ملتقى صائد الرؤى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

واجب المسلمين أمام مصيبة العالم الإسلامي

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

 واجب المسلمين أمام مصيبة العالم الإسلامي Empty واجب المسلمين أمام مصيبة العالم الإسلامي

مُساهمة  ابو صالح السبت أغسطس 31, 2013 12:11 am

الشيخ محمد ناصر الدين الألباني

.::. واجب المسلمين أمام مصيبة العالم الإسلامي .::.
نعلم يا شيخنا في هذه الأيام أن الإسلام محارب في جميع الأرض، وبعدم اهتمام من الحكومات فماذا علينا نحن في هذا الأمر ؟، وهل نأثم بجلوسنا بعدم عمل أي شيء ؟

المجيب الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله.

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده و رسوله. {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن إلا و أنتم مسلمون}. {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام، إن الله كان عليكم رقيباً}. {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله، وقولوا قولاً سديداً، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً}.
أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها، و كل محدثة بدعة، وكل بدعه ضلالة، وكل ضلالة في النار.

السؤال كأنه من حيث ظاهره وألفاظه ،أقل مما يقصد لافظه؛ حيث يقول: نقعد، ولا نعمل أي شيء ! فهو يعني في أي شيء ـ ليس أي شيء مطلقاً ـ وإنما يعني شيئاً معيناً. لأنه لا أحدٌ إطلاقاً يقول: بأن المسلم عليه أن يعيش كما تعيش الأنعام لا يعمل أي شيء ـ لأنه خُلق لشيء عظيم جداً؛ وهو عبادة الله وحده لا شريك له. ولذلك فلا يتبادر إلى ذهن أحد من مثل هذا السؤال أنه يقصد ألا يعمل أي شيء، وإنما يقصد ألا يعمل شيئاً يناسب هذا الواقع الذي أحاط بالمسلمين من كل جانب ،هذا هو الظاهر من مقصود السائل و ليس بملفوظ السائل.

وعلى ذلك نجيب: إن وضع المسلمين اليوم لا يختلف كثيراً و لا قليلاً عما كان عليه وضع الدعوة الإسلامية في عهدها الأول، وأعني به العهد المكي. أقول لا يختلف وضع الدعوة الإسلامية اليوم لا في قليل و لا في كثير عمّا كانت عليه الدعوة الإسلامية في عهدها الأول، ألا وهو العهد المكي، وكلنا يعلم أن القائم على الدعوة يومئذ ،هو نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. أعني بهذه الكلمة أن الدعوة كانت محاربة؛ من القوم الذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أنفسهم، كما في القرآن الكريم ،ثم لما بدأت الدعوة تنتشر، وتتسع دائرتها بين القبائل العربية حتى أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالهجرة من مكة إلى المدينة –طبعاً نحن الآن نأتي برؤوس أقلام لأن التاريخ الإسلامي الأول والسيرة النبوية الأولى معروفة عند كثير من الحاضرين –لأنني أقصد – بهذا الإيجاز و الاختصار -، الوصول إلى المقصود من الإجابة على ذلك السؤال.

ولذلك فإنني أقول: بعد أن هاجر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتبعه بعض أصحابه إلى المدينة، وبدأ عليه الصلاة والسلام يضع النواة لإقامة الدولة المسلمة – هناك في المدينة المنورة - بدأت أيضاً عداوةُ جديدة بين هذه الدعوة الجديدة –أيضاً في المدينة - حيث اقتربت الدعوة من عقر دار النصارى وهي سورية يومئذِ؛ - التي كان فيها هرقل ملك الروم -،فصار هناك عداء جديد للدعوة ليس فقط من العرب في الجزيرة العربية؛ بل ومن النصارى أيضاً في شمال الجزيرة العربية –أي في سورية – ثم أيضاً ظهر عدوُ آخر ألا وهو فارس، فصارت الدعوة الإسلامية محاربة من كل الجهات؛ من المشركين في الجزيرة العربية، ومن النصارى و اليهود في بعض أطرافها، ثم من قبل فارس؛ التي كان العداء بينها و بين النصارى شديداً كما هو معلوم من قولة تبارك و تعالى: {ألم غلبت الروم، في أدنى الأرض، وهم من بعد غلبهم سيغلبون، في بضع سنين } [1]. الشاهد هنا: لا نستغربنَّ وضع الدعوة الإسلامية الآن، من حيث إنها تُحارب من كل جانب. فمن هذه الحيثية كانت الدعوة الإسلامية في منطلقها الأول أيضاً كذاك محاربة من كل الجهات. وحينئذٍ يأتي السؤال والجواب.
ما هو العمل ؟ ماذا عمل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه الذين كان عددهم يومئذٍ قليلاََ بالنسبة لعدد المسلمين اليوم – حيث صار عدداََ كثيراََ وكثيراََ جداََ ؟
هنا يبدأ الجواب: هل حارب المسلمون العرب المعادين لهم –أي قومهم –في أول الدعوة ؟ هل حارب المسلمون النصارى في أول الأمر ؟ هل حاربوا فارس في أول الأمر ؟
الجواب : لا، لا كل ذلك الجواب لا.

إذاََ ماذا فعل المسلمون ؟

نحن الآن يجب أن نفعل ما فعل المسلمون الأولون تماماََ. لأن ما يصيبنا هو الذي أصابهم، وما عالجوا به مصيبتهم هو الذي يجب علينا أن نعالج به مصيبتنا، وأظن أن هذه المقدمة توحي للحاضرين جميعاً بالجواب إشارةً وستتأيد هذه الإشارة بصريح العبارة.

فأقول: يبدو من هذا التسلسل التاريخي و المنطقي في آنِ واحدِ أن الله عز وجل إنما نصر المؤمنين الأولين؛ الذين كان عددهم قليلاً جداً بالنسبة للكافرين والمشركين جميعاً من كل مذاهبهم ومللهم، إنما نصرهم الله تبارك وتعالى بإيمانهم.

إذاً ما كان العلاج أو الدواء يومئذٍ لذلك العداء الشديد الذي كان يحيط بالدعوة هو نفس الدواء ونفس العلاج الذي ينبغي على المسلمين اليوم أن يتعاطوه؛ لتحقيق ثمرة هذه المعالجة كما تحققت ثمرة تلك المعالجة الأولى، والأمر كما يقال: التاريخ يعيد نفسه؛ بل خير من هذا القول أن نقول إن الله عز وجل في عباده وفي كونه الذي خلقه ونظّمه وأحسن تنظيمه له في ذلك كله- سنن لا تتغير ولا تتبدل ( سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً )

هذه السنن لابد للمسلم أن يلاحظها، وأن يرعاها حق رعايتها. وبخاصةٍ ما كان فيها من السنن الشرعية. هنالك سنن شرعية وهنالك سنن كونية. وقد يقال اليوم- في العصر الحاضر- سنن طبيعية، هذه السنن الكونية الطبيعية يشترك في معرفتها المسلم و الكافر، و الصالح والطالح بمعنى؛ ما الذي يقوّم حياة الإنسان البدنية ؟ الطعام والشراب والهواء النقي و نحو ذلك. فإذا الإنسان لم يأكل ،لم يشرب، لم يتنفس الهواء النقي، فمعنى ذلك أنه عرَّض نفسه للموت موتاً مادياً. هل يمكن أن يعيش إذا ما خرج عن اتخاذه هذه السنن الكونية ؟
الجواب لا: (سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا ) هذا -كما قلت آنفاً -يعرفه معرفة تجريبية كل إنسان؛ لا فرق بين المسلم و الكافر والصالح والطالح. لكن الذي يهمنا الآن أن نعرف أن هناك سنناً شرعية يجب أن نعلم أن هناك سنناً شرعية، من اتخذها وصل الى أهدافها و جنى منها ثمراتها، ومن لم يتخذها فسوف لن يصل إلى الغايات التى وُضعت تلك السنن الشرعية لها؛ تماماً - كما قلنا - بالنسبة للسنن الكونية إذا تبنَّاها الإنسان و طبقها، و صل إلى أهدافها.

كذلك السنن الشرعية إذا أخذها المسلم؛ تحققت الغاية التي وضع الله تلك السنن من أجلها – من أجل تحقيقها – و إلا فلا. أظن هذا الكلام مفهوم و لكن يحتاج إلى شئٍ من التوضيح، وهنا بيت القصيد وهنا يبدأ الجواب عن ذاك السؤال الهام. كلنا يقرأ آية من آيات الله عز وجل بل إن هذه الآية قد يُزيّن بها صدور بعض المجالس أو جدر بعض البيوت وهي قوله تعالى {إن تنصروا الله ينصركم } [2] -لافتات - توضح وتكتب بخط ذهبي جميل رُقعي أو فارسي 000إلى آخره، وتوضع على الجدار، مع الأسف الشديد هذه الآية أصبحت الجدر مزينة بها، أما قلوب المسلمين فهي خاوية على روشها، لا نكاد نشعر ما هو الهدف الذي ترمي إليه هذه الآية {إن تنصروا الله ينصركم} ولذلك أصبح وضع العالم الإسلامي اليوم في بلبلة وقلقلة لا يكاد يجد لها مخرجاً، مع أن المخرج مذكور في كثير من الآيات، وهذه الآية من تلك الآيات، إذا ما ذكّرنا المسلمين بهذه الآية فأظن أن الأمر لا يحتاج إلى كبير شرح وبيان وإنما هو فقط التذكير و { الذكرى تنفع المؤمنين}.

كلنا يعلم –إن شاء الله – أن قوله تبارك وتعالى {إن تنصروا الله} شرطٌ، جوابه {ينصرْكم} إن تأكل إن تشرب إن إن... الجواب تحيا، إن لم تأكل إن لم تشرب، ماذا؟ تموت ؟.

كذلك تماماً المعنى في الآية {إن تنصروا الله ينصركم} المفهوم - وكما يقول الأصوليون - : مفهوم المخالفة، إن لم تنصروا الله لم ينصركم؛ هذا هو واقع المسلمين اليوم.
توضيح هذه الآية جاءت في السنة في عديد من النصوص الشرعية، وبخاصةٍ منها الأحاديث النبوية. {إن تنصروا الله} معلوم بداهة أن الله لا يعني أن ننصره على عدوه بجيوشنا وأساطيلنا وقواتنا المادية؛ لا ! إن الله عز وجل غالب على أمره، فهو ليس بحاجة إلى أن ينصره أحد نصراً مادياً – هذا أمر معروف بدهياً – لذلك كان معنى {إن تنصروا الله} أي إن تتبعوا أحكام الله، فذلك نصركم لله تبارك وتعالى.

والآن هل المسلمون قد قاموا بهذا الشرط ؟ قد قاموا بهذا الواجب –أ
ولاً ؟ ثم هو شرط لتحقيق نصر الله للمسلمين – ثانياً -؟
الجواب: عند كل واحدٍ منكم، ما قام المسلمون بنصر الله عز وجل. وأريد أن أذكر هنا كلمةً؛ أيضاً من باب التذكير وليس من باب التعليم، على الأقل بالنسبة لبعض الحاضرين. إن عامة المسلمين اليوم قد انصرفوا عن معرفتهم، أو عن تعرفهم على دينهم ،- عن تعلمهم لأحكام دينهم -، فأكثرهم لا يعلمون الإسلام، وكثيرٌ أو الأكثرون منهم، إذا ما عرفوا من الإسلام شيئاً، عرفوه ليس إسلاماً حقيقياً؛ عرفوه إسلاماً منحرفاً عمّا كان عليه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه. لذلك فنصر الله الموعود به من نصر الله يقوم على معرفة الإسلام أولاً معرفةً صحيحة، كما جاء في القرآن والسنة، ثم على العمل به

– ثانياً -، وإلا كانت المعرفة وبالاً على صاحبها، كما قال تعالى: {يا أيها الذين أمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون} [3]. إذاً نحن بحاجة إلى تعلم الإسلام ،وإلى العمل بالإسلام.

فالذي أريد أن أذكّر به - كما قلت آنفاً - هو أن عادة جماهير المسلمين اليوم أن يصبّوا اللوم كل اللوم بسبب ما ران على المسلمين قاطبةً من ذلٍ وهوان على الحكام، أن يصبوا اللوم كل اللوم على حكامهم الذين لا ينتصرون لدينهم، وهم - مع الأسف - كذلك؛ لا ينتصرون لدينهم، لا ينتصرون للمسلمين الُمَذلّين من كبار الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم، هكذا العُرفُ القائم اليوم بين المسلمين ! صب اللوم كل اللوم على الحكام، ومع ذلك ! أن المحكومين كأنهم لا يشملهم اللوم الذي يوجهونه إلى الحاكمين ! والحقيقة أن هذا اللوم ينصب على جميع الأمة حكّامًا، و محكومين. و ليس هذا فقط بل هناك طائفة من أولئك اللائمين للحكام المسلمين بسبب عدم قيامهم بتطبيق أحكام دينهم، و هم محقون في هذا اللوم ،ولكن! قد خالفوا قولة تعالى {إن تنصروا الله}. أعني نفس المسلمين اللائمين للحاكمين حينما يخصونهم باللوم قد خالفوا أحكام الإسلام؛ حينما يسلكون سبيل تغيير هذا الوضع المحزن المحيط بالمسلمين بالطريقة التى تخالف طريقة الرسول صلى الله عليه و على آله و سلم. حيث إنهم يعلنون تكفير حكام المسلمين- هذا أولاً - ! ثم يعلنون وجوب الخروج عليهم -!

ثانياً - ! فتقع هنا فتنة عمياء صماء بكماء بيد المسلمين أنفسهم؛ حيث ينشق المسلمون بعضهم على بعض فمنهم هؤلاء الذين أشرت إليهم الذين يظنون أن تغيير هذا الوضع الذليل المصيب للمسلمين إنما تغييره بالخروج على الحاكمين، ثم لا يقف الأمر عند هذه المشكلة، وإنما تتسع وتتسع حتى يصبح الخلاف بين هؤلاء المسلمين أنفسهم ! ويصبح الحاكم في معزلٍ عن هذا الخلاف.

بدأ الخلاف من غلوّ بعض الإسلاميين في معالجة هذا الواقع الأليم أنه لابد من محاربة الحكام المسلمين لإصلاح الوضع !، وإذا بالأمر ينقلب إلى أن هؤلاء المسلمين يتخاصمون مع المسلمين الآخرين الذين يرون أن معالجة الواقع الأليم ليس هو بالخروج على الحاكمين، وإن كان كثيرون منهم يستحقون الخروج عليهم ! بسبب أنهم لا يحكمون بما أنزل الله؛ ولكن هل يكون العلاج –كما يزعم هؤلاء الناس – هل يكون إزالة الذي أصاب المسلمين من الكفار أن نبدأ بمحاكمة الحاكمين في بلاد الإسلام من المسلمين ؟– ولو أن بعضهم نعتبرهم مسلمين جغرافيين كما يقال في العصر الحاضر – هنا نحن نقول: أوردها سعدٌ وسعدٌ مشتملْ ما هكذا يا سعدُ تُورَد ُالإبلْ.

مما لا شك فيه أن موقف أعداء الإسلام أصآلةً وهم اليهود والنصارى والملاحدة من خارج بلاد الإسلام؛ هم أشد بلا شك ضرراً من بعض هؤلاء الحكام الذين لا يتجاوبون مع رغبات المسلمين أن يحكموهم بما أنزل الله فماذا يستطيع هؤلاء المسلمون ؟ وأعني طرفاً أو جانباً منهم وهم الذين يعلنون وجوب محاربة الحاكمين من المسلمين، ماذا يستطيع أن يفعل هؤلاء لو كان الخروج على الحكام واجباً قبل البدء بإصلاح نفوسنا نحن ؟!.

كما هو العلاج الذي بدأ به الرسول عليه السلام، إن هؤلاء لا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً إطلاقاً؛ والواقع أكبر دليل على ذلك، مع أن العلاج الذي يتبعونه –وهو أن يبدؤوا بمحاربة الحكام المسلمين! –لا يثمر الثمرة المرجوة لأن العلة - كما قلت آنفاً - ليست في الحاكمين فقط؛ بل و في المحكومين أيضاً، فعليهم جميعاً أن يصلحوا أنفسهم و الإصلاح هذا له بحث آخر قد تكلمنا عليه مراراً و تكراراً و قد نتكلم قريباً إن شاء الله عنه. المهم الآن المسلمون كلهم متفقون على أن و ضعهم أمر لا يحسدون عليه و لا يغبطون عليه ؛بل هو من الذل و الهوان بحيث لا يعرفه الإسلام، فمن أين نبدأ ؟ هل يكون البدأ بمحاربة الحاكمين المسلمين ؟! أو يكون البدأ بمحاربة الكفار أجمعين من كل البلاد ؟! أم يكون البدأ بمحاربة النفس الأمارة بالسوء ؟ من هنا يجب البدأ، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله و سلم إنما بدأ بإصلاح نفوس أفراد المسلمين المدعوّين في أول دعوة الإسلام – كما ذكرنا في أول هذا الكلام- بدأت الدعوة في مكة ثم انتقلت إلى المدينة ثم بدأت المناوشة بين الكفار و المسلمين، ثم بين المسلمين و الروم، ثم بين المسلمين و فارس.. و هكذا - !

كما قلنا آنفاً - التاريخ يعيد نفسه0فالآن المسلمون عليهم أن ينصروا الله لمعالجة هذا الواقع الأليم، وليس بأن يُعالجوا جانباً لا يثمر الثمرة المرجوة فيها، لو استطاعوا القيام بها ! ما هو هذا الجانب ؟ محاربة الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله ! هذا أولاً – كما قلت آنفاً لابد من وقفة قصيرة – غير مستطاع اليوم، أن يُحارب الحكام؛ وذلك لأن هؤلاء الحكام لو كانوا كفاراً كاليهود والنصارى؛ فهل المسلمون اليوم يستطيعون محاربة اليهود والنصارى ؟

الجواب: لا، الأمر تماماً كما كان المسلمون الأولون في العهد المكي، كانوا مستضعفين، أذلاء، محاربين، معذبين، مُقَتَّلِين لماذا ؟! لأنهم كانوا ضعفاء لا حول لهم ولا قوة، إلا إيمانهم الذي حلّ في صدورهم، بسبب إتباعهم لدعوة نبيهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ هذا الإتباع مع الصبر على الأذى هو الذي أثمر الثمرة المرجوة؛ التي نحن ننشدها اليوم، فما هو السبيل للوصول إلى هذه الثمرة ؟ نفس السبيل الذي سلكه الرسول عليه الصلاة والسلام مع أصحابه الكرام، إذاً اليوم لا يستطيع المسلمون محاربة الكفار على اختلاف ضلالاتهم، فماذا عليهم ؟ عليهم أن يُؤمنوا بالله ورسوله حقاً، ولكن المسلمين اليوم كما قال رب العالمين {ولكن أكثرهم لا يعلمون}. المسلمون اليوم اسماً وليسوا مسلمين حقاً ! أظنكم تشعرون معي بالمقصود من هذا النفي.
ولكني أذكركم بقوله تعالى: {قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون، والذين هم عن اللغو معرضون، والذين هم للزكاة فاعلون، والذين هم لفروجهم حافظون، إلا علي أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولائك هم العادون} [4] أي الباغون الظالمون. فإذا أخذنا هذه الخصال فقط، ولم نتعد هذه الآيات المتضمنة لهذه الخصال إلى آيات أخرى؛ التي فيها ذكر لبعض الصفات والخصال التي لم تُذكر في هذه الآيات، وهي كلها تدور حول العمل بالإسلام. فمن تحققت فيه هذه الصفات المذكورة في هذه الآيات المتلوه آنفاً وفي آيات أخرى؛ أولئك هم الذين قال الله عز وجل في حقهم {أولئك هم المؤمنون حقا} [5].

فهل نحن مؤمنون حقاً ؟!
الجواب: لا، إذاً يا إخواننا لا تضطربوا!
فنحن المصلين اليوم؛ - هذه الخصلة - {قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون} هل نحن خاشعون في صلاتنا ؟ أنا ما أتكلم عن فرد، اثنين، خمسة، عشرة، مائة، مائتين، ألف، ألفين.
لا. أتكلم [6] عن المسلمين على الأقل الذين يتساءلون، ما هو الحل لما أصاب المسلمين ؟ لا أعني أولئك المسلمين اللاهين الفاسقين الذين لا تهمهم آخرتهم، وإنما تهمهم شهواتهم و بطونهم لا. أنا أتكلم عن المسلمين المصلين.
فهل هؤلاء المصلون قد اتصفوا بهذه الصفات المذكورة في أول سورة المؤمنين ؟ الجواب: كجماعة، كأمة : لا.
إذاً: ترجو النجاةَ ولم تسلكْ مسالِكَها إن السفينةَ لا تجري على اليبسِ

فلابد من اتخاذ الأسباب؛ التي هي من تمام السنن الشرعية بعد السنن الكونية؛ حتى يرفع ربنا عز وجل هذا الذل الذي ران علينا جميعاً.
أنا ذكرت هذه الأوصاف من صفات المؤمنين المذكورة في أول هذه السورة، لكن هناك في الأحاديث النبوية التي نذكّر بها إخواننا دائماً، ما يُذكّر بحـال المسلمين اليوم؛ وأنهم لو تذكروا هذا الحديث كان من العار عليهم أن يتساءلوا لماذا أصابنا هذا الذل ؟! لأنهم قد غفلوا عن مخالفتهم لشريعة الله،
من تلك الأحاديث قوله عليه الصلاة و السلام: "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد في سبيل الله؛ سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم " [7]. هذا الحديث تكلمت عليه كثيراً وكثيراً جداً وبمناسبات عديدة. وإنما أنا أقف فقط عند قوله "إذا تبايعتم بالعينة".العينة : نوع من الأعمال الربوية؛ - ولا أريد أيضاً أن أدخل فيها بالذات -. فهل منكم من يجهل تعامل المسلمين بأنواع من الربا، وهذه البنوك الربوية قائمة على ساق وقدم في كل بلاد الإسلام ومعترف فيها بكل الأنظمة القائمة في بلاد الإسلام. وأعود لأقول ليس فقط من الحكام؛ بل و من المحكومين لأن هؤلاء المحكومين هم الذين يتعاملون مع هذه البنوك و هم الذين إذا نُوقشوا، و قيل لهم: أنتم تعلمون أن الربا حرام و أن الأمر كما قال عليه السلام: "درهم ربا يأكله الرجل أشد عند الله عز وجل من ستٍ وثلاثين زنية " [8] لماذا يا أخي تتعامل بالربا ؟! "بيقلك شو بدّنا نساوي – بدنا نعيش" [9] !!، إذاً العلاقة ما لها علاقة بالحكام لها علاقة بالحكام والمحكومين. المحكومون هم في حقيقة أمرهم يليق بهم مثل هؤلاء الحكام، وكما يق!
ولون "دود الخل منّه وفيه - دود الخل منّه وفيه" [10]. هؤلاء الحكام ما نزلوا علينا من المريخ !! وإنما نبعوا منّا وفينا فإذا أردنا صلاح أوضاعنا فلا يكون ذلك بأن نعلن الحرب الشعواء على حكّامنا وأن ننسى أنفسنا؛ والمشكلة منّا وفينا؛ حيث المشكلة القائمة في العالم الإسلامي.

لذلك نحن ننصح المسلمين أن يعودوا الى دينهم. وأن يطبقوا ما عرفوه من دينهم {ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله} [11]. كل المشاكل القائمة اليوم والتي يتحمس بعض الشباب ويقول ما العمل ؟! سواءٌ قلنا ما هو بجانبنا من المصيبة التي حلت بالعالم الإسلامي والعالم العربي ! وهي احتلال اليهود لفلسطين، أو قلنا محاربة الصليبين للمسلمين بإرتيريا وفي الصومال، في البوسنة والهرسك في في... إلى آخر البلاد المعروفة اليوم. هذه المشاكل كلها لا يمكن أن تعالج بالعاطفة وإنما تعالج بالعلم والعمل. {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون } [12]، {وقل اعملوا} الآن نقف عند هذه النقطة. العمل للإسلام اليوم في الساحة الإسلامية، له صور كثيرة وكثيرة جداً، وفي جماعات وأحزاب متعددة، والحقيقة أن هذه الأحزاب من مشكلة العالم الإسلامي التي تكّبر المشكلة أكثر مما يراها بعضهم. بعضهم يرى أن،المشكلة احتلال اليهود لفلسطين – أن المشكلة ما ذكرناه آنفاً، محاربة الكفار لكثير من البلاد الإسلامية وأهلها –

لا....!

نحن نقول: المشكلة أكبر وهي تفرق المسلمين. المسلمون أنفسهم متفرقون شيعاً وأحزاباً خلاف قول الله تبارك وتعالى: {ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزبٍ بما لديهم فرحون} [13]. الآن الجماعات الإسلامية مختلفون في طريقة معالجة المشكلة التي يشكو منها كل الجماعات الإسلامية، وهي الذل الذي ران على المسلمين، وكيف السبيل إلى الخلاص منه ؟

هناك طرق:
الطريقة الأولى: هي الطريقة المثلى التي لا ثاني لها، وهي التي ندعو إليها دائماً وأبداً. وهي فهم الإسلام فهماً صحيحاً وتطبيقهُ وتربية المسلمين على هذا الإسلام المصفّى، تلك هي سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ كما ذكرنا ونذكر أبداً. فرسول الله بدأ بأصحابه أن هداهم إلى الإيمان بالله ورسوله- أن علمهم بأحكام الإسلام-، وكانوا يشكون إليه ما يصيبهم من ظلم المشركين وتعذيبهم إياهم، كان يأمرهم بالصبر، يأمرهم بالصبر ! وأن هذه سنة الله في خلقه أن يُحارب الحق بالباطل وأن يُحارب المؤمنون [14] بالمشركين وهكذا، فالطريقة الأولى لمعالجة هذا الأمر الواقع هي العلم النافع والعمل الصالح. هناك حركات ودعوات أخرى، كلها تلتقي على خلاف الطريقة الأولى والمثلى والتي لا ثاني لها وهي اتركوا الإسلام الآن جانباً ! من حيث وجوب فهمه ! ومن حيث وجوب العمل به ! الأمر الأن أهم من هذا الأمر ! وهو أن نجتمع وأن نتوحد على محاربة الكفار !! سبحان الله، كيف يمكن محاربة الكفار بدون سلاح ؟! كل إنسان عنده ذرّة عقل أنه إذا لم يكن لديه سلاح مادي فهو لا يستطيع أن يحارب عدوه المسلّح، ليس بسلاح مادي بل بأسلحةِ مادية !. ف!
إذا أراد أن يحارب عدوه - هذا -المسلح وهو غير مسلح ماذا يقال له ؟ حاربه دون أن تتسلح ؟! أم تسلح ثم حاربه ؟
لا خلاف في هذه المسآله أن الجواب: تسلح ثم حارب، هذا من الناحية المادية، لكن من الناحية المعنوية الأمر أهم بكثير من هذا، إذا أردنا أن نحارب الكفار؛ فسوف لا يمكننا أن نحارب الكفار بأن ندع الإسلام جانباً؛ لأن هذا خلاف ما أمر الله عز وجل ورسوله المؤمنين في مثل آيات كثيرة منها قوله تعالى {والعصر إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} [15]. {إن الإنسان لفي خسر}. نحن بلا شك الآن في خسر. لماذا ؟! لأننا لم نأخذ بما ذكر الله عز وجل من الاستثناء حين قال: {إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}. نحن الآن نقول آمنا بالله ورسوله، ولكن ! حينما ندعو المسلمين المتحزبين المتجمعين المتكتلين على خلاف دعوة الحق – الرجوع إلى الكتاب والسنة – يقولون هذا ندعه الآن جانباً! الأمر أهم !. هو محاربة الكفار !، فنقول: بسلاح أم بدون سلاح ؟ !. لابد من سلا حين، السلاح الأول: السلاح المعنوي، وهم يقولون الآن دعوا هذا السلاح المعنوي جانباً ! وخذوا بالسلاح المادي ! ثمّ، لا سلاح مادي !! لأن هذا غير مستطاع بالنسبة للأوضاع التي نُح!
كم بها الآن؛ ليس فقط من الكفار المحيطين بنا من كل جانب؛ بل ومن بعض الحكام الذين يحكموننا ! فنحن لا نستطيع اليوم رغم أنوفنا أن نأخذ بالاستعداد بالسلاح المادي – هذا لا نستطيعه –. فنقول : نريد نحارب بالسلاح المادي ! وهذا لا سبيل إليه، والسلاح المعنوي الذي هو بأيدينا – {فاعلم أنه لا إله إلا الله} [16] – العلم ثم العمل في حدود ما نستطيع، هذا نقول بكل بساطة متناهية دعوا هذا جانباً ! هذا مستطاع ونؤمر بتركه جانباً ! وذلك غير مستطاع. فنقول : يجب أن نحارب !! وبماذا نحارب ؟! خسرنا السلاحين معاً؛ السلاح المعنوي العلمي نقول نؤجله ! لأنه ليس هذا وقته وزمانه !! السلاح المادي لا نستطيعه فبقينا خراباً يباباً ضعفاء في السلاحين المعنوي والمادي. إذا رجعنا إلى العهد الأول الأنور؛ وهو عهد الرسول عليه السلام الأول، هل كان عنده سلاح مادي ؟ الجواب، لا بماذا إذاً كان مفتاح النصر ؟ آلسلاح المادي أم السلاح المعنوي ؟ لاشك أنه السلاح المعنوي، وبه بدأت الدعوة في مثل تلك الآية {فاعلم أنه لا إله إلا الله} إذاً العلم- قبل كل شئ – إذاً بالإسلام قبل كل شئ ثم تطبيق هذا الإسلام في حدود ما نستطيع. نستطيع أن نعرف !
العقيدة الإسلامية - الصحيحة طبعاً – نستطيع أن نعرف العبادات الإسلامية، نستطيع أن نعرف الأحكام الإسلامية، نستطيع أن نعرف السلوك الإسلامي ، هذه الأشياء كلها مع أنها مستطاعة فجماهير المسلمين بأحزابهم وتكتلاتهم هم معرضون عنها؛ ثم نرفع أصواتنا عاليةً نريد الجهاد ! أين الجهاد ؟! مادام السلاح الأول مفقود والسلاح الثاني غير موجود بأيدينا ؟!!
نحن لو وجدنا اليوم جماعة من المسلمين متكتلين حقاً على الإسلام الصحيح وطبقوه تطبيقاً صحيحاً، لكن لا سلاح مادي عندهم؛ هؤلاء يأتيهم أمره تعالى في الآية المعروفة: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوةً، ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم} [17] لو كان عندنا السلاح الأول المعنوي؛ فنحن مخاطبون بهذا الإعداد المادي. فهل نحارب إذا لم يكن عندنا إعداد مادي ؟! الجواب : لا.لأننا لم نحقق هذه الآية التي تأمرنا بالإعداد المادي؛ فما بالنا، كيف نستطيع أن نحارب ونحن مفلسون من السلاحين المعنوي والمادي ؟ !. المادي الآن لا نستطيعه، المعنوي نستطيعه؛ إذاً {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها } [18]. {فاتقوا لله ما استطعتم} [19] فالذي نستطيعه الآن هو العلم النافع والعمل الصالح.

لعلي أطلت في هذا الجواب أكثر من اللازم، لكني أنا ألخص الآن فأقول:
ليست مشكلة المسلمين في فلسطين فقط - يا إخواننا-، لأنه مع الأسف الشديد من جملة الانحراف التي تصيب المسلمين اليوم؛ أنهم يخالفون علمهم عملاً ! حينما نتكلم عن الإسلام وعن الوطن الإسلامي، نقول: كل البلاد الإسلامية هي وطن لكل مسلم؛ ما في فرق بين عربي وعجمي، ما في فرق بين حجازي وأردني ومصري ....و إلى آخره، لكن هذه الفروق العملية موجودة، هذه الفروق عمليه موجودة ! ليس فقط سياسياً؛ هذا غير مستغرب أبداً، لكن موجودة حتى عند الإسلاميين !

مثلاً تجد بعض الدعاة الإسلاميين يهتمون بفلسطين؛ ثم لا يهمهم ما يصيب المسلمين الآخرين في البلاد الأخرى.
مثلاً: حينما كانت الحرب قائمة بين المسلمين الأفغان وبين السوفييت وأذنابهم من الشيوعيين، لماذا ؟!
لأن هؤلاء مثلاً ليسوا سوريين ! مصرين ! أو ما شابه ذلك. إذاً المشكلة الآن ليست محصورة في فلسطين فقط؛ بل تعدت إلى بلاد إسلامية كثيرة فكيف نعالج هذه المشكلة العامة ؟ بالقوتين المعنوية والمادية، بماذا نبدأ ؟

نبدأ قبل كل شيء بالأهم فالأهم وبخاصة إذا كان الأهم ميسوراً؛ وهو السلاح المعنوي – فهم الإسلام فهماً صحيحاً وتطبيقه تطبيقاً صحيحاً ثم السلاح المادي إذا كان ميسوراً. اليوم - مع الأسف الشديد –؛ الذي وقع في أفغانستان.... الأسلحة التي حارب المسلمون – الأسلحة المادية – التي حارب المسلمون بها الشيوعيين هل كانت أسلحة إسلامية ؟ الجواب: لا.
كانت أسلحة غربية، إذا نحن الآن من ناحية السلاح المادي مستعبدون؛ لو أردنا أن نحارب وكنا أقوياء من حيث القوة المعنوية، إذا أردنا أن نحارب بالسلاح المادي فنحن بحاجة إلى أن نستورد هذا السلاح؛ إما بالثمن وإما بالمنحة أو شيء مقابل شيء ! كما تعلمون السياسة الغربية اليوم على حدّ المثل العامّي: "حكّلّي لحكّلّك"! يعني أي دوله الآن حتى بالثمن لا تبيعك السلاح إلا مقابل تنازلات. تتنازل أنت أيها الشعب المسلم مقابل السلاح الذي تدفع ثمنه أيضاً فإذاً يا إخواننا الأمر ليس كما نتصور عبارة عن حماسات وحرارات الشباب وثورات كرغوة الصابون تثور ثم تخور في أرضها لا أثر لها إطلاقاً !. أخيراً أٌقول {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله..} إلى آخر الآية.
لكن أكرر أن العمل لا ينفع إلا إذا كان مقروناً بالعلم النافع؛ والعلم النافع إنما هو قال الله قال رسول الله كما قال إبن القيم رحمه الله:


العلم قال الله قال رسولـــــهُ*** قال الصحابةُ ليس بالتمويــــهِ
ما العلمُ نصبَكَ للخلاف سفاهــةً*** بين الرسولِ وبين قولِ سفيــــهِ
كلا ولا جحد الصفات ونفيــها*** حذرا من التعطيل التشويـــــهِ


مصيبة العالم الإسلامي مصيبة أخطر – وقد يستنكر بعضكم هذا الذي أقوله !-مصيبة العالم الإسلامي اليوم أخطر من احتلال اليهود لفلسطين ! مصيبة العالم الإسلامي اليوم أنهم ضلـوا سواء السبيل. أنهم ما عرفوا الإسلام الذي به تتحقق سعادة الدنيا والآخرة معاً. وإذا عاش المسلمون في بعض الظروف أذلاء مضطهدين من الكفار والمشركين وقتّلوا وصلّبوا ثم ماتوا فلا شك أنهم ماتوا سعداء ولو عاشوا في الدنيا أذلاء مضطهدين. أما من عاش عزيزاً في الدنيا وهو بعيد عن فهم الإسلام كما أراد الله عز وجل ورسوله فهو سيموت شقياً وإن عاش سعيداً في الظاهر.

إذاً بارك الله فيكم: العلاج هو فرّوا الى الله ! العلاج فرّوا الى الله ! فرّوا الى الله تعني أفهموا ما قال الله وقال رسول الله واعملوا بما قال الله وما قال رسول الله. وبهذا أنهي هذا الجواب.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.
ابو صالح
ابو صالح
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 1757
تاريخ التسجيل : 29/04/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 واجب المسلمين أمام مصيبة العالم الإسلامي Empty رد: واجب المسلمين أمام مصيبة العالم الإسلامي

مُساهمة  عاشقة السماء السبت أغسطس 31, 2013 2:01 am

أكرمك الله أخي أبو صالح، وثبت الله أقدامنا وإياكم على الطريق المستقيم

ورحم الله الشيخ الألباني، فقد فارق الدنيا منذ العام 1999، وكان في الأمة وقتها لا يزال بضعاً من نبض، ولم يكن قد وصل بها التغريب والتردي إلى ما باتت عليه اليوم، وكيف لوعيها أن يتحرر وقد أسر أو قيد دعاتهم الربانيين.

ولكوننا نتكلم في مسألة غاية في الأهمية، وتخضع لقواعد شرعية لا تحابي بشر ولا تحيد، ولكون هناك من تابع على كلام الشيخ الألباني رحمه الله، ووظفه انتصاراً لموقفه، اقتبس من مقال للشيخ أبو قتادة الفلسطيني -أكرمه الله وفك أسره- الذي عنونه:

نظرة جديدة في الجرح والتعديل ؛ الألباني

من نافلة القول أن نذكّر الإخوة أن الشيخ الألباني هو هو، حيث بارك الله تعالى بجهوده في خدمة السنّة المظفّرة، فانتشر بين طلبة العلم منهج النّقد في علم الحديث، وتوقّف المسلم عن الجرأة على سوق الأحاديث على هناتها دون تمحيص أو مراجعة، ثمّ حصل من الخير ما يلاحظ من تسهيل نوال السنة النبوية بين يدي المسلمين عامّة وخاصة، حيث قُرِّبت السنة ومصادرها، فصار التّعامل مع كتب الحديث النبوي مباشرة، فذهبت تلك العصور التي كان يُنظر فيها إلى كتب الحديث أنها كتب السّر، أو ما يسمّى بكتب البركة، لا تخرج من مكانها إلا من أجل قراءة طلب الأجر، لا من أجل العلم والعمل والإتّباع، كل هذه الثّمرات وغيرها مثل محاربة التقليد والتّعصّب المذهبيّ، كان للشيخ ناصر الألباني اليد الطولى في نشره وبثّه، وهذا يستدعي منّا أن ندعو له في خلواتنا، وأن نشكر له فضله بألسنتنا وقلوبنا. فجزاه الله عن المسلمين خير الجزاء. ولا يشكر الله من لم يشكر الناس، والشيخ ناصر الألباني من خيار الناس في هذا الزمان.

ولمّا كان الشيخ ناصر من العلماء، ومن أهل السنّة، بل من مقدّميهم، وكان ممّن ينظر إليه ليُقتدى به، كان من الواجب على من عرف مزالق الشيخ، أو وقع له على أخطاء يخاف منها أن تصبح ديناً يُتّبع، أو منهجاً يُسلك أن ينبّه عليها، أو يَكشف عنها أداء لأمانة التّبليغ، وقياماً بحقّ هذا الدين على كل مسلم، وليس هذا من كشف العورات، ولا من فضح المخبوء، لا والله، بل هو من واجب البيان الذي أمر الله تعالى به، وهو دلالة صحة في هذه الأمة، وعندما يأتي الوقت (ونحن نعيش فيه) الذي يصبح فيه الأشخاص أوثاناً، فيَحرُم الاقتراب منه، وعندما يقدَّس الرجال على حساب الفكرة، فحينئذٍ تكون هذه علامة شرٍّ في هذه الأمة، ودلالة سوء تنذر بضياع دين الله تعالى، وللذّكر فالعبد لله كاتب هذه السّطور لا يُحزنه ولا يُغضبه أن يغضب أهل التّقليد، أو أن تحمرَّ أنوفُ من يعبد الذوات البشرية والرموز، لا والله بل يُفرحه أشدّ الفرح، ويرجو من الله أن لا يضيع أجره ولا يخيب ظنه..

وأمّا الخطاب الشّنيع فهو زعمه أنّ أعمال جماعات الجهاد هي خطأ لأنّها لم تقع من رسول الله صلّى الله عليه وسـلّم إلاّ في العهد المدني، وكان في ذلك إشارة إلى أننا نعيش الآن في العهد المكّي وهي لا تجوز لنا، وهذا ينفي حقيقة كمال الدين وتمامه وأنّه لا يجوز للمسلم أن يعمل إلا بما كان عليه رسـول الله صلى الله عليه وسلم زمن الاستضعاف، ومجرّد تصوّر هذا القول كاف لإبطاله وردّه...

ما يهمّنا في هذا الباب مناقشة موضوع التصفية والتربية كأسلوب يختطه المسلم من أجل التغيير نحو إقامة الدولة الإسلامية المنشودة، وقبل أن نناقش هذا الموضوع من وجهة نظر صحيحة، فإننا لا بدّ من أن نقدّم بمقدّمات يسيرة تكشف للقارئ بعض الجوانب:

1 -
ما زال الخطاب عند الشيخ ناصر والتيار المؤيّد له يرى في قضية توصيف الواقع مرتبط أهمّيته في النظر إلى شخص الحاكم والخلاف فيه، فالشيخ إلى الآن لم يخرج منه ما يحدد هذا الباب سوى أنّه يجعل قضية الحكم بما أنزل الله تعالى واستبدال الشريعة قضيّة تحاج إلى قرينةٍ أخرى للحكم على الحاكم بكفره، هذه القرينة هي الاستحلال.

وهذا كلام قاله منذ القديم حين علّق على شرح الطحاوية، وجعل الواقع الذي تعيشه الحكومات ورجالها هو قضية الخلاف الحاصل قديماً بين العلماء، وهي بأنّ الحاكم إذا حكم في واقعة، أو وقائع، بغير ما أنزل الله بغير استحلال لذلك هو عاص، وأنّه إذا استحلّ كَفَر وخرج من الملّة، ومع أنّ هذا القول هو قول قديم له إلاّ أنّه ما زال يكرّره في أشرطته، ويُنزله على الواقع المعاصر، بحيث يقسّم الحكّام المعاصرين في الدول الكافرة إلى قسمين:

أ )
قسم كافر ومرتد، وهذا المستحل للحكم بغير ما أنزل الله.

ب) قسم آخر لم يكفر كفرا صريحاً، لأنه لم يثبت عليه شرط الاستحلال.

وهذا القول قولٌ غريب من جهة الشرع، وغريب من جهة تصوّر الواقع المعاصر على هذه الصِّفة، فإن الواقع المعاصر يدلّ على أن هؤلاء الحكّام وطوائفهم شَرعوا للنّاس أحكاماً جديدة، وقد أجمع الأوائل من أئمّتنا على أن مطلق التّشـريع على خلاف الشّريعة هو كفر وردّة، وممّن ذكر الإجماع الإمام الشاطبي - رحمه الله - في الاعتصام ودليله قوله تعالى: {ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم الله عليه وإنّه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنّكم لمشركون}. فقد فرّق الشّارع بين مستويين من المعصية:

المستوى الأول: هو أكل الميتة فجعله فسقاً.

المستوى الثاني: طاعة الطاغوت في القول بحِل أكل الميتة، فجعله شِركاً.

وعلى هذا فإنّ المشرّع على خلاف شريعة الرحمن هو كافرٌ ومرتد، ولو اشترطنا في حقّه الاستحلال، فإن تشريعه هو استحلال لذلك، فلو أنّ رجلاً قال للناس أحللت لكم الميتة، لكان طاغوتاً كافراً، ومن أطاعه كذلك، وهذا خلاف من أكل لحم الميتة وهو يعتقد حرمتها. ولذلك جعل الشيخ محمّد بن إبراهيم آل الشيخ في رسالته "تحكيم القوانين" أنّ مِن أعظم أنواع الشّرك الأكبر هو مجرّد أن يفتح الحاكم للنّاس محاكم تحكم بغير الشّريعة الإسلامية، وعلى هذا فإنّه إن جاز للأوائل التّفريق بين حاكمٍ مُستحل وآخر غير مستـحل (وهي مسألة مختلف فيها أصلاً) إلاّ أنّه لا يجوز أن يختلف النّاس عليها الآن، وأنّ واقعنا هو في مسائل لا ينتطح فيها عنزان كما يُقال.

2 - ما يزال الشّيخ يرى أنّ قضية تكفير الحاكم مسألة لا أهمّية لها، ويجب أن لا تُشغلنا ولا تشغل بال الشّباب المسلم، فإنّه كثيراً ما يسأل عن الحكّام وكُفرهم فيكون جوابه: وماذا يفيدنا تكفير الحكام وعدم تكفيرهم؟ وقوله هذا خطأ بيّن، لأنّ هذه المسألة لا تُعدُّ تَرَفاً فِكريّاً، وليست هي من المسائل التصوّريّة التي لا تفرز واقعاً وسلوكاً وعملاً، لا بل هي مسألة مهمّة جدّاً في حياة النّاس، فإنّ المرء حين يعتقد كفر هذا الحاكم، ثم جمع هذا الحاكم حوله طائفة وجماعة تدافع عن هذا الكفر وتحميه بالشّوكه والسّلاح، فإنّ الواجب على المسلم أولاً أن يعلن براءته من هذا الحاكم وجنده، لأنّه من أقسام الطاغوت التي أمرنا الله باجتنابها، ثمّ هناك حُكم شرعيّ عملي معلّق بهذا التصوّر، وهو أن الحاكم إذا كفر وجب الخروج عليه بالإجماع، ولا يجوز للمسلمين أن يقبلوا به، أو يطيعوه، بل عليهم أن يسعوا بكلّ جهودهم وطاقتهم لإسقاطه واستبداله، ولذلك نرى الكثير ممّن حول الشيخ لا يأبهون بمثل هذه الأمور، فتجد أحدهم صار معاوناً للحاكـم أو داخلاً في طائفته، ولا يُنكر عليه من قبل هذا الفكر، فمثلاً محمّد إبراهيم شقرة وهو رجل مقرب من الشّيخ ناصر، هذا الرجل يعمل مستشاراً لوليّ عهد الطاغوت في الأردن، وهو لا يرى بأساً بموالاة هذا الحاكم والدّخول في نظامه وطائفته....

ثم إنّ المعتقدين بإسلام هؤلاء الحكّام وأنّهم لم يخرجوا من دين الله تعالى يرى أنّ جماعات الجهاد التي تسعى جاهدة في مجاهدة هؤلاء الطواغيت واستبدالهم هم أهل فتنة وضلال، بل ينبزونهم بأنّهم من فكرِ الخوارج، بل لا يتورّعون في تسميتهم بأسماء أطلقها الكفّار عليهم كجماعات العنف، أو الإرهابيين، بينما يعتقد من آمن بكفر هؤلاء الحكّام أنّ من دخل في طاعة هؤلاء الحكّام ووالاهـم هو إمّا كافرٌ مرتد أو جاهل بحقيقة الواقع، لكنّ جهله هذا لا يمنع من دخوله في مسمّى الطائفة الممتنعة التي أجمع العلماء على قتالها كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية.

وعلى هذا فإن الخلاف في تكفير هذا الحاكم وعدم تكفيره هو مسألة مهمّة ينبغي أن ينظر إليها بعين الأهمّية، وخاصّة حين يكون كفره متعدّياً إلى غيره كما هو واقع الآن، فإنّ كفر الحاكم ليس مقصوراً عليه في مسألة اعتقادية، بل هو في مسألة متعدِّية، وهي إجبار الناس على الدخول في أحكام المشركين، وإجبارهم على التّقاضي إلى الطّاغوت، ثمّ إنّ السّكوت على هذا الأمر أوقع الناس في بلاءٍ عظيم شديد، وهو أنّ هؤلاء الحكّام فرضوا من الأنظمة والقوانين الكافرة وأجبروا النـّاس الاحتكام إليها، ثمّ عَمِلوا بكلِّ جهودهم على تسهيل خروج الناس من دين الله تعالى، فإنّهم حسّنوا للنّاس الكفر والعلمانية، وصوّروا لهم أنّ حسن المعيشة وطيب الحياة لا يقع إلا بولوجهم في المعاصي كالرّبا والزنا وشرب الخمر، وعلى هذا فإنّ الكثير من الدول عاد أهلها إلى الجاهليّة الأولى، حيث ترك الناس آخر حلقة تربطهم بالإسلام وهي الصلاة، وهذا كلّه لم يقع إلا بسبب هذه الطوائف الحاكمة، والسّكوت عليها.

إنّ الواجب على العلماء والدعاة أن يدرسوا هذه المسألة دراسة واعية، ويتجرّدوا في البحث وصولاً إلى الحقّ، وما أظنّ أن تكون هذه المسألة (مسألة تكفير الحاكم) هي من المسائل المتشابهة التي يجوز فيها الخلاف، لأنّها متعلِّقة بالأصول العظيمة التي أبان الشارع أمرها حقّ البيان، وليست هي بأقل أهمية من أحكام الجنائز وغيرها، بل هي فيصل الصّدق بين الإيمان بالله والإيمان بالطاغوت، بل بين قتال المؤمنين في سبيل الله وبين قتال جند الطاغوت في سبيل الشيطان ودين الملك.

ثمّ ألا تستحق هذه المسألة أن تبحث كمسألة تحتاج إلى تصفية ما علق بها من شوائب فكر الإرجاء المنحرف، وتصفية إرادة المسلم من فكر الصوفيّة المهترئ؟.

كيف فهم السّلف شعار التّصفية والتربية؟

من المعلوم عقلاً وشرعاً أنّ كل فعل يحتاج المرء لتحصيله لا بدّ أن يسلك له طريقاً سننيّاً محدّداً ومعلوماً، ولا بد من أن يكون هناك رابط بين السبب والمسبّب، وهذا الرابط حين يكون قدرياً يكون شرعياً، وحين يكون شرعياً يكون قدريّاً، والمسألة تبدأ بتحديد المراد وتبيّنه ثمّ بمعرفة الأسباب الشرعيّة الصّحيحة الموصلة لهذا المراد، فهي تبدأ علماً ورغبةً ودراسة وفقها، ثمّ إنّه إذا قوي الداعي لتحصيل المطلوب بدأ المرء بتجميع هذه الأسباب والاستكثار منها، مع إزالة العوائق والتقليل منها، وحينها يشرع المرء في السير السنني الصحيح لتحصيل المراد والمطلوب.

في التاريخ الإسلامي، ولعوامل سننيّة دخل على المسلمين ما دخل على الأمم السّابقة، حيث دخلت علينا الخرافة واستقرّت في أذهاننا وصارت منهجاً متّبعاً في تفسير أحداث الحياة والكون، وإذا وجد في المسلمين من تكلّم عن توحيد الشرع، وبيّن مدى الانحراف الذي وصلت إليه الأمّة، ثم حاول المرّة تلو المرّة في ردّها إلى الطريق الصحيح - مع أنّه لا تزال تعاني مرض الإرجاء الخبيث - إلاّ أنّ توحيد القدر لا يزال وإلى الآن يعاني ضعفاً شديداً، دراسةً وفهماً، فعامّة النّاس ومنهم قادة الجماعات ما زالوا يفسّرون الأحداث عن طريق حركة الغيب الجبرية دون أيّ اهتمام بالعوامل السننية القدرية، مع أن المرء لا يمكن أن يجرّد توحيد القدر تجريداً صحيحاً إلاّ بعد أن يفهم توحيد الشرع ويعمل به حقّ العمل.

ولتفسير ذلك نقول: من المعلوم أنّ مراد توحيد الشرع هو تحصيل التقوى، والتقوى هي: امتثـال الأوامر الشرعية لتحقيق الوعود الإلهية، والأوامر الشرعية هي أسباب قدرية، وعلى هذا فإن الله أمر بالكسب، (فهو أمرٌ شرعي وسبب قدري) وبه يتحقق الكفاف، والذي هو (وعد إلهي).

وقد أمر الله تعالى بالجهاد فهو أمرٌ شرعي وسببٌ قدري وبه يتحقّق النّصر، وهو وعدٌ إلهي، فالوعد الإلهي لا يقع إلاّ بفعلٍ بشريّ على الوجه الصحيح، ويثبت الوجه الصحيح عن طريق الحكم الشرعي والحكم القدريّ، إذا فهمنا هذا وقلبنا القاعدة فإنّ المخالفات الشرعيّة، وهي ضدّ التقوى (والمخالفات تكون بالترك، أو بعمل الخطأ) تتحقق بها عقوبات إلهية، والمخالفات الشّرعية هي أسبابٌ قدريَّة.

ولو أردنا أن نمثّل الأمر عن طريق الخطوط فيكون كالتالي:

(1) القاعدة الأولى:
أوامر شرعية <--> التقوى <--> أسباب قدرية
وعود إلهية (أقدار).

(2) القاعدة الثانية: مخالفات شرعية <--> المعاصي <--> أسباب قدرية
عقوبات إلهية (أقدار).

وهاتان القاعدتان هما قانونا الدنيا والآخرة.

إذاً لا بدّ أن نحدد المطلوب ثمّ نعرف سبب تحقيقه وكيفية الوصول إليه ثمّ نعمل بهذه الأسباب ونجدّ بها للوصول إلى المُراد.

وهذا أمرٌ يقع على كل أمر، وفي جميع أطوار الحياة.

ولمّا دخلت عقيدة الإرجاء الباطلة (وهي لا تعطي قيمة للأمر الشرعي، بل هي ترى القيمة الأولى والأخيرة للعلم والتصديق) وتآخت هذه العقيدة مع عقيدة الجبر (وهي كذلك لا تعطي قيمة للعمل السنني، بل ترى أن الحياة تُسيّر بطريقة غيبيّة مطلقة) أفرزتا في المسلمين طرقاً ومناهج في فهم الأمور وطرُقِ تحصيلها، فجاءت العقيدة الصّوفيّة واستغلّت ذلك كلّه (والصوفيّة تقوم على المنهج الغنوصي العرفاني الذي يقوم على تفسير الأمور تفسيراً باطنيّاً - يزعمونه غيبيّاً - ويستمدّ رؤاه من الكشف والجذبة وحقيقتهما الجنون) ولإصـباغ النظر الصّوفي صبغة إسلامية شرعية فلا بدّ من خلط الأمور بأسماء شرعيّة ولكن على الحقائق الكـاذبة، فمثلاً لو سألت رجلا (عارفاً، وليّاً، صوفيّاً) عن الطريقة المثلى لتحقيق النّصر على الأعداء لأجابك بنفس مطمئنّة أنّ الطريق الصحيح هو قيام الليل أو صوم النهار، وهو بهذا يستخدم معك سيـف اللفظ الشرعي، وبه يمنعك من الاستهزاء والرّفض، فإنَّ قيام الليل أمرٌ عظيم في دين الله، ولكن ليس بقيام الليل يتحقّق النصر، ولا بصوم النهار يتحقّق كذلك، بل الواجب على أمير الجيش أن يأمر المقاتلين بعدم السّهر ومنه قيام الليل، ويحضّهم على الإفطار تقوية لأبدانهم، فليس كلّ أمرٍ شـرعي يصلح أن يكون سبباً شرعياً وقدرياّ لأي وعدٍ إلهي، بل لا بدّ من التوافق الشرعي والقدري بين السبب والمسبّب.

إذاً القضيّة التي يجب تجليتها هي قضيّة كليّة متعلّقة بتصحيح مفهوم النّاس حول واقعهم ثمّ السير بهم نحو أهدافهم.

نعم هناك ما هو جزئي يعين هذا الكلّي ويجلّيه وهو بيان ضلال وفساد ما وضع في الشريعة من أحاديث مكذوبة وضعيفة.

وعلى هذا فشعار التصفية والتربية لا يكون له قيمة أبداً إذا لم نحدّد ماذا نريد، وهو الذي يسبقه حتماً ولزوماً وصفاً حقيقياً لواقعنا الذي نعيشه ونحياه.

وهنا أجدني مضطراً لنقل ما قاله الأخ إبراهيم العسعس في كتابه الجريء "السلف والسلفيّون رؤية من الداخل" ليخدم هذا الموضوع، يقول: "كيف سيستأنف السلفيّون الحياة الإسلامية؟".
يقول: "وقبل (كيف) هذه، هناك سؤال ينبغي أن يسبقها وهو: هل يفكّر السلفيون في هذا الموضوع؟ وما هو حجم الحيّز الذي تشغله هذه القضية من اهتماماتهم؟". ثمّ يتابع: "كانت بداية السّلفية المعاصرة بداية علمية، تدعو إلى مجموعة من الأصـول المعلومة، وجهدهم الذي تعلّق بالواقع انصبّ على محاربة المذهبية، والشرك المتعلق بالقبور والرقى والتمائم، والبدع العملية المنتشرة في الأمّة، ولم يكن لهم جهدٌ ولم يزالوا كذلك، يتعلق بالواقع العام للأمّة، ولم يطرقوا من توحيد الألوهية ما يتعلّق بالحاكميّة والتشريع، بل إنّ رموز السلفية يفتخرون بعدم وجود علاقة لهم بالسياسة، ففي نظرهم أن السلفية كلمة تنفي بمعناها المتبادر منها، أي معنى يدل على حركة سياسية".

ثم يقول: "إنّ المتتبّع لرسائل (الدعوة السلفية) يجد أمراً جديراً بالملاحظة، وهو أنّ استئناف الحياة الإسلامية لم يكن من ضمن أهدافهم التي اعتادوا ذكرها على الغلاف الأخير لرسائل الدعوة السّلفية، ثمّ منذ سنوات درجوا على ذكرها، استجابة - كما يبدو - لضغط التيّار الإسلامي الذي يدعو إلى استئناف الحياة الإسلامية، فأضافوها مجاملة ورفعاً للعتب". ويقول بعد ذلك: "الآن قطاعٌ كبير من الشّباب السلفي بدأ ينتبه إلى واقعه ولزوم تغـيره بعد أن وجد أنّه قضى ردحاً من عمره مهتمّا بواقع الأئمّة (أي القدماء)"، ثمّ يتابع: "أمن أجل هذا بدأت ألسِنة البعض تجلدهم، وأقلامهم تطعنهم؟"، ويتساءل قائلاً: "لحساب من يراد من السلفيّة أن تقبع في القبور؟ ولحساب من يراد من السلفية أن تتحول إلى دار نشر توظّف مجموعة من الكتبة الذيـن يحترفون تحقيق رسائل، جهلها لا يضر، وعلمها لا ينفع، رسائل لا يخرج تداولها - عند التدقيق - عن كونه تجارة ورق؟ لحساب من يراد للسلفية أن تبقى محصورة في تصفية الأحاديث؟ وإلى متى؟ لحساب من توضع الأيدي على آيات توحيد الإلهية، ويهمل شرك الحاكمية، ويسكت عن الطاغوت، بل ويوالى ويحبّ ويمدح؟".

ثم يقول: أسئلة مشروعة تحتاج لإجابات واضحة وتقتضي من الإخوة السلفيين لحظة تأمّل لعلنا وإياهم نحيي منهجاً للسّلف اندرس، ونسير في طريق لأهل السنّة انطمس، ولعلّنا وإيّاهم نحيي سنّةً لرسول الله صلى الله عليه وسلّم في عداوة الطاغوت ونصر التوحيد. اهـ.

نعم صدق الأخ إبراهيم، ونعم ما قال، وكتابه هذا جدير بالقراءة والدّراسة وهو يدل على أن الشباب السلفي أتقن القواعد وصار يستخدمها مع درجة عالية من الفهم لواقعه، وما أظنّ شيوخ المنهج يضرّهم أو يغضبهم أن ينطلق تلاميذهم يعيداً عنهم نحو الأمام وبالاتّجاه الصحيح، لأنّ المنهج نفسه يدعو لهذا وينصره ويريده، وقد كان الشيخ ناصـر كثيراً ما يدعو تلاميذه لمراجعته ومناقشته وينهاهم عن تقليده أقول هذا الكلام مع خشيتي على المنهج السلفي من اللصوص، وقطّاع الطّرق من أن يسرقوا جوهره، ويحوّروا حقيقته، وما هذه الورقات التي كتبتها عن الشيخ إلا محاولة لتطبيق المنهج ولتصحيح المسار لأن المنهج أهمّ وأولى من كلّ المصالح.

عاشقة السماء
عاشقة السماء
إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ

عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 واجب المسلمين أمام مصيبة العالم الإسلامي Empty رد: واجب المسلمين أمام مصيبة العالم الإسلامي

مُساهمة  ابو صالح السبت أغسطس 31, 2013 6:44 am

عاشقة السماء كتب:
أكرمك الله أخي أبو صالح، وثبت الله أقدامنا وإياكم على الطريق المستقيم


وأمّا الخطاب الشّنيع فهو زعمه أنّ أعمال جماعات الجهاد هي خطأ لأنّها لم تقع من رسول الله صلّى الله عليه وسـلّم إلاّ في العهد المدني، وكان في ذلك إشارة إلى أننا نعيش الآن في العهد المكّي وهي لا تجوز لنا، وهذا ينفي حقيقة كمال الدين وتمامه وأنّه لا يجوز للمسلم أن يعمل إلا بما كان عليه رسـول الله صلى الله عليه وسلم زمن الاستضعاف، ومجرّد تصوّر هذا القول كاف لإبطاله وردّه...
بارك الله فيك اختنا الفاضلة عاشقة السماء
الذي اعتقده وادين لله به هو اننا نعيش الآن في العهدين المكّي و المدني بمعنى ان الحال يختلف من بلد الى بلد واللبيب بالاشارة يفهم
وينبغي التدرج بإن يكون في تعليم الناس التوحيد ثم مطالبتهم بتطبيق الشرع تماماً كما بدأت أول مرة ثم يأتي الجهاد في سبيل الله إلا في حالة غزو بلاد المسلمين من قبل الاعداء فذلك جهاد فرض عين كل مسلم قادر ويستطيع الجهاد .

عاشقة السماء كتب:
وما أظنّ شيوخ المنهج يضرّهم أو يغضبهم أن ينطلق تلاميذهم يعيداً عنهم نحو الأمام وبالاتّجاه الصحيح، لأنّ المنهج نفسه يدعو لهذا وينصره ويريده، وقد كان الشيخ ناصـر كثيراً ما يدعو تلاميذه لمراجعته ومناقشته وينهاهم عن تقليده أقول هذا الكلام مع خشيتي على المنهج السلفي من اللصوص، وقطّاع الطّرق من أن يسرقوا جوهره، ويحوّروا حقيقته، وما هذه الورقات التي كتبتها عن الشيخ إلا محاولة لتطبيق المنهج ولتصحيح المسار لأن المنهج أهمّ وأولى من كلّ المصالح.
هذا المنهج الصحيح فرحم الله الشيخ الالباني
نحن لا نقلد العلماء ونتبع الحق حيث كان ولكن شيوخنا هم مراجعنا وهم اهل العلم الثقات.

قال الله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [النحل: 13]
ومثله قول الله _تعالى_: "فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً" (النساء: من الآية59).
قال الله تعالى: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) [النساء: 83]

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد ستبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه"
ابو صالح
ابو صالح
نعوذ بالله من الفتن

عدد المساهمات : 1757
تاريخ التسجيل : 29/04/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 واجب المسلمين أمام مصيبة العالم الإسلامي Empty رد: واجب المسلمين أمام مصيبة العالم الإسلامي

مُساهمة  عاشقة السماء السبت أغسطس 31, 2013 1:51 pm

أعزك الله أخي أبو صالح

وأنا اتفق تماماً مع ما قاله الشيخ أبو قتادة -اكرمه الله ورفع ذكره في الدارين- المرحلة المكية نسخت، ونحن مطالبون اليوم بتطبيق الشريعة بحذافيرها، ومسألة التدرج في التطبيق، ينحصر فهمه في تأجيل تطبيق بعض الحدود وفق متطلبات الواقع، حتى يحيط بها الناس ولا يفتنوا في دينهم.

ومن الشواهد الحية، أن الفكر الذي اصطلح على تسميته بالإرجاء، هو الفكر الذي قتل روح الأمة الإسلامية، وساهم في تدجينها في أقفاص، تساق للذبح دون أن تعترض.

ولكي نعرف من هم العلماء الربانيين، ننظر هل يصدحون بكل أحكام الشريعة، ولا يخشون في الله لومة لائم، وهم من لم يمنعهم بطش الحكام وملاحقت زبانيته لهم وسجنهم من الصدح بالحق.
وللمسلم أن يتأمل هذه الأقوال للمصطفى صلى الله عليه وسلم:


"إذا تبايعتُم بالعِينةِ ، و أخذتُم أذنابَ البقرِ ، و رضِيتُم بالزَّرعِ ، و تركتُمُ الجهادَ سلَّط اللهُ عليكم ذُلًّا ، لا يَنزِعُه حتى ترجِعوا إلى دِينِكم"
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 423
خلاصة حكم المحدث: صحيح


"خمسٌ بخمسٍ ، ما نقض قومٌ العهدَ إلا سُلِّطَ عليهم عدَوُّهم ، وما حكموا بغير ما أنزل اللهُ إلا فشا فيهم الفقرُ ، ولا ظهرتْ فيهم الفاحشةُ إلا فشا فيهم الموتُ ، ولا طفَّفوا المكيالَ إلا مُنِعوا النباتَ وأُخِذوا بالسِّنين ، ولا مَنَعوا الزكاةَ إلا حُبِسَ عنهم القطرُ".
الراوي:عبدالله بن عباس المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 3240
خلاصة حكم المحدث: حسن


"لا يزالُ من أمتي أمةٌ قائمةٌ بأمرِ اللهِ ، لا يضرُّهم من خذَلَهم ولا من خالَفَهم ، حتَّى يأتِيَهم أمرُ اللهِ وهم على ذلِكَ".
الراوي: معاوية بن أبي سفيان المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3641
خلاصة حكم المحدث: [صحيح
]

"بُعِثتُ بين يدي الساعةِ بالسَّيفِ ، حتى يُعبَدَ اللهُ تعالى وحده لا شريكَ له ، و جُعِلَ رِزْقي تحت ظِلِّ رُمْحي ، وجُعِلَ الذُّلُّ و الصَّغارُ على من خالفَ أمري ، و من تشبَّه بقومٍ فهو منهم"
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2831
خلاصة حكم المحدث: صحيح


"والذي نفسي بيدِه لتَأمرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهوُنَّ عن المنكرِ أوليُوشِكَنَّ اللهُ أن يَبعثَ عليكمْ عقابًا منهُ فتدعونهُ فلا يَستجيبُ لكمْ"
الراوي: حذيفة بن اليمان المحدث:الترمذي - المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2169
خلاصة حكم المحدث: حسن
عاشقة السماء
عاشقة السماء
إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ

عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى