ملتقى صائد الرؤى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

يخط حتفه بيده

3 مشترك

اذهب الى الأسفل

يخط حتفه بيده Empty يخط حتفه بيده

مُساهمة  الجوعان الثلاثاء ديسمبر 24, 2013 5:19 pm


يخط حتفه بيده


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين: سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

فقد روى الترمذي بسند حسن من حديث أبي وائل عن رجل من ربيعة، قال: قدمت المدينة فدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت عنده وافد عاد، فقلت: أعوذ بالله أن أكون مثل وافد عاد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما وافد عاد؟ قال: فقلت: على الخبير سقطت، إن عادًا لما أقحطت بعثت قيلاً، فنزل على بكر بن معاوية، فسقاه الخمر، وغنته الجرادتان، ثم خرج يريد جبال مهرة، فقال: اللهم إني لم آتك لمريض فأداويه، ولا لأسير فأفاديه، فاسق عبدك ما كنت مسقيه، واسق معه بكر بن معاوية، يشكر له الخمر التي سقاه، فرفع له سحابات، فقيل له: اختر إحداهن، فاختار السوداء منهن، فقيل له: خذها رمادًا رمددًا، لا تذر من عاد أحدًا، وذكر أنه لم يرسل عليهم من الريح إلا قدر هذه الحلقة؛ يعني: حلقة الخاتم، ثم قرأ: ﴿ وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ﴾ [الذاريات: 41، 42].



إنها سنة الله التي لا تتبدل ولا تتحول، فهذا وافد عاد يسوق الحتف إلى بني جلدته بيده، ويطلب الهلاك بلسانه، ويسعى إلى الموت بأقدامه.



الخائن ليس له جزاء إلا أن يقع فريسة لخيانته، والمخادع ليس له إلا أن يكون ضحية لخديعته، والماكر ليس له إلا نتيجة مكره، وعلى الباغي تدور الدوائر، ومن حفر حفرة لأخيه وقع فيها، كما روى أبو نعيم بسند ضعيف من حديث أنس - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث من كنَّ فيه، فهي راجعة على صاحبها: البغي والمكر والنكث، ثم قرأ ﴿ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ﴾ [فاطر: 43]، وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ ﴾ [يونس: 23] وقرأ: ﴿ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ﴾ [الفتح: 10]".



فرعون مكر وخدع وبغى، فقال الله - جل وعلا - مُمتنًّا على رسوله موسى - عليه السلام -: ﴿ فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾ [غافر: 45، 46]، فكانت النتيجة بعد ذلك المكر أن يخط فرعون حتفه بيده ويسارع إلى زوال سلطانه بقدمه، ويتبع موسى - عليه السلام - حتى يلج البحر هو وأجناده؛ ليكتب لنفسه ما قاله - جل وعلا -: ﴿ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ﴾.



وهكذا صنع كسرى يوم أن جاءته صحيفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمزقها وخط نهاية سلطانه بفَعلته، فقال - صلى الله عليه وسلم - (مزق الله ملكه)، فسلط الله عليه ولده شيرويه ليقتله، فهلَك.



وكذا النمرود وأبو جهل وأمثالهم، كتبوا نهايات بغيهم وخواتيم أيامهم بما جنته عليهم نفوسهم المريضة، وأحلامهم السفيهة، وأمانيهم الدنيئة، فيسلط على النمرود بعوضة، ويسلط على أبي جهل غلامين صغيرين، إنها قصة من يحمل حتفه بيده.



روى أبو داود وغيره بسند صحيح من حديث سهل ابن الحنظلية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب لعيينة ابن حصن كتابًا يحمله إلى قومه، فقال عيينة: يا محمد، أتراني حاملاً إلى قومي كتابًا لا أدري ما فيه كصحيفة المتلمس، وهذا مثل تضربه العرب لكل من يحمل حتفه بيده، وقصته أن الشاعر الجاهلي طَرَفة بن العبد مع خاله المتلمس هجَيَا ملك الحيرة "عمرو بن هند"، فأراد أن ينتقم منهما، فأغراهما بصحيفتين إلى عامله في البحرين، معتقدين أن لهما جائزة، وفي الطريق لقيا شيخًا يقضي حاجته ويأكل تمرًا، ويقتل قملاً في رأسه، فقال أحدهما للآخر: ما أحمق هذا الرجل؟ فأجابهم: لست أحمقَ، إنما أدخل طيبًا، وأخرج خبيثًا، وأقتل عدوًّا، إنما الأحمق من يحمل حتفه بيده، فتنبه المتلمس للصحيفة التي في يده، وكان لا يحسن القراءة، فرأى غلامًا وقال: يا غلام أتقرأ؟ قال: نعم، ففض صحيفته وقرأ فيها إلى عامل البحرين إذا أتاك المتلمس فاقتله، فقال المتلمس لأبن أخته طَرَفة: فض صحيفتك، فإني أرى أن الملك قد أمر بقتلك، فأجابه طَرَفة لا، إن الملك يخشى من عشيرتي وليس في صحيفتي إلا جائزة، ففر المتلمس إلى الشام وذهب طَرَفة بن العبد إلى عامل البحرين وفتح الصحيفة، وفيها إذا أتاك طَرَفة بن العبد فاقتله، فقتَله، وهذا مثل تقوله العرب لكل من حمل حتفه بيده.



حينما مكرت اليهود بعيسى - عليه السلام - قال كبيرهم يهوذا: ليس لكم إلا أن تقتلوا عيسى الساحر بن الساحرة، والفاعل بن الفاعلة، فباتوا تلك الليلة يريدون قتل المسيح - عليه السلام - فرفعه الله وألقى شبهه على يهوذا، فقتلوا يهوذا، وهم يعتقدون أنهم قتلوا عيسى، فنال يهوذا حتفه بيده، وسعى إليه بقدمه.



يروي لنا ربنا - جل في علاه - قصة أصحاب الجنة في سورة القلم الذين تعجلوا جني الثمار ليلاً قبل أن يأتي المساكين صباحًا، فكان الجزاء أن أهلك الله زرعهم، وأحرق بستانهم؛ لأنهم مكروا وخادعوا وخانوا، فخطُّوا نهاية جنتهم بمكرهم، ورسموا لوحة بوارها بتصرفاتهم؛ قال – سبحانه -: ﴿ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ * فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ * أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ * فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ * وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ * فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ * قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ * عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ * كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [القلم: 17 - 33].



إنها رسالتان، الأولى إلى المسلم الذي تكالبت عليه أيدي الماكرين الباغين المخادعين الناكثين، أقول له: لا تحزن، فـ﴿ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ﴾، ﴿ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ﴾، وعلى الباغي تدور الدوائر، فاصبر فإن الله معك.



والثانية إلى أولئك البغاة الماكرين المخادعين الناكثين الخائنين أقول: ﴿ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ * وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ ﴾ [هود: 121، 122]، ﴿ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا ﴾.



والله من وراء القصد، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.

حسام الدين السامرائي
الجوعان
الجوعان
موقوووووووف

عدد المساهمات : 46
تاريخ التسجيل : 28/06/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

يخط حتفه بيده Empty رد: يخط حتفه بيده

مُساهمة  الازدي333 الأربعاء ديسمبر 25, 2013 12:43 am

جزاك الله خيرا ونفع بك ورفعك في الدارين درر
الازدي333
الازدي333
موقوووووووف

عدد المساهمات : 2313
تاريخ التسجيل : 17/11/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

يخط حتفه بيده Empty رد: يخط حتفه بيده

مُساهمة  جعبة الأسهم الأربعاء ديسمبر 25, 2013 10:43 am

أخي/ الجوعان

بارك الله فيك .. وجزاك الله خيرا

جعبة الأسهم
الفقير إلى عفو ربه

عدد المساهمات : 17019
تاريخ التسجيل : 29/01/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

يخط حتفه بيده Empty رد: يخط حتفه بيده

مُساهمة  الجوعان الأربعاء ديسمبر 25, 2013 4:43 pm

الازدي١١١ كتب:جزاك الله خيرا ونفع بك ورفعك في الدارين درر

اللهم آمين وأياك.
الجوعان
الجوعان
موقوووووووف

عدد المساهمات : 46
تاريخ التسجيل : 28/06/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

يخط حتفه بيده Empty رد: يخط حتفه بيده

مُساهمة  الجوعان الأربعاء ديسمبر 25, 2013 4:44 pm

جعبة الأسهم كتب:أخي/ الجوعان

بارك الله فيك .. وجزاك الله خيرا
وفيك بارك الله .......اللهم آمين
الجوعان
الجوعان
موقوووووووف

عدد المساهمات : 46
تاريخ التسجيل : 28/06/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى