أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية
2 مشترك
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات العامة و الساحة السياسية والاقتصادية المفتوحة :: حوار الثغور ومنبر السياسة والاقتصاد والفتن الخاصة (عمران بيت المقدس خراب يثرب)!
صفحة 1 من اصل 1
أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية
أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية
قراءة في كتاب “المؤمن الصادق”
إيريك هوفر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يطرح إيريك هوفر قضايا خطرة وهو يغوص في أعماق نفسية التطرف، وكيف تستطيع الجركات الجماهيرية أن تسد على منتسبيها منافذ التفكير خارج مبادئ وأفكار الحركة، ويجعل من الشيوعية والنازية أمثلة تطبيقية لتحليلاته.
إنها تعتمد جملة من التقنيات النفسية. التي تحقق اللحمة الداخلية للحركة، وهو ما سماه (عوامل تشجع على العمل الجماعي)، المثير أنه جعل في مقدمتها:
الكراهية
يجب على الحركات الجماهيرية أن تخلق الكراهية في نفوس الأتباع، أي أن تصنع العدو الذي تشكل كراهيته هدفا موحدا للجميع، قال هتلر :”لو زال اليهود لكان علينا أن نخترعهم”، ذلك أنه وحد بكراهيتهم ألمانيا وأضعف مقاومة دول كانت تكرههم مثل بولندا ورومانيا وبلغاريا، يرى هاين:”أن ما لا يمكن تحقيقه بالحب على الطريقة المسيحية يمكن تحقيقه بالكراهية الجماعية”.
هذه الكراهية يغذيها الظلم الذي ينتج الإحباط، لذلك لا تحتاج الحركات الجماهيرية إلى أكثر من إيقاظها في الأتباع المحبطين، إن المظلوم لا يكره ظالمه فقط، إن الكراهية التي يبعثها الظلم لا توجه دائما نحو الظالمين، كثيرا ما يحدث عندما يظلمنا شخص أن تتحول كراهيتنا إلى شخص آخر، أو جماعة أخرى لا علاقة لها بالأمر:
ـ الألمان ظلمتهم معاهدة فرساي فأبادوا اليهود
ـ الزولو في جنوب إفريقيا ظلمهم لبوير فذبحوا الهندوس
ـ رعاع البيض الأمريكيين احتقرهم الأرستقراطيون فشنقوا السود.
التقليد
من هذه العوامل أيضا التقليد، وهو ينسجم مع رؤية الكاتب الذي يرى الإحباط هو الدافع الرئيس للالتحاق بالحركات المتطرفة، إن المحبط إنسان يحتقر نفسه لذلك تكون لديه رغبة قوية في أن يكون مثل الآخرين، إنه هنا يتخلص من نفسه التي لم يعد يؤمن بها.
أخطر هذه التقنيات التأثيرية هو المزاوجة بين الإقناع والقمع، بين الدعاية ولعلعة الرصاص، إن أغلب أتباع الحركات المتطرفة ـ كما سلف ـ هم المحبطون، والمحبط إنسان محاصر بالأخيلة والأوهام، إنه لا يرى إلا ما كان يتخيله، المحبطون أقدر على التعرف على مشاعرهم في الشعارات الضخمة والكلمات الكبيرة الجوفاء منهم على تبنيها في الكلمات المتزنة المنطقية.
المراحل الثلاث
تحتاج كل حركة جماهيرية لثلاث مراحل كل مرحلة يقودها نمط من الأفراد يصبح غير قادر على إدارتها حين تنتقل إلى المرحلة الموالية،” إن الحركة الجماهيرية يخطط لها رجال الكلمة، ويظهرها إلى حيز الوجود المتطرفون، ويحافظ على بقائها الرجال العمليون”.
مرحلة المخاض ورجال الكلمة
تصعد الحركات الجماهيرية بعد التعرية الكاملة للنظام القائم، التي لا تأتي نتيجة أخطائه وسوء استغلاله للسلطة فحسب؛ بل عن طريق عمل متعمد يقوم به رجال الكلمة الذين لا تتناغم مصالحهم مع النظام في تلك الفترة، إن رجال الفكر والأدب والقانون هم من يقوم بتجريد النظام من شرعيته أمام الجماهير، كما يمنحون تلك الجماهير فكرة التغيير ويخلقون فيها التفاعل اللازم للجرأة على النظام.
يمتلك رجال الكلمة ـ حسب هوفر ـ عاملي قوة؛ أحدهما أن الجماهير تستمع إلى كلماته لإدراكها أنها لا تحقق نتائج فورية، والثاني أن السلطات تنزع إلى تجاهله أو استخدام وسائل ناعمة لإسكات صوته ـ لم يعد هذا الأمر صحيحا اليوم ـ.
مرحلة الانطلاق والمتطرفون
المرحلة الثانية في عمر الحركة الجماهيرية هي الانطلاق الفعلي في العبث بالنظام وتقويضه عمليا، في هذه المرحلة ينتهي دور رجل الكلمة ليبدأ دور المتطرفين، في غياب المتطرف يظل التذمر الذي أثاره رجال الكلمة المعارضون بلا هدف، ويمكن أن يتبدد في اضطرابات لا غاية لها يسهل القضاء عليها.
حسب هوفر، فإن أي إصلاحات جذرية تقع في غياب المتطرفين لا تستطيع تغيير تنمط الحياة القديم، وأي انتقال للسلطة في غيابهم أيضا لا يعدو أن يكون نقلا شكليا للحكم، ذلك أن رجال الكلمة تهولهم الفوضى التي يخلقها السقوط المفاجئ للنظام، على عكس المتطرفين فإن الفوضى هي المناخ الذي يبدعون فيه.
مرحلة الاستقرار والرجال العمليون
الرجال العمليون هم من يحافظ على بقاء الحركة واستمرارها، إنهم بواقعيتهم وعقلانيتهم ينقذون الحركة من النزعات الانتحارية ومن طيش المتطرفين، لكن ظهورهم يعني نهاية المرحلة الديناميكية للحركة، ذلك أن الرجال العمليين ليست لديهم رغبة في تغيير الواقع بقدر ما يرغبون في السيطرة عليه.
في المرحلة الديناميكية لأي حركة جماهيرية تكون الرغبة في التغيير وروح الاحتجاج هي السائدة، أما في المرحلة النهائية فيكون شغل الحركة الشاغل هو التنظيم والحفاظ على السلطة التي تم الفوز بها.
الحركات الجماهيرية والإبداع
يبدو أن العدو الأول للإبداع هو الحركات الجماهيرية، ذلك أن منطقهما متعارض، فمنطق الإبداع الحرية؛ ومنطق الحركات الجماهيرية الطاعة أو التقليد، وتبدو المرحلة الديناميكية للحركة غير مناسبة للإبداع، ذلك أن مراحل التوتر العالي في مشاعر الجماهير تقتل المبدعين، ويعرض هوفر عدة جوانب لتأثير الحركات الجماهيرية النشطة على العملية الإبداعية:
ـ استنزاف الطاقة التي كانت ستتوجه للإبداع في التوتر الذي تخلقه.
ـ تنزع الحركة إلى تشجيع الأدبيات التي تخدم إيديولوجيتها فيموت الإبداع الحقيقي.
ـ في حالة فتح آفاق جديدة (الحرب أو الاستعمار أو التصنيع) فهذا يشكل استنزافا إضافيا للطاقة الإبداعية.
ـ حالة التطرف تخنق الحالة الإبداعية وتميتها.
ويدلل الكاتب على ازدراء الحركات الجماهيرية للإبداع وخنقها لحرية الانفعال بالجماليات بكلمة لكونستانين سايموتوف، يقول:”يجب على كتابنا أن ينتظموا في الطابور العسكري، وكل من يتوقف لقطف الزهور يعد فارا من الخدمة”.
قراءة في كتاب “المؤمن الصادق”
إيريك هوفر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يطرح إيريك هوفر قضايا خطرة وهو يغوص في أعماق نفسية التطرف، وكيف تستطيع الجركات الجماهيرية أن تسد على منتسبيها منافذ التفكير خارج مبادئ وأفكار الحركة، ويجعل من الشيوعية والنازية أمثلة تطبيقية لتحليلاته.
إنها تعتمد جملة من التقنيات النفسية. التي تحقق اللحمة الداخلية للحركة، وهو ما سماه (عوامل تشجع على العمل الجماعي)، المثير أنه جعل في مقدمتها:
الكراهية
يجب على الحركات الجماهيرية أن تخلق الكراهية في نفوس الأتباع، أي أن تصنع العدو الذي تشكل كراهيته هدفا موحدا للجميع، قال هتلر :”لو زال اليهود لكان علينا أن نخترعهم”، ذلك أنه وحد بكراهيتهم ألمانيا وأضعف مقاومة دول كانت تكرههم مثل بولندا ورومانيا وبلغاريا، يرى هاين:”أن ما لا يمكن تحقيقه بالحب على الطريقة المسيحية يمكن تحقيقه بالكراهية الجماعية”.
هذه الكراهية يغذيها الظلم الذي ينتج الإحباط، لذلك لا تحتاج الحركات الجماهيرية إلى أكثر من إيقاظها في الأتباع المحبطين، إن المظلوم لا يكره ظالمه فقط، إن الكراهية التي يبعثها الظلم لا توجه دائما نحو الظالمين، كثيرا ما يحدث عندما يظلمنا شخص أن تتحول كراهيتنا إلى شخص آخر، أو جماعة أخرى لا علاقة لها بالأمر:
ـ الألمان ظلمتهم معاهدة فرساي فأبادوا اليهود
ـ الزولو في جنوب إفريقيا ظلمهم لبوير فذبحوا الهندوس
ـ رعاع البيض الأمريكيين احتقرهم الأرستقراطيون فشنقوا السود.
التقليد
من هذه العوامل أيضا التقليد، وهو ينسجم مع رؤية الكاتب الذي يرى الإحباط هو الدافع الرئيس للالتحاق بالحركات المتطرفة، إن المحبط إنسان يحتقر نفسه لذلك تكون لديه رغبة قوية في أن يكون مثل الآخرين، إنه هنا يتخلص من نفسه التي لم يعد يؤمن بها.
أخطر هذه التقنيات التأثيرية هو المزاوجة بين الإقناع والقمع، بين الدعاية ولعلعة الرصاص، إن أغلب أتباع الحركات المتطرفة ـ كما سلف ـ هم المحبطون، والمحبط إنسان محاصر بالأخيلة والأوهام، إنه لا يرى إلا ما كان يتخيله، المحبطون أقدر على التعرف على مشاعرهم في الشعارات الضخمة والكلمات الكبيرة الجوفاء منهم على تبنيها في الكلمات المتزنة المنطقية.
المراحل الثلاث
تحتاج كل حركة جماهيرية لثلاث مراحل كل مرحلة يقودها نمط من الأفراد يصبح غير قادر على إدارتها حين تنتقل إلى المرحلة الموالية،” إن الحركة الجماهيرية يخطط لها رجال الكلمة، ويظهرها إلى حيز الوجود المتطرفون، ويحافظ على بقائها الرجال العمليون”.
مرحلة المخاض ورجال الكلمة
تصعد الحركات الجماهيرية بعد التعرية الكاملة للنظام القائم، التي لا تأتي نتيجة أخطائه وسوء استغلاله للسلطة فحسب؛ بل عن طريق عمل متعمد يقوم به رجال الكلمة الذين لا تتناغم مصالحهم مع النظام في تلك الفترة، إن رجال الفكر والأدب والقانون هم من يقوم بتجريد النظام من شرعيته أمام الجماهير، كما يمنحون تلك الجماهير فكرة التغيير ويخلقون فيها التفاعل اللازم للجرأة على النظام.
يمتلك رجال الكلمة ـ حسب هوفر ـ عاملي قوة؛ أحدهما أن الجماهير تستمع إلى كلماته لإدراكها أنها لا تحقق نتائج فورية، والثاني أن السلطات تنزع إلى تجاهله أو استخدام وسائل ناعمة لإسكات صوته ـ لم يعد هذا الأمر صحيحا اليوم ـ.
مرحلة الانطلاق والمتطرفون
المرحلة الثانية في عمر الحركة الجماهيرية هي الانطلاق الفعلي في العبث بالنظام وتقويضه عمليا، في هذه المرحلة ينتهي دور رجل الكلمة ليبدأ دور المتطرفين، في غياب المتطرف يظل التذمر الذي أثاره رجال الكلمة المعارضون بلا هدف، ويمكن أن يتبدد في اضطرابات لا غاية لها يسهل القضاء عليها.
حسب هوفر، فإن أي إصلاحات جذرية تقع في غياب المتطرفين لا تستطيع تغيير تنمط الحياة القديم، وأي انتقال للسلطة في غيابهم أيضا لا يعدو أن يكون نقلا شكليا للحكم، ذلك أن رجال الكلمة تهولهم الفوضى التي يخلقها السقوط المفاجئ للنظام، على عكس المتطرفين فإن الفوضى هي المناخ الذي يبدعون فيه.
مرحلة الاستقرار والرجال العمليون
الرجال العمليون هم من يحافظ على بقاء الحركة واستمرارها، إنهم بواقعيتهم وعقلانيتهم ينقذون الحركة من النزعات الانتحارية ومن طيش المتطرفين، لكن ظهورهم يعني نهاية المرحلة الديناميكية للحركة، ذلك أن الرجال العمليين ليست لديهم رغبة في تغيير الواقع بقدر ما يرغبون في السيطرة عليه.
في المرحلة الديناميكية لأي حركة جماهيرية تكون الرغبة في التغيير وروح الاحتجاج هي السائدة، أما في المرحلة النهائية فيكون شغل الحركة الشاغل هو التنظيم والحفاظ على السلطة التي تم الفوز بها.
الحركات الجماهيرية والإبداع
يبدو أن العدو الأول للإبداع هو الحركات الجماهيرية، ذلك أن منطقهما متعارض، فمنطق الإبداع الحرية؛ ومنطق الحركات الجماهيرية الطاعة أو التقليد، وتبدو المرحلة الديناميكية للحركة غير مناسبة للإبداع، ذلك أن مراحل التوتر العالي في مشاعر الجماهير تقتل المبدعين، ويعرض هوفر عدة جوانب لتأثير الحركات الجماهيرية النشطة على العملية الإبداعية:
ـ استنزاف الطاقة التي كانت ستتوجه للإبداع في التوتر الذي تخلقه.
ـ تنزع الحركة إلى تشجيع الأدبيات التي تخدم إيديولوجيتها فيموت الإبداع الحقيقي.
ـ في حالة فتح آفاق جديدة (الحرب أو الاستعمار أو التصنيع) فهذا يشكل استنزافا إضافيا للطاقة الإبداعية.
ـ حالة التطرف تخنق الحالة الإبداعية وتميتها.
ويدلل الكاتب على ازدراء الحركات الجماهيرية للإبداع وخنقها لحرية الانفعال بالجماليات بكلمة لكونستانين سايموتوف، يقول:”يجب على كتابنا أن ينتظموا في الطابور العسكري، وكل من يتوقف لقطف الزهور يعد فارا من الخدمة”.
النالوتى- عضو مشارك
- عدد المساهمات : 227
تاريخ التسجيل : 23/09/2013
رد: أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية
أخي/ النالوتي
بارك الله فيك .. وجزاك الله خيراً
مشاركة قيمة وثرية ،،
لكن .. هل هذه الافكار موجهة للجماعات أو للدول الحديثة ؟!!!
بارك الله فيك .. وجزاك الله خيراً
مشاركة قيمة وثرية ،،
لكن .. هل هذه الافكار موجهة للجماعات أو للدول الحديثة ؟!!!
جعبة الأسهم- الفقير إلى عفو ربه
- عدد المساهمات : 17019
تاريخ التسجيل : 29/01/2013
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات العامة و الساحة السياسية والاقتصادية المفتوحة :: حوار الثغور ومنبر السياسة والاقتصاد والفتن الخاصة (عمران بيت المقدس خراب يثرب)!
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى