الفرق بين الإباضية والخوارج
2 مشترك
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات العامة و الساحة السياسية والاقتصادية المفتوحة :: حوار الثغور ومنبر السياسة والاقتصاد والفتن الخاصة (عمران بيت المقدس خراب يثرب)!
صفحة 1 من اصل 1
الفرق بين الإباضية والخوارج
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين
امابعد
فقد لاحظت ان بعض الاعضاء يصف الاباضية في مشاركتهم بالفئة الضالة وانهم خوارج ونحوه
وللفائدة انقل لكم مختصر من كتاب "الفرق بين الإباضية والخوارج" للشيخ أبي إسحاق إبراهيم أطفيش
لتوضيح وجهة نظر الاباضية في الموضوع .
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد كثر الخلط والتهريج حول نسبة الإباضية إلى الخوارج، ويظهر التكلف سافراً في جعل الإباضية فرقة من فرق الخوارج (وإطلاق لفظ الخوارج على الإباضية أهل الحق والاستقامة من الدعايات الفاجرة التي نشأت عن التعصب السياسي أولاً ثم عن المذهبي ثانياً) على أنه ليست ثمة علاقة تربط الإباضية بالخوارج (الأزارقة والصفرية والنجدية) وغيرها من فرق الخوارج؛ وإنما هي دعاية استغلتها الدولة الأموية لتنفير الناس عن الذين ينادون بعدم شرعية الحكم الأموي، كما أن جعل المحكِّمة (أهل النهروان) - الذين هم سلف للإباضية وليسوا سلفاً للأزارقة والصفرية والنجدية - من الخوارج، هو من وضع الواضعين، ومن صنيع أرباب الأقلام المغرضة، مع أن الخوارج يسيرون في خط معاكس مع الإباضية، يتضح ذلك من خلال المبادئ والأسس التي يقوم عليها مذهب كل من الفريقين، و للإباضية العديد من المواقف ضد الخوارج، منها:
أولاً: قتال القائد الشهير المهلب بن أبي صفرة الأزدي العماني للخوارج، والمهلب وإن كان موالياً للأمويين - وهو بالطبع عمل لم يرضه الإباضية - فإن من الثابت تاريخياً أن أسرة آل المهلب كانوا إباضية، وكانوا على اتصال وثيق بالإمام جابر بن زيد الأزدي رضي الله عنه، ولم يبذل المهلب في قتال الخوارج والقضاء عليهم، إلا بعلمه بعدم العلاقة بينهم والإباضية.
ثانياً: كان الإمام عبدالله بن إباض شديداً إزاء الآراء والأفكار التي ينادي بها نافع بن الأزرق، وكان يعلن بطلانها بصراحة تامة، ويحذر منها الناس.
ثالثاً: كان المحدث الحجة الربيع بن حبيب الفراهيدي صاحب المسند الصحيح يبرأ من الخوارج، وكان يقول فيهم: (دعوهم حتى يتجاوزا القول إلى الفعل، فإن بقوا على قولهم فخطؤهم محمول عليهم، وإن تجاوزوه إلى الفعل حكمنا فيهم بحكم الله).
رابعاً: قتال الإمام الجلندى بن مسعود لشيبان الخارجي - وهو من الصفرية - عندما قدم في جيش إلى عمان هارباً من السفاح - الحاكم العباسي - ودارت معركة بين جيش الإمام الجلندى وبين شيبان وأصحابه وأسفرت المعركة عن مقتل شيبان وجنوده.
خامساً: كان البطل المغوار هلال بن عطية الخراساني رحمه الله الذي صار القائد الأول في جيش الإمام الجلندى بن مسعود، كان على المذهب الصفري ثم اعتنق المذهب الإباضي، ولم يقبل منه الإباضية الانضمام إليهم إلا بعد أن يرجع إلى الذين دعاهم إلى مبادئ الخوارج، ويعلمهم ببطلان تلك المبادئ والآراء التي دعاهم إليها، ثم عاد إلى عمان فكان قائداً ووزيراً للإمام الشهيد الجلندى بن مسعود رضي الله عنه......................
والخوارج طوائف من الناس في زمن التابعين وتابع التابعين ، رؤوسهم نافع بن الأزرق، ونجدة بن عامر، وعبدالله بن الصفار ومن شايعهم.
وسُمُّوا خوارج لأنهم خرجوا عن الحق وعن الأمة بالحكم على مرتكب الذنب بالشرك فاستحلوا ما حرم الله من الدِّماء والأموال بالمعصية متأولين قوله تعالى: (وإن أطعتموهم إنكم لمشركون) الأنعام: آية 121، فزعموا أن معنى الآية وإن أطعتموهم في أكل الميتة، فأخطأوا في تأويلهم، والحق أن معنى الآية: وإن أطعتموهم في استحلال الميتة، والاستحلال لما حرم الله شرك. وحين أخطأوا في التأويل لم يقتصروا على مجرد القول بل تجاوزوه إلى الفعل فحكموا على مرتكب المعصية بالشرك فاستحلوا دماء المسلمين وأموالهم بالمعصية فاستعرضوا النساء والأطفال والشيوخ.و كان الإمام الحافظ الحجة الربيع بن حبيب بن عمرو البصري الفراهيدي الإباضي صاحب المسند الصحيح رحمه الله حين بلغ إليه أمرهم يقول: دعوهم حتى يتجاوزوا القول إلى الفعل فإن بقوا على قولهم فخطأهم محمول عليهم وإن تجاوزوه إلى الفعل حكمنا فيهم بحكم الله.
فلما ظهرت بدعتهم طردهم أصحابنا من مجالسهم وطاردوهم في كل صوب معلنين البراءة منهم. فلما تجاوزوا بالقول إلى الفعل أعلنوا الحكم بكفرهم - لأن الكفر في استحلال ما حرم الله نص في كتاب الله قطعي، وقد استشرى فعلهم يومئذ فاشتدوا على أهل التوحيد بفتنتهم فسلوا السيوف على الرقاب بغير ما أنزل الله فعظمت محنتهم. فكانت بلاءً عظيما. كان العمانيون ممن ثبت في جهاد الخوارج عند المهلب لما فلَّت الخوارج جيوشه فانظر الكامل للمبرد.
وقد تولى قتالهم المهلب بن أبي صفرة الأزدي العماني القائد الأموي المشهور وكان يضع الحديث في استنفار الناس إلى قتالهم فعظمت محنتهم المزدوجة: محاربة المسلمين وانتشار الأحاديث الموضوعة في قتالهم حتى بلغت المدى من الشر فزادت الطامة. ولما كان هؤلاء الخوارج من منكرة التحكيم فقد تولى كثير ممن ينتمون إلى المذاهب العديدة إدماج الإباضية في هؤلاء الخوارج ظلماً وعدوانا والسبب في ذلك عديد المناهج.
أولا: أن أصحابنا الإباضية - يرون المُلك العضوض لا تجب طاعته بل الواجب أن يكون الحكم على منهاج الخلفاء الراشدين لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم "اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر" حديث صحيح متفق عليه. ولما روي في عمار بن ياسر رحمه الله "ستقتلك الفئة الباغية" واستشهد بهذا الحديث منكرو التحكيم ولم ينكره الفريق الآخر فثبت كنص قاطع ارتضاه الفريقان ولو اختلفا في تأويله إذ الفريق الآخر حمله على معنى غير صحيح وإنما دعاه الغرض إلى حمله على ما يقتضيه ذلك الهوى.
ثانيها: ظهور أصحاب الأهواء في واقعة النهروان إذ زعموا أنها لأجل الخروج على علي وهو إمامهم والحقيقة التي لامرية فيها أن أهل النهروان لم يخرجوا عن علي قط ولكنهم حين أبوا التحكيم وأصروا عليه جنح أبو الحسن إلى فريق التحكيم فرأى منكرو التحكيم أن البيعة لم تكن في أعناقهم بل هم في حِلٍّ منها حيث أن التحكيم في شيء معناه غير ثابت الحكم وإلا فلم التحكيم؟ فاعتبروا التحكيم تنازلاً من الإمام أبي الحسن عن البيعة - إذاً منكرو التحكيم في حل من أمرهم فلهم الحق أن يختاروا من يشاؤون إماماً لهم فاختاروا رجلاً من أفضل الناس يومئذ ومن الصحابة الكرام وهو عبدالله بن وهب الراسبي الأزدي. فلما بايعوه بعثوا إلى أصحابهم يومئذ ومنهم الإمام علي أن يدخلوا في البيعة لمن اختاروه إماماً.
فرأى علي بن أبي طالب أن البيعة حصلت لأزدي لا لقريشي وحاربهم قبل أن يتقوّى أمرهم فتخرج الإمامة لغير قريش، وهذا هو السبب الوحيد لواقعة النهروان.
لهذا دعاهم حين ناظرهم إلى أن يحاربوا عدوَّهم معاوية ومن معه ولكن الأمر قد فات فقد أخذ الأمر معاوية من الحكمين: عمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري في دومة الجندل فأصبح المسلمون في حل من أمرهم، لأن بيعة عبدالله بن وهب لم تقع إلا بعد حصول النتيجة بوقوع ما حذَّر منه أولوا البصائر من منكري التحكيم - وهو أن التحكيم تلاعب بالأمر تولى كبر الدعوة إليه الأشعث بن قيس الذي دُسَّ على أصحاب علي من قبل معاوية.
وليس إذاً ما يزعمه محرِّفو التاريخ ومتعفنة المذهبية أن واقعة النهروان كانت بسبب الخروج على عليٍّ لأنهم لم يخرجوا والبيعة في أعناقهم فلينتبه المتبصر من الزلة في هذا المقام فإن الأهواء متغلغلة في أصحابها بما لا خفاء فيه.
الثالثة : أن تسمية الخوارج لم تكن معهودة في أول الأمر وإنما انتشرت بعد استشراء أمر الأزارقة كما قلنا ولم تعرف هذه التسمية في أصحاب عليّ المنكرين للتحكيم والراضين به
الرابعة: أن الإباضية لم يسلّوا السيف على أحد من أهل التوحيد قط، ولم تقع منهم حرب ضد أحد من المسلمين وحتى عند اشتداد الأزمة من الحجاج بن يوسف الثقفي وزياد بن أبيه فقد اشتدوا في مطاردة المسلمين لمجرد الظنة حتى خرج عليهم التوابون وعلى رأسهم سعيد بن جبير وابراهيم النخعي وهما إمامان وقد قتل الحجاج سعيد بن جبير أحد أئمة التفسير، والعجب كل العجب أن هذه المجموعة الكبرى من العلماء الذين حملوا السيف أمام الجور الذي ظهر بفظاعة من الحجاج لم يطلق عليهم أحد اسم الخوارج بل أطلقوا عليهم اسم التوابين وهم كلهم من حملة لواء العلم وماتوا جميعا في القتال ما عدا ثلاثة فيما يبدو. فإن العقل يقف مشدوها أمام هذه الفاجعة الكبرى ومع ذلك تمر على القراء بسلام ،ولكن الذي يمحِّص التاريخ بإنصاف وعلم يرى في إطلاق لفظ الخوارج على الإباضية - وهم من الخوارج براء - مغزى وهو أنهم رأوا أن الإمامة لا تختص بقريش بل هي تصح لكل من اختاره المسلمون لسياسة دولتهم ورياستها وهذا هو الحق الذي دل على كمال البصيرة إذ ليس من الحكمة أن يجعل الله أمر البشر على سائر أجناسه وأممه تابعاً لقبيلة واحدة سواء أحسنت أم أساءت .....
خامسها: أن الإباضية يبتغون العدل وينشرون العمل بالكتاب والسنة والسير على مناهج السياسة التي سار عليها الخلفاء الراشدون سواء قام بالأمر قرشي أم حبشي، عربي أم عجمي كما ورد في أحاديث صحاح لهذا ارتضوا سيرة عمر بن عبد العزيز حين أرسلوا إليه وفداً من البصرة يتألف من ستة علماء جهابذة: جعفر بن السِّماك وأبو الحر علي بن الحصين العنبري والحتات بن كاتب والحباب بن كليب وأبو سفيان قنبر البصري وسالم بن ذكوان - وربما كانوا أكثر من هؤلاء إلا أن الذين وقفت على أسمائهم هم هؤلاء رحمهم الله جميعا وحيث ذكر مؤرخوا قومنا وفود هؤلاء على عمر بن عبد العزيز قالوا كعادتهم في الغمز: أرسل إليه الخوارج وفداً ،ولم يذكروا ما جرى بينهم وبين الخليفة عمر من الحديث وقبوله منهم كل ما أرادوه منه من نشر العدل وتطهير البلاد والمنابر من اللعن الذي اتخذه الأمويون سنة فإن الوفد قال له: (إن المسلمين يلعنون على المنابر فلابد من الشروع في تغيير المنكر) فأبدل اللعن بقوله تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)...................
سادسها: الإباضية يجيزون المناكحة بينهم وبين سائر الموحدين، والخوارج لا يجيزون التناكح مع غيرهم لأنهم يرون سواهم مشركين كما بينا وأوضحنا وعلى هذا لا يجوز أيضاً التوارث بينهم وبين من يخالفهم بطبيعة الحال لأن الشرك الذي منع المناكحة والمصاهرة يمنع الموارثة؛ فهل تعامى عند هذه الفروق الذين تعفنت نفوسهم وأصيبت أبصارهم بالعشي ذلك ما يشاهده الذي يقلب أطوار التاريخ في مدونات قومنا ولم يعتبروا قوله سبحانه: (إن الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً).....................
سابعها: الإباضية اتجهوا إلى خدمة الإسلام علماً وعملاً منذ ابتدأت الفتنة فاشتغلوا بالتدوين فكانوا أول من دوَن الحديث ؛ فإمامُنا جابر بن زيد أول من دوّن الحديث وأقوال الصحابة في ديوانه الذي وصفوه بأنه وقر بعير، ثم تلاميذه من بعده وهم حملة العلم إلى المشرق والمغرب، والخوارج جنحوا إلى إراقة الدماء وإخافة السبل وتعطيل................
ثامنها: أن قومنا حين جمعوا الحوادث التاريخية واقتضت الحال أن يذكروا أصحابها فشلوا في قيل الصواب فخلطوا بين الإباضية والخوارج فتارة ينسبون الإباضية للخوارج وتارة ينسبون الخوارج إلى الإباضية كما يفعل الكثير من المدونين في الأصول والفروع في إضافة أقوال المعتزلة إلى الإباضية والعكس مما أوجب التخليط والتشويش فيذهب المؤلفون الذين يعتمدون على النقل إلى ما هو أشبه بالتهريج ولا عذر لهم عندي مطلقاً لأن الذي ينشر الحق يطلبه من ينبوعه لا أن ينتحله حسب هواه.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين
امابعد
فقد لاحظت ان بعض الاعضاء يصف الاباضية في مشاركتهم بالفئة الضالة وانهم خوارج ونحوه
وللفائدة انقل لكم مختصر من كتاب "الفرق بين الإباضية والخوارج" للشيخ أبي إسحاق إبراهيم أطفيش
لتوضيح وجهة نظر الاباضية في الموضوع .
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد كثر الخلط والتهريج حول نسبة الإباضية إلى الخوارج، ويظهر التكلف سافراً في جعل الإباضية فرقة من فرق الخوارج (وإطلاق لفظ الخوارج على الإباضية أهل الحق والاستقامة من الدعايات الفاجرة التي نشأت عن التعصب السياسي أولاً ثم عن المذهبي ثانياً) على أنه ليست ثمة علاقة تربط الإباضية بالخوارج (الأزارقة والصفرية والنجدية) وغيرها من فرق الخوارج؛ وإنما هي دعاية استغلتها الدولة الأموية لتنفير الناس عن الذين ينادون بعدم شرعية الحكم الأموي، كما أن جعل المحكِّمة (أهل النهروان) - الذين هم سلف للإباضية وليسوا سلفاً للأزارقة والصفرية والنجدية - من الخوارج، هو من وضع الواضعين، ومن صنيع أرباب الأقلام المغرضة، مع أن الخوارج يسيرون في خط معاكس مع الإباضية، يتضح ذلك من خلال المبادئ والأسس التي يقوم عليها مذهب كل من الفريقين، و للإباضية العديد من المواقف ضد الخوارج، منها:
أولاً: قتال القائد الشهير المهلب بن أبي صفرة الأزدي العماني للخوارج، والمهلب وإن كان موالياً للأمويين - وهو بالطبع عمل لم يرضه الإباضية - فإن من الثابت تاريخياً أن أسرة آل المهلب كانوا إباضية، وكانوا على اتصال وثيق بالإمام جابر بن زيد الأزدي رضي الله عنه، ولم يبذل المهلب في قتال الخوارج والقضاء عليهم، إلا بعلمه بعدم العلاقة بينهم والإباضية.
ثانياً: كان الإمام عبدالله بن إباض شديداً إزاء الآراء والأفكار التي ينادي بها نافع بن الأزرق، وكان يعلن بطلانها بصراحة تامة، ويحذر منها الناس.
ثالثاً: كان المحدث الحجة الربيع بن حبيب الفراهيدي صاحب المسند الصحيح يبرأ من الخوارج، وكان يقول فيهم: (دعوهم حتى يتجاوزا القول إلى الفعل، فإن بقوا على قولهم فخطؤهم محمول عليهم، وإن تجاوزوه إلى الفعل حكمنا فيهم بحكم الله).
رابعاً: قتال الإمام الجلندى بن مسعود لشيبان الخارجي - وهو من الصفرية - عندما قدم في جيش إلى عمان هارباً من السفاح - الحاكم العباسي - ودارت معركة بين جيش الإمام الجلندى وبين شيبان وأصحابه وأسفرت المعركة عن مقتل شيبان وجنوده.
خامساً: كان البطل المغوار هلال بن عطية الخراساني رحمه الله الذي صار القائد الأول في جيش الإمام الجلندى بن مسعود، كان على المذهب الصفري ثم اعتنق المذهب الإباضي، ولم يقبل منه الإباضية الانضمام إليهم إلا بعد أن يرجع إلى الذين دعاهم إلى مبادئ الخوارج، ويعلمهم ببطلان تلك المبادئ والآراء التي دعاهم إليها، ثم عاد إلى عمان فكان قائداً ووزيراً للإمام الشهيد الجلندى بن مسعود رضي الله عنه......................
والخوارج طوائف من الناس في زمن التابعين وتابع التابعين ، رؤوسهم نافع بن الأزرق، ونجدة بن عامر، وعبدالله بن الصفار ومن شايعهم.
وسُمُّوا خوارج لأنهم خرجوا عن الحق وعن الأمة بالحكم على مرتكب الذنب بالشرك فاستحلوا ما حرم الله من الدِّماء والأموال بالمعصية متأولين قوله تعالى: (وإن أطعتموهم إنكم لمشركون) الأنعام: آية 121، فزعموا أن معنى الآية وإن أطعتموهم في أكل الميتة، فأخطأوا في تأويلهم، والحق أن معنى الآية: وإن أطعتموهم في استحلال الميتة، والاستحلال لما حرم الله شرك. وحين أخطأوا في التأويل لم يقتصروا على مجرد القول بل تجاوزوه إلى الفعل فحكموا على مرتكب المعصية بالشرك فاستحلوا دماء المسلمين وأموالهم بالمعصية فاستعرضوا النساء والأطفال والشيوخ.و كان الإمام الحافظ الحجة الربيع بن حبيب بن عمرو البصري الفراهيدي الإباضي صاحب المسند الصحيح رحمه الله حين بلغ إليه أمرهم يقول: دعوهم حتى يتجاوزوا القول إلى الفعل فإن بقوا على قولهم فخطأهم محمول عليهم وإن تجاوزوه إلى الفعل حكمنا فيهم بحكم الله.
فلما ظهرت بدعتهم طردهم أصحابنا من مجالسهم وطاردوهم في كل صوب معلنين البراءة منهم. فلما تجاوزوا بالقول إلى الفعل أعلنوا الحكم بكفرهم - لأن الكفر في استحلال ما حرم الله نص في كتاب الله قطعي، وقد استشرى فعلهم يومئذ فاشتدوا على أهل التوحيد بفتنتهم فسلوا السيوف على الرقاب بغير ما أنزل الله فعظمت محنتهم. فكانت بلاءً عظيما. كان العمانيون ممن ثبت في جهاد الخوارج عند المهلب لما فلَّت الخوارج جيوشه فانظر الكامل للمبرد.
وقد تولى قتالهم المهلب بن أبي صفرة الأزدي العماني القائد الأموي المشهور وكان يضع الحديث في استنفار الناس إلى قتالهم فعظمت محنتهم المزدوجة: محاربة المسلمين وانتشار الأحاديث الموضوعة في قتالهم حتى بلغت المدى من الشر فزادت الطامة. ولما كان هؤلاء الخوارج من منكرة التحكيم فقد تولى كثير ممن ينتمون إلى المذاهب العديدة إدماج الإباضية في هؤلاء الخوارج ظلماً وعدوانا والسبب في ذلك عديد المناهج.
أولا: أن أصحابنا الإباضية - يرون المُلك العضوض لا تجب طاعته بل الواجب أن يكون الحكم على منهاج الخلفاء الراشدين لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم "اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر" حديث صحيح متفق عليه. ولما روي في عمار بن ياسر رحمه الله "ستقتلك الفئة الباغية" واستشهد بهذا الحديث منكرو التحكيم ولم ينكره الفريق الآخر فثبت كنص قاطع ارتضاه الفريقان ولو اختلفا في تأويله إذ الفريق الآخر حمله على معنى غير صحيح وإنما دعاه الغرض إلى حمله على ما يقتضيه ذلك الهوى.
ثانيها: ظهور أصحاب الأهواء في واقعة النهروان إذ زعموا أنها لأجل الخروج على علي وهو إمامهم والحقيقة التي لامرية فيها أن أهل النهروان لم يخرجوا عن علي قط ولكنهم حين أبوا التحكيم وأصروا عليه جنح أبو الحسن إلى فريق التحكيم فرأى منكرو التحكيم أن البيعة لم تكن في أعناقهم بل هم في حِلٍّ منها حيث أن التحكيم في شيء معناه غير ثابت الحكم وإلا فلم التحكيم؟ فاعتبروا التحكيم تنازلاً من الإمام أبي الحسن عن البيعة - إذاً منكرو التحكيم في حل من أمرهم فلهم الحق أن يختاروا من يشاؤون إماماً لهم فاختاروا رجلاً من أفضل الناس يومئذ ومن الصحابة الكرام وهو عبدالله بن وهب الراسبي الأزدي. فلما بايعوه بعثوا إلى أصحابهم يومئذ ومنهم الإمام علي أن يدخلوا في البيعة لمن اختاروه إماماً.
فرأى علي بن أبي طالب أن البيعة حصلت لأزدي لا لقريشي وحاربهم قبل أن يتقوّى أمرهم فتخرج الإمامة لغير قريش، وهذا هو السبب الوحيد لواقعة النهروان.
لهذا دعاهم حين ناظرهم إلى أن يحاربوا عدوَّهم معاوية ومن معه ولكن الأمر قد فات فقد أخذ الأمر معاوية من الحكمين: عمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري في دومة الجندل فأصبح المسلمون في حل من أمرهم، لأن بيعة عبدالله بن وهب لم تقع إلا بعد حصول النتيجة بوقوع ما حذَّر منه أولوا البصائر من منكري التحكيم - وهو أن التحكيم تلاعب بالأمر تولى كبر الدعوة إليه الأشعث بن قيس الذي دُسَّ على أصحاب علي من قبل معاوية.
وليس إذاً ما يزعمه محرِّفو التاريخ ومتعفنة المذهبية أن واقعة النهروان كانت بسبب الخروج على عليٍّ لأنهم لم يخرجوا والبيعة في أعناقهم فلينتبه المتبصر من الزلة في هذا المقام فإن الأهواء متغلغلة في أصحابها بما لا خفاء فيه.
الثالثة : أن تسمية الخوارج لم تكن معهودة في أول الأمر وإنما انتشرت بعد استشراء أمر الأزارقة كما قلنا ولم تعرف هذه التسمية في أصحاب عليّ المنكرين للتحكيم والراضين به
الرابعة: أن الإباضية لم يسلّوا السيف على أحد من أهل التوحيد قط، ولم تقع منهم حرب ضد أحد من المسلمين وحتى عند اشتداد الأزمة من الحجاج بن يوسف الثقفي وزياد بن أبيه فقد اشتدوا في مطاردة المسلمين لمجرد الظنة حتى خرج عليهم التوابون وعلى رأسهم سعيد بن جبير وابراهيم النخعي وهما إمامان وقد قتل الحجاج سعيد بن جبير أحد أئمة التفسير، والعجب كل العجب أن هذه المجموعة الكبرى من العلماء الذين حملوا السيف أمام الجور الذي ظهر بفظاعة من الحجاج لم يطلق عليهم أحد اسم الخوارج بل أطلقوا عليهم اسم التوابين وهم كلهم من حملة لواء العلم وماتوا جميعا في القتال ما عدا ثلاثة فيما يبدو. فإن العقل يقف مشدوها أمام هذه الفاجعة الكبرى ومع ذلك تمر على القراء بسلام ،ولكن الذي يمحِّص التاريخ بإنصاف وعلم يرى في إطلاق لفظ الخوارج على الإباضية - وهم من الخوارج براء - مغزى وهو أنهم رأوا أن الإمامة لا تختص بقريش بل هي تصح لكل من اختاره المسلمون لسياسة دولتهم ورياستها وهذا هو الحق الذي دل على كمال البصيرة إذ ليس من الحكمة أن يجعل الله أمر البشر على سائر أجناسه وأممه تابعاً لقبيلة واحدة سواء أحسنت أم أساءت .....
خامسها: أن الإباضية يبتغون العدل وينشرون العمل بالكتاب والسنة والسير على مناهج السياسة التي سار عليها الخلفاء الراشدون سواء قام بالأمر قرشي أم حبشي، عربي أم عجمي كما ورد في أحاديث صحاح لهذا ارتضوا سيرة عمر بن عبد العزيز حين أرسلوا إليه وفداً من البصرة يتألف من ستة علماء جهابذة: جعفر بن السِّماك وأبو الحر علي بن الحصين العنبري والحتات بن كاتب والحباب بن كليب وأبو سفيان قنبر البصري وسالم بن ذكوان - وربما كانوا أكثر من هؤلاء إلا أن الذين وقفت على أسمائهم هم هؤلاء رحمهم الله جميعا وحيث ذكر مؤرخوا قومنا وفود هؤلاء على عمر بن عبد العزيز قالوا كعادتهم في الغمز: أرسل إليه الخوارج وفداً ،ولم يذكروا ما جرى بينهم وبين الخليفة عمر من الحديث وقبوله منهم كل ما أرادوه منه من نشر العدل وتطهير البلاد والمنابر من اللعن الذي اتخذه الأمويون سنة فإن الوفد قال له: (إن المسلمين يلعنون على المنابر فلابد من الشروع في تغيير المنكر) فأبدل اللعن بقوله تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)...................
سادسها: الإباضية يجيزون المناكحة بينهم وبين سائر الموحدين، والخوارج لا يجيزون التناكح مع غيرهم لأنهم يرون سواهم مشركين كما بينا وأوضحنا وعلى هذا لا يجوز أيضاً التوارث بينهم وبين من يخالفهم بطبيعة الحال لأن الشرك الذي منع المناكحة والمصاهرة يمنع الموارثة؛ فهل تعامى عند هذه الفروق الذين تعفنت نفوسهم وأصيبت أبصارهم بالعشي ذلك ما يشاهده الذي يقلب أطوار التاريخ في مدونات قومنا ولم يعتبروا قوله سبحانه: (إن الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً).....................
سابعها: الإباضية اتجهوا إلى خدمة الإسلام علماً وعملاً منذ ابتدأت الفتنة فاشتغلوا بالتدوين فكانوا أول من دوَن الحديث ؛ فإمامُنا جابر بن زيد أول من دوّن الحديث وأقوال الصحابة في ديوانه الذي وصفوه بأنه وقر بعير، ثم تلاميذه من بعده وهم حملة العلم إلى المشرق والمغرب، والخوارج جنحوا إلى إراقة الدماء وإخافة السبل وتعطيل................
ثامنها: أن قومنا حين جمعوا الحوادث التاريخية واقتضت الحال أن يذكروا أصحابها فشلوا في قيل الصواب فخلطوا بين الإباضية والخوارج فتارة ينسبون الإباضية للخوارج وتارة ينسبون الخوارج إلى الإباضية كما يفعل الكثير من المدونين في الأصول والفروع في إضافة أقوال المعتزلة إلى الإباضية والعكس مما أوجب التخليط والتشويش فيذهب المؤلفون الذين يعتمدون على النقل إلى ما هو أشبه بالتهريج ولا عذر لهم عندي مطلقاً لأن الذي ينشر الحق يطلبه من ينبوعه لا أن ينتحله حسب هواه.
النالوتى- عضو مشارك
- عدد المساهمات : 227
تاريخ التسجيل : 23/09/2013
رد: الفرق بين الإباضية والخوارج
نعم هناك فرق ولكن لابد من التقائهم في بعض الاصول !!!
جعبة الأسهم- الفقير إلى عفو ربه
- عدد المساهمات : 17019
تاريخ التسجيل : 29/01/2013
رد: الفرق بين الإباضية والخوارج
بارك الله فيكنعم هناك فرق ولكن لابد من التقائهم في بعض الاصول !!! كتب:
كما قلت المشكلة ان هناك جهل كبير حول عقيدة الاباضية واغلب الاخوة من أهل السنة
لايطلعون على مثل هذه الكتب مباشرة من المصدر، فهناك احكام مسبقة وخلط كبير بين الاباضية
والفرق الاخرى
سأحول طرح بعض مثل هذه المواضيع للفائدة
النالوتى- عضو مشارك
- عدد المساهمات : 227
تاريخ التسجيل : 23/09/2013
رد: الفرق بين الإباضية والخوارج
هذا بعض ما يشتركون فيه الاباضية مع الخوارج:
ومرتكب الكبيرة -عندهم- كافر كفر نعمة أو كفر نفاق لا كفر ملّة، ومع ذلك يقولون بأنّ العاصي مخلّد في النّار
جعبة الأسهم- الفقير إلى عفو ربه
- عدد المساهمات : 17019
تاريخ التسجيل : 29/01/2013
مواضيع مماثلة
» الدولة الإباضية ؟؟؟
» قول ابن تيميه وابن حنبل في الروافض والخوارج
» هل بين الاخوان والخوارج صلة
» أقوى رد على الإباضية في مسألة الخلود في النار للموحدين
» اللحيدان الحاكمية ضاهرها التوحيد وباطنها السياسه
» قول ابن تيميه وابن حنبل في الروافض والخوارج
» هل بين الاخوان والخوارج صلة
» أقوى رد على الإباضية في مسألة الخلود في النار للموحدين
» اللحيدان الحاكمية ضاهرها التوحيد وباطنها السياسه
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات العامة و الساحة السياسية والاقتصادية المفتوحة :: حوار الثغور ومنبر السياسة والاقتصاد والفتن الخاصة (عمران بيت المقدس خراب يثرب)!
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى