ادخل وزد إيمانا من قصة يوسف واستفد منها ..
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات الدعوية ومنبر القرآن وعلومه و الحديث والفقه :: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن (تدبر، مواعظ، فوائد، تجارب)
صفحة 1 من اصل 1
ادخل وزد إيمانا من قصة يوسف واستفد منها ..
{ لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب}
الفوائد والعبر من قصة يوسف :
فمن ذلك : أن هذه القصة من أحسن القصص وأوضحها وأبينها ؛ لما فيها من أنواع التنقلات: من حال إلى حال ، ومن محنة إلى محنة ، ومن محنة إلى منحة ومنة ، ومن ذل إلى عز ، ومن رق إلى ملك ، ومن فرقة وشتات إلى اجتماع وائتلاف ، ومن حزن إلى سرور ، ومن رخاء إلى جدب ، ومن جدب إلى رخاء ، ومن ضيق إلى سعة ، ومن إنكار إلى إقرار ؛ فتبارك من قصها فأحسنها ، ووضحها وبينها .
.................................................................
ومنها : أن فيها أصلا لتعبير الرؤيا ؛ فإن علم التعبير من العلوم المهمة التي يعطيها الله من يشاء من عباده ، وإن أغلب ما تبنى عليه المناسبة والمشابهة في الاسم والصفة:
فإن رؤيا يوسف التي رأى أن الشمس والقمر ، وأحد عشر كوكبا له ساجدين وجه المناسبة فيها : أن هذه الأنوار هي زينة السماء وجمالها ، وبها منافعها ، فكذلك الأنبياء والعلماء زينة للأرض وجمال ، وبهم يهتدى في الظلمات كما يهتدى بهذه الأنوار ، ولأن الأصل أبوه وأمه ، وإخوته هم الفرع ؛ فمن المناسب أن يكون الأصل أعظم نورا وجرما لما هو فرع عنه ؛ فلذلك كانت الشمس أمه ، والقمر أباه ، والكواكب إخوته .
ومن المناسبة أن الشمس لفظ مؤنث ، فلذلك كانت أمه ، والقمر والكواكب مذكرات ، فكانت لأبيه وإخوته . ومن المناسبة أن الساجد معظم محترم للمسجود له ، والمسجود له معظم محترم ، فلذلك دل ذلك على أن يوسف يكون معظما محترما عند أبويه وإخوته .
ومن لازم ذلك أن يكون مجتبى مفضلا في العلم والفضائل الموجبة لذلك ، ولذلك قال له أبوه : وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ومن المناسبة في رؤيا الفتيين: أنه أول رؤيا الذي رأى أنه يعصر خمرا ؛ أن الذي يعصر في العادة يكون خادما لغيره ، والعصر يقصد لغيره ؛ فلذلك أوله بما يؤول إليه ؛ أنه يسقي ربه ، وذلك متضمن لخروجه من السجن . وأول الذي رأى أنه يحمل فوق رأسه خبزا تأكل الطير منه ، بأن جلدة رأسه ولحمه وما في ذلك من المخ ، أنه هو الذي يحمل ، وأنه سيبرز للطيور بمحل تتمكن من الأكل من رأسه ، فرأى من حاله أنه سيقتل ويصلب بعد موته فيبرز للطيور فتأكل من رأسه ، وذلك لا يكون إلا بالصلب بعد القتل .
وأول رؤيا الملك للبقرات والسنبلات بالسنين المخصبة والسنين المجدبة ، ووجه المناسبة أن الملك به ترتبط أحوال الرعية ومصالحها ، وبصلاحه تصلح وبفساده تفسد ، وكذلك السنون بها صلاح أحوال الرعية ، واستقامة أمر المعاش أو عدمه ، وأما البقر فإنها تحرث الأرض عليها ، ويستقى عليها الماء وإذا أخصبت السنة سمنت ، وإذا أجدبت ؛ صارت عجافا ، وكذلك السنابل في الخصب تكثر وتخضر ، وفي الجدب تقل وتيبس وهي أفضل غلال الأرض .
.....................................................
ومنها : ما فيها من الأدلة على صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، حيث قص على قومه هذه القصة الطويلة ، وهو لم يقرأ كتب الأولين ولا دارس أحدا .
يراه قومه بين أظهرهم صباحا ومساء ، وهو أمي لا يخط ولا يقرأ ، وهي موافقة لما في الكتب السابقة ، وما كان لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون .
.........................................................
ومنها : أنه ينبغي البعد عن أسباب الشر ، وكتمان ما تخشى مضرته ، لقول يعقوب ليوسف يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا ومنها : أنه يجوز ذكر الإنسان بما يكره على وجه النصيحة لغيره لقوله : فيكيدوا لك كيدا .
..........................................................
ومنها : أن نعمة الله على العبد نعمة على من يتعلق به من أهل بيته وأقاربه وأصحابه ، وأنه ربما شملتهم وحصل لهم ما حصل له بسببه ، كما قال يعقوب في تفسيره لرؤيا يوسف وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب ولما تمت النعمة على يوسف ، حصل لآل يعقوب من العز والتمكين في الأرض والسرور والغبطة ما حصل بسبب يوسف .
..................................................................
ومنها : أن العدل مطلوب في كل الأمور ، لا في معاملة السلطان رعيته ولا فيما دونه ، حتى في معاملة الوالد لأولاده في المحبة والإيثار وغيره ، وأن في الإخلال بذلك يختل عليه الأمر ، وتفسد الأحوال ، ولهذا لما قدم يعقوب يوسف في المحبة وآثره على إخوته ، جرى منهم ما جرى على أنفسهم ، وعلى أبيهم وأخيهم .
.......................................................
ومنها : الحذر من شؤم الذنوب ، وأن الذنب الواحد يستتبع ذنوبا متعددة ، ولا يتم لفاعله إلا بعدة جرائم ؛ فإخوة يوسف لما أرادوا التفريق بينه وبين أبيه ، احتالوا لذلك بأنواع من الحيل ، وكذبوا عدة مرات ، وزوروا على أبيهم في القميص والدم الذي فيه ، وفي إتيانهم عشاء يبكون ، ولا تستبعد أنه قد كثر البحث فيها في تلك المدة ، بل لعل ذلك اتصل إلى أن اجتمعوا بيوسف ، وكلما صار البحث ؛ حصل من الإخبار بالكذب والافتراء ما حصل ، وهذا شؤم الذنب ، وآثاره التابعة والسابقة واللاحقة .
............................................................
ومنها : أن العبرة في حال العبد بكمال النهاية ، لا بنقص البداية؛ فإن أولاد يعقوب عليه السلام جرى منهم ما جرى في أول الأمر ، مما هو أكبر أسباب النقص واللوم ، ثم انتهى أمرهم إلى التوبة النصوح والسماح التام من يوسف ومن أبيهم والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة ، وإذا سمح العبد عن حقه ، فالله خير الراحمين . ولهذا - في أصح الأقوال - أنهم كانوا أنبياء لقوله تعالى : وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ، وهم أولاد يعقوب الاثنا عشر وذريتهم ، ومما يدل على ذلك أن في رؤيا يوسف أنه رآهم كواكب نيرة ، والكواكب فيها النور والهداية الذي من صفات الأنبياء ؛ فإن لم يكونوا أنبياء فإنهم علماء هداة .
..................................................
ومنها : ما من الله به على يوسف عليه الصلاة والسلام من العلم والحلم ومكارم الأخلاق والدعوة إلى الله وإلى دينه وعفوه عن إخوته الخاطئين عفوا بادرهم به ، وتمم ذلك بأن لا يثرب عليهم ولا يعيرهم به ، ثم بره العظيم بأبويه ، وإحسانه لإخوته بل لعموم الخلق .
.........................................
ومنها : أن بعض الشر أهون من بعض ، وارتكاب أخف الضررين أولى من ارتكاب أعظمهما؛ فإن إخوة يوسف ، لما اتفقوا على قتل يوسف أو إلقائه أرضا ، وقال قائل منهم : لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابت الجب ؛ كان قوله أحسن منهم وأخف ، وبسببه خف عن إخوته الإثم الكبير .
...........................................................
ومنها : أن الشيء إذا تداولته الأيدي وصار من جملة الأموال ، ولم يعلم أنه كان على غير وجه الشرع ، أنه لا إثم على من باشره ببيع أو شراء ، أو خدمة أو انتفاع أو استعمال ؛ فإن يوسف عليه السلام باعه إخوته بيعا حراما لا يجوز ، ثم ذهبت به السيارة إلى مصر فباعوه بها ، وبقي عند سيده غلاما رقيقا ، وسماه الله شراء ، وكان عندهم بمنزلة الغلام الرقيق المكرم .
..........................................................
ومنها : الحذر من الخلوة بالنساء التي يخشى منهن الفتنة ، والحذر أيضا من المحبة التي يخشى ضررها؛ فإن امرأة العزيز جرى منها ما جرى بسبب توحدها بيوسف ، وحبها الشديد له ، الذي ما تركها حتى راودته تلك المراودة ، ثم كذبت عليه فسجن بسببها مدة طويلة .
............................................................
ومنها : أن الهم الذي هم به يوسف بالمرأة ثم تركه لله ، مما يرقيه إلى الله زلفى ؛ لأن الهم داع من دواعي النفس الأمارة بالسوء ، وهو طبيعة لأغلب الخلق ، فلما قابل بينه وبين محبة الله وخشيته غلبت محبة الله وخشيته داعي النفس والهوى . فكان ممن خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ، ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ؛ أحدهم : رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال ، فقال : إني أخاف الله وإنما الهم الذي يلام عليه العبد ، الهم الذي يساكنه ، ويصير عزما ، ربما اقترن به الفعل .......................................................
ومنها : أن من دخل الإيمان قلبه ، وكان مخلصا لله في جميع أموره ؛ فإن الله يدفع عنه ببرهان إيمانه وصدق إخلاصه من أنواع السوء والفحشاء وأسباب المعاصي ما هو جزاء لإيمانه وإخلاصه ؛ لقوله : وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين : على قراءة من قرأها بكسر اللام ، ومن قرأها بالفتح ؛ فإنه من إخلاص الله إياه ، وهو متضمن لإخلاصه هو بنفسه ، فلما أخلص عمله لله أخلصه الله ، وخلصه من السوء والفحشاء .
..........................................................................................................
ومنها : أنه ينبغي للعبد إذا رأى محلا فيه فتنة وأسباب معصية أن يفر منه ويهرب [ ص: 814 ] غاية ما يمكنه ؛ ليتمكن من التخلص من المعصية ؛ لأن يوسف عليه السلام -لما راودته التي هو في بيتها- فر هاربا ، يطلب الباب ليتخلص من شرها .
.............................................................................................
ومنها : أن القرائن يعمل بها عند الاشتباه ، فلو تخاصم رجل وامرأته في شيء من أواني الدار ؛ فما يصلح للرجل فإنه للرجل ، وما يصلح للمرأة فهو لها ، هذا إذ لم يكن بينة ، وكذا لو تنازع نجار وحداد في آلة حرفتهما من غير بينة ، والعمل بالقافة في الأشباه والأثر من هذا الباب؛ فإن شاهد يوسف شهد بالقرينة وحكم بها في قد القميص ، واستدل بقده من دبره على صدق يوسف وكذبها . ومما يدل على هذه القاعدة ، أنه استدل بوجود الصواع في رحل أخيه على الحكم عليه بالسرقة ، من غير بينة شهادة ولا إقرار ؛ فعلى هذا إذا وجد المسروق في يد السارق ، خصوصا إذا كان معروفا بالسرقة ؛ فإنه يحكم عليه بالسرقة ، وهذا أبلغ من الشهادة ، وكذلك وجود الرجل يتقيأ الخمر أو وجود المرأة التي لا زوج لها ولا سيد حاملا ؛ فإنه يقام بذلك الحد ، ما لم يقم مانع منه ، ولهذا سمى الله هذا الحاكم شاهدا فقال : وشهد شاهد من أهلها .
.....................................................................................................
ومنها : ما عليه يوسف من الجمال الظاهر والباطن ؛ فإن جماله الظاهر أوجب للمرأة التي هو في بيتها ما أوجب ، وللنساء اللاتي جمعتهن حين لمنها على ذلك أن قطعن أيديهن وقلن: ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم وأما جماله الباطن ، فهو العفة العظيمة عن المعصية ، مع وجود الدواعي الكثيرة لوقوعها وشهادة امرأة العزيز والنسوة بعد ذلك ببراءته ، ولهذا قالت امرأة العزيز : ولقد راودته عن نفسه فاستعصم وقالت بعد ذلك : الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين وقالت النسوة : حاش لله ما علمنا عليه من سوء .
.....................................................................................................................
ومنها : أن يوسف عليه السلام اختار السجن على المعصية ؛ فهكذا ينبغي للعبد إذا ابتلي بين أمرين: إما فعل معصية ، وإما عقوبة دنيوية أن يختار العقوبة الدنيوية على مواقعة الذنب الموجب للعقوبة الشديدة في الدنيا والآخرة ، ولهذا من علامات الإيمان أن يكره العبد أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه ، كما يكره أن يلقى في النار .
....................................................
ومنها : أنه ينبغي للعبد أن يلتجئ إلى الله ، ويحتمي بحماه عند وجود أسباب المعصية ، ويتبرأ من حوله وقوته ؛ لقول يوسف عليه السلام : وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين .
.....................................................
ومنها : أن العلم والعقل يدعوان صاحبهما إلى الخير وينهيانه عن الشر ، وأن الجهل يدعو صاحبه إلى موافقة هوى النفس وإن كان معصية ضارا لصاحبه .
.............................................................
ومنها : أنه كما على العبد عبودية لله في الرخاء ؛ فعليه عبودية له في الشدة ؛ فيوسف عليه السلام لم يزل يدعو إلى الله ، فلما دخل السجن ؛ استمر على ذلك ، ودعا الفتيين إلى التوحيد ونهاهما عن الشرك . ومن فطنته عليه السلام أنه لما رأى فيهما قابلية لدعوته حيث ظنا فيه الظن الحسن ، وقالا له : إنا نراك من المحسنين وأتياه لأن يعبر لهما رؤياهما ، فرآهما متشوقين لتعبيرها عنده ، رأى ذلك فرصة فانتهزها ، فدعاهما إلى الله تعالى قبل أن يعبر رؤياهما ؛ ليكون أنجح لمقصوده ، وأقرب لحصول مطلوبه ، وبين لهما أولا أن الذي أوصله إلى الحال التي رأياه فيها من الكمال والعلم إيمانه وتوحيده وتركه ملة من لا يؤمن بالله واليوم الآخر ، وهذا دعاء لهما بالحال ، ثم دعاهما بالمقال ، وبين فساد الشرك وبرهن عليه ، وحقيقة التوحيد وبرهن عليه .
....................................................................................
ومنها : أنه يبدأ بالأهم فالأهم ، وأنه إذا سئل المفتي ، وكان السائل حاجته من غير سؤاله أشد ؛ أنه ينبغي له أن يعلمه ما يحتاج إليه قبل أن يجيب سؤاله؛ فإن هذا علامة على نصح المعلم وفطنته وحسن إرشاده وتعليمه؛ فإن يوسف - لما سأله الفتيان عن الرؤيا - قدم لهما قبل تعبيرها دعوتهما إلى الله وحده لا شريك له .
.............................................................................
ومنها : أن من وقع في مكروه وشدة ، لا بأس أن يستعين بمن له قدرة على تخليصه ، أو الإخبار بحاله ، وأن هذا لا يكون شكوى للمخلوق؛ فإن هذا من الأمور العادية التي جرى العرف باستعانة الناس بعضهم ببعض ، ولهذا قال يوسف للذي ظن أنه ناج من الفتيين : اذكرني عند ربك .
.................................................................................
ومنها : أنه ينبغي ويتأكد على المعلم استعمال الإخلاص التام في تعليمه ، وأن لا يجعل تعليمه وسيلة لمعاوضة أحد في مال أو جاه أو نفع ، وأن لا يمتنع من التعليم ، أو لا ينصح فيه ، إذا لم يفعل السائل ما كلفه به المعلم؛ فإن يوسف عليه السلام قد قال ، ووصى أحد الفتيين أن يذكره عند ربه ، فلم يذكره ونسي ، فلما بدت حاجتهم إلى سؤال يوسف أرسلوا ذلك الفتى ، وجاءه سائلا مستفتيا عن تلك الرؤيا ، فلم يعنفه يوسف ، ولا وبخه لتركه ذكره ، بل أجابه عن سؤاله جوابا تاما من كل وجه .
......................................................................................
ومنها : أنه ينبغي للمسؤول أن يدل السائل على أمر ينفعه مما يتعلق بسؤاله ، ويرشده إلى الطريق التي ينتفع بها في دينه ودنياه؛ فإن هذا من كمال نصحه وفطنته وحسن إرشاده؛ فإن يوسف عليه السلام لم يقتصر على تعبير رؤيا الملك ، بل دلهم - مع ذلك - على ما يصنعون في تلك السنين المخصبات من كثرة الزرع وكثرة جبايته .
...............................................................................
ومنها : أنه لا يلام الإنسان على السعي في دفع التهمة عن نفسه ، وطلب البراءة لها ، بل يحمد على ذلك ؛ كما امتنع يوسف عن الخروج من السجن حتى تتبين لهم براءته بحال النسوة اللاتي قطعن أيديهن .
..........................................................
ومنها : فضيلة العلم ؛ علم الأحكام والشرع ، وعلم تعبير الرؤيا ، وعلم التدبير والتربية ، وأنه أفضل من الصورة الظاهرة ، ولو بلغت في الحسن جمال يوسف؛ فإن يوسف - بسبب جماله حصلت له تلك المحنة والسجن ، وبسبب علمه حصل له العز والرفعة والتمكين في الأرض؛ فإن كل خير في الدنيا والآخرة من آثار العلم وموجباته .
........................................................
ومنها : أن علم التعبير من العلوم الشرعية ، وأنه يثاب الإنسان على تعلمه وتعليمه ، وأن تعبير الرؤيا داخل في الفتوى ؛ لقوله للفتيين : قضي الأمر الذي فيه تستفتيان وقال الملك : أفتوني في رؤياي وقال الفتى ليوسف : أفتنا في سبع بقرات الآيات ؛ فلا يجوز الإقدام على تعبير الرؤيا من غير علم .
.........................................................................................................
ومنها : أنه لا بأس أن يخبر الإنسان عما في نفسه من صفات الكمال من علم أو عمل ، إذا كان في ذلك مصلحة ، ولم يقصد به العبد الرياء ، وسلم من الكذب ؛ لقول يوسف : اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم .
........................................................................
وكذلك لا تذم الولاية إذا كان المتولي فيها يقوم بما يقدر عليه من حقوق الله وحقوق عباده ، وأنه لا بأس بطلبها إذا كان أعظم كفاءة من غيره ، وإنما الذي يذم إذا لم يكن فيه كفاية ، أو كان موجودا غيره مثله أو أعلى منه ، أو لم يرد بها إقامة أمر الله ؛ فبهذه الأمور ينهى عن طلبها والتعرض لها .
........................................................................................
ومنها : أن الله واسع الجود والكرم ، يجود على عبده بخير الدنيا والآخرة ، وأن خير الآخرة له سببان : الإيمان ، والتقوى ، وأنه خير من ثواب الدنيا وملكها ، وأن العبد ينبغي له أن يدعو نفسه ، ويشوقها لثواب الله ، ولا يدعها تحزن إذا رأت أهل الدنيا ولذاتها وهي غير قادرة عليها ، بل يسليها بثواب الله الأخروي وفضله العظيم ؛ [ ص: 817 ] لقوله تعالى : ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون .
...................................................................................
ومنها : أن جباية الأرزاق - إذا أريد بها التوسعة على الناس من غير ضرر يلحقهم ؛ لا بأس بها ؛ لأن يوسف أمرهم بجباية الأرزاق والأطعمة في السنين المخصبات ، للاستعداد للسنين المجدبة ، وأن هذا غير مناقض للتوكل على الله ، بل يتوكل العبد على الله ، ويعمل بالأسباب التي تنفعه في دينه ودنياه .
.....................................................................
ومنها : حسن تدبير يوسف لما تولى خزائن الأرض ، حتى كثرت عندهم الغلات جدا ، حتى صار أهل الأقطار يقصدون مصر لطلب الميرة منها ؛ لعلمهم بوفورها فيها ، وحتى إنه كان لا يكيل لأحد إلا مقدار الحاجة الخاصة ، أو أقل لا يزيد كل قادم على كيل بعير وحمله .
.........................................................
ومنها : مشروعية الضيافة ، وأنها من سنن المرسلين ، وإكرام الضيف لقول يوسف لإخوته ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين .
..................................................
ومنها : أن سوء الظن مع وجود القرائن الدالة عليه غير ممنوع ولا محرم؛ فإن يعقوب قال لأولاده بعدما امتنع من إرسال يوسف معهم حتى عالجوه أشد المعالجة ، ثم قال لهم بعد ما أتوه ، وزعموا أن الذئب أكله بل سولت لكم أنفسكم أمرا وقال لهم في الأخ الآخر : هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل ثم لما احتبسه يوسف عنده ، وجاء إخوته لأبيهم قال لهم : بل سولت لكم أنفسكم أمرا فهم في الأخيرة - وإن لم يكونوا مفرطين ؛ فقد جرى منهم ما أوجب لأبيهم أن قال ما قال من غير إثم عليه ولا حرج .
.............................................
ومنها : أن استعمال الأسباب الدافعة للعين أو غيرها من المكاره أو الرافعة لها بعد نزولها غير ممنوع ، بل جائز ، وإن كان لا يقع شيء إلا بقضاء وقدر؛ فإن الأسباب أيضا من القضاء والقدر ؛ لأمر يعقوب ؛ حيث قال لبنيه : يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة .
.....................................................
ومنها : جواز استعمال المكايد التي يتوصل بها إلى الحقوق ، وأن العلم بالطرق الخفية الموصلة إلى مقاصدها مما يحمد عليه العبد ، وإنما الممنوع التحيل على إسقاط واجب أو فعل محرم .
......................................................
ومنها : أنه ينبغي لمن أراد أن يوهم غيره بأمر لا يحب أن يطلع عليه أن يستعمل [ ص: 818 ] المعاريض القولية والفعلية المانعة له من الكذب ، كما فعل يوسف حيث ألقى الصواع في رحل أخيه ، ثم استخرجها منه موهما أنه سارق ، وليس فيه إلا القرينة الموهمة لإخوته ، وقال بعد ذلك : معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده ولم يقل : من سرق متاعنا. وكذلك لم يقل: إنا وجدنا متاعنا عنده؛ بل أتى بكلام عام يصلح له ولغيره ، وليس في ذلك محذور ، وإنما فيه إيهام أنه سارق ؛ ليحصل المقصود الحاضر ، وأنه يبقى عند أخيه وقد زال عن الأخ هذا الإيهام بعدما تبينت الحال .
.......................................................................
ومنها : أنه لا يجوز للإنسان أن يشهد إلا بما علمه ، وتحققه إما بمشاهدة أو خبر من يثق به ، وتطمئن إليه النفس ؛ لقولهم : وما شهدنا إلا بما علمنا .
......................................................................
ومنها : هذه المحنة العظيمة التي امتحن الله بها نبيه وصفيه يعقوب عليه السلام ، حيث قضى بالتفريق بينه وبين ابنه يوسف ، الذي لا يقدر على فراقه ساعة واحدة ، ويحزنه ذلك أشد الحزن ، فحصل التفريق بينه وبينه مدة طويلة ، لا تقصر عن ثلاثين سنة ، ويعقوب لم يفارق الحزن قلبه في هذه المدة وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ثم ازداد به الأمر شدة حين صار الفراق بينه وبين ابنه الثاني شقيق يوسف ، هذا وهو صابر لأمر الله محتسب الأجر من الله قد وعد من نفسه الصبر الجميل ، ولا شك أنه وفى بما وعد به ، ولا ينافي ذلك قوله : إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ؛ فإن الشكوى إلى الله لا تنافي الصبر ، وإنما الذي ينافيه الشكوى إلى المخلوقين .
..........................................................................
ومنها : أن الفرج مع الكرب; وأن مع العسر يسرا ؛ فإنه لما طال الحزن على يعقوب واشتد به إلى أنهى ما يكون ، ثم حصل الاضطرار لآل يعقوب ومسهم الضر ؛ أذن الله حينئذ بال ، فحصل التلاقي في أشد الأوقات إليه حاجة واضطرارا ، فتم بذلك الأجر وحصل السرور ، وعلم من ذلك أن الله يبتلي أولياءه بالشدة والرخاء ، والعسر واليسر ؛ ليمتحن صبرهم وشكرهم ، ويزداد - بذلك - إيمانهم ويقينهم وعرفانهم .
..........................................................................
ومنها : جواز إخبار الإنسان بما يجد وما هو فيه من مرض أو فقر ونحوهما ، على [ ص: 819 ] غير وجه التسخط ، لأن إخوة يوسف قالوا : يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر ولم ينكر عليهم يوسف .
........................................................................
ومنها : فضيلة التقوى والصبر ، وأن كل خير في الدنيا والآخرة فمن آثار التقوى والصبر ، وأن عاقبة أهلهما أحسن العواقب ؛ لقوله : قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين .
........................................................................
ومنها : أنه ينبغي لمن أنعم الله عليه بنعمة بعد شدة وفقر وسوء حال أن يعترف بنعمة الله عليه ، وأن لا يزال ذاكرا حاله الأولى ؛ ليحدث لذلك شكرا كلما ذكرها ؛ لقول يوسف عليه السلام : وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو .
............................................................................
ومنها : لطف الله العظيم بيوسف ؛ حيث نقله في تلك الأحوال ، وأوصل إليه الشدائد والمحن ، ليوصله بها إلى أعلى الغايات ورفيع الدرجات .
..............................................................................
ومنها : أنه ينبغي للعبد أن يتملق إلى الله دائما في تثبيت إيمانه ، ويعمل الأسباب الموجبة لذلك ، ويسأل الله حسن الخاتمة وتمام النعمة ؛ لقول يوسف عليه الصلاة والسلام : رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين .
......................................................................................
المرجع : كلها فوائد ذكرها السعدي في تفسيره .
الفوائد والعبر من قصة يوسف :
فمن ذلك : أن هذه القصة من أحسن القصص وأوضحها وأبينها ؛ لما فيها من أنواع التنقلات: من حال إلى حال ، ومن محنة إلى محنة ، ومن محنة إلى منحة ومنة ، ومن ذل إلى عز ، ومن رق إلى ملك ، ومن فرقة وشتات إلى اجتماع وائتلاف ، ومن حزن إلى سرور ، ومن رخاء إلى جدب ، ومن جدب إلى رخاء ، ومن ضيق إلى سعة ، ومن إنكار إلى إقرار ؛ فتبارك من قصها فأحسنها ، ووضحها وبينها .
.................................................................
ومنها : أن فيها أصلا لتعبير الرؤيا ؛ فإن علم التعبير من العلوم المهمة التي يعطيها الله من يشاء من عباده ، وإن أغلب ما تبنى عليه المناسبة والمشابهة في الاسم والصفة:
فإن رؤيا يوسف التي رأى أن الشمس والقمر ، وأحد عشر كوكبا له ساجدين وجه المناسبة فيها : أن هذه الأنوار هي زينة السماء وجمالها ، وبها منافعها ، فكذلك الأنبياء والعلماء زينة للأرض وجمال ، وبهم يهتدى في الظلمات كما يهتدى بهذه الأنوار ، ولأن الأصل أبوه وأمه ، وإخوته هم الفرع ؛ فمن المناسب أن يكون الأصل أعظم نورا وجرما لما هو فرع عنه ؛ فلذلك كانت الشمس أمه ، والقمر أباه ، والكواكب إخوته .
ومن المناسبة أن الشمس لفظ مؤنث ، فلذلك كانت أمه ، والقمر والكواكب مذكرات ، فكانت لأبيه وإخوته . ومن المناسبة أن الساجد معظم محترم للمسجود له ، والمسجود له معظم محترم ، فلذلك دل ذلك على أن يوسف يكون معظما محترما عند أبويه وإخوته .
ومن لازم ذلك أن يكون مجتبى مفضلا في العلم والفضائل الموجبة لذلك ، ولذلك قال له أبوه : وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ومن المناسبة في رؤيا الفتيين: أنه أول رؤيا الذي رأى أنه يعصر خمرا ؛ أن الذي يعصر في العادة يكون خادما لغيره ، والعصر يقصد لغيره ؛ فلذلك أوله بما يؤول إليه ؛ أنه يسقي ربه ، وذلك متضمن لخروجه من السجن . وأول الذي رأى أنه يحمل فوق رأسه خبزا تأكل الطير منه ، بأن جلدة رأسه ولحمه وما في ذلك من المخ ، أنه هو الذي يحمل ، وأنه سيبرز للطيور بمحل تتمكن من الأكل من رأسه ، فرأى من حاله أنه سيقتل ويصلب بعد موته فيبرز للطيور فتأكل من رأسه ، وذلك لا يكون إلا بالصلب بعد القتل .
وأول رؤيا الملك للبقرات والسنبلات بالسنين المخصبة والسنين المجدبة ، ووجه المناسبة أن الملك به ترتبط أحوال الرعية ومصالحها ، وبصلاحه تصلح وبفساده تفسد ، وكذلك السنون بها صلاح أحوال الرعية ، واستقامة أمر المعاش أو عدمه ، وأما البقر فإنها تحرث الأرض عليها ، ويستقى عليها الماء وإذا أخصبت السنة سمنت ، وإذا أجدبت ؛ صارت عجافا ، وكذلك السنابل في الخصب تكثر وتخضر ، وفي الجدب تقل وتيبس وهي أفضل غلال الأرض .
.....................................................
ومنها : ما فيها من الأدلة على صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، حيث قص على قومه هذه القصة الطويلة ، وهو لم يقرأ كتب الأولين ولا دارس أحدا .
يراه قومه بين أظهرهم صباحا ومساء ، وهو أمي لا يخط ولا يقرأ ، وهي موافقة لما في الكتب السابقة ، وما كان لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون .
.........................................................
ومنها : أنه ينبغي البعد عن أسباب الشر ، وكتمان ما تخشى مضرته ، لقول يعقوب ليوسف يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا ومنها : أنه يجوز ذكر الإنسان بما يكره على وجه النصيحة لغيره لقوله : فيكيدوا لك كيدا .
..........................................................
ومنها : أن نعمة الله على العبد نعمة على من يتعلق به من أهل بيته وأقاربه وأصحابه ، وأنه ربما شملتهم وحصل لهم ما حصل له بسببه ، كما قال يعقوب في تفسيره لرؤيا يوسف وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب ولما تمت النعمة على يوسف ، حصل لآل يعقوب من العز والتمكين في الأرض والسرور والغبطة ما حصل بسبب يوسف .
..................................................................
ومنها : أن العدل مطلوب في كل الأمور ، لا في معاملة السلطان رعيته ولا فيما دونه ، حتى في معاملة الوالد لأولاده في المحبة والإيثار وغيره ، وأن في الإخلال بذلك يختل عليه الأمر ، وتفسد الأحوال ، ولهذا لما قدم يعقوب يوسف في المحبة وآثره على إخوته ، جرى منهم ما جرى على أنفسهم ، وعلى أبيهم وأخيهم .
.......................................................
ومنها : الحذر من شؤم الذنوب ، وأن الذنب الواحد يستتبع ذنوبا متعددة ، ولا يتم لفاعله إلا بعدة جرائم ؛ فإخوة يوسف لما أرادوا التفريق بينه وبين أبيه ، احتالوا لذلك بأنواع من الحيل ، وكذبوا عدة مرات ، وزوروا على أبيهم في القميص والدم الذي فيه ، وفي إتيانهم عشاء يبكون ، ولا تستبعد أنه قد كثر البحث فيها في تلك المدة ، بل لعل ذلك اتصل إلى أن اجتمعوا بيوسف ، وكلما صار البحث ؛ حصل من الإخبار بالكذب والافتراء ما حصل ، وهذا شؤم الذنب ، وآثاره التابعة والسابقة واللاحقة .
............................................................
ومنها : أن العبرة في حال العبد بكمال النهاية ، لا بنقص البداية؛ فإن أولاد يعقوب عليه السلام جرى منهم ما جرى في أول الأمر ، مما هو أكبر أسباب النقص واللوم ، ثم انتهى أمرهم إلى التوبة النصوح والسماح التام من يوسف ومن أبيهم والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة ، وإذا سمح العبد عن حقه ، فالله خير الراحمين . ولهذا - في أصح الأقوال - أنهم كانوا أنبياء لقوله تعالى : وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ، وهم أولاد يعقوب الاثنا عشر وذريتهم ، ومما يدل على ذلك أن في رؤيا يوسف أنه رآهم كواكب نيرة ، والكواكب فيها النور والهداية الذي من صفات الأنبياء ؛ فإن لم يكونوا أنبياء فإنهم علماء هداة .
..................................................
ومنها : ما من الله به على يوسف عليه الصلاة والسلام من العلم والحلم ومكارم الأخلاق والدعوة إلى الله وإلى دينه وعفوه عن إخوته الخاطئين عفوا بادرهم به ، وتمم ذلك بأن لا يثرب عليهم ولا يعيرهم به ، ثم بره العظيم بأبويه ، وإحسانه لإخوته بل لعموم الخلق .
.........................................
ومنها : أن بعض الشر أهون من بعض ، وارتكاب أخف الضررين أولى من ارتكاب أعظمهما؛ فإن إخوة يوسف ، لما اتفقوا على قتل يوسف أو إلقائه أرضا ، وقال قائل منهم : لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابت الجب ؛ كان قوله أحسن منهم وأخف ، وبسببه خف عن إخوته الإثم الكبير .
...........................................................
ومنها : أن الشيء إذا تداولته الأيدي وصار من جملة الأموال ، ولم يعلم أنه كان على غير وجه الشرع ، أنه لا إثم على من باشره ببيع أو شراء ، أو خدمة أو انتفاع أو استعمال ؛ فإن يوسف عليه السلام باعه إخوته بيعا حراما لا يجوز ، ثم ذهبت به السيارة إلى مصر فباعوه بها ، وبقي عند سيده غلاما رقيقا ، وسماه الله شراء ، وكان عندهم بمنزلة الغلام الرقيق المكرم .
..........................................................
ومنها : الحذر من الخلوة بالنساء التي يخشى منهن الفتنة ، والحذر أيضا من المحبة التي يخشى ضررها؛ فإن امرأة العزيز جرى منها ما جرى بسبب توحدها بيوسف ، وحبها الشديد له ، الذي ما تركها حتى راودته تلك المراودة ، ثم كذبت عليه فسجن بسببها مدة طويلة .
............................................................
ومنها : أن الهم الذي هم به يوسف بالمرأة ثم تركه لله ، مما يرقيه إلى الله زلفى ؛ لأن الهم داع من دواعي النفس الأمارة بالسوء ، وهو طبيعة لأغلب الخلق ، فلما قابل بينه وبين محبة الله وخشيته غلبت محبة الله وخشيته داعي النفس والهوى . فكان ممن خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ، ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ؛ أحدهم : رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال ، فقال : إني أخاف الله وإنما الهم الذي يلام عليه العبد ، الهم الذي يساكنه ، ويصير عزما ، ربما اقترن به الفعل .......................................................
ومنها : أن من دخل الإيمان قلبه ، وكان مخلصا لله في جميع أموره ؛ فإن الله يدفع عنه ببرهان إيمانه وصدق إخلاصه من أنواع السوء والفحشاء وأسباب المعاصي ما هو جزاء لإيمانه وإخلاصه ؛ لقوله : وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين : على قراءة من قرأها بكسر اللام ، ومن قرأها بالفتح ؛ فإنه من إخلاص الله إياه ، وهو متضمن لإخلاصه هو بنفسه ، فلما أخلص عمله لله أخلصه الله ، وخلصه من السوء والفحشاء .
..........................................................................................................
ومنها : أنه ينبغي للعبد إذا رأى محلا فيه فتنة وأسباب معصية أن يفر منه ويهرب [ ص: 814 ] غاية ما يمكنه ؛ ليتمكن من التخلص من المعصية ؛ لأن يوسف عليه السلام -لما راودته التي هو في بيتها- فر هاربا ، يطلب الباب ليتخلص من شرها .
.............................................................................................
ومنها : أن القرائن يعمل بها عند الاشتباه ، فلو تخاصم رجل وامرأته في شيء من أواني الدار ؛ فما يصلح للرجل فإنه للرجل ، وما يصلح للمرأة فهو لها ، هذا إذ لم يكن بينة ، وكذا لو تنازع نجار وحداد في آلة حرفتهما من غير بينة ، والعمل بالقافة في الأشباه والأثر من هذا الباب؛ فإن شاهد يوسف شهد بالقرينة وحكم بها في قد القميص ، واستدل بقده من دبره على صدق يوسف وكذبها . ومما يدل على هذه القاعدة ، أنه استدل بوجود الصواع في رحل أخيه على الحكم عليه بالسرقة ، من غير بينة شهادة ولا إقرار ؛ فعلى هذا إذا وجد المسروق في يد السارق ، خصوصا إذا كان معروفا بالسرقة ؛ فإنه يحكم عليه بالسرقة ، وهذا أبلغ من الشهادة ، وكذلك وجود الرجل يتقيأ الخمر أو وجود المرأة التي لا زوج لها ولا سيد حاملا ؛ فإنه يقام بذلك الحد ، ما لم يقم مانع منه ، ولهذا سمى الله هذا الحاكم شاهدا فقال : وشهد شاهد من أهلها .
.....................................................................................................
ومنها : ما عليه يوسف من الجمال الظاهر والباطن ؛ فإن جماله الظاهر أوجب للمرأة التي هو في بيتها ما أوجب ، وللنساء اللاتي جمعتهن حين لمنها على ذلك أن قطعن أيديهن وقلن: ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم وأما جماله الباطن ، فهو العفة العظيمة عن المعصية ، مع وجود الدواعي الكثيرة لوقوعها وشهادة امرأة العزيز والنسوة بعد ذلك ببراءته ، ولهذا قالت امرأة العزيز : ولقد راودته عن نفسه فاستعصم وقالت بعد ذلك : الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين وقالت النسوة : حاش لله ما علمنا عليه من سوء .
.....................................................................................................................
ومنها : أن يوسف عليه السلام اختار السجن على المعصية ؛ فهكذا ينبغي للعبد إذا ابتلي بين أمرين: إما فعل معصية ، وإما عقوبة دنيوية أن يختار العقوبة الدنيوية على مواقعة الذنب الموجب للعقوبة الشديدة في الدنيا والآخرة ، ولهذا من علامات الإيمان أن يكره العبد أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه ، كما يكره أن يلقى في النار .
....................................................
ومنها : أنه ينبغي للعبد أن يلتجئ إلى الله ، ويحتمي بحماه عند وجود أسباب المعصية ، ويتبرأ من حوله وقوته ؛ لقول يوسف عليه السلام : وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين .
.....................................................
ومنها : أن العلم والعقل يدعوان صاحبهما إلى الخير وينهيانه عن الشر ، وأن الجهل يدعو صاحبه إلى موافقة هوى النفس وإن كان معصية ضارا لصاحبه .
.............................................................
ومنها : أنه كما على العبد عبودية لله في الرخاء ؛ فعليه عبودية له في الشدة ؛ فيوسف عليه السلام لم يزل يدعو إلى الله ، فلما دخل السجن ؛ استمر على ذلك ، ودعا الفتيين إلى التوحيد ونهاهما عن الشرك . ومن فطنته عليه السلام أنه لما رأى فيهما قابلية لدعوته حيث ظنا فيه الظن الحسن ، وقالا له : إنا نراك من المحسنين وأتياه لأن يعبر لهما رؤياهما ، فرآهما متشوقين لتعبيرها عنده ، رأى ذلك فرصة فانتهزها ، فدعاهما إلى الله تعالى قبل أن يعبر رؤياهما ؛ ليكون أنجح لمقصوده ، وأقرب لحصول مطلوبه ، وبين لهما أولا أن الذي أوصله إلى الحال التي رأياه فيها من الكمال والعلم إيمانه وتوحيده وتركه ملة من لا يؤمن بالله واليوم الآخر ، وهذا دعاء لهما بالحال ، ثم دعاهما بالمقال ، وبين فساد الشرك وبرهن عليه ، وحقيقة التوحيد وبرهن عليه .
....................................................................................
ومنها : أنه يبدأ بالأهم فالأهم ، وأنه إذا سئل المفتي ، وكان السائل حاجته من غير سؤاله أشد ؛ أنه ينبغي له أن يعلمه ما يحتاج إليه قبل أن يجيب سؤاله؛ فإن هذا علامة على نصح المعلم وفطنته وحسن إرشاده وتعليمه؛ فإن يوسف - لما سأله الفتيان عن الرؤيا - قدم لهما قبل تعبيرها دعوتهما إلى الله وحده لا شريك له .
.............................................................................
ومنها : أن من وقع في مكروه وشدة ، لا بأس أن يستعين بمن له قدرة على تخليصه ، أو الإخبار بحاله ، وأن هذا لا يكون شكوى للمخلوق؛ فإن هذا من الأمور العادية التي جرى العرف باستعانة الناس بعضهم ببعض ، ولهذا قال يوسف للذي ظن أنه ناج من الفتيين : اذكرني عند ربك .
.................................................................................
ومنها : أنه ينبغي ويتأكد على المعلم استعمال الإخلاص التام في تعليمه ، وأن لا يجعل تعليمه وسيلة لمعاوضة أحد في مال أو جاه أو نفع ، وأن لا يمتنع من التعليم ، أو لا ينصح فيه ، إذا لم يفعل السائل ما كلفه به المعلم؛ فإن يوسف عليه السلام قد قال ، ووصى أحد الفتيين أن يذكره عند ربه ، فلم يذكره ونسي ، فلما بدت حاجتهم إلى سؤال يوسف أرسلوا ذلك الفتى ، وجاءه سائلا مستفتيا عن تلك الرؤيا ، فلم يعنفه يوسف ، ولا وبخه لتركه ذكره ، بل أجابه عن سؤاله جوابا تاما من كل وجه .
......................................................................................
ومنها : أنه ينبغي للمسؤول أن يدل السائل على أمر ينفعه مما يتعلق بسؤاله ، ويرشده إلى الطريق التي ينتفع بها في دينه ودنياه؛ فإن هذا من كمال نصحه وفطنته وحسن إرشاده؛ فإن يوسف عليه السلام لم يقتصر على تعبير رؤيا الملك ، بل دلهم - مع ذلك - على ما يصنعون في تلك السنين المخصبات من كثرة الزرع وكثرة جبايته .
...............................................................................
ومنها : أنه لا يلام الإنسان على السعي في دفع التهمة عن نفسه ، وطلب البراءة لها ، بل يحمد على ذلك ؛ كما امتنع يوسف عن الخروج من السجن حتى تتبين لهم براءته بحال النسوة اللاتي قطعن أيديهن .
..........................................................
ومنها : فضيلة العلم ؛ علم الأحكام والشرع ، وعلم تعبير الرؤيا ، وعلم التدبير والتربية ، وأنه أفضل من الصورة الظاهرة ، ولو بلغت في الحسن جمال يوسف؛ فإن يوسف - بسبب جماله حصلت له تلك المحنة والسجن ، وبسبب علمه حصل له العز والرفعة والتمكين في الأرض؛ فإن كل خير في الدنيا والآخرة من آثار العلم وموجباته .
........................................................
ومنها : أن علم التعبير من العلوم الشرعية ، وأنه يثاب الإنسان على تعلمه وتعليمه ، وأن تعبير الرؤيا داخل في الفتوى ؛ لقوله للفتيين : قضي الأمر الذي فيه تستفتيان وقال الملك : أفتوني في رؤياي وقال الفتى ليوسف : أفتنا في سبع بقرات الآيات ؛ فلا يجوز الإقدام على تعبير الرؤيا من غير علم .
.........................................................................................................
ومنها : أنه لا بأس أن يخبر الإنسان عما في نفسه من صفات الكمال من علم أو عمل ، إذا كان في ذلك مصلحة ، ولم يقصد به العبد الرياء ، وسلم من الكذب ؛ لقول يوسف : اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم .
........................................................................
وكذلك لا تذم الولاية إذا كان المتولي فيها يقوم بما يقدر عليه من حقوق الله وحقوق عباده ، وأنه لا بأس بطلبها إذا كان أعظم كفاءة من غيره ، وإنما الذي يذم إذا لم يكن فيه كفاية ، أو كان موجودا غيره مثله أو أعلى منه ، أو لم يرد بها إقامة أمر الله ؛ فبهذه الأمور ينهى عن طلبها والتعرض لها .
........................................................................................
ومنها : أن الله واسع الجود والكرم ، يجود على عبده بخير الدنيا والآخرة ، وأن خير الآخرة له سببان : الإيمان ، والتقوى ، وأنه خير من ثواب الدنيا وملكها ، وأن العبد ينبغي له أن يدعو نفسه ، ويشوقها لثواب الله ، ولا يدعها تحزن إذا رأت أهل الدنيا ولذاتها وهي غير قادرة عليها ، بل يسليها بثواب الله الأخروي وفضله العظيم ؛ [ ص: 817 ] لقوله تعالى : ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون .
...................................................................................
ومنها : أن جباية الأرزاق - إذا أريد بها التوسعة على الناس من غير ضرر يلحقهم ؛ لا بأس بها ؛ لأن يوسف أمرهم بجباية الأرزاق والأطعمة في السنين المخصبات ، للاستعداد للسنين المجدبة ، وأن هذا غير مناقض للتوكل على الله ، بل يتوكل العبد على الله ، ويعمل بالأسباب التي تنفعه في دينه ودنياه .
.....................................................................
ومنها : حسن تدبير يوسف لما تولى خزائن الأرض ، حتى كثرت عندهم الغلات جدا ، حتى صار أهل الأقطار يقصدون مصر لطلب الميرة منها ؛ لعلمهم بوفورها فيها ، وحتى إنه كان لا يكيل لأحد إلا مقدار الحاجة الخاصة ، أو أقل لا يزيد كل قادم على كيل بعير وحمله .
.........................................................
ومنها : مشروعية الضيافة ، وأنها من سنن المرسلين ، وإكرام الضيف لقول يوسف لإخوته ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين .
..................................................
ومنها : أن سوء الظن مع وجود القرائن الدالة عليه غير ممنوع ولا محرم؛ فإن يعقوب قال لأولاده بعدما امتنع من إرسال يوسف معهم حتى عالجوه أشد المعالجة ، ثم قال لهم بعد ما أتوه ، وزعموا أن الذئب أكله بل سولت لكم أنفسكم أمرا وقال لهم في الأخ الآخر : هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل ثم لما احتبسه يوسف عنده ، وجاء إخوته لأبيهم قال لهم : بل سولت لكم أنفسكم أمرا فهم في الأخيرة - وإن لم يكونوا مفرطين ؛ فقد جرى منهم ما أوجب لأبيهم أن قال ما قال من غير إثم عليه ولا حرج .
.............................................
ومنها : أن استعمال الأسباب الدافعة للعين أو غيرها من المكاره أو الرافعة لها بعد نزولها غير ممنوع ، بل جائز ، وإن كان لا يقع شيء إلا بقضاء وقدر؛ فإن الأسباب أيضا من القضاء والقدر ؛ لأمر يعقوب ؛ حيث قال لبنيه : يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة .
.....................................................
ومنها : جواز استعمال المكايد التي يتوصل بها إلى الحقوق ، وأن العلم بالطرق الخفية الموصلة إلى مقاصدها مما يحمد عليه العبد ، وإنما الممنوع التحيل على إسقاط واجب أو فعل محرم .
......................................................
ومنها : أنه ينبغي لمن أراد أن يوهم غيره بأمر لا يحب أن يطلع عليه أن يستعمل [ ص: 818 ] المعاريض القولية والفعلية المانعة له من الكذب ، كما فعل يوسف حيث ألقى الصواع في رحل أخيه ، ثم استخرجها منه موهما أنه سارق ، وليس فيه إلا القرينة الموهمة لإخوته ، وقال بعد ذلك : معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده ولم يقل : من سرق متاعنا. وكذلك لم يقل: إنا وجدنا متاعنا عنده؛ بل أتى بكلام عام يصلح له ولغيره ، وليس في ذلك محذور ، وإنما فيه إيهام أنه سارق ؛ ليحصل المقصود الحاضر ، وأنه يبقى عند أخيه وقد زال عن الأخ هذا الإيهام بعدما تبينت الحال .
.......................................................................
ومنها : أنه لا يجوز للإنسان أن يشهد إلا بما علمه ، وتحققه إما بمشاهدة أو خبر من يثق به ، وتطمئن إليه النفس ؛ لقولهم : وما شهدنا إلا بما علمنا .
......................................................................
ومنها : هذه المحنة العظيمة التي امتحن الله بها نبيه وصفيه يعقوب عليه السلام ، حيث قضى بالتفريق بينه وبين ابنه يوسف ، الذي لا يقدر على فراقه ساعة واحدة ، ويحزنه ذلك أشد الحزن ، فحصل التفريق بينه وبينه مدة طويلة ، لا تقصر عن ثلاثين سنة ، ويعقوب لم يفارق الحزن قلبه في هذه المدة وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ثم ازداد به الأمر شدة حين صار الفراق بينه وبين ابنه الثاني شقيق يوسف ، هذا وهو صابر لأمر الله محتسب الأجر من الله قد وعد من نفسه الصبر الجميل ، ولا شك أنه وفى بما وعد به ، ولا ينافي ذلك قوله : إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ؛ فإن الشكوى إلى الله لا تنافي الصبر ، وإنما الذي ينافيه الشكوى إلى المخلوقين .
..........................................................................
ومنها : أن الفرج مع الكرب; وأن مع العسر يسرا ؛ فإنه لما طال الحزن على يعقوب واشتد به إلى أنهى ما يكون ، ثم حصل الاضطرار لآل يعقوب ومسهم الضر ؛ أذن الله حينئذ بال ، فحصل التلاقي في أشد الأوقات إليه حاجة واضطرارا ، فتم بذلك الأجر وحصل السرور ، وعلم من ذلك أن الله يبتلي أولياءه بالشدة والرخاء ، والعسر واليسر ؛ ليمتحن صبرهم وشكرهم ، ويزداد - بذلك - إيمانهم ويقينهم وعرفانهم .
..........................................................................
ومنها : جواز إخبار الإنسان بما يجد وما هو فيه من مرض أو فقر ونحوهما ، على [ ص: 819 ] غير وجه التسخط ، لأن إخوة يوسف قالوا : يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر ولم ينكر عليهم يوسف .
........................................................................
ومنها : فضيلة التقوى والصبر ، وأن كل خير في الدنيا والآخرة فمن آثار التقوى والصبر ، وأن عاقبة أهلهما أحسن العواقب ؛ لقوله : قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين .
........................................................................
ومنها : أنه ينبغي لمن أنعم الله عليه بنعمة بعد شدة وفقر وسوء حال أن يعترف بنعمة الله عليه ، وأن لا يزال ذاكرا حاله الأولى ؛ ليحدث لذلك شكرا كلما ذكرها ؛ لقول يوسف عليه السلام : وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو .
............................................................................
ومنها : لطف الله العظيم بيوسف ؛ حيث نقله في تلك الأحوال ، وأوصل إليه الشدائد والمحن ، ليوصله بها إلى أعلى الغايات ورفيع الدرجات .
..............................................................................
ومنها : أنه ينبغي للعبد أن يتملق إلى الله دائما في تثبيت إيمانه ، ويعمل الأسباب الموجبة لذلك ، ويسأل الله حسن الخاتمة وتمام النعمة ؛ لقول يوسف عليه الصلاة والسلام : رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين .
......................................................................................
المرجع : كلها فوائد ذكرها السعدي في تفسيره .
الحق واحد- نعوذ بالله من الفتن
- عدد المساهمات : 579
تاريخ التسجيل : 29/11/2015

» ادخل السجن
» رأيت اني ادخل دار الارقم...
» بسم الله أرقيك ادخل هنا
» ابراهيم ادخل بارك الله فيك
» كلام خطير ادخل يا جعبة وشوف
» رأيت اني ادخل دار الارقم...
» بسم الله أرقيك ادخل هنا
» ابراهيم ادخل بارك الله فيك
» كلام خطير ادخل يا جعبة وشوف
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات الدعوية ومنبر القرآن وعلومه و الحديث والفقه :: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن (تدبر، مواعظ، فوائد، تجارب)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى