سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
+4
أبو أنس
عاشقة السماء
حليم
علاء
8 مشترك
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات العامة و الساحة السياسية والاقتصادية المفتوحة :: حوار الثغور ومنبر السياسة والاقتصاد والفتن الخاصة (عمران بيت المقدس خراب يثرب)!
صفحة 1 من اصل 1
خوارج اخر الزمن
بإختصار خوارج آخر الزمان هم ال سلول الذين خرجوا على الخلافة الإسلامية وهم اخر الخوارج وبعدهم الخلافة الراشدة
لن تستقيم الامة الاسلامية الا بتحرير بلاد الحرمين
لن تستقيم الامة الاسلامية الا بتحرير بلاد الحرمين
????? ??- زائر
هل انتهى عهد الخوارج
السلام عليكم
نشأة الخوارج والتعريف بهم
الخوارج عرّف أهل العلم الخوارج بتعريفات منها ما بيّنه أبو الحسن الأشعري أن اسم الخوارج يقع على تلك الطائفة التي خرجت على رابع الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب ، وبيّن أن خروجهم عليه هو العلة في تسميتهم بهذا الاسم، حيث قال رحمه الله تعالى: "والسبب الذي سموا له خوارج خروجهم على علي لما حكم"[1].
فالخوارج هم أولئك النفر الذين خرجوا على عليٍّ بعد قبوله التحكيم في موقعة صفين، ولهم ألقاب أخرى عرفوا بها غير لقب الخوارج، ومن تلك الألقاب الحرورية والشراة والمارقة والمحكمة وهم يرضون بهذه الألقاب كلها إلا بالمارقة؛ فإنهم ينكرون أن يكونوا مارقين من الدين كما يمرق السهم من الرمية[2].
ومن أهل العلم من يرجّح بداية نشأة الخوارج إلى زمن النبي ويجعل أول الخوارج ذا الخويصرة الذي اعترض على الرسول في قسمة ذهب كان قد بعث به علي من اليمن، ويتضح ذلك من الحديث النبوي الشريف الذي رواه الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري حيث قال:
بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ مِنَ الْيَمَنِ بِذُهَيْبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ[3] لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا[4]. قَالَ: فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ وَالأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ وَزَيْدِ الْخَيْلِ، وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلاَثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلاَءِ. قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ، فَقَالَ: "أَلاَ تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً". قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ نَاشِزُ الْجَبْهَةِ كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ مُشَمَّرُ الإِزَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اتَّقِ اللَّهَ! قَالَ: "وَيْلَكَ! أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ".
قَالَ: ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ. قَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟! قَالَ: "لاَ، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي". فَقَالَ خَالِدٌ: وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : "إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلاَ أَشُقَّ بُطُونَهُمْ". قَالَ: ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُقَفٍّ فَقَالَ: "إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ". وَأَظُنُّهُ قَالَ: "لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ"[5].
ويعلق ابن الجوزي -رحمه الله- على هذا الحديث فيقول: أول الخوارج وأقبحهم حالة ذو الخويصرة التميمي. وفي لفظ أنه قال له: "وَيْلَكَ! وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ، قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ"[6].
فهذا أول خارجي خرج في الإسلام، وآفته أنه رضي برأي نفسه، ولو وقف لعلم أنه لا رأي فوق رأي رسول الله وأتباع هذا الرجل هم الذين قاتلوا علي بن أبي طالب [7].
وممن أشار بأن أول الخوارج ذو الخويصرة: أبو محمد بن حزم[8]، وكذا الشهرستاني[9]. ومن العلماء من يرى أن نشأة الخوارج بدأت بالخروج على عثمان بإحداثهم الفتنة التي أدت إلى قتله ظلمًا وعدوانًا، وسميت تلك الفتنة التي أحدثوها بالفتنة الأولى[10].
وقد أطلق ابن كثير على الغوغاء الذين خرجوا على عثمان وقتلوه اسم الخوارج[11].
الرأي الراجح حول نشأة الخوارج
بالرغم من الارتباط القوي بين ذي الخويصرة والغوغاء الذين خرجوا على عثمان وبين الخوارج الذين خرجوا على علي بسبب التحكيم فإن مصطلح الخوارج بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة لا ينطبق إلا على الخارجين بسبب التحكيم؛ بحكم كونهم جماعة في شكل طائفة لها اتجاهها السياسي وآراؤها الخاصة، أحدثت أثرًا فكريًّا عقديًّا واضحًا، بعكس ما سبقها من حالات[12].
ذم الخوارج في السنة النبوية
لقد وردت أحاديث كثيرة عن النبي في ذم الخوارج، منها ما روي عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اعْدِلْ! فَقَالَ: "وَيْلَكَ! وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ، قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ". فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَقَالَ: "دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ -وَهُوَ قِدْحُهُ- فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ، وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ".
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ الَّذِي نَعَتَهُ[13].
وعَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ فَلأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُولَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: "سَيَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ؛ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"[14].
وعَنْ يُسَيْرِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: سَأَلْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ: هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ يَذْكُرُ الْخَوَارِجَ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ "قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ بِأَلْسِنَتِهِمْ لاَ يَعْدُو تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ"[15].
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: "سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي اخْتِلاَفٌ وَفُرْقَةٌ، قَوْمٌ يُحْسِنُونَ الْقِيلَ وَيُسِيئُونَ الْفِعْلَ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنْ الرَّمِيَّةِ، لاَ يَرْجِعُونَ حَتَّى يَرْتَدَّ عَلَى فُوقِهِ، هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ، طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ، يَدْعُونَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَلَيْسُوا مِنْهُ فِي شَيْءٍ، مَنْ قَاتَلَهُمْ كَانَ أَوْلَى بِاللَّهِ مِنْهُمْ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا سِيمَاهُمْ؟ قَالَ: "التَّحْلِيقُ".
وفي رواية عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَحْوَهُ قَالَ: "سِيمَاهُمْ التَّحْلِيقُ وَالتَّسْبِيدُ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَأَنِيمُوهُمْ". قَالَ أَبُو دَاوُد: التَّسْبِيدُ: اسْتِئْصَالُ الشَّعْرِ[16].
وعن أبي كَثِيرٍ مَوْلَى الأَنْصَارِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ سَيِّدِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حَيْثُ قُتِلَ أَهْلُ النَّهْرَوَانِ، فَكَأَنَّ النَّاسَ وَجَدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مِنْ قَتْلِهِمْ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ حَدَّثَنَا بِأَقْوَامٍ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لاَ يَرْجِعُونَ فِيهِ أَبَدًا حَتَّى يَرْجِعَ السَّهْمُ عَلَى فُوقِهِ، وَإِنَّ آيَةَ ذَلِكَ أَنَّ فِيهِمْ رَجُلاً أَسْوَدَ مُخْدَجَ الْيَدِ إِحْدَى يَدَيْهِ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ لَهَا حَلَمَةٌ كَحَلَمَةِ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ، حَوْلَهُ سَبْعُ هُلْبَاتٍ فَالْتَمِسُوهُ؛ فَإِنِّي أُرَاهُ فِيهِمْ. فَالْتَمَسُوهُ فَوَجَدُوهُ إِلَى شَفِيرِ النَّهَرِ تَحْتَ الْقَتْلَى فَأَخْرَجُوهُ، فَكَبَّرَ عَلِيٌّ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ! صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. وَإِنَّهُ لَمُتَقَلِّدٌ قَوْسًا لَهُ عَرَبِيَّةً، فَأَخَذَهَا بِيَدِهِ فَجَعَلَ يَطْعَنُ بِهَا فِي مُخْدَجَتِهِ وَيَقُولُ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ! وَكَبَّرَ النَّاسُ حِينَ رَأَوْهُ وَاسْتَبْشَرُوا، وَذَهَبَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَجِدُونَ[17].
مناظرة ابن عباس للخوارج
انفصل الخوارج في جماعة كبيرة من جيش علي أثناء عودته من صفين إلى الكوفة، قُدِّر عددها في بعض الروايات ببضعة عشر ألفًا، وحُدِّد في رواية باثني عشر ألفًا[18]، وفي أخرى بستة آلاف[19]، وفي رواية بثمانية آلاف[20]، وفي رواية بأنهم أربعة عشر ألفًا[21].
وقد انفصل هؤلاء عن الجيش قبل أن يصلوا إلى الكوفة بمراحل، وقد أقلق هذا التفرق أصحاب علي وهالهم، وسار علي بمن بقي من جيشه على طاعته حتى دخل الكوفة، وانشغل أمير المؤمنين بأمر الخوارج، خصوصًا بعدما بلغه تنظيم جماعتهم من تعيين أمير للصلاة وآخر للقتال، وأن البيعة لله ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مما يعني انفصالهم فعليًّا عن جماعة المسلمين[22].
وكان أمير المؤمنين علي حريصًا على إرجاعهم إلى جماعة المسلمين، فأرسل ابن عباس إليهم لمناظرتهم، وهذا ابن عباس يروي لنا ذلك فيقول: "... فقمت وخرجت ودخلت عليهم في نصف النهار وهم قائمون فسلمت عليهم فقالوا: مرحبًا بك يابن عباس! فما جاء بك؟ قلت لهم: أتيتكم من عند أصحاب النبي وصهره وعليهم نزل القرآن وهم أعلم بتأويله منكم، وليس فيكم منهم أحد لأبلغكم ما يقولون وتخبرون بما تقولون. قلت: أخبروني ماذا نقمتم على أصحاب رسول الله وابن عمه؟
قالوا: ثلاثًا.
قلت: ما هن؟
قالوا: أما إحداهن فإنه حكم الرجال في أمر الله فكفر، وقال الله تعالى:{إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ} [الأنعام: 57]، ما شأن الرجال والحكم؟
فقلت: هذه واحدة.
قالوا: وأما الثانية، فإنه قاتل ولم يسبِ ولم يغنم، فإن كانوا كفارًا سلبهم، وإن كانوا مؤمنين ما أحل قتالهم.
قلت: هذه اثنان، فما الثالثة؟
قالوا: إنه محا اسمه من أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين.
قلت: هل عندكم شيء غير هذا؟
قالوا: حسبنا هذا.
قلت: أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله ومن سُنَّة نبيه ما يردّ قولكم، أترضون؟!
قالوا: نعم.
قلت: أما قولكم حكم الرجال في أمر الله، فأنا أقرأ عليكم في كتاب الله أن قد صيّر الله حكمه إلى الرجال في ثُمُن ربع درهم، فأمر الله الرجال أن يحكموا فيه، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95]. فنشدتكم بالله تعالى، أحكم الرجال في أرنب ونحوها من الصيد أفضل أم حكمهم في دمائهم وصلاح ذات بينهم؟! وأنتم تعلمون أن الله تعالى لو شاء لحكم ولم يصيّر ذلك إلى الرجال. قالوا: بل هذا أفضل. وفي المرأة وزوجها قال الله : {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35]، فنشدتكم بالله حكم الرجال في صلاح ذات بينهم، وحقن دمائهم أفضل من حكمهم في بضع امرأة أخرجت من هذه؟
قالوا: نعم.
قلت: وأما قولكم قاتل ولم يسبِ ولم يغنم، أفتسلبون أُمَّكم عائشة -رضي الله عنها- ثم تستحلون منها ما يستحل من غيرها وهي أمكم؟ فإن قلتم: إنا نستحل منها ما نستحل من غيرها فقد كفرتم، ولئن قلتم ليست بأمِّنا فقد كفرتم؛ لأن الله تعالى يقول: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6]. فأنتم تدورون بين ضلالتين، فأتوا منها بمخرج!
قلت: فخرجت من هذه؟
قالوا: نعم.
وأما قولكم محا اسمه من أمير المؤمنين، فأنا آتيكم بمن ترضون وأراكم قد سمعتم أن النبي يوم الحديبية صالح المشركين، فقال لعلي : "اكتبْ، هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ". فقال المشركون: لا والله ما نعلم أنك رسول الله، لو نعلم أنك رسول الله لأطعناك، فاكتب محمد بن عبد الله. فقال رسول الله : "امْحُ يَا عَلِيُّ رَسُولَ اللَّهِ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُكَ، امْحُ يَا عَلِيُّ، وَاكْتُبْ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ". فوالله رسول الله خير من عليٍّ، وقد محا نفسه ولم يكن محوه ذلك يمحاه من النبوة. أخرجت من هذه؟
قالوا: نعم.
فرجع منهم ألفان، وخرج سائرهم فقُتلوا على ضلالتهم، قتلهم المهاجرون والأنصار[23].
خروج علي لمناظرة بقية الخوارج
بعد مناظرة ابن عباس للخوارج واستجابة ألفين منهم له، خرج أمير المؤمنين علي بنفسه إليهم فكلمهم فرجعوا ودخلوا الكوفة، إلا أن هذا الوفاق لم يستمر طويلاً؛ بسبب أن الخوارج فهموا من علي أنه رجع عن التحكيم وتاب من خطيئته -حسب زعمهم- وصاروا يذيعون هذا الزعم بين الناس، فدخل الأشعث بن قيس الكندي إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فقال: إن الناس يتحدثون أنك رجعت لهم عن كفرك.
فلما أن كان الغد الجمعة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه فخطب، فذكّرهم مباينتهم الناس وأمرهم الذي فارقوه فيه، فعابهم وعاب أمرهم. فلما نزل المنبر تنادوا من نواحي المسجد "لا حكم إلا لله"، فقال علي: حكم الله أنتظر فيكم. ثم قال بيده هكذا يسكتهم بالإشارة، وهو على المنبر حتى أتى رجل منهم واضعًا إصبعيه في أذنيه[24] وهو يقول: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65]. فقال علي: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ} [الروم: 60].
وأعلن أمير المؤمنين علي سياسته الراشدة العادلة تجاه هذه الجماعة المتطرفة، فقال لهم: إن لكم عندنا ثلاثًا: لا نمنعكم صلاةً في هذا المسجد، ولا نمنعكم نصيبكم من هذا الفيء ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا[25].
فقد سلم لهم أمير المؤمنين علي بهذه الحقوق ما داموا لم يقاتلوا الخليفة، أو يخرجوا على جماعة المسلمين، مع احتفاظهم بتصوراتهم الخاصة في إطار العقيدة الإسلامية فهو لا يخرجهم بداية من الإسلام، وإنما يسلم لهم بحق الاختلاف دون أن يؤدي إلى الفُرقة وحمل السلاح[26].
وعنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عِيَاضِ بْنِ عَمْرٍو الْقَارِيِّ قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- وَنَحْنُ عِنْدَهَا جُلُوسٌ مَرْجِعَهُ مِنَ الْعِرَاقِ لَيَالِيَ قُتِلَ عَلِيٌّ ، فَقَالَتْ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادٍ، هَلْ أَنْتَ صَادِقِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ تُحَدِّثُنِي عَنْ هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ؟
قَالَ: وَمَا لِي لاَ أَصْدُقُكِ!
قَالَتْ: فَحَدِّثْنِي عَنْ قِصَّتِهِمْ.
قَالَ: فَإِنَّ عَلِيًّا لَمَّا كَاتَبَ مُعَاوِيَةَ وَحَكَمَ الْحَكَمَانِ خَرَجَ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةُ آلاَفٍ مِنْ قُرَّاءِ النَّاسِ فَنَزَلُوا بِأَرْضٍ يُقَالُ لَهَا: حَرُورَاءُ مِنْ جَانِبِ الْكُوفَةِ، وَإِنَّهُمْ عَتَبُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا: انْسَلَخْتَ مِنْ قَمِيصٍ أَلْبَسَكَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَاسْمٍ سَمَّاكَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، ثُمَّ انْطَلَقْتَ فَحَكَّمْتَ فِي دِينِ اللَّهِ فَلاَ حُكْمَ إِلاَّ لِلَّهِ تَعَالَى. فَلَمَّا أَنْ بَلَغَ عَلِيًّا مَا عَتَبُوا عَلَيْهِ وَفَارَقُوهُ عَلَيْهِ، فَأَمَرَ مُؤَذِّنًا فَأَذَّنَ أَنْ لاَ يَدْخُلَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلاَّ رَجُلٌ قَدْ حَمَلَ الْقُرْآنَ، فَلَمَّا أَنْ امْتَلأَتْ الدَّارُ مِنْ قُرَّاءِ النَّاسِ دَعَا بِمُصْحَفٍ إِمَامٍ عَظِيمٍ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَصُكُّهُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ: أَيُّهَا الْمُصْحَفُ، حَدِّثْ النَّاسَ.
فَنَادَاهُ النَّاسُ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا تَسْأَلُ عَنْهُ إِنَّمَا هُوَ مِدَادٌ فِي وَرَقٍ وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ بِمَا رُوِينَا مِنْهُ، فَمَاذَا تُرِيدُ؟
قَالَ: أَصْحَابُكُمْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ خَرَجُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ كِتَابُ اللَّهِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ فِي امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35].
فَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ أَعْظَمُ دَمًا وَحُرْمَةً مِنْ امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ. وَنَقَمُوا عَلَيَّ أَنْ كَاتَبْتُ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَقَدْ جَاءَنَا سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ بِالْحُدَيْبِيَةِ حِينَ صَالَحَ قَوْمَهُ قُرَيْشًا فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ". فَقَالَ سُهَيْلٌ: لاَ تَكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. فَقَالَ: "كَيْفَ نَكْتُبُ؟" فَقَالَ: اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "فَاكْتُبْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ". فَقَالَ: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ أُخَالِفْكَ. فَكَتَبَ "هَذَا مَا صَالَحَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قُرَيْشًا"[27]، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} [الأحزاب: 21].
وعندما أيقن الخوارج أن عليًّا عازم على إنفاذ أبي موسى الأشعري -رضي الله عنهما- حكمًا، طلبوا منه الامتناع عن ذلك، فأبى عليٌّ عليهم ذلك، وبيّن لهم أن هذا يعدّ غدرًا ونقضًا للأيمان والعهود، فقد كتب بينه وبين القوم عهودًا، وقد قال الله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلاَ تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [النحل: 91].
فقرر الخوارج الانفصال عن عليٍّ وتعرضوا له في خطبه، وأسمعوه السبَّ والشتم والتعريض بآيات من القرآن[28].
ثم اجتمع الخوارج لتعيين أمير عليهم في منزل عبد الله بن وهب الراسبي فخطبهم خطبة بليغة زهّدهم في الدنيا ورغبهم في الآخرة والجنة، وحثهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم قال: فاخرجوا بنا إخواننا من هذه القرية الظالم أهلها، إلى جانب هذا السواد إلى بعض كور الجبال، أو بعض هذه المدائن، منكرين لهذه الأحكام الجائرة.
ثم قام حرقوص بن زهير فقال بعد حمد الله والثناء عليه: إن المتاع بهذه الدنيا قليل، وإن الفراق لها وشيك، فلا تدعونكم زينتها أو بهجتها إلى المقام بها، ولا تلتفت بكم عن طلب الحق وإنكار الظلم {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128].
ثم قام سنان بن حمزة الأسدي فقال: يا قوم، إن الرأي ما رأيتم، وإن الحق ما ذكرتم، فولوا أمركم رجلاً منكم، فإنه لا بد لكم من عمادٍ وسنان، ومن راية تحفون بها وترجعون إليها. فبعثوا إلى زيد بن حصن الطائي -وكان من رءوسهم- فعرضوا عليه الإمارة فأبى، ثم عرضوها على حرقوص بن زهير فأبى، وعرضوها على حمزة بن سنان فأبى، وعرضوها على شُريح بن أبي أوفى العبسيّ فأبى، وعرضوها على عبد الله بن وهب الراسبي فقبلها وقال: أما والله لا أقبلها رغبةً في الدنيا ولا أدعها فَرَقًا من الموت[29].
واجتمعوا أيضًا في بيت زيد بن حصن الطائي السنبسي فخطبهم وحثهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتلا عليهم آيات من القرآن، منها قوله تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: 26].
وقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45]، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47]. ثم قال: فأشهد على أهل دعوتنا من أهل قبلتنا أنهم قد اتبعوا الهوى، ونبذوا حكم الكتاب، وجاروا في القول والأعمال، وأن جهادهم حقٌّ على المؤمنين. فبكى رجل منهم يقال له: عبد الله بن سخبرة السلمي، ثم حرّض أولئك على الخروج على الناس، وقال في كلامه: اضربوا وجوههم وجباههم بالسيوف حتى يطاع الرحمن الرحيم، فإن أنتم ظفرتم وأطيع الله كما أردتم أثابكم ثواب المطيعين له العاملين بأمره، وإن قُتلتم فأيُّ شيءٍ أفضل من المصير إلى رضوان الله وجنته؟!
ويعلق ابن كثير على فساد عقيدتهم فيقول: "وهذا الضرب من الناس من أغرب أشكال بني آدم، فسبحان من نوّع خلقه كما أراد، وسبق في قدره العظيم!"[30].
وما أحسن ما قال بعض السلف في الخوارج إنهم المذكورون[31] في قوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} [الكهف: 103-105].
"والمقصود أن هؤلاء الجهلة الضلاَّل، والأشقياء في الأقوال والأفعال، اجتمع رأيهم على الخروج من بين أظهر المسلمين، وتواطئوا على المسير إلى المدائن ليملكوها على الناس ويتحصنوا بها، ويبعثوا إلى إخوانهم وأضرابهم -ممن هو على رأيهم ومذهبهم، من أهل البصرة وغيرها- فيوافوهم إليها ويكون اجتماعهم عليها.
فقال لهم زيد بن حصن الطائي: إن المدائن لا تقدرون عليها، فإن بها جيشًا لا تطيقونه وسيمنعوها منكم، ولكن واعدوا إخوانكم إلى جسر نهر جوخى، ولا تخرجوا من الكوفة جماعاتٍ، ولكن اخرجوا وحدانًا؛ لئلاّ يفطن بكم. فكتبوا كتابًا عامًّا إلى من هو على مذهبهم ومسلكهم من أهل البصرة وغيرها، وبعثوا به إليهم ليوافوهم إلى النهر ليكونوا يدًا واحدة على الناس.
ثم خرجوا يتسللون وحدانًا لئلاّ يعلم أحد بهم فيمنعوهم من الخروج، فخرجوا من بين الآباء والأمهات والأخوال والخالات وفارقوا سائر القرابات، يعتقدون بجهلهم وقلة علمهم وعقلهم أن هذا الأمر يرضي رب الأرض والسموات، ولم يعلموا أنه من أكبر الكبائر الموبقات، والعظائم والخطيئات، وأنه مما زيّنه لهم إبليس الشيطان الرجيم المطرود عن السموات الذي نصب العداوة لأبينا آدم ثم لذريته ما دامت أرواحهم في أجسادهم مترددات، والله المسئول أن يعصمنا منه بحوله وقوته، إنه مجيب الدعوات. وقد تدارك جماعة من الناس بعض أولادهم وإخوانهم فردوهم وأنّبوهم ووبّخوهم، فمنهم من استمر على الاستقامة، ومنه من فرّ بعد ذلك فلحق بالخوارج فخسر إلى يوم القيامة، وذهب الباقون إلى ذلك الموضع ووافى إليهم من كانوا كتبوا إليه من أهل البصرة وغيرها، واجتمع الجميع بالنهروان وصارت لهم شوكة ومنعة"[32].
فكتب عليٌّ إلى الخوارج بالنهروان: أما بعد، فقد جاءكم ما كنتم تريدون، قد تفرّق الحكمان على غير حكومة ولا اتفاق، فارجعوا إلى ما كنتم عليه؛ فإني أريد المسير إلى الشام. فأجابوه أنه لا يجوز لنا أن نتخذك إمامًا وقد كفرت حتى تشهد على نفسك بالكفر، وتتوب كما تبنا، فإنك لم تغضب لله، إنما غضبت لنفسك. فلما قرأ جواب كتابه إليهم يئس منهم؛ فرأى أن يمضي من معسكره بالنخيلة وقد كان عسكر بها -حين جاء خبر الحكمين- إلى الشام، وكتب إلى أهل البصرة في النهوض معه[33].
معركة النهروان 38هـ
سبب المعركة:
كانت الشروط التي أخذها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على الخوارج أن لا يسفكوا دمًا ولا يروعوا آمنًا ولا يقطعوا سبيلاً، وإذا ارتكبوا هذه المخالفات فقد نبذ إليهم الحرب؛ ونظرًا لأن الخوارج يكفرون من خالفهم ويستبيحون دمه وماله، فقد بدءوا بسفك الدماء المحرمة في الإسلام، وقد تعددت الروايات في ارتكابهم المحظورات؛ فعن رجل من عبد القيس قال: كنت مع الخوارج فرأيت منهم شيئًا كرهته، ففارقتهم على أن لا أكثر عليهم، فبينا أنا مع طائفة منهم إذ رأوا رجلاً خرج كأنه فزع، وبينهم وبينه نهر، فقطعوا إليه النهر فقالوا: كأنَّا رعناك؟
قال: أجل.
قالوا: ومن أنت؟
قال: أنا عبد الله بن خباب بن الأرَتّ.
قالوا: عندك حديث تحدثناه عن أبيك عن رسول الله ؟
قال: سمعته يقول: إنه سمع النبي يقول: "إن فتنة جائية القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، فإذا لقيتهم، فإن استطعت أن تكون عبد الله المقتول فلا تكن عبد الله القاتل"[34].
فأخذوه وسرية له معه، فمرّ بعضهم على تمرة ساقطة من نخلة فأخذها فألقاها في فِيه، فقال بعضهم: تمرة معاهد، فبم استحللتها؟ فألقاها من فيه، ثم مروا على خنزير فنفحه بعضهم بسيفه، فقال بعضهم: خنزير معاهد، فبم استحللته؟
فقال عبد الله: ألا أدلكم على ما هو أعظم عليكم حرمة من هذا؟!
قالوا: نعم.
قال: أنا. فقدموه فضربوا عنقه، فرأيت دمه يسيل على الماء كأنه شراك نعل اندفر بالماء حتى توارى عنه، ثم دعوا بسرية له حبلى فبقروا عما في بطنها[35].
فأثار هذا العمل الرعب بين الناس وأظهر مدى إرهابهم ببقر بطن هذه المرأة وذبحهم عبد الله كما تذبح الشاة، ولم يكتفوا بهذا بل صاروا يهددون الناس قتلاً، حتى إن بعضهم استنكر عليهم هذا العمل قائلين: ويلكم ما على هذا فارقنا عليًّا[36].
بالرغم من فظاعة ما ارتكبه الخوارج من منكرات بشعة، لم يبادر أمير المؤمنين علي إلى قتالهم، بل أرسل إليهم أن يسلموا القتلة لإقامة الحد عليهم، فأجابوه بعناد واستكبار: وكيف نقيدك وكلنا قتله؟ قال: أوَكلكم قتله؟ قالوا: نعم[37]. فسار إليهم بجيشه الذي قد أعدَّه لقتال أهل الشام في شهر المحرم من عام 38هـ، وعسكر على الضفة الغربية لنهر النهروان، والخوارج على الضفة الشرقية بحذاء مدينة النهروان[38].
وكان أمير المؤمنين علي يدرك أن هؤلاء القوم هم الخوارج الذين عناهم رسول الله بالمروق من الدين؛ لذلك أخذ يحث أصحابه أثناء مسيرهم إليهم ويحرضهم على قتالهم.
وعسكر الجيش في مقابلة الخوارج يفصل بينهما نهر النهروان، وأمر جيشه ألاّ يبدءوا بالقتال حتى يجتاز الخوارج النهر غربًا، وأرسل علي رسله يناشدهم الله ويأمرهم أن يرجعوا، وأرسل إليهم البراء بن عازب يدعوهم ثلاثة أيام فأبوا[39]، ولم تزل رسله تختلف إليهم حتى قتلوا رسله، واجتازوا النهر.
وعندما بلغ الخوارج هذا الحد وقطعوا الأمل في كل محاولات الصلح وحفظ الدماء، ورفضوا عنادًا واستكبارًا العودة إلى الحق وأصروا على القتال، قام أمير المؤمنين بترتيب جيشه وتهيئته للقتال، فجعل على ميمنته حجر بن عدي وعلى الميسرة شبث بن ربعي ومعقل بن قيس الرياحي، وعلى الخيل أبا أيوب الأنصاري، وعلى الرَّجَّالة أبا قتادة الأنصاري، وعلى أهل المدينة -وكانوا سبعمائة- قيس بن سعد بن عبادة، وأمر عليٌّ أبا أيوب الأنصاري أن يرفع راية أمان للخوارج، ويقول لهم: من جاء إلى هذه الراية فهو آمن، ومن انصرف إلى الكوفة والمدائن فهو آمن، إنه لا حاجة لنا فيكم إلا فيمن قتل إخواننا. فانصرف منهم طوائف كثيرون، وكانوا أربعة آلاف فلم يبقَ منهم إلا ألف أو أقل مع عبد الله بن وهب الراسبي[40].
نشوب القتال:
زحف الخوارج إلى علي فقدّم عليٌّ بين يديه الخيل وقدم منهم الرماة وصفّ الرجّالة وراء الخيّالة، وقال لأصحابه: كفوا عنهم حتى يبدءوكم، وأقبلت الخوارج يقولون: لا حكم إلا لله، الرواح الرواح إلى الجنة. وبعد معركة حاسمة وقصيرة أخذت وقتًا من اليوم التاسع من شهر صفر عام 38هـ، وأسفرت هذه المعركة الخاطفة عن عددٍ كبير من القتلى في صفوف الخوارج، فتذكر الروايات أنهم أصيبوا جميعًا، ويذكر المسعودي: أن عددًا يسيرًا لا يتجاوز العشرة فروا بعد الهزيمة الساحقة[41]. أما جيش علي فقد قُتل منه رجلان فقط[42]. وقيل: قتل من أصحاب عليٍّ اثنا عشر أو ثلاثة عشر[43]. وقيل: لم يقتل من المسلمين إلا تسعة رهط[44].
ذو الثدية وأثر مقتله في جيش علي:
كان علي يتحدث عن الخوارج منذ ابتداء بدعتهم، وكثيرًا ما كان يتعرض إلى ذكر ذي الثُّدَيَّة، وأنه علامة هؤلاء، ويسرد أوصافه، وبعد نهاية المعركة الحاسمة أمر علي أصحابه بالبحث عن جثة المُخْدَجِ؛ لأن وجودها من الأدلة على أن عليًّا على حقٍّ وصواب. وبعد مدة من البحث مرت على عليٍّ وأصحابه، وجد أمير المؤمنين علي جماعة مكوّمة بعضها على بعض عند شفير النهر، قال: أخرجوهم. فإذا المخدج تحتهم جميعًا مما يلي الأرض، فكبّر علي ! ثم قال: صدق الله وبلّغ رسوله! وسجد سجود الشكر، وكبّر الناس حين رأوه واستبشروا[45].
معاملة علي للخوارج:
عامل أمير المؤمنين علي الخوارج قبل الحرب وبعدها معاملة المسلمين، فما إن انتهت المعركة حتى أصدر أمره في جنده ألاّ يتبعوا مُدبِرًا أو يذففوا على جريح أو يمثِّلوا بقتيل، يقول شقيق بن سلمة المعروف بأبي وائل -أحد فقهاء التابعين وممن شهد مع عليٍّ حروبه-: لم يسْبِ عليٌّ يوم الجمل ولا يوم النهروان[46].
الثورة المستمرة وخلافاتهم وانقسامهم
إن فرقة من فرق الإسلام لم تسلك طريق الثورة كما سلكته فرقة الخوارج، حتى لقد أصبحت ثوراتهم وانتفاضاتهم أشبه بالثورة المستمرة في الزمان والمنتشرة في المكان ضد الأمويين، بل وضد علي بن أبي طالب منذ التحكيم وحتى انقضاء عهده سنة 40هـ. وعلى درب ثورتهم المستمرة هذه كانت معاركهم المتفردة بالاستبسال والفناء في الهدف والمبدأ، معالم تستنفر دماء شهدائهم وذكريات ضحاياهم فيها اللاحقين للاقتداء بالسابقين.
وبعد هزيمتهم في النهروان بشهرين تجددت ثورتهم فقاتلوا جيش علي ثانية في الدَّسْكَرَة بأرض خراسان في ربيع الثاني سنة 38هـ، وكانت قيادتهم لأشرس بن عوف الشيباني.
وفي الشهر التالي لهزيمة الدسكرة تجددت ثورتهم بقيادة هلال بن علفة وأخيه مجالد فقاتلوا جيش عليٍّ للمرة الثالثة عند (ماسبذان) بأرض فارس في جمادى الأولى سنة 38هـ.
وبعد هزيمة ماسبذان قادهم الأشهب بن بشر البجلي في خروج آخر في نفس العام، فحاربوا في جرجرايا على نهر دجلة.
وفي رمضان سنة 38هـ زحفوا بقيادة أبي مريم -من بني سعد تميم- إلى أبواب الكوفة، فحاربوا جيش علي بن أبي طالب ، وهُزِمُوا هناك.
وبعد مقتل علي وتنازل ابنه الحسن لمعاوية بدأت حرب الخوارج لأهل الشام، ولقد كادوا يهزمون جيش معاوية في أول لقاء لهم به، لولا أن استعان عليهم بأهل الكوفة.
وفي سنة 41هـ قاد سهم بن غالب التميمي والخطيم الباهلي تمردًا داخليًّا ضد بني أمية استمر حتى قضى عليه زياد بن أبيه قرب البصرة سنة 46هـ، أي بعد خمس سنوات[47].
واستمرت ثوراتهم ضد الأمويين، ففي آخر شوال سنة 64هـ بدأت ثورتهم الكبرى بقيادة نافع بن الأزرق، وهي الثورة التي بدأت بكسر أبواب سجون البصرة، ثم خرجوا يريدون الأهواز.
وفي سنة 76هـ وسنة 77هـ تمكّنوا بقيادة شبيب بن يزيد بن نعيم من إيقاع عدة هزائم بجيوش الحجاج بن يوسف الثقفي.
وغير ذلك من الثوارات التي استمرت حتى أواخر الدولة الأموية.
وجدير بالذكر أن هذه الثورات الخارجية وإن لم تنجح في إقامة دولة مستقرة يستمر حكم الخوارج فيها طويلاً إلا أنها قد أصابت الدولة الأموية بالإعياء حتى انهارت انهيارها السريع تحت ضربات الثورة العباسية في سنة 132هـ؛ فالعباسيون قد قعدوا عن الثورة قُرابة قرن بينما قضى الخوارج هذا القرن في ثورة مستمرة، ثم جاء القَعَدَةُ فقطفوا ثمار ما زرعه الثوّار[48].
خلافات وانقسامات الخوارج
الخوارج مثلهم كمثل سائر الفرق الإسلامية لم يمنعهم الاتفاق في الأصول من الاختلاف في الفروع والمسائل، فشهد تاريخهم عددًا من الانقسامات قادها عدد من أعلامهم وأئمتهم، ولقد ظل الخوارج بعيدين عن الانقسام حتى عهد إمامهم نافع بن الأزرق (65هـ)، الذي مثّلت فرقته "الأزارقة" أول انقسام داخل تيار الخوارج العام.
وبعد أن استشرت الانقسامات والاختلافات في المسائل والفروع ظلت الجماعات الرئيسية في حركة الخوارج هي:
1- الأزارقة: أتباع نافع بن الأزرق.
2- النجدات: أتباع نجدة بن عامر الحنفي.
3- الإباضية: أتباع عبد الله بن إباض.
4- الصفرية: نسبة إلى زياد الأصفر، أو النعمان بن الأصفر، أو عبد الله بن صفّار على خلاف في ذلك.
ولقد انقرضت هذه الفروع الخارجية ولم يبقَ من الخوارج سوى الإباضية الذين لا تزال لهم بقايا حتى الآن في أجزاء من الوطن العربي وشرقي إفريقيا، وبالذات في عُمان على الخليج العربي، وفي أنحاء من المغرب العربي (تونس والجزائر)، وفي الجنوب الشرقي للقارة الإفريقية (زنجبار)[49].
عقائد الخوارج
مع مرور الزمن استقرت آراء عقائدية خاصة بفرقة الخوارج، خالفوا فيها كتاب الله وسنة رسوله ، ومن هذه الاعتقادات:
1- تكفير صاحب الكبيرة:
إن الخوارج يكفرون مرتكب الكبيرة، ويحكمون بخلوده في النار، وقد استدلوا على معتقدهم ذلك بأدلة، منها قوله تعالى: {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 81]. فقد استدلوا بهذه الآية على تخليد أصحاب المعاصي في النار، وقالوا: إنه لا أمل للعاصي الذي يموت على معصيته في رحمة الله[50]. فزعموا أن الخطيئة تحيط بالإنسان، فلا يبقى له معها حسنة مقبولة، حتى الإيمان فإنها تذهبه. ولكن الأمر عكس ما ذهبوا إليه تمامًا، وهذه الآية نفسها تردّ مذهبهم، فقد دلت على أن من أحاطت به خطيئته فإنه يخلد في النار، وليس هناك خطيئة تحيط بالإنسان وتحبط أعماله ويخلد بسببها في النار إلا الكفر والشرك بالله. ويؤيد هذا أن تلك الآية نزلت في اليهود، وهم قد أشركوا بالله وحادوا عن سبيله[51].
2- وكان الأزارقة -فرقة من غلاة الخوارج- يقولون: إن جميع مخالفيهم من المسلمين مشركون، وإن من لا يسارع إلى دعوتهم واعتناق مذهبهم فإن دمه ودم نسائه وأطفاله حلال، وقد كفّروا علي بن أبي طالب واعتبروا قاتله عبد الرحمن بن ملجم شهيدًا بطلاً[52].
3- وإن (النجدات) من الخوارج يرون أنه لا حاجة إلى إمامٍ إذا أمكن الناس أن يتناصفوا فيما بينهم، فإن رأوا أن التناصف لا يتم إلا بإمام يحملهم على الحق فأقاموه جاز، فإقامة الإمام -في نظرهم- ليست واجبة بإيجاب الشرع، بل جائزة، وإذا وجبت فإنما تجب بحكم المصلحة والحاجة[53].
4- الخلافة لا تنحصر في قومٍ بعينهم:
كان الخوارج يرون أن الخلافة لا ينبغي أن تنحصر في قوم بعينهم، بل إن كل مسلم صالح للخلافة ما دام قد توافرت فيه شروطها من إيمان وعلم واستقامة، شريطة أن يبايع بها، ولا بأس بعد ذلك في أن يكون من الفرس أو الترك أو الحبش؛ فالمعنى العصبي الأرستقراطي بعيد عن تفكيرهم، بل عدو لمنهجهم ومسلكهم، واقتصار الخلافة على جنس بعينه -كالجنس العربي- أمر يحاربونه كل المحاربة[54].
فخرجوا على أئمة المسلمين عند أتفه الأسباب، وقد فعلوا ذلك مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فسفكوا الدماء وقطعوا السبل وضيعوا الحقوق، وسعوا في إضعاف المسلمين حتى تكالبت عليهم الأعداء.
ومما سبق يتضح أن الخوارج خالفت ما كان عليه جمهور المسلمين من اشتراط النسب القرشي في الإمام، وقالوا: إنه لا خصوصية لقريش فيها ولا مزية لهم عن سواهم، بل كل ما صار أهلاً لها، جاز توليته من دون أي نظر في نسبه[55].
5- الثورة على أئمة الجور:
أجمع الخوارج على وجوب الخروج (الثورة) على أئمة الجور والفسق والضعف؛ فعندهم أن الخروج يجب إذا بلغ عدد المنكرين على أئمة الجور أربعين رجلاً ويسمون هذا الحد "حد الشراء"، أي الذين اشتروا الجنة عندما باعوا أرواحهم فعليهم وجب الخروج حتى يموتوا أو يظهر دين الله ويخمد الكفر والجور. ولا يحل عندهم المقام والقعود غير ثائرين إلا إذا نقص العدد عن ثلاثة رجال، فإن نقصوا عن الثلاثة جاز لهم القعود وكتمان العقيدة، وكانوا على "مسلك الكتمان".
وهناك غير "حد الشراء" و"مسلك الكتمان" حد الظهور، وذلك عند قيام دولتهم ونظامهم تحت قيادة "إمام الظهور" و"حد الدفاع" وهو التصدي لهجوم الأعداء تحت قيادة إمام الدفاع[56]. ويعبر أبو الحسن الأشعري عن إجماع الخوارج على وجوب الثورة بقوله: "وأما السيف فإن الخوارج تقول به وتراه إلا أن الإباضية لا ترى اعتراض الناس بالسيف، ولكنهم يرون إزالة أئمة الجور ومنعهم من أن يكونوا أئمة بأي شيء قدروا عليه، بالسيف أو بغير السيف"[57].
6- إثبات إمامة الصِّدِّيق والفاروق وتكفير عثمان وعلي :
فهم يعتقدون أن إمامة أبي بكر وعمر إمامة شرعية لا شك في صحتها ولا ريب عندهم في شرعيتها، وأن إمامتهما كانت برضا المؤمنين ورغبتهم وأنهما سارا على الطريق المستقيم الذي أمر الله به لم يغيِّرا ولم يبدلا حتى توفهما الله تعالى. وهذا المعتقد للخوارج تجاه الشيخين حالفهم فيه السداد والصواب، لكنهم هلكوا فيمن بعدهما؛ حيث قادهم الشيطان وأخرجهم عن الحق والصواب في اعتقادهم في عثمان وعلي -رضي الله عنهما- فلقد حملهم على إنكار إمامة عثمان في المدة التي نقم عليه أعداؤه فيها، كما أنكروا إمامة عليٍّ أيضًا بعد التحكيم ، بل أدى بهم سوء معتقدهم إلى تكفيرهما، وتكفير طلحة والزبير ومعاوية وعمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري وعبد الله بن عباس ، وأصحاب الجمل وصفين.
وقد دوّن أهل العلم هذا المعتقد السيِّئ عنهم في كتبهم[58]، فقد قال أبو الحسن الأشعري رحمه الله: "والخوارج بأسرها يثبتون إمامة أبي بكر وعمر وينكرون إمامة عثمان -رضوان الله عليهم- في وقت الأحداث التي نقم عليه من أجلها، ويقولون بإمامة عليٍّ قبل أن يحكم، وينكرون إمامته لما أجاب إلى التحكيم، ويكفرون معاوية وعمرو بن العاص وأبا موسى الأشعري"[59].
7- الاختيار والبيعة هما الطريق لنصب الإمام:
يقف الخوارج مع الرأي القائل بأن "الاختيار والبيعة" هما الطريق لنصب الإمام، ومن ثَمَّ فهم أعداء لفكر الشيعة القائل: إن الإمامة شأن من شئون السماء لا اختصاص فيها للبشر، وإن السماء قد حددت لها أئمة بذواتهم نصّت عليهم، وأوصت لهم قبل وفاة الرسول .
وهم أعداء كذلك لمن زعم من السُّنة أن النص والوصية والتعيين قد سبقت من الرسول بالإمامة والخلافة لأبي بكر الصديق ، مثل فرقة "البكرية".
وعندهم -أيضًا- أن الإمامة من الفروع فليست من أصول الدين -خلافًا للشيعة-؛ ولذلك قالوا: إن مصدرها هو الرأي وليس الكتاب أو السنة[60].
8- إثبات صفة العدل لله:
اتفق الخوارج على نفي الجور عن الله I بمعنى إثبات القدرة والاستطاعة المؤثرة للإنسان، ومن ثَمَّ تقرير حريته واختياره؛ ففعله المقدور له هو من صنعه على سبيل الحقيقة لا المجاز، ومن هنا فإن مسئوليته متحققة عن فعله هذا، فجزاؤه بالثواب والعقاب عدل، على عكس مؤدَّى قول الجبرية الذي يقتضي قولهم بالجبر إلحاق الجور بالخالق -تعالى عن ذلك- لإثابته من لا يستحق، وعقابه من لا حيلة له في الذنب ولا سبيل له للفكاك من المكتوب المقدور[61].
9- تنزيه الذات الإلهية عن أي شبهة بالمحدثات:
أجمع الخوارج على تنزيه الذات الإلهية عن أي شبهة بالمحدثات بما في ذلك نفي مغايرة صفات الله لذاته، أو زيادتها عن الذات، وذلك حتى لا يفتح الباب لشبهة توهم تعدد القدماء، وانطلاقًا من هذا الموقف قالوا: بخلق القرآن -كلام الله- حتى لا يؤدي القول "بقدم الكلمة" إلى ما أدى إليه في المسيحية، عندما قال اللاهوتيون بالتثليث؛ لأن "كلمة الله " -عيسى بن مريم- قديمة كالله[62].
10- صدق وعد الله ووعيده:
قالت الخوارج بصدق وعد الله للمطيع، وصدق وعيده للعاصي دون أن يتخلف وعده أو وعيده لسبب من الأسباب[63].
11- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
تميز موقف الخوارج عن بعض الذين قالوا بهذا الأصل من أهل السنة وأصحاب الحديث، ذلك أن الخوارج قد جعلوا لهذا الأصل صلة وثيقة بالفكر السياسي، والتغيير للظلم والجور الذي طرأ ويطرأ على المجتمعات كما جعلوا القوة -قضية السيف- أداة أصيلة وسبيلاً رئيسيًا من أدوات النهي عن المنكر، وسبل التغيير للجور والفساد[64].
12- وفوق ذلك فإن الخوارج قد جمعتهم تقاليد اشتهرت عنهم في القتال، وزهد اتصفوا به في الثروة، فحررهم ذلك من قيود الحرص على الاقتناء، وأعانهم على الانخراط في الثورات والرحيل الأسرع في ركاب الجيوش الثائرة[65].
دول الخوارج
برزت الخوارج الصفرية في المغرب الأقصى وسيطرت عليه، وظهرت الخوارج الإباضية في المغرب الأدنى والأوسط، وأخضعت أجزاء واسعة لنفوذها[66].
فقد قامت دولة للخوارج الصفرية في سجلماسة تدعى (دولة بني مدرار)[67].
كما قامت دولة للخوارج الإباضية في (تاهرت)، إذ أسسوا هذه المدينة عام 161هـ، وأصبح عبد الرحمن بن رستم إمامًا لهذه الدولة (الدولة الرستمية)، التي استمرت من سنة 160هـ حتى سنة 296هـ[68].
أما القطر العماني فقد ظل منذ فجر الإسلام مستقرًّا للمذهب الإباضي، وكان من الأمور الطبيعية أن يسيطر أبناء المذهب على نظام الحكم فيه في شكل إمامة تستمد نظام حكمها وأحكامها من المذهب الشائع بين أهل البلاد.
الإمامة الأولى (إمامة الجلندى):
بدأت الإمامة الأولى في عمان المستقلة سنة 132هـ على وجه التحديد، وهي السنة التي سقطت فيها دولة بني أمية وقامت دولة بني العباس، وكان أول إمام هو الجلندَى بن مسعود بن جلندَى الجلنداني.
ومن الأحداث الطريفة التي ارتبطت بالسنة التي تولى فيها الجلندى الإمامة 132هـ أنه فضلاً عن سقوط بني أمية وقيام خلافة بني العباس، اجتمع فيها ثلاثة أئمة في وقت واحد هم: الجلندى في عمان، وطالب الحق عبد الله بن يحيى في اليمن، وأبو الخطاب المعافري في إفريقية، والأمر الأكثر طرافة أن ثلاثتهم من الإباضية؛ ومن ثَمَّ فقد أطلق على تلك السنة سنة الإمامة.
إمامة الخروصيين:
ظلت أمور عمان مضطربة حتى قيض الله لتلك البلاد إمامًا من بني خروص هو الوارث بن كعب الذي بويع له سنة 179هـ، وقد عاشت دولة بني خروص حتى بعد سنة 400هـ بقليل.
لقد انتهت إمامة الخروصيين نهاية حزينة وآلت من بعدهم إلى النباهنة الذين لم تكن حال عمان في عصرهم -من حيث الأمن والاستقرار- بأفضل من عهد سابقيهم، الأمر الذي هيأ لإمامة جديدة في أسرة جديدة.
إمامة اليعاربة:
كان ناصر بن مرشد بن سلطان اليعربي الحميري الأزدي أول إمام يعربي ولي الإمامة سنة 1034هـ.
إمامة البوسعيدية:
انتقل ملك اليعاربة إلى أحمد بن سعيد البوسعيدي سنة 1154هـ، وهو جَدُّ الأسرة الحاكمة في عمان في الوقت الحالي[69].
[1] الأشعري: مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين 1/207، ابن حزم: الفصل في الملل والأهواء والنحل 2/113، الشهرستاني: الملل والنحل 1/132، ابن حجر: هدي الساري في مقدمة فتح الباري ص459.
[2] أبو الحسن الأشعري: مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين 1/207.
[3] أديم مقروظ: في جلد مدبوغ بالقرظ.
[4] أي: لم تميز ولم تصف من تراب معدنها.
[5] صح
????????- زائر
در
[5] صحيح البخاري (4004)، صحيح مسلم (1763)، مسند أحمد (10585).
[6] صحيح البخاري (3341)، ( 5697)، (6421)، سنن ابن ماجه (168)، مسند أحمد (11112)، (14276)، (14292).
[7] ابن الجوزي: تلبيس إبليس ص90.
[8] ابن حزم: الفصل في الملل والأهواء والنحل 4/157.
[9] الشهرستاني: الملل والنحل 1/134.
[10] د. ناصر علي عائض حسن الشيخ: عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام 3/1141.
[11] ابن كثير: البداية والنهاية 7/202.
[12] العواجي: فرق معاصرة 1/67، عبد الحميد علي ناصر فقيهي: خلافة علي بن أبي طالب ص297، د. علي الصلابي: فكر الخوارج والشيعة في ميزان أهل السنة والجماعة ص16.
[13] صحيح البخاري (3341 ).
[14] صحيح مسلم (1771).
[15] صحيح مسلم (1776).
[16] سنن أبي داود (4137).
[17] مسند أحمد (635).
[18] البغدادي: تاريخ بغداد 1/160.
[19] النسائي: خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص200.
[20] ابن كثير: البداية والنهاية 7/280، 281.
[21] مصنف عبد الرزاق 10/157-160.
[22] د. علي محمد الصلابي: فكر الخوارج والشيعة في ميزان أهل السنة والجماعة ص22.
[23] النسائي: خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص200.
[24] ابن أبي شيبة الكوفي: المصنف 1/733، 734، الطبري: تاريخ الأمم والملوك 3/114.
[25] الطبري: تاريخ الأمم والملوك 3/114.
[26] حامد عبد الماجد: الوظيفة العقدية للدولة الإسلامية ص47.
[27] مسند أحمد (621).
[28] ابن كثير: البداية والنهاية 7/315، د. الصلابي: فكر الخوارج والشيعة في ميزان أهل السنة والجماعة ص29.
[29] ابن كثير: البداية والنهاية 7/316.
[30] السابق نفسه، الصفحة نفسها.
[31] السابق نفسه، الصفحة نفسها.
[32] ابن كثير: البداية والنهاية 7/317.
[33] البلاذري: أنساب الأشراف 1/343.
[34] مصنف ابن أبي شيبة 8/732.
[35] مصنف ابن أبي شيبة 8/732، 733، الطبري: تاريخ الأمم والملوك 3/118، البغدادي: تاريخ بغداد 1/94.
[36] مصنف ابن أبي شيبة 8/737 .
[37] المصدر السابق، الصفحة نفسها.
[38] د. الصلابي: فكر الخوارج والشيعة ص33.
[39] البيهقي: السنن الكبرى 8/179.
[40] د. الصلابي: فكر الخوارج والشيعة في ميزان أهل السنة والجماعة ص34.
[41] المصدر السابق ص34-36.
[42] صحيح مسلم (1773).
[43] ابن أبي شيبة الكوفي: المصنف 5/311.
[44] البغدادي: تاريخ بغداد 1/83.
[45] ابن أبي شيبة الكوفي: المصنف 15/317-319.
[46] البيهقي: السنن الكبرى 8/182.
[47] د. محمد عمارة: تيارات الفكر الإسلامي ص27، 28.
[48] المصدر السابق ص29، 30.
[49] د. محمد عمارة: تيارات الفكر الإسلامي ص31-33.
[50] علي يحيى معمر: الإباضية في موكب التاريخ 1/133.
[51] الشوكاني: فتح القدير 1/105.
[52] د. مصطفى الشكعة: إسلام بلا مذاهب ص133.
[53] الإمام أبو زهرة: تاريخ المذاهب الإسلامية.
[54] د. مصطفى الشكعة: إسلام بلا مذاهب ص130.
[55] أبو الحسن الأشعري: مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين 1/204، ابن حزم: الفصل في الملل والأهواء والنحل 4/89،
د. الصلابي: فكر الخوارج والشيعة ص55، 56.
[56] د. محمد عمارة: تيارات الفكر الإسلامي ص22.
[57] الأشعري: مقالات الإسلاميين 1/32.
[58] د. ناصر علي عائض حسن الشيخ: عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام 3/1157، د. الصلابي: فكر الخوارج والشيعة ص61.
[59] الأشعري: مقالات الإسلاميين 1/204.
[60] د. محمد عمارة: تيارات الفكر الإسلامي ص23.
[61] المصدر السابق ص24.
[62] السابق نفسه، الصفحة نفسها.
[63] د. محمد عمارة: تيارات الفكر الإسلامي ص24.
[64] المصدر السابق ص24.
[65] السابق نفسه، الصفحة نفسها.
[66] محمود شاكر: الدولة العباسية 5/87.
[67] المصدر السابق 5/161.
[68] السابق نفسه 5/134، د. مصطفى الشكعة: إسلام بلا مذاهب ص163.
[69] د. مصطفى الشكعة: إسلام بلا مذاهب ص151-159.
منقول من موقع قصة الاسلام بأشراف الدكتور راغب السرجاني
????????- زائر
علاء- اللهم اني أعوذ بك من فتنة الدجال
- عدد المساهمات : 1603
تاريخ التسجيل : 31/07/2013
رد: سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
كلام مجمل ...............هناك فرق جوهري بين
*الخوارج
*البغاة
الخوارج: هم طائفة مسلمة ضالة خرجوا على الشرع بدلوا وغيروا لهم بدع كفرية .....
البغاة : البغاة هم طائفة مسلمة سنية خرجوا فقط على الحاكم..يريدون السلطة...
والبغاة قسمان...
1/بغاة متأولون
2/بغاة غير متأولون
*وبغاة بالسلاح
*بغاة بغير سلاح
*وهناك المرتدون ..........طائفة اخرى.....
*الخوارج
*البغاة
الخوارج: هم طائفة مسلمة ضالة خرجوا على الشرع بدلوا وغيروا لهم بدع كفرية .....
البغاة : البغاة هم طائفة مسلمة سنية خرجوا فقط على الحاكم..يريدون السلطة...
والبغاة قسمان...
1/بغاة متأولون
2/بغاة غير متأولون
*وبغاة بالسلاح
*بغاة بغير سلاح
*وهناك المرتدون ..........طائفة اخرى.....
حليم- معبّر المنتدى
- عدد المساهمات : 4182
تاريخ التسجيل : 03/03/2013
رد: سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
أخينا علاء ما هي قصتك ما الخوارج؟!!!!!!
هل مدار الشريعة وأحكامها توقفت عليهم؟!!!!!
ويتوجب عليك على الأقل أن تقر بأن هناك رأي شرعي آخر في المسألة قبلته أم لم تقبله!!!!!
ثم أنت بإيرادك مثل هذه التسجيلات كمن يرد شطر الآية {لا تقربوا الصلاة} دون أن يكملها!!!!!
وحتى لا يتيه القارئ الكريم، من الأهمية الاطلاع على هذه المقالات الفقهية للوقوف على أصل المسألة:
الإمام الشرعي.. الإمام المتغلب .. الخروج على الإمام
https://t3beer.ahlamontada.com/t3195-topic#27375
حكم الحكام المستبدلين لشرائع الدين
https://t3beer.ahlamontada.com/t2965-topic#25562
منزلة الحكم بما أنزل الله من الدين
https://t3beer.ahlamontada.com/t2964-topic
رسالة تحكيم القوانين.. محمد آل الشيخ
https://t3beer.ahlamontada.com/t2974-topic
شبهة استدلال المانعين بالخروج على الحكام بحديث «لا ما أقاموا فيكم الصلاة»
https://t3beer.ahlamontada.com/t2579-topic
الفلك في إزالة الحلك عن لفظة: (وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك)
https://t3beer.ahlamontada.com/t2105-topic
هل مدار الشريعة وأحكامها توقفت عليهم؟!!!!!
ويتوجب عليك على الأقل أن تقر بأن هناك رأي شرعي آخر في المسألة قبلته أم لم تقبله!!!!!
ثم أنت بإيرادك مثل هذه التسجيلات كمن يرد شطر الآية {لا تقربوا الصلاة} دون أن يكملها!!!!!
وحتى لا يتيه القارئ الكريم، من الأهمية الاطلاع على هذه المقالات الفقهية للوقوف على أصل المسألة:
الإمام الشرعي.. الإمام المتغلب .. الخروج على الإمام
https://t3beer.ahlamontada.com/t3195-topic#27375
حكم الحكام المستبدلين لشرائع الدين
https://t3beer.ahlamontada.com/t2965-topic#25562
منزلة الحكم بما أنزل الله من الدين
https://t3beer.ahlamontada.com/t2964-topic
رسالة تحكيم القوانين.. محمد آل الشيخ
https://t3beer.ahlamontada.com/t2974-topic
شبهة استدلال المانعين بالخروج على الحكام بحديث «لا ما أقاموا فيكم الصلاة»
https://t3beer.ahlamontada.com/t2579-topic
الفلك في إزالة الحلك عن لفظة: (وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك)
https://t3beer.ahlamontada.com/t2105-topic
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
الخوارج
• علي ومعاوية..
• فرق الخوارج.
• جدال الخوارج.
• معاملة الخوارج.
• نظرة المستشرقين للخوارج.
• كلمة أخيرة.
الخوارج
علي ومعاوية:
انتهت موقعة الجمل- كما مر بنا منذ قليل- دون أن تسفر عن نتائج ذات بال فكانت أشبه بتشابك بين الإخوة سرعان ما انفض. ولم تترك أثرًا إلا بعد مدة طويلة من نشوبها أعني عندما تكونت الفرق الإسلامية فيما بعد وبدأت تبحث وتقوم أعمال المشتركين في هذه المعركة حسب ما أوضحناه آنفًا.
وأبرز ما يلاحظ هنا أن أنصار المعسكر المعادي لعلي لم تكتمل له صورة الجماعة ذات المنهج الفكري الموحد كما فعل الخوارج في أعقاب موقعة صفين؛ لأن طلبهم كان محصورًا في المطالبة بدم عثمان.
ثم نشبت معركة صفين فكانت أشبه بانفجار ذي دوي شديد ألقيت فيه قنبلة التحكيم ففجرت في الحال قيام الخوارج فأصبحت بذلك موقعة صفين من الموضوعات التي استأثرت باهتمام الباحثين للغوص في أعماقها واجتلاء خباياها.
ويحق وصفها بأنها كانت حربًا ضروسًا أوشكت أن تفني المسلمين، وتذهب بمجدهم وتمحو آثارهم.... ولولا أن تداركتهم عناية الله بصلح حقن من دماء الفريقين وحفظ عليهم بقية من أبطالهم وأمجادهم لتغير وجه التاريخ الإسلامي[1].
وكان معاوية ممن رأى أن بيعة على لم تنعقد لافتراق الصحابة أهل الحل والعقد بالآفاق وأنه يجب المطالبة بدم عثمان أولًا ثم يجتمعون على إمام[2].
وكانت حجة علي التي استند إليها أن البيعة التي تمت له قد عقدها نفس القوم المبايعون أبابكر وعمر وعثمان قبله. وتمت عن شوري المهاجرين والأنصار فلا معنى لخروج أحد عن هذه البيعة التي أجمع عليها هؤلاء وأولئك وإلا حق على الخارج عن الجماعة أن يُقاتل.
أما عن قتلة عثمان، فإنه طلب من معاوية في أحد كتبه إليه أن يدخل فيما دخل فيه المسلمون ثم تأتي الخطوة التالية وهي محاكمة القوم فيقول: (ثم حاكم القوم إلى أحمدك وإياهم على كتاب الله).
ولمن كتابه أيضًا إعلان براءته من قتل عثمان: (ولعمري لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدني أبرأ قريش من دم عثمان)[3]. هذا هو دفاع على عن حقه في الخلافة.
أما معاوية فإنه يبرر موقفه بأنه مطالب بدم عثمان الذي قتل مظلومًا ولأنه موليه ويؤيد مطالبته بقتل قاتليه بقول الله تعالى: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾ [الإسراء: 33].
وقد أجابه أهل الشام إلى طلبه حيث بايعوا وأوثقوا له: (على أن يبذلوا أنفسهم وأموالهم أو يدركوا بثأره أو يفني الله أرواحهم)[4].
ومن العجب أن علي بن أبي طالب قد عاق من أصحابه الأمرين- اللهم إلا القليل - أمثال عمار بن ياسر، وحجر بن عدي، وابن عباس إذ يذكر اليعقوبي أنهم في موقعة صفين لم يسمعوا لنصحه عندما أخبرهم بأن رفع المصاحف مكيدة وليس رافعوها بأصحاب قرآن.
وأصروا أيضًا على إيفاد أبي موسى الأشعري بدلًا من تحقيق رغبته في توجيه عبدالله بن عباس، فاضطر اضطرارًا للخضوع لمشيئتهم خشية افتراقهم عنه.
وتحفل كافة المصادر بما عاناه من أصحابه، نختار منها مقتطفات من إحدى خطبه إذ قال: (وقد دعوتكم إلى حرب هؤلاء القوم ليلًا ونهارًا وسرًا وإعلانًا وقلت لكم اغزوهم من قبل أن يغزوكم فوالدي نفسي بيده ما غزى قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا فتخاذلتم وتواكلتم وثقل عليكم قولي واتخذتموه وراءكم ظهريًا حتى شنت عليكم الغارات... يا عجبًا كل العجب عجب يميت القلب ويشغل الفهم ويكثر الأحزان من تضافر هؤلاء القوم على باطلهم وفضلكم عن حقكم فأنتم والله من السيف أفر يا أشباه الرجال...... ولا رجال)[5].
ومما يثير التعجب بقدر أكبر أن الشيعة فيما بعد قد تحدوا عليًا، فوضعه الغلاة فوق مستوى البشر. واعتدل بعضهم فاعتبروه أحق بالخلافة من أبي بكر وعمر!! وكان الأجدر الوقوف إلى جانبه في هذه الآونة العصيبة وتعضيده والإنصات إليه والاستماع إلى نصحه فالدلائل تشير إذًا أن فرقة (الشيعة) بالمعنى الفني لها لم تكن قد تكونت بعد حتى في عهد علي. وإلا لقامت بواجبها نحوه، ولكن الذي حدث أن هذا التمجيد جاء في مرحلة تالية عندما صيغت النظريات وحين استحال (العمل) وأصبح الممكن هو تدبيج النظريات فحسب.
يقول ابن خلدون بعد أن بين الخلاف الذي حدث بين الصحابة في العصر الأول (إلا أن أهل العصر الثاني من بعدهم اتفقوا على انعقاد بيعة علي ولزومها للمسلمين أجمعين وتصويب رأيه فيما ذهب إليه وتعيين الخطأ من جهة معاوية ومن كان على رأيه)[6].
وظل أهل السنة في العصور التالية أيضًا يؤيدون عليًا. فالبغدادي يذكر عنهم أنهم كانوا يرون الصواب مع علي وأن معاوية وأصحابه بغوا عليه حيث تأولوا خطأ ولكنهم لم يكفروا[7] كما يقرر الباقلاني أن عليًا أصاب فيما فعل وله أجران وأن الصحابة قد صدر منهم ما كان باجتهاد فلهم الأجر لا يفسقون ولا يبدعون[8].
نعود بعد هذا إلى النتيجة المباشرة التي نجمت عن موقعة صفين، وهي ظهور فرقة الخوارج التي نخصص لها الجزء الأكبر من هذا الفصل حالها - كما يرى الدكتور الريس- أول حزب سياسي يتكون في تاريخ الإسلام[9].
وقد نشأ هذا الحزب فور إعلان نتيجة التحكيم بين أبي موسى الأشعري وعمرو ابن العاص إذ تعالت الهتافات من معسكر علي: سفر الحكمين (لا حكم إلا لله) وانقلب المؤيدون أعداء وأصبحوا أكثر خطرًا على علي من جيش معاوية.
والقصة المشهورة عن التحكيم تروي لنا خدعة عمرو بن العاص لأبي موسى الأشعري إذ تم الاتفاق بينهما أولًا على خلع علي ومعاوية ثم يفوض الأمر للمسلمين يختارون ما يشاؤون إلا أن أبا موسى خلع عليا فثبت عمرو معاوية.
ويرجح الدكتور الريس رواية المسعودي لأنها تتفق مع العقل وتتلاءم مع شخصية أبي موسى الأشعري الصحابي الجليل، لأن هذه الرواية تنفى حدوث الخدعة، وقد أخذ بالنص المروي عنها حيث قال فيه: (ووجدت في وجه آخر من الروايات أنهما اتفقا على خلع علي ومعاوية، وأن يجعلا الأمر بعد ذلك شورى، يختار الناس رجلًا يصلح لها)، وبذلك أصبحت النتيجة الأخيرة للتحكيم رد الأمر إلى الأمة[10].
وأيًا كانت الطريقة التي تم بها التحكيم، فالثابت أنها أفرخت أول حزب سياسي هو الخوارج وأضعفت من شوكة علي لأنه اضطر إلى الحرب في جبهتين.
وهنا نجد أنفسنا أمام حقيقة واضحة هي أن الخوارج قد سبقوا الشيعة في طرق موضوع الخلافة أو الإمامة لمفهوم الشيعة، ولكن من المعروف أن نظريات الخوارج لم تكن مصاغة في القالب الفلسفي بل تتجمع في إطار المناقشات والمناظرات التي ثارت بينهم وبين خصومهم منذ خروجهم على علي وعلى طول امتداد حياتهم بيد أن هذه المناقشات كما نقلتها لنا المصادر المختلفة لمنت آراءهم وحججهم لأنها تتلاءم مع طبيعتهم العربية يما عرف عن العرب من فصاحة وبلاغة نثرًا كان أو شعرًا، ودون حاجة إلى تدوين هذه الحجج، لأن طبيعتهم تبعد كل البعد عن طبيعة الفلاسفة المنكبين على صياغة الأفكار والنظريات، لاسيما وأن أكثر العلوم الإسلامية كانت تروى بطريق المشافهة خلال عصر بني أمية ولم يبدأ (التدوين العلمي) المنظم إلا في عصر الدولة العباسية، وهي النتيجة المهمة التي وصل إليها الدكتور الريس بعد بحثه في نشأة البحث العلمي وتفنيده لرأي السير. ت. أرنولد الذي يقول فيه: (إن تاريخ نشأة النظريات غير معروف) أو (إن الوقت الذي وضعت فيه نظريات الخلافة في صيغها النهائية غير متأكد منه)[11].
وإن كانت الشيعة هي الأسبق في الكلام على مذهب الإمامة طبقًا لمعتقداتها فإن نظرية الخروج على الإمام الجائر ونفي اشتراط (القرشية) وغيرها من أفكارهم التي ابتدعوها حينئذ قد تفجرت على أثر التحكيم وقبل ظهور الشيعة بوقت غير قصير. بل إن نظريات الشيعة التي نشأت فيما بعد لم تكن أكثر من رد فعل مضاد لجنوح الخوارج وتطرفهم في تكفير معارضيهم وعلى رأسهم علي فكان لابد من أن يظهر المدافع عنه وأن يسلك نفس الطريق المتطرف، فمقابل (تكفير) علي ظهرت فكرة (تأليه) علي بواسطة الغلاة.
وفي هذا المعنى يذكر لنا الشيخ الكوثري أن نشأة الخوارج نبعت من عاطفة سياسية جامحة فنشأت فرق الشيعة كرد فعل لعمل هؤلاء تستند إلى عاطفة كتلك العاطفة[12].
فالخوارج إذًا كانوا الأسبق في تناول موضوع الخلافة، وقد خلص الدكتور النشار إلى إحدى النتائج المهمة التي تتعلق بموضوعنا، وهي أن المسلمين حتى مقتل الحسين كانوا مسلمين فحسب، لا سنة ولا شيعة، ولم تظهر فكرة (الوصاية أو الإمامة) فكريًا أو سياسيًا إلا في فرقة الخوارج[13] أي قبل ظهور التشيع.
فرق الخوارج:
تتعدد وتتضارب مصادر كتب الفرق الإسلامية في تناولها لفرق الخوارج، وتختلف هذه المصادر في تقسيم فرقهم وذكر أتباعهم وما اجتمعوا عليه من عقائد وما رفعوه من شعارات، وما اختلفوا فيه من نظرهم إلى غيرهم من المسلمين.
ومن العسير الوقوف على معتقدات الخوارج من واقع كتبهم نفسها لحرصهم الشديد عليها، وهي نادرة إن وجدت، فالغالب أن مكتبات المسلمين عارية من مؤلفاتهم[14].
فالمنهج الوحيد إذًا في بحث فرق الخوارج هو الرجوع إلى كتب الفرق التي تناولتهم بالتحليل والنقد، خاصة وأنهم ألبوا عليهم جميع الفرق الإسلامية الأخرى.
وقد اختلف كتاب الفرق في صنوفهم فمنهم من أفرد لهم عددًا كبيرًا كالإمام الرازي الذي عدد لهم واحدا وعشرين فرقة[15]، أو ما يقرب من نصفه هذا العدد كالملطي[16]، بينما جمعهم الإمام الأشعري في أربعة فحسب[17].
فالملطي (377هـ- 987م)- وكتابه من أقدم المصادر للفرق الإسلامية - يجمع بين (الشراة) و (الخوارج) في الاسم ويقسمهم إلى الفرق الآتية:
الأولى: المحكمة الذين كانوا يخرجون بسيوفهم إلى الأسواق ويجمعون الناس منادين بشعارهم الشهير (لا حكم إلا لله) ثم يضربون الناس بسيوفهم فيقتلون من يلحقون به ولا يزالون يقتلون حتى يقتلوا، ولهذا خشيهم الناس.
وهم في دفاعهم عن هذا المبدأ (لا حكم إلا لله) يعتقدون أنه لا تحكيم في دين الله لأحد من الناس إلا بالغة ولهذا السبب لا يحكمون بينهم حكمًا، فلما حكم أبو موسى الأشعري بين علي ومعاوية، ثم قام بخلع علي، كفروهم لأنهم حسب اعتقادهم جعلوا الحكم لأبي موسى الأشعري وينبغي ألا يكون هناك حكم إلا لله تعالى... وكلهم يكفرون أصحاب المعاصي، ومن اختلف معهم في مذهبهم[18].
الثانية: وهم الأفارقة والعمرية أصحاب عبد الله بن الأزرق، ويرجع الشيخ الكوثري التسمية الصحيحة لهذا الشخص أي نافع بن الأزرق، وأتباع عمر بن قتادة.
وهؤلاء أقل الخوارج شرًا لأنهم لا يرون إهراق دماء المسلمين، ولا غنم أموالهم ولا سبي أولادهم ويعتقدون أن المعاصي كفر، ويتبرءون من عثمان وعلي إلا أنهم يتولون أبا بكر وعمر، وهم ورعون مجتهدون قوامون بالليل لعبادة الله[19].
الثالثة: أصحاب شبيب الخارجي الذي خرج على الحجاج بن يوسف وكان لا يقتل أحدًا ولا يشي ولا يستحل شيئًا مما حرم الله إلا ما يستحله من الحجاج وأصحابه فقط، ولكنه مع هذا كفر السلف والخلف متبرئًا من عثمان وعلي مع توليه للشيخين. وقد تفرق أصحابه بعد وفاته[20].
الرابعة: هم النجدية (أو النجدات) أصحاب نجدة الحروري، وهو أيضًا ممن يكفرون السلف والخلف.
الخامسة: وهم الإباضية أصحاب أباض بن عمرو الذين خرجوا من الكوفة فقتلوا الناس وسبوا وقتلوا الأطفال وكفروا الأمة وأشاعوا الفساد وما زال منهم اليوم بقايا بسواد الكوفة، هذا ما يذكره الملطي.
أما دائرة المعارف الإسلامية فقد تناولت هذه الفرقة بتفصيل أكبر وذلك لانتشار الحركة الإباضية حتى في عصورنا الحديثة.
فإن هذه الحركة وجدت في بلاد العرب وفي عمان بنوع خاص تربة خصبة حتى أصبحت بتوالي الزمن المذهب السائد هناك وهي تتفق بوجه عام مع عقائد السنة باعترافهم بالقرآن والسنة كمصدر للعلوم الدينية ولا يختلفون إلا بالقول بالرأي- لا الإجماع والقياس- وهو ما يوضح أكثر الأصل الخارجي لهم[21].
وقد تفرق فهل كثير من الإباضية في صحراء تونس والجزائر ويعيشون في جماعات حتى الآن ويتصل بعضهم ببعض مع حرصهم الشديد وتمسكهم بالحماس المتأجج ولهم صلات أيضًا مع الإباضيين في عمان وزنجبار.
ثم انقسم الأباضيون الأفريقيون ثلاثة أقسام سياسية ودينية على السواء: النكارية، والخلفية، والنفاثية[22].
السادسة: الصفرية وهم أتباع المهلب بن أبي صفرة، ويرجع الشيخ الكوثري تصحيح الاسم إلى زياد بن الأصفر، وقد خرجوا أيضًا على الحجاج، ولكنهم لم يؤذوا الناس ولم يكفروا الأمة ولم يقوموا بشيء من قول الفرق التي تقدم ذكرها.
السابعة: الحرورية الذين يكفرون الأمة متولين الشيخين ويتبرءون من السنتين (عثمان وعلي) ويسبون ويستحلون الأموال والفرو، ويستمدون الأحكام من القرآن فحسب غير قائلين بالسنة أصلًا.
الثامنة: الحمزية نسبة إلى حمزة الخارجي، وهم يشبهون الحرورية في معتقداتهم غير أنهم لا يستحلون أخذ مال أحد إلا بالقتل فإن لم يجدوا أصحاب المال لم يأخذوا من المال شيئًا. فإذا ظهر صاحبه قتلوه واستحلوا المال حينئذ![23].
التاسعة: الصلتية وهم أصحاب الصلت بن عثمان، ويشتركون مع الفرقتين السابقتين في شريعتهما، وهم أكثر الخوارج شرًا وأكثرهم فسادًا لأنهم يقتلون غيرهم من المسلمين ويستحلون الأموال في جميع الأحوال.
العاشرة: وهم الشراة الذين يكفرون أصحاب المعاصي في الأفعال الصغيرة والكبيرة متبرئين من عثمان وعلي متولين الشيخين.
وهم فرقة معتدلة كما تدل عليه معتقداتهم. فهم لا يستحلون أموال المسلمين ولا سبي نسائهم ولا يخالفون أحكام الدين سواء كان مصدرها القرآن أو السنة كما أنهم أصحاب كتب تتضمن مذهبهم ولهم علماء وفقهاء ومروءة ظاهرة والعصاة عندهم كفار نعمة لا كفار شرك.
ويقول الملطي أيضًا: (وقد ظهر فيهم اليوم مذاهب المعتزلة فمنهم من ترك مذهبه وقال بالاعتزال)[24].
ويعرف الشهرستاني (548هـ- 1153م) الخوارج بمعنى أعم فهم عنده كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت عليه الجماعة، ولا يحصرهم بالذين خرجوا على علي فحسب بل تشمل هذه الفرقة (سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين أو كان بعدهم على التابعين بإحسان والأئمة في كل زمان) ويلحق بهم المرجئة فيما يتعلق بمسائل الإمامة لأنهم وافقوا الخوارج في هذه المسائل. مع أن المرجئة عنده (صنف آخر تكلموا في الإيمان والعمل)[25].
وأول من خرج على علي وأشدهم خروجا عليه وكذلك مرورًا من الدين هم الأشعث بن قيس، ومسعود بن فداك التميمي، وزيد بن حصين الطائي الذين هددوا عليًا بأنه إن لم يأمر الأشتر النخعي بإنهاء القتال فإنهم سيفعلون كما فعلوا بعثمان.
وهم الذي دفعوه دفعًا إلى قبول التحكيم في بداية الأمر، وحملوا على بعث أبي موسى الأشعري وكان علي يرغب في إبقاء عبد الله بن عباس، ثم عادوا في النهاية فخطأوه قائلين: (لم حكمت الرجال؟ لا حكم إلا لله).
وكبار فرقهم ستة كما يعددها الشهرستاني: وهم: الأزارقة، والنجدات، والصفرية، والعجاردة، والإباضية، والثعالبي، أما الباقون فمن فروع هؤلاء).
ويرى أن المحكمة الأول هم المقصودون بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (تحقر صلاة أحدكم في جنب صلاتهم وصوم أحدكم في جنب صيامهم، ولكن لا يجاوز إيمانهم تراقيهم).
وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضًا: (سيخرج من ضئضئي هذا الرجل قوم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية) وهم الذين أولهم ذو الخويصرة وآخرهم ذو الثدية[26].
كما يؤيد ابن حزم انتماء الخوارج إلى ذي الخويصرة هذا[27].
أما البغدادي (429هـ- 1037م) في كتابه (الفرق بين الفرق) فيقسم الخوارج إلى عشرين فرقة أهمها يسميها بالأسماء التالية:
المحكمة الأولى، الأزارقة، النجدات، الصفرية، العجاردة، (وقد افترقت العجاردة فيما بينها فرقًا كثيرة) أبرزها اليزيدية أتباع يزيد بن أنيس التي خرجت عن فرق الإسلام لاعتقادها بأن شريعة الإسلام تنسخ في آخر الزمان بني يبعث من العجم[28].
ويبدو أن كثرة تشعب هذه الفرق قد أتى من الخلط بين معتقداتهم التي اعتنقوا وبين ما كان يطلق عليهم من أسماء مع اتفاق المعتقدات فيما بين فرقهم المختلفة. فمما يجعلني أميلُ إلى هذا الاعتقاد أن الإمام أبا الحسن الأشعري قد جمع فرق الخوارج في أربعة فقط وهم: الأزارقة والأباضية والصفرية والنجدية، واعتبر أن كل الأصناف سوى هذه الفرق تفرعوا من الصفرية.
فمن ألقابهم أنهم خوارج، وحرورية، وشراة، ومارقة، ومحكمة.
والسبب في إطلاق هذه المسميات عليهم أنهم خرجوا على علي بن أبي طالب ولإنكارهم الحكمين أبي موسى الأشعري وعمرو بن العاص وقولهم لا حكم إلا لله، وبسبب نزولهم بحروراء في أول أمرهم، وكلهم قالوا شربنا أنفسنا في طاعة الله أي بعناها الجنة.
وهم يرضون بهذه الألقاب ما عدا المارقة فهو اللقب الوحيد الذي يرفضونه لأن معناه مروقهم من دين الإسلام كما يمرق السهم من الرمية[29].
ويرتبط باللقب الأخير ما ألصق بهم من معنى المروق من الدين استنادًا إلى ما روي عن تقسيم الغنائم في غزوة حنين حيث آثر الرسول - صلى الله عليه وسلم - نفرًا ترغيبًا وتأليفًا لقلوبهم في الإسلام، فانبرى له رجل يدعى ذو الخويصرة، فصاح بالرسول: اعدل يا رسول الله، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (ويحك ومن يعدل إذا لم أعدل؟) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أصحابه: (إنه يخرج من ضئضئي هذا قوم يتلون كتاب الله رطبًا لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، إنه سيقتلهم قتل عاد إن أدركهم).
ويفسر صاحب البحث عن هذه الواقعة[30] أن الضمير في يقتلهم يرجع إلى علي، ويعلل ذلك بأنه لم ينوه النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه بالذات لمصلحة يعرفها، وأن مثل هذه الأحاديث التي تكلم بها فهي من مغيبات الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
أما المستشرق فلهوزن فإنه يورد نص الحديث ليؤسس نتيجة مغايرة، إذ سأل عمر ابن الخطاب النبي - صلى الله عليه وسلم - حينئذ ليسمح له بقتله، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا، دعوه فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية ينظر في النعل فلا يوجد شيء ثم في السوق فلا يوجد شيء سبق الفرث والدم)[31].
وقد اعتبر فلهوزن أن القصة عن هذا السلفي القديم للجوارح قصة أسطورية ونحا نحوه الدكتور عبد الرحمن بدوي إذ اعتبر ذا الخويصرة شخصًا مجهولًا تمامًا[32].
ولكن السيد الخطيب الهادي، تأسيسها على رأيه السابق، يرى أن مبدأ لا حكم إلا لله وكلمة اعدل يا محمد، هما الأساس لمبدأ الخوارج وعقيدتهم[33].
ولا يدخل في نطاق بحثنا تحقيق هذا الأصل للخوارج تاريخيًا، ولكن الجدير بالتأمل هو النزعة التي تظهر لأول وهلة عند فلهوزن بما تحمله من دلالة لنظريات المستشرقين بوجه عام، هذه النزعة التي تمجد كل رأي يخالف أهل السنة والجماعة، وتبحث وتنقب دون يأس أو كلل عن المخالفين لأهل السنة لإبرازها وخدمتها وعرضها على أوسع نطاق.
وسيظهر لنا هذا واضحًا عند تناولنا لرأي فلهوزن عن الخوارج بالتفصيل- الذي سنعود إليه مرة أخرى- لنبين كيف أنه رفع شأنه فوق المرتبة التي يستحقونها بما أسبغه عليهم من صفات وما نسبه إليهم من أعمال.
جدال الخوارج:
تحفل المصادر بالجدال والحجاج الفكري بين علي والخوارج، مما يعطي في مضمونها صورة واضحة عن المعتقدات التي اعتنقها هؤلاء الخارجون عليه، ويعوضنا بعض الشيء عن التماس آرائهم من كتبهم نفسها.
لقد أعلنوا شعارهم (لا حكم إلا لله) ولكن عليًا لم يرتج عليه لسماعه هذا الشعار فهو العالم بكتاب الله الذي يعرف جيدًا أنه لم يحد عنه بقبوله التحكيم، فقال: (كلمة حق أريد بها باطل).
وطلب منهم أن يقارعوا بالحجج فيسمع منهم ويرد عليهم ففي زعمهم أنهم نقموا عليه خصالًا عديدة، وهي أنه محا اسمه من إمرة المؤمنين يوم كتب إلى معاوية ولم يضربهم - أي الخوارج - بالسيف حين نكوصهم عنه يوم صفين وكان واجبه أن يفعل ذلك ليرجعوا إلى الله، وحكم الحكمين، وزعم أنه وصى فضيع الوصية. ورد عليهم علي مدافعًا عن نفسه في كل ما وجه إليه.
أما نزع اسمه من إمرة المؤمنين فكان لرسول الله صلوات عليه أسوة حسنة لأنه قبل أن يتخلى عن (محمد رسول الله) إلى (محمد بن عبد الله) لأن المشركين في صلح الحديبية لم يقبلوا إلا هذا وحجتهم في رفضهم أنهم لو آمنوا أنه رسول الله ما حاربوه، وقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ قال: (إن اسمي واسم أبي لا يذهبان بنبوتي وأمري).
ورد على دعواهم بامتناعه عن قتلهم يوم صفين، فاحتج بالآية الكريمة:﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195]، فعزف عن محاربتهم لكثرة عددهم ولقلة أعوانه.
وتحكيمه الرجال أيضًا له من آيات الله أسانيد، فإن الله حكم في إردب يباع بربع درهم بقوله تعالى: ﴿ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ ﴾[المائدة: 95]، فلو استرشد الحكمان بما جاء بكتاب الله (لما وسعني الخروج من حكمهما)[34].
وقد ردد كتاب الفرق الإسلامية مثل حجج علي وزادوا فيها يما أدخلوه من الشروح والتفسيرات لإبطال معتقدات الخوارج كلها.
فالملطي يتساءل: من أين قلتم- لا حكم إلا لله؟ وقد حكم الله الناس في كتابه في غير موضع إذ قال عز وجل في جزاء الصيد[35]: ﴿ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ ﴾ [المائدة: 95]، وقال تعالى: ﴿ وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا ﴾ [النساء: 128].
وقال: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 35]. وقال: ﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى: 10] وأيضًا:﴿ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ [النساء: 59] ، وقال: ﴿ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾[النساء: 83].
فهذه هي الآيات العديدة التي جعل فيها القرآن أحكامًا كثيرة إلى وجوه الناس للنظر فيما لم ينزل بيانه من عند الله.
وكيف أحلوا إهراق دماء المسلمين؟ مع أنه لا يحل دم المؤمن إلا لأسباب ثلاثة: إما زنًا بعد إحصان، أو ارتداد بعد ايمان، أو قتل النفس عمدًا، فجهلهم إذًا هو الذي أدى بهم إلى إطلاق الحكم على أهل القبلة بالقتل[36].
والخوارج في جمعهم بين تكفير عثمان وعلي يستندون على حجة واحدة هي الحكم بغير ما حكم الله فيقولون: (لأن عليًا حكم الحكمين وخلع نفسه عن إمرة المؤمنين وحكم في دين الله فكفر وعثمان ولي رقاب المؤمنين ولاة جور فحكموا بغير ما حكم الله فكفر)[37].
والرد عليهم في هذه المسألة يتناول باختصار:
أولًا: أن الله تعالى قد جعل في كثير من الدين الحكم إلى الأفراد لتطبيق ما جاء بالقرآن الكريم كما تبين آنفًا.
ثانيًا: أن ولاية عثمان وعلي للمسلمين حق، وهما في الأصل كذلك بإجماع لا اختلاف فيه فإذا تجاهل الخوارج هذه الحقيقة فقد تجاهلوا الإجماع وردوه، لأن هذا الإجماع على إيمانهما وولايتهما قد ثبت لهم من قبل ولا يزيل إيمانهما وولايتهما إلا إجماع آخر يثبت العكس، وينفي عنهما ما انعقد عليه الإجماع الأول.
ثالثًا: أما إذا ادعى الخوارج أن عثمان وعلي كانا حقًا مؤمنين وليين للمؤمنين بالإجماع ثم كفرا فالقول مردود بما أصبح عليه حال الخوارج أنفسهم، لأنه ينطبق عليهم ما روى النبي - صلى الله عليه وسلم - بإجماع الأمة أنهم مارقة.
ولأن نص الحديث المروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صريح في مروقهم من الدين كما يمرق السهم من الرمية، وواقع أحوالهم فيما بعد تحققت بما جاء بهذا الحديث.
فقد أهرقوا دماء المسلمين وكفروا السلف والخلف واستحلوا ما حرمه الله عليهم، كل هذه الأفعال تشهد عليهم بأهم خرجوا من الدين[38].
هذا فيما يتعلق بمعتقدات الخوارج في تكفيرهم الخليفتين الثالث والرابع، أما عن تفسيرهم للآيات القرآنية التي يتسلحون بها في تكفير من يرتكب الكبائر فإنهم يقيسون على قول الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ﴾ [المائدة: 5]. وقوله عز وجل:﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [الإنسان: 3]، وقال:﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ﴾ [التغابن: 2].
وبهذا فلم يجعل الله منزلة ثالثة تقع وسطًا بين الكفر والإيمان، (ومن كفر وحبط عمله فهو مشرك والإيمان رأس الأعمال، وأول الفرائض في عمل ومن ترك ما أمره الله به فقد حبط عمله وإيمانه، ومن حبط عمله فهو بلا إيمان والذي لا إيمان له مشرك كافر)[39].
والرد الذي يدفع به الملطى هذه التفسيرات يميل به إلى رأي المعتزلة، فهو يعتبر الخوارج قد أخطأوا القياس في هذه المسألة لأن الله تعالى بقوله: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 4]، فوضع الفاسق في منزلة بين الإيمان والكفر فلم يقرن - عز وجل - الفسق بالكفر بل نص على فسقهم فحسب. كما لم يقل أنهم بالرغم من فسقهم مؤمنون كما رأت المرجئة.
ومن أخطاء الخوارج أيضًا عدم التفرقة بين الكبائر والصغائر من الأفعال بينما فرق الله تعالى بقوله: ﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ﴾ [النساء: 31]، فالخوارج إذًا إن (حاولوا حجة في تكفير الأمة لم يجدوا، وإن جعلوا الذنوب كلها كبائر لم يجدوا إلى الحجة سبيلًا من عقل ولا سمع)[40].
وقد دأب أهل السنة والجماعة على تفنيد هذه التفسيرات التي يعتمد عليها الخوارج في عرض أرائهم، ولهذا فقد ذكر لنا إمام من أئمتهم وهو الإمام أبو المعين النسفي (متوفى 508هـ- 1114م) حججًا أخرى يدفع بها أقوالهم.
ويورد أولًا أقوالهم من نصوص الآيات القرآنية مثل قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا ﴾ [النساء: 14]، وخلود العاصي في النار يرجع إلى خروجه عن الإيمان. أو نص حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الشارب حين يشرب وهو مؤمن)، أو قوله- صلى الله عليه وسلم -: (الصلاة عماد الدين فمن أقامها فقد أقام الدين ومن تركها فقد هدم الدين).
وحجج النسفي في الرد يستمدها من نص الآية الكريمة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا ﴾ [التحريم: 8] فالتو بة النصوح لا تكون إلا من الكبيرة.
كما يستمد حججًا أخرى من أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - كقوله: (صلوا خلف كل بر وفاجر)، فلو خرج المؤمن من الإيمان لما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة خلفه. أما تفسير الحديث (لا يزني الزاني إلخ...) فإنه: (إخراج للكلام مخرج العادة لأن الظاهر والغالب في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - عدم الزنا).
ومعنى الحديث الثاني الذي يستند إليه الخوارج (الصلاة عماد الدين فمن تركها فقد هدم الدين). ترك الصلاة عن اعتقاد فقط لأنه فعلًا يصير بذلك كافرًا[41].
أما ابن حزم في رده على إنكار الخوارج للتحكيم فإنه يذكر أن عليًا لم يحكم قط رجلًا في دين الله وحاشاه من ذلك وإنما هو قد حكم كلام الله - عز وجل - بعد أن اتفق الفريقان على الدعوة إلى حكم القرآن الكريم. وقد قال تعالى: ﴿ إِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ [النساء: 59].
ولما كان من المستحيل أن يتناظر الفريقان بكامل أفرادهما فقد تم اختيار الحكمين كل منهما عن الفريق الذي يمثله مدليًا بحجج المعسكر الذي ينوب عنه أبو موسى الأشعري عن أهل العراق وعمرو بن العاص عن أهل الشام. فلم يخطئ علي إذًا في قبوله التحكيم للرجوع إلى ما أوجبه القرآن.
فإنكار الخوارج للتحكيم، تكفيرهم علي، نتيجة لهذا يرجع إلى أنهم كانوا أعرابًا قرءوا القرآن حقًا، لكنهم لم يتفقهوا في السنن الثابتة عن الرسول - صلوات الله عليه، ولم يكن منهم أحد من الفقهاء المعروفين في ذلك الوقت لتبصيرهم بما خفي عنهم من دقائق الفقه أمثال أصحاب ابن مسعود أو عمر وعلي وعائشة، وأبي موسى الأشعري، ومعاذ بن جبل، وأبي الدرداء، وسلمان وزيد، وابن عباس، وابن عمر. فلا غرو أن (يكفر بعضهم بعضًا عند أقل نازلة تنزل بهم من دقائق الفتيا وصغارها فظهر ضعف القوم وقوة جهلهم)[42].
ومما يكشف عن جهلهم أيضًا أنهم كانوا قريبي العهد ببيعة السقيفة حيث بايع الأنصار أبا بكر، وإذعانهم بذلك مع باقي المهاجرين لإمرة قريش، وقد نقل إليهم خبر اجتماع السقيفة من نقل إليهم القرآن والسنة النبوية أي أصحاب ثقات فكيف ينكرون على علي إمرة المسلمين، قد قرأوا أيضًا قول الله تعالى: ﴿ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾[الحديد: 10]، وقوله تعالى:﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا ﴾ [الفتح: 29]، ولكن الجهل أعمى بصائرهم وأضلهم الشيطان فحلوا بيعة علي وأعرضوا عن هؤلاء الصحابة الكبار الذين قصدهم الله بهذه الآيات أمثال سعيد بن زيد، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر، وغيرهم ممن أنفق من قبل الفتح وقاتل كما تركوا أيضًا الصحابة الذين أنفقوا بعد الفتح.
إنهم تركوا هؤلاء جميعًا الذين قال الله تعالى عنهم: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ [الفتح: 18]، كما وصفهم بأنهم الأشداء على الكفار الرحماء بينهم الركع السجد، والمثنى عليهم في التوراة والإنجيل، والذي شهد الله تعالى عليهم بأن باطنهم في الخير كظاهرهم بنص هذه الآية. إنهم تركوا هؤلاء جميعًا ليبايعوا عبدالله بن وهب الراسي الذي لا سابقة له ولا صحبة ولا فقه ولا شهد الله له بخير قط.
وعلي قد بويع بواسطة المسلمين على أثر مقتل عثمان، وحتى إذا كان الذي بايعه واحد من المسلمين فصاعدًا فإنه يصبح بذلك إمامًا يجب طاعته فإنه (الإمام بحقه وما ظهر منه قط إلا العدل والجد والبر والتقوى)[43].
ويضيف ابن حزم إلى هذا كله في كتاب (المفاضلة بين الصحابة) أن من حكم الله تعالى أن يجعل الحكم لغيره. وصح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (وإذا حاصرت أهل حصن فلا تنزلهم على حكم الله فإنك لا تدري ما حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك)، وصح قوله - صلى الله عليه وسلم - أيضًا: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي)[44].
معاملة الخوارج:
كان انشقاق الخوارج باعثًا لعلماء الفقه أن يعالجوا موضوع الخروج على الجماعة وأصبح يطلق على الطوائف التي تنشق من المجتمعات الإسلامية بأهل البغي مقابل أهل العدل، ووضعت شروط لكي تطلق عليهم هذه التسمية منها مخالفتهم لرأي الجماعة والانسلاخ عنها عن طريق الانفراد بمذهب يبتدعونه، فإذا لم يخرجوا بهذا المذهب عن طاعة الإمام وظلوا أفرادًا متفرقين فلا يحاربوا لأن الإمام سيتمكن بحالتهم هذه من تأديبهم وعقابهم.
ومنشأ هذه القاعدة ما كان بين علي والخارجين عليه، إذ أوضح لهم حقوقهم بألا يمنعهم عن مساجد الله ليذكروا فيها اسم الله، ولا يبدؤهم بقتال ولا يمنعهم الفيء ما دامت أيديهم معه[45].
فإن جاهروا وتظاهروا بمعتقداتهم مع اختلاطهم بباقي أهل العدل دون أن ينفصلوا في كيان خاص، فعلى الإمام أن يوضح لهم فساد ما اعتقدوا ليعودوا إلى موافقة الجماعة، ويجوز للإمام أن يؤدب من تظاهر بالفساد منهم للزجر والتخويف عن طريق التعزير دون إقامة الحد أو القتل، عملًا بقول رسول الله - صلوات الله عليه - (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس).
ولا يحاربوا أيضًا إذا اعتزلوا وحدهم وابتعدوا عن مخالطة الجماعة ما داموا لم يمتنعوا عن تأدية الحقوق، وظلت طاعتهم للإمام قائمة. فإذا عصوا الإمام ومنعوا ما عليهم من حقوق وانفردوا باجتباء الأموال وتنفيذ الأحكام أصبحت هذه الأموال مغتصبة والأحكام باطلة لأنهم لم ينصبوا لهم إمامًا.
أما إذا نصبوا لأنفسهم إمامًا لكي يتم تحصيل الأموال وتنفيذ الأحكام بأمره فيطالبوا برد هذه الأموال وتظل الأحكام نافذة.
ولكن حربهم في كلا الحالتين واجبة، أي سواء نصبوا لأنفسهم إمامًا أم لم يفعلوا بغرض إرجاعهم إلى الطاعة مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الحجرات: 9]. وتفسير هذه الآيات على النحو التالي:
لمعنى الآية: ﴿ فإن بغت إحداهما على الأخرى) ﴾ وجهان: أحدهما: بغت بالتعدي بالقتال، والثاني: بغت بالعدول عن الصلح.
ومعنة قوله تعالى:﴿ حتى تفىء إلى أمر الله ﴾ فسره سعيد بن جبير بأن ترجع إلى الصلح الذي أمر الله تعالى به، وقال قتادة بن دعامة السدوسي بأنه بالرجوع إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله فيما لهم وعليهم.
وكذلك الآية: ﴿ فأصلحوا بينهما بالعدل ﴾ فالعدل يعني إما الحق أو كتاب الله.
وعلى الأمير الذي قلده الإمام لقتالهم أن ينذرهم ويعذرهم أولًا ثم يقاتلهم إذا أصروا على القتال بعد إمهالهم دون الهجوم عليهم بغتة[46].
وتختلف الطرق المتبعة في قتالهم عن قتال المشركين والمرتدين من ثمانية أوجه:
الأول: القصد من القتال ردهم بادئ الأمر ولا يتعمد قتلهم خلافًا لقتال المشركين والمرتدين الذين يتعمد قتلهم.
الثاني: يقاتلوا مقبلين ويكف عنهم مدبرين أما المشركين والمرتدين فيجوز قتالهم مقبلين ومدبرين.
الثالث: لا يجهز على جريحهم، كما أمر علي يوم الجمل ألا يتبع مدبر ولا يجهز على جريح، وإن جاز الإجهاز على جرحى المشركين والمرتدين.
الرابع: ولا يقتل الأسرى أيضًا بل يفرج عمن أمن عودته للقتال ويحبس من لم يؤتمن رجوعه للقتال حتى تنتهى الحرب ثم يطلق سراحه، ولا يجوز حبسه بعدها.
الخامس: لا يغنم أموالهم ولا تسبى أولادهم عملًا بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (منعت دار الإسلام ما فيها وأباحت دار الشرك ما فيها).
السادس: لا يستعان على قتالهم بذمي أومشرك معاهد وإن جاز هذا في قتال أهل الحرب والردة.
السابع: لا يجوز مهادنتهم إلى مدة أو موادعتهم على مال.
الثامن: لا تحرق مساكنهم ولا تقطع أشجارهم ونخيلهم لأنها دار إسلام، أما إذا هاجموا أهل العدل فإنه بجوز لأهل العدل في هذه الحالة الدفاع عن أنفسهم ما استطاعوا ولو بالقتل إذا لم يندفعوا بغيره.
ولكنه لا يجوز الاستمتاع بدوابهم أو استعمال سلاحهم في قتالهم.
وهذا الرأي يخالف ما ذهب إليه أبو حنيفة الذي أجاز الاستعانة على قتالهم بسلاحهم والاستمتاع بدوابهم ما دامت الحرب قائمة كما منع الصلاة على موتاهم على سبيل العقوبة لهم.
ويعارضه الماوردي فيما يتعلق بالنقطة الأولى استنادًا على حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه). كما يرى الماوردي أيضًا أنه لا عقوبة على الميت في الدنيا ولهذا يجب الصلاة عليهم لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (فرض على أمتي غسل موتاهم والصلاة عليهم)[47].
نظرة المستشرقين للخوارج:
احتضن أغلب المستشرقين نظريات الخوارج ووضعوهم موضع التمجيد ورفعوا من شأنهم فأظهروا فيهم نواحي الاختلافات الجذرية بينهم وبين باقي الفرق على أنها سمة الامتياز والتفوق فإن فلهوزن يرى أن الخوارج قد انبثقوا عن طبقة القراء[48] الذين حفظوا القرآن عن ظهر قلب وجاهدوا للعمل يما حاء به لا الاقتصار على حفظه وترديده صلاة ودعاء في المساجد والبيوت لأن القرآن في نظرهم ليس موضوع دراسة نظرية وإنما أنزل من أجل العمل والتقوى. ولهذا لم ينقطعوا للتعبد فحسب محتفظين بتقواهم لأنفسهم (وإنما كانوا يعملون بإيمانهم عن طريق التوجيه وإسداء المشورة في الأمور العامة كما تقضي بذلك طبيعة الخلافة الإسلامية)[49].
فإن الخوارج في رأيه لم يكونوا قادة لحركات كبرى وإنما يعتبرهم مقاييس لدرجة حرارة الجماهير ومثيري حماستهم، وأنهم نادرًا ما كانوا يسبحون ضد التيار العام بل مقاييس لدرجة حرارة الجماهير. وينفى فلهوزن بشدة الرأي الذي تجدد القول به حديثًا والذي ينسب أصول الخوارج إلى السبئية لأن لقب السبئية لم يطلق إلا على غلاة الشيعة ولأن الخوارج أنفسهم كانوا ينعتون خصومهم بنعت (السبئية) للسب والتحقير. فالبحث عن منشأ الخوارج ينبغى أن يرد إلى موقعة صفين[50].
ويعتقد فلهوزن أن الخوارج تئم تأت في موضوع الخلافة بأمر غريب أو مستنكر لأنهم لم يكونوا فرقة ضئيلة العدد تعمل في الظلام وتتكون في شكل تنظيم سري بل كانت ظاهرة أمام الكافة وتستند في آرائها على الرأي العام الذي كانت له الغلبة في معسكر أهل العراق في موقعة صفين، وأن مبادئهم قد أغرت الكثيرين بالانضمام إليهم دون أن ينادوا هم بها. وعلى هذا فإن الخوارج إذًا (كانوا حزبًا ثوريًا صريحًا كما يدل على ذلك اسمهم، أجل كانوا حزبًا ثوريًا يعتصم بالتقوى، لم ينشأوا عن عصبية العروبة بل عن الإسلام)[51].
ويرتبط بمعنى التقوى عند الخوارج ما يفهمه فلهوزن عن التقوى في الإسلام التي يصفها بأنها (ذات اتجاه سياسي عام) وهى أعلى درجة عند الخوارج لأن مبدأ الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر كان يتحقق على يد الخوارج بمناسبة وبغير مناسبة، لأن لا سلطان على الناس إلا الله ولكي تصبح السلطة الزمنية شرعية فيجب أن تخضع خضوعًا مطلقًا للدين لأنها تحكم باسم الله، فالإمام ما هو إلا رمز معبر عن وحدة الأمة الإسلامية.
وفي تقسيم فلهوزن للحكومة الإسلامية إلى قطبين أحدهما سلبي لخضوعها المطلق للدين والآخر إيجابي وهو جماعة المسلمين، خلق تعارضًا بين (الدين) و(الجماعة) أي بين خضوع الإنسان لله ووجوب خضوعه لأمر الجماعة وطاعة الإمام، ويرى أن الخوارج يقفون في صف الدين بكل قوة[52].
وبالرغم من أن الخوارج يستحلون دماء خصومهم المسلمين ويعتبرون أن قتالهم جهادًا شأنه شأن الجهاد ضد الكفار وأن المسلمين المخالفين لهم من عامة أهل السنة والجماعة أشد كفرًا من النصارى واليهود والمجوس، ومع هذا كله فليست الخوارج في ظن فلهوزن من نوع الفوضويين فهو يدافع عنهم هاهنا بحرارة لأن حروبهم لعثمان وعلي ومعاوية لم تستهدف إلا استبدالهم بأئمة صالحين لأن صلاحية الأمور في الدنيا والآخرة من صلاحية الأئمة (فالإمام إمام في الدنيا والآخرة في الحياة وبعد الموت هذا هو المذهب السائد في الإسلام، وبقدر ما في مركز الإمام من خطورة تكون الصعوبة في اختيار من يصلح له في نظر الخوارج)[53].
أفا فان فلوتن فيطلق على الخوارج (اسم الجمهوريين) لأنهم في رأيه يمثلون المبادئ الديمقراطية المتطرفة[54].
ويبدو أنه ممن تأثر بتمجيد المستشرقين للخوارج الأستاذ عمر أبو النصر في كتابه (الخوارج في الإسلام) إلى حد استبعاده لحديث الإمامة في قريش لأن الخوارج في رأيه أقرب إلى مسايرة الدين، فلو كان هناك نص صريح لما أنكروه ولا خالفوه. ثم ينسب إليه فضل طرق الموضوع الجديد الذي لم يكن للمسلمين به شأن من قبل وهو أنه يستطاع عزل الخليفة أو قتله إذا خالف رأي الجماعة[55].
ويستبعد أن يكون للخوارج يد في مقتل عثمان وإنما يرجح أن من أصبحوا خوارج في عهد علي كانوا من الثائرين على عثمان قبله[56] كما يربط بين الخوارج وبين الثوار الغربيين فيقول: (كأن الثوار الغربيين أخذوا فكرتهم منهم)[57].
ولا أعتقد أن الأمر يحتاج إلى جهد عبير لإظهار تهافت مثل هذه الآراء، إذ سبق أن أوضحنا رد الفرق على معتقدات الخوارج ولا نعود فنكررها. ولكن نكتفي في مجال الرد على إبراز الحقيقة الواضحة وضوحًا لا لبس فيه ولا إبهام، وهي أن جميع الفرق الإسلامية قد عارضت الخوارج ووقفت منهم موقف المعارضة الشديدة في كل معتقداتهم.
ثم أورد بعض النماذج لرأي المسلمين فيهم قديمًا وحديثًا.
فقديمًا قال عنهم ابن عباس: (ليس الحرورية بأشد اجتهادًا من اليهود والنصارى وهم يضلون)[58].
كما كتب عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - إلى يحيى بن يحيى ومن معه من الخوارج العاصية الذين خرجوا في عهده يقول لهم:
سلام الله عليكم. أما بعد: فإن الله عز وجل يقول: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾[النحل: 125]، وإني أذكركم أن لا تفعلوا كفعل آبائكم ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [الأنفال: 47]. فبذا تخرجون من دينكم وتسفكون الدماء، وتستحلون المحارم؟ فلو كانت ذنوب أبي بكر وعمر تخرج رعيتهما من دينهم كانت لها ذنوب فقد كان آباؤهم في جماعتهم فما جمع شركتكم على المسلمين وأنتم بضعة وأربعون رجلًا وإني أقسم بالله لو كنتم أبكارًا من ولدي وتوليتم عما دعوتكم إليه، ولم تجيبوا لدفعت دماءكم ألتمس بذلك وجه الله عز وجل والدار الآخرة. فهذا النصح إن أجبتم وإن استغششتم فقديمًا استبغض الناصحون)[59].
وحديثًا يرميهم الشيخ أبو زهرة بالتعصب الذي ساد مناقشاتهم وتعصبهم في بعض الجدل وتحيزهم إلى جانب فكرة واحدة وكذبهم أحيانًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإيجاد الدليل على مزاعمهم، مع تمسكهم بظواهر القرآن دون تجاوزه إلى المقصد والمرمى[60].
ولا أجد بعد هذا أفضل من صوت الحق الذي لا يعدم أن يجد من يردده بعزم وثبات على لسان المستشرق ولتر. م باتون إذ يقرر في صرامة: وعندي أنه لا بقاء للإسلام إلا ببقاء السنة، ففي سلامتها سلامته وفي صونها صونه[61].
ولا يصرح بهذا القرار الحاسم الذي وصل إليه في كتابه عن (أحمد بن حنبل والمحنة) إلا لأنه لاحظ من خلال أبحاثه أن (الكتاب الأوروبيين كتبوا ما كتبوه عن عقائد السنة الإسلامية وقد غلب عليهم شعور النفرة منها والاستثقال لها، كما أنهم خصوا المعتزلة بأكثر مما يستحقون من إطراء وتقدير)[62].
فلا غرابة إذًا في أن يشمل الإطراء الخوارج أيضًا. أليسوا مخالفين لأهل السنة؟!!
كلمة أخيرة:
ويمكن بعد عرضنا للفصلين الخامس والسادس أن نستخلص النتائج الآتية:
أولًا: لقد ظل هذا العهد أي منذ انتقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى الرفيق الأعلى حتى انتهاء عهد الخلافة الراشدة باستشهاد سيدنا علي بن أبي طالب. ظلت هذه الفترة هي المثالية في أنظمة الحكم الإسلامي لقيام فكرة الخلافة والأمل المرتجى تحقيقه على مدى عصور تاريخ المسلمين وخاصة عصر أبي بكر وعمر بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
وقد جذب هذه الفترة اهتمام الفرق الإسلامية بشتى معتقداتها وعلى اختلاف مذاهبها فالتفتت إليها إما للتأييد، كما فعل أهل السنة والجماعة، وإما للنقد والتجريح كما تناولت الشيعة الصاحبين عمر وعثمان بن عفان، أو للتكفير كما ابتدع الخوارج في حق الخليفتين الأخيرين.
وإلى وقتنا الحاضر فما زال هذا الماضي الحافل يستأثر باهتمام فريقي الإسلام الكبيرين أهل السنة والشيعة، فيدرسون ويحققون ويتأثرون به فيترك آثاره على أفكارهم.
فإن أهل السنة ينظرون إلى هذه الحقبة من التاريخ الإسلامي على أنها الفترة المثالية وأصبحوا يقيسون من تولي الحكم من بعد على سنن الخلفاء الأربعة حيث كان الوازع دينيًا كما يرى ابن خلدون فعهدوا إلى من يرتضيه الدين ثم كان العصبية منذ تولي معاوية الخلافة.
ولكن الشيعة ذهبت إلى الطرف الآخر المضاد وخاصة الشيعة الإمامية التي ينطوي تحت لوائها أكثرية الشيعة، فاعتبرت الحكومات الإسلامية منذ انقبض الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى الآن عدا سنوات حكم علي بن أبي طالب حكومات غير شرعية لأن الحكام الشرعيون هم الأئمة الإثني عشر وحدهم سواء تيسر لهم مباشرة الحكم أو لم يباشروه[63].
والأعجب من هذا أن الشيعة مع إيمانهم بإمامة على، فقد لعنوا من على منابرهم الخلفاء ال
????- زائر
سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
نظرة المستشرقين للخوارج:
احتضن أغلب المستشرقين نظريات الخوارج ووضعوهم موضع التمجيد ورفعوا من شأنهم فأظهروا فيهم نواحي الاختلافات الجذرية بينهم وبين باقي الفرق على أنها سمة الامتياز والتفوق فإن فلهوزن يرى أن الخوارج قد انبثقوا عن طبقة القراء[48] الذين حفظوا القرآن عن ظهر قلب وجاهدوا للعمل يما حاء به لا الاقتصار على حفظه وترديده صلاة ودعاء في المساجد والبيوت لأن القرآن في نظرهم ليس موضوع دراسة نظرية وإنما أنزل من أجل العمل والتقوى. ولهذا لم ينقطعوا للتعبد فحسب محتفظين بتقواهم لأنفسهم (وإنما كانوا يعملون بإيمانهم عن طريق التوجيه وإسداء المشورة في الأمور العامة كما تقضي بذلك طبيعة الخلافة الإسلامية)[49].
فإن الخوارج في رأيه لم يكونوا قادة لحركات كبرى وإنما يعتبرهم مقاييس لدرجة حرارة الجماهير ومثيري حماستهم، وأنهم نادرًا ما كانوا يسبحون ضد التيار العام بل مقاييس لدرجة حرارة الجماهير. وينفى فلهوزن بشدة الرأي الذي تجدد القول به حديثًا والذي ينسب أصول الخوارج إلى السبئية لأن لقب السبئية لم يطلق إلا على غلاة الشيعة ولأن الخوارج أنفسهم كانوا ينعتون خصومهم بنعت (السبئية) للسب والتحقير. فالبحث عن منشأ الخوارج ينبغى أن يرد إلى موقعة صفين[50].
ويعتقد فلهوزن أن الخوارج تئم تأت في موضوع الخلافة بأمر غريب أو مستنكر لأنهم لم يكونوا فرقة ضئيلة العدد تعمل في الظلام وتتكون في شكل تنظيم سري بل كانت ظاهرة أمام الكافة وتستند في آرائها على الرأي العام الذي كانت له الغلبة في معسكر أهل العراق في موقعة صفين، وأن مبادئهم قد أغرت الكثيرين بالانضمام إليهم دون أن ينادوا هم بها. وعلى هذا فإن الخوارج إذًا (كانوا حزبًا ثوريًا صريحًا كما يدل على ذلك اسمهم، أجل كانوا حزبًا ثوريًا يعتصم بالتقوى، لم ينشأوا عن عصبية العروبة بل عن الإسلام)[51].
ويرتبط بمعنى التقوى عند الخوارج ما يفهمه فلهوزن عن التقوى في الإسلام التي يصفها بأنها (ذات اتجاه سياسي عام) وهى أعلى درجة عند الخوارج لأن مبدأ الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر كان يتحقق على يد الخوارج بمناسبة وبغير مناسبة، لأن لا سلطان على الناس إلا الله ولكي تصبح السلطة الزمنية شرعية فيجب أن تخضع خضوعًا مطلقًا للدين لأنها تحكم باسم الله، فالإمام ما هو إلا رمز معبر عن وحدة الأمة الإسلامية.
وفي تقسيم فلهوزن للحكومة الإسلامية إلى قطبين أحدهما سلبي لخضوعها المطلق للدين والآخر إيجابي وهو جماعة المسلمين، خلق تعارضًا بين (الدين) و(الجماعة) أي بين خضوع الإنسان لله ووجوب خضوعه لأمر الجماعة وطاعة الإمام، ويرى أن الخوارج يقفون في صف الدين بكل قوة[52].
وبالرغم من أن الخوارج يستحلون دماء خصومهم المسلمين ويعتبرون أن قتالهم جهادًا شأنه شأن الجهاد ضد الكفار وأن المسلمين المخالفين لهم من عامة أهل السنة والجماعة أشد كفرًا من النصارى واليهود والمجوس، ومع هذا كله فليست الخوارج في ظن فلهوزن من نوع الفوضويين فهو يدافع عنهم هاهنا بحرارة لأن حروبهم لعثمان وعلي ومعاوية لم تستهدف إلا استبدالهم بأئمة صالحين لأن صلاحية الأمور في الدنيا والآخرة من صلاحية الأئمة (فالإمام إمام في الدنيا والآخرة في الحياة وبعد الموت هذا هو المذهب السائد في الإسلام، وبقدر ما في مركز الإمام من خطورة تكون الصعوبة في اختيار من يصلح له في نظر الخوارج)[53].
أفا فان فلوتن فيطلق على الخوارج (اسم الجمهوريين) لأنهم في رأيه يمثلون المبادئ الديمقراطية المتطرفة[54].
ويبدو أنه ممن تأثر بتمجيد المستشرقين للخوارج الأستاذ عمر أبو النصر في كتابه (الخوارج في الإسلام) إلى حد استبعاده لحديث الإمامة في قريش لأن الخوارج في رأيه أقرب إلى مسايرة الدين، فلو كان هناك نص صريح لما أنكروه ولا خالفوه. ثم ينسب إليه فضل طرق الموضوع الجديد الذي لم يكن للمسلمين به شأن من قبل وهو أنه يستطاع عزل الخليفة أو قتله إذا خالف رأي الجماعة[55].
ويستبعد أن يكون للخوارج يد في مقتل عثمان وإنما يرجح أن من أصبحوا خوارج في عهد علي كانوا من الثائرين على عثمان قبله[56] كما يربط بين الخوارج وبين الثوار الغربيين فيقول: (كأن الثوار الغربيين أخذوا فكرتهم منهم)[57].
ولا أعتقد أن الأمر يحتاج إلى جهد عبير لإظهار تهافت مثل هذه الآراء، إذ سبق أن أوضحنا رد الفرق على معتقدات الخوارج ولا نعود فنكررها. ولكن نكتفي في مجال الرد على إبراز الحقيقة الواضحة وضوحًا لا لبس فيه ولا إبهام، وهي أن جميع الفرق الإسلامية قد عارضت الخوارج ووقفت منهم موقف المعارضة الشديدة في كل معتقداتهم.
ثم أورد بعض النماذج لرأي المسلمين فيهم قديمًا وحديثًا.
فقديمًا قال عنهم ابن عباس: (ليس الحرورية بأشد اجتهادًا من اليهود والنصارى وهم يضلون)[58].
كما كتب عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - إلى يحيى بن يحيى ومن معه من الخوارج العاصية الذين خرجوا في عهده يقول لهم:
سلام الله عليكم. أما بعد: فإن الله عز وجل يقول: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾[النحل: 125]، وإني أذكركم أن لا تفعلوا كفعل آبائكم ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [الأنفال: 47]. فبذا تخرجون من دينكم وتسفكون الدماء، وتستحلون المحارم؟ فلو كانت ذنوب أبي بكر وعمر تخرج رعيتهما من دينهم كانت لها ذنوب فقد كان آباؤهم في جماعتهم فما جمع شركتكم على المسلمين وأنتم بضعة وأربعون رجلًا وإني أقسم بالله لو كنتم أبكارًا من ولدي وتوليتم عما دعوتكم إليه، ولم تجيبوا لدفعت دماءكم ألتمس بذلك وجه الله عز وجل والدار الآخرة. فهذا النصح إن أجبتم وإن استغششتم فقديمًا استبغض الناصحون)[59].
وحديثًا يرميهم الشيخ أبو زهرة بالتعصب الذي ساد مناقشاتهم وتعصبهم في بعض الجدل وتحيزهم إلى جانب فكرة واحدة وكذبهم أحيانًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإيجاد الدليل على مزاعمهم، مع تمسكهم بظواهر القرآن دون تجاوزه إلى المقصد والمرمى[60].
ولا أجد بعد هذا أفضل من صوت الحق الذي لا يعدم أن يجد من يردده بعزم وثبات على لسان المستشرق ولتر. م باتون إذ يقرر في صرامة: وعندي أنه لا بقاء للإسلام إلا ببقاء السنة، ففي سلامتها سلامته وفي صونها صونه[61].
ولا يصرح بهذا القرار الحاسم الذي وصل إليه في كتابه عن (أحمد بن حنبل والمحنة) إلا لأنه لاحظ من خلال أبحاثه أن (الكتاب الأوروبيين كتبوا ما كتبوه عن عقائد السنة الإسلامية وقد غلب عليهم شعور النفرة منها والاستثقال لها، كما أنهم خصوا المعتزلة بأكثر مما يستحقون من إطراء وتقدير)[62].
فلا غرابة إذًا في أن يشمل الإطراء الخوارج أيضًا. أليسوا مخالفين لأهل السنة؟!!
كلمة أخيرة:
ويمكن بعد عرضنا للفصلين الخامس والسادس أن نستخلص النتائج الآتية:
أولًا: لقد ظل هذا العهد أي منذ انتقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى الرفيق الأعلى حتى انتهاء عهد الخلافة الراشدة باستشهاد سيدنا علي بن أبي طالب. ظلت هذه الفترة هي المثالية في أنظمة الحكم الإسلامي لقيام فكرة الخلافة والأمل المرتجى تحقيقه على مدى عصور تاريخ المسلمين وخاصة عصر أبي بكر وعمر بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
وقد جذب هذه الفترة اهتمام الفرق الإسلامية بشتى معتقداتها وعلى اختلاف مذاهبها فالتفتت إليها إما للتأييد، كما فعل أهل السنة والجماعة، وإما للنقد والتجريح كما تناولت الشيعة الصاحبين عمر وعثمان بن عفان، أو للتكفير كما ابتدع الخوارج في حق الخليفتين الأخيرين.
وإلى وقتنا الحاضر فما زال هذا الماضي الحافل يستأثر باهتمام فريقي الإسلام الكبيرين أهل السنة والشيعة، فيدرسون ويحققون ويتأثرون به فيترك آثاره على أفكارهم.
فإن أهل السنة ينظرون إلى هذه الحقبة من التاريخ الإسلامي على أنها الفترة المثالية وأصبحوا يقيسون من تولي الحكم من بعد على سنن الخلفاء الأربعة حيث كان الوازع دينيًا كما يرى ابن خلدون فعهدوا إلى من يرتضيه الدين ثم كان العصبية منذ تولي معاوية الخلافة.
ولكن الشيعة ذهبت إلى الطرف الآخر المضاد وخاصة الشيعة الإمامية التي ينطوي تحت لوائها أكثرية الشيعة، فاعتبرت الحكومات الإسلامية منذ انقبض الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى الآن عدا سنوات حكم علي بن أبي طالب حكومات غير شرعية لأن الحكام الشرعيون هم الأئمة الإثني عشر وحدهم سواء تيسر لهم مباشرة الحكم أو لم يباشروه[63].
والأعجب من هذا أن الشيعة مع إيمانهم بإمامة على، فقد لعنوا من على منابرهم الخلفاء الثلاثة الأول إذ في اعتقادهم هم الغاصبين للإمامة وما زالوا يلعنوهم من على منابرهم إلى يومنا هذا[64].
ثانيًا: إن الخوارج هم أول حزب سياسي تكون في تاريخ الإسلام، ولكنه لم يستطع الصمود بسبب غلوه وتطرفه أمام الكثرة الغالبة من المسلمين، وبعد أن أصبح موضع نقد وهجوم من الفرق جميعًا فلم يبق إلا الصورة المعتدلة ممثلة في الأباضية التي استطاعت أن تنجو من الاندثار لاعتدالها ومسايرتها لأصول المعتقدات عند المسلمين.
ثالثًا: والنتيجة الأخيرة التي توصلنا إليها هى أن الخوارج بالرغم من تجمعهم في إطار أفكار خاصة كالتبري من عثمان وعلى وتقديم ذلك على كل طاعة وتكفير أصحاب الكبائر. ورأيهم في الخروج على الإمام إذا خالف السنة[65]. إلا أن هذه الأفكار المتناثرة لم تبلغ مرتبة التفكير الأيديولوجي المنظم على نسق النظريات المترابطة التي كتب لها البقاء والحياة كما هو الشان لدى الفرقتين الكبيرتين: أهل السنة، والشيعة.
[1] الأستاذ، عبد السلام محمد هارون، من مقدمة كتاب موقعة صفين، لنصر بن مزاحم.
[2] مقدمة ابن خلدون، الفصل الثلاثون، ص 24.
[3] وقعة صفين لنصر بن مزاحم، ص 33، 34.
[4] نفس المصدر، ص 37، (وقعة صفين).
[5] المبرد (متوفى في 285هـ)، الكامل في اللغة والأدب، ص 13، ج 1.
[6] المقدمة، الفصل الثلاثون، ص 214.
[7] البغدادي، الفرق بين الفرق، ص 342.
[8] الباقلاني، الإنصاف، ص 159.
[9] الدكتور الريس، النظريات السياسية الإسلامية، ص 47.
[10] الدكتور، محمد ضياء الدين الريس، النظريات السياسية الإسلامية، ص 48.
[11] المصدر نفسه، ص 76، 77، النظريات السياسية.
[12] الإسفراييني، من مقدمة كتاب (التفكير في الدين- الكوثرى) ص 6.
[13] نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، ج 2، ص 18.
[14] الخطيب على بن الحسين الهاشمي، وقعة النهروان، أو الخوارج، ص 154.
[15] الرازي، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين، ص 46- 51.
[16] الملطي، التنبيه والرد على أهل الأهواء.
[17] مقالات الإسلاميين، ص 101.
[18] الملطي، التنبيه، ص 501.
[19] نفس المصدر، ص 54. 55.
[20] المرجع السابق، ص 55.
[21] فنسك وآخرين، ط 1352هـ/1933م، دائرة المعارف الإسلامية، ص 11.
[22] المرجع السابق، ص 13.
[23] الملطي، التنبيه، ص 56.
[24] نفس المصدر، ص 57.
[25] الملل والنحل، ج 1، ص 155.
[26] الملل والنحل: ص 157، 158.
[27] الفصل، ج 4، ص 157.
[28] البغدادي، الفرق بين الفرق، ص 18.
[29] الأشعري، مقالات الإسلاميين، ص 127، 128.
[30] علي بن الحسين الهاشمي، (كتاب وقعة النهروان أو الخوارج)، ص 99.
[31] الخوارج والشيعة، فلهوزن، ص 35، 36.
[32] هامش المرجع السابق، ص 35.
[33] وقعة النهروان أو الخوارج، ص 204.
[34] تاريخ اليعقوبي، (متوفى 292هـ- 904م)، ج 2، ص 167.
[35] ابن الحسين محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الملطي (متوفى 377هـ- 987م) التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع، ص 51.
[36] كتاب التنبيه، ص 52.
[37] المرجع السابق، ص 53.
[38] نفس المصدر، ص 54.
[39] التنبيه، ص 52.
[40] التنبيه، ص 53.
[41] النسفي، بحر الكلام في علم التوحيد، ص 47، 48.
[42] ابن حزم، الفصل، ج 4، ص 156.
[43] المصدر السابق، ص 157.
[44] ابن حزم، المفاضلة ببن الصحابة، ص 66.
[45] الماوردي، (450هـ- 1058م)، الأحكام السلطانية، ص 58.
[46] الماوردي، الأحكام السلطانية، ص 59.
[47] الماوردي، الأحكام السلطانية، ص 60.
[48] من المحتمل أن فلهوزن استخلص هذه التسمية من نص المسعودي في (مروح الذهب) ص 305، وهو (وكان مسعد بن السبكي وابن الكواء وطبقتهم من القراء الدين صاروا بعد خوارج قالوا من أشد الناس في الإجابة إلى حكم المصحف).
[49] فلهوزن، الخوارج والشيعة، ص 20.
[50] نفس المصدر، ص 25.
[51] فلهوزن، الخوارج والشيعة، ص 29.
[52] المرجع نفسه، ص 31.
[53] الخوارج والشيعة، ص 33.
[54] فان فلوتن، السيادة العربية والشيعة والإسرائيليات في عهد بني أمية، ص 69.
[55] عمر أبو النصر، كتاب (الخوارج في الإسلام) ص 25، مكتبة المعارف، بيروت، سنة 1956م.
[56] نفس المصدر، ص 29.
[57] المرجع السابق، ص 54.
[58] الملطي، التنبيه، ص 174.
[59] الملطي، التنبيه، ص 174.
[60] الشيخ أبو زهرة، المذاهب الإسلامية، ص 115، 116.
[61] ولتر. م. باتون، أحمد بن حنبل والمحنة، ص 34.
[62] ولتر. م. باتون، أحمد بن حنبل والمحنة، ص 40.
[63] السيد محب الدين الخطب، الخطوط العريضة للأسس التي قام عليها دين الشيعة الإمامية الإثني عشرية، ص 14.
[64] الدكتور النشار، نشاط الفكر، ج 2، ص 10.
[65] الشهرستاني، الملل والنحل، ج 1، ص 156، 157.
????- زائر
التحكيم والحاكمية مسألة معروفه في اصول الخوارج
الخوارج وجذور التكفير فى التاريخ الاسلامى
د.صبرى محمد خليل استاذ الفلسفه بجامعه الخرطوم
sabri.khalil@hotmail.com
الخروج في اللغة التمرد والعصيان، والخوارج هم الذين خرجوا (أي تمردوا) على علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). ومنشأ الخوارج أنه بعد مقتل عثمان رضي الله عنه بويع علي بالخلافة ،ولكن معاوية والي الشام رفض مبايعته متهماً ِإياه بالتستر على قتلة عثمان، ثم التقى علي ومعاوية وكاد يهزم لولا أن أشار عليه عمرو بن العاص بأن يرفع جنوده المصاحف، ومال بعض أصحاب علي إلى التحكيم، ولكن فريقاً من أصحابه رفضوا قبول التحكيم وقالوا :لا حكم إلا لله وساروا إلى قرية حروراء فلقبوا بالحرورية وهم أسلاف الخوارج، ثم استاء نفر من أصحاب علي من نتيجة التحكيم فخرجوا (تمردوا) عليه وسُمّوا بالخوارج. وقد انقسموا إلى عشرون فرقة ، وأهم قواعد مذهب الخوارج هي:
تكفير من رضي بالتحكيم: تكفير علي ومعاوية وعثمان (رضى الله عنهم) وكل من رضي بالتحكيم.
الخلافة بالانتخاب: قالوا أن الخلافة لا تكون إلا بالانتخاب الحر الصحيح ، الذي يقوم به عامة المسلمين لا فريق منهم، ويستمر مادام قائماً بالعدل مقيماً للشرع وإلا وجب عزله.
وجوب الخروج على السلطان الجائر: وأوجبوا الخروج على السلطان الجائر.
جواز خلافة غير القرشي: وقالوا ليست الخلافة في قريش، وليست لعربي دون أعجمي ،بل الجميع فيها سواء، بل الأفضل أن تكون لغير العربي ليسهل عزله إن خالف الشرع، وقد اختاروا عبد الله بن وهب الراسبي أميراً لهم وهو غير قرشي.
تكفير مرتكب الكبيرة: تطرف الخوارج في التوحيد بين الإيمان والعمل، فالإيمان يقتضي بالضرورة العمل الصالح، وترتب على هذا تكفير مرتكب الذنوب ،ولم يميزوا في الذنوب بين الكبائر والصغائر فكفروا مرتكب الكبيرة والصغيرة كما ترتب عليه اعتبار مخالفيهم في الاجتهاد والمذهب كفاراً واستدلوا بآيات منها قول الله تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) فقالوا أن الآية تجعل ترك الحج وهو ذنب كفراً فكل مرتكب للذنب كافر وقوله تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) فقالوا كل مرتكب للذنوب قد حكم لنفسه بغير ما أنزل الله فيكون كافراً.
الإباضية: إتباع عبد الله بن أباض ولا يزال بعضهم يقيم في عمان وشمال وشرق إفريقيا ،وهم أقرب فرق الخوارج إلى أهل السنة.
التمييز بين كفر الاعتقاد وكفر النعمة: وقد ميزوا بين كفر الاعتقاد أي الكفر بالله تعالى وكفر النعمة أي التقصير في جنب الله تعالى، واعتبروا مخالفيهم في الاجتهاد والمذهب كفار نعمة لا كفار اعتقاد وبالتالي فإن دماءهم حرام، ودارهم دار سلام إلا مسكر السلطان ولا يحل من غنائمهم إلا الخيل و السلاح وتجوز شهادتهم والزواج منهم والتوارث معهم.
تقويم:
مذهب الخوارج يستند إلى تصور تشبيهي للحاكمية، أي الاعتقاد بأن الحاكمية تعني السلطة كما في الفكر السياسي الحديث، في حين أن الحاكمية في القرآن تعني ما يقابل السيادة في الفكر السياسي الحديث ،أي السلطة المطلقة و مصدر السلطة، أما السلطة فهي ممارسة السيادة في زمان ومكان معينين، وقد قال بمذهب مقارب لمذهب الخوارج بعض الجماعات الإسلامية المعاصرة ،واستندت في ذلك إلى بعض مقولات أبي الأعلى المودودي والتي نقلها سيد قطب في كتبه المتأخرة . وكان على بن أبي طالب رضي الله عنه هو أول من تعرض لهذا المذهب بالنقد فقال في معرض رده على مقولة الخوارج (لا حكم إلا لله) (.... كلمة حق أريد بها باطل، نعم لا حكم إلا لله ولكن هؤلاء يقولون لا أمرة إلا لله ولابد للناس من أمير بر أو فاجر....) فعلي رضي الله عنه يقر بإسناد الحاكمية بمعنى السيادة لله بقوله (نعم لا حكم إلا لله) ولكن يستنكر فهم هذه الحاكمية بأنها السلطة التي أشار إليها بلفظ الإمرة بقوله (لكن هؤلاء يقولون لا أمرة إلا لله)، ثم بين ضرورة السلطة بقوله (لابد للناس من أمير بر أو فاجر).
-للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة العنوان http://drsabrikhalil.wordpress.com)
????- زائر
رد: سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
نرجو ان كان هذا الموقع لنشر العلم والوحده بين المسلمين ان لايغلق الموضوع
????- زائر
علاء- اللهم اني أعوذ بك من فتنة الدجال
- عدد المساهمات : 1603
تاريخ التسجيل : 31/07/2013
رد: سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
نتمنى ان تذكر الكلمه التي كذبها الشيخ .
????- زائر
رد: سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
الأخوة الكرام...نرجو الالتزام لطبيعة المواضيع...فهذا الباب للرؤى العامة....
أبو أنس- معبّر تحت التجربة
- عدد المساهمات : 191
تاريخ التسجيل : 09/09/2013
مبحث عن اصول الخوارج . ممتاز
الخوارج
• علي ومعاوية..
• فرق الخوارج.
• جدال الخوارج.
• معاملة الخوارج.
• نظرة المستشرقين للخوارج.
• كلمة أخيرة.
الخوارج
علي ومعاوية:
انتهت موقعة الجمل- كما مر بنا منذ قليل- دون أن تسفر عن نتائج ذات بال فكانت أشبه بتشابك بين الإخوة سرعان ما انفض. ولم تترك أثرًا إلا بعد مدة طويلة من نشوبها أعني عندما تكونت الفرق الإسلامية فيما بعد وبدأت تبحث وتقوم أعمال المشتركين في هذه المعركة حسب ما أوضحناه آنفًا.
وأبرز ما يلاحظ هنا أن أنصار المعسكر المعادي لعلي لم تكتمل له صورة الجماعة ذات المنهج الفكري الموحد كما فعل الخوارج في أعقاب موقعة صفين؛ لأن طلبهم كان محصورًا في المطالبة بدم عثمان.
ثم نشبت معركة صفين فكانت أشبه بانفجار ذي دوي شديد ألقيت فيه قنبلة التحكيم ففجرت في الحال قيام الخوارج فأصبحت بذلك موقعة صفين من الموضوعات التي استأثرت باهتمام الباحثين للغوص في أعماقها واجتلاء خباياها.
ويحق وصفها بأنها كانت حربًا ضروسًا أوشكت أن تفني المسلمين، وتذهب بمجدهم وتمحو آثارهم.... ولولا أن تداركتهم عناية الله بصلح حقن من دماء الفريقين وحفظ عليهم بقية من أبطالهم وأمجادهم لتغير وجه التاريخ الإسلامي[1].
وكان معاوية ممن رأى أن بيعة على لم تنعقد لافتراق الصحابة أهل الحل والعقد بالآفاق وأنه يجب المطالبة بدم عثمان أولًا ثم يجتمعون على إمام[2].
وكانت حجة علي التي استند إليها أن البيعة التي تمت له قد عقدها نفس القوم المبايعون أبابكر وعمر وعثمان قبله. وتمت عن شوري المهاجرين والأنصار فلا معنى لخروج أحد عن هذه البيعة التي أجمع عليها هؤلاء وأولئك وإلا حق على الخارج عن الجماعة أن يُقاتل.
أما عن قتلة عثمان، فإنه طلب من معاوية في أحد كتبه إليه أن يدخل فيما دخل فيه المسلمون ثم تأتي الخطوة التالية وهي محاكمة القوم فيقول: (ثم حاكم القوم إلى أحمدك وإياهم على كتاب الله).
ولمن كتابه أيضًا إعلان براءته من قتل عثمان: (ولعمري لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدني أبرأ قريش من دم عثمان)[3]. هذا هو دفاع على عن حقه في الخلافة.
أما معاوية فإنه يبرر موقفه بأنه مطالب بدم عثمان الذي قتل مظلومًا ولأنه موليه ويؤيد مطالبته بقتل قاتليه بقول الله تعالى: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾ [الإسراء: 33].
وقد أجابه أهل الشام إلى طلبه حيث بايعوا وأوثقوا له: (على أن يبذلوا أنفسهم وأموالهم أو يدركوا بثأره أو يفني الله أرواحهم)[4].
ومن العجب أن علي بن أبي طالب قد عاق من أصحابه الأمرين- اللهم إلا القليل - أمثال عمار بن ياسر، وحجر بن عدي، وابن عباس إذ يذكر اليعقوبي أنهم في موقعة صفين لم يسمعوا لنصحه عندما أخبرهم بأن رفع المصاحف مكيدة وليس رافعوها بأصحاب قرآن.
وأصروا أيضًا على إيفاد أبي موسى الأشعري بدلًا من تحقيق رغبته في توجيه عبدالله بن عباس، فاضطر اضطرارًا للخضوع لمشيئتهم خشية افتراقهم عنه.
وتحفل كافة المصادر بما عاناه من أصحابه، نختار منها مقتطفات من إحدى خطبه إذ قال: (وقد دعوتكم إلى حرب هؤلاء القوم ليلًا ونهارًا وسرًا وإعلانًا وقلت لكم اغزوهم من قبل أن يغزوكم فوالدي نفسي بيده ما غزى قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا فتخاذلتم وتواكلتم وثقل عليكم قولي واتخذتموه وراءكم ظهريًا حتى شنت عليكم الغارات... يا عجبًا كل العجب عجب يميت القلب ويشغل الفهم ويكثر الأحزان من تضافر هؤلاء القوم على باطلهم وفضلكم عن حقكم فأنتم والله من السيف أفر يا أشباه الرجال...... ولا رجال)[5].
ومما يثير التعجب بقدر أكبر أن الشيعة فيما بعد قد تحدوا عليًا، فوضعه الغلاة فوق مستوى البشر. واعتدل بعضهم فاعتبروه أحق بالخلافة من أبي بكر وعمر!! وكان الأجدر الوقوف إلى جانبه في هذه الآونة العصيبة وتعضيده والإنصات إليه والاستماع إلى نصحه فالدلائل تشير إذًا أن فرقة (الشيعة) بالمعنى الفني لها لم تكن قد تكونت بعد حتى في عهد علي. وإلا لقامت بواجبها نحوه، ولكن الذي حدث أن هذا التمجيد جاء في مرحلة تالية عندما صيغت النظريات وحين استحال (العمل) وأصبح الممكن هو تدبيج النظريات فحسب.
يقول ابن خلدون بعد أن بين الخلاف الذي حدث بين الصحابة في العصر الأول (إلا أن أهل العصر الثاني من بعدهم اتفقوا على انعقاد بيعة علي ولزومها للمسلمين أجمعين وتصويب رأيه فيما ذهب إليه وتعيين الخطأ من جهة معاوية ومن كان على رأيه)[6].
وظل أهل السنة في العصور التالية أيضًا يؤيدون عليًا. فالبغدادي يذكر عنهم أنهم كانوا يرون الصواب مع علي وأن معاوية وأصحابه بغوا عليه حيث تأولوا خطأ ولكنهم لم يكفروا[7] كما يقرر الباقلاني أن عليًا أصاب فيما فعل وله أجران وأن الصحابة قد صدر منهم ما كان باجتهاد فلهم الأجر لا يفسقون ولا يبدعون[8].
نعود بعد هذا إلى النتيجة المباشرة التي نجمت عن موقعة صفين، وهي ظهور فرقة الخوارج التي نخصص لها الجزء الأكبر من هذا الفصل حالها - كما يرى الدكتور الريس- أول حزب سياسي يتكون في تاريخ الإسلام[9].
وقد نشأ هذا الحزب فور إعلان نتيجة التحكيم بين أبي موسى الأشعري وعمرو ابن العاص إذ تعالت الهتافات من معسكر علي: سفر الحكمين (لا حكم إلا لله) وانقلب المؤيدون أعداء وأصبحوا أكثر خطرًا على علي من جيش معاوية.
والقصة المشهورة عن التحكيم تروي لنا خدعة عمرو بن العاص لأبي موسى الأشعري إذ تم الاتفاق بينهما أولًا على خلع علي ومعاوية ثم يفوض الأمر للمسلمين يختارون ما يشاؤون إلا أن أبا موسى خلع عليا فثبت عمرو معاوية.
ويرجح الدكتور الريس رواية المسعودي لأنها تتفق مع العقل وتتلاءم مع شخصية أبي موسى الأشعري الصحابي الجليل، لأن هذه الرواية تنفى حدوث الخدعة، وقد أخذ بالنص المروي عنها حيث قال فيه: (ووجدت في وجه آخر من الروايات أنهما اتفقا على خلع علي ومعاوية، وأن يجعلا الأمر بعد ذلك شورى، يختار الناس رجلًا يصلح لها)، وبذلك أصبحت النتيجة الأخيرة للتحكيم رد الأمر إلى الأمة[10].
وأيًا كانت الطريقة التي تم بها التحكيم، فالثابت أنها أفرخت أول حزب سياسي هو الخوارج وأضعفت من شوكة علي لأنه اضطر إلى الحرب في جبهتين.
وهنا نجد أنفسنا أمام حقيقة واضحة هي أن الخوارج قد سبقوا الشيعة في طرق موضوع الخلافة أو الإمامة لمفهوم الشيعة، ولكن من المعروف أن نظريات الخوارج لم تكن مصاغة في القالب الفلسفي بل تتجمع في إطار المناقشات والمناظرات التي ثارت بينهم وبين خصومهم منذ خروجهم على علي وعلى طول امتداد حياتهم بيد أن هذه المناقشات كما نقلتها لنا المصادر المختلفة لمنت آراءهم وحججهم لأنها تتلاءم مع طبيعتهم العربية يما عرف عن العرب من فصاحة وبلاغة نثرًا كان أو شعرًا، ودون حاجة إلى تدوين هذه الحجج، لأن طبيعتهم تبعد كل البعد عن طبيعة الفلاسفة المنكبين على صياغة الأفكار والنظريات، لاسيما وأن أكثر العلوم الإسلامية كانت تروى بطريق المشافهة خلال عصر بني أمية ولم يبدأ (التدوين العلمي) المنظم إلا في عصر الدولة العباسية، وهي النتيجة المهمة التي وصل إليها الدكتور الريس بعد بحثه في نشأة البحث العلمي وتفنيده لرأي السير. ت. أرنولد الذي يقول فيه: (إن تاريخ نشأة النظريات غير معروف) أو (إن الوقت الذي وضعت فيه نظريات الخلافة في صيغها النهائية غير متأكد منه)[11].
وإن كانت الشيعة هي الأسبق في الكلام على مذهب الإمامة طبقًا لمعتقداتها فإن نظرية الخروج على الإمام الجائر ونفي اشتراط (القرشية) وغيرها من أفكارهم التي ابتدعوها حينئذ قد تفجرت على أثر التحكيم وقبل ظهور الشيعة بوقت غير قصير. بل إن نظريات الشيعة التي نشأت فيما بعد لم تكن أكثر من رد فعل مضاد لجنوح الخوارج وتطرفهم في تكفير معارضيهم وعلى رأسهم علي فكان لابد من أن يظهر المدافع عنه وأن يسلك نفس الطريق المتطرف، فمقابل (تكفير) علي ظهرت فكرة (تأليه) علي بواسطة الغلاة.
وفي هذا المعنى يذكر لنا الشيخ الكوثري أن نشأة الخوارج نبعت من عاطفة سياسية جامحة فنشأت فرق الشيعة كرد فعل لعمل هؤلاء تستند إلى عاطفة كتلك العاطفة[12].
فالخوارج إذًا كانوا الأسبق في تناول موضوع الخلافة، وقد خلص الدكتور النشار إلى إحدى النتائج المهمة التي تتعلق بموضوعنا، وهي أن المسلمين حتى مقتل الحسين كانوا مسلمين فحسب، لا سنة ولا شيعة، ولم تظهر فكرة (الوصاية أو الإمامة) فكريًا أو سياسيًا إلا في فرقة الخوارج[13] أي قبل ظهور التشيع.
فرق الخوارج:
تتعدد وتتضارب مصادر كتب الفرق الإسلامية في تناولها لفرق الخوارج، وتختلف هذه المصادر في تقسيم فرقهم وذكر أتباعهم وما اجتمعوا عليه من عقائد وما رفعوه من شعارات، وما اختلفوا فيه من نظرهم إلى غيرهم من المسلمين.
ومن العسير الوقوف على معتقدات الخوارج من واقع كتبهم نفسها لحرصهم الشديد عليها، وهي نادرة إن وجدت، فالغالب أن مكتبات المسلمين عارية من مؤلفاتهم[14].
فالمنهج الوحيد إذًا في بحث فرق الخوارج هو الرجوع إلى كتب الفرق التي تناولتهم بالتحليل والنقد، خاصة وأنهم ألبوا عليهم جميع الفرق الإسلامية الأخرى.
وقد اختلف كتاب الفرق في صنوفهم فمنهم من أفرد لهم عددًا كبيرًا كالإمام الرازي الذي عدد لهم واحدا وعشرين فرقة[15]، أو ما يقرب من نصفه هذا العدد كالملطي[16]، بينما جمعهم الإمام الأشعري في أربعة فحسب[17].
فالملطي (377هـ- 987م)- وكتابه من أقدم المصادر للفرق الإسلامية - يجمع بين (الشراة) و (الخوارج) في الاسم ويقسمهم إلى الفرق الآتية:
الأولى: المحكمة الذين كانوا يخرجون بسيوفهم إلى الأسواق ويجمعون الناس منادين بشعارهم الشهير (لا حكم إلا لله) ثم يضربون الناس بسيوفهم فيقتلون من يلحقون به ولا يزالون يقتلون حتى يقتلوا، ولهذا خشيهم الناس.
وهم في دفاعهم عن هذا المبدأ (لا حكم إلا لله) يعتقدون أنه لا تحكيم في دين الله لأحد من الناس إلا بالغة ولهذا السبب لا يحكمون بينهم حكمًا، فلما حكم أبو موسى الأشعري بين علي ومعاوية، ثم قام بخلع علي، كفروهم لأنهم حسب اعتقادهم جعلوا الحكم لأبي موسى الأشعري وينبغي ألا يكون هناك حكم إلا لله تعالى... وكلهم يكفرون أصحاب المعاصي، ومن اختلف معهم في مذهبهم[18].
الثانية: وهم الأفارقة والعمرية أصحاب عبد الله بن الأزرق، ويرجع الشيخ الكوثري التسمية الصحيحة لهذا الشخص أي نافع بن الأزرق، وأتباع عمر بن قتادة.
وهؤلاء أقل الخوارج شرًا لأنهم لا يرون إهراق دماء المسلمين، ولا غنم أموالهم ولا سبي أولادهم ويعتقدون أن المعاصي كفر، ويتبرءون من عثمان وعلي إلا أنهم يتولون أبا بكر وعمر، وهم ورعون مجتهدون قوامون بالليل لعبادة الله[19].
الثالثة: أصحاب شبيب الخارجي الذي خرج على الحجاج بن يوسف وكان لا يقتل أحدًا ولا يشي ولا يستحل شيئًا مما حرم الله إلا ما يستحله من الحجاج وأصحابه فقط، ولكنه مع هذا كفر السلف والخلف متبرئًا من عثمان وعلي مع توليه للشيخين. وقد تفرق أصحابه بعد وفاته[20].
الرابعة: هم النجدية (أو النجدات) أصحاب نجدة الحروري، وهو أيضًا ممن يكفرون السلف والخلف.
الخامسة: وهم الإباضية أصحاب أباض بن عمرو الذين خرجوا من الكوفة فقتلوا الناس وسبوا وقتلوا الأطفال وكفروا الأمة وأشاعوا الفساد وما زال منهم اليوم بقايا بسواد الكوفة، هذا ما يذكره الملطي.
أما دائرة المعارف الإسلامية فقد تناولت هذه الفرقة بتفصيل أكبر وذلك لانتشار الحركة الإباضية حتى في عصورنا الحديثة.
فإن هذه الحركة وجدت في بلاد العرب وفي عمان بنوع خاص تربة خصبة حتى أصبحت بتوالي الزمن المذهب السائد هناك وهي تتفق بوجه عام مع عقائد السنة باعترافهم بالقرآن والسنة كمصدر للعلوم الدينية ولا يختلفون إلا بالقول بالرأي- لا الإجماع والقياس- وهو ما يوضح أكثر الأصل الخارجي لهم[21].
وقد تفرق فهل كثير من الإباضية في صحراء تونس والجزائر ويعيشون في جماعات حتى الآن ويتصل بعضهم ببعض مع حرصهم الشديد وتمسكهم بالحماس المتأجج ولهم صلات أيضًا مع الإباضيين في عمان وزنجبار.
ثم انقسم الأباضيون الأفريقيون ثلاثة أقسام سياسية ودينية على السواء: النكارية، والخلفية، والنفاثية[22].
السادسة: الصفرية وهم أتباع المهلب بن أبي صفرة، ويرجع الشيخ الكوثري تصحيح الاسم إلى زياد بن الأصفر، وقد خرجوا أيضًا على الحجاج، ولكنهم لم يؤذوا الناس ولم يكفروا الأمة ولم يقوموا بشيء من قول الفرق التي تقدم ذكرها.
السابعة: الحرورية الذين يكفرون الأمة متولين الشيخين ويتبرءون من السنتين (عثمان وعلي) ويسبون ويستحلون الأموال والفرو، ويستمدون الأحكام من القرآن فحسب غير قائلين بالسنة أصلًا.
الثامنة: الحمزية نسبة إلى حمزة الخارجي، وهم يشبهون الحرورية في معتقداتهم غير أنهم لا يستحلون أخذ مال أحد إلا بالقتل فإن لم يجدوا أصحاب المال لم يأخذوا من المال شيئًا. فإذا ظهر صاحبه قتلوه واستحلوا المال حينئذ![23].
التاسعة: الصلتية وهم أصحاب الصلت بن عثمان، ويشتركون مع الفرقتين السابقتين في شريعتهما، وهم أكثر الخوارج شرًا وأكثرهم فسادًا لأنهم يقتلون غيرهم من المسلمين ويستحلون الأموال في جميع الأحوال.
العاشرة: وهم الشراة الذين يكفرون أصحاب المعاصي في الأفعال الصغيرة والكبيرة متبرئين من عثمان وعلي متولين الشيخين.
وهم فرقة معتدلة كما تدل عليه معتقداتهم. فهم لا يستحلون أموال المسلمين ولا سبي نسائهم ولا يخالفون أحكام الدين سواء كان مصدرها القرآن أو السنة كما أنهم أصحاب كتب تتضمن مذهبهم ولهم علماء وفقهاء ومروءة ظاهرة والعصاة عندهم كفار نعمة لا كفار شرك.
ويقول الملطي أيضًا: (وقد ظهر فيهم اليوم مذاهب المعتزلة فمنهم من ترك مذهبه وقال بالاعتزال)[24].
ويعرف الشهرستاني (548هـ- 1153م) الخوارج بمعنى أعم فهم عنده كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت عليه الجماعة، ولا يحصرهم بالذين خرجوا على علي فحسب بل تشمل هذه الفرقة (سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين أو كان بعدهم على التابعين بإحسان والأئمة في كل زمان) ويلحق بهم المرجئة فيما يتعلق بمسائل الإمامة لأنهم وافقوا الخوارج في هذه المسائل. مع أن المرجئة عنده (صنف آخر تكلموا في الإيمان والعمل)[25].
وأول من خرج على علي وأشدهم خروجا عليه وكذلك مرورًا من الدين هم الأشعث بن قيس، ومسعود بن فداك التميمي، وزيد بن حصين الطائي الذين هددوا عليًا بأنه إن لم يأمر الأشتر النخعي بإنهاء القتال فإنهم سيفعلون كما فعلوا بعثمان.
وهم الذي دفعوه دفعًا إلى قبول التحكيم في بداية الأمر، وحملوا على بعث أبي موسى الأشعري وكان علي يرغب في إبقاء عبد الله بن عباس، ثم عادوا في النهاية فخطأوه قائلين: (لم حكمت الرجال؟ لا حكم إلا لله).
وكبار فرقهم ستة كما يعددها الشهرستاني: وهم: الأزارقة، والنجدات، والصفرية، والعجاردة، والإباضية، والثعالبي، أما الباقون فمن فروع هؤلاء).
ويرى أن المحكمة الأول هم المقصودون بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (تحقر صلاة أحدكم في جنب صلاتهم وصوم أحدكم في جنب صيامهم، ولكن لا يجاوز إيمانهم تراقيهم).
وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضًا: (سيخرج من ضئضئي هذا الرجل قوم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية) وهم الذين أولهم ذو الخويصرة وآخرهم ذو الثدية[26].
كما يؤيد ابن حزم انتماء الخوارج إلى ذي الخويصرة هذا[27].
أما البغدادي (429هـ- 1037م) في كتابه (الفرق بين الفرق) فيقسم الخوارج إلى عشرين فرقة أهمها يسميها بالأسماء التالية:
المحكمة الأولى، الأزارقة، النجدات، الصفرية، العجاردة، (وقد افترقت العجاردة فيما بينها فرقًا كثيرة) أبرزها اليزيدية أتباع يزيد بن أنيس التي خرجت عن فرق الإسلام لاعتقادها بأن شريعة الإسلام تنسخ في آخر الزمان بني يبعث من العجم[28].
ويبدو أن كثرة تشعب هذه الفرق قد أتى من الخلط بين معتقداتهم التي اعتنقوا وبين ما كان يطلق عليهم من أسماء مع اتفاق المعتقدات فيما بين فرقهم المختلفة. فمما يجعلني أميلُ إلى هذا الاعتقاد أن الإمام أبا الحسن الأشعري قد جمع فرق الخوارج في أربعة فقط وهم: الأزارقة والأباضية والصفرية والنجدية، واعتبر أن كل الأصناف سوى هذه الفرق تفرعوا من الصفرية.
فمن ألقابهم أنهم خوارج، وحرورية، وشراة، ومارقة، ومحكمة.
والسبب في إطلاق هذه المسميات عليهم أنهم خرجوا على علي بن أبي طالب ولإنكارهم الحكمين أبي موسى الأشعري وعمرو بن العاص وقولهم لا حكم إلا لله، وبسبب نزولهم بحروراء في أول أمرهم، وكلهم قالوا شربنا أنفسنا في طاعة الله أي بعناها الجنة.
وهم يرضون بهذه الألقاب ما عدا المارقة فهو اللقب الوحيد الذي يرفضونه لأن معناه مروقهم من دين الإسلام كما يمرق السهم من الرمية[29].
ويرتبط باللقب الأخير ما ألصق بهم من معنى المروق من الدين استنادًا إلى ما روي عن تقسيم الغنائم في غزوة حنين حيث آثر الرسول - صلى الله عليه وسلم - نفرًا ترغيبًا وتأليفًا لقلوبهم في الإسلام، فانبرى له رجل يدعى ذو الخويصرة، فصاح بالرسول: اعدل يا رسول الله، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (ويحك ومن يعدل إذا لم أعدل؟) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أصحابه: (إنه يخرج من ضئضئي هذا قوم يتلون كتاب الله رطبًا لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، إنه سيقتلهم قتل عاد إن أدركهم).
ويفسر صاحب البحث عن هذه الواقعة[30] أن الضمير في يقتلهم يرجع إلى علي، ويعلل ذلك بأنه لم ينوه النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه بالذات لمصلحة يعرفها، وأن مثل هذه الأحاديث التي تكلم بها فهي من مغيبات الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
أما المستشرق فلهوزن فإنه يورد نص الحديث ليؤسس نتيجة مغايرة، إذ سأل عمر ابن الخطاب النبي - صلى الله عليه وسلم - حينئذ ليسمح له بقتله، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا، دعوه فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية ينظر في النعل فلا يوجد شيء ثم في السوق فلا يوجد شيء سبق الفرث والدم)[31].
وقد اعتبر فلهوزن أن القصة عن هذا السلفي القديم للجوارح قصة أسطورية ونحا نحوه الدكتور عبد الرحمن بدوي إذ اعتبر ذا الخويصرة شخصًا مجهولًا تمامًا[32].
ولكن السيد الخطيب الهادي، تأسيسها على رأيه السابق، يرى أن مبدأ لا حكم إلا لله وكلمة اعدل يا محمد، هما الأساس لمبدأ الخوارج وعقيدتهم[33].
ولا يدخل في نطاق بحثنا تحقيق هذا الأصل للخوارج تاريخيًا، ولكن الجدير بالتأمل هو النزعة التي تظهر لأول وهلة عند فلهوزن بما تحمله من دلالة لنظريات المستشرقين بوجه عام، هذه النزعة التي تمجد كل رأي يخالف أهل السنة والجماعة، وتبحث وتنقب دون يأس أو كلل عن المخالفين لأهل السنة لإبرازها وخدمتها وعرضها على أوسع نطاق.
وسيظهر لنا هذا واضحًا عند تناولنا لرأي فلهوزن عن الخوارج بالتفصيل- الذي سنعود إليه مرة أخرى- لنبين كيف أنه رفع شأنه فوق المرتبة التي يستحقونها بما أسبغه عليهم من صفات وما نسبه إليهم من أعمال.
جدال الخوارج:
تحفل المصادر بالجدال والحجاج الفكري بين علي والخوارج، مما يعطي في مضمونها صورة واضحة عن المعتقدات التي اعتنقها هؤلاء الخارجون عليه، ويعوضنا بعض الشيء عن التماس آرائهم من كتبهم نفسها.
لقد أعلنوا شعارهم (لا حكم إلا لله) ولكن عليًا لم يرتج عليه لسماعه هذا الشعار فهو العالم بكتاب الله الذي يعرف جيدًا أنه لم يحد عنه بقبوله التحكيم، فقال: (كلمة حق أريد بها باطل).
وطلب منهم أن يقارعوا بالحجج فيسمع منهم ويرد عليهم ففي زعمهم أنهم نقموا عليه خصالًا عديدة، وهي أنه محا اسمه من إمرة المؤمنين يوم كتب إلى معاوية ولم يضربهم - أي الخوارج - بالسيف حين نكوصهم عنه يوم صفين وكان واجبه أن يفعل ذلك ليرجعوا إلى الله، وحكم الحكمين، وزعم أنه وصى فضيع الوصية. ورد عليهم علي مدافعًا عن نفسه في كل ما وجه إليه.
أما نزع اسمه من إمرة المؤمنين فكان لرسول الله صلوات عليه أسوة حسنة لأنه قبل أن يتخلى عن (محمد رسول الله) إلى (محمد بن عبد الله) لأن المشركين في صلح الحديبية لم يقبلوا إلا هذا وحجتهم في رفضهم أنهم لو آمنوا أنه رسول الله ما حاربوه، وقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ قال: (إن اسمي واسم أبي لا يذهبان بنبوتي وأمري).
ورد على دعواهم بامتناعه عن قتلهم يوم صفين، فاحتج بالآية الكريمة:﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195]، فعزف عن محاربتهم لكثرة عددهم ولقلة أعوانه.
وتحكيمه الرجال أيضًا له من آيات الله أسانيد، فإن الله حكم في إردب يباع بربع درهم بقوله تعالى: ﴿ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ ﴾[المائدة: 95]، فلو استرشد الحكمان بما جاء بكتاب الله (لما وسعني الخروج من حكمهما)[34].
وقد ردد كتاب الفرق الإسلامية مثل حجج علي وزادوا فيها يما أدخلوه من الشروح والتفسيرات لإبطال معتقدات الخوارج كلها.
فالملطي يتساءل: من أين قلتم- لا حكم إلا لله؟ وقد حكم الله الناس في كتابه في غير موضع إذ قال عز وجل في جزاء الصيد[35]: ﴿ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ ﴾ [المائدة: 95]، وقال تعالى: ﴿ وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا ﴾ [النساء: 128].
وقال: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 35]. وقال: ﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى: 10] وأيضًا:﴿ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ [النساء: 59] ، وقال: ﴿ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾[النساء: 83].
فهذه هي الآيات العديدة التي جعل فيها القرآن أحكامًا كثيرة إلى وجوه الناس للنظر فيما لم ينزل بيانه من عند الله.
وكيف أحلوا إهراق دماء المسلمين؟ مع أنه لا يحل دم المؤمن إلا لأسباب ثلاثة: إما زنًا بعد إحصان، أو ارتداد بعد ايمان، أو قتل النفس عمدًا، فجهلهم إذًا هو الذي أدى بهم إلى إطلاق الحكم على أهل القبلة بالقتل[36].
والخوارج في جمعهم بين تكفير عثمان وعلي يستندون على حجة واحدة هي الحكم بغير ما حكم الله فيقولون: (لأن عليًا حكم الحكمين وخلع نفسه عن إمرة المؤمنين وحكم في دين الله فكفر وعثمان ولي رقاب المؤمنين ولاة جور فحكموا بغير ما حكم الله فكفر)[37].
والرد عليهم في هذه المسألة يتناول باختصار:
أولًا: أن الله تعالى قد جعل في كثير من الدين الحكم إلى الأفراد لتطبيق ما جاء بالقرآن الكريم كما تبين آنفًا.
ثانيًا: أن ولاية عثمان وعلي للمسلمين حق، وهما في الأصل كذلك بإجماع لا اختلاف فيه فإذا تجاهل الخوارج هذه الحقيقة فقد تجاهلوا الإجماع وردوه، لأن هذا الإجماع على إيمانهما وولايتهما قد ثبت لهم من قبل ولا يزيل إيمانهما وولايتهما إلا إجماع آخر يثبت العكس، وينفي عنهما ما انعقد عليه الإجماع الأول.
ثالثًا: أما إذا ادعى الخوارج أن عثمان وعلي كانا حقًا مؤمنين وليين للمؤمنين بالإجماع ثم كفرا فالقول مردود بما أصبح عليه حال الخوارج أنفسهم، لأنه ينطبق عليهم ما روى النبي - صلى الله عليه وسلم - بإجماع الأمة أنهم مارقة.
ولأن نص الحديث المروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صريح في مروقهم من الدين كما يمرق السهم من الرمية، وواقع أحوالهم فيما بعد تحققت بما جاء بهذا الحديث.
فقد أهرقوا دماء المسلمين وكفروا السلف والخلف واستحلوا ما حرمه الله عليهم، كل هذه الأفعال تشهد عليهم بأهم خرجوا من الدين[38].
هذا فيما يتعلق بمعتقدات الخوارج في تكفيرهم الخليفتين الثالث والرابع، أما عن تفسيرهم للآيات القرآنية التي يتسلحون بها في تكفير من يرتكب الكبائر فإنهم يقيسون على قول الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ﴾ [المائدة: 5]. وقوله عز وجل:﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [الإنسان: 3]، وقال:﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ﴾ [التغابن: 2].
وبهذا فلم يجعل الله منزلة ثالثة تقع وسطًا بين الكفر والإيمان، (ومن كفر وحبط عمله فهو مشرك والإيمان رأس الأعمال، وأول الفرائض في عمل ومن ترك ما أمره الله به فقد حبط عمله وإيمانه، ومن حبط عمله فهو بلا إيمان والذي لا إيمان له مشرك كافر)[39].
والرد الذي يدفع به الملطى هذه التفسيرات يميل به إلى رأي المعتزلة، فهو يعتبر الخوارج قد أخطأوا القياس في هذه المسألة لأن الله تعالى بقوله: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 4]، فوضع الفاسق في منزلة بين الإيمان والكفر فلم يقرن - عز وجل - الفسق بالكفر بل نص على فسقهم فحسب. كما لم يقل أنهم بالرغم من فسقهم مؤمنون كما رأت المرجئة.
ومن أخطاء الخوارج أيضًا عدم التفرقة بين الكبائر والصغائر من الأفعال بينما فرق الله تعالى بقوله: ﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ﴾ [النساء: 31]، فالخوارج إذًا إن (حاولوا حجة في تكفير الأمة لم يجدوا، وإن جعلوا الذنوب كلها كبائر لم يجدوا إلى الحجة سبيلًا من عقل ولا سمع)[40].
وقد دأب أهل السنة والجماعة على تفنيد هذه التفسيرات التي يعتمد عليها الخوارج في عرض أرائهم، ولهذا فقد ذكر لنا إمام من أئمتهم وهو الإمام أبو المعين النسفي (متوفى 508هـ- 1114م) حججًا أخرى يدفع بها أقوالهم.
ويورد أولًا أقوالهم من نصوص الآيات القرآنية مثل قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا ﴾ [النساء: 14]، وخلود العاصي في النار يرجع إلى خروجه عن الإيمان. أو نص حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الشارب حين يشرب وهو مؤمن)، أو قوله- صلى الله عليه وسلم -: (الصلاة عماد الدين فمن أقامها فقد أقام الدين ومن تركها فقد هدم الدين).
وحجج النسفي في الرد يستمدها من نص الآية الكريمة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا ﴾ [التحريم: 8] فالتو بة النصوح لا تكون إلا من الكبيرة.
كما يستمد حججًا أخرى من أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - كقوله: (صلوا خلف كل بر وفاجر)، فلو خرج المؤمن من الإيمان لما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة خلفه. أما تفسير الحديث (لا يزني الزاني إلخ...) فإنه: (إخراج للكلام مخرج العادة لأن الظاهر والغالب في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - عدم الزنا).
ومعنى الحديث الثاني الذي يستند إليه الخوارج (الصلاة عماد الدين فمن تركها فقد هدم الدين). ترك الصلاة عن اعتقاد فقط لأنه فعلًا يصير بذلك كافرًا[41].
أما ابن حزم في رده على إنكار الخوارج للتحكيم فإنه يذكر أن عليًا لم يحكم قط رجلًا في دين الله وحاشاه من ذلك وإنما هو قد حكم كلام الله - عز وجل - بعد أن اتفق الفريقان على الدعوة إلى حكم القرآن الكريم. وقد قال تعالى: ﴿ إِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ [النساء: 59].
ولما كان من المستحيل أن يتناظر الفريقان بكامل أفرادهما فقد تم اختيار الحكمين كل منهما عن الفريق الذي يمثله مدليًا بحجج المعسكر الذي ينوب عنه أبو موسى الأشعري عن أهل العراق وعمرو بن العاص عن أهل الشام. فلم يخطئ علي إذًا في قبوله التحكيم للرجوع إلى ما أوجبه القرآن.
فإنكار الخوارج للتحكيم، تكفيرهم علي، نتيجة لهذا يرجع إلى أنهم كانوا أعرابًا قرءوا القرآن حقًا، لكنهم لم يتفقهوا في السنن الثابتة عن الرسول - صلوات الله عليه، ولم يكن منهم أحد من الفقهاء المعروفين في ذلك الوقت لتبصيرهم بما خفي عنهم من دقائق الفقه أمثال أصحاب ابن مسعود أو عمر وعلي وعائشة، وأبي موسى الأشعري، ومعاذ بن جبل، وأبي الدرداء، وسلمان وزيد، وابن عباس، وابن عمر. فلا غرو أن (يكفر بعضهم بعضًا عند أقل نازلة تنزل بهم من دقائق الفتيا وصغارها فظهر ضعف القوم وقوة جهلهم)[42].
ومما يكشف عن جهلهم أيضًا أنهم كانوا قريبي العهد ببيعة السقيفة حيث بايع الأنصار أبا بكر، وإذعانهم بذلك مع باقي المهاجرين لإمرة قريش، وقد نقل إليهم خبر اجتماع السقيفة من نقل إليهم القرآن والسنة النبوية أي أصحاب ثقات فكيف ينكرون على علي إمرة المسلمين، قد قرأوا أيضًا قول الله تعالى: ﴿ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾[الحديد: 10]، وقوله تعالى:﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا ﴾ [الفتح: 29]، ولكن الجهل أعمى بصائرهم وأضلهم الشيطان فحلوا بيعة علي وأعرضوا عن هؤلاء الصحابة الكبار الذين قصدهم الله بهذه الآيات أمثال سعيد بن زيد، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر، وغيرهم ممن أنفق من قبل الفتح وقاتل كما تركوا أيضًا الصحابة الذين أنفقوا بعد الفتح.
إنهم تركوا هؤلاء جميعًا الذين قال الله تعالى عنهم: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ [الفتح: 18]، كما وصفهم بأنهم الأشداء على الكفار الرحماء بينهم الركع السجد، والمثنى عليهم في التوراة والإنجيل، والذي شهد الله تعالى عليهم بأن باطنهم في الخير كظاهرهم بنص هذه الآية. إنهم تركوا هؤلاء جميعًا ليبايعوا عبدالله بن وهب الراسي الذي لا سابقة له ولا صحبة ولا فقه ولا شهد الله له بخير قط.
وعلي قد بويع بواسطة المسلمين على أثر مقتل عثمان، وحتى إذا كان الذي بايعه واحد من المسلمين فصاعدًا فإنه يصبح بذلك إمامًا يجب طاعته فإنه (الإمام بحقه وما ظهر منه قط إلا العدل والجد والبر والتقوى)[43].
ويضيف ابن حزم إلى هذا كله في كتاب (المفاضلة بين الصحابة) أن من حكم الله تعالى أن يجعل الحكم لغيره. وصح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (وإذا حاصرت أهل حصن فلا تنزلهم على حكم الله فإنك لا تدري ما حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك)، وصح قوله - صلى الله عليه وسلم - أيضًا: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي)[44].
معاملة الخوارج:
كان انشقاق الخوارج باعثًا لعلماء الفقه أن يعالجوا موضوع الخروج على الجماعة وأصبح يطلق على الطوائف التي تنشق من المجتمعات الإسلامية بأهل البغي مقابل أهل العدل، ووضعت شروط لكي تطلق عليهم هذه التسمية منها مخالفتهم لرأي الجماعة والانسلاخ عنها عن طريق الانفراد بمذهب يبتدعونه، فإذا لم يخرجوا بهذا المذهب عن طاعة الإمام وظلوا أفرادًا متفرقين فلا يحاربوا لأن الإمام سيتمكن بحالتهم هذه من تأديبهم وعقابهم.
ومنشأ هذه القاعدة ما كان بين علي والخارجين عليه، إذ أوضح لهم حقوقهم بألا يمنعهم عن مساجد الله ليذكروا فيها اسم الله، ولا يبدؤهم بقتال ولا يمنعهم الفيء ما دامت أيديهم معه[45].
فإن جاهروا وتظاهروا بمعتقداتهم مع اختلاطهم بباقي أهل العدل دون أن ينفصلوا في كيان خاص، فعلى الإمام أن يوضح لهم فساد ما اعتقدوا ليعودوا إلى موافقة الجماعة، ويجوز للإمام أن يؤدب من تظاهر بالفساد منهم للزجر والتخويف عن طريق التعزير دون إقامة الحد أو القتل، عملًا بقول رسول الله - صلوات الله عليه - (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس).
ولا يحاربوا أيضًا إذا اعتزلوا وحدهم وابتعدوا عن مخالطة الجماعة ما داموا لم يمتنعوا عن تأدية الحقوق، وظلت طاعتهم للإمام قائمة. فإذا عصوا الإمام ومنعوا ما عليهم من حقوق وانفردوا باجتباء الأموال وتنفيذ الأحكام أصبحت هذه الأموال مغتصبة والأحكام باطلة لأنهم لم ينصبوا لهم إمامًا.
أما إذا نصبوا لأنفسهم إمامًا لكي يتم تحصيل الأموال وتنفيذ الأحكام بأمره فيطالبوا برد هذه الأموال وتظل الأحكام نافذة.
ولكن حربهم في كلا الحالتين واجبة، أي سواء نصبوا لأنفسهم إمامًا أم لم يفعلوا بغرض إرجاعهم إلى الطاعة مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الحجرات: 9]. وتفسير هذه الآيات على النحو التالي:
لمعنى الآية: ﴿ فإن بغت إحداهما على الأخرى) ﴾ وجهان: أحدهما: بغت بالتعدي بالقتال، والثاني: بغت بالعدول عن الصلح.
ومعنة قوله تعالى:﴿ حتى تفىء إلى أمر الله ﴾ فسره سعيد بن جبير بأن ترجع إلى الصلح الذي أمر الله تعالى به، وقال قتادة بن دعامة السدوسي بأنه بالرجوع إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله فيما لهم وعليهم.
وكذلك الآية: ﴿ فأصلحوا بينهما بالعدل ﴾ فالعدل يعني إما الحق أو كتاب الله.
وعلى الأمير الذي قلده الإمام لقتالهم أن ينذرهم ويعذرهم أولًا ثم يقاتلهم إذا أصروا على القتال بعد إمهالهم دون الهجوم عليهم بغتة[46].
وتختلف الطرق المتبعة في قتالهم عن قتال المشركين والمرتدين من ثمانية أوجه:
الأول: القصد من القتال ردهم بادئ الأمر ولا يتعمد قتلهم خلافًا لقتال المشركين والمرتدين الذين يتعمد قتلهم.
الثاني: يقاتلوا مقبلين ويكف عنهم مدبرين أما المشركين والمرتدين فيجوز قتالهم مقبلين ومدبرين.
الثالث: لا يجهز على جريحهم، كما أمر علي يوم الجمل ألا يتبع مدبر ولا يجهز على جريح، وإن جاز الإجهاز على جرحى المشركين والمرتدين.
الرابع: ولا يقتل الأسرى أيضًا بل يفرج عمن أمن عودته للقتال ويحبس من لم يؤتمن رجوعه للقتال حتى تنتهى الحرب ثم يطلق سراحه، ولا يجوز حبسه بعدها.
الخامس: لا يغنم أموالهم ولا تسبى أولادهم عملًا بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (منعت دار الإسلام ما فيها وأباحت دار الشرك ما فيها).
السادس: لا يستعان على قتالهم بذمي أومشرك معاهد وإن جاز هذا في قتال أهل الحرب والردة.
السابع: لا يجوز مهادنتهم إلى مدة أو موادعتهم على مال.
الثامن: لا تحرق مساكنهم ولا تقطع أشجارهم ونخيلهم لأنها دار إسلام، أما إذا هاجموا أهل العدل فإنه بجوز لأهل العدل في هذه الحالة الدفاع عن أنفسهم ما استطاعوا ولو بالقتل إذا لم يندفعوا بغيره.
ولكنه لا يجوز الاستمتاع بدوابهم أو استعمال سلاحهم في قتالهم.
وهذا الرأي يخالف ما ذهب إليه أبو حنيفة الذي أجاز الاستعانة على قتالهم بسلاحهم والاستمتاع بدوابهم ما دامت الحرب قائمة كما منع الصلاة على موتاهم على سبيل العقوبة لهم.
ويعارضه الماوردي فيما يتعلق بالنقطة الأولى استنادًا على حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه). كما يرى الماوردي أيضًا أنه لا عقوبة على الميت في الدنيا ولهذا يجب الصلاة عليهم لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (فرض على أمتي غسل موتاهم والصلاة عليهم)[47].
نظرة المستشرقين للخوارج:
احتضن أغلب المستشرقين نظريات الخوارج ووضعوهم موضع التمجيد ورفعوا من شأنهم فأظهروا فيهم نواحي الاختلافات الجذرية بينهم وبين باقي الفرق على أنها سمة الامتياز والتفوق فإن فلهوزن يرى أن الخوارج قد انبثقوا عن طبقة القراء[48] الذين حفظوا القرآن عن ظهر قلب وجاهدوا للعمل يما حاء به لا الاقتصار على حفظه وترديده صلاة ودعاء في المساجد والبيوت لأن القرآن في نظرهم ليس موضوع دراسة نظرية وإنما أنزل من أجل العمل والتقوى. ولهذا لم ينقطعوا للتعبد فحسب محتفظين بتقواهم لأنفسهم (وإنما كانوا يعملون بإيمانهم عن طريق التوجيه وإسداء المشورة في الأمور العامة كما تقضي بذلك طبيعة الخلافة الإسلامية)[49].
فإن الخوارج في رأيه لم يكونوا قادة لحركات كبرى وإنما يعتبرهم مقاييس لدرجة حرارة الجماهير ومثيري حماستهم، وأنهم نادرًا ما كانوا يسبحون ضد التيار العام بل مقاييس لدرجة حرارة الجماهير. وينفى فلهوزن بشدة الرأي الذي تجدد القول به حديثًا والذي ينسب أصول الخوارج إلى السبئية لأن لقب السبئية لم يطلق إلا على غلاة الشيعة ولأن الخوارج أنفسهم كانوا ينعتون خصومهم بنعت (السبئية) للسب والتحقير. فالبحث عن منشأ الخوارج ينبغى أن يرد إلى موقعة صفين[50].
ويعتقد فلهوزن أن الخوارج تئم تأت في موضوع الخلافة بأمر غريب أو مستنكر لأنهم لم يكونوا فرقة ضئيلة العدد تعمل في الظلام وتتكون في شكل تنظيم سري بل كانت ظاهرة أمام الكافة وتستند في آرائها على الرأي العام الذي كانت له الغلبة في معسكر أهل العراق في موقعة صفين، وأن مبادئهم قد أغرت الكثيرين بالانضمام إليهم دون أن ينادوا هم بها. وعلى هذا فإن الخوارج إذًا (كانوا حزبًا ثوريًا صريحًا كما يدل على ذلك اسمهم، أجل كانوا حزبًا ثوريًا يعتصم بالتقوى، لم ينشأوا عن عصبية العروبة بل عن الإسلام)[51].
ويرتبط بمعنى التقوى عند الخوارج ما يفهمه فلهوزن عن التقوى في الإسلام التي يصفها بأنها (ذات اتجاه سياسي عام) وهى أعلى درجة عند الخوارج لأن مبدأ الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر كان يتحقق على يد الخوارج بمناسبة وبغير مناسبة، لأن لا سلطان على الناس إلا الله ولكي تصبح السلطة الزمنية شرعية فيجب أن تخضع خضوعًا مطلقًا للدين لأنها تحكم باسم الله، فالإمام ما هو إلا رمز معبر عن وحدة الأمة الإسلامية.
وفي تقسيم فلهوزن للحكومة الإسلامية إلى قطبين أحدهما سلبي لخضوعها المطلق للدين والآخر إيجابي وهو جماعة المسلمين، خلق تعارضًا بين (الدين) و(الجماعة) أي بين خضوع الإنسان لله ووجوب خضوعه لأمر الجماعة وطاعة الإمام، ويرى أن الخوارج يقفون في صف الدين بكل قوة[52].
وبالرغم من أن الخوارج يستحلون دماء خصومهم المسلمين ويعتبرون أن قتالهم جهادًا شأنه شأن الجهاد ضد الكفار وأن المسلمين المخالفين لهم من عامة أهل السنة والجماعة أشد كفرًا من النصارى واليهود والمجوس، ومع هذا كله فليست الخوارج في ظن فلهوزن من نوع الفوضويين فهو يدافع عنهم هاهنا بحرارة لأن حروبهم لعثمان وعلي ومعاوية لم تستهدف إلا استبدالهم بأئمة صالحين لأن صلاحية الأمور في الدنيا والآخرة من صلاحية الأئمة (فالإمام إمام في الدنيا والآخرة في الحياة وبعد الموت هذا هو المذهب السائد في الإسلام، وبقدر ما في مركز الإمام من خطورة تكون الصعوبة في اختيار من يصلح له في نظر الخوارج)[53].
أفا فان فلوتن فيطلق على الخوارج (اسم الجمهوريين) لأنهم في رأيه يمثلون المبادئ الديمقراطية المتطرفة[54].
ويبدو أنه ممن تأثر بتمجيد المستشرقين للخوارج الأستاذ عمر أبو النصر في كتابه (الخوارج في الإسلام) إلى حد استبعاده لحديث الإمامة في قريش لأن الخوارج في رأيه أقرب إلى مسايرة الدين، فلو كان هناك نص صريح لما أنكروه ولا خالفوه. ثم ينسب إليه فضل طرق الموضوع الجديد الذي لم يكن للمسلمين به شأن من قبل وهو أنه يستطاع عزل الخليفة أو قتله إذا خالف رأي الجماعة[55].
ويستبعد أن يكون للخوارج يد في مقتل عثمان وإنما يرجح أن من أصبحوا خوارج في عهد علي كانوا من الثائرين على عثمان قبله[56] كما يربط بين الخوارج وبين الثوار الغربيين فيقول: (كأن الثوار الغربيين أخذوا فكرتهم منهم)[57].
ولا أعتقد أن الأمر يحتاج إلى جهد عبير لإظهار تهافت مثل هذه الآراء، إذ سبق أن أوضحنا رد الفرق على معتقدات الخوارج ولا نعود فنكررها. ولكن نكتفي في مجال الرد على إبراز الحقيقة الواضحة وضوحًا لا لبس فيه ولا إبهام، وهي أن جميع الفرق الإسلامية قد عارضت الخوارج ووقفت منهم موقف المعارضة الشديدة في كل معتقداتهم.
ثم أورد بعض النماذج لرأي المسلمين فيهم قديمًا وحديثًا.
فقديمًا قال عنهم ابن عباس: (ليس الحرورية بأشد اجتهادًا من اليهود والنصارى وهم يضلون)[58].
كما كتب عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - إلى يحيى بن يحيى ومن معه من الخوارج العاصية الذين خرجوا في عهده يقول لهم:
سلام الله عليكم. أما بعد: فإن الله عز وجل يقول: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾[النحل: 125]، وإني أذكركم أن لا تفعلوا كفعل آبائكم ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [الأنفال: 47]. فبذا تخرجون من دينكم وتسفكون الدماء، وتستحلون المحارم؟ فلو كانت ذنوب أبي بكر وعمر تخرج رعيتهما من دينهم كانت لها ذنوب فقد كان آباؤهم في جماعتهم فما جمع شركتكم على المسلمين وأنتم بضعة وأربعون رجلًا وإني أقسم بالله لو كنتم أبكارًا من ولدي وتوليتم عما دعوتكم إليه، ولم تجيبوا لدفعت دماءكم ألتمس بذلك وجه الله عز وجل والدار الآخرة. فهذا النصح إن أجبتم وإن استغششتم فقديمًا استبغض الناصحون)[59].
وحديثًا يرميهم الشيخ أبو زهرة بالتعصب الذي ساد مناقشاتهم وتعصبهم في بعض الجدل وتحيزهم إلى جانب فكرة واحدة وكذبهم أحيانًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإيجاد الدليل على مزاعمهم، مع تمسكهم بظواهر القرآن دون تجاوزه إلى المقصد والمرمى[60].
ولا أجد بعد هذا أفضل من صوت الحق الذي لا يعدم أن يجد من يردده بعزم وثبات على لسان المستشرق ولتر. م باتون إذ يقرر في صرامة: وعندي أنه لا بقاء للإسلام إلا ببقاء السنة، ففي سلامتها سلامته وفي صونها صونه[61].
ولا يصرح بهذا القرار الحاسم الذي وصل إليه في كتابه عن (أحمد بن حنبل والمحنة) إلا لأنه لاحظ من خلال أبحاثه أن (الكتاب الأوروبيين كتبوا ما كتبوه عن عقائد السنة الإسلامية وقد غلب عليهم شعور النفرة منها والاستثقال لها، كما أنهم خصوا المعتزلة بأكثر مما يستحقون من إطراء وتقدير)[62].
فلا غرابة إذًا في أن يشمل الإطراء الخوارج أيضًا. أليسوا مخالفين لأهل السنة؟!!
كلمة أخيرة:
ويمكن بعد عرضنا للفصلين الخامس والسادس أن نستخلص النتائج الآتية:
أولًا: لقد ظل هذا العهد أي منذ انتقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى الرفيق الأعلى حتى انتهاء عهد الخلافة الراشدة باستشهاد سيدنا علي بن أبي طالب. ظلت هذه الفترة هي المثالية في أنظمة الحكم الإسلامي لقيام فكرة الخلافة والأمل المرتجى تحقيقه على مدى عصور تاريخ المسلمين وخاصة عصر أبي بكر وعمر بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
وقد جذب هذه الفترة اهتمام الفرق الإسلامية بشتى معتقداتها وعلى اختلاف مذاهبها فالتفتت إليها إما للتأييد، كما فعل أهل السنة والجماعة، وإما للنقد والتجريح كما تناولت الشيعة الصاحبين عمر وعثمان بن عفان، أو للتكفير كما ابتدع الخوارج في حق الخليفتين الأخيرين.
وإلى وقتنا الحاضر فما زال هذا الماضي الحافل يستأثر باهتمام فريقي الإسلام الكبيرين أهل السنة والشيعة، فيدرسون ويحققون ويتأثرون به فيترك آثاره على أفكارهم.
فإن أهل السنة ينظرون إلى هذه الحقبة من التاريخ الإسلامي على أنها الفترة المثالية وأصبحوا يقيسون من تولي الحكم من بعد على سنن الخلفاء الأربعة حيث كان الوازع دينيًا كما يرى ابن خلدون فعهدوا إلى من يرتضيه الدين ثم كان العصبية منذ تولي معاوية الخلافة.
ولكن الشيعة ذهبت إلى الطرف الآخر المضاد وخاصة الشيعة الإمامية التي ينطوي تحت لوائها أكثرية الشيعة، فاعتبرت الحكومات الإسلامية منذ انقبض الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى الآن عدا سنوات حكم علي بن أبي طالب حكومات غير شرعية لأن الحكام الشرعيون هم الأئمة الإثني عشر وحدهم سواء تيسر لهم مباشرة الحكم أو لم يباشروه[63].
والأعجب من هذا أن الشيعة مع إيمانهم بإمامة على، فقد لعنوا من على منابرهم الخلفاء الثلاثة الأول إذ في اعتقادهم هم الغاصبين للإمامة وما زالوا يلعنوهم من على منابرهم إلى يومنا هذا[64].
ثانيًا: إن الخوارج هم أول حزب سياسي تكون في تاريخ الإسلام، ولكنه
????- زائر
رد: سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
ثانيًا: إن الخوارج هم أول حزب سياسي تكون في تاريخ الإسلام، ولكنه لم يستطع الصمود بسبب غلوه وتطرفه أمام الكثرة الغالبة من المسلمين، وبعد أن أصبح موضع نقد وهجوم من الفرق جميعًا فلم يبق إلا الصورة المعتدلة ممثلة في الأباضية التي استطاعت أن تنجو من الاندثار لاعتدالها ومسايرتها لأصول المعتقدات عند المسلمين.
ثالثًا: والنتيجة الأخيرة التي توصلنا إليها هى أن الخوارج بالرغم من تجمعهم في إطار أفكار خاصة كالتبري من عثمان وعلى وتقديم ذلك على كل طاعة وتكفير أصحاب الكبائر. ورأيهم في الخروج على الإمام إذا خالف السنة[65]. إلا أن هذه الأفكار المتناثرة لم تبلغ مرتبة التفكير الأيديولوجي المنظم على نسق النظريات المترابطة التي كتب لها البقاء والحياة كما هو الشان لدى الفرقتين الكبيرتين: أهل السنة، والشيعة.
[1] الأستاذ، عبد السلام محمد هارون، من مقدمة كتاب موقعة صفين، لنصر بن مزاحم.
[2] مقدمة ابن خلدون، الفصل الثلاثون، ص 24.
[3] وقعة صفين لنصر بن مزاحم، ص 33، 34.
[4] نفس المصدر، ص 37، (وقعة صفين).
[5] المبرد (متوفى في 285هـ)، الكامل في اللغة والأدب، ص 13، ج 1.
[6] المقدمة، الفصل الثلاثون، ص 214.
[7] البغدادي، الفرق بين الفرق، ص 342.
[8] الباقلاني، الإنصاف، ص 159.
[9] الدكتور الريس، النظريات السياسية الإسلامية، ص 47.
[10] الدكتور، محمد ضياء الدين الريس، النظريات السياسية الإسلامية، ص 48.
[11] المصدر نفسه، ص 76، 77، النظريات السياسية.
[12] الإسفراييني، من مقدمة كتاب (التفكير في الدين- الكوثرى) ص 6.
[13] نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، ج 2، ص 18.
[14] الخطيب على بن الحسين الهاشمي، وقعة النهروان، أو الخوارج، ص 154.
[15] الرازي، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين، ص 46- 51.
[16] الملطي، التنبيه والرد على أهل الأهواء.
[17] مقالات الإسلاميين، ص 101.
[18] الملطي، التنبيه، ص 501.
[19] نفس المصدر، ص 54. 55.
[20] المرجع السابق، ص 55.
[21] فنسك وآخرين، ط 1352هـ/1933م، دائرة المعارف الإسلامية، ص 11.
[22] المرجع السابق، ص 13.
[23] الملطي، التنبيه، ص 56.
[24] نفس المصدر، ص 57.
[25] الملل والنحل، ج 1، ص 155.
[26] الملل والنحل: ص 157، 158.
[27] الفصل، ج 4، ص 157.
[28] البغدادي، الفرق بين الفرق، ص 18.
[29] الأشعري، مقالات الإسلاميين، ص 127، 128.
[30] علي بن الحسين الهاشمي، (كتاب وقعة النهروان أو الخوارج)، ص 99.
[31] الخوارج والشيعة، فلهوزن، ص 35، 36.
[32] هامش المرجع السابق، ص 35.
[33] وقعة النهروان أو الخوارج، ص 204.
[34] تاريخ اليعقوبي، (متوفى 292هـ- 904م)، ج 2، ص 167.
[35] ابن الحسين محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الملطي (متوفى 377هـ- 987م) التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع، ص 51.
[36] كتاب التنبيه، ص 52.
[37] المرجع السابق، ص 53.
[38] نفس المصدر، ص 54.
[39] التنبيه، ص 52.
[40] التنبيه، ص 53.
[41] النسفي، بحر الكلام في علم التوحيد، ص 47، 48.
[42] ابن حزم، الفصل، ج 4، ص 156.
[43] المصدر السابق، ص 157.
[44] ابن حزم، المفاضلة ببن الصحابة، ص 66.
[45] الماوردي، (450هـ- 1058م)، الأحكام السلطانية، ص 58.
[46] الماوردي، الأحكام السلطانية، ص 59.
[47] الماوردي، الأحكام السلطانية، ص 60.
[48] من المحتمل أن فلهوزن استخلص هذه التسمية من نص المسعودي في (مروح الذهب) ص 305، وهو (وكان مسعد بن السبكي وابن الكواء وطبقتهم من القراء الدين صاروا بعد خوارج قالوا من أشد الناس في الإجابة إلى حكم المصحف).
[49] فلهوزن، الخوارج والشيعة، ص 20.
[50] نفس المصدر، ص 25.
[51] فلهوزن، الخوارج والشيعة، ص 29.
[52] المرجع نفسه، ص 31.
[53] الخوارج والشيعة، ص 33.
[54] فان فلوتن، السيادة العربية والشيعة والإسرائيليات في عهد بني أمية، ص 69.
[55] عمر أبو النصر، كتاب (الخوارج في الإسلام) ص 25، مكتبة المعارف، بيروت، سنة 1956م.
[56] نفس المصدر، ص 29.
[57] المرجع السابق، ص 54.
[58] الملطي، التنبيه، ص 174.
[59] الملطي، التنبيه، ص 174.
[60] الشيخ أبو زهرة، المذاهب الإسلامية، ص 115، 116.
[61] ولتر. م. باتون، أحمد بن حنبل والمحنة، ص 34.
[62] ولتر. م. باتون، أحمد بن حنبل والمحنة، ص 40.
[63] السيد محب الدين الخطب، الخطوط العريضة للأسس التي قام عليها دين الشيعة الإمامية الإثني عشرية، ص 14.
[64] الدكتور النشار، نشاط الفكر، ج 2، ص 10.
[65] الشهرستاني، الملل والنحل، ج 1، ص 156، 157.
ثالثًا: والنتيجة الأخيرة التي توصلنا إليها هى أن الخوارج بالرغم من تجمعهم في إطار أفكار خاصة كالتبري من عثمان وعلى وتقديم ذلك على كل طاعة وتكفير أصحاب الكبائر. ورأيهم في الخروج على الإمام إذا خالف السنة[65]. إلا أن هذه الأفكار المتناثرة لم تبلغ مرتبة التفكير الأيديولوجي المنظم على نسق النظريات المترابطة التي كتب لها البقاء والحياة كما هو الشان لدى الفرقتين الكبيرتين: أهل السنة، والشيعة.
[1] الأستاذ، عبد السلام محمد هارون، من مقدمة كتاب موقعة صفين، لنصر بن مزاحم.
[2] مقدمة ابن خلدون، الفصل الثلاثون، ص 24.
[3] وقعة صفين لنصر بن مزاحم، ص 33، 34.
[4] نفس المصدر، ص 37، (وقعة صفين).
[5] المبرد (متوفى في 285هـ)، الكامل في اللغة والأدب، ص 13، ج 1.
[6] المقدمة، الفصل الثلاثون، ص 214.
[7] البغدادي، الفرق بين الفرق، ص 342.
[8] الباقلاني، الإنصاف، ص 159.
[9] الدكتور الريس، النظريات السياسية الإسلامية، ص 47.
[10] الدكتور، محمد ضياء الدين الريس، النظريات السياسية الإسلامية، ص 48.
[11] المصدر نفسه، ص 76، 77، النظريات السياسية.
[12] الإسفراييني، من مقدمة كتاب (التفكير في الدين- الكوثرى) ص 6.
[13] نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، ج 2، ص 18.
[14] الخطيب على بن الحسين الهاشمي، وقعة النهروان، أو الخوارج، ص 154.
[15] الرازي، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين، ص 46- 51.
[16] الملطي، التنبيه والرد على أهل الأهواء.
[17] مقالات الإسلاميين، ص 101.
[18] الملطي، التنبيه، ص 501.
[19] نفس المصدر، ص 54. 55.
[20] المرجع السابق، ص 55.
[21] فنسك وآخرين، ط 1352هـ/1933م، دائرة المعارف الإسلامية، ص 11.
[22] المرجع السابق، ص 13.
[23] الملطي، التنبيه، ص 56.
[24] نفس المصدر، ص 57.
[25] الملل والنحل، ج 1، ص 155.
[26] الملل والنحل: ص 157، 158.
[27] الفصل، ج 4، ص 157.
[28] البغدادي، الفرق بين الفرق، ص 18.
[29] الأشعري، مقالات الإسلاميين، ص 127، 128.
[30] علي بن الحسين الهاشمي، (كتاب وقعة النهروان أو الخوارج)، ص 99.
[31] الخوارج والشيعة، فلهوزن، ص 35، 36.
[32] هامش المرجع السابق، ص 35.
[33] وقعة النهروان أو الخوارج، ص 204.
[34] تاريخ اليعقوبي، (متوفى 292هـ- 904م)، ج 2، ص 167.
[35] ابن الحسين محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الملطي (متوفى 377هـ- 987م) التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع، ص 51.
[36] كتاب التنبيه، ص 52.
[37] المرجع السابق، ص 53.
[38] نفس المصدر، ص 54.
[39] التنبيه، ص 52.
[40] التنبيه، ص 53.
[41] النسفي، بحر الكلام في علم التوحيد، ص 47، 48.
[42] ابن حزم، الفصل، ج 4، ص 156.
[43] المصدر السابق، ص 157.
[44] ابن حزم، المفاضلة ببن الصحابة، ص 66.
[45] الماوردي، (450هـ- 1058م)، الأحكام السلطانية، ص 58.
[46] الماوردي، الأحكام السلطانية، ص 59.
[47] الماوردي، الأحكام السلطانية، ص 60.
[48] من المحتمل أن فلهوزن استخلص هذه التسمية من نص المسعودي في (مروح الذهب) ص 305، وهو (وكان مسعد بن السبكي وابن الكواء وطبقتهم من القراء الدين صاروا بعد خوارج قالوا من أشد الناس في الإجابة إلى حكم المصحف).
[49] فلهوزن، الخوارج والشيعة، ص 20.
[50] نفس المصدر، ص 25.
[51] فلهوزن، الخوارج والشيعة، ص 29.
[52] المرجع نفسه، ص 31.
[53] الخوارج والشيعة، ص 33.
[54] فان فلوتن، السيادة العربية والشيعة والإسرائيليات في عهد بني أمية، ص 69.
[55] عمر أبو النصر، كتاب (الخوارج في الإسلام) ص 25، مكتبة المعارف، بيروت، سنة 1956م.
[56] نفس المصدر، ص 29.
[57] المرجع السابق، ص 54.
[58] الملطي، التنبيه، ص 174.
[59] الملطي، التنبيه، ص 174.
[60] الشيخ أبو زهرة، المذاهب الإسلامية، ص 115، 116.
[61] ولتر. م. باتون، أحمد بن حنبل والمحنة، ص 34.
[62] ولتر. م. باتون، أحمد بن حنبل والمحنة، ص 40.
[63] السيد محب الدين الخطب، الخطوط العريضة للأسس التي قام عليها دين الشيعة الإمامية الإثني عشرية، ص 14.
[64] الدكتور النشار، نشاط الفكر، ج 2، ص 10.
[65] الشهرستاني، الملل والنحل، ج 1، ص 156، 157.
????- زائر
رد: سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
لايوجد تشابه الا مسألة التكفير والخروج ....
ومسألة التكفير هنا .... يرجعونها الى اصل النفاق
بمعنى اخر ان فعل كبيرة واصر عليها ولم يستحلها يعتبرونه نفاقا .. هذا والله أعلم
ومسألة التكفير هنا .... يرجعونها الى اصل النفاق
بمعنى اخر ان فعل كبيرة واصر عليها ولم يستحلها يعتبرونه نفاقا .. هذا والله أعلم
????- زائر
رد: سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
حسبنا الله ونعم الوكيل في كل من يلمز المجاهدين ويرميهم بما ليس فيهم
براءة المجاهدين حماة العرض والدين.. وتبيان وفضح سبل المجرمين
https://t3beer.ahlamontada.com/t3237-topic
براءة المجاهدين حماة العرض والدين.. وتبيان وفضح سبل المجرمين
https://t3beer.ahlamontada.com/t3237-topic
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
رد: سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
وهذه صورة من أعمال من يوصفون بالمتشددين:
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
رد: سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
جزاك الله خيرا
وبارك في علم الشيخ ونفع به
وبارك في علم الشيخ ونفع به
ضوء القمر- اللهم اني أعوذ بك من فتنة الدجال
- عدد المساهمات : 120
تاريخ التسجيل : 08/10/2013
رد: سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
أكرمك الله أخينا سامي
وتقبل الله طاعاتكم وأعاده علينا بعلو راية الدين
وحتى نفهم الحديث ونضعه في قالبه الشرعي، جدير بالأهمية الاطلاع على هذين المقالين:
الإمام الشرعي.. الإمام المتغلب .. الخروج على الإمام
https://t3beer.ahlamontada.com/t3195-topic
أقوال العلماء فيمن حكم بغير شرع الله.. وتبيان القول بشرط الاستحلال
https://t3beer.ahlamontada.com/t3524-topic#30054
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
رد: سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
ومن باب الأهمية لك عزيزي القارئ أن تطلع على هذه المقالات الفقهية، كأرضية لفهم السياسة الشرعية:
الإمام الشرعي.. الإمام المتغلب .. الخروج على الإمام
https://t3beer.ahlamontada.com/t3195-topic
أقوال العلماء فيمن حكم بغير شرع الله.. وتبيان القول بشرط الاستحلال
https://t3beer.ahlamontada.com/t3524-topic#30054
الإمام الشرعي.. الإمام المتغلب .. الخروج على الإمام
https://t3beer.ahlamontada.com/t3195-topic
أقوال العلماء فيمن حكم بغير شرع الله.. وتبيان القول بشرط الاستحلال
https://t3beer.ahlamontada.com/t3524-topic#30054
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
رد: سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
للاستماع مرة اخرى ..........وذكر فأن الذكرى تنفع المؤمنين
أبوحسيـن- وما خلقنا السماء والارض وما بينهما باطلا
- عدد المساهمات : 45
تاريخ التسجيل : 14/10/2013
هذا واقع كثير من شباب الامة المتحمسين
رجاء من الادارة عدم حذف هذا الموضوع لكبير الفائده منه ان شاء الله
وهي كلمات صادقه
وهي كلمات صادقه
????- زائر
رد: سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
سبحان من جمع أمجد وعلاء على ذات المنهج!!!!!!!
لمن يريد أن يتعرف على بعض صور منهج من يرمون بالخوارج أن يشاهد هذا المقطع:
وواجب على كل من يخوض في مسائل السياسة الشرعية والحاكمية تدبر هذه المقالات الفقهية، والوقوف ملياً عند مدلول السند الشرعي وفهم السلف الصالح له:
الإمام الشرعي.. الإمام المتغلب .. الخروج على الإمام
https://t3beer.ahlamontada.com/t3195-topic
أقوال العلماء فيمن حكم بغير شرع الله.. وتبيان القول بشرط الاستحلال
https://t3beer.ahlamontada.com/t3524-topic#30054
حكم الحكام المستبدلين لشرائع الدين
https://t3beer.ahlamontada.com/t2965-topic#25562
منزلة الحكم بما أنزل الله من الدين
https://t3beer.ahlamontada.com/t2964-topic
رسالة تحكيم القوانين.. محمد آل الشيخ
https://t3beer.ahlamontada.com/t2974-topic
شبهة استدلال المانعين بالخروج على الحكام بحديث «لا ما أقاموا فيكم الصلاة»
https://t3beer.ahlamontada.com/t2579-topic
الفلك في إزالة الحلك عن لفظة: (وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك)
https://t3beer.ahlamontada.com/t2105-topic
لمن يريد أن يتعرف على بعض صور منهج من يرمون بالخوارج أن يشاهد هذا المقطع:
وواجب على كل من يخوض في مسائل السياسة الشرعية والحاكمية تدبر هذه المقالات الفقهية، والوقوف ملياً عند مدلول السند الشرعي وفهم السلف الصالح له:
الإمام الشرعي.. الإمام المتغلب .. الخروج على الإمام
https://t3beer.ahlamontada.com/t3195-topic
أقوال العلماء فيمن حكم بغير شرع الله.. وتبيان القول بشرط الاستحلال
https://t3beer.ahlamontada.com/t3524-topic#30054
حكم الحكام المستبدلين لشرائع الدين
https://t3beer.ahlamontada.com/t2965-topic#25562
منزلة الحكم بما أنزل الله من الدين
https://t3beer.ahlamontada.com/t2964-topic
رسالة تحكيم القوانين.. محمد آل الشيخ
https://t3beer.ahlamontada.com/t2974-topic
شبهة استدلال المانعين بالخروج على الحكام بحديث «لا ما أقاموا فيكم الصلاة»
https://t3beer.ahlamontada.com/t2579-topic
الفلك في إزالة الحلك عن لفظة: (وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك)
https://t3beer.ahlamontada.com/t2105-topic
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
علاء- اللهم اني أعوذ بك من فتنة الدجال
- عدد المساهمات : 1603
تاريخ التسجيل : 31/07/2013
رد: سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
لقد بات اليوم الجهاد في العراق وسوريا وفلسطين والصومال ومالي وبورما فرض عين حتى تتم الكفاية لدفع الصائل عن المسلمين، ولا أدري متى سجل هذه الردود الشيخ الفوزان؟!!!!!
وهل نستطيع أن نقول من قراءة سياق كلام الفوزان، أن هناك من سكت من العلماء عن الدعوة لهذا الواجب، خشية قمع حكام اليوم، والماثور أن العلماء الصادحين بفقه الجهاد يودعون في المعتقلات، حيث لا مصلحة للأمة البتة بتعطيل الجهاد، وقد توعدها الله بالذل وتسلط الأعداء حتى ترجع لحكم دينها؟!!!!
وقد فسر العلماء الآية بما ينطبق على حالنا اليوم: ( وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ )
https://t3beer.ahlamontada.com/t3536-topic
واي واجب يستوجب الجهاد اليوم أكبر من حفظ الدين، وأي عذر لأمة التبليغ يعفيها من تعطيل الجهاد، وحتى عدم الدعوة للإعداد له، وأعداد من البشرية تموت يومياً على الشرك؟!!!!!
ثم أي إمام يستأذن في الجهاد، وفي ظل عدم وجود إمام شرعي للمسلمين اليوم، ومن ابتليت بهم محتكمين لقوانين الغرب، أتراها تحض على الجهاد؟!!!!!،
وكيف يأتي هذا الإمام دون جهاد ومفاصلة بين الحق والباطل؟!!!!!!!
من هم ولاة الأمر الشرعيين:
"حجَجْتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حجّةَ الوداعِ . فرأيتُه حين رمى جمرةَ العقبةِ وانصرف وهو على راحلتِه . ومعه بلالٌ وأسامةُ . أحدُهما يقودُ به راحلتَه . والآخرُ رافعٌ ثوبَه على رأسِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من الشمسِ . قالت : فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قولًا كثيرًا . ثم سمعتُه يقول " إن أُمِّر عليكم عبدٌ مُجدَّعٌ ( حسبتُها قالت ) أسودُ ، يقودُكم بكتاب اللهِ تعالى ، فاسمَعوا له وأَطيعوا".
الراوي: أم الحصين الأحمسية المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1838
خلاصة حكم المحدث: صحيح
(إنَّ هذا الأمرَ في قُرَيشٍ ، لا يُعاديهم أحدٌ إلا كَبَّه اللهُ في النارِ على وجهِه، ما أقاموا الدِّينَ ).
الراوي: عوف بن مالك الأشجعي المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم:
خلاصة حكم المحدث: صحيح 1855
"خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم . وتصلون عليهم ويصلون عليكم . وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم . وتلعنونهم ويلعنونكم قالوا قلنا : يا رسول الله ! أفلا ننابذهم عند ذلك ؟ قال : لا . ما أقاموا فيكم الصلاة . لا ما أقاموا فيكم الصلاة . ألا من ولى عليه وال ، فرآه يأتي شيئا من معصية الله ، فليكره ما يأتي من معصية الله ، ولا ينزعن يدا من طاعة"
الراوي: عوف بن مالك الأشجعي المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1855
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وراجعوا لفهم الحديث على وجهه الصحيح هذا المقال الفقهي:
شبهة استدلال المانعين بالخروج على الحكام بحديث «لا ما أقاموا فيكم الصلاة»
https://t3beer.ahlamontada.com/t2579-topic
"دعانا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فبايَعْناه . فكان فيما أَخذَ علينا ، أن بايعْنا على السمعِ والطاعةِ ، في منشطِنا ومكرهِنا ، وعُسرنا ويُسرِنا ، وأَثَرةٍ علينا . وأن لا ننازعَ الأمرَ أهلَه . قال ( إلا أن ترَوْا كفرًا بواحًا عندكم من اللهِ فيه برهانٌ )."
الراوي: عبادة بن الصامت المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7055
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
وراجعوا لفهم الحديث على الوجه الصحيح:
أقوال العلماء فيمن حكم بغير شرع الله.. وتبيان القول بشرط الاستحلال
https://t3beer.ahlamontada.com/t3524-topic#30054]
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
رد: سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
أخينا ايهاب ما أكثر المواضيع التي تحدثت عن الخوارج في هذا الملتقى، ولو بحثت لوجدت فيها وبالردود عليها ضالتك إن شاء الله.
وفي تدبر التالي، إجابات شافية، ودفعاً لشبهات كثيرة:
"حجَجْتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حجّةَ الوداعِ . فرأيتُه حين رمى جمرةَ العقبةِ وانصرف وهو على راحلتِه . ومعه بلالٌ وأسامةُ . أحدُهما يقودُ به راحلتَه . والآخرُ رافعٌ ثوبَه على رأسِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من الشمسِ . قالت : فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قولًا كثيرًا . ثم سمعتُه يقول " إن أُمِّر عليكم عبدٌ مُجدَّعٌ ( حسبتُها قالت ) أسودُ ، يقودُكم بكتاب اللهِ تعالى ، فاسمَعوا له وأَطيعوا".
الراوي: أم الحصين الأحمسية المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1838
خلاصة حكم المحدث: صحيح
(إنَّ هذا الأمرَ في قُرَيشٍ ، لا يُعاديهم أحدٌ إلا كَبَّه اللهُ في النارِ على وجهِه، ما أقاموا الدِّينَ ).
الراوي: عوف بن مالك الأشجعي المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم:
خلاصة حكم المحدث: صحيح 1855
"خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم . وتصلون عليهم ويصلون عليكم . وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم . وتلعنونهم ويلعنونكم قالوا قلنا : يا رسول الله ! أفلا ننابذهم عند ذلك ؟ قال : لا . ما أقاموا فيكم الصلاة . لا ما أقاموا فيكم الصلاة . ألا من ولى عليه وال ، فرآه يأتي شيئا من معصية الله ، فليكره ما يأتي من معصية الله ، ولا ينزعن يدا من طاعة"
الراوي: عوف بن مالك الأشجعي المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1855
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وراجعوا لفهم الحديث على وجهه الصحيح هذا المقال الفقهي:
شبهة استدلال المانعين بالخروج على الحكام بحديث «لا ما أقاموا فيكم الصلاة»
https://t3beer.ahlamontada.com/t2579-topic
"دعانا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فبايَعْناه . فكان فيما أَخذَ علينا ، أن بايعْنا على السمعِ والطاعةِ ، في منشطِنا ومكرهِنا ، وعُسرنا ويُسرِنا ، وأَثَرةٍ علينا . وأن لا ننازعَ الأمرَ أهلَه . قال ( إلا أن ترَوْا كفرًا بواحًا عندكم من اللهِ فيه برهانٌ )."
الراوي: عبادة بن الصامت المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7055
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
وراجعوا لفهم الحديث على الوجه الصحيح:
أقوال العلماء فيمن حكم بغير شرع الله.. وتبيان القول بشرط الاستحلال
https://t3beer.ahlamontada.com/t3524-topic#30054
وفي تدبر التالي، إجابات شافية، ودفعاً لشبهات كثيرة:
"حجَجْتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حجّةَ الوداعِ . فرأيتُه حين رمى جمرةَ العقبةِ وانصرف وهو على راحلتِه . ومعه بلالٌ وأسامةُ . أحدُهما يقودُ به راحلتَه . والآخرُ رافعٌ ثوبَه على رأسِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من الشمسِ . قالت : فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قولًا كثيرًا . ثم سمعتُه يقول " إن أُمِّر عليكم عبدٌ مُجدَّعٌ ( حسبتُها قالت ) أسودُ ، يقودُكم بكتاب اللهِ تعالى ، فاسمَعوا له وأَطيعوا".
الراوي: أم الحصين الأحمسية المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1838
خلاصة حكم المحدث: صحيح
(إنَّ هذا الأمرَ في قُرَيشٍ ، لا يُعاديهم أحدٌ إلا كَبَّه اللهُ في النارِ على وجهِه، ما أقاموا الدِّينَ ).
الراوي: عوف بن مالك الأشجعي المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم:
خلاصة حكم المحدث: صحيح 1855
"خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم . وتصلون عليهم ويصلون عليكم . وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم . وتلعنونهم ويلعنونكم قالوا قلنا : يا رسول الله ! أفلا ننابذهم عند ذلك ؟ قال : لا . ما أقاموا فيكم الصلاة . لا ما أقاموا فيكم الصلاة . ألا من ولى عليه وال ، فرآه يأتي شيئا من معصية الله ، فليكره ما يأتي من معصية الله ، ولا ينزعن يدا من طاعة"
الراوي: عوف بن مالك الأشجعي المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1855
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وراجعوا لفهم الحديث على وجهه الصحيح هذا المقال الفقهي:
شبهة استدلال المانعين بالخروج على الحكام بحديث «لا ما أقاموا فيكم الصلاة»
https://t3beer.ahlamontada.com/t2579-topic
"دعانا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فبايَعْناه . فكان فيما أَخذَ علينا ، أن بايعْنا على السمعِ والطاعةِ ، في منشطِنا ومكرهِنا ، وعُسرنا ويُسرِنا ، وأَثَرةٍ علينا . وأن لا ننازعَ الأمرَ أهلَه . قال ( إلا أن ترَوْا كفرًا بواحًا عندكم من اللهِ فيه برهانٌ )."
الراوي: عبادة بن الصامت المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7055
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
وراجعوا لفهم الحديث على الوجه الصحيح:
أقوال العلماء فيمن حكم بغير شرع الله.. وتبيان القول بشرط الاستحلال
https://t3beer.ahlamontada.com/t3524-topic#30054
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
رد: سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
اشقة السماء ... لاحظي نفس الرد تقومي بالنسخ واللصق تحيليني على من ياتي على هواكي وما ضل الانسان الا بالهوى لم لم يعجبك قول الفوزان لما يجب ان ناخذ فقط بعلماء هم من اضلوا الامة والقرضاوي احدهم وان لم تذكريه ....اقدم لكي نصية خالصة من مسلم لمسلم لا اريد منكي اجرا او شكورا (سنة الانبياء طبعا)...موجود عاليوتيوب تسجيلات للامام صلاح الدين بن ابراهيم ابو عرفة حفظه الله فصل تفصيل بيين وجلي من كتاب الله وسنة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام لن تخسري شيء ولن يضيع وقتك سدى باذن الله استمعي جيدا بنفسك ودعيكي من قول البشر المردود عليهم فكل يؤخذ منه ويرد عليه الا قول محمد عليه الصلاة والسلام هدا الرجل لا يقول الا بقول الله ورسوله .. ان اعجبك تابعي لعل الله يهدينا جميعا وان لم يعجبك فهدا شانك نقف بين يدي الله غدا ونقول اتبعنا الرسول وتقولي انتي اتبعت العلماء ......والله ولي المؤمنيين
ابوعبدالرحمن- ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين
- عدد المساهمات : 217
تاريخ التسجيل : 30/09/2013
رد: سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
هذا ليس هواي ولكنكم تستكبرون!!!!!!!!
هل ما بينه قائدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن صفة ولي الأمر الشرعي هو من يأخذ به أم أقوال علماء اليوم الذين استضعفوا وحوصرت كلماتهم ومن تجرأ على الصدح بالحاكمية غيب وراء السجون؟!!!!!
ما أضعه هو مقالات مبنية على أدلة شرعية ومفسرة بنهج السلف الصالح، وهي للقارئ الكريم ولمن يبحث عن الحق ويفتح له قلبه وعقله، وليس لمن يتعالى عليه.
هل ما بينه قائدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن صفة ولي الأمر الشرعي هو من يأخذ به أم أقوال علماء اليوم الذين استضعفوا وحوصرت كلماتهم ومن تجرأ على الصدح بالحاكمية غيب وراء السجون؟!!!!!
ما أضعه هو مقالات مبنية على أدلة شرعية ومفسرة بنهج السلف الصالح، وهي للقارئ الكريم ولمن يبحث عن الحق ويفتح له قلبه وعقله، وليس لمن يتعالى عليه.
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
رد: سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
عاشقة السماء كتب:هذا ليس هواي ولكنكم تستكبرون!!!!!!!!
هل ما بينه قائدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن صفة ولي الأمر الشرعي هو من يأخذ به أم أقوال علماء اليوم الذين استضعفوا وحوصرت كلماتهم ومن تجرأ على الصدح بالحاكمية غيب وراء السجون؟!!!!!
ما أضعه هو مقالات مبنية على أدلة شرعية ومفسرة بنهج السلف الصالح، وهي للقارئ الكريم ولمن يبحث عن الحق ويفتح له قلبه وعقله، وليس لمن يتعالى عليه.
لا يضيق صدرك فقد حورب من هو خير مني ومنك محمد صلى الله عليه وسلم
وهذا الشيطان يزين لهم الحياة الدنيا
وتالله لن يهتدوا حتى يأذن الله ونسأل الله لهم الهداية
والحمدلله الذي هدانا لهذا وماكنا لنهتدي لولا ان هدانا الله ...
( انتي على حق واسألي الله الثبات ولا تجادلي في هذا الزمان فهو زمان شبهة وشهوة ولا أشك اننا في زمان الأعور الدجال لكذبه على الناس من شياطين الإنس والجن )
وقولي ( ربنا لاتزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا ) والسلام عليكم ...
إبراهيم- نعوذ بالله من الفتن
- عدد المساهمات : 889
تاريخ التسجيل : 28/03/2013
رد: سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
أكرمك الله أخي إبراهيم
يعلم الله ليس بصدري ضيق من أحد، ولست ممن يحبون الجدال ولا أطيقه، وما أفعله هنا هو وضع وجهة نظر الشرع التي أوقن بأنها الأصوب، والمقيدة بالنص الشرعي المعتبر، معذرة للخالق العظيم، وراجين للقراء التبصر وإعمال النظر والعقل فيها، وإعذار من لم يستطع الصدح بها من العلماء، ولسنا نلزم أحداً بالأخذ أو الرد، حيث كل مخلوق آت الرحمن فرداً، ونسأل الله أن ينجينا وإياكم من الفتن ويحسن ختامنا.
يعلم الله ليس بصدري ضيق من أحد، ولست ممن يحبون الجدال ولا أطيقه، وما أفعله هنا هو وضع وجهة نظر الشرع التي أوقن بأنها الأصوب، والمقيدة بالنص الشرعي المعتبر، معذرة للخالق العظيم، وراجين للقراء التبصر وإعمال النظر والعقل فيها، وإعذار من لم يستطع الصدح بها من العلماء، ولسنا نلزم أحداً بالأخذ أو الرد، حيث كل مخلوق آت الرحمن فرداً، ونسأل الله أن ينجينا وإياكم من الفتن ويحسن ختامنا.
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
رد: سؤال ؟..الخوارج ... فرقه هل انتهت ام لاتزال موجوده
عاشقة السماء كتب:أكرمك الله أخي إبراهيم
يعلم الله ليس بصدري ضيق من أحد، ولست ممن يحبون الجدال ولا أطيقه، وما أفعله هنا هو وضع وجهة نظر الشرع التي أوقن بأنها الأصوب، والمقيدة بالنص الشرعي المعتبر، معذرة للخالق العظيم، وراجين للقراء التبصر وإعمال النظر والعقل فيها، وإعذار من لم يستطع الصدح بها من العلماء، ولسنا نلزم أحداً بالأخذ أو الرد، حيث كل مخلوق آت الرحمن فرداً، ونسأل الله أن ينجينا وإياكم من الفتن ويحسن ختامنا.
بارك الله فيك
امين وجميع المسلمين
إبراهيم- نعوذ بالله من الفتن
- عدد المساهمات : 889
تاريخ التسجيل : 28/03/2013
مواضيع مماثلة
» الا يمكن لتنظيم الدولة العمل بعيدا عن بلاد المسلمين
» تأثر الخوارج المعاصرين بأصول الخوارج المتقدمين (اقراء لن تندم ان لم تستفد لن تخسر)
» 72 فرقه مذهبيه
» تطابق حجج الخوارج القدامى مع الخوارج الجدد100%
» من هم الخوارج
» تأثر الخوارج المعاصرين بأصول الخوارج المتقدمين (اقراء لن تندم ان لم تستفد لن تخسر)
» 72 فرقه مذهبيه
» تطابق حجج الخوارج القدامى مع الخوارج الجدد100%
» من هم الخوارج
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات العامة و الساحة السياسية والاقتصادية المفتوحة :: حوار الثغور ومنبر السياسة والاقتصاد والفتن الخاصة (عمران بيت المقدس خراب يثرب)!
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى