلههم إلى طاغية مولع بالعقارات، نجد أن الصراع على الأراضي الخصبة يتميز بعناد لا يضاهى بما يمتاز به من طمع مجرد بالثروة النفطية أو النزاعات العرقية. لذلك دعونا نصرف النظر عن هذه القضية التي أشبعت درسا لوحدها، ولننتقل إلى القضايا التي تجاهلتها الدراسات.
إن الجور الأكبر في الرقعة المظلومة الشهيرة الممتدة من جبال البلقان إلى جبال الهيمااليا يتمثل في غياب وجود دولة كردية مستقلة. فهناك حوالي 36-27 مليون كردي يعيشون في مناطق متجاورة في الشرق الأوسط )الأرقام غير دقيقة ألن الدول التي يعيش فيها الكرد لم تسمح بإجراء إحصاء نزيه(. وبما أن عدد الكرد يتجاوز عدد الشعب العراقي، فإنه حتى التقدير الأقل لعدد الكرد يجعلهم أكبر إثنية لا تتمتع بدولتها الخاصة على مستوى العالم. وأسوأ من ذلك: أن الكرد تعرضوا للاضطهاد من كل حكومة سيطرت على هضباتهم وجبالهم منذ أيام الاحتلال الفارسي للمنطقة.
لقد أهدرت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها فرصة ثمينة للبدء في تصحيح هذا الجور بعد سقوط بغداد. فالمسخ الذي سيتكون من خياطة أجزاء غير متطابقة، سيؤدي بالعراق إلى الانقسام فورا إلى ثالث دول. لقد فشلنا في ذلك بسبب الجبن ونقص في الرؤية، فأجبرنا الكرد على تأييد الحكومة العراقية الجديدة، وقد استجابوا لرغبتنا بحزن عرفانا بالجميل. ولكن أي استفتاء عام يجرى في المناطق الكردية سينتج عنه بالتأكيد نسبة 100% تقريبا من الموافقين على الاستقلال عن العراق.
وكذلك سيكون الحال بالنسبة للكرد في تركيا، والذين تحملوا عقودا من عنف الاضطهاد العسكري وتهميشا طويلا من خلال تسمية جبالهم بجبال الأتراك في محاولة لتذويب هويتهم العرقية. وبينما خفت سيطرة أنقرة على الأكراد في العقد الماضي، فإن الاضطهاد عاد ليشتد على الكرد حاليا وبدا الخمس الشرقي من تركيا وكأنه منطقة محتلة. أما بالنسبة للكرد في سوريا وإيران، فسيهرعون للانضمام إلى كردستان المستقلة إن استطاعوا. إن الرفض الذي تبديه الدول الديمقراطية الشرعية في العالم تجاه دعم قيام دولة كردية مستقلة هو ذنب يتعلق بحقوق الإنسان، وهو أسوأ بكثير من الانتهاكات الصغيرة التافهة التي تجذب انتباه وسائل الاعلام. وبالمناسبة: إن كردستان الحرة، الممتدة من ديار بكر إلى تبريز، ستكون أكثر الدول دعما للسياسة الغربية في الرقعة الممتدة من بلغاريا إلى اليابان.
إن تعديلا منصفا في حدود المنطقة سيترك المحافظات العراقية السنية الثلاث في دولة مقتطعة قد تتحد مع مرور الوقت بسوريا التي ستفقد شريطها الساحلي لصالح لبنان الكبير ذي التوجه المتوسطي )والدة الامبراطورية الفينيقية من جديد(. أما الجنوب الشيعي في العراق القديم فسيشكل أساس الدولة الشيعية العربية التي ستحف بالخليج العربي. وستحتفظ الأردن بمناطقها الحالية، مع بعض التوسع باتجاه الجنوب على حساب المملكة العربية السعودية. ومن جانبها ستعاني السعودية -وهي دولة مصطنعة- من تجريدها من مناطقها بنفس القدر الذي ستعانيه باكستان.
إن أحد الأسباب الأساسية للخيبة الاسلامية الواسعة يكمن في تعامل العائلة المالكة
السعودية مع مكة والمدينة بوصفهما ملكا خاصا لهم. فوجود مقدسات المسلمين تحت سيطرة دولة قمعية يحكمها نظام يعتبر أحد أشد أنظمة العالم تطرفا واضطهادا -وهو نظام يسيطر على ثروة كبيرة جاهزة-، أدى ذلك إلى تمكين السعوديين من نشر نظرتهم الوهابية حول التعليم الديني والعقيدة المتعصبة بعيدا إلى ما وراء حدود دولتهم. إن تزايد ثروة السعوديين، وبالتالي، تزايد نفوذهم كان أسوأ شيء حدث للعالم الاسلامي منذ وفاة النبي، وأسوأ شيء حدث للعرب منذ الغزو العثماني )إن لم يكن الغزو المغولي(.
في الوقت الذي لن يؤثر فيه غير المسلمين شيئا في مجال إدارة مقدسات المسلمين، تخيل معي كم سيكون ملائما للعالم الإسلامي حينما تدار شؤون مكة والمدينة من خلال مجلس تداولي يتكون من ممثلين عن أكبر المدارس والحركات الإسلامية العالمية ضمن دولة مقدسة إسلامية -نموذج إسلامي ضخم عن الفاتيكان- حيث سيكون مستقبل دين عظيم محل نقاش لا مجرد إلزام. إن العدل الحقيقي -الذي ربما لن نحبه- سيمنح حقول النفط الساحلية في السعودية إلى الشيعة العرب الذين تقع هذه الحقول في منطقتهم، بينما سيذهب الربع الجنوبي الغربي لليمن. وسيقتصر حكم آل سعود على البقية المتمثلة في المنطقة السعودية المحيطة بالرياض، وبذلك سيكونون قادرين على إلحاق أذى أقل بالاسلام والعالم.
إيران، وهي دولة ذات حدود عشوائية، ستخسر جزءا كبيرا من أراضيها لصالح أذربيجان الموحدة، وكردستان الحرة، والدولة الشيعية العربية، وبلوشستان الحرة. لكنها ستكسب المحافظات المحيطة بهرات في أفغانستان الحالية، وهي منطقة ترتبط بصلة وثيقة مع بلاد فارس تاريخيا ولغويا. وفي الواقع، ستصبح إيران دولة للعرق الفارسي مرة أخرى، مع بقاء
السؤال الصعب المتمثل في ما إذا كانت ستحتفظ بميناء بندر عباس، أو تتنازل عنه للدولة الشيعية العربية.
إن ما ستخسره أفغانستان لصالح الدولة الفارسية غربا، ستكسبه من جهة الشرق، حيث سيعود اتحاد القبائل القاطنة شمال غرب باكستان مع إخوانهم في أفغانستان )إن النقطة الجوهرية في هذا العمل تتمثل في رسم الخرائط لا بالطريقة التي نفضلها، بل بالطريقة التي يفضلها السكان المحليون المعنيون بالأمر(. إن باكستان -وهي دولة مصطنعة أخرى- ستفقد منطقة البلوش لصالح بلوشستان الحرة. أما باكستان «الطبيعية» التي ستتبقى في نهاية الأمر، فستوضع بكاملها شرق نهر السند، ما عدا نتوءا متجها للغرب بالقرب من كراتشي.
أما دولة الإمارات العربية المتحدة فسيكون لها مصير مختلط، كما هو حالها الآن. فبعض الإمارات قد ينضم للدولة الشيعية العربية مما يعطيها المزيد من السيطرة على الخليج العربي )وبذلك يرجح أن تكون الدولة الشيعية العربية عامل توازن مقابل الدولة الفارسية، أكثر من احتمال أن تكون حليفا لها(. وبما أن كل الثقافات المتزمتة هي ثقافات زائفة، فإن دبي -بالضرورة- ستحتفظ بموقعها كمرتع لعربدة المترفين. أما الكويت وعمان فستحتفظان بحدودهما الحالية.
إن تصحيح الحدود بشكل تعكس فيه قدرة الشعوب، هو أمر قد يكون مستحيلا اليوم. ولكن لأمد ما، وما يرافقه من دماء لن يمكن الحيلولة دون سفكها، ستنبثق حدود جديدة طبيعية. ولنتذكر: لقد سقطت امبراطورية بابل أكثر من مرة.
وإلى أن يحين ذلك، سيستمر جيشنا في قتال الإرهاب من أجل أمننا، ومن أجل السعي نحو الديمقراطية وإيجاد ممر إلى النفط في منطقة كان قدرها أن تتقاتل في ما بينها. إن التقسيمات البشرية الحالية والاتحادات الإجبارية الممتدة من أنقرة إلى كراتشي، جنبا إلى جنب مع الكوارث ذاتية المنشأ، توفر بيئة مثالية لحضن التطرف الديني الذي يمثل ثقافة إلقاء اللوم على الآخرين وتجنيد الإرهابيين. وأينما نظرت الشعوب بحزن نحو حدودها، فإنها ستبحث بحماس عن أعدائها.
إن منطقة الشرق الأوسط، بما تصدره من فائض الإرهابيين وشحيح الطاقة، تحمل تشوهات راهنة تعد بازدياد الحال سوءا، دون أن يتحسن. وفي منطقة اعتنقت أسوأ أنواع الشعور القومي على الإطلاق، وتبنت أكثر أنواع الشعور الديني انحطاطا بشكل يهدد إيمانها اليائس، فإن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها وقواتها المسلحة ستجد عددا غير متناهٍ من الأزمات. وفي وقت يقدم فيه العراق مثالا معاكسا مفعما بالأمل -إن لم نخرج منه مبكرا-، نجد بقية دول هذه المنطقة الشاسعة تقدم المشاكل المتفاقمة على جميع الحدود.
إذا لم يكن ممكنا تعديل حدود الشرق الأوسط الكبير بحيث تعكس الروابط الطبيعية المستندة إلى الدم والعقيدة، فيجب أن نتقبل حقيقة تنص على أن جزءا من الدم المسفوح في هذه المنطقة سيكون على حسابنا نحن الأمريكيين.
هذا تقرير حول
((كيف سيبدو الشرق الاوسط في حالته الافضل))
مجلة آرمد فورسس القوات المسلحة الأمريكية
الجنرال المتقاعد رالف بيترز
التقرير صدر سنة 2006 مع هذا فان التقرير
ربما يعكس وجهة نظر الولايات الامريكية المتحدة حول ماستكون عليه الاوضاع في الخليج العربي في المستقبل
الموضوع منقول
إن أكثر الحدود جورا وعشوائية هي تلك التي في أفريقيا والشرق الأوسط. وقد قام برسم الحدود الأفريقية أوربيون انتهازيون لا يعرفون حدود دولهم الأصلية على وجه الدقة، هذه الحدود التي ما تزال مستمرة في قتل الملايين من شعوب الدول المتجاورة. أما الحدود الجائرة في الشرق الأوسط -والتي رسمها تشرشل- فقد أدت إلى كم كبير من المشاكل يفوق ما تتحمله شعوب هذه المنطقة.
وبينما يعج الشرق الأوسط بمشاكل تتعدى مسألة الحدود الفاسدة -بدءا من الركود الثقافي مرورا بالمستوى الفاضح من انعدام المساواة إلى التطرف الديني المفرط- فإن المحظور الأعظم في عملية السعي نحو فهم قضية الانهيار الشامل في هذه المنطقة، لا يكمن في الإسلام بل في تلك الحدود العالمية المحرمة المريعة، والتي يقدسها الدبلوماسيون لدينا.
وبالطبع، لا يمكن ألية عملية تعديل في الحدود -مهما كانت قاسية- أن ترضي أية أقلية في الشرق الأوسط. ففي بعض الحالات، تعيش المجموعات العرقية والدينية جنبا إلى جنبا وتتزاوج في ما بينها. وفي أماكن أخرى، لا يبدو بأن المجموعات المتحدة على أساس العرق أو الدين تنعم بالبهجة التي يتوقعها الداعون إلى مثل هذه الاتحادات، والحدود المرسومة على الخرائط المرافقة لهذا المقال تعوض المجموعات البشرية «المخدوعة:» كالكرد، والبلوش، والشيعة العرب. لكنها لا تزال عاجزة عن إرضاء رغبات العديد من الأقليات: كمسيحيي الشرق الأوسط، والبهائيين، والاسماعيليين، والنقشبنديين. ويبقى ثمة خطأ راسخ لا يمكن التعويض عنه برقعة من الأرض، وهو: الإبادة الجماعية التي ارتكبتها الإمبراطورية العثمانية البائدة ضد الأرمن.
أما الآن، فإن تجاهل كل هذا الكم من الجور في الحدود، وعدم مراجعتها بصورة جوهرية، سيؤدي إلى أن هذه المنطقة لن تنعم بحالة من السالم تتفوق على ما نشهده حاليا.
وحتى أولئك الذين يمقتون مسألة تغيير الحدود، سينخرطون بفعالية في إعطاء تصور أكثر عدلا، إن بقي الحل ناقصا، في عملية تعديل الحدود العالمية في المنطقة الممتدة بين مضيق البوسفور ووادي السند. وإذا قبلنا بفكرة عدم قيام الفكر السياسي الدولي بتطوير الأدوات الفعالة غير الحربية لإعادة ضبط الحدود الخاطئة، فإن الجهد العقلي المبذول للإحاطة بالحدود الحقيقة سيساعدنا -على الرغم من ذلك- في إدراك مدى الصعوبات التي نواجهها -وسنظل نواجهها- في هذا المجال. إننا نتعامل هنا مع تشوهات هائلة صنعها الإنسان بيده، وهذه التشوهات لا تزال مستمرة في توليد الحقد والكراهية ما لم يتم تصحيحها.
وبالنسبة للذين يرفضون «التفكير في ما لا يمكن التفكير به» ويعلنون أن الحدود يجب أن لا تتغير، وما إلى ذلك من هذا الكلام، فهم يذكروننا بأن الحدود لم تكف عن التغير خلال القرون المتعاقبة. فلم تكن الحدود يوما من العناصر الثابتة، والكثير منها لا يزال يتغير إلى يومنا هذا، من الكونغو مرورا بكوسوفو وصولا إلى القوقاز
آه، كدت أن أنسى سرا قذرا صغيرا يتعلق بهذه المسألة وعمره 5 آلاف سنة: أعمال التطهير العرقي.
سأبدأ بالحدود التي يتحسس لها القارئ الأمريكي بشكل أكبر: فمن أجل منح إسرائيل
أي أمل بحالة معقولة من السالم مع جيرانها، يجب عليها أن ترجع إلى حدود ما قبل حرب 1967، مع تعديلات موضعية ضرورية في ما يختص بالاحتياطات الأمنية المشروعة. لكن في ما يختص بقضية القدس ذات التاريخ المخضب بالدماء، فقد يحتاج الأمر لتحله الأجيال القادمة. وفي وقت حول فيه أطراف النزاع إلههم إلى طاغية مولع بالعقارات، نجد أن الصراع على الأراضي الخصبة يتميز بعناد لا يضاهى بما يمتاز به من طمع مجرد بالثروة النفطية أو النزاعات العرقية. لذلك دعونا نصرف النظر عن هذه القضية التي أشبعت درسا لوحدها، ولننتقل إلى القضايا التي تجاهلتها الدراسات.
إن الجور الأكبر في الرقعة المظلومة الشهيرة الممتدة من جبال البلقان إلى جبال الهيمااليا يتمثل في غياب وجود دولة كردية مستقلة. فهناك حوالي 36-27 مليون كردي يعيشون في مناطق متجاورة في الشرق الأوسط )الأرقام غير دقيقة ألن الدول التي يعيش فيها الكرد لم تسمح بإجراء إحصاء نزيه(. وبما أن عدد الكرد يتجاوز عدد الشعب العراقي، فإنه حتى التقدير الأقل لعدد الكرد يجعلهم أكبر إثنية لا تتمتع بدولتها الخاصة على مستوى العالم. وأسوأ من ذلك: أن الكرد تعرضوا للاضطهاد من كل حكومة سيطرت على هضباتهم وجبالهم منذ أيام الاحتلال الفارسي للمنطقة.
لقد أهدرت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها فرصة ثمينة للبدء في تصحيح هذا الجور بعد سقوط بغداد. فالمسخ الذي سيتكون من خياطة أجزاء غير متطابقة، سيؤدي بالعراق إلى الانقسام فورا إلى ثالث دول. لقد فشلنا في ذلك بسبب الجبن ونقص في الرؤية، فأجبرنا الكرد على تأييد الحكومة العراقية الجديدة، وقد استجابوا لرغبتنا بحزن عرفانا بالجميل. ولكن أي استفتاء عام يجرى في المناطق الكردية سينتج عنه بالتأكيد نسبة 100% تقريبا من الموافقين على الاستقلال عن العراق.
وكذلك سيكون الحال بالنسبة للكرد في تركيا، والذين تحملوا عقودا من عنف الاضطهاد العسكري وتهميشا طويلا من خلال تسمية جبالهم بجبال الأتراك في محاولة لتذويب هويتهم العرقية. وبينما خفت سيطرة أنقرة على الأكراد في العقد الماضي، فإن الاضطهاد عاد ليشتد على الكرد حاليا وبدا الخمس الشرقي من تركيا وكأنه منطقة محتلة. أما بالنسبة للكرد في سوريا وإيران، فسيهرعون للانضمام إلى كردستان المستقلة إن استطاعوا. إن الرفض الذي تبديه الدول الديمقراطية الشرعية في العالم تجاه دعم قيام دولة كردية مستقلة هو ذنب يتعلق بحقوق الإنسان، وهو أسوأ بكثير من الانتهاكات الصغيرة التافهة التي تجذب انتباه وسائل الاعلام. وبالمناسبة: إن كردستان الحرة، الممتدة من ديار بكر إلى تبريز، ستكون أكثر الدول دعما للسياسة الغربية في الرقعة الممتدة من بلغاريا إلى اليابان.
إن تعديلا منصفا في حدود المنطقة سيترك المحافظات العراقية السنية الثلاث في دولة مقتطعة قد تتحد مع مرور الوقت بسوريا التي ستفقد شريطها الساحلي لصالح لبنان الكبير ذي التوجه المتوسطي )والدة الامبراطورية الفينيقية من جديد(. أما الجنوب الشيعي في العراق القديم فسيشكل أساس الدولة الشيعية العربية التي ستحف بالخليج العربي. وستحتفظ الأردن بمناطقها الحالية، مع بعض التوسع باتجاه الجنوب على حساب المملكة العربية السعودية. ومن جانبها ستعاني السعودية -وهي دولة مصطنعة- من تجريدها من مناطقها بنفس القدر الذي ستعانيه باكستان.
إن أحد الأسباب الأساسية للخيبة الاسلامية الواسعة يكمن في تعامل العائلة المالكة
السعودية مع مكة والمدينة بوصفهما ملكا خاصا لهم. فوجود مقدسات المسلمين تحت سيطرة دولة قمعية يحكمها نظام يعتبر أحد أشد أنظمة العالم تطرفا واضطهادا -وهو نظام يسيطر على ثروة كبيرة جاهزة-، أدى ذلك إلى تمكين السعوديين من نشر نظرتهم الوهابية حول التعليم الديني والعقيدة المتعصبة بعيدا إلى ما وراء حدود دولتهم. إن تزايد ثروة السعوديين، وبالتالي، تزايد نفوذهم كان أسوأ شيء حدث للعالم الاسلامي منذ وفاة النبي، وأسوأ شيء حدث للعرب منذ الغزو العثماني )إن لم يكن الغزو المغولي(.
في الوقت الذي لن يؤثر فيه غير المسلمين شيئا في مجال إدارة مقدسات المسلمين، تخيل معي كم سيكون ملائما للعالم الإسلامي حينما تدار شؤون مكة والمدينة من خلال مجلس تداولي يتكون من ممثلين عن أكبر المدارس والحركات الإسلامية العالمية ضمن دولة مقدسة إسلامية -نموذج إسلامي ضخم عن الفاتيكان- حيث سيكون مستقبل دين عظيم محل نقاش لا مجرد إلزام. إن العدل الحقيقي -الذي ربما لن نحبه- سيمنح حقول النفط الساحلية في السعودية إلى الشيعة العرب الذين تقع هذه الحقول في منطقتهم، بينما سيذهب الربع الجنوبي الغربي لليمن. وسيقتصر حكم آل سعود على البقية المتمثلة في المنطقة السعودية المحيطة بالرياض، وبذلك سيكونون قادرين على إلحاق أذى أقل بالاسلام والعالم.
إيران، وهي دولة ذات حدود عشوائية، ستخسر جزءا كبيرا من أراضيها لصالح أذربيجان الموحدة، وكردستان الحرة، والدولة الشيعية العربية، وبلوشستان الحرة. لكنها ستكسب المحافظات المحيطة بهرات في أفغانستان الحالية، وهي منطقة ترتبط بصلة وثيقة مع بلاد فارس تاريخيا ولغويا. وفي الواقع، ستصبح إيران دولة للعرق الفارسي مرة أخرى، مع بقاء
السؤال الصعب المتمثل في ما إذا كانت ستحتفظ بميناء بندر عباس، أو تتنازل عنه للدولة الشيعية العربية.
إن ما ستخسره أفغانستان لصالح الدولة الفارسية غربا، ستكسبه من جهة الشرق، حيث سيعود اتحاد القبائل القاطنة شمال غرب باكستان مع إخوانهم في أفغانستان )إن النقطة الجوهرية في هذا العمل تتمثل في رسم الخرائط لا بالطريقة التي نفضلها، بل بالطريقة التي يفضلها السكان المحليون المعنيون بالأمر(. إن باكستان -وهي دولة مصطنعة أخرى- ستفقد منطقة البلوش لصالح بلوشستان الحرة. أما باكستان «الطبيعية» التي ستتبقى في نهاية الأمر، فستوضع بكاملها شرق نهر السند، ما عدا نتوءا متجها للغرب بالقرب من كراتشي.
أما دولة الإمارات العربية المتحدة فسيكون لها مصير مختلط، كما هو حالها الآن. فبعض الإمارات قد ينضم للدولة الشيعية العربية مما يعطيها المزيد من السيطرة على الخليج العربي )وبذلك يرجح أن تكون الدولة الشيعية العربية عامل توازن مقابل الدولة الفارسية، أكثر من احتمال أن تكون حليفا لها(. وبما أن كل الثقافات المتزمتة هي ثقافات زائفة، فإن دبي -بالضرورة- ستحتفظ بموقعها كمرتع لعربدة المترفين. أما الكويت وعمان فستحتفظان بحدودهما الحالية.
إن تصحيح الحدود بشكل تعكس فيه قدرة الشعوب، هو أمر قد يكون مستحيلا اليوم. ولكن لأمد ما، وما يرافقه من دماء لن يمكن الحيلولة دون سفكها، ستنبثق حدود جديدة طبيعية. ولنتذكر: لقد سقطت امبراطورية بابل أكثر من مرة.
وإلى أن يحين ذلك، سيستمر جيشنا في قتال الإرهاب من أجل أمننا، ومن أجل السعي نحو الديمقراطية وإيجاد ممر إلى النفط في منطقة كان قدرها أن تتقاتل في ما بينها. إن التقسيمات البشرية الحالية والاتحادات الإجبارية الممتدة من أنقرة إلى كراتشي، جنبا إلى جنب مع الكوارث ذاتية المنشأ، توفر بيئة مثالية لحضن التطرف الديني الذي يمثل ثقافة إلقاء اللوم على الآخرين وتجنيد الإرهابيين. وأينما نظرت الشعوب بحزن نحو حدودها، فإنها ستبحث بحماس عن أعدائها.
إن منطقة الشرق الأوسط، بما تصدره من فائض الإرهابيين وشحيح الطاقة، تحمل تشوهات راهنة تعد بازدياد الحال سوءا، دون أن يتحسن. وفي منطقة اعتنقت أسوأ أنواع الشعور القومي على الإطلاق، وتبنت أكثر أنواع الشعور الديني انحطاطا بشكل يهدد إيمانها اليائس، فإن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها وقواتها المسلحة ستجد عددا غير متناهٍ من الأزمات. وفي وقت يقدم فيه العراق مثالا معاكسا مفعما بالأمل -إن لم نخرج منه مبكرا-، نجد بقية دول هذه المنطقة الشاسعة تقدم المشاكل المتفاقمة على جميع الحدود.
إذا لم يكن ممكنا تعديل حدود الشرق الأوسط الكبير بحيث تعكس الروابط الطبيعية المستندة إلى الدم والعقيدة، فيجب أن نتقبل حقيقة تنص على أن جزءا من الدم المسفوح في هذه المنطقة سيكون على حسابنا نحن الأمريكيين.
النالوتى- عضو مشارك
- عدد المساهمات : 227
تاريخ التسجيل : 23/09/2013
رد: كيف سيبدو الشرق الاوسط
تقسيم المقسم الكعكة الجديدة
ميلاد سعيد
ميلاد سعيد
ذات النطاقين- مراقبة عامة ومعبّرة رؤى
- عدد المساهمات : 1488
تاريخ التسجيل : 23/04/2013
رد: كيف سيبدو الشرق الاوسط
الغرب يعتبرون أنفسهم أوصياء على الشرق الأوسط، يتقاسمون خيراته، ويتبادلون الأدوار في تسيير حكامه وتنفيذ مخططاتهم.
هم يدركون أن الأمور لن تبقى على حالها، فتراهم اليوم ينشرون تقارير لصد الناس عن الالتفاف حول طائفة الحق، ولكنهم غافلون عن سنن الله في التغيير والاستبدال، والتي ستعصف بالعالم عصفاً، حتى يعود الدين كله لله.
هم يدركون أن الأمور لن تبقى على حالها، فتراهم اليوم ينشرون تقارير لصد الناس عن الالتفاف حول طائفة الحق، ولكنهم غافلون عن سنن الله في التغيير والاستبدال، والتي ستعصف بالعالم عصفاً، حتى يعود الدين كله لله.
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
رد: كيف سيبدو الشرق الاوسط
ذات النطاقين كتب:تقسيم المقسم الكعكة الجديدة
ميلاد سعيد
نفس المسمى "تقسيم المقسم" يدل على الافلاس في التخطيط وبإذن الله تعالى لن ينجحوا بل ستتوحد الأمة وتعتصم بحبل الله المتين بعز عزيز أو بذل ذليل .. والله غالب على أمره !!!
جعبة الأسهم- الفقير إلى عفو ربه
- عدد المساهمات : 17019
تاريخ التسجيل : 29/01/2013
مواضيع مماثلة
» توني بلير يحذر من الاسلام السياسي العالمي واهمية الشرق الاوسط
» ريااااح الشرق
» فرنسا تحذر من حرب عالمية شاملة في الشرق الأوسط
» اردوغان من الغرب الى الشرق ....روسيا
» رؤيا نار كالطوفان تاتى من الشرق
» ريااااح الشرق
» فرنسا تحذر من حرب عالمية شاملة في الشرق الأوسط
» اردوغان من الغرب الى الشرق ....روسيا
» رؤيا نار كالطوفان تاتى من الشرق
ملتقى صائد الرؤى :: ملتقيات الفتن والنبوءات وأشراط الساعة :: بدء الملاحم واستمرارها إلى " آخر الزمان " :: ممهدات وأحداث الحرب العالمية الثالثة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى