خطبة في مقاصد وحكم رمضان
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات الدعوية ومنبر القرآن وعلومه و الحديث والفقه :: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن (تدبر، مواعظ، فوائد، تجارب)
صفحة 1 من اصل 1
خطبة في مقاصد وحكم رمضان
بسم الله الرحمان الرحيم
الموضوع: مقاصد وحكم رمضان
الخطبة الاولى
أما بعد:
معاشر المسلمين :
إن الله عزّ و جل أحكم الحاكمين لاَ معقب لحكمه و هو اللطيف الخبير لا يسأل عما يفعل و هم يسئلون إذا شرع عبادة أو حكما إنما يشرعه لِحِكَمٍ عظيمة و مقاصد شريفة جليلة، علمها من علمها و جهلها من جهلها. و لهذا وصف الله نفسه بالعلم و الحكمة فقال:<< وكان الله عليما حكيما >>.و قال:<< و هو اللطيف الخبير >> وقال أيضا:<< و هو الغفور الرحيم >> فأحكامه سبحانه فيها العلم و الحكمة و فيها الخبرة و الرحمة. و شريعته كلها رحمة وعدل و حكمة و مصلحة، و هذا ما يسمى عند علماء الفقه بمقاصد الشريعة، فان في كل حكم شرعي مقصد شرعي، فمثلاً شرعت الطهارة و الغسل و الوضوء للنظافة و الجمال، و شرعت الصلاة لتوحيد الله و تقوية الصلة بين المسلمين و تطهير النفس من أدناسها، قال تعالى:<< إن الصلاة تنهىعن الفحشاء والمنكر ...>>، و شرعت الزكاة لتطهير المال و لمواساة الضعفاء و لتقوية الصلة بين المسلمين، قال تعالى:<< خد من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ...>>، وشرع الحج لرفع كلمة التوحيد و لاجتماع المسلمين و تعارفهم وجهاد النفس ، و شرعت الحدود لإقامة العدل و تخويف المجرمين. ) ولكم في القصاص حياة يا اولبي الالباب<
و هكذا لو تتبعت أحكام الله جميعا فإنها شرعت لغايات و مقاصد عظيمة، و لكن أكثر الناس لا يعلمون، يقول تعالى:<<يأيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون...>>. فبين الله أنما شرع الصوم لمقصد عظيم ألاَ و هو التقوى، و التقوى هي رأس الخير في الدنيا و الآخرة، فالصيام الصحيح الخالي من المعاصي يروض النفس على التقوى. فماهي عباد الله مقاصد رمضان؟؟
1)- تقوى الله: قال تعالى:<<يأيها الذين كتب عليكم الصيام ...>> فأول مقصد في رمضان هو تقوى الله، فمن لم يوفق للتقوى في شهر رمضان فرمضانه ناقص فيه عيب. و التقوى هي فعل الواجبات و ترك المحرمات، قال طلق بن حبيب:<<التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجوا ثواب الله و أن تبتعد عن معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله >>، و قال آخر:<< التقوى ألا يجدك ربك حيث نهاك و ألا يفقدك حيث أمرك و دعاك >>.
فيا أيها الصائم أين أنت من "لعلكم تتقون " و أنت هصر على معصية الله، " لعلكم تتقون " وأنت تنظر للمحرمات و تسمع لأغاني هابطة، " لعلكم تتقون " و لسانك ينفث الأذى، " لعلكم تتقون " و أنت صاحب رشوة غشاش للمسلمين، " لعلكم تتقون " و أنت صاحب غيبة و نميمة و سوء ظن و شهادة الزور، " لعلكم تتقون " و أنت عاق لوالدين، ظالم لزوجتك، محتقر لأولادك، ظالم لجيرانك، " لعلكم تتقون " و أنت متعد للحدود، تارك للواجبات، فالصوم الحقيقي هو الصوم عن الذنوب و الكبائر، أما الصوم عن الطعام وحده فهو صوم البهائم، قال صلى الله عليه و سلم:<<من لم يدع قول الزور و العمل به و الجهل....>>( رواه البخاري)
2)- الإخلاص: قال تعالى:<<و ما أ مروا إلا لعبدوا الله مخلصين له الدين.حنفاء ..>>، فالإخلاص هو صدق توجه القلب لله في كل عبادة و عمل، و ضده الشرك، قال تعالى:<< فمن كان يرجوا لقاء الله...>>. فرمضان يعلم الإخلاص، و رمضان عبادة السر، والصائم مخلص، لأنه قادر و هو خالٍ وحده أن يهتك صومه، ولكن إخلاصه لله تعالى يمنعه من ذلك، فرمضان شهر الإخلاص، يعلم العبد أنه عبد لله تعالى مطيعٌ له في الخفاء و الجلاء، فالإخلاص يعلمك ان تعصي الله في الخلوات.
3)- الصبر: رمضان شهر يعلم الصبر، قال تعالى:<< انما يوفى الصابرون..اجرهم بغير حساب .>>وقال صلى الله عليه و سلم:<< قال الله تعالى " يترك طعامه و شرابه و شهوته من أجلي..." >>، فهذا هو الصبر، يصبر على الجوع و العطش خوفاً من الله تعالى و من عقابه و تعظيما له سبحانه. و الصبر عمود كل عبادة، فلولا الصبر لحصل التهاون في العبادة. والصبر يكون على الطاعة، و الصبر عن المعصية، و الصبر عن الأقدار المؤلمة، قال تعالى:<<يأيها الذين ءامنوا استعينوا بالصبر و الصلاة...>>.
الخطبة الثانية
اما بعد:
عباد الله...من حكم رمضان
4)- التكافل الاجتماعي و الانفاق في سبيل الله:من مقاصد رمضان، فالجوع و العطش يذكر النفس بتلك الطبقة الكادحة من الفقراء الذين لا يسألون الناس إلحافا، فرمضان من أهدافه الإنفاق في سبيل الله و تعلم الجود و العطاء و فرصة لاكتشاف البخل في النفوس، فان البخل من صفات المنافقين، و الجود و العطاء من صفات المؤمنين، كما قال تعالى:<< المنافقون و المنافقات بعضهم من بعض.يامرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون ايديهم..>>.
فلا ينسى الصائم جاره الفقير و لا ينسى الصائم عابر السبيل و هو جالس على مائدة تكاد تفيض من ملذات الطعام، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم أجود الناس و أجود ما يكون في رمضان.
5)- طلب العلم و قراءة القرآن: شهر رمضان شهر القرآن، و القرآن هو كتاب علم و تدبر و دعوة و كتاب عدل و حكم، و ليس فقط كتاب عبادة و تلاوة، بل أنزل الله القرآن للتدبر و التفقه وتغيير أفكار الناس. قال تعالى:<< كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته و ليتذكر اولوا الالباب >>. وقال تعالى أيضا:<< لقد ارسلنا رسلنا بالبينات و انزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط...>>. وقال تعالى أيضا:<< ألم يأن للذين أمنوا ان تخشع..قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ...>>.و يوم القيامة يشكو محمد صلى الله عليه و سلم إلى ربّه هجران أمته للقرآن فيقول:<< و قال الرسول يا رب ان قومي اتخذوا..هذا القران مهجورا ..>>.أين القرآن في المجتمع في السوق و في الوظيفة وفي الاسرة ....إنما يتلى فقط في المساجد.وعلى الاموات.............
6)- الحمية و التداوي من الأمراض: من معجزات رمضان أنه مستشفى لأمراض البدن و حمية لأمراض أخرى، فإن الشبع يورث الأمراض و البطنة تذهب الفطنة و البطن بيت الداء، بل الشبع يورث الكسل والبلادة، بل الشبع لا يرفع معه دعاء، فكيف يخشع قلب للدعاء و البطن ممتلئة ، و العقل قد ذهب مع دخان و بخار البطن، فان الفكرة تصفو مع خلاء البطن لا شبعه و صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ قال:<< ما ملئ ابن آدم وعاءًا شرًا من بطنه ...بحسب ابن آدم أكلات يُقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه و ثلث لشرابه و ثلث لنفسه >> ( صحيح أحمد ). فالعاقل من يترك الطعام و هو يشتهيه.
7)- التوبة: شهر رمضان شهر التوبة و المغفرة، فهو فرصة للتوبة من الذنوب، قال صلى الله عليه و سلم:<<من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه >>( ص ). فرمضان انطلاقة للتائب ليثبت على إيمانه و يهجر الذنوب و يواظب على المساجد، فهؤلاء المحرومون من المساجد الذين لا يعرفون المساجد إلاّ في رمضان فهذه فرصتهم للتوبة، فإن سبب هجرانهم لبيوت الله إنما سببه المعاصي و الذنوب، فان الذنوب هي التي كبلتهم و منعتهم دخول بيوت الله، فهذا رمضان شهر تقبل فيه التوبات و تغفر فيه الزلات و يفرح الله بعباده التائبين، والحذر كلُ الحذر من التبديل والتغيير، فإن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما في أنفسهم، فإذا رأى الله عبده صادقاً في توبته أعانه على التوبة، وإذا لم يصدق في التوبة إنما صام وصلى ليقول الناس هو يصوم و يصلي فلابد أنه سينكص و ينقلب على عقبيه و لا يخسر إلاّ نفسه كما قال تعالى:<< من اهتدى فإنما اهتدى لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها >>.
ختاماً، نرجو من الله أن نحقق مقاصد رمضان في أنفسنا و لا نكون من المنافقين. نرجو من الله أن تصوم أعيننا عن الحرام و أسماعنا عن البهتان و أبداننا عن الأدى و أرجلنا عن الفساد، وأن تصوم بطوننا عن أكل الحرام ، و نرجو من الله أصدق الصادقين أن يحقق التقوى فينا فأن الله تعالى يقول:<< إمنا يتقبل الله من المتقين >>.
من حكم رمضان باختصار
8)- الدعاء و التوحيد: << و اذا سألك عبادي فاني قريب...>>.
9)- الأخلاق:فإن سابه أحد اوشاته فليقل اني صائم..................
10)- التيسير و رفع الحرج:<< يريد الله بكم.اليسر ولا يريد بكم العسر....>>.
11)- الوحدة و الاجتماع: الصوم يوم تصومون....والفطر يوم تفطرون.......
12)يقوي الإرادة و يكسر الشهوة: هو شهر الصبر، و الصبر إرادة، والإرادة تكسر الشهوة....فانه اغض للبصر واحصن للفرج.....
....................................................
كتبه ------------------------حليم[/b]
حليم- معبّر المنتدى
- عدد المساهمات : 4182
تاريخ التسجيل : 03/03/2013
مواضيع مماثلة
» سورة الحاقة وحكم مصر
» قصص .. وحكم .. وأقوال مفيدة ...
» فتاوى علماء الإسلام في النصيرية وبيان كفرهم وحكم قتلهم
» حكم الخروج على الحاكم وحكم من يحكم بغير ما أنزل الله بالقوانين الوضعية الشيخ عبد العزيز الطريفي
» خطبة في صوم التطوع
» قصص .. وحكم .. وأقوال مفيدة ...
» فتاوى علماء الإسلام في النصيرية وبيان كفرهم وحكم قتلهم
» حكم الخروج على الحاكم وحكم من يحكم بغير ما أنزل الله بالقوانين الوضعية الشيخ عبد العزيز الطريفي
» خطبة في صوم التطوع
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات الدعوية ومنبر القرآن وعلومه و الحديث والفقه :: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن (تدبر، مواعظ، فوائد، تجارب)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى