قراءة في كتاب الأصولية اليهودية في اسرائيل
2 مشترك
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات العامة و الساحة السياسية والاقتصادية المفتوحة :: حوار الثغور ومنبر السياسة والاقتصاد والفتن الخاصة (عمران بيت المقدس خراب يثرب)!
صفحة 1 من اصل 1
قراءة في كتاب الأصولية اليهودية في اسرائيل
إنَّ المطَّلعَ على المجتمع الإسرائيلي في فلسطين، لا يُنكر الدور البارز الذي تَنهض به جماعات متطرِّفة في هذا المجتمع؛ حيث تسعى سعيًا دؤوبًا؛ لتثبيت ودَعْم المشروع الصِّهْيَوني إلى أقصى درجة مُمكنة، وما اغتيال إسحاق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي على يد إيجال عامير، وكذلك قَتْلُ ما لا يقلُّ عن ثلاثين مصلِّيًا مسلمًا في بيت المقدس على يد باروخ كولدشتاين - إلاَّ إشارات بَيِّنات على المدِّ المتنامي والمُهيمن للفكر الأصولي اليهودي في دولة إسرائيل.
كتاب "الأصولية اليهوديَّة في إسرائيل"؛ لـ"شاحاك"، و"مزفنزكي"، (ص176، نشر بلوتو برس ط1، 1999، ط 2، 2004)، يَدرس هذه الظاهرة دراسة وافية من عدة جوانب.
إسرائيل شاحاك Israel Shahak يهودي إسرائيلي، من الناشطين في حقوق الإنسان وكبار النقَّاد لدولة إسرائيل، من كُتبه: "الأسرار المفضوحة: النووي الإسرائيلي والسياسات الخارجية"، و"التاريخ اليهودي، الدين اليهودي: ثِقَلُ ثلاثة آلاف عام"، توفي عام 2001.
أما نورتن مزفنزكي Norton Mezvinsky، فهو أستاذ التاريخ وشؤون الشرق الأوسط في جامعة كوناكتيكت المركزية، يهودي، معروف بعدائه الصريح للصِّهْيَونية، أثارَت مقالاته ومواقفُه الجريئة ضد إسرائيل حفيظةَ اللوبي الصِّهْيَوني في الولايات المتحدة، وهو الآن رئيس المجلس العالمي لدراسات الشرق الأوسط: (واشنطن دي سي).
ينقسم الكتاب إلى سبعة فصول:
1- الأصولية اليهودية ضمن المجتمع اليهودي.
2- نشوء هارديم في إسرائيل.
3- جماعتان رئيسيتان في هارديم.
4- الحزب الديني القومي والمستوطنون الدينيون.
5- طبيعة مستوطنات غوش إيمونيم.
6- الأهمية الحقيقية لباروخ كولدشتاين.
7- الخلفيَّة الدينية لاغتيال رابين.
يتتبَّع المؤلفان أُسُسَ الأصولية اليهودية وعقائدها وممارساتها، وتأثيرها العام على المجتمع، ويركِّزان في تتبُّعهما للأصولية على النزعة المتطرِّفة Messianic tendency، التي يعتقدان أنها الأعمق تأثيرًا والأكثر خطرًا.
يعارض الأصوليون اليهود كلَّ تنازلٍ قامَت به إسرائيل منذ 1967، ومن المبادئ الرئيسة للأصوليين اليهود استعادةُ وإحياء المجتمع الديني التقي والصافي الذي وُجِد في الماضي.
اليهود الإسرائيليون المتدينون جماعتان:
• الحزب الديني القومي National Religious Party.
وهو أكثر قابليَّة للتعامل مع الحياة المعاصرة من الجماعة الأخرى.
• هارديم [1]Hardim، تعني في العِبْرية: الخوف من الله، وهذه الجماعة أكثر تطرُّفًا من غيرها وتُعرَف برَفْضها للإبداعات والابتكارات الحديثة، وهذه الجماعة حزبان: يهدوت هاتورة[2] Yahadut Hatorah من أصل أوروبي شرقي، وهو حزب الهارديم الإشكناز، وشاس Shas من الشرق الأوسط، وهو حزب الهارديم السفرد[3].
والهارديم لا يُولون العناية في التعليم إلاَّ للدراسات الدينيَّة، أمَّا سائر العلوم الدنيويَّة والدراسات الإنسانية واللغات الأجنبية، فمُغَيَّب، حتى الشعر الديني العبري - كما يذكر المؤلفان - غير معروف لهم، ومما يدلُّ على عُمق وُلوجهم في الفكر الأصولي، وإيغالهم في التطرُّف العَقَدي، أنَّ العديد من حاخاماتهم يرون أن الهولوكوست عقابٌ إلهي، يستحقه الكثير من اليهود، والسبب - كما خيَّلت لهم أنفسُهم - هو قَبولُ اليهود الحداثةَ ومُفرزاتها، والتخلي عن الدين، وانحطاطُ الدراسة التلموديَّة في أوروبا، والنساء المُنخرطات في السياسة - في رأي الهارديم - ساحرات أو شيطانات.
أمَّا عن رؤيتهم للآخر، فالأصوليون اليهود ينظرون نظرة ازدراءٍ واحتقار إلى سائر الشعوب، فكل من ليس يهوديًّا فهو من مستوى سفلي.
الحاخام كوك الأكبر Kook the Elder، أبو هذه النزعة المتطرِّفة للأصوليَّة اليهودية يقول: "إنَّ الفرق بين رُوح اليهود وروح غيرهم - جميعهم وفي كل المستويات - أكبر وأعمق من الفرق بين الرُّوح البشرية وأرواح الأنعام".
هذا التصريح الذي يؤمن به أناس كثيرون، من ضمنهم أولئك الذين قادوا حركة الاستيطان في الضفة الغربيَّة، معتمدٌ على القبالة اللوريانية Lurianic Cabbala: (مدرسة في التصوف اليهودي، انتشَرَت في اليهودية من نهاية القرن السادس عشر حتى بداية القرن التاسع عشر).
وإنَّ أحد المبادئ الرئيسة في هذه القبالة: التفوُّق المطلَق للرُّوح والجسد اليهودي على الروح والجسد غير اليهودي، وترى هذه القبالة أنَّ العالم إنما خُلِق لأجل اليهود، وأنَّ وجود غير اليهود ما هو إلاَّ وجود ثانوي.
الحاخام مناحيم شنيرسون Menachem Schneerson، الذي ترأَّس حركة شاباد Chabad، كان دائمًا يدعم الحروب الإسرائيليَّة، وفي عام 1974 عارَض بشدة انسحاب إسرائيل من منطقة السويس، كان له دورٌ بارز في فوز بنيامين نتنياهو، ومن ضمن المستوطنين المتدينين في الأراضي المحتلة شاباد هازدز Chabad Hassids، التي تُشَكِّل واحدة من أكثر الجماعات تطرُّفًا، وباروخ كولدشتاين واحد منهم.
وفي رأي جماعة غوش إيمونيم Gush Emunim أنَّ ما يبدو في ظاهره مصادرةً لأملاك العرب والفلسطينيين من قِبَل اليهود، هو في الحقيقة نوع من التقديس والتطهير؛ لأن هذه الأراضي المصادَرَة قد تَمَّ تخليصها من المجال الشيطاني إلى المجال الربَّاني.
إنَّ الأصوليين اليهود يعتقدون اعتقادًا جازمًا - لا يدنو منه أدنى ريبٍ - أنَّ الله أعطى جميع أرض إسرائيل إلى اليهود؛ لذا فإنَّ العرب الذين يعيشون في هذه الأرض هم مجموعة لصوص!
الحاخام إسرائيل أرييل Israel Ariel، زعيم أصولي، نشر أطلسًا بيَّن فيه حدودَ الأراضي التي لا بدَّ من تحريرها، وهي جميع مناطق غرب وجنوب نهر الفرات، مُمتدة إلى معظم سوريا، والعراق، والكويت.
موردخاي نيسان Mordechai Nisan، محاضر في الجامعة العبرية، يقول - اعتمادًا على كلام لموسى بن ميمون -: إنه يجب على غير اليهودي المُقيم في أرض إسرائيل أن يقبلَ دَفْع جِزية وذُلَّ العبوديَّة، ولا يجوز لغير اليهود أن يُعيَّنوا في أيِّ منصبٍ أو موقع سلطة على اليهود.
وماذا عن باروخ كولدشتاين؟ وما فعَل؟
الأصوليون يقولون: إنَّ قتْلَه للمصلين في الحَرَم لا يَمُتُّ إلى الجريمة بصِلة؛ لأنه - كما في الحلقة أو الحلاكة [4]Halacha- "إنَّ قتل اليهودي لغير اليهودي تحت أيِّ ظرفٍ، لا يُعَدُّ جريمة قتْلٍ، ربما يحرَّم هذا الفعلُ لأسباب أخرى، خاصةً عندما يؤدي إلى إلحاق الأذى والضرر باليهود"!
إن كولدشتاين عند الأصوليين رمزٌ للبطولة والشجاعة.
الأصوليون في إسرائيل يُشَكِّلون قسمًا قليلاً نسبيًّا، لكنَّ تأثيرهم السياسي أكبر من حجمهم بكثير، وإذا كان لديهم احتقارٌ لغير اليهود، فإنَّ كراهيتهم وحَنقهم على اليهود المخالفين لآرائهم أشدُّ وأمرُّ، وما قتْلُ إسحاق رابين إلاَّ حلقة ضمن سلسلة حلقات كثيرة؛ حيث قُتِل العديد من اليهود الذين حادوا عن الصراط المستقيم الذي رسَمته وخطَّته لهم السلطاتُ الدينية اليهودية، ويَضرب المؤلفان المثال تِلْو المثال على هذه الاغتيالات من العصور الوسطى إلى القرن التاسع عشر، وأحد هذه الأمثلة قَتْلُ الحاخام أفراهام كوهين Avraham Cohen في ليمبرغ: النمسا عام 1848، كان كوهين يسعى إلى تغييرٍ في الحياة اليهودية، فقد أراد أن يُلغي بعض الضرائب على يهود ليمبرغ التي تذهب إلى السلطات النمساويَّة.
كانت هذه الضرائب عبئًا على اليهود الفقراء، ومصدرَ نعمة ورزق على العديد من النبلاء اليهود، وبالفعل وافَقَت السلطات النمساوية على إلغاء الضرائب عام 1848، وجرَّ هذا الإلغاء لعنةَ النبلاء اليهود على كوهين، قال بعضهم: "إن قانون المُطارد يَنطبق على كوهين"، وكُتِب في إعلان: "إن كوهين واحدٌ من اليهود المُذنبين الذين يقول التلمود فيهم: إنَّ دمَهم مباح"، ومِن ثَمَّ مات الحاخام مسمومًا هو وابنته!
جماعة هازدزلَم تحضر جنازته، إنما أقامَت احتفالاً بهذه المناسبة.
والقانون التلمودي الذي استُخدِم لقتْلِ كوهين هو نفسه المستخدم لقتْل رابين، فإيجال عامير - قاتل رابين - استشَهد بـ"قانون المُطارِد"، و"قانون المُخبِر".
أمَّا القانون الأول، فيأمر كلَّ يهودي أن يقتلَ أو يجرحَ أيَّ يهودي ينوي أن يقتلَ يهوديًّا آخر، ووفقًا لشروح الحلقة، لا تجب رؤيةُ مثل هذا الشخص يلاحِق أو يطارد ضحيَّة يهوديًّا، يكفي فقط بأن تُصَرِّح السلطاتُ الدينية بأنَّ "قانون المطارِد" ينطبق على فلان، أمَّا القانون الثاني، فيسمح لليهودي أن يَقتُل - دون قرارٍ من السلطة الدينية - أخاه اليهودي الذي:
1- أخبَر أو وَشَى لغير اليهود عن معلومات وشؤون تتعلَّق باليهود.
2- أو أعطاهم معلومات عن ممتلكات يهودية.
3- أو سلَّم أشخاصًا يهودًا أو ممتلكات يهوديَّة إلى غير اليهود.
فهذه ثلاثة أسباب تُبيح قتل اليهودي، حتى من دون إذنٍ مُسبق من الحاخامات بقَتْله، و"أرض إسرائيل" كانت وما تزال - عند جميع اليهود المتديِّنين - ملكًا حصريًّا لليهود؛ لذا فمَنْحُ الفلسطينيين جزءًا يسيرًا من هذه الأرض، موجبٌ للقتْل وداعٍ إليه، وهذا ما فعَله رابين بالضبط، فانطبَق عليه القانون الثاني، فاستحقَّ الموت.
الأصولية اليهودية - كما يرى المؤلفان - عائق أساسي وحَجر عَثرة في وجه السلام في الشرق الأوسط.
[1] المفرد: هاريدي، أو هاريد.
[2] تعني: يهودية القانون.
[3] الإشكناز كما يقول الدكتور حسن ظاظا: "هم اليهود الذين استقروا في شمال أوروبا وشرقها، وكلمة: "إشكناز" كانت تدل في الفكر اليهودي في العصور الوسطى على الأراضي الأوروبية التي يَسكنها الجنس الجرماني، أمَّا السفرد فهم اليهود الذين استقروا في حوض البحر الأبيض المتوسط، وكلمة "سفرد" كانت تدل في الفكر اليهودي في العصور الوسطى على شبه جزيرة إيبيريا التي تضمُّ إسبانيا والبرتغال، ويهود العالم العربي هم طبعًا من السفرد"؛ من كتاب "الفكر الديني اليهودي"؛ د. حسن ظاظا، ص 202 - 204، دار القلم: دمشق ط4، 1999.
[4] تُشير هذه العبارة إلى مُجمل القانون الديني اليهودي.
بشار بكور
سيف- موقوووووووف
- عدد المساهمات : 103
تاريخ التسجيل : 23/06/2013
رد: قراءة في كتاب الأصولية اليهودية في اسرائيل
أخي/ سيف
بارك الله فيك .. وجزاك الله خيرا
نقل رائع ومفيد ،،
بارك الله فيك .. وجزاك الله خيرا
نقل رائع ومفيد ،،
جعبة الأسهم- الفقير إلى عفو ربه
- عدد المساهمات : 17019
تاريخ التسجيل : 29/01/2013
مواضيع مماثلة
» قراءة في كتاب أسرار ذي القرنين ويأجوج ومأجوج
» الفرق بين اليهودية والصهيونية
» قوات نحال اليهودية تمهد لغزو يهودي لمصر
» قراءة الأفكار
» قراءة قرآن
» الفرق بين اليهودية والصهيونية
» قوات نحال اليهودية تمهد لغزو يهودي لمصر
» قراءة الأفكار
» قراءة قرآن
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات العامة و الساحة السياسية والاقتصادية المفتوحة :: حوار الثغور ومنبر السياسة والاقتصاد والفتن الخاصة (عمران بيت المقدس خراب يثرب)!
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى