الخوف .. الدكتورة عائشة الحكمي
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات العامة و الساحة السياسية والاقتصادية المفتوحة :: حوار الثغور ومنبر السياسة والاقتصاد والفتن الخاصة (عمران بيت المقدس خراب يثرب)!
صفحة 1 من اصل 1
الخوف .. الدكتورة عائشة الحكمي
السؤال
أنا فتاةٌ قاربت الثلاثين، أُعاني من اكتئابٍ مُصاحب لوسواسٍ قهري، هذا ما شخَّصه لي طَبيبي المتخصِّص في العِلاج النفسي والعصبي، فأعطاني الدواء ANAFRANIL 25mg+SOLLIAN 50mg فحين أنقطعُ عن تناوُل هذه الأدوية ترجعُ لي الحالات التي أُعاني منها (الاكتئاب)، وأحسُّ بالرعب من جموع الناس، واضطرابٍ في أفكاري، وأحسُّ برعشة في اليدين والرجلين، وعدم القُدرة على السَّيْطرة على الأفكار والرعب الذي يتملَّكني، والآن تعرَّفت على شاب، والمفروض أنِّي سأقبله للمرَّة الأولى ليَراني وأراه، لكنَّ مُشكلتي هي أنِّي أحسُّ بالرعب عندما أُفكِّر في الزواج، بل حتى من هذه المقابلة، فتَنتابني أفكارٌ بأنِّي ستَزداد حالتي المرَضيَّة، وسيَزداد الاكتئاب، وخُصوصًا أنِّي سأترُك عملي وسأعيش في فرنسا بعد الزواج، وهذه الأفكار تُتعبني نفسيًّا، وتزيد كآبتي ورعبي من الزواج، وكذلك مُشكلة مصارحته بمرضي، وإذا كان يجبُ إخباره فماذا أقول له؟
أرجو مساعدتكم فأنا تعبتُ من التفكير.
الجواب
بِسْمِ اللهِ المُوفِّق للصَّواب
وهو المُستعان
أيَّتُها العزيزة:
سَيُفْتَحُ بَابٌ إِذَا سُدَّ بَابْ
نَعَمْ، وَتَهُونُ الأُمُورُ الصِّعَابْ
وَيتَّسِعُ الحَالُ مِنْ بَعْدِ مَا
تَضِيقُ المَذَاهِبُ فِيهَا الرِّحَابْ
مَعَ الهَمِّ يُسْرَانِ هَوِّنْ عَليْكَ
فَلا الهَمُّ يُجْدِي وَلا الإكْتِئَابْ
فهَوِّني عليكِ، وتَفاءَلِي بخيرٍ، وأمِّلِي فيما عند الله، وعَسى ربُّكِ أنْ يَشْفيكِ ويُعافِيكِ ويكتبَ لكِ ما فيه خيركِ وسَعادتكِ، ويُبلِّغكِ جميعَ أمانيكِ، ويَرزُقكِ زوجًا صالحًا يُحبُّكِ ويُرضيكِ، آمين.
سأبدأُ جَوابِي بالتَّعقيب على الجانِب النَّفسيِّ المُتعلِّق بالأدوية النَّفسيَّة، وباللهِ التَّوفيق:
عقار أنافرانيل:
الاسمُ العِلْمي: Clomipramine
الاسم التِّجاري: ®Anafranil
مُضادٌّ للاكتئاب، ينفع من الوِسْواس القهري، ويظهرُ أثرُه بعد مُرور أُسْبوعَين إلى ثلاثةِ أَسابِيعَ من تناولِه.
الجُرعة المُوصَى بها:
25mg 2: 3 مرَّات في اليَوْم، أو 75mg مرَّة واحِدَة في اليَوْم، بين الوَجبات.
الآثار الجانبيَّة الشَّائعة:
1. النُّعاس والدُّوَار، أو عدم وُضوح الرُّؤية؛ لذلك يُستحسَن تناولُه في المَساء، ولا يُستحسَن تناولُه مع الأدويَة المُسبِّبة للنَّوْم، ولا عندَ أداءِ مُهمَّات الأَعْمالِ التي تتطلَّب التَّركيز والتيَقُّظ.
2. يزيدُ من حساسية الجِلْد نحو أشِعَّة الشَّمس، ما قد يُسبِّب حُروقَ الشَّمْس، فينبغي الادِّهان بكريمٍ واقٍ من الشَّمس، وارتِداء المَلابس القُطنيَّة البَيْضاء قبلَ الخُروج مِن المنزل بنِصْف سَاعَة.
3. لا يصلُح وصفُه للأطفالِ ولا المُراهقين؛ فقد لُوحِظ أنَّه يزيدُ من الأفكارِ الانتحاريَّة عند الصِّغار وأحْداثِ السِّنِّ، ما يستلزم مُراقَبة مَن يتَعاطى هذا الدَّواء من قِبَل الأَهْل، مع مُتابعة الطَّبيب المُعالِج بشكلٍ مُستمرٍّ.
آثار التَّوقُّف الفجائي:
1. الدُّوَار.
2. الصُّداع.
3. التقَيُّؤ أَو الغَثَيان.
4. التَّعَب.
5. اضطرابات النَّوْم.
رأيي:
أنافرانيل من أَقْدم الأَدْوِيَة، وأحد خَمْسة أَدْوِية ثبتتْ فعاليَّتها في عِلاج الوسواس القهري، لكنَّ القَاعِدة العامَّة في عِلاج الوسْواس القهري: أنْ يتمَّ تناوُل هذه الأَدْوِيَة بجرعاتٍ عالِية تبدأ بشكلٍ تدريجي، والجُرْعة التي تتناولينها مُناسبة في بدايةِ العِلاج، لكنَّها بسيطة جدًّا كعلاجٍ لوقتٍ طويل، ويُستحسَن التَّدرُّج في زيادة الجُرْعة بمشورة طَبيبكِ، فلا تقطعي عمَلَه في بدَنِكِ لسُوء اعتِقادكِ فيه، ولا تزيدي الجُرْعة بنَفسكِ؛ بل انتظِمي عليه كما وصفَ طبيبكِ، لا سِيَّما وأنَّ الوِسْواس القهري من الأمراضِ العصابيَّة التي تستغرقُ وقتًا في العِلاج، ويعدُّه البعضُ حالةً مُزْمِنة، ومن الخطأ قطع الدَّواء من تلقاءِ نفسكِ، فقط ناقِشي طبيبَكِ بخُصوص زيادة الجُرْعة، فإنْ رأى استجابتَكِ مع جُرعة 25mg هي المُناسبة لكِ، فداومي عليها باسم اللهِ الشَّافي المُعافي.
عقَّار سوليان:
الاسمُ العلمي: Amisulpride
الاسمُ التِّجاري: ® Solian
مُضَادٌّ للذُّهان، من فِئَة الجِيل الثَّاني من مُضادَّات الذُّهان، ينفعُ مع الفُصام.
الجُرعة المُوصى بها:
الذُّهان الحَاد: 400 – 800 mg يوميًّا.
الأعراض السلبيَّة السَّائِدة للفُصام (الاكتئاب، وتبلُّد المَشاعِر، والانْسِحاب الاجْتِمَاعي): 50-300 mg يوميًّا.
الآثَار الجَانِبيَّة الشَّائِعة:
1. النُّعاس.
2. زيادَة القَلَق والانْفِعال.
3. الإمْسَاك.
4. زِيادَة الوَزْن.
5. زِيادَة إفْرَاز اللُّعَاب.
6. رعَش اليَديْن والسَّاقيْن.
7. انْخِفَاض ضَغْط الدَّم.
رأيي:
- استجابتُكِ العِلاجيَّة بالتَّحسُّن لمُضادٍّ للذُّهان دليلٌ على أنَّ الأعراضَ التي تَشْكين منها ذُهانيَّة؛ بما يَعْني أنَّ طبيبَكِ قد وقَع على الدَّواء، ولم يقعْ على التَّشخيص الفارِق؛ فتشخيصُ عِلَّتك على اعْتبارها "اكْتِئاب مُصاحِب للوسواس القَهري" غيرُ دَقِيق وغيرُ مُتوافقٍ مع نَوْع الأدويَة التي تتعاطينها، ولأنَّكِ لم تشرَحِي شيئًا يُمكِّنني من التَّشخيص، فليس في وُسعي أنْ أبحثَ في عِلَّتكِ.
- بما أنَّ هذه المُصادَفة بين الدَّاءِ والدَّواء قد تَمَّتْ، فلا بُدَّ أن يحصُلَ البُرْء - بإذنِ اللهِ تَعالى - ويبقى طبيبُكِ المُعالِج - مِن حيثُ يراكِ ويسمعكِ - أَعْرف بما يُناسبكِ من أيِّ طَبيبٍ آخر تَكْتبين إليه إلكترونيًّا، فتابِعي طبيبكِ ولا تَقْطعي الدَّواء.
- الرَّعَش الذي تَشْكين منه في يديْكِ وساقيْكِ قد يكونُ من الآثارِ الجانبيَّة لعَقَّار سُوليان.
بالنِّسبة للرُّؤية الشَّرعيَّة - ولستُ أدري إن كنتِ قد رأيتِ هذا الخاطب أم لا - فالمُفترَض أنْ تكونَ شرعيَّة، وتتمَّ في بيتِكُم بين أهلكِ، والرُّؤية الشَّرعيَّة أمرٌ مُقلِق لكلِّ فتاةٍ مُقبِلة على الزَّواج، سَواء كانتْ فتَاة مَريِضة أم مُتعافِية، وعسَى الله أنْ يثيبكِ ويثبِّتكِ، ويكتبَ لكِ الخَيْر حيثُ كان، ثم يُرضيكِ به.
ودُونكِ بعضَ النَّصائِح، التي آمل أنْ تُعينكِ هلى الاستعدادِ نفسيًّا للرُّؤية الشَّرعيَّة:
أوَّلاً: احْرصي على تناوُل الدَّواء قبلَ الرُّؤية في مَواعيده دُون تَفْويت.
ثانيًا: قومي بجلساتِ اسْترخاء وتنفُّسٍ عَمِيق يوميًّا قبل مَوْعِد الرُّؤية بأُسبوعٍ على أقلِّ تَقْدير.
ثالثًا: التَّخيُّل المُوجَّه، والاستِعدادُ الذِّهني الإيجابي في وَضْعٍ استرخائيٍّ مُريح، عبر تخيُّل مَوْقف الرُّؤية الشَّرعيَّة ذِهنيًّا (تخيَّلي نفسكِ بالهَيْئة التي ستَدخُلين بها، وماذا ستقُولين)، ثم كرِّري هذا التَّمرين حتى تتقبَّلي المَوْقف نفسيًّا، ثم تدرَّبي عليه في غُرفتكِ أمامَ مِرآتكِ.
مُلاحظة: على مَرْضَى الصَّرَع والفصام تجنُّب اسْتعمال أُسلوبِ التَّخيُّل المُوجَّه.
رابعًا: أرْسلي لعقلِكِ الباطِن رسائلَ إيجابيَّة قبلَ النَّوم، تبُثِّين خِلالها رُوحَ الأَمَل والتَّفَاؤُل بمستقبَلٍ مُشرِقٍ مع مَن تُحبِّين.
خامسًا: احْرصِي على أنْ تكُوني على سَجيَّتكِ من غير تَكلُّفٍ أو تَصنُّع؛ فهذا خير ما يُساعدُكِ في هذا اليَوْم الجَمِيل.
سادسًا: الدُّعاء بتَيْسير الأَمْر مع حُسْن التَّوكُّل على اللهِ - سبحانه وتعالى - واللهُ يوفِّقكِ.
أمَّا عن سُؤالكِ: "هل أُصارحه بمرضي أو لا؟ وإذا كان يجبُ إخباره فماذا أقول له؟"، فأرى ألا تُخبريه؛ لعِدَّة أَسْباب، منها:
1) أنَّ مرضَكِ ليس خِطيرًا أو مُؤثِّرًا على سَعادتكِ مع زوجِكِ، فها أنتِ تَعْملين ولم يتأَثَّر عملُك بمرَضكِ، وما دُمتِ قَادِرة على العمَل رغم المَرَض، فهذا يعني أنَّ بمقْدُوركِ الزَّواج رغمَ المَرَض.
2) مرضُكِ ليس من العُيوب التي تمنعُ من وَفاءِ حُقوقِ النِّكاح، وما دُمتِ تتناولين الأَدْوِيَة بشكلٍ مُنتظِم، فأنتِ بِخْير.
3) هذه مُجرَّد رُؤية قد تتمُّ المُوافقة بعدها وقد لا تتمُّ، ولعلَّكِ إن استرحتِ إلى هذا الشَّاب، أن يكونَ وُجودُه في حياتِكِ مُحرِّضًا لكِ لمُقاومة المَرض، ومُدافعة الأَفْكار الوسواسيَّة.
4) ولأنَّه لم يزلْ لدى الكثير من النَّاس مَفاهِيم خَاطِئة حوْلَ المَرَض النَّفسي، فإنْ لم يكُن رجُلاً واعيًا ومُثقَّفًا، فقد يُفسِّر مرضَكِ على نحوٍ خَاطئ، ويكفي دليلاً على ضَحالة الإدراكِ النَّفسي أن نجدَ بين النَّاس من يدَع الأطبَّاءَ وأهلَ الاختصاص، ويسْتَرشد غيرَ المُختصِّين لمُجرَّد أنَّهم تلقوا بضعَ دَوْراتٍ تِجاريَّة في بِضْع ساعاتٍ!
فقط أنصحكِ هُنا أنْ تُراجعي طَبيبَكِ، وتُعلميه بأمرِ زَواجكِ وسفَركِ، واسترشِديه فيما يتعلَّقُ بضَبْط حُرعاتِ الأَدْوِيَة خِلال الحَمْل والوِلادَة؛ لتَأْثير عقَّار سُوليان على هرمُون البُرولاكتين "هرمُون الحَلِيب"، واسأليه أيضًا متى يكونُ الوقتُ مُناسبًا لإخبار هذا الرَّجل بمُشكلاتكِ النَّفسيَّة، أمَّا إذا كانتْ تَصرُّفاتكِ وسُلوككِ مُفصحًا عن اضطرابِكِ، فسألكَ الخَاطِب عن ذلك، فلا بُدَّ وقتئذٍ من إخبارِه، ولكن دُون الدُّخول في التَّفاصيل والتَّشخيص، صِفي له بعضَ أعراضِكِ فقط، قُولي مثلاً: إنَّكِ تُعانين من خَوْفٍ شَديد إذا التقيتِ بجموع النَّاس، وأنَّكِ تُفكِّرين كثيرًا بسبب ذلك، وأَعلميه أنَّكِ تتدرَّبين الآن للتَّخلُّص من هذا الخَوْفِ، مِثْل هذا الوَصْف أراه كافيًا لحالتكِ، فلا تتجاوزيِه إلى التَّشخيص، ولا تقولي: عندي وسْواس قهري أو أشعر بالرُّعب!
الخَوْفُ من الزَّواج Gamophobia - Fear of Marriage
الخَوْفُ من الزَّواج خَوْفٌ غير منْطِقي، يظهر نتيجة التَّفْكِير السَّلبي المَخْزُون في اللاَّشُعور، بسببِ مَواقِف وخِبْرات سَابقة مررتِ بها، أو مرَّ بها أحدُ والديْكِ أو شَقيقاتكِ، ولعلَّ أبرز هذه المُشكلات مرضكِ الحالي، وشعوركِ أنَّكِ لن تتمكَّني من القِيام بأداءِ واجباتِكِ الزَّوجيَّة، وهو أمرٌ غير صَحيح؛ لأنَّ كلَّ أُنثَى قد خلَقها اللهُ - سبحانه وتعالى - وهي مُزوَّدة فِطريًّا بما تحتاجُ إليه لأداءِ أدوارها الاجتماعيَّة.
ومن أسبابِ عِلاجه: التَّفْكِير الإيجابي، وتَنْمية الثِّقَة بالنَّفس، والتَّثقيف النَّفسي والجِنْسي والعَاطفي، لكِ أنْ تنظُري في هذه الكُتُب التي تُشجِّع على التَّفْكِير الإيجابي والتَّخلُّص من المَخاوِف:
1. كِتاب "صُعُود بلا حُدُود: رِحْلَة في عالَم التَّفْكِير الإِيجابي"؛ تأْلِيف: مُوسَى بن راشِد البهدل.
2. كِتاب "أسعد امْرَأَة في العالَم"؛ تأْلِيف: الشَّيْخ د. عائِض القَرَني.
3. كِتاب "قِمَّة الأَداء عند المَرْأَة"؛ تأْلِيف: بريان تراسي، من سلْسِلة الكتيِّب الشَّامِل.
4. كِتاب "الثِّقَة تَصْنَعُ النَّجاح"؛ تأْلِيف: د. جوديث برايلس، تَرْجَمَة: مَرْوان أبو جيب.
وهذه بعض الكُتُب المُحكَمة في بابِ التَّثقيف الزَّواجي:
1. كِتاب "تحفة العَرُوس"؛ تأْلِيف: محمود مهْدِي الاستانبولي؛ (كتابٌ شَامِل من أجلِّ الكُتُب وأنفعها، مع مُلَحق مُوسَّع من عَشرات الأَسْئلةِ والأَجْوبةِ عن الجِنْس).
2. كِتاب "الرِّجَال والنِّسَاء والعَلاقات بينهما"؛ تأْلِيف: جون جراي؛ (كتابٌ نَفْسي/اجْتماعي في فهْمِ العَلاقات بين الجِنسين).
3. كتاب "غِذَاؤك.. طَبيِبك: للحَياة الزَّوجيَّة"؛ تأْلِيف: فيكي إدجسون وأيان مارير؛ (كتابٌ صِحِّي عن الأَطْعِمة المُعزِّزة للنِّشاط الجِنْسيِّ).
فاقرئيها واظفري بفوائدِها، واشتَغلِي بتَدبيرِ نفسِكِ، وتناوُل أدويتِكِ، وأنتِ حسَنة الظَّن بخالقكِ، مُلحَّة عليه - سبحانه وتعالى - بالدُّعاء، وعَظِيم الرَّجاء أنْ يشفيكِ ويُعافيكِ.
أَحْسِنِ الظَّنَّ بِرَبٍّ عَوَّدَكْ
حَسَنًا بِالأَمْسِ سَوَّى أَوَدَكْ
إِنَّ رَبًّا كَانَ يَكْفِيكَ الَّذِي
كَانَ بِالأَمْسِ سَيَكْفِيكَ غَدَكْ
وقد كفاكِ اللهُ ما هو أَصْعَبُ من النِّكاح: خُروجكِ إلى الحياةِ الدُّنْيَا من ظُلُماتٍ ثَلاثٍ، فثِقي باللهِ؛ إنَّه نِعْمَ المَوْلَى ونعمَ المُعِين، وعليكِ بالنَّظر في استشارة "الخَوْف من الزَّواج وتبعاته" لمزيد فائدة.
والله - سبحانه وتعالى - أعلمُ بالصَّواب، وهو على ما يشاءُ قدير، وبالإحسان جَدِير.
دم البعوض طاهر او نجس- موقوووووووف
- عدد المساهمات : 106
تاريخ التسجيل : 12/09/2013
رد: الخوف .. الدكتورة عائشة الحكمي
فتياتنا والخوف من الزواج
• أ. روحي عبدات: إنَّ خوفَ الفتاة من الزَّواج يُعبِّر في كثير من الأحيان عن الخوف من نتائج هذا الزواج.
• أ. منيرة العبد الهادي: تأسيسُ علاقة زوجيَّة جيِّدة والمحافظة عليها، يتطلَّبُ وقتًا وإرادةً قويَّةً.
تحقيق: تهاني السالم - جدَّة
عشُّ الزوجيَّة أو كما يَحلو للبعض أنْ يسموهُ القفص الذَّهبي، الذي يجمع الشابَّ والفتاة على الحبِّ والتَّفاهم، وما أنْ يتقدَّم الشابُّ للفتاة، فتجد الأُنس والسُّرور على أهلها وذويها، وتختلط المشاعر لدى الفتاة بين الفَرَحِ والخوف، والاضطراب والسعادة؛ فتكون في خلال فترة الخطوبة في دوَّامَة؛ هل سأسعدُ معه؟ هل يتوافق فكره مع فكري؟ هل، وهل، وهل؟ وغيرها من الاستفهامات التي تبدأ تَجول بفكْرِ الفتاة، ثم لا تلبث أنْ تقدِّم رفضها للشاب، دون أن تُبرِّر الأسباب الحقيقيَّة للرفض؛ مِمَّا يجعل الأهل في حَيْرة من أمرهم؛ "الألوكة" طَرَحَتْ القضيَّة على المُختصِّين، فما أسباب الخوف من الزواج، وما الحلول لذلك؟ فإلى ثنايا هذا التحقيق:
أسباب خوف الفتيات من الزواج:
بدايةً مع أ. روحي عبدات "الاختصاصي النفسي والتربوي"، الذي يُوضح جملة من الأسباب حول خوف الفتيات من الزواج، فيقول: "دَرَجَتْ ظاهرة الخوفُ من الزَّواج عند الفتيات في مُجتمعاتنا العربيَّة، فَتَرى الفتاة على الرَّغم من أنَّها تطمح إلى فارس أحلامِها، الذي يأخذها بعيدًا إلى عالمٍ أجمل وأفضل، وتبني معه حياتَها الزوجيَّة، إلاَّ أنَّها في نفس الوقت تراها مُتردِّدة حائرة تجاه الإقدام على هذه الخُطوة التي تعتبرها شرًّا لا بدَّ منه، ولا يقتصر هذا التردد على مرحلة ما بعد الخِطبة، فنرى الكثير من الفتيات يَملْن إلى فَسْخ الخُطوبة بالتذرُّع بحجج واهيَة، وكثرة الطَّلبات غير المنطقيَّة من الخطيب، والتي تُؤدِّي إلى عدم تفاهُم الطرفين، ومن ثمَّ الانفصال قبل أن يتمَّ الزَّواج، وحقًّا، إنَّ هذه الظاهرة بحاجَةٍ إلى دِراسة مُستفيضة والوقوف حول أسبابِها ودوافعها، ولعلَّنا هنا نُحاول التَّطرُّق إلى أسبابها المحتملة، وتقديم بعض الإرشادات والنصائح التي تُخفِّفُ من حدَّتِها.
إنَّ خوف الفتاة من الزواج يعبر في كثير من الأحيان عن الخوف من نتائج هذا الزواج، خاصَّة بعد الاطلاع على مُشكلات الكثير من الفتيات والصديقات اللاتي تزوَّجْن، وحالات الطلاق المُبكِّر بعد فترة وجيزة من الزواج، فتميل الفتاة إلى الرَّغبة في عدم تكرار ما حدث لصديقاتها؛ لأن كلمة مطلقة ليست أمرًا هينًا عليها، بل تظلُّ تَجني عواقبها على مَدى العمر، وتَجد من الصَّعب عليها أن تجد زوجًا آخر بعد مرحلة الطَّلاق؛ لذلك فيعتبر الفشل في هذه التجربة الأولى هو فشل في الحياة بشكل عام، ولا تريد الفتاة هذا الفشل المبكِّر الذي سيدمر حياتَها، وبالمُقابل فإنَّنا نجد الشاب قادرًا على الزَّواج مرَّة أخرى بعد الطَّلاق، دون أن تلاحقه وصمة العار كما هو عليه الأمر بالنسبة للفتاة؛ لذلك فإن ارتفاع نسبة الطلاق هو سَبَبٌ رئيس في هذا التخوف من الزواج.
عامل آخر يرجع إلى العلاقة الوطيدة والعميقة التي تبنيها الفتاة مع أبيها لدرجة أنَّها تتمثل شخصيَّته وسلوكيَّاته، وبالمقابل تبتعد فيه عن أمِّها على اعتبار أنَّها منافستها في أبيها، هذا السلوك الذي قد يصل إلى حدِّ الاضطراب قد يمنع الفتاة من الزواج؛ حيث يمثل الزواج بالنسبة لها إثارة؛ لتعلقها بأبيها وصراعها مع والدتها".
افتقاد السكن العاطفي:
ويُضيف أ. روحي عبدات، فيقول: "وقد تكون عدم قُدرة الفتاة على إقامة العلاقة العاطفية مع الجنس الآخر - سببًا من هذه الأسباب؛ فالقدرة على التعبير عن العواطف والانفعالات ضرورية لبناء الشراكة بين الطَّرفين والثِّقة المتبادلة، فإذا كانت الفتاة غيرَ ناضجة انفعاليًّا، ولا تمتلك مُقومات الانخراط في علاقة عاطفيَّة مع شريك حياتها؛ فإنَّ ذلك سيشكل عائقًا أمام الاستمرار في العلاقة الزوجيَّة، وقد يقود البرود العاطفي في مَرحلة الخِطبة إلى فسخها في وقت مُبكِّر؛ لأنَّ الزواج ليس مُجرد مُمارسة جنسيَّة، بل هو سَكَنٌ عاطفيٌّ ووجداني، ومشاعر مُشتركة بين الطَّرفين يَجب أن ترقى إلى مُستوى هذه العلاقة الإنسانيَّة الحسَّاسة، فإذا لم تلْمَس هذه العلاقة الحسَّاسة الانفعاليَّة المطلوبة فشلت في الاستمرار.
ويلعب مدى الوَعي في الأمور الجنسيَّة دورًا هامًّا أيضًا، فالفتاة قد تَمتلك معلومات مُعيَّنة عن الزواج، وعن المُمارسة الجنسيَّة، حصلت عليها من مصادرَ غير صحيحة، تجعلُها تشمئزُّ من هذه العلاقة، وما يرتبط بِها من حمل وأعباء أُسريَّة، خاصَّة إذا صورتها لها الأخريات اللاتي فَشَلْنَ في الزَّواج - على أنَّ الزواج عِبارة عن حُكم قسري، ومُجرد تلبية لطلبات الزَّوج وشهوته.
إضافة إلى عناصرِ التَّخوُّف من فقدان العذريَّة التي قد تنتاب بعض الفتيات؛ نتيجة الأنشطة الرياضية التي مارستها الفتاة في مراحل مُبكِّرة من العمر كركوب الخيل أو الدَّرَّاجة؛ مما يجعل الفتاة تَخاف من الفضيحة والإقدام على الزَّواج؛ لانكشاف أمرٍ قد يكون غير موجود في الأصل، إضافة إلى ميلِ عدد قليل من الفتيات إلى الجنسيَّة المثليَّة؛ مما يمنعهن من إقامة علاقة مع الجنس الآخر، وهو سلوك مرضيٌّ بحاجَةٍ إلى علاج، ناهيك عن تعرُّض الفتاة في مراحل مبكرة من العمر للصَّدمات النفسيَّة؛ كالتعرُّض للتحرُّش الجنسي والاعتداء من الآخرين، الأمر الذي يجعلها تكره مُجتمع الرجال، وتعمم على أنَّهم كلهم سيِّئون، وعدم قدرتها على إقامة شراكة مع أحدهم؛ لأن الزواج يذكرها بخبراتها السابقة في مراحل مُبكِّرة من العمر؛ وبالتالي فإنَّها لا ترغب في خَوض هذه التَّجربة التي تذكِّرها بالماضي، ناهيك عن فَشلها أحيانًا في تجربة عاطفيَّة أقامتها مع أحد الشبَّان، الأمر الذي عرضها لصدمة تستمر لسنوات، فتُعرض عن الزواج؛ خوفًا من عدم تكرار هذه التجربة، التي اعتبرت نفسَها ضحيَّة لها".
علاج الخوف:
ثم يسترسل أ.روحي عبدات موضحا طرق العلاج بقوله: "إن من أهم طرق علاج خوف الفتيات من الزواج هو التربيةَ الجنسية، التي ترتكز على الأخلاق الفاضلة القويمة والنابعة من روح ديننا الإسلامي، وتزويد الفتاة بالمعلومات الصحيحة عن العلاقة الزوجية والجنسية، وتصحيح الصور المشوهة عن هذه العلاقة، إضافة إلى توعية الفتاة وحمايتها من الوقوع في إقامة علاقات خارج حدود الشرع، والانخراط في التجارب العاطفية، ووضع التوقعات العالية عن زوج المستقبل الذي ينبغي أن يوفر لها كل أسباب الحياة الرغيدة، إضافة إلى توطيد الفتاة لعلاقتها مع والدتها التي تعتبر نموذجها الأعلى وقدوتها، والتي تكتسب منها دورها الاجتماعي في الحياة، دون أن يكون هناك ارتباط مبالغ فيه مع الأب قد يقود إلى صراع خفي مع الأم، وتلعب الدورات التحضيرية للأزواج الشابة في مرحلة الخطوبة وما قبل الزواج دورًا هامًا في الإعداد للحياة الزوجية والتهيئة لها، وتحديد الأدوار والمسؤوليات المطلوبة من كل طرف، وهذا الأمر يقلل من الطلاق المبكر، والصدمات التي تحدث في المراحل الأولى من الزواج".
إحجام الفتاة عن الزواج:
وتؤكد أ. منيرة بنت إبراهيم العبد الهادي "رئيسة القسم النِّسائي بمركز التنمية الأسرية بالأحساء": على أن الخوف طبيعيٌّ، لكنْ إنْ سبَّبَ إحجامًا لدى الفتاة فلا بد من مَعْرفة الأسباب؛ بقولها: "لا شكَّ أن الفتاة تنتظر اليوم الذي تتزوج فيه، وتكوِّن أسرة؛ لتشعر بالاستقرار والأمان، وحينما يكون هناك قلق من الإقدام على هذه الحياة الجديدة؛ فهذا طبيعي ما لم يتجاوز الوضع المعقول، أمَّا عندما تحجم الفتاة عن الزواج وترفض، فهذا يحتاج إلى وقفة مراجعة للأسباب، وتفهم حتَّى تتخلص منها، ومن الأسباب الشائعة عند الفتيات: الخوف من الزواج:
1- لأنَّها غيرُ مُستعدَّة له، وكون الزواج مسؤوليَّة.
2- الخوف من عدم القُدرة على التَّكيُّف مع الطرف الآخر.
3- الخوف من أن يكون الزوج رجلاً غيرَ مناسب، وغير مُتوافق في الميول والطباع.
4- الخوف من المشاكل الأُسريَّة.
5- الخوفُ من الفشل.
تعلم المهارات الزوجية:
ثم تُضيف أ. منيرة العبد الهادي، موضحة جملةً من الحلول لهذه المشكلة بقولها: "بدايةً، يَجبُ أن تعلم الفتاة: أنَّ الحياة الأسرية لا تسلم من مُنغِّصات، ولو سلم منها بيت لسلم منها بيت خير الخلق -صلى الله عليه وسلم- ثُم إنَّ الحياة المثاليَّة الخاليَة من الصُّعوبات والمشكلات لا تُوجد إلاَّ في الخيال، وتأسيسُ علاقة زوجيَّة جيدة، والمحافظة عليها يتطلب وقتًا وإرادة قويَّة، ولكي تنجح العلاقة الزوجية يجب أن تُقدِم الفتاة على الزواج بمعرفة المفهوم الصحيح له، وأن تجعل له الأولويَّة في حياتها حاضرًا ومُستقبلاً، وهناك مهارات يُمكن تعلُّمها وتنميتها؛ لتصنع علاقة زوجيَّة إيجابيَّة مُرضية، كما أنَّ الاطلاع ومعرفة ما تتطلبه الحياة الزوجيَّة مهمٌّ قبل الدخول بها؛ حتَّى تساعد على إزالة الرهبة من الزواج".
دم البعوض طاهر او نجس- موقوووووووف
- عدد المساهمات : 106
تاريخ التسجيل : 12/09/2013
رد: الخوف .. الدكتورة عائشة الحكمي
أستاذه اسما حما
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكركم على هذه الشبكة القيِّمة، وبارك الله في مجهوداتكم.
بقلبٍ يَمْلؤُه الحزنُ والأسى أَخُطُّ هذه العبارات؛ علَّني أجد الجواب عندكم.
أنا فتاةٌ محافظةٌ على ديني، وأحفظ كتاب الله، وأحضر الدروس والخُطَب، ولكن للأسف أعشقُ شابًّا، وأعلم أنه يحبني، فلم أرَ منه ككلِّ الشباب في زمننا هذا مَن يُحاول إشباع نفسه فقط، بل بالعكس كان دائمًا ينصحني بالابتعاد عن أي شيء يراه غير لائقٍ، كان يُراقب تحركاتي؛ كنتُ أرى تصرُّفاته مثل تصرُّفات والدي، خوفه عليَّ، حِرْصه الشديد عليَّ، لا أريد غيره في العالم زوجًا لي.
أعْجَبَنِي فيه أنه كان دومًا يذهب للمسجد، يصوم الاثنين والخميس، يحضر الدروس والمحاضرات، أتمنَّاه زوجًا لي، ويتمنَّاني زوجةً له.
المشكلةُ أنَّ أهلي قد علموا أنه يحبني؛ مِن خلال شخصٍ تقدَّم لي ورفضتُه، فأراد أن يحطمَ ما بيني وبين مَن أحبُّ.
تحدَّث هذا الشابُّ عني مع أهله، وأنه أرادني زوجة، واتصلتْ بي والدتُه، وطلبتْ مني الصبر.
أريد نصيحتكم لي، فأنا أثق فيه، ومتأكِّدة منه، لكن كيف أنصحه أن يكون مُلتزمًا؟ فأخشى أن يرفضه والدي لأننا أسرة مُلتزمة بدرجةٍ كبيرةٍ.
الجواب
أختي الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أهلًا ومرحبًا بك في شبكة الألوكة.
بارك الله في دينك وخُلُقك، قرأتُ رسالتك عدة مرات؛ لأَصِلَ إلى المقصودِ مِن استشارتك، فتارةً تقولين: يذهب للمسجد، ويصوم الاثنين والخميس، وهو حريصٌ على التثقيف الذاتي مِن خلال الدروس والمحاضرات، وهذا مطلوبٌ، وبغية أية فتاةٍ صالحة تطلب الزواج؛ ثم تقولين: "كيف أنصحه أن يكونَ مُلتزمًا؟" بعد أن ذكرت أنه مُلتزم؛ مما أوْقَعَنِي في حيرةٍ مِن هذا التناقُض! فهل عنيتِ أنه كان مُلتزمًا في السابق، واليوم قَلَّ تدينُه؟! هل هو محافظٌ على العبادات المفروضة؛ كالصلوات المفروضة، وصيام رمضان؟ ثم لم يعُدْ يحرص على صيام التطوُّع والدروس مثلًا؟ فإن كان هذا مقصودك، فإنَّ الأخيرة هي نافلة وعبادة حسنةٌ، والأهم هو الحِفاظ على الفرائض، ثم عليك مساعدته ونُصحه؛ كي يعود إلى سابق عهدِه مِن الالتزام بالنوافل والدروس.
وهل الأهم عند عائلتك الالتزام بالفرائض أو النوافل؟
المهمُّ في الشابِّ الذي يتقدَّم للخطبة أن يكون مُؤَدِّيًا للعبادات المفروضة، وذا خُلُقٍ حسن، ولن يرفضَه والدك - بإذن الله - إن كان بهذه الصورة.
وأسأل الله لك التوفيق
دم البعوض طاهر او نجس- موقوووووووف
- عدد المساهمات : 106
تاريخ التسجيل : 12/09/2013
مواضيع مماثلة
» صناعة الخوف .. والتمرير المكشوف
» صفات صلاة الخوف|ثقف نفسك
» كيف تطرد الخوف من الموت والمرض ؟
» ما هذا الزمن ..؟ و لماذا الخوف ..! المهدي واقع لا بد منه ..!
» الرغبة والمظاهر: وبناء على الخوف أو السعادة؟
» صفات صلاة الخوف|ثقف نفسك
» كيف تطرد الخوف من الموت والمرض ؟
» ما هذا الزمن ..؟ و لماذا الخوف ..! المهدي واقع لا بد منه ..!
» الرغبة والمظاهر: وبناء على الخوف أو السعادة؟
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات العامة و الساحة السياسية والاقتصادية المفتوحة :: حوار الثغور ومنبر السياسة والاقتصاد والفتن الخاصة (عمران بيت المقدس خراب يثرب)!
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى