فوآآآآآآآآآآآئد ☻•◘○ مختاره
صفحة 1 من اصل 1
فوآآآآآآآآآآآئد ☻•◘○ مختاره
[فوارسُ - هوالكُ ]
قال أبو العباس المُبَرِّد[3] في قول الفَرَزْدَق[4] يمدح يزيد بن المُهَلَّب:
فإذا الرجال رَأَوْا يزيدَ رأيتَهم [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة] خُضعَ الرقابِ نَوَاكِسَ الأبصارِ [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة] |
في هذا البيت شيء يستطرفه النحويون، وهو أنهم لا يجمعون ما كان من (فاعِلٍ) نعتًا على (فَوَاعل)؛ لئلا يلتبس بالمؤنث، لا يقولون: ضارِب وضوارب، وقاتل وقواتل؛ لأنهم يقولون في جمع ضاربة: ضَوَارب، وقاتلة: قَوَاتل.
ولم يأت ذلك إلا في حرفين:
♦ أحدهما: في جمع (فارس) (فوارس)؛ لأن هذا مما لا يُستعمل في النساء؛ فأَمِنُوا الالتباس.
♦ ويقولون في المَثَل: هو (هالك) في (الهوالك)، فأَجْرَوْه على أصله؛ لكثرة الاستعمال، لأنه مَثَلٌ.
فلما احتاج الفرزدق لضرورة الشعر أجراه على أصله، فقال: ((نواكس الأبصار)). ولا يكون مِثلُ هذا أبدًا إلا في ضرورة.
ينبغي للعبد أن لا يقصر نظره على حاله التي تغشاه وما تجر عليه من لَأْيٍ وهو يكدح بين أثباج بحور تلك الحياة الدنيا، وليتلمح حلاوة العواقب يهن الصعب، ويسهل العسير، فيستحيل المر حلاوة يجد العبد طعمها، وإذا باللأواء تَبَدَّلَت حبورًا، وإذا بالمُكْتَبِت [5] المزبد الشدقين تبرق أسارير وجهه سرورًا. ومِن وراء كل محنة في الله منحة.
وإذا كان الأمر كذلك فلا يحملنك ضنك عاجلٌ نزل بساحتك على أن تستبيح محرمًا، بل الزم النَّجَاحة [6] وتَصَبَّر، وبالحِمية تترس؛ يأتك عن قريب حلالاً وزيادة.
ولقد روينا عن أبي قتادة وأبي الدهماء قالا:
أتينا على رجل من أهل البادية، فقال البدوي: أخذ بيدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجعل يعلمني مما علمه الله، فكان فيما حفظت عنه أن قال: ((إنك لن تدع شيئًا اتقاء الله - تبارك وتعالى - إلا آتاك الله خيرًا منه)) [7].
وقال أبو نُواسٍ الحسن بن هانئ الحكمي البصري، المتوفى سنة خمس وتسعين ومائة:
الرزقُ والحِرمانُ مَجْرَاهما [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة] بما قضى اللهُ وما قَدَّرَا [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة] فاصبرْ إذا الدهرُ نبا نَبْوَةً [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة] فَجُنَّةُ الحازمِ أن يَصْبِرَا [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة] |
[حكاية الإمام والعِقد ]
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي[8] - رحمه الله - آخر ترجمته للإمام الكبير، المحدث الفقيه، الأديب الألمعي، الذكي الأحوذي، قاضي المارَستان أبي بكرٍ محمد بن عبد الباقي الأنصاري البغدادي الحنبلي، المتوفى سنة خمس وثلاثين وخمس مئة:
أُنبئت عن يوسف بن خليل الحافظ قال: أخبرنا الشيخ الصالح أبو القاسم عبد الله بن أبي الفوارس محمد بن علي بن حسن الخزاز الصوفي البغدادي ببغداد، قال: سمعت القاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزاز الأنصاري - رحمه الله - يقول:
كنت مجاورًا بمكة - حرسها الله تعالى -، فأصابني يومًا من الأيام جوع شديد لم أجد شيئًا أدفع به عني الجوع، فوجدت كيسًا من إبريسَُم[9] مشدودًا بشرابة من إبريسم أيضًا، فأخذته وجئت به إلى بيتي، فحللته فوجدت فيه عِقدًا من لؤلؤ لم أر مثله، فخرجت فإذا الشيخ ينادي عليه، ومعه خرقة فيها خمسمائة دينار وهو يقول: ((هذا لمن يرد علينا الكيس الذي فيه اللؤلؤ)).
فقلت: أنا محتاج، وأنا جائع، فآخذ هذا الذهب فأنتفع به وأرد عليه الكيس. فقلت له: تعالَ إليَّ. فأخذته وجئت به إلى بيتي، فأعطاني علامة الكيس، وعلامة الشرابة، وعلامة اللؤلؤ وعَدَدَه، والخيط الذي هو مشدود به، فأخرجته ودفعته إليه. فسلم إليَّ خمسمائة دينار، فما أخذتها، وقلت: يجب عليَّ أن أعيده إليك ولا آخذ له جزاء. فقال لي: ((لا بد أن تأخذ))، وألح عليَّ كثيرًا، فلم أقبل ذلك منه، فتركني ومضى.
وأما ما كان مني: فإني خرجت من مكة وركبت البحر، فانكسر المركب وغَرِق الناس، وهلكتْ أموالهم، وسلمت أنا على قطعة من المركب، فبقيت مدة في البحر لا أدري أين أذهب، فوصلت إلى جزيرة فيها قوم، فقعدت في بعض المساجد، فسمعوني أقرأ، فلم يبق في تلك الجزيرة أحد إلا جاء إليَّ وقال: علمني القرآن. فحصل لي من أولئك القوم شيء كثير من المال.
قال:
ثم إني رأيت في ذلك المسجد أوراقًا من مصحف، فأخذتها أقرأ فيها، فقالوا لي: تحسن تكتب؟
فقلت: نعم.
فقالوا: عَلِّمْنا الخط. فجاءوا بأولادهم من الصبيان والشباب، فكنت أعلمهم، فحصل لي أيضًا من ذلك شيء كثير.
فقالوا لي بعد ذلك: عندنا صبية يتيمة، ولها شيء من الدنيا، نريد أن تتزوج بها، فامتنعتُ، فقالوا: لا بد، وألزموني، فأجبتهم إلى ذلك.
فلما زفوها إليَّ مددت عيني أنظر إليها، فوجدت ذلك العِقد بعينه معلقًا في عنقها، فما كان لي حينئذ شغل إلا النظر إليه.
فقالوا: يا شيخ، كسرتَ قلب هذه اليتيمة من نظرك إلى هذا العقد، ولم تنظر إليها!
فقصصت عليهم قصة العِقد، فصاحوا، وصرخوا بالتهليل والتكبير، حتى بلغ إلى جميع أهل الجزيرة!
فقلت: ما بكم؟!
فقالوا: ذلك الشيخ الذي أخذ منك العقد أبو هذه الصبية، وكان يقول: ((ما وجدت في الدنيا مسلمًا كهذا [10] الذي رد عليَّ هذا العقد))، وكان يدعو ويقول: ((اللهم اجمع بيني وبينه حتى أزوجه بابنتي))، والآن قد حصلت.
قال:
فبقيت معها مدة، ورُزقت منها بولدين.
ثم إنها ماتت؛ فورثت العقد أنا وولداي.
ثم مات الولدان؛ فحصل العقد لي، فبعته بمائة ألف دينار. وهذا المال الذي ترون معي من بقايا ذلك المال. انتهى.
قال الحافظ ابن رجب:
هكذا ساق هذه الحكاية يوسف بن خليل الحافظ في "معجمه". وساقها ابن النجار في "تاريخه"، وقال: ((هي حكاية عجيبة)).
وأظن القاضي حكاها عن غيره.
وقد ذكرها أبو المظفر سبط ابن الجوزي في "تاريخه"[11] في ترجمة أبي الوفاء بن عقيل.
وذكر عن ابن عقيل أنه حكى عن نفسه أنه حج، فالتقط العقد ورده بالموسم، ولم يأخذ ما بذل له من الدنانير، ثم قدم الشام، وزار بيت المقدس، ثم رجع إلى دمشق، واجتاز بحلب في رجوعه إلى بغداد، وأن تزوجه بالبنت كان بحلب.
ولكن أبا المظفر ليس بحجة فيما ينقله، ولم يذكر للحكاية إسنادًا متصلًا إلى ابن عقيل، ولا عزاها إلى كتاب معروف، ولا يعلم قدوم ابن عقيل إلى الشام، فنسبتها إلى القاضي أبي بكر الأنصاري أنسب. والله أعلم.
ثم قال ابن رجب - رحمه الله -:
((وقد تضمنت هذه القصة أنه لا يجوز قبول الهدية على رد الأمانات؛ لأنه يجب عليه ردها بغير عِوض، وهذا إذا كان لم يلتقطها بنية أخذ الجُعْل المشروط. وقد نص أحمدُ - رضي الله عنه - على مثل ذلك في الوديعة، وأنه لا يجوز لمن ردها إلى صاحبها قبول هديته إلا بنية المكافأة)).
[ من أقوال الرافعي الأديب ]
قال أمير الأدباء:
1- ((ليست دنياك يا صاحبي ما تجده من غيرك، بل ما توجده بنفسك؛ فإن لم تزد شيئًا على الدنيا كنت أنت زائدًا على الدنيا)).
2- ((إذا رأيت كبراء قوم همهم عيشهم؛ فاعلم أنها أمة مأكولة؛ فلو شهرت السيف الماضي لقاتل بروح ملعقة! ولو رعدت بالأسطول الجبار لصلصل كآنية المطبخ!)).
3- ((لو كان العار في بئر عميقة لقلبها الشيطان مئذنة ووقف يؤذن عليها)).
4- ((قيمة كل شيء هي قيمة الحاجة إليه؛ فتراب شبر من الساحل هو في نظر الغريق أثمن من كل ذهب الأرض)).
5- ((ما ذلتْ لغة شعب إلا ذل، ولا انحطت إلا كان أمره في ذهاب وإدبار)).
6- ((يموت الحيُّ شيئًا فشيئًا، وحين لا يبقى فيه ما يموت يقال: مات!)).
7- ((يخيل إليَّ واللهِ، أن قلب المرأة امرأة معها؛ فأما أن تأخذها نكبتين أو معونتين)).
8- ((إذا اصطنعتَ سفيهًا يسافه عنك، فاحذره لليوم الذي لا يكون فيه سفيهًا إلا عليك)).
9- ((أقنعِ اللئيم بالكرم الذي في نفسك؛ فبهذه الطريقة وحدَها يفهم اللؤم الذي في نفسه)).
10- ((كل دجال له أساليبه التي صار بها دجالاً، وليس للمنخدعين إلا أسلوب واحد في الغفلة؛ وشرٌّ من الشر تعدُّدُهُ)).
_____________________________[3] "الكامل" (1/272) ط/ مؤسسة المعارف - بيروت.
[4] لقب بذلك لأن وجهه كان كالفرزدق، وهو الرغيف العظيم أو عجينه الذي يُسَوَّى منه. واسمه: همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال التميمي، يكنى: أبا فِرَاس. توفي سنة عشر ومائة (110هـ).
[5] المكتبت: المُمْتَلئ غمًّا.
[6] النجاحة: الصبر.
[7] حديث صحيح: أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في "المسند" (ج5/ص78،79، 363). وانظر "مجمع الزوائد" (ج10/ص296).
[8] "الذيل على طبقات الحنابلة" (ج1/ص196-198) ط/ مطبعة السنة المحمدية.
[9] أي: حرير.
[10] في "الذيل": (( إلا هذا ))، وما أثبتناه أجود. ثم رأيت اللفظة التي أثبتها مثبتة بعينها في "شذرات الذهب" (4/110)، وهو عن "الذيل" نقل. فالحمد لله على توفيقه.
[11] وعن "مرآة الزمان في تاريخ الأعيان" اختصرها الذهبيُّ وأودعها "سير أعلام النبلاء" (19/449-450).
سيف- موقوووووووف
- عدد المساهمات : 103
تاريخ التسجيل : 23/06/2013
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى