طلوع البدر في تفسير سورة العصر
3 مشترك
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات العامة و الساحة السياسية والاقتصادية المفتوحة :: حوار الثغور ومنبر السياسة والاقتصاد والفتن الخاصة (عمران بيت المقدس خراب يثرب)!
صفحة 1 من اصل 1
طلوع البدر في تفسير سورة العصر
ﻃﻠﻮﻉ ﺍﻟﺒﺪﺭ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﺼﺮ
ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ، ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﺃﺳﻤﺎﺋﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺧﺎﻟﻖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﻣﻨﺰّﻝ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻣُﺮﺩﻓﻪ ﺑﺎﻟﺒﻴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﻧﺒﻴﻪ ﺍﻟﻌﺪﻧﺎﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓِﻆِ ﻟﻪ ﺑﻔﻬﻢ ﺍﻷَﻋﻼﻡ ﺻﺤﺎﺑﺔ ﺧﻴﺮ ﺍﻷﻧﺎﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ.
ﻭﺑﻌﺪ:
ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: "ﺑِﺴْﻢِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺍﻟﺮَّﺣْﻤَﻦِ ﺍﻟﺮَّﺣِﻴﻢِ ﴿ﻭَﺍﻟْﻌَﺼْﺮِ * ﺇِﻥَّ ﺍﻟْﺈِﻧْﺴَﺎﻥَ ﻟَﻔِﻲ ﺧُﺴْﺮٍ * ﺇِﻟَّﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﻭَﻋَﻤِﻠُﻮﺍ ﺍﻟﺼَّﺎﻟِﺤَﺎﺕِ ﻭَﺗَﻮَﺍﺻَﻮْﺍ ﺑِﺎﻟْﺤَﻖِّ ﻭَﺗَﻮَﺍﺻَﻮْﺍ ﺑِﺎﻟﺼَّﺒْﺮِ ﴾. ﻫﻲ ﺳﻮﺭﺓ ﻣﻜﻴﺔ، ﺃﻱ ﻧﺰﻟﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ، ﻭﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺼﺤﻒ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﺎﺋﺔ (103)، ﺍﻟﺠﺰﺀ (30)، ﺍﻟﺤﺰﺏ (60) ﺍﻟﺮﺑﻊ (8)، ﻭﻋﺪﺩ ﺁﻳﺎﺗﻬﺎ ﺛﻼﺙ ﻭﻋﺪﺩ ﻛﻠﻤﺎﺗﻬﺎ ﺃﺭﺑﻊ ﻋﺸﺮﺓ ﻛﻠﻤﺔ ﻭﻋﺪﺩ ﺣﺮﻭﻓﻬﺎ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﺳﺘﻮﻥ ﺣﺮﻓﺎ.
ﺗﻌﺪ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺳﻮﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻻﺷﺘﻤﺎﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺪِّﻳﻦ ﻭﻫﻲ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻭﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻲ ﺑﻪ ﻭﺍﻟﺼﺒﺮ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻲ ﺑﻪ. ﻟﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺇﺫﺍ ﺍﻟﺘﻘﻮﺍ ﻗﺮﺃ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻔﺘﺮﻗﻮﺍ ﻟﻠﺘﺬﻛﺮﺓ ﻭﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ. ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: "ﻟﻮ ﻣﺎ ﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﺠﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻘﻪ ﺇﻻ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻮﺭﺓ ﻟﻜﻔﺘﻬﻢ" ﺃﻱ ﺗﻜﻔﻴﻬﻢ ﺣﺠﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻟﺘﻀﻤُّﻨﻬﺎ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺪﺭﺝ ﺗﺤﺘﻬﺎ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻓﺮﻭﻋﻪ.
ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: ﴿ ﻭَﺍﻟْﻌَﺼْﺮِ ﴾، ﺍﻟﻮﺍﻭ ﻟﻠﻘﺴﻢ، ﻭﺣﺮﻭﻑ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺛﻼﺛﺔ: ﺍﻟﻮﺍﻭ ﻭﺍﻟﺒﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﺎﺀ، "ﺍﻟﻌﺼﺮ" ﺍﻟﻤُﻘﺴَﻢ ﺑﻪ، ﻗﻴﻞ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ ﺃﺣﺐ ﺻﻼﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ، ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: ﴿ ﺣَﺎﻓِﻈُﻮﺍْ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﺼَّﻠَﻮَﺍﺕِ ﻭﺍﻟﺼَّﻼَﺓِ ﺍﻟْﻮُﺳْﻄَﻰ ﴾. [ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ: 238] "ﻭﻓﻲ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ: ﴿ ﺣَﺎﻓِﻈُﻮﺍْ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﺼَّﻠَﻮَﺍﺕِ ﻭﺻَﻼَﺓِ ﺍﻟْﻌَﺼْﺮِ﴾، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻓﻲ ﻏﺰﻭﺓ ﺍﻟﺨﻨﺪﻕ: "ﺷﻐﻠﻮﻧﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻣﻸ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺒﻮﺭﻫﻢ ﻧﺎﺭﺍ". ﻭﺫﻫﺐ ﺟﻤﻬﻮﺭ ﺍﻟﻤﻔﺴﺮﻳﻦ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﺑﺎﻟﻌﺼﺮ ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ، ﻻﺷﺘﻤﺎﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ ﻭﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ، ﻓﻬﻮ ﻋﻈﻴﻢ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻷﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﻳﺤﻠﻒ ﺇﻻ ﺑﻌﻈﻴﻢ. ﻭﻗﺪ ﺃﺟﺎﺯ ﺍﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﺤﻠِﻒ ﺑﻤﺎ ﺷﺎﺀ ﻣﻦ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺗﻪ، ﺇﺫ ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ، ﴿ ﻛَﻠَّﺎ ﻭَﺍﻟْﻘَﻤَﺮِ ﴾ [ﺍﻟﻤﺪﺛﺮ: 32]، ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ: ﴿ﻭَﺍﻟﻠَّﻴْﻞِ ﺇِﺫَﺍ ﻳَﻐْﺸَﻰ * ﻭَﺍﻟﻨَّﻬَﺎﺭِ ﺇِﺫَﺍ ﺗَﺠَﻠَّﻰ ﴾ ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ: ﴿ﻭَﺍﻟﻀُّﺤَﻰ * ﻭَﺍﻟﻠَّﻴْﻞِ ﺇِﺫَﺍ ﺳَﺠَﻰ ﴾، ﻭﺣﺮّﻡ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺍﻟﺤﻠﻒ ﺑﻐﻴﺮﻩ ﻭﺟﻌﻠﻪ ﺷﺮﻛﺎ ﺃﺻﻐﺮﺍ، ﻭﺍﻟﺸﺮﻙ ﺍﻷﺻﻐﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻧﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺳُﻤﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺑﺎﻟﺸﺮﻙ ﻭﺩﻝّ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳُﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻠﺔ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -: "ﻣﻦ ﺣﻠَﻒ ﺑﻐﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻘﺪ ﺃﺷﺮﻙ"، ﻭﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ: "ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﺣﺎﻟﻔﺎ ﻓﻠﻴﺤﻠﻒ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺃﻭ ﻟﻴﺼﻤﺖ".
"ﺇِﻥَّ ﺍﻟْﺈِﻧْﺴَﺎﻥَ ﻟَﻔِﻲ ﺧُﺴْﺮٍ" ﻫﺬﻩ ﺟﻤﻠﺔ ﺟﻮﺍﺏ ﺍﻟﻘﺴﻢ، ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﻣﺆَﻛﺪﺍ ﺑﻨﻮﻥ ﺍﻟﺘﻮﻛﻴﺪ ﺍﻟﻤﺸﺪﺩﺓ ﻭﻻﻡ ﺍﻟﺘﻮﻛﻴﺪ ﺍﻟﻤﺰﺣﻠَﻘﺔ، ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺇﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺑﻨﻲ ﺍﺩﻡ ﻟﻔﻲ ﺧﺴﺎﺭﺓ ﻛﺒﺮﻯ، ﻑ'ﺍﻝ' ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻓﻲ ﻟﻔﻆ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﻠﺠﻨﺲ، ﺃﻱ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺟﻤﻴﻊ ﺟﻨﺲ ﺑﻨﻲ ﺁﺩﻡ، ﻭﻟﻔﻆ ﺧُﺴْﺮ ﻧﻜﺮﺓ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻹﺛﺒﺎﺕ ﺗﻔﻴﺪ ﺍﻹﻃﻼﻕ. ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﺴﺎﺭﺓ ﻣﻔَﺴّﺮﺓ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿ ﻓَﻤَﻦ ﺛَﻘُﻠَﺖْ ﻣَﻮَﺍﺯِﻳﻨُﻪُ ﻓَﺄُﻭﻟَﺌِﻚَ ﻫُﻢُ ﺍﻟْﻤُﻔْﻠِﺤُﻮﻥَ * ﻭَﻣَﻦْ ﺧَﻔَّﺖْ ﻣَﻮَﺍﺯِﻳﻨُﻪُ ﻓَﺄُﻭﻟَﺌِﻚَ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺧَﺴِﺮُﻭﺍ ﺃَﻧﻔُﺴَﻬُﻢْ ﻓِﻲ ﺟَﻬَﻨَّﻢَ ﺧَﺎﻟِﺪُﻭﻥَ * ﺗَﻠْﻔَﺢُ ﻭُﺟُﻮﻫَﻬُﻢُ ﺍﻟﻨَّﺎﺭُ ﻭَﻫُﻢْ ﻓِﻴﻬَﺎ ﻛَﺎﻟِﺤُﻮﻥَ ﴾ [ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ: 103-104] ﻭﺳﺒﺐ ﺧﺴﺎﺭﺓ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﺑﺂﻳﺎﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺗﻀﻴﻴﻊ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻬﺎ، ﻗﺎﻝ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ: ﴿ ﻭﻣﻦ ﺧﻔَّﺖ ﻣﻮﺍﺯﻳﻨُﻪ ﻓﺄُﻭﻟﺌِﻚَ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺧَﺴِﺮﻭﺍ ﺃﻧﻔُﺴَﻬُﻢ ﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺑﺂﻳﺎﺗﻨﺎ ﻳﻈﻠِﻤُﻮﻥ ﴾ ﻓﻲ ﺃﻭّﻝ ﺳﻮﺭﺓ [ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ: 9].
﴿ ﺇِﻟَّﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﻭَﻋَﻤِﻠُﻮﺍ ﺍﻟﺼَّﺎﻟِﺤَﺎﺕِ ﻭَﺗَﻮَﺍﺻَﻮْﺍ ﺑِﺎﻟْﺤَﻖِّ ﻭَﺗَﻮَﺍﺻَﻮْﺍ ﺑِﺎﻟﺼَّﺒْﺮ ﴾، ﺛﻢ ﺍﺳﺘﺜﻨﻰ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺴﺎﺭﺓ ﻣﻦ ﺗﻮﻓﺮﺕ ﻓﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻭﺻﺎﻑ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﻭﻫﻲ: ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻭﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻲ ﺑﻪ ﻭﺍﻟﺼﺒﺮ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻲ ﺑﻪ. ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: ﴿ ﺇِﻥَّ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﻭَﻋَﻤِﻠُﻮﺍ ﺍﻟﺼَّﺎﻟِﺤَﺎﺕِ ﻛَﺎﻧَﺖْ ﻟَﻬُﻢْ ﺟَﻨَّﺎﺕُ ﺍﻟْﻔِﺮْﺩَﻭْﺱِ ﻧُﺰُﻻ *ﺧَﺎﻟِﺪِﻳﻦَ ﻓِﻴﻬَﺎ ﻻ ﻳَﺒْﻐُﻮﻥَ ﻋَﻨْﻬَﺎ ﺣِﻮَﻻ ﴾ [ﺍﻟﻜﻬﻒ: 107-108].
﴿ ﺇِﻟَّﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﴾ ﺃﻱ ﺻﺪّﻗﻮﺍ ﺑﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻨﺔ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﻋﻘﺎﺋﺪ ﻛﺎﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻭﺣﺪﺍﻧﻴﺘﻪ ﻭﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﻤﻼﺋﻜﺘﻪ ﻭﻛﺘﺒﻪ ﻭﺭﺳﻠﻪ ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻵﺧﺮ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭ ﺧﻴﺮﻩ ﻭﺷﺮﻩ، ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: ﴿ ﺁَﻣَﻦَ ﺍﻟﺮَّﺳُﻮﻝُ ﺑِﻤَﺎ ﺃُﻧْﺰِﻝَ ﺇِﻟَﻴْﻪِ ﻣِﻦْ ﺭَﺑِّﻪِ ﻭَﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ ﻛُﻞٌّ ﺁَﻣَﻦَ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻣَﻠَﺎﺋِﻜَﺘِﻪِ ﻭَﻛُﺘُﺒِﻪِ ﻭَﺭُﺳُﻠِﻪِ ﻟَﺎ ﻧُﻔَﺮِّﻕُ ﺑَﻴْﻦَ ﺃَﺣَﺪٍ ﻣِﻦْ ﺭُﺳُﻠِﻪِ ﻭَﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﺳَﻤِﻌْﻨَﺎ ﻭَﺃَﻃَﻌْﻨَﺎ ﻏُﻔْﺮَﺍﻧَﻚَ ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﻭَﺇِﻟَﻴْﻚَ ﺍﻟْﻤَﺼِﻴﺮُ ﴾ [ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ: 285] ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ: ﴿ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟِﻪِ ﺛُﻢَّ ﻟَﻢْ ﻳَﺮْﺗَﺎﺑُﻮﺍ ﻭَﺟَﺎﻫَﺪُﻭﺍ ﺑِﺄَﻣْﻮَﺍﻟِﻬِﻢْ ﻭَﺃَﻧﻔُﺴِﻬِﻢْ ﻓِﻲ ﺳَﺒِﻴﻞِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺃُﻭْﻟَﺌِﻚَ ﻫُﻢُ ﺍﻟﺼَّﺎﺩِﻗُﻮﻥَ ﴾ [ﺍﻟﺤﺠﺮﺍﺕ: 15].
﴿ ﻭَﻋَﻤِﻠُﻮﺍ ﺍﻟﺼَّﺎﻟِﺤَﺎﺕِ ﴾ ﺃﻱ ﺍﻣﺘﺜَﻠﻮﺍ ﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﻭﺍﺟﺘﻨﺒﻮﺍ ﺍﻟﻤﺤﺮﻣﺎﺕ ﻭﺳﺎﺭﻋﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﺒﺎﺕ ﻭﺗﻮﺭﻋﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻜﺮﻭﻫﺎﺕ، ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: ﴿ ﻭَﻗُﻞِ ﺍﻋْﻤَﻠُﻮﺍ ﻓَﺴَﻴَﺮَﻯ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻤَﻠَﻜُﻢْ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟُﻪُ ﻭَﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ ﴾ [ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ: 105]، ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺗَﻮﻓﺮ ﻓﻴﻪ ﺷﺮﻃﺎﻥ: ﺍﻹﺧﻼﺹ ﻭﺍﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ.
ﺍﻹﺧﻼﺹ ﻫﻮ ﺍﻻﺑﺘﻐﺎﺀ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺛﻮﺍﺑﻪ، ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: ﴿ ﻭَﻣَﺎ ﺃُﻣِﺮُﻭﺍ ﺇِﻟَّﺎ ﻟِﻴَﻌْﺒُﺪُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻣُﺨْﻠِﺼِﻴﻦَ ﻟَﻪُ ﺍﻟﺪِّﻳﻦَ ﺣُﻨَﻔَﺎﺀ ﴾ ﻭﻟﻪ ﺛﻼﺛﺔ ﻗﻮﺍﺩﺡ:
ﺍﻟﻘﺎﺩﺡ ﺍﻷﻭﻝ: ﺍﻟﺮﻳﺎﺀ ﻭﻫﻮ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺍﺑﺘﻐﺎﺀ ﺇﻋﺠﺎﺑﻬﻢ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -: ﺃﺧﻮﻑ ﻣﺎ ﺃﺧﺎﻑ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺘﻲ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﺍﻟﺨﻔﻲ، ﻗﻴﻞ ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﺍﻟﺨﻔﻲ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﻳﺎﺀ".
ﺍﻟﻘﺎﺩﺡ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺍﻟﺴﻤﻌﺔ ﻭﻫﻲ ﺗﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﺑﺘﻐﺎﺀ ﺇﻋﺠﺎﺑﻬﻢ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -: "ﻣﻦ ﺳﻤّﻊ ﺳﻤّﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ" ﺃﻱ ﻣﻦ ﺳﻤّﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺃﺳﻤﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻴﻮﺑﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱَ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ.
ﺍﻟﻘﺎﺩﺡ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﺑﺘﻐﺎﺀ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺩﻧﻴﻮﻳﺔ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -: "ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺑﺎﻟﻨﻴﺎﺕ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻟﻜﻞ ﺍﻣﺮﺉ ﻣﺎ ﻧﻮﻯ ﻓﻤﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺠﺮﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻓﻬﺠﺮﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺠﺮﺗﻪ ﻟﺪﻧﻴﺎ ﻳﺼﻴﺒﻬﺎ ﺃﻭ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻳﻨﻜﺤﻬﺎ ﻓﻬﺠﺮﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﺎﺟﺮ ﺇﻟﻴﻪ".
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ ﻓﻬﻲ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺳﻨﺔَ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: ﴿ ﻭَﻣَﺎ ﺁَﺗَﺎﻛُﻢُ ﺍﻟﺮَّﺳُﻮﻝُ ﻓَﺨُﺬُﻭﻩُ ﻭَﻣَﺎ ﻧَﻬَﺎﻛُﻢْ ﻋَﻨْﻪُ ﻓَﺎﻧْﺘَﻬُﻮﺍ ﻭَﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺷَﺪِﻳﺪُ ﺍﻟْﻌِﻘَﺎﺏِ ﴾ [ﺍﻟﺤﺸﺮ: 7]، ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ: ﴿ ﻟَﻘَﺪْ ﻛَﺎﻥَ ﻟَﻜُﻢْ ﻓِﻲ ﺭَﺳُﻮﻝِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺃُﺳْﻮَﺓٌ ﺣَﺴَﻨَﺔٌ ﻟِّﻤَﻦ ﻛَﺎﻥَ ﻳَﺮْﺟُﻮ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﺍﻟْﻴَﻮْﻡَ ﺍﻟْﺂﺧِﺮَ ﻭَﺫَﻛَﺮَ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻛَﺜِﻴﺮﺍً ﴾ [ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ: 21].
﴿ ﻭَﺗَﻮَﺍﺻَﻮْﺍ ﺑِﺎﻟْﺤَﻖِّ ﴾ [ﺍﻟﻌﺼﺮ: 3]، ﺃﻱ ﻋَﻤﻠﻮﺍ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻭﺃَﻣﺮﻭﺍ ﺑﻪ ﻭﻧَﻬَﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ، ﻭﻗﺪ ﻓﻀّﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻣﺔ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻷﻣﻢ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ ﺍﻟﺨُﻠّﺺ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿ ﻛُﻨْﺘُﻢْ ﺧَﻴْﺮَ ﺃُﻣَّﺔٍ ﺃُﺧْﺮِﺟَﺖْ ﻟِﻠﻨَّﺎﺱِ ﺗَﺄْﻣُﺮُﻭﻥَ ﺑِﺎﻟْﻤَﻌْﺮُﻭﻑِ ﻭَﺗَﻨْﻬَﻮْﻥَ ﻋَﻦِ ﺍﻟْﻤُﻨْﻜَﺮِ ﻭَﺗُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﴾ [ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ: 110]. ﻭﻟﻸﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﺷﺮﻃﺎﻥ:
ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻷﻭﻝ: ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻤﺄﻣﻮﺭ ﺑﻪ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻬﻲ ﻋﻨﻪ، ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: ﴿ ﻭَﻟَﺎ ﺗَﻘُﻮﻟُﻮﺍ ﻟِﻤَﺎ ﺗَﺼِﻒُ ﺃَﻟْﺴِﻨَﺘُﻜُﻢُ ﺍﻟْﻜَﺬِﺏَ ﻫَﺬَﺍ ﺣَﻠَﺎﻝٌ ﻭَﻫَﺬَﺍ ﺣَﺮَﺍﻡٌ ﻟِﺘَﻔْﺘَﺮُﻭﺍ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺍﻟْﻜَﺬِﺏَ ﴾ [ﺍﻟﻨﺤﻞ: 116]ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ: ﴿ ﻭَﻟَﺎ ﺗَﻘْﻒُ ﻣَﺎ ﻟَﻴْﺲَ ﻟَﻚَ ﺑِﻪِ ﻋِﻠْﻢٌ ۚ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﺴَّﻤْﻊَ ﻭَﺍﻟْﺒَﺼَﺮَ ﻭَﺍﻟْﻔُﺆَﺍﺩَ ﻛُﻞُّ ﺃُﻭﻟَٰﺌِﻚَ ﻛَﺎﻥَ ﻋَﻨْﻪُ ﻣَﺴْﺌُﻮﻟًﺎ ﴾ [ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ: 36]، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -: "ﻣﻦ ﻛﺬﺏ ﻋﻠﻲ ﻣﺘﻌﻤﺪﺍ ﻓﻠﻴﺘﺒﻮﺃ ﻣﻘﻌﺪﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ".
ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺑﺎﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺃﺣﺴﻦ،، ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: ﴿ ﺍﺩْﻉُ ﺇِﻟَﻰٰ ﺳَﺒِﻴﻞِ ﺭَﺑِّﻚَ ﺑِﺎﻟْﺤِﻜْﻤَﺔِ ﻭَﺍﻟْﻤَﻮْﻋِﻈَﺔِ ﺍﻟْﺤَﺴَﻨَﺔِ ۖ ﻭَﺟَﺎﺩِﻟْﻬُﻢْ ﺑِﺎﻟَّﺘِﻲ ﻫِﻲَ ﺃَﺣْﺴَﻦُ ﴾ [ﺍﻟﻨﺤﻞ: 125].
﴿ ﻭَﺗَﻮَﺍﺻَﻮْﺍ ﺑِﺎﻟﺼَّﺒْﺮ ﴾ ﺃﻱ ﺻَﺒَﺮﻭﺍ ﻭﺃﻣﺮﻭﺍ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻪ، ﻭﺍﻟﺼﺒﺮ ﻣﺸﺘﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺼِّﺒﺮ ﻭﻫﻮ ﻧﺒﺎﺕ ﻣُﺮّ ﺍﻟﻄﻌﻢ، ﻭﺷﺮﻋﺎ ﻫﻮ ﻛﻒّ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻋﻦ ﻣﺴﺎﺧﻂ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻫﻮ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻧﻮﺍﻉ: ﺻﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺄﻣﻮﺭ ﻭﺻﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺤﻈﻮﺭ ﻭﺻﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﺪﻭﺭ.
ﻓﺎﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺄﻣﻮﺭ ﻫﻮ ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻟﺘﺤﻤﻞ ﻣﺸﺎﻕ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻛﺎﻟﻘﻴﺎﻡ ﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﺼﺒﺢ ﻭﺇﺳﺒﺎﻍ ﺍﻟﻮﺿﻮﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻜﺎﺭﻩ ﻭﺇﺧﺮﺍﺝ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺼﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺤﺎﺭ ﻭﺍﻟﺴﻔﺮ ﺇﻟﻰ ﺑﻠﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﻷﺩﺍﺀ ﻣﻨﺎﺳﻚ ﺍﻟﺤﺞ ﻭﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ.
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺤﻈﻮﺭ ﻓﻬﻮ ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻻﺟﺘﻨﺎﺏ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻛﺸﺮﺏ ﺍﻟﺨﻤﺮ ﻭﻓﻀﻮﻝ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﺃﻋﺮﺍﺽ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ.
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﺪﻭﺭ ﻓﻬﻮ ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻟﺘﺤﻤﻞ ﺍﻟﺒﻼﺀ ﻭﺍﻟﺮﺿﻰ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ، ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: ﴿ ﻭَﺑَﺸِّﺮِ ﺍﻟﺼَّﺎﺑِﺮِﻳﻦَ *ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺇِﺫَﺍ ﺃَﺻَﺎﺑَﺘْﻬُﻢ ﻣُّﺼِﻴﺒَﺔٌ ﻗَﺎﻟُﻮﺍْ ﺇِﻧَّﺎ ﻟِﻠّﻪِ ﻭَﺇِﻧَّﺎ ﺇِﻟَﻴْﻪِ ﺭَﺍﺟِﻌﻮﻥَ* ﺃُﻭﻟَﺌِﻚَ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢْ ﺻَﻠَﻮَﺍﺕٌ ﻣِّﻦ ﺭَّﺑِّﻬِﻢْ ﻭَﺭَﺣْﻤَﺔٌ ﻭَﺃُﻭﻟَﺌِﻚَ ﻫُﻢُ ﺍﻟْﻤُﻬْﺘَﺪُﻭﻥَ ﴾ [ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ: 155 - 157]، ﻭﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺛﻨﺎﺅﻩ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﻧﻪ ﻟﻤﺎ ﺗﻮﻓﻲّ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻭﻟﺪ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻗﺎﻝ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ -: "ﺇﻥ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻟﻴﺤﺰﻥ ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻌﻴﻦ ﻟﺘﺪﻣﻊ ﻭﻻ ﻧﻘﻮﻝ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻳُﺮﺿﻲ ﺍﻟﺮﺏ".
ﻓﻤﻦ ﺻﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻋﺔ ﺭﺑﻪ ﻭﻋﻦ ﻣﻌﺼﻴﺘﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﻗَﺪَﺭﻩ ﻭﺭﺿﻲ ﺑﻪ ﺃﺣﻴﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺫِﻛْﺮﻩ ﻭﺟﻌﻠﻪ ﺇﻣﺎﻣﺎ ﻳﻘﺘﺪﻯ ﺑﻪ ﻭﺃﺩﺧﻠﻪ ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿ ﻭَﺟَﻌَﻠْﻨَﺎ ﻣِﻨْﻬُﻢْ ﺃَﺋِﻤَّﺔً ﻳَﻬْﺪُﻭﻥَ ﺑﺄَﻣْﺮِﻧَﺎ ﻟَﻤَّﺎ ﺻَﺒَﺮُﻭﺍ ﻭَﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﺑِﺂﻳَﺎﺗِﻨَﺎ ﻳُﻮﻗِﻨُﻮﻥَ ﴾ [ﺍﻟﺴﺠﺪﺓ: 24]. ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: "ﺑﺎﻟﺼﺒﺮ ﻭﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﺗُﻨﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ". ﻭﻗﺎﻝ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ: ﴿ ﻭَﺟَﺰَﺍﻫُﻢْ ﺑِﻤَﺎ ﺻَﺒَﺮُﻭﺍ ﺟَﻨَّﺔً ﻭَﺣَﺮِﻳﺮﺍً ﴾ [ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ: 12].
ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺍﻟﺼﺒﺮ ﺩﺍﺧﻠﻮﻥ ﻓﻲ ﻣُﺴﻤّﻰ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻷﻥ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻗﻮﻝ ﻭﻋﻤﻞ ﻭﺍﻋﺘﻘﺎﺩ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻓﺮﺩﻫﻢ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻟﺒﻴﺎﻥ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻭﺗﺬﻛﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺑﻬﺎ.
ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻮﻓﻘﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻜﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻭﺃﻥ ﻳﺘﻘﺒﻞ ﻋﻤﻠﻨﺎ ﻭﻳﺴﺘﺮ ﻋﻴﻮﺑﻨﺎ، ﺇﻧﻪ ﺟﻮﺍﺩ ﻛﺮﻳﻢ، ﻭﺁﺧﺮ ﺩﻋﻮﺍﻧﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ.
_________________________________________
ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ، ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﺃﺳﻤﺎﺋﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺧﺎﻟﻖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﻣﻨﺰّﻝ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻣُﺮﺩﻓﻪ ﺑﺎﻟﺒﻴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﻧﺒﻴﻪ ﺍﻟﻌﺪﻧﺎﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓِﻆِ ﻟﻪ ﺑﻔﻬﻢ ﺍﻷَﻋﻼﻡ ﺻﺤﺎﺑﺔ ﺧﻴﺮ ﺍﻷﻧﺎﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ.
ﻭﺑﻌﺪ:
ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: "ﺑِﺴْﻢِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺍﻟﺮَّﺣْﻤَﻦِ ﺍﻟﺮَّﺣِﻴﻢِ ﴿ﻭَﺍﻟْﻌَﺼْﺮِ * ﺇِﻥَّ ﺍﻟْﺈِﻧْﺴَﺎﻥَ ﻟَﻔِﻲ ﺧُﺴْﺮٍ * ﺇِﻟَّﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﻭَﻋَﻤِﻠُﻮﺍ ﺍﻟﺼَّﺎﻟِﺤَﺎﺕِ ﻭَﺗَﻮَﺍﺻَﻮْﺍ ﺑِﺎﻟْﺤَﻖِّ ﻭَﺗَﻮَﺍﺻَﻮْﺍ ﺑِﺎﻟﺼَّﺒْﺮِ ﴾. ﻫﻲ ﺳﻮﺭﺓ ﻣﻜﻴﺔ، ﺃﻱ ﻧﺰﻟﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ، ﻭﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺼﺤﻒ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﺎﺋﺔ (103)، ﺍﻟﺠﺰﺀ (30)، ﺍﻟﺤﺰﺏ (60) ﺍﻟﺮﺑﻊ (8)، ﻭﻋﺪﺩ ﺁﻳﺎﺗﻬﺎ ﺛﻼﺙ ﻭﻋﺪﺩ ﻛﻠﻤﺎﺗﻬﺎ ﺃﺭﺑﻊ ﻋﺸﺮﺓ ﻛﻠﻤﺔ ﻭﻋﺪﺩ ﺣﺮﻭﻓﻬﺎ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﺳﺘﻮﻥ ﺣﺮﻓﺎ.
ﺗﻌﺪ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺳﻮﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻻﺷﺘﻤﺎﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺪِّﻳﻦ ﻭﻫﻲ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻭﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻲ ﺑﻪ ﻭﺍﻟﺼﺒﺮ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻲ ﺑﻪ. ﻟﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺇﺫﺍ ﺍﻟﺘﻘﻮﺍ ﻗﺮﺃ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻔﺘﺮﻗﻮﺍ ﻟﻠﺘﺬﻛﺮﺓ ﻭﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ. ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: "ﻟﻮ ﻣﺎ ﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﺠﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻘﻪ ﺇﻻ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻮﺭﺓ ﻟﻜﻔﺘﻬﻢ" ﺃﻱ ﺗﻜﻔﻴﻬﻢ ﺣﺠﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻟﺘﻀﻤُّﻨﻬﺎ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺪﺭﺝ ﺗﺤﺘﻬﺎ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻓﺮﻭﻋﻪ.
ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: ﴿ ﻭَﺍﻟْﻌَﺼْﺮِ ﴾، ﺍﻟﻮﺍﻭ ﻟﻠﻘﺴﻢ، ﻭﺣﺮﻭﻑ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺛﻼﺛﺔ: ﺍﻟﻮﺍﻭ ﻭﺍﻟﺒﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﺎﺀ، "ﺍﻟﻌﺼﺮ" ﺍﻟﻤُﻘﺴَﻢ ﺑﻪ، ﻗﻴﻞ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ ﺃﺣﺐ ﺻﻼﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ، ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: ﴿ ﺣَﺎﻓِﻈُﻮﺍْ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﺼَّﻠَﻮَﺍﺕِ ﻭﺍﻟﺼَّﻼَﺓِ ﺍﻟْﻮُﺳْﻄَﻰ ﴾. [ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ: 238] "ﻭﻓﻲ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ: ﴿ ﺣَﺎﻓِﻈُﻮﺍْ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﺼَّﻠَﻮَﺍﺕِ ﻭﺻَﻼَﺓِ ﺍﻟْﻌَﺼْﺮِ﴾، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻓﻲ ﻏﺰﻭﺓ ﺍﻟﺨﻨﺪﻕ: "ﺷﻐﻠﻮﻧﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻣﻸ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺒﻮﺭﻫﻢ ﻧﺎﺭﺍ". ﻭﺫﻫﺐ ﺟﻤﻬﻮﺭ ﺍﻟﻤﻔﺴﺮﻳﻦ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﺑﺎﻟﻌﺼﺮ ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ، ﻻﺷﺘﻤﺎﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ ﻭﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ، ﻓﻬﻮ ﻋﻈﻴﻢ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻷﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﻳﺤﻠﻒ ﺇﻻ ﺑﻌﻈﻴﻢ. ﻭﻗﺪ ﺃﺟﺎﺯ ﺍﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﺤﻠِﻒ ﺑﻤﺎ ﺷﺎﺀ ﻣﻦ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺗﻪ، ﺇﺫ ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ، ﴿ ﻛَﻠَّﺎ ﻭَﺍﻟْﻘَﻤَﺮِ ﴾ [ﺍﻟﻤﺪﺛﺮ: 32]، ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ: ﴿ﻭَﺍﻟﻠَّﻴْﻞِ ﺇِﺫَﺍ ﻳَﻐْﺸَﻰ * ﻭَﺍﻟﻨَّﻬَﺎﺭِ ﺇِﺫَﺍ ﺗَﺠَﻠَّﻰ ﴾ ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ: ﴿ﻭَﺍﻟﻀُّﺤَﻰ * ﻭَﺍﻟﻠَّﻴْﻞِ ﺇِﺫَﺍ ﺳَﺠَﻰ ﴾، ﻭﺣﺮّﻡ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺍﻟﺤﻠﻒ ﺑﻐﻴﺮﻩ ﻭﺟﻌﻠﻪ ﺷﺮﻛﺎ ﺃﺻﻐﺮﺍ، ﻭﺍﻟﺸﺮﻙ ﺍﻷﺻﻐﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻧﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺳُﻤﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺑﺎﻟﺸﺮﻙ ﻭﺩﻝّ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳُﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻠﺔ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -: "ﻣﻦ ﺣﻠَﻒ ﺑﻐﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻘﺪ ﺃﺷﺮﻙ"، ﻭﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ: "ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﺣﺎﻟﻔﺎ ﻓﻠﻴﺤﻠﻒ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺃﻭ ﻟﻴﺼﻤﺖ".
"ﺇِﻥَّ ﺍﻟْﺈِﻧْﺴَﺎﻥَ ﻟَﻔِﻲ ﺧُﺴْﺮٍ" ﻫﺬﻩ ﺟﻤﻠﺔ ﺟﻮﺍﺏ ﺍﻟﻘﺴﻢ، ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﻣﺆَﻛﺪﺍ ﺑﻨﻮﻥ ﺍﻟﺘﻮﻛﻴﺪ ﺍﻟﻤﺸﺪﺩﺓ ﻭﻻﻡ ﺍﻟﺘﻮﻛﻴﺪ ﺍﻟﻤﺰﺣﻠَﻘﺔ، ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺇﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺑﻨﻲ ﺍﺩﻡ ﻟﻔﻲ ﺧﺴﺎﺭﺓ ﻛﺒﺮﻯ، ﻑ'ﺍﻝ' ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻓﻲ ﻟﻔﻆ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﻠﺠﻨﺲ، ﺃﻱ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺟﻤﻴﻊ ﺟﻨﺲ ﺑﻨﻲ ﺁﺩﻡ، ﻭﻟﻔﻆ ﺧُﺴْﺮ ﻧﻜﺮﺓ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻹﺛﺒﺎﺕ ﺗﻔﻴﺪ ﺍﻹﻃﻼﻕ. ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﺴﺎﺭﺓ ﻣﻔَﺴّﺮﺓ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿ ﻓَﻤَﻦ ﺛَﻘُﻠَﺖْ ﻣَﻮَﺍﺯِﻳﻨُﻪُ ﻓَﺄُﻭﻟَﺌِﻚَ ﻫُﻢُ ﺍﻟْﻤُﻔْﻠِﺤُﻮﻥَ * ﻭَﻣَﻦْ ﺧَﻔَّﺖْ ﻣَﻮَﺍﺯِﻳﻨُﻪُ ﻓَﺄُﻭﻟَﺌِﻚَ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺧَﺴِﺮُﻭﺍ ﺃَﻧﻔُﺴَﻬُﻢْ ﻓِﻲ ﺟَﻬَﻨَّﻢَ ﺧَﺎﻟِﺪُﻭﻥَ * ﺗَﻠْﻔَﺢُ ﻭُﺟُﻮﻫَﻬُﻢُ ﺍﻟﻨَّﺎﺭُ ﻭَﻫُﻢْ ﻓِﻴﻬَﺎ ﻛَﺎﻟِﺤُﻮﻥَ ﴾ [ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ: 103-104] ﻭﺳﺒﺐ ﺧﺴﺎﺭﺓ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﺑﺂﻳﺎﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺗﻀﻴﻴﻊ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻬﺎ، ﻗﺎﻝ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ: ﴿ ﻭﻣﻦ ﺧﻔَّﺖ ﻣﻮﺍﺯﻳﻨُﻪ ﻓﺄُﻭﻟﺌِﻚَ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺧَﺴِﺮﻭﺍ ﺃﻧﻔُﺴَﻬُﻢ ﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺑﺂﻳﺎﺗﻨﺎ ﻳﻈﻠِﻤُﻮﻥ ﴾ ﻓﻲ ﺃﻭّﻝ ﺳﻮﺭﺓ [ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ: 9].
﴿ ﺇِﻟَّﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﻭَﻋَﻤِﻠُﻮﺍ ﺍﻟﺼَّﺎﻟِﺤَﺎﺕِ ﻭَﺗَﻮَﺍﺻَﻮْﺍ ﺑِﺎﻟْﺤَﻖِّ ﻭَﺗَﻮَﺍﺻَﻮْﺍ ﺑِﺎﻟﺼَّﺒْﺮ ﴾، ﺛﻢ ﺍﺳﺘﺜﻨﻰ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺴﺎﺭﺓ ﻣﻦ ﺗﻮﻓﺮﺕ ﻓﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻭﺻﺎﻑ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﻭﻫﻲ: ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻭﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻲ ﺑﻪ ﻭﺍﻟﺼﺒﺮ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻲ ﺑﻪ. ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: ﴿ ﺇِﻥَّ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﻭَﻋَﻤِﻠُﻮﺍ ﺍﻟﺼَّﺎﻟِﺤَﺎﺕِ ﻛَﺎﻧَﺖْ ﻟَﻬُﻢْ ﺟَﻨَّﺎﺕُ ﺍﻟْﻔِﺮْﺩَﻭْﺱِ ﻧُﺰُﻻ *ﺧَﺎﻟِﺪِﻳﻦَ ﻓِﻴﻬَﺎ ﻻ ﻳَﺒْﻐُﻮﻥَ ﻋَﻨْﻬَﺎ ﺣِﻮَﻻ ﴾ [ﺍﻟﻜﻬﻒ: 107-108].
﴿ ﺇِﻟَّﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﴾ ﺃﻱ ﺻﺪّﻗﻮﺍ ﺑﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻨﺔ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﻋﻘﺎﺋﺪ ﻛﺎﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻭﺣﺪﺍﻧﻴﺘﻪ ﻭﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﻤﻼﺋﻜﺘﻪ ﻭﻛﺘﺒﻪ ﻭﺭﺳﻠﻪ ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻵﺧﺮ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭ ﺧﻴﺮﻩ ﻭﺷﺮﻩ، ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: ﴿ ﺁَﻣَﻦَ ﺍﻟﺮَّﺳُﻮﻝُ ﺑِﻤَﺎ ﺃُﻧْﺰِﻝَ ﺇِﻟَﻴْﻪِ ﻣِﻦْ ﺭَﺑِّﻪِ ﻭَﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ ﻛُﻞٌّ ﺁَﻣَﻦَ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻣَﻠَﺎﺋِﻜَﺘِﻪِ ﻭَﻛُﺘُﺒِﻪِ ﻭَﺭُﺳُﻠِﻪِ ﻟَﺎ ﻧُﻔَﺮِّﻕُ ﺑَﻴْﻦَ ﺃَﺣَﺪٍ ﻣِﻦْ ﺭُﺳُﻠِﻪِ ﻭَﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﺳَﻤِﻌْﻨَﺎ ﻭَﺃَﻃَﻌْﻨَﺎ ﻏُﻔْﺮَﺍﻧَﻚَ ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﻭَﺇِﻟَﻴْﻚَ ﺍﻟْﻤَﺼِﻴﺮُ ﴾ [ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ: 285] ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ: ﴿ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟِﻪِ ﺛُﻢَّ ﻟَﻢْ ﻳَﺮْﺗَﺎﺑُﻮﺍ ﻭَﺟَﺎﻫَﺪُﻭﺍ ﺑِﺄَﻣْﻮَﺍﻟِﻬِﻢْ ﻭَﺃَﻧﻔُﺴِﻬِﻢْ ﻓِﻲ ﺳَﺒِﻴﻞِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺃُﻭْﻟَﺌِﻚَ ﻫُﻢُ ﺍﻟﺼَّﺎﺩِﻗُﻮﻥَ ﴾ [ﺍﻟﺤﺠﺮﺍﺕ: 15].
﴿ ﻭَﻋَﻤِﻠُﻮﺍ ﺍﻟﺼَّﺎﻟِﺤَﺎﺕِ ﴾ ﺃﻱ ﺍﻣﺘﺜَﻠﻮﺍ ﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﻭﺍﺟﺘﻨﺒﻮﺍ ﺍﻟﻤﺤﺮﻣﺎﺕ ﻭﺳﺎﺭﻋﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﺒﺎﺕ ﻭﺗﻮﺭﻋﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻜﺮﻭﻫﺎﺕ، ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: ﴿ ﻭَﻗُﻞِ ﺍﻋْﻤَﻠُﻮﺍ ﻓَﺴَﻴَﺮَﻯ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻤَﻠَﻜُﻢْ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟُﻪُ ﻭَﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ ﴾ [ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ: 105]، ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺗَﻮﻓﺮ ﻓﻴﻪ ﺷﺮﻃﺎﻥ: ﺍﻹﺧﻼﺹ ﻭﺍﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ.
ﺍﻹﺧﻼﺹ ﻫﻮ ﺍﻻﺑﺘﻐﺎﺀ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺛﻮﺍﺑﻪ، ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: ﴿ ﻭَﻣَﺎ ﺃُﻣِﺮُﻭﺍ ﺇِﻟَّﺎ ﻟِﻴَﻌْﺒُﺪُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻣُﺨْﻠِﺼِﻴﻦَ ﻟَﻪُ ﺍﻟﺪِّﻳﻦَ ﺣُﻨَﻔَﺎﺀ ﴾ ﻭﻟﻪ ﺛﻼﺛﺔ ﻗﻮﺍﺩﺡ:
ﺍﻟﻘﺎﺩﺡ ﺍﻷﻭﻝ: ﺍﻟﺮﻳﺎﺀ ﻭﻫﻮ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺍﺑﺘﻐﺎﺀ ﺇﻋﺠﺎﺑﻬﻢ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -: ﺃﺧﻮﻑ ﻣﺎ ﺃﺧﺎﻑ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺘﻲ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﺍﻟﺨﻔﻲ، ﻗﻴﻞ ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﺍﻟﺨﻔﻲ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﻳﺎﺀ".
ﺍﻟﻘﺎﺩﺡ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺍﻟﺴﻤﻌﺔ ﻭﻫﻲ ﺗﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﺑﺘﻐﺎﺀ ﺇﻋﺠﺎﺑﻬﻢ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -: "ﻣﻦ ﺳﻤّﻊ ﺳﻤّﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ" ﺃﻱ ﻣﻦ ﺳﻤّﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺃﺳﻤﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻴﻮﺑﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱَ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ.
ﺍﻟﻘﺎﺩﺡ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﺑﺘﻐﺎﺀ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺩﻧﻴﻮﻳﺔ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -: "ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺑﺎﻟﻨﻴﺎﺕ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻟﻜﻞ ﺍﻣﺮﺉ ﻣﺎ ﻧﻮﻯ ﻓﻤﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺠﺮﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻓﻬﺠﺮﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺠﺮﺗﻪ ﻟﺪﻧﻴﺎ ﻳﺼﻴﺒﻬﺎ ﺃﻭ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻳﻨﻜﺤﻬﺎ ﻓﻬﺠﺮﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﺎﺟﺮ ﺇﻟﻴﻪ".
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ ﻓﻬﻲ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺳﻨﺔَ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: ﴿ ﻭَﻣَﺎ ﺁَﺗَﺎﻛُﻢُ ﺍﻟﺮَّﺳُﻮﻝُ ﻓَﺨُﺬُﻭﻩُ ﻭَﻣَﺎ ﻧَﻬَﺎﻛُﻢْ ﻋَﻨْﻪُ ﻓَﺎﻧْﺘَﻬُﻮﺍ ﻭَﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺷَﺪِﻳﺪُ ﺍﻟْﻌِﻘَﺎﺏِ ﴾ [ﺍﻟﺤﺸﺮ: 7]، ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ: ﴿ ﻟَﻘَﺪْ ﻛَﺎﻥَ ﻟَﻜُﻢْ ﻓِﻲ ﺭَﺳُﻮﻝِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺃُﺳْﻮَﺓٌ ﺣَﺴَﻨَﺔٌ ﻟِّﻤَﻦ ﻛَﺎﻥَ ﻳَﺮْﺟُﻮ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﺍﻟْﻴَﻮْﻡَ ﺍﻟْﺂﺧِﺮَ ﻭَﺫَﻛَﺮَ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻛَﺜِﻴﺮﺍً ﴾ [ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ: 21].
﴿ ﻭَﺗَﻮَﺍﺻَﻮْﺍ ﺑِﺎﻟْﺤَﻖِّ ﴾ [ﺍﻟﻌﺼﺮ: 3]، ﺃﻱ ﻋَﻤﻠﻮﺍ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻭﺃَﻣﺮﻭﺍ ﺑﻪ ﻭﻧَﻬَﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ، ﻭﻗﺪ ﻓﻀّﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻣﺔ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻷﻣﻢ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ ﺍﻟﺨُﻠّﺺ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿ ﻛُﻨْﺘُﻢْ ﺧَﻴْﺮَ ﺃُﻣَّﺔٍ ﺃُﺧْﺮِﺟَﺖْ ﻟِﻠﻨَّﺎﺱِ ﺗَﺄْﻣُﺮُﻭﻥَ ﺑِﺎﻟْﻤَﻌْﺮُﻭﻑِ ﻭَﺗَﻨْﻬَﻮْﻥَ ﻋَﻦِ ﺍﻟْﻤُﻨْﻜَﺮِ ﻭَﺗُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﴾ [ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ: 110]. ﻭﻟﻸﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﺷﺮﻃﺎﻥ:
ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻷﻭﻝ: ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻤﺄﻣﻮﺭ ﺑﻪ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻬﻲ ﻋﻨﻪ، ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: ﴿ ﻭَﻟَﺎ ﺗَﻘُﻮﻟُﻮﺍ ﻟِﻤَﺎ ﺗَﺼِﻒُ ﺃَﻟْﺴِﻨَﺘُﻜُﻢُ ﺍﻟْﻜَﺬِﺏَ ﻫَﺬَﺍ ﺣَﻠَﺎﻝٌ ﻭَﻫَﺬَﺍ ﺣَﺮَﺍﻡٌ ﻟِﺘَﻔْﺘَﺮُﻭﺍ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺍﻟْﻜَﺬِﺏَ ﴾ [ﺍﻟﻨﺤﻞ: 116]ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ: ﴿ ﻭَﻟَﺎ ﺗَﻘْﻒُ ﻣَﺎ ﻟَﻴْﺲَ ﻟَﻚَ ﺑِﻪِ ﻋِﻠْﻢٌ ۚ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﺴَّﻤْﻊَ ﻭَﺍﻟْﺒَﺼَﺮَ ﻭَﺍﻟْﻔُﺆَﺍﺩَ ﻛُﻞُّ ﺃُﻭﻟَٰﺌِﻚَ ﻛَﺎﻥَ ﻋَﻨْﻪُ ﻣَﺴْﺌُﻮﻟًﺎ ﴾ [ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ: 36]، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -: "ﻣﻦ ﻛﺬﺏ ﻋﻠﻲ ﻣﺘﻌﻤﺪﺍ ﻓﻠﻴﺘﺒﻮﺃ ﻣﻘﻌﺪﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ".
ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺑﺎﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺃﺣﺴﻦ،، ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: ﴿ ﺍﺩْﻉُ ﺇِﻟَﻰٰ ﺳَﺒِﻴﻞِ ﺭَﺑِّﻚَ ﺑِﺎﻟْﺤِﻜْﻤَﺔِ ﻭَﺍﻟْﻤَﻮْﻋِﻈَﺔِ ﺍﻟْﺤَﺴَﻨَﺔِ ۖ ﻭَﺟَﺎﺩِﻟْﻬُﻢْ ﺑِﺎﻟَّﺘِﻲ ﻫِﻲَ ﺃَﺣْﺴَﻦُ ﴾ [ﺍﻟﻨﺤﻞ: 125].
﴿ ﻭَﺗَﻮَﺍﺻَﻮْﺍ ﺑِﺎﻟﺼَّﺒْﺮ ﴾ ﺃﻱ ﺻَﺒَﺮﻭﺍ ﻭﺃﻣﺮﻭﺍ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻪ، ﻭﺍﻟﺼﺒﺮ ﻣﺸﺘﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺼِّﺒﺮ ﻭﻫﻮ ﻧﺒﺎﺕ ﻣُﺮّ ﺍﻟﻄﻌﻢ، ﻭﺷﺮﻋﺎ ﻫﻮ ﻛﻒّ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻋﻦ ﻣﺴﺎﺧﻂ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻫﻮ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻧﻮﺍﻉ: ﺻﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺄﻣﻮﺭ ﻭﺻﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺤﻈﻮﺭ ﻭﺻﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﺪﻭﺭ.
ﻓﺎﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺄﻣﻮﺭ ﻫﻮ ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻟﺘﺤﻤﻞ ﻣﺸﺎﻕ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻛﺎﻟﻘﻴﺎﻡ ﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﺼﺒﺢ ﻭﺇﺳﺒﺎﻍ ﺍﻟﻮﺿﻮﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻜﺎﺭﻩ ﻭﺇﺧﺮﺍﺝ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺼﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺤﺎﺭ ﻭﺍﻟﺴﻔﺮ ﺇﻟﻰ ﺑﻠﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﻷﺩﺍﺀ ﻣﻨﺎﺳﻚ ﺍﻟﺤﺞ ﻭﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ.
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺤﻈﻮﺭ ﻓﻬﻮ ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻻﺟﺘﻨﺎﺏ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻛﺸﺮﺏ ﺍﻟﺨﻤﺮ ﻭﻓﻀﻮﻝ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﺃﻋﺮﺍﺽ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ.
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﺪﻭﺭ ﻓﻬﻮ ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻟﺘﺤﻤﻞ ﺍﻟﺒﻼﺀ ﻭﺍﻟﺮﺿﻰ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ، ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: ﴿ ﻭَﺑَﺸِّﺮِ ﺍﻟﺼَّﺎﺑِﺮِﻳﻦَ *ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺇِﺫَﺍ ﺃَﺻَﺎﺑَﺘْﻬُﻢ ﻣُّﺼِﻴﺒَﺔٌ ﻗَﺎﻟُﻮﺍْ ﺇِﻧَّﺎ ﻟِﻠّﻪِ ﻭَﺇِﻧَّﺎ ﺇِﻟَﻴْﻪِ ﺭَﺍﺟِﻌﻮﻥَ* ﺃُﻭﻟَﺌِﻚَ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢْ ﺻَﻠَﻮَﺍﺕٌ ﻣِّﻦ ﺭَّﺑِّﻬِﻢْ ﻭَﺭَﺣْﻤَﺔٌ ﻭَﺃُﻭﻟَﺌِﻚَ ﻫُﻢُ ﺍﻟْﻤُﻬْﺘَﺪُﻭﻥَ ﴾ [ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ: 155 - 157]، ﻭﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺛﻨﺎﺅﻩ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﻧﻪ ﻟﻤﺎ ﺗﻮﻓﻲّ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻭﻟﺪ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻗﺎﻝ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ -: "ﺇﻥ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻟﻴﺤﺰﻥ ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻌﻴﻦ ﻟﺘﺪﻣﻊ ﻭﻻ ﻧﻘﻮﻝ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻳُﺮﺿﻲ ﺍﻟﺮﺏ".
ﻓﻤﻦ ﺻﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻋﺔ ﺭﺑﻪ ﻭﻋﻦ ﻣﻌﺼﻴﺘﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﻗَﺪَﺭﻩ ﻭﺭﺿﻲ ﺑﻪ ﺃﺣﻴﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺫِﻛْﺮﻩ ﻭﺟﻌﻠﻪ ﺇﻣﺎﻣﺎ ﻳﻘﺘﺪﻯ ﺑﻪ ﻭﺃﺩﺧﻠﻪ ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿ ﻭَﺟَﻌَﻠْﻨَﺎ ﻣِﻨْﻬُﻢْ ﺃَﺋِﻤَّﺔً ﻳَﻬْﺪُﻭﻥَ ﺑﺄَﻣْﺮِﻧَﺎ ﻟَﻤَّﺎ ﺻَﺒَﺮُﻭﺍ ﻭَﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﺑِﺂﻳَﺎﺗِﻨَﺎ ﻳُﻮﻗِﻨُﻮﻥَ ﴾ [ﺍﻟﺴﺠﺪﺓ: 24]. ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: "ﺑﺎﻟﺼﺒﺮ ﻭﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﺗُﻨﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ". ﻭﻗﺎﻝ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ: ﴿ ﻭَﺟَﺰَﺍﻫُﻢْ ﺑِﻤَﺎ ﺻَﺒَﺮُﻭﺍ ﺟَﻨَّﺔً ﻭَﺣَﺮِﻳﺮﺍً ﴾ [ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ: 12].
ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺍﻟﺼﺒﺮ ﺩﺍﺧﻠﻮﻥ ﻓﻲ ﻣُﺴﻤّﻰ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻷﻥ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻗﻮﻝ ﻭﻋﻤﻞ ﻭﺍﻋﺘﻘﺎﺩ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻓﺮﺩﻫﻢ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻟﺒﻴﺎﻥ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻭﺗﺬﻛﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺑﻬﺎ.
ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻮﻓﻘﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻜﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻭﺃﻥ ﻳﺘﻘﺒﻞ ﻋﻤﻠﻨﺎ ﻭﻳﺴﺘﺮ ﻋﻴﻮﺑﻨﺎ، ﺇﻧﻪ ﺟﻮﺍﺩ ﻛﺮﻳﻢ، ﻭﺁﺧﺮ ﺩﻋﻮﺍﻧﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ.
_________________________________________
علاء- اللهم اني أعوذ بك من فتنة الدجال
- عدد المساهمات : 1603
تاريخ التسجيل : 31/07/2013
رد: طلوع البدر في تفسير سورة العصر
بارك الله فيك اخي علاء
حليم- معبّر المنتدى
- عدد المساهمات : 4182
تاريخ التسجيل : 03/03/2013
رد: طلوع البدر في تفسير سورة العصر
الصلاة الوسطي .. صلاه العصر وصلاه الفجر
حم) , وَعَنْ فَضَالَةَ اللَّيْثِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ:
(أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَسْلَمْتُ , وَعَلَّمَنِي حَتَّى عَلَّمَنِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ لِمَوَاقِيتِهِنَّ , فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ هَذِهِ لَسَاعَاتٌ أُشْغَلُ فِيهَا , فَمُرْنِي) (1) (بِأَمْرٍ جَامِعٍ إِذَا أَنَا فَعَلْتُهُ أَجْزَأَ عَنِّي) (2) (فَقَالَ لِي: " إِنْ شُغِلْتَ فلَا تُشْغَلْ عَنْ الْعَصْرَيْنِ " , قُلْتُ: وَمَا الْعَصْرَانِ؟) (3) (قَالَ: " صَلَاةٌ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ , وَصَلَاةٌ قَبْلَ غُرُوبِهَا (4)) (5) "
_________
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ فِيمَا عَلَّمَنَا قَالَ: «حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ، وَحَافِظُوا عَلَى الْعَصْرَيْنِ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْعَصْرَانِ؟ قَالَ: «صَلَاةٌ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَصَلَاةٌ قَبْلَ غُرُوبِهَا»
واعتقد والله اعلم .. ان الله سبحانة وتعالى .. اقسم بطلوع الشمس وغروبها .. ان الانسان لفي خسر كل ما طلعت عليه الشمس وغربت .. الا .. الذين امنوا وعملوا الصالحات ..
وهذا ليس تفسير .. وانما رأي .. والله اعلم
حم) , وَعَنْ فَضَالَةَ اللَّيْثِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ:
(أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَسْلَمْتُ , وَعَلَّمَنِي حَتَّى عَلَّمَنِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ لِمَوَاقِيتِهِنَّ , فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ هَذِهِ لَسَاعَاتٌ أُشْغَلُ فِيهَا , فَمُرْنِي) (1) (بِأَمْرٍ جَامِعٍ إِذَا أَنَا فَعَلْتُهُ أَجْزَأَ عَنِّي) (2) (فَقَالَ لِي: " إِنْ شُغِلْتَ فلَا تُشْغَلْ عَنْ الْعَصْرَيْنِ " , قُلْتُ: وَمَا الْعَصْرَانِ؟) (3) (قَالَ: " صَلَاةٌ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ , وَصَلَاةٌ قَبْلَ غُرُوبِهَا (4)) (5) "
_________
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ فِيمَا عَلَّمَنَا قَالَ: «حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ، وَحَافِظُوا عَلَى الْعَصْرَيْنِ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْعَصْرَانِ؟ قَالَ: «صَلَاةٌ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَصَلَاةٌ قَبْلَ غُرُوبِهَا»
واعتقد والله اعلم .. ان الله سبحانة وتعالى .. اقسم بطلوع الشمس وغروبها .. ان الانسان لفي خسر كل ما طلعت عليه الشمس وغربت .. الا .. الذين امنوا وعملوا الصالحات ..
وهذا ليس تفسير .. وانما رأي .. والله اعلم
حر بلا قيود- عضوية ملغية "ايقاف نهائي"
- عدد المساهمات : 1130
تاريخ التسجيل : 10/08/2013
مواضيع مماثلة
» بيني وبين عبدي نصفين
» سورة الشعراء - سورة 26 - عدد آياتها 227
» العالم الإخواني /عمر عبد الكافي يقر بأن المسيح صُلب وأنه ابن الله !!! وأن الله يبكي عليه !!!
» السيسي يطلب تفسير أول سورة الفتح
» صفات خوارج العصر من فتاوى علماء العصر
» سورة الشعراء - سورة 26 - عدد آياتها 227
» العالم الإخواني /عمر عبد الكافي يقر بأن المسيح صُلب وأنه ابن الله !!! وأن الله يبكي عليه !!!
» السيسي يطلب تفسير أول سورة الفتح
» صفات خوارج العصر من فتاوى علماء العصر
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات العامة و الساحة السياسية والاقتصادية المفتوحة :: حوار الثغور ومنبر السياسة والاقتصاد والفتن الخاصة (عمران بيت المقدس خراب يثرب)!
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى