شرك الحاكمية المفقود
2 مشترك
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات العامة و الساحة السياسية والاقتصادية المفتوحة :: حوار الثغور ومنبر السياسة والاقتصاد والفتن الخاصة (عمران بيت المقدس خراب يثرب)!
صفحة 1 من اصل 1
شرك الحاكمية المفقود
المبحث الأول
الحــاكميــة لله
ويتكون من ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: مفهــوم الحاكميــة
المطلب الثاني: موقف المؤمنين والكفار من الحاكمية
المطلب الثالث: الحاكمية وأنظمة الحكم المعاصرة
المطلب الأول
مفهــوم الحاكميــة
الحاكمية في اللغة:
مشتقة من الحُكْمِ: وهو القضاء، وأصله المنع، يقال: حَكَمْتُ عليه بكذا، إذا منعته من خلافه، فلم يقدر على الخروج من ذلك؛ وحَكَمْتُ بين القوم: إذا فَصَلْتُ بينهم، فأنا حاكم وحَكَمٌ، والجمع: حُكَّام؛ وحَكَمْتُ: بمعنى منعت ورددت، ولهذا قيل للحاكم بين الناس حاكم؛ لأنه يمنع الظالم عن الظلم([1]).
والحُكْمُ: العلم، والفقه، قال الله تعالى عن سيدنا يحيى u: } وَآتَيْنَاهُ الحُكْمَ صَبِيّاً {([2])، أي علماً وفقهاً، وهو مصدر حكم يحكم، وجمعه أحكام([3]).
ومادة الحُكْمِ: من الإتقان، يقال: أحكمت الشيء، إذا أتقنته، فاستحكم هو: صار كذلك([4]).
الحاكمية في الاصطلاح:
تعني: " أن مصدر الأحكام في الشريعة الإسلامية هو الله تعالى وحده "([5]).
ومفهوم الحاكمية يجد جذوره في كتب أصول الفقه([6]) التي قرر أصحابها كلهم أن الحاكم هو الله تعالى، كما دل القرآن الكريم على ذلك في كثير من المواضع؛ كما في قوله تعالى: }إِن الحُكْمُ إِلا للهِ{([7])، فقد ورد في كتب الأصول في مبحث الحاكم:
" لا حاكم سوى الله تعالى، ولا حكم إلا ما حكم به "([8]).
" الحاكم هو الشرع دون العقل "([9]).
" الحاكم لا خلاف في أنه الله ربُّ العالمين "([10]).
ويقول الشاطبي ـ رحمه الله ـ: " فالشريعة هي الحاكمة على الإطلاق، وعلى العموم، أي على الرسول r، وعلى جميع المكلفين، والكتاب هو الهادي، والوحي المنزل عليه مرشد ومبين لذلك الهدى، والخلق مهتدون بالجميع "([11]).
يظهر جلياً أن اعتبار الحاكم هو الله تعالى أمر لا ينكره أحد.
يقول شارح مسلَّم الثبوت في أصول الفقه ـ رحمه الله ـ: " إن اعتبار الحاكم هو الله، أمر متفق عليه بين أهل السنة والمعتزلة "([12]).
الحاكمية في الكتاب والسنة:
تضافرت آيات القرآن الكريم في تقرير: أن كل ما في السماوات والأرض مخلوقات انفرد الله سبحانه وتعالى بخلقها، لا ينازعه فيها أحد، فهو الخالق المالك، له مقاليد السماوات والأرض، وبيده ملكوت كل شيء، فقال سبحانه وتعالى: } أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْض {([13])، وهو الله المحيي المميت الرزاق، قال عز وجل: } اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْييكُمْ{([14])، وهو الله الواحد الذي لا يشاركه في ملكه أحد، قال سبحانه: } وَقُلِ الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ {([15]).
وبمنطق العقل السليم، فإن خالق الشيء هو الذي يقدر خلقه، وأن مالكه هو الذي يتصرف في ملكه كيف شاء، وعلى هذا فإن الله الخالق المالك الرازق هو المتصرف فيما خلق بالموت والحياة، وبتدبير شئونهم، وتسيير أحوالهم؛ وبذلك تقررت الحاكمية لله تعالى، والأدلة على كثيرة أكتفي منها بآيتين كريمتين، وحديث:
أولاً: القرآن الكريم:
1. قال سبحانه: } إِنِ الحُكْمُ إِلا للهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُواْ إِلا إِيَّاهُ {([16]).
وجه الدلالة: قرر الله تعالى اختصاصه وتفرده بالحكم، فبين أن لا حكم لسواه من الخلق، وليس لأحد أن ينازعه في الحكم والتشريع.
2. وقال تعالى: } فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُواْ فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً {([17]).
وجه الدلالة: يقسم الله تعالى بنفسه المقدسة، أنهم لا يدخلون في الإيمان حتى يُحَكِّموا رسوله r في أقضيتهم، ثم يطيعوا حكمه، وينفذوا قضاءه، طاعة الرضى، الذي هو التسليم([18]).
فالقرآن الكريم قد اعتنى عناية فائقة بالحاكمية، ويرجع هذا الاهتمام إلى أن مصير الأمة متعلق بهذه القضية، فإن كانت الحاكمية لله عز وجل في جميع نواحي الحياة وجزئياتها سعد الناس، فاطمأنت أنفسهم؛ لأن النظام الرباني الذي شرعه الله تعالى، والذي ينظم حياتهم قد جاء موافقاً لفطرتهم([19]).
ثانياً: السنة:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي r: " يَا مَعْشَرَ المُهَاجِـرِينَ: خِصَـالٌ خَمْسٌ إِن ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَنَزَلْنَ بِكُمْ، أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ..." وذكر منها: " وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ إِلا جَعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ "([20]).
وجه الدلالة: يفيد هذا الحديث أن تنحية ولاة الأمور شرع الله تعالى عن الحكم، يعد ابتلاء عظيماً، نتيجته البأس والفرقة، والعداوة بينهم.
المطلب الثاني
موقف المؤمنين والكفار من الحاكمية
أولاً: موقف المؤمنين من الحاكمية:
إن موقف المؤمنين من الحاكمية يتمثل في إقرارهم بها، والتزامهم بتطبيقها في واقع حياتهم، واعتبارها غاية تهفو إليها قلوبهم.
1. الإقرار بالحاكمية:
إنَّ الحكم بما أنزل الله هو إفراد له عز وجل بالطاعة والعبادة: } إِنِ الحُكْمُ إِلا للهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُواْ إِلا إِيَّاهُ {([21])، وإن الكفر بالطاغوت هو تحقيق لوحدة العبادة، القائم على نفي الألوهية عما سوى الله تعالى: } فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا {([22]).
2. الالتزام بحكم الله:
ومن هنا لما خاطب الله تعالى المؤمنين بوجوب الالتزام بتعاليم هذا الدين، والانقياد له، واجتناب ما دونه بقوله سبحانه: } اتَبِعُواْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِن رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُواْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلا ًمَا تَذَكَّرُونَ {([23])، انقاد المؤمنون لنداء ربهم، وسارعوا لتطبيق أوامره سبحانه وتعالى، حتى سجل القرآن الكريم ذلك بقوله تعالى: } إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُواْ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ {([24]).
3. تحقيق العدل، ونشر الخير:
إن غاية المؤمنين أن يقيموا القانون الإلهي، ويحققوا العدل، وينشروا الخير:
} الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ وَأَمَرُواْ بِالمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ {([25]).
فصفات من يستحقون تأييد الله وعونه ونصرته، أنهم إذا ما أُعطوا السلطة والحكم نهجوا على إقامة الصلاة، وأنفقوا أموالهم في إيتاء الزكاة، وكرَّسوا حكومتهم لخدمة وإعلاء ألوية الخير، واستخدموا سلطتهم في كف الشر وبتره والقضاء عليه، لا في نشره وإزكائه([26]).
ثانياً: موقف الكفار من الحاكمية:
إن موقف الكفار من الحاكمية يتمثل في:
1. صدهم لرسل الله:
أرسل الله سبحانه وتعالى الرسل عليهم السلام مبشرين ومنذرين، وأنزل معهم الكتب؛ ليتخذها الناس منهج حياة، يحكمونها في كل شؤونهم: } كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِييِّنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الكِتَابَ بِالحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ{([27]).
ولكن سرعان ما وقف الطواغيت بقوة ليصدوها، ويحدوا من انتشار هذه الدعوة التي من شأنها أن تزعزع مضاجعهم، وتغير مجرى حياتهم.
2. رفض الشريعة، وجحود الحاكمية مع إقرار لله بالخلق والرزق والتصرف في الكون:
وحقيقة الصراع الذي دفع الطواغيت على مر التاريخ للوقوف في وجه الرسل ودعوتهم، ليس لكونهم لا يعترفون بأن الله تعالى هو الخالق والرازق، بل إنَّ محور الصراع كان يدور حول الحاكمية.
فقد كان المشركون قبل الإسلام، وفي عهد النبي r، يؤمنون أن الله هو خالقهم وخالق السماوات والأرض، حيث قال سبحانه وتعالى: } وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ {([28]).
وكانوا على يقين أن الله هو الرازق، وأنه المتصرف في هذا الكون، تحدث عنهم القرآن الكريم بذلك في قوله تعالى: } قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ {([29]).
فإيمانهم بهذه الحقائق، وتنكرهم لمبدأ الحاكمية الذي يتناقض وأطماعهم الشخصية من حب الزعامة والرياسة، دفعتهم لعبادة الأصنام؛ ليتقربوا بها إلى الله } مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلى اللهِ زُلْفَى {([30]).
وكانوا يظنون أنها تشفع لهم يوم القيامة } هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ {([31]).
لأجل ذلك اعتبرهم الإسلام كفاراً؛ لأنهم وإن كانوا يؤمنون بالله تعالى ويعتقدون أنه الخالق الرازق المتصرف في هذا الكون، إلا أنهم لم يقروا بالحاكمية له عز وجل، فرفضوا شريعته التي وضعها للبشرية لتنظم حياتهم، وآثروا أن يبقوا على دين آبائهم وأجدادهم؛ ليتحرروا من كل قيد } وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُواْ مَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْا كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ {([32]).
المطلب الثالث
الحاكمية وأنظمة الحكم المعاصرة
1. الحاكمية من العقيدة:
يُعَدُّ الحكم في الإسلام من صميم الإيمان، وهو جزء من التوحيد؛ ذلك أنه تنفيذ لحكم الله الذي هو مقتضى ربوبيته؛ لذا عَدَّ القرآن الكريم المتبوعين من دون الله تعالى أرباباً لمتبوعيهم، فقال سبحانه عن أهل الكتاب: } اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابَاً مِن دُونِ اللهِ وَالمَسِيحَ اْبْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلا لِيَعْبُدُواْ إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ{([33]).
فالشرك بالله يتحقق بمجرد إعطاء حق الحكم والتشريع لغير الله من عباده؛ ذلك لأنه يُخِلُّ بجزء من العقيدة.
يقول الإمام حسن البنا ـ رحمه الله ـ: " والحكم معدود في كتبنا الفقهية من العقائد والأصول، لا من الفقهيات والفروع، فالإسلام حكم وتنفيذ، كما هو تشريع وتعليم، كما هو قانون وقضاء، لا ينفك واحد منها عن الآخر "([34]).
فمن أنكر الحاكمية بإعطاء حق الحكم والتشريع للبشر، أو ادعاها لنفسه، فقد جعل من نفسه نداً لله تعالى، ونازعه في أخص خصائص الألوهية.
يقول الشهيد سيد قطب ـ رحمه الله ـ: " إن الحكم لا يكون إلا لله، فهو مقصور عليه سبحانه بحكم ألوهيته، إذ الحاكمية من خصائص الألوهية، سواء ادعى هذا الحق فرد، أو طبقة، أو حزب، أو هيئة، أو أمة، أو الناس جميعاً في صورة منظمة عالمية، ومن نازع الله سبحانه أهم خصائص الألوهية، وادعاها، فقد كفر بالله كفراً بواحاً، ويصبح به كفره من المعلوم من الدين بالضرورة "([35]).
2. واقع أنظمة الحكم المعاصرة:
إن تشريع الأحكام، وسن القوانين من حقه سبحانه وتعالى، وما دونه لم يأذن به الله } أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ {([36]).
وعلى هذا من ادعى الحاكمية لنفسه، أو أنكرها عنه سبحانه، واتبع أو حكم بغير ما أنزل الله، فقد كفر، وأصبح مرتداً خارجاً عن ملة الإسلام، وقد جاءت نصوص القرآن الكريم لتؤكد على أن من لم يحكم بما أنزل الله يعد كافراً وظالماً وفاسقاً.
يقول عز وجل: } وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ {([37]).
ويقول سبحانه: } وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {([38]).
ويقول تعالى: } وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ {([39]).
فقد أكد الله تعالى هذا التأكيد، وكرر هذا التقرير في موضع واحد؛ لعظم مفسدة الحكم بغير ما أنزله، وعموم مضرته، وبلية الأمة به([40]).
والناظر لواقع أنظمة الحكم المعاصرة يراها أقصت الشريعة الإسلامية عن الحكم كلياً أو جزئياً، وعطلت أحكامها في شؤون الحياة، وآثرت المبادئ العلمانية، والقوانين الوضعية لتتربع على سدة الحكم بدلاً من شريعة الله، وهذا يعد ابتلاء عظيماً يوقع أصحابه في طريق الانحراف عن المنهج الرباني.
هذا هو واقع أنظمة الحكم المعاصرة، فهي تؤمن بالإسلام عقيدة، وتنكره نظاماً، ومنهج حياة.
يقول الأستاذ عبد القادر عـودة ـ رحمه الله ـ: " ولست أدري كيف يؤمـن
هؤلاء بالإسلام عقيدة، ولا يؤمنون به نظاماً! أتراه عقيدة من عند الله ونظاماً من عند غير الله ؟! }قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا{([41])"([42]).
كما بيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ القول الفصل فيمن رغب عن شرع الله، وآثر غيره قائلاً: " والإنسان متى أحلَّ الحرام المجمع عليه، أو حرَّم الحلال المجمع عليه، أو بدَّل الشرع المجمع عليه، كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء"([43]).
الحــاكميــة لله
ويتكون من ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: مفهــوم الحاكميــة
المطلب الثاني: موقف المؤمنين والكفار من الحاكمية
المطلب الثالث: الحاكمية وأنظمة الحكم المعاصرة
المطلب الأول
مفهــوم الحاكميــة
الحاكمية في اللغة:
مشتقة من الحُكْمِ: وهو القضاء، وأصله المنع، يقال: حَكَمْتُ عليه بكذا، إذا منعته من خلافه، فلم يقدر على الخروج من ذلك؛ وحَكَمْتُ بين القوم: إذا فَصَلْتُ بينهم، فأنا حاكم وحَكَمٌ، والجمع: حُكَّام؛ وحَكَمْتُ: بمعنى منعت ورددت، ولهذا قيل للحاكم بين الناس حاكم؛ لأنه يمنع الظالم عن الظلم([1]).
والحُكْمُ: العلم، والفقه، قال الله تعالى عن سيدنا يحيى u: } وَآتَيْنَاهُ الحُكْمَ صَبِيّاً {([2])، أي علماً وفقهاً، وهو مصدر حكم يحكم، وجمعه أحكام([3]).
ومادة الحُكْمِ: من الإتقان، يقال: أحكمت الشيء، إذا أتقنته، فاستحكم هو: صار كذلك([4]).
الحاكمية في الاصطلاح:
تعني: " أن مصدر الأحكام في الشريعة الإسلامية هو الله تعالى وحده "([5]).
ومفهوم الحاكمية يجد جذوره في كتب أصول الفقه([6]) التي قرر أصحابها كلهم أن الحاكم هو الله تعالى، كما دل القرآن الكريم على ذلك في كثير من المواضع؛ كما في قوله تعالى: }إِن الحُكْمُ إِلا للهِ{([7])، فقد ورد في كتب الأصول في مبحث الحاكم:
" لا حاكم سوى الله تعالى، ولا حكم إلا ما حكم به "([8]).
" الحاكم هو الشرع دون العقل "([9]).
" الحاكم لا خلاف في أنه الله ربُّ العالمين "([10]).
ويقول الشاطبي ـ رحمه الله ـ: " فالشريعة هي الحاكمة على الإطلاق، وعلى العموم، أي على الرسول r، وعلى جميع المكلفين، والكتاب هو الهادي، والوحي المنزل عليه مرشد ومبين لذلك الهدى، والخلق مهتدون بالجميع "([11]).
يظهر جلياً أن اعتبار الحاكم هو الله تعالى أمر لا ينكره أحد.
يقول شارح مسلَّم الثبوت في أصول الفقه ـ رحمه الله ـ: " إن اعتبار الحاكم هو الله، أمر متفق عليه بين أهل السنة والمعتزلة "([12]).
الحاكمية في الكتاب والسنة:
تضافرت آيات القرآن الكريم في تقرير: أن كل ما في السماوات والأرض مخلوقات انفرد الله سبحانه وتعالى بخلقها، لا ينازعه فيها أحد، فهو الخالق المالك، له مقاليد السماوات والأرض، وبيده ملكوت كل شيء، فقال سبحانه وتعالى: } أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْض {([13])، وهو الله المحيي المميت الرزاق، قال عز وجل: } اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْييكُمْ{([14])، وهو الله الواحد الذي لا يشاركه في ملكه أحد، قال سبحانه: } وَقُلِ الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ {([15]).
وبمنطق العقل السليم، فإن خالق الشيء هو الذي يقدر خلقه، وأن مالكه هو الذي يتصرف في ملكه كيف شاء، وعلى هذا فإن الله الخالق المالك الرازق هو المتصرف فيما خلق بالموت والحياة، وبتدبير شئونهم، وتسيير أحوالهم؛ وبذلك تقررت الحاكمية لله تعالى، والأدلة على كثيرة أكتفي منها بآيتين كريمتين، وحديث:
أولاً: القرآن الكريم:
1. قال سبحانه: } إِنِ الحُكْمُ إِلا للهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُواْ إِلا إِيَّاهُ {([16]).
وجه الدلالة: قرر الله تعالى اختصاصه وتفرده بالحكم، فبين أن لا حكم لسواه من الخلق، وليس لأحد أن ينازعه في الحكم والتشريع.
2. وقال تعالى: } فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُواْ فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً {([17]).
وجه الدلالة: يقسم الله تعالى بنفسه المقدسة، أنهم لا يدخلون في الإيمان حتى يُحَكِّموا رسوله r في أقضيتهم، ثم يطيعوا حكمه، وينفذوا قضاءه، طاعة الرضى، الذي هو التسليم([18]).
فالقرآن الكريم قد اعتنى عناية فائقة بالحاكمية، ويرجع هذا الاهتمام إلى أن مصير الأمة متعلق بهذه القضية، فإن كانت الحاكمية لله عز وجل في جميع نواحي الحياة وجزئياتها سعد الناس، فاطمأنت أنفسهم؛ لأن النظام الرباني الذي شرعه الله تعالى، والذي ينظم حياتهم قد جاء موافقاً لفطرتهم([19]).
ثانياً: السنة:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي r: " يَا مَعْشَرَ المُهَاجِـرِينَ: خِصَـالٌ خَمْسٌ إِن ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَنَزَلْنَ بِكُمْ، أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ..." وذكر منها: " وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ إِلا جَعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ "([20]).
وجه الدلالة: يفيد هذا الحديث أن تنحية ولاة الأمور شرع الله تعالى عن الحكم، يعد ابتلاء عظيماً، نتيجته البأس والفرقة، والعداوة بينهم.
المطلب الثاني
موقف المؤمنين والكفار من الحاكمية
أولاً: موقف المؤمنين من الحاكمية:
إن موقف المؤمنين من الحاكمية يتمثل في إقرارهم بها، والتزامهم بتطبيقها في واقع حياتهم، واعتبارها غاية تهفو إليها قلوبهم.
1. الإقرار بالحاكمية:
إنَّ الحكم بما أنزل الله هو إفراد له عز وجل بالطاعة والعبادة: } إِنِ الحُكْمُ إِلا للهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُواْ إِلا إِيَّاهُ {([21])، وإن الكفر بالطاغوت هو تحقيق لوحدة العبادة، القائم على نفي الألوهية عما سوى الله تعالى: } فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا {([22]).
2. الالتزام بحكم الله:
ومن هنا لما خاطب الله تعالى المؤمنين بوجوب الالتزام بتعاليم هذا الدين، والانقياد له، واجتناب ما دونه بقوله سبحانه: } اتَبِعُواْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِن رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُواْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلا ًمَا تَذَكَّرُونَ {([23])، انقاد المؤمنون لنداء ربهم، وسارعوا لتطبيق أوامره سبحانه وتعالى، حتى سجل القرآن الكريم ذلك بقوله تعالى: } إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُواْ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ {([24]).
3. تحقيق العدل، ونشر الخير:
إن غاية المؤمنين أن يقيموا القانون الإلهي، ويحققوا العدل، وينشروا الخير:
} الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ وَأَمَرُواْ بِالمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ {([25]).
فصفات من يستحقون تأييد الله وعونه ونصرته، أنهم إذا ما أُعطوا السلطة والحكم نهجوا على إقامة الصلاة، وأنفقوا أموالهم في إيتاء الزكاة، وكرَّسوا حكومتهم لخدمة وإعلاء ألوية الخير، واستخدموا سلطتهم في كف الشر وبتره والقضاء عليه، لا في نشره وإزكائه([26]).
ثانياً: موقف الكفار من الحاكمية:
إن موقف الكفار من الحاكمية يتمثل في:
1. صدهم لرسل الله:
أرسل الله سبحانه وتعالى الرسل عليهم السلام مبشرين ومنذرين، وأنزل معهم الكتب؛ ليتخذها الناس منهج حياة، يحكمونها في كل شؤونهم: } كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِييِّنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الكِتَابَ بِالحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ{([27]).
ولكن سرعان ما وقف الطواغيت بقوة ليصدوها، ويحدوا من انتشار هذه الدعوة التي من شأنها أن تزعزع مضاجعهم، وتغير مجرى حياتهم.
2. رفض الشريعة، وجحود الحاكمية مع إقرار لله بالخلق والرزق والتصرف في الكون:
وحقيقة الصراع الذي دفع الطواغيت على مر التاريخ للوقوف في وجه الرسل ودعوتهم، ليس لكونهم لا يعترفون بأن الله تعالى هو الخالق والرازق، بل إنَّ محور الصراع كان يدور حول الحاكمية.
فقد كان المشركون قبل الإسلام، وفي عهد النبي r، يؤمنون أن الله هو خالقهم وخالق السماوات والأرض، حيث قال سبحانه وتعالى: } وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ {([28]).
وكانوا على يقين أن الله هو الرازق، وأنه المتصرف في هذا الكون، تحدث عنهم القرآن الكريم بذلك في قوله تعالى: } قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ {([29]).
فإيمانهم بهذه الحقائق، وتنكرهم لمبدأ الحاكمية الذي يتناقض وأطماعهم الشخصية من حب الزعامة والرياسة، دفعتهم لعبادة الأصنام؛ ليتقربوا بها إلى الله } مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلى اللهِ زُلْفَى {([30]).
وكانوا يظنون أنها تشفع لهم يوم القيامة } هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ {([31]).
لأجل ذلك اعتبرهم الإسلام كفاراً؛ لأنهم وإن كانوا يؤمنون بالله تعالى ويعتقدون أنه الخالق الرازق المتصرف في هذا الكون، إلا أنهم لم يقروا بالحاكمية له عز وجل، فرفضوا شريعته التي وضعها للبشرية لتنظم حياتهم، وآثروا أن يبقوا على دين آبائهم وأجدادهم؛ ليتحرروا من كل قيد } وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُواْ مَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْا كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ {([32]).
المطلب الثالث
الحاكمية وأنظمة الحكم المعاصرة
1. الحاكمية من العقيدة:
يُعَدُّ الحكم في الإسلام من صميم الإيمان، وهو جزء من التوحيد؛ ذلك أنه تنفيذ لحكم الله الذي هو مقتضى ربوبيته؛ لذا عَدَّ القرآن الكريم المتبوعين من دون الله تعالى أرباباً لمتبوعيهم، فقال سبحانه عن أهل الكتاب: } اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابَاً مِن دُونِ اللهِ وَالمَسِيحَ اْبْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلا لِيَعْبُدُواْ إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ{([33]).
فالشرك بالله يتحقق بمجرد إعطاء حق الحكم والتشريع لغير الله من عباده؛ ذلك لأنه يُخِلُّ بجزء من العقيدة.
يقول الإمام حسن البنا ـ رحمه الله ـ: " والحكم معدود في كتبنا الفقهية من العقائد والأصول، لا من الفقهيات والفروع، فالإسلام حكم وتنفيذ، كما هو تشريع وتعليم، كما هو قانون وقضاء، لا ينفك واحد منها عن الآخر "([34]).
فمن أنكر الحاكمية بإعطاء حق الحكم والتشريع للبشر، أو ادعاها لنفسه، فقد جعل من نفسه نداً لله تعالى، ونازعه في أخص خصائص الألوهية.
يقول الشهيد سيد قطب ـ رحمه الله ـ: " إن الحكم لا يكون إلا لله، فهو مقصور عليه سبحانه بحكم ألوهيته، إذ الحاكمية من خصائص الألوهية، سواء ادعى هذا الحق فرد، أو طبقة، أو حزب، أو هيئة، أو أمة، أو الناس جميعاً في صورة منظمة عالمية، ومن نازع الله سبحانه أهم خصائص الألوهية، وادعاها، فقد كفر بالله كفراً بواحاً، ويصبح به كفره من المعلوم من الدين بالضرورة "([35]).
2. واقع أنظمة الحكم المعاصرة:
إن تشريع الأحكام، وسن القوانين من حقه سبحانه وتعالى، وما دونه لم يأذن به الله } أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ {([36]).
وعلى هذا من ادعى الحاكمية لنفسه، أو أنكرها عنه سبحانه، واتبع أو حكم بغير ما أنزل الله، فقد كفر، وأصبح مرتداً خارجاً عن ملة الإسلام، وقد جاءت نصوص القرآن الكريم لتؤكد على أن من لم يحكم بما أنزل الله يعد كافراً وظالماً وفاسقاً.
يقول عز وجل: } وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ {([37]).
ويقول سبحانه: } وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {([38]).
ويقول تعالى: } وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ {([39]).
فقد أكد الله تعالى هذا التأكيد، وكرر هذا التقرير في موضع واحد؛ لعظم مفسدة الحكم بغير ما أنزله، وعموم مضرته، وبلية الأمة به([40]).
والناظر لواقع أنظمة الحكم المعاصرة يراها أقصت الشريعة الإسلامية عن الحكم كلياً أو جزئياً، وعطلت أحكامها في شؤون الحياة، وآثرت المبادئ العلمانية، والقوانين الوضعية لتتربع على سدة الحكم بدلاً من شريعة الله، وهذا يعد ابتلاء عظيماً يوقع أصحابه في طريق الانحراف عن المنهج الرباني.
هذا هو واقع أنظمة الحكم المعاصرة، فهي تؤمن بالإسلام عقيدة، وتنكره نظاماً، ومنهج حياة.
يقول الأستاذ عبد القادر عـودة ـ رحمه الله ـ: " ولست أدري كيف يؤمـن
هؤلاء بالإسلام عقيدة، ولا يؤمنون به نظاماً! أتراه عقيدة من عند الله ونظاماً من عند غير الله ؟! }قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا{([41])"([42]).
كما بيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ القول الفصل فيمن رغب عن شرع الله، وآثر غيره قائلاً: " والإنسان متى أحلَّ الحرام المجمع عليه، أو حرَّم الحلال المجمع عليه، أو بدَّل الشرع المجمع عليه، كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء"([43]).
عدل سابقا من قبل حليم في الخميس أكتوبر 10, 2013 9:43 am عدل 3 مرات
حليم- معبّر المنتدى
- عدد المساهمات : 4182
تاريخ التسجيل : 03/03/2013
رد: شرك الحاكمية المفقود
أخي حليم
لماذا لم نسمع بشرك الحاكميه مثلا بعصر التابعين ومن بعدهم وعصر الدولة الاموية والعباسية ووو
هل هي محدثه
عفوا سأحاول ان اتي بوقائع تاريخية تدل هل هذا الامر إن شاء الله واتمنى ان لايكونون خوارج
لماذا لم نسمع بشرك الحاكميه مثلا بعصر التابعين ومن بعدهم وعصر الدولة الاموية والعباسية ووو
هل هي محدثه
عفوا سأحاول ان اتي بوقائع تاريخية تدل هل هذا الامر إن شاء الله واتمنى ان لايكونون خوارج
???- زائر
رد: شرك الحاكمية المفقود
ول من تكلم فيها هم الخوارج ، ومن المعاصرين سيد قطب .
وقد رُمي بذلك كثير من مشايخنا وعلمائنا ممن اشتهر عنهم الكلام في ذلك ؛ كالشيخ العلامة عبد الرحمن عبد الخالق والشيخ العلامة محمد عبد المقصود وشيخنا العلامة ياسر برهامي حفظهم الله جميعًا ..
فالجواب عن ذلك : أن التقسيم إما أن يكون شرعيًا ، وإما أن يكون اصطلاحيًا .
فالتقسيم الشرعي هو ما نص عليه الكتاب أو السنة . مثل : تقسيم الشرك إلى أكبر وأصغر ، وتقسيم المعاصى إلى كبائر وصغائر ، وتقسيم الناس إلى مؤمن وكافر ، وتقسيم أركان الإسلام إلى خمسة وأركان الإيمان إلى ستة .
فكل ذلك لا يتجاوز به إلى غيره ما دام قد ثبت فيه الدليل . والزيادة عليه من الابتداع في دين الله عز وجل .
ومن أمثلة ذلك : ما ابتدعه المعتزلة بالحكم على مرتكبي الكبائر بالمنزلة بين المنزلتين ، وما ابتدعه بعض المعاصرين بالحكم على مستور الحال بجهالة الحكم فلا يحكم له بإسلام ولا كفر .
أما النوع الآخر من التقسيم وهو التقسيم الاصطلاحي ؛ وهو ما اصطلح عليه أهل كل فن للضبط أو للتيسير أو لجمع المسائل ، وذلك من خلال استقراء النصوص وسبر الأدلة .
ومن ذلك : تقسيم الفقه إلى عبادات ومعاملات ، وتقسيم أحكام الصلاة إلى شروط وأركان وواجبات وسنن ، وتقسيم العلوم إلى عقائد وفقه وأصول ومصطلح وغيرها .
ولا حرج من هذا النوع من التقسيم ما لم يُبْنَ عليه حكم شرعي ؛ كتقسيم الدين إلى أصول وفروع وأن الخلاف في الأصول غير سائغ والخلاف في الفروع سائغ ، أو أنه يعذر بالجهل في الفروع دون الأصول ، أو مثل ما يفعله بعض طلبة العلم من الاهتمام بعلم الحديث وترك الحد الأدني لالتزامه بالدين من العلوم الأخرى .
فهذا هو البدعة ؛ لأن أصل التقسيم ليس عليه دليل فكيف يجعل هو دليلاً على غيره ؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق ، وقد تكون عنده ولم تثبت عنده ، أو لم يتمكن من فهمها ، وقد يكون قد عرضت له شبهات يعذره الله بها . فمن كان من المؤمنين مجتهدا في طلب الحق وأخطأ فإن الله يغفر له خطأه كائنا ما كان ، سواء كان في المسائل النظرية أو العملية ، هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وجماهير أئمة الإسلام ، وما قسموا المسائل إلى مسائل أصول يكفر بإنكارها ومسائل فروع لا يكفر بإنكارها . فأما التفريق بين نوع وتسميته مسائل الأصول وبين نوع آخر وتسميته مسائل الفروع ؛ فهذا الفرق ليس له أصل لا عن الصحابة ولا عن التابعين لهم بإحسان ولا أئمة الإسلام ، وإنما هو مأخوذ عن المعتزلة وأمثالهم من أهل البدع ، وعنهم تلقاه من ذكره من الفقهاء في كتبهم ، وهو تفريق متناقض . (مجموع الفتاوى : 23/346)
وعند تأمل هذا النقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله نجد إنكاره لهذا التقسيم إنما هو إنكار لما بُني على ذلك من أحكام في التكفير والتبديع والتفسيق ، وليس إنكارًا للتسمية ؛ فإن شيخ الإسلام رحمه الله قد نقل عنه إقراره له في مواضع أخر ، بل له رسالة سماها (معارج الوصول إلى أن أصول الدين وفروعه قد بينها الرسول) ، ولكنه لما رأى أن البعض قد بنى الأحكام على أساس هذا التقسيم بين لهم أنه تقسيم حادث ليس عليه دليل فكيف يصلح أن يكون هو دليلاً ؟؟
..
وما نحن بصدده من تقسيم التوحيد يدخل بلا شك في النوع الثاني ؛ وهو التقسيم الاصطلاحي .
فبعض العلماء يقسم التوحيد إلى ثلاثة أنواع : توحيد الربوبية ، وتوحيد الألوهية ، وتوحيد الأسماء والصفات . وبعضهم يقسمه إلى نوعين فقط : توحيد المعرفة والإثبات ، وتوحيد القصد والطلب . وأشهر من عرف عنه ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، فهما أول من أشاع تقسيم التوحيد إلى ذلك . فلا يجوز أن يُجعل ذلك هو الأصل وما سواه باطل ؛ إذ إن كلامهما ليس بوحي ولا نص ؛ فما جاز لهما جاز لغيرهما ، وما لم يجز لغيرهما لم يجز لهما .
فمن قسم التوحيد إلى نوعين فلا حرج عليه ، ومن قسمه إلى ثلاثة أيضًا لا حرج ، ومن قسمه إلى أربعة أيضًا لا حرج ، وكل ذلك مشروط بعدم بناء الأحكام الشرعية عليه .
فإفراد الله تعالى بالحكم من حقوق الله عز وجل بلا شك عند من شم أدنى رائحة من علم نبوي . فمن أدخله ضمن أنواع التوحيد الثلاثة المشهورة لا حرج عليه ، ومن جعله نوعًا مفردًا لا حرج عليه كذلك . وسواء سميناه توحيد الحاكمية أو توحيد الطاعة أو توحيد الأمر ، فكلها أسماء لمسمى واحد وهو إفراد الله تعالى بالحكم والتشريع . وكل ذلك ما لم يُبن على التقسيم حكم شرعي ؛ كأن يقال أن شرك الحاكمية لا يعذر فيه بموانع التكفير ويعذر في شرك القبور ، أو العكس .. فهذا هو البدعة الضلالة .
وأما جعل مجرد التقسيم بدعة ؛ فيلزم منه تبديع تقسيم التوحيد أصلاً ، بل يلزم منه تبديع كل تقسيم اصطلاحي ليس عليه دليل .
فهل يلتزم أصحاب هذا القول ذلك ؟
وإن كنا مع ما سبق نختار الإبقاء على ما اشتهر بين العلماء من تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام فقط ، وهي توحيد الأسماء والصفات وتوحيد الربوبية وتوحيد الألوهية ، مع بيان أن الحكم بما أنزل الله تابع للأنواع الثلاثة ولا يختص بأحدها ، كما سبق الكلام عليه مفصلاً في المقدمة . فقد قلنا في المقدمة :
فهو يتبع توحيد الأسماء والصفات إذ قد قال الله تعالى : ((إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ)) (يوسف : 40) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((إن الله هو الحكم)) (رواه أبو داود والنسائي ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1845) . فالحكم صفة ثابتة لله تعالى لا ينازعه فيها مخلوق ، وحكمه تعالى إما أن يكون كونيًا أو شرعيًا أو جزائيًا . فالحكم الكوني مثل قوله تعالى : ((أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)) (الرعد : 41) ، وقوله تعالى : ((وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ)) (يونس : 109) ، والحكم الشرعي مثل قوله تعالى : ((وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)) (الشورى : 10) ، وقوله تعالى : ((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ)) (المائدة : 50) ، والحكم الجزائي الذي يكون يوم القيامة مثل قوله تعالى : ((اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)) (الحج : 69) ، وقوله تعالى : ((ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ)) (الأنعام : 62)
وهو يتبع توحيد الربوبية ، فهو حق خالص لله تعالى ، فمن ادعى هذا الحق لأحد من دون الله فقد اتخذه ربًا ، قال تعالى : ((اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)) (التوبة : 31) ، وعن عدي بن حاتم أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ هذه الآية ، فقال : ((أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه ، وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه)) (رواه الترمذي وصححه الألباني)
وهو يتبع توحيد الألوهية من جهة أن التحاكم يجب أن يكون مرده لله ورسوله ، فمن أعرض عن حكم الله متبعًا شرائع الشياطين وأهواء البشر فقد أشرك في العبادة ، كما قال تعالى : ((وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ)) (الأنعام : 121)
فما محل تلك الآيات إذن عند من يدع الكلام في الحكم ، وكيف يفسرونها ؟؟ ...
..
أما كون الخوارج هم أول من دعا إليها ومن المعاصرين سيد قطب فنقول :
1- نقول -مع تنزيهنا لسيد رحمه الله أن يكون من الخوارج كما يتهمه غلاة التصنيف- فقد سبق الخوارج قديمًا وسيد قطب حديثًا في الكلام عن ذلك من هو خير منهم ، رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فعن شريح بن هانئ عن أبيه ، أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه سمعهم يكنونه بأبي الحكم ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ((إن الله هو الحكم ؛ فلم تكنى أبا الحكم ؟)). قال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين بحكمي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما أحسن هذا . فما لك من الولد ؟)) قال : لي شريح ومسلم وعبد الله . قال : ((فمن أكبرهم ؟)) قال : قلت شريح . قال : ((فأنت أبو شريح)) رواه أبو داود والنسائي ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1845) . فإذا كان هذا في مجرد المشابهة في الاسم فقط ؟ فكيف بمن يدعي هذ الحق لنفسه ؟ وكيف يقال أن هذا الكلام حادث بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
2- أيضًا قد سبق سيد قطب كثير من العلماء الذين فصلوا تلك المسألة تفصيلاً دقيقًا وبينوها أتم بيان ، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ ابن كثير وغيرهم . وكلامهم معروف في ذلك ، ثم تتابع العلماء المعاصرون على تأصيل ذلك وتوضيحه مؤيدًا بالأدلة من الكتاب العزيز والسنة النبوية ، فلم يكن سيد قطب سابقًا لأحد في كلامه ذلك ، بل ما هو إلا رجل دعته غيرته إلى إنكار منكر عم البلاء به ، وتتابع الناس للوقوع فيه ، ولم يكن كلامه بذاك التأصيل العلمي الموجود في كتب أهل العلم حتى يقال أن هؤلاء تبع له في ذلك ، بل كان كلامه إنكارًا عامًا على واقع الناس دون تفصيل في قضية الحكم متى يكون الخلاف فيها مخرجًا من الملة ومتى لا يكون كذلك ، مما تجده مبثوثًا في تصانيف العلماء كالشيخ العلامة أحمد شاكر وأخيه محمود شاكر ، والشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ . وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى .
3- عندما رفع الخوارج شعار (إن الحكم إلا لله) هل من أحد من أهل العلم على مختلف الأعصار أنكر هذه الكلمة ؟؟ وكيف ينكرها وهي آية من كتاب الله تعالى ، لها معنى ومضمون ولوازم ، وينبغي تدبرها والعمل بها ككل آيات القرآن ؟؟ بل إن الذين أنكروا على الخوارج هذه الكلمة ، أنكروا عليهم سوء فهمهم لها وتطبيقهم لمضمونها ، وليس على مجرد رفعهم لها ، فإن عليًا رضي الله عنه لما أنكر عليهم قال : كلمة حق أريد بها باطل . فهو قد أنكر إرادتهم ونيتهم دون أحقية تلك الكلمة وفهمها على وجهها .
4- ثم ؛ مَن مِن المفسرين نبه على عدم الدعوة لإفراد الله بالحكم لئلا يُظن أنه من الخوارج ؟
..
كلام الشيخ الألباني رحمه الله في الحاكمية
قال رحمه الله :
وختاما أيها الإخوة ؛ لست أريد من كلمتي هذه أن أحملكم على أن تكونوا جميعا أئمة مجتهدين وفقهاء محققين - وإن كان ذلك يسرني كما يسركم - إذ إن ذلك غير ممكن عادة لضرورة اختلاف الاختصاصات وتعاون المتخصصين بعضهم مع بعض ، وإنما أردت منها أمرين اثنين ؛ الأول : أن تنتبهوا لأمر خفي على كثير من الشباب المؤمن المثقف اليوم فضلا عن غيرهم ، وهو أنهم في الوقت الذي علموا فيه - بفضل جهود وكتابات بعض الكتاب الإسلاميين مثل السيد قطب رحمه الله تعالى والعلامة المودودي حفظه الله وغيرهما ، أن حق التشريع إنما هو لله تعالى وحده لا يشاركه فيه أحد من البشر أو الهيئات وهو ما عبروا عنه بـ (الحاكمية لله تعالى) ، وذلك صريح تلك النصوص المتقدمة في أول هذه الكلمة من الكتاب والسنة . أقول : في الوقت هذا نفسه فإن كثيرًا من هؤلاء الشباب لم يتنبه بعد أن المشاركة المنافية لمبدأ الحاكمية لله تعالى لا فرق فيها بين كون البشر المشرع من دون الله مسلماً أخطأ في حكم من أحكام الله أو كافرًا نصب نفسه مشرعًا مع الله وبين كونه عالماً أو جاهلًا كل ذلك ينافي المبدأ المذكور الذي آمن به الشباب والحمد لله تعالى . فهذا الذي أردت لكم أن تتنبهوا له وأذكركم به . فإن الذكرى تنفع المؤمنين . (الحديث حجة بنفسه ص96)
قلت : ومقصود الشيخ الألباني رحمه الله أن تحليل الحرام وتحريم الحلال ينافي كون الحاكمية لله تعالى بغض النظر عن حال قائله .
وقد رُمي بذلك كثير من مشايخنا وعلمائنا ممن اشتهر عنهم الكلام في ذلك ؛ كالشيخ العلامة عبد الرحمن عبد الخالق والشيخ العلامة محمد عبد المقصود وشيخنا العلامة ياسر برهامي حفظهم الله جميعًا ..
فالجواب عن ذلك : أن التقسيم إما أن يكون شرعيًا ، وإما أن يكون اصطلاحيًا .
فالتقسيم الشرعي هو ما نص عليه الكتاب أو السنة . مثل : تقسيم الشرك إلى أكبر وأصغر ، وتقسيم المعاصى إلى كبائر وصغائر ، وتقسيم الناس إلى مؤمن وكافر ، وتقسيم أركان الإسلام إلى خمسة وأركان الإيمان إلى ستة .
فكل ذلك لا يتجاوز به إلى غيره ما دام قد ثبت فيه الدليل . والزيادة عليه من الابتداع في دين الله عز وجل .
ومن أمثلة ذلك : ما ابتدعه المعتزلة بالحكم على مرتكبي الكبائر بالمنزلة بين المنزلتين ، وما ابتدعه بعض المعاصرين بالحكم على مستور الحال بجهالة الحكم فلا يحكم له بإسلام ولا كفر .
أما النوع الآخر من التقسيم وهو التقسيم الاصطلاحي ؛ وهو ما اصطلح عليه أهل كل فن للضبط أو للتيسير أو لجمع المسائل ، وذلك من خلال استقراء النصوص وسبر الأدلة .
ومن ذلك : تقسيم الفقه إلى عبادات ومعاملات ، وتقسيم أحكام الصلاة إلى شروط وأركان وواجبات وسنن ، وتقسيم العلوم إلى عقائد وفقه وأصول ومصطلح وغيرها .
ولا حرج من هذا النوع من التقسيم ما لم يُبْنَ عليه حكم شرعي ؛ كتقسيم الدين إلى أصول وفروع وأن الخلاف في الأصول غير سائغ والخلاف في الفروع سائغ ، أو أنه يعذر بالجهل في الفروع دون الأصول ، أو مثل ما يفعله بعض طلبة العلم من الاهتمام بعلم الحديث وترك الحد الأدني لالتزامه بالدين من العلوم الأخرى .
فهذا هو البدعة ؛ لأن أصل التقسيم ليس عليه دليل فكيف يجعل هو دليلاً على غيره ؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق ، وقد تكون عنده ولم تثبت عنده ، أو لم يتمكن من فهمها ، وقد يكون قد عرضت له شبهات يعذره الله بها . فمن كان من المؤمنين مجتهدا في طلب الحق وأخطأ فإن الله يغفر له خطأه كائنا ما كان ، سواء كان في المسائل النظرية أو العملية ، هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وجماهير أئمة الإسلام ، وما قسموا المسائل إلى مسائل أصول يكفر بإنكارها ومسائل فروع لا يكفر بإنكارها . فأما التفريق بين نوع وتسميته مسائل الأصول وبين نوع آخر وتسميته مسائل الفروع ؛ فهذا الفرق ليس له أصل لا عن الصحابة ولا عن التابعين لهم بإحسان ولا أئمة الإسلام ، وإنما هو مأخوذ عن المعتزلة وأمثالهم من أهل البدع ، وعنهم تلقاه من ذكره من الفقهاء في كتبهم ، وهو تفريق متناقض . (مجموع الفتاوى : 23/346)
وعند تأمل هذا النقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله نجد إنكاره لهذا التقسيم إنما هو إنكار لما بُني على ذلك من أحكام في التكفير والتبديع والتفسيق ، وليس إنكارًا للتسمية ؛ فإن شيخ الإسلام رحمه الله قد نقل عنه إقراره له في مواضع أخر ، بل له رسالة سماها (معارج الوصول إلى أن أصول الدين وفروعه قد بينها الرسول) ، ولكنه لما رأى أن البعض قد بنى الأحكام على أساس هذا التقسيم بين لهم أنه تقسيم حادث ليس عليه دليل فكيف يصلح أن يكون هو دليلاً ؟؟
..
وما نحن بصدده من تقسيم التوحيد يدخل بلا شك في النوع الثاني ؛ وهو التقسيم الاصطلاحي .
فبعض العلماء يقسم التوحيد إلى ثلاثة أنواع : توحيد الربوبية ، وتوحيد الألوهية ، وتوحيد الأسماء والصفات . وبعضهم يقسمه إلى نوعين فقط : توحيد المعرفة والإثبات ، وتوحيد القصد والطلب . وأشهر من عرف عنه ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، فهما أول من أشاع تقسيم التوحيد إلى ذلك . فلا يجوز أن يُجعل ذلك هو الأصل وما سواه باطل ؛ إذ إن كلامهما ليس بوحي ولا نص ؛ فما جاز لهما جاز لغيرهما ، وما لم يجز لغيرهما لم يجز لهما .
فمن قسم التوحيد إلى نوعين فلا حرج عليه ، ومن قسمه إلى ثلاثة أيضًا لا حرج ، ومن قسمه إلى أربعة أيضًا لا حرج ، وكل ذلك مشروط بعدم بناء الأحكام الشرعية عليه .
فإفراد الله تعالى بالحكم من حقوق الله عز وجل بلا شك عند من شم أدنى رائحة من علم نبوي . فمن أدخله ضمن أنواع التوحيد الثلاثة المشهورة لا حرج عليه ، ومن جعله نوعًا مفردًا لا حرج عليه كذلك . وسواء سميناه توحيد الحاكمية أو توحيد الطاعة أو توحيد الأمر ، فكلها أسماء لمسمى واحد وهو إفراد الله تعالى بالحكم والتشريع . وكل ذلك ما لم يُبن على التقسيم حكم شرعي ؛ كأن يقال أن شرك الحاكمية لا يعذر فيه بموانع التكفير ويعذر في شرك القبور ، أو العكس .. فهذا هو البدعة الضلالة .
وأما جعل مجرد التقسيم بدعة ؛ فيلزم منه تبديع تقسيم التوحيد أصلاً ، بل يلزم منه تبديع كل تقسيم اصطلاحي ليس عليه دليل .
فهل يلتزم أصحاب هذا القول ذلك ؟
وإن كنا مع ما سبق نختار الإبقاء على ما اشتهر بين العلماء من تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام فقط ، وهي توحيد الأسماء والصفات وتوحيد الربوبية وتوحيد الألوهية ، مع بيان أن الحكم بما أنزل الله تابع للأنواع الثلاثة ولا يختص بأحدها ، كما سبق الكلام عليه مفصلاً في المقدمة . فقد قلنا في المقدمة :
فهو يتبع توحيد الأسماء والصفات إذ قد قال الله تعالى : ((إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ)) (يوسف : 40) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((إن الله هو الحكم)) (رواه أبو داود والنسائي ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1845) . فالحكم صفة ثابتة لله تعالى لا ينازعه فيها مخلوق ، وحكمه تعالى إما أن يكون كونيًا أو شرعيًا أو جزائيًا . فالحكم الكوني مثل قوله تعالى : ((أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)) (الرعد : 41) ، وقوله تعالى : ((وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ)) (يونس : 109) ، والحكم الشرعي مثل قوله تعالى : ((وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)) (الشورى : 10) ، وقوله تعالى : ((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ)) (المائدة : 50) ، والحكم الجزائي الذي يكون يوم القيامة مثل قوله تعالى : ((اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)) (الحج : 69) ، وقوله تعالى : ((ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ)) (الأنعام : 62)
وهو يتبع توحيد الربوبية ، فهو حق خالص لله تعالى ، فمن ادعى هذا الحق لأحد من دون الله فقد اتخذه ربًا ، قال تعالى : ((اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)) (التوبة : 31) ، وعن عدي بن حاتم أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ هذه الآية ، فقال : ((أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه ، وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه)) (رواه الترمذي وصححه الألباني)
وهو يتبع توحيد الألوهية من جهة أن التحاكم يجب أن يكون مرده لله ورسوله ، فمن أعرض عن حكم الله متبعًا شرائع الشياطين وأهواء البشر فقد أشرك في العبادة ، كما قال تعالى : ((وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ)) (الأنعام : 121)
فما محل تلك الآيات إذن عند من يدع الكلام في الحكم ، وكيف يفسرونها ؟؟ ...
..
أما كون الخوارج هم أول من دعا إليها ومن المعاصرين سيد قطب فنقول :
1- نقول -مع تنزيهنا لسيد رحمه الله أن يكون من الخوارج كما يتهمه غلاة التصنيف- فقد سبق الخوارج قديمًا وسيد قطب حديثًا في الكلام عن ذلك من هو خير منهم ، رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فعن شريح بن هانئ عن أبيه ، أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه سمعهم يكنونه بأبي الحكم ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ((إن الله هو الحكم ؛ فلم تكنى أبا الحكم ؟)). قال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين بحكمي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما أحسن هذا . فما لك من الولد ؟)) قال : لي شريح ومسلم وعبد الله . قال : ((فمن أكبرهم ؟)) قال : قلت شريح . قال : ((فأنت أبو شريح)) رواه أبو داود والنسائي ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1845) . فإذا كان هذا في مجرد المشابهة في الاسم فقط ؟ فكيف بمن يدعي هذ الحق لنفسه ؟ وكيف يقال أن هذا الكلام حادث بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
2- أيضًا قد سبق سيد قطب كثير من العلماء الذين فصلوا تلك المسألة تفصيلاً دقيقًا وبينوها أتم بيان ، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ ابن كثير وغيرهم . وكلامهم معروف في ذلك ، ثم تتابع العلماء المعاصرون على تأصيل ذلك وتوضيحه مؤيدًا بالأدلة من الكتاب العزيز والسنة النبوية ، فلم يكن سيد قطب سابقًا لأحد في كلامه ذلك ، بل ما هو إلا رجل دعته غيرته إلى إنكار منكر عم البلاء به ، وتتابع الناس للوقوع فيه ، ولم يكن كلامه بذاك التأصيل العلمي الموجود في كتب أهل العلم حتى يقال أن هؤلاء تبع له في ذلك ، بل كان كلامه إنكارًا عامًا على واقع الناس دون تفصيل في قضية الحكم متى يكون الخلاف فيها مخرجًا من الملة ومتى لا يكون كذلك ، مما تجده مبثوثًا في تصانيف العلماء كالشيخ العلامة أحمد شاكر وأخيه محمود شاكر ، والشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ . وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى .
3- عندما رفع الخوارج شعار (إن الحكم إلا لله) هل من أحد من أهل العلم على مختلف الأعصار أنكر هذه الكلمة ؟؟ وكيف ينكرها وهي آية من كتاب الله تعالى ، لها معنى ومضمون ولوازم ، وينبغي تدبرها والعمل بها ككل آيات القرآن ؟؟ بل إن الذين أنكروا على الخوارج هذه الكلمة ، أنكروا عليهم سوء فهمهم لها وتطبيقهم لمضمونها ، وليس على مجرد رفعهم لها ، فإن عليًا رضي الله عنه لما أنكر عليهم قال : كلمة حق أريد بها باطل . فهو قد أنكر إرادتهم ونيتهم دون أحقية تلك الكلمة وفهمها على وجهها .
4- ثم ؛ مَن مِن المفسرين نبه على عدم الدعوة لإفراد الله بالحكم لئلا يُظن أنه من الخوارج ؟
..
كلام الشيخ الألباني رحمه الله في الحاكمية
قال رحمه الله :
وختاما أيها الإخوة ؛ لست أريد من كلمتي هذه أن أحملكم على أن تكونوا جميعا أئمة مجتهدين وفقهاء محققين - وإن كان ذلك يسرني كما يسركم - إذ إن ذلك غير ممكن عادة لضرورة اختلاف الاختصاصات وتعاون المتخصصين بعضهم مع بعض ، وإنما أردت منها أمرين اثنين ؛ الأول : أن تنتبهوا لأمر خفي على كثير من الشباب المؤمن المثقف اليوم فضلا عن غيرهم ، وهو أنهم في الوقت الذي علموا فيه - بفضل جهود وكتابات بعض الكتاب الإسلاميين مثل السيد قطب رحمه الله تعالى والعلامة المودودي حفظه الله وغيرهما ، أن حق التشريع إنما هو لله تعالى وحده لا يشاركه فيه أحد من البشر أو الهيئات وهو ما عبروا عنه بـ (الحاكمية لله تعالى) ، وذلك صريح تلك النصوص المتقدمة في أول هذه الكلمة من الكتاب والسنة . أقول : في الوقت هذا نفسه فإن كثيرًا من هؤلاء الشباب لم يتنبه بعد أن المشاركة المنافية لمبدأ الحاكمية لله تعالى لا فرق فيها بين كون البشر المشرع من دون الله مسلماً أخطأ في حكم من أحكام الله أو كافرًا نصب نفسه مشرعًا مع الله وبين كونه عالماً أو جاهلًا كل ذلك ينافي المبدأ المذكور الذي آمن به الشباب والحمد لله تعالى . فهذا الذي أردت لكم أن تتنبهوا له وأذكركم به . فإن الذكرى تنفع المؤمنين . (الحديث حجة بنفسه ص96)
قلت : ومقصود الشيخ الألباني رحمه الله أن تحليل الحرام وتحريم الحلال ينافي كون الحاكمية لله تعالى بغض النظر عن حال قائله .
????- زائر
رد: شرك الحاكمية المفقود
الكلام في الحاكمية بدعة ، وأول من تكلم فيها هم الخوارج ، ومن المعاصرين سيد قطب .
وقد رُمي بذلك كثير من مشايخنا وعلمائنا ممن اشتهر عنهم الكلام في ذلك ؛ كالشيخ العلامة عبد الرحمن عبد الخالق والشيخ العلامة محمد عبد المقصود وشيخنا العلامة ياسر برهامي حفظهم الله جميعًا ..
فالجواب عن ذلك : أن التقسيم إما أن يكون شرعيًا ، وإما أن يكون اصطلاحيًا .
فالتقسيم الشرعي هو ما نص عليه الكتاب أو السنة . مثل : تقسيم الشرك إلى أكبر وأصغر ، وتقسيم المعاصى إلى كبائر وصغائر ، وتقسيم الناس إلى مؤمن وكافر ، وتقسيم أركان الإسلام إلى خمسة وأركان الإيمان إلى ستة .
فكل ذلك لا يتجاوز به إلى غيره ما دام قد ثبت فيه الدليل . والزيادة عليه من الابتداع في دين الله عز وجل .
ومن أمثلة ذلك : ما ابتدعه المعتزلة بالحكم على مرتكبي الكبائر بالمنزلة بين المنزلتين ، وما ابتدعه بعض المعاصرين بالحكم على مستور الحال بجهالة الحكم فلا يحكم له بإسلام ولا كفر .
أما النوع الآخر من التقسيم وهو التقسيم الاصطلاحي ؛ وهو ما اصطلح عليه أهل كل فن للضبط أو للتيسير أو لجمع المسائل ، وذلك من خلال استقراء النصوص وسبر الأدلة .
ومن ذلك : تقسيم الفقه إلى عبادات ومعاملات ، وتقسيم أحكام الصلاة إلى شروط وأركان وواجبات وسنن ، وتقسيم العلوم إلى عقائد وفقه وأصول ومصطلح وغيرها .
ولا حرج من هذا النوع من التقسيم ما لم يُبْنَ عليه حكم شرعي ؛ كتقسيم الدين إلى أصول وفروع وأن الخلاف في الأصول غير سائغ والخلاف في الفروع سائغ ، أو أنه يعذر بالجهل في الفروع دون الأصول ، أو مثل ما يفعله بعض طلبة العلم من الاهتمام بعلم الحديث وترك الحد الأدني لالتزامه بالدين من العلوم الأخرى .
فهذا هو البدعة ؛ لأن أصل التقسيم ليس عليه دليل فكيف يجعل هو دليلاً على غيره ؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق ، وقد تكون عنده ولم تثبت عنده ، أو لم يتمكن من فهمها ، وقد يكون قد عرضت له شبهات يعذره الله بها . فمن كان من المؤمنين مجتهدا في طلب الحق وأخطأ فإن الله يغفر له خطأه كائنا ما كان ، سواء كان في المسائل النظرية أو العملية ، هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وجماهير أئمة الإسلام ، وما قسموا المسائل إلى مسائل أصول يكفر بإنكارها ومسائل فروع لا يكفر بإنكارها . فأما التفريق بين نوع وتسميته مسائل الأصول وبين نوع آخر وتسميته مسائل الفروع ؛ فهذا الفرق ليس له أصل لا عن الصحابة ولا عن التابعين لهم بإحسان ولا أئمة الإسلام ، وإنما هو مأخوذ عن المعتزلة وأمثالهم من أهل البدع ، وعنهم تلقاه من ذكره من الفقهاء في كتبهم ، وهو تفريق متناقض . (مجموع الفتاوى : 23/346)
وعند تأمل هذا النقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله نجد إنكاره لهذا التقسيم إنما هو إنكار لما بُني على ذلك من أحكام في التكفير والتبديع والتفسيق ، وليس إنكارًا للتسمية ؛ فإن شيخ الإسلام رحمه الله قد نقل عنه إقراره له في مواضع أخر ، بل له رسالة سماها (معارج الوصول إلى أن أصول الدين وفروعه قد بينها الرسول) ، ولكنه لما رأى أن البعض قد بنى الأحكام على أساس هذا التقسيم بين لهم أنه تقسيم حادث ليس عليه دليل فكيف يصلح أن يكون هو دليلاً ؟؟
..
وما نحن بصدده من تقسيم التوحيد يدخل بلا شك في النوع الثاني ؛ وهو التقسيم الاصطلاحي .
فبعض العلماء يقسم التوحيد إلى ثلاثة أنواع : توحيد الربوبية ، وتوحيد الألوهية ، وتوحيد الأسماء والصفات . وبعضهم يقسمه إلى نوعين فقط : توحيد المعرفة والإثبات ، وتوحيد القصد والطلب . وأشهر من عرف عنه ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، فهما أول من أشاع تقسيم التوحيد إلى ذلك . فلا يجوز أن يُجعل ذلك هو الأصل وما سواه باطل ؛ إذ إن كلامهما ليس بوحي ولا نص ؛ فما جاز لهما جاز لغيرهما ، وما لم يجز لغيرهما لم يجز لهما .
فمن قسم التوحيد إلى نوعين فلا حرج عليه ، ومن قسمه إلى ثلاثة أيضًا لا حرج ، ومن قسمه إلى أربعة أيضًا لا حرج ، وكل ذلك مشروط بعدم بناء الأحكام الشرعية عليه .
فإفراد الله تعالى بالحكم من حقوق الله عز وجل بلا شك عند من شم أدنى رائحة من علم نبوي . فمن أدخله ضمن أنواع التوحيد الثلاثة المشهورة لا حرج عليه ، ومن جعله نوعًا مفردًا لا حرج عليه كذلك . وسواء سميناه توحيد الحاكمية أو توحيد الطاعة أو توحيد الأمر ، فكلها أسماء لمسمى واحد وهو إفراد الله تعالى بالحكم والتشريع . وكل ذلك ما لم يُبن على التقسيم حكم شرعي ؛ كأن يقال أن شرك الحاكمية لا يعذر فيه بموانع التكفير ويعذر في شرك القبور ، أو العكس .. فهذا هو البدعة الضلالة .
وأما جعل مجرد التقسيم بدعة ؛ فيلزم منه تبديع تقسيم التوحيد أصلاً ، بل يلزم منه تبديع كل تقسيم اصطلاحي ليس عليه دليل .
فهل يلتزم أصحاب هذا القول ذلك ؟
وإن كنا مع ما سبق نختار الإبقاء على ما اشتهر بين العلماء من تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام فقط ، وهي توحيد الأسماء والصفات وتوحيد الربوبية وتوحيد الألوهية ، مع بيان أن الحكم بما أنزل الله تابع للأنواع الثلاثة ولا يختص بأحدها ، كما سبق الكلام عليه مفصلاً في المقدمة . فقد قلنا في المقدمة :
فهو يتبع توحيد الأسماء والصفات إذ قد قال الله تعالى : ((إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ)) (يوسف : 40) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((إن الله هو الحكم)) (رواه أبو داود والنسائي ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1845) . فالحكم صفة ثابتة لله تعالى لا ينازعه فيها مخلوق ، وحكمه تعالى إما أن يكون كونيًا أو شرعيًا أو جزائيًا . فالحكم الكوني مثل قوله تعالى : ((أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)) (الرعد : 41) ، وقوله تعالى : ((وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ)) (يونس : 109) ، والحكم الشرعي مثل قوله تعالى : ((وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)) (الشورى : 10) ، وقوله تعالى : ((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ)) (المائدة : 50) ، والحكم الجزائي الذي يكون يوم القيامة مثل قوله تعالى : ((اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)) (الحج : 69) ، وقوله تعالى : ((ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ)) (الأنعام : 62)
وهو يتبع توحيد الربوبية ، فهو حق خالص لله تعالى ، فمن ادعى هذا الحق لأحد من دون الله فقد اتخذه ربًا ، قال تعالى : ((اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)) (التوبة : 31) ، وعن عدي بن حاتم أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ هذه الآية ، فقال : ((أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه ، وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه)) (رواه الترمذي وصححه الألباني)
وهو يتبع توحيد الألوهية من جهة أن التحاكم يجب أن يكون مرده لله ورسوله ، فمن أعرض عن حكم الله متبعًا شرائع الشياطين وأهواء البشر فقد أشرك في العبادة ، كما قال تعالى : ((وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ)) (الأنعام : 121)
فما محل تلك الآيات إذن عند من يدع الكلام في الحكم ، وكيف يفسرونها ؟؟ ...
..
أما كون الخوارج هم أول من دعا إليها ومن المعاصرين سيد قطب فنقول :
1- نقول -مع تنزيهنا لسيد رحمه الله أن يكون من الخوارج كما يتهمه غلاة التصنيف- فقد سبق الخوارج قديمًا وسيد قطب حديثًا في الكلام عن ذلك من هو خير منهم ، رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فعن شريح بن هانئ عن أبيه ، أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه سمعهم يكنونه بأبي الحكم ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ((إن الله هو الحكم ؛ فلم تكنى أبا الحكم ؟)). قال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين بحكمي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما أحسن هذا . فما لك من الولد ؟)) قال : لي شريح ومسلم وعبد الله . قال : ((فمن أكبرهم ؟)) قال : قلت شريح . قال : ((فأنت أبو شريح)) رواه أبو داود والنسائي ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1845) . فإذا كان هذا في مجرد المشابهة في الاسم فقط ؟ فكيف بمن يدعي هذ الحق لنفسه ؟ وكيف يقال أن هذا الكلام حادث بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
2- أيضًا قد سبق سيد قطب كثير من العلماء الذين فصلوا تلك المسألة تفصيلاً دقيقًا وبينوها أتم بيان ، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ ابن كثير وغيرهم . وكلامهم معروف في ذلك ، ثم تتابع العلماء المعاصرون على تأصيل ذلك وتوضيحه مؤيدًا بالأدلة من الكتاب العزيز والسنة النبوية ، فلم يكن سيد قطب سابقًا لأحد في كلامه ذلك ، بل ما هو إلا رجل دعته غيرته إلى إنكار منكر عم البلاء به ، وتتابع الناس للوقوع فيه ، ولم يكن كلامه بذاك التأصيل العلمي الموجود في كتب أهل العلم حتى يقال أن هؤلاء تبع له في ذلك ، بل كان كلامه إنكارًا عامًا على واقع الناس دون تفصيل في قضية الحكم متى يكون الخلاف فيها مخرجًا من الملة ومتى لا يكون كذلك ، مما تجده مبثوثًا في تصانيف العلماء كالشيخ العلامة أحمد شاكر وأخيه محمود شاكر ، والشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ . وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى .
3- عندما رفع الخوارج شعار (إن الحكم إلا لله) هل من أحد من أهل العلم على مختلف الأعصار أنكر هذه الكلمة ؟؟ وكيف ينكرها وهي آية من كتاب الله تعالى ، لها معنى ومضمون ولوازم ، وينبغي تدبرها والعمل بها ككل آيات القرآن ؟؟ بل إن الذين أنكروا على الخوارج هذه الكلمة ، أنكروا عليهم سوء فهمهم لها وتطبيقهم لمضمونها ، وليس على مجرد رفعهم لها ، فإن عليًا رضي الله عنه لما أنكر عليهم قال : كلمة حق أريد بها باطل . فهو قد أنكر إرادتهم ونيتهم دون أحقية تلك الكلمة وفهمها على وجهها .
4- ثم ؛ مَن مِن المفسرين نبه على عدم الدعوة لإفراد الله بالحكم لئلا يُظن أنه من الخوارج ؟
..
كلام الشيخ الألباني رحمه الله في الحاكمية
قال رحمه الله :
وختاما أيها الإخوة ؛ لست أريد من كلمتي هذه أن أحملكم على أن تكونوا جميعا أئمة مجتهدين وفقهاء محققين - وإن كان ذلك يسرني كما يسركم - إذ إن ذلك غير ممكن عادة لضرورة اختلاف الاختصاصات وتعاون المتخصصين بعضهم مع بعض ، وإنما أردت منها أمرين اثنين ؛ الأول : أن تنتبهوا لأمر خفي على كثير من الشباب المؤمن المثقف اليوم فضلا عن غيرهم ، وهو أنهم في الوقت الذي علموا فيه - بفضل جهود وكتابات بعض الكتاب الإسلاميين مثل السيد قطب رحمه الله تعالى والعلامة المودودي حفظه الله وغيرهما ، أن حق التشريع إنما هو لله تعالى وحده لا يشاركه فيه أحد من البشر أو الهيئات وهو ما عبروا عنه بـ (الحاكمية لله تعالى) ، وذلك صريح تلك النصوص المتقدمة في أول هذه الكلمة من الكتاب والسنة . أقول : في الوقت هذا نفسه فإن كثيرًا من هؤلاء الشباب لم يتنبه بعد أن المشاركة المنافية لمبدأ الحاكمية لله تعالى لا فرق فيها بين كون البشر المشرع من دون الله مسلماً أخطأ في حكم من أحكام الله أو كافرًا نصب نفسه مشرعًا مع الله وبين كونه عالماً أو جاهلًا كل ذلك ينافي المبدأ المذكور الذي آمن به الشباب والحمد لله تعالى . فهذا الذي أردت لكم أن تتنبهوا له وأذكركم به . فإن الذكرى تنفع المؤمنين . (الحديث حجة بنفسه ص96)
قلت : ومقصود الشيخ الألباني رحمه الله أن تحليل الحرام وتحريم الحلال ينافي كون الحاكمية لله تعالى بغض النظر عن حال قائله .
...
وقد رُمي بذلك كثير من مشايخنا وعلمائنا ممن اشتهر عنهم الكلام في ذلك ؛ كالشيخ العلامة عبد الرحمن عبد الخالق والشيخ العلامة محمد عبد المقصود وشيخنا العلامة ياسر برهامي حفظهم الله جميعًا ..
فالجواب عن ذلك : أن التقسيم إما أن يكون شرعيًا ، وإما أن يكون اصطلاحيًا .
فالتقسيم الشرعي هو ما نص عليه الكتاب أو السنة . مثل : تقسيم الشرك إلى أكبر وأصغر ، وتقسيم المعاصى إلى كبائر وصغائر ، وتقسيم الناس إلى مؤمن وكافر ، وتقسيم أركان الإسلام إلى خمسة وأركان الإيمان إلى ستة .
فكل ذلك لا يتجاوز به إلى غيره ما دام قد ثبت فيه الدليل . والزيادة عليه من الابتداع في دين الله عز وجل .
ومن أمثلة ذلك : ما ابتدعه المعتزلة بالحكم على مرتكبي الكبائر بالمنزلة بين المنزلتين ، وما ابتدعه بعض المعاصرين بالحكم على مستور الحال بجهالة الحكم فلا يحكم له بإسلام ولا كفر .
أما النوع الآخر من التقسيم وهو التقسيم الاصطلاحي ؛ وهو ما اصطلح عليه أهل كل فن للضبط أو للتيسير أو لجمع المسائل ، وذلك من خلال استقراء النصوص وسبر الأدلة .
ومن ذلك : تقسيم الفقه إلى عبادات ومعاملات ، وتقسيم أحكام الصلاة إلى شروط وأركان وواجبات وسنن ، وتقسيم العلوم إلى عقائد وفقه وأصول ومصطلح وغيرها .
ولا حرج من هذا النوع من التقسيم ما لم يُبْنَ عليه حكم شرعي ؛ كتقسيم الدين إلى أصول وفروع وأن الخلاف في الأصول غير سائغ والخلاف في الفروع سائغ ، أو أنه يعذر بالجهل في الفروع دون الأصول ، أو مثل ما يفعله بعض طلبة العلم من الاهتمام بعلم الحديث وترك الحد الأدني لالتزامه بالدين من العلوم الأخرى .
فهذا هو البدعة ؛ لأن أصل التقسيم ليس عليه دليل فكيف يجعل هو دليلاً على غيره ؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق ، وقد تكون عنده ولم تثبت عنده ، أو لم يتمكن من فهمها ، وقد يكون قد عرضت له شبهات يعذره الله بها . فمن كان من المؤمنين مجتهدا في طلب الحق وأخطأ فإن الله يغفر له خطأه كائنا ما كان ، سواء كان في المسائل النظرية أو العملية ، هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وجماهير أئمة الإسلام ، وما قسموا المسائل إلى مسائل أصول يكفر بإنكارها ومسائل فروع لا يكفر بإنكارها . فأما التفريق بين نوع وتسميته مسائل الأصول وبين نوع آخر وتسميته مسائل الفروع ؛ فهذا الفرق ليس له أصل لا عن الصحابة ولا عن التابعين لهم بإحسان ولا أئمة الإسلام ، وإنما هو مأخوذ عن المعتزلة وأمثالهم من أهل البدع ، وعنهم تلقاه من ذكره من الفقهاء في كتبهم ، وهو تفريق متناقض . (مجموع الفتاوى : 23/346)
وعند تأمل هذا النقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله نجد إنكاره لهذا التقسيم إنما هو إنكار لما بُني على ذلك من أحكام في التكفير والتبديع والتفسيق ، وليس إنكارًا للتسمية ؛ فإن شيخ الإسلام رحمه الله قد نقل عنه إقراره له في مواضع أخر ، بل له رسالة سماها (معارج الوصول إلى أن أصول الدين وفروعه قد بينها الرسول) ، ولكنه لما رأى أن البعض قد بنى الأحكام على أساس هذا التقسيم بين لهم أنه تقسيم حادث ليس عليه دليل فكيف يصلح أن يكون هو دليلاً ؟؟
..
وما نحن بصدده من تقسيم التوحيد يدخل بلا شك في النوع الثاني ؛ وهو التقسيم الاصطلاحي .
فبعض العلماء يقسم التوحيد إلى ثلاثة أنواع : توحيد الربوبية ، وتوحيد الألوهية ، وتوحيد الأسماء والصفات . وبعضهم يقسمه إلى نوعين فقط : توحيد المعرفة والإثبات ، وتوحيد القصد والطلب . وأشهر من عرف عنه ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، فهما أول من أشاع تقسيم التوحيد إلى ذلك . فلا يجوز أن يُجعل ذلك هو الأصل وما سواه باطل ؛ إذ إن كلامهما ليس بوحي ولا نص ؛ فما جاز لهما جاز لغيرهما ، وما لم يجز لغيرهما لم يجز لهما .
فمن قسم التوحيد إلى نوعين فلا حرج عليه ، ومن قسمه إلى ثلاثة أيضًا لا حرج ، ومن قسمه إلى أربعة أيضًا لا حرج ، وكل ذلك مشروط بعدم بناء الأحكام الشرعية عليه .
فإفراد الله تعالى بالحكم من حقوق الله عز وجل بلا شك عند من شم أدنى رائحة من علم نبوي . فمن أدخله ضمن أنواع التوحيد الثلاثة المشهورة لا حرج عليه ، ومن جعله نوعًا مفردًا لا حرج عليه كذلك . وسواء سميناه توحيد الحاكمية أو توحيد الطاعة أو توحيد الأمر ، فكلها أسماء لمسمى واحد وهو إفراد الله تعالى بالحكم والتشريع . وكل ذلك ما لم يُبن على التقسيم حكم شرعي ؛ كأن يقال أن شرك الحاكمية لا يعذر فيه بموانع التكفير ويعذر في شرك القبور ، أو العكس .. فهذا هو البدعة الضلالة .
وأما جعل مجرد التقسيم بدعة ؛ فيلزم منه تبديع تقسيم التوحيد أصلاً ، بل يلزم منه تبديع كل تقسيم اصطلاحي ليس عليه دليل .
فهل يلتزم أصحاب هذا القول ذلك ؟
وإن كنا مع ما سبق نختار الإبقاء على ما اشتهر بين العلماء من تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام فقط ، وهي توحيد الأسماء والصفات وتوحيد الربوبية وتوحيد الألوهية ، مع بيان أن الحكم بما أنزل الله تابع للأنواع الثلاثة ولا يختص بأحدها ، كما سبق الكلام عليه مفصلاً في المقدمة . فقد قلنا في المقدمة :
فهو يتبع توحيد الأسماء والصفات إذ قد قال الله تعالى : ((إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ)) (يوسف : 40) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((إن الله هو الحكم)) (رواه أبو داود والنسائي ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1845) . فالحكم صفة ثابتة لله تعالى لا ينازعه فيها مخلوق ، وحكمه تعالى إما أن يكون كونيًا أو شرعيًا أو جزائيًا . فالحكم الكوني مثل قوله تعالى : ((أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)) (الرعد : 41) ، وقوله تعالى : ((وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ)) (يونس : 109) ، والحكم الشرعي مثل قوله تعالى : ((وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)) (الشورى : 10) ، وقوله تعالى : ((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ)) (المائدة : 50) ، والحكم الجزائي الذي يكون يوم القيامة مثل قوله تعالى : ((اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)) (الحج : 69) ، وقوله تعالى : ((ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ)) (الأنعام : 62)
وهو يتبع توحيد الربوبية ، فهو حق خالص لله تعالى ، فمن ادعى هذا الحق لأحد من دون الله فقد اتخذه ربًا ، قال تعالى : ((اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)) (التوبة : 31) ، وعن عدي بن حاتم أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ هذه الآية ، فقال : ((أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه ، وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه)) (رواه الترمذي وصححه الألباني)
وهو يتبع توحيد الألوهية من جهة أن التحاكم يجب أن يكون مرده لله ورسوله ، فمن أعرض عن حكم الله متبعًا شرائع الشياطين وأهواء البشر فقد أشرك في العبادة ، كما قال تعالى : ((وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ)) (الأنعام : 121)
فما محل تلك الآيات إذن عند من يدع الكلام في الحكم ، وكيف يفسرونها ؟؟ ...
..
أما كون الخوارج هم أول من دعا إليها ومن المعاصرين سيد قطب فنقول :
1- نقول -مع تنزيهنا لسيد رحمه الله أن يكون من الخوارج كما يتهمه غلاة التصنيف- فقد سبق الخوارج قديمًا وسيد قطب حديثًا في الكلام عن ذلك من هو خير منهم ، رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فعن شريح بن هانئ عن أبيه ، أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه سمعهم يكنونه بأبي الحكم ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ((إن الله هو الحكم ؛ فلم تكنى أبا الحكم ؟)). قال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين بحكمي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما أحسن هذا . فما لك من الولد ؟)) قال : لي شريح ومسلم وعبد الله . قال : ((فمن أكبرهم ؟)) قال : قلت شريح . قال : ((فأنت أبو شريح)) رواه أبو داود والنسائي ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1845) . فإذا كان هذا في مجرد المشابهة في الاسم فقط ؟ فكيف بمن يدعي هذ الحق لنفسه ؟ وكيف يقال أن هذا الكلام حادث بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
2- أيضًا قد سبق سيد قطب كثير من العلماء الذين فصلوا تلك المسألة تفصيلاً دقيقًا وبينوها أتم بيان ، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ ابن كثير وغيرهم . وكلامهم معروف في ذلك ، ثم تتابع العلماء المعاصرون على تأصيل ذلك وتوضيحه مؤيدًا بالأدلة من الكتاب العزيز والسنة النبوية ، فلم يكن سيد قطب سابقًا لأحد في كلامه ذلك ، بل ما هو إلا رجل دعته غيرته إلى إنكار منكر عم البلاء به ، وتتابع الناس للوقوع فيه ، ولم يكن كلامه بذاك التأصيل العلمي الموجود في كتب أهل العلم حتى يقال أن هؤلاء تبع له في ذلك ، بل كان كلامه إنكارًا عامًا على واقع الناس دون تفصيل في قضية الحكم متى يكون الخلاف فيها مخرجًا من الملة ومتى لا يكون كذلك ، مما تجده مبثوثًا في تصانيف العلماء كالشيخ العلامة أحمد شاكر وأخيه محمود شاكر ، والشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ . وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى .
3- عندما رفع الخوارج شعار (إن الحكم إلا لله) هل من أحد من أهل العلم على مختلف الأعصار أنكر هذه الكلمة ؟؟ وكيف ينكرها وهي آية من كتاب الله تعالى ، لها معنى ومضمون ولوازم ، وينبغي تدبرها والعمل بها ككل آيات القرآن ؟؟ بل إن الذين أنكروا على الخوارج هذه الكلمة ، أنكروا عليهم سوء فهمهم لها وتطبيقهم لمضمونها ، وليس على مجرد رفعهم لها ، فإن عليًا رضي الله عنه لما أنكر عليهم قال : كلمة حق أريد بها باطل . فهو قد أنكر إرادتهم ونيتهم دون أحقية تلك الكلمة وفهمها على وجهها .
4- ثم ؛ مَن مِن المفسرين نبه على عدم الدعوة لإفراد الله بالحكم لئلا يُظن أنه من الخوارج ؟
..
كلام الشيخ الألباني رحمه الله في الحاكمية
قال رحمه الله :
وختاما أيها الإخوة ؛ لست أريد من كلمتي هذه أن أحملكم على أن تكونوا جميعا أئمة مجتهدين وفقهاء محققين - وإن كان ذلك يسرني كما يسركم - إذ إن ذلك غير ممكن عادة لضرورة اختلاف الاختصاصات وتعاون المتخصصين بعضهم مع بعض ، وإنما أردت منها أمرين اثنين ؛ الأول : أن تنتبهوا لأمر خفي على كثير من الشباب المؤمن المثقف اليوم فضلا عن غيرهم ، وهو أنهم في الوقت الذي علموا فيه - بفضل جهود وكتابات بعض الكتاب الإسلاميين مثل السيد قطب رحمه الله تعالى والعلامة المودودي حفظه الله وغيرهما ، أن حق التشريع إنما هو لله تعالى وحده لا يشاركه فيه أحد من البشر أو الهيئات وهو ما عبروا عنه بـ (الحاكمية لله تعالى) ، وذلك صريح تلك النصوص المتقدمة في أول هذه الكلمة من الكتاب والسنة . أقول : في الوقت هذا نفسه فإن كثيرًا من هؤلاء الشباب لم يتنبه بعد أن المشاركة المنافية لمبدأ الحاكمية لله تعالى لا فرق فيها بين كون البشر المشرع من دون الله مسلماً أخطأ في حكم من أحكام الله أو كافرًا نصب نفسه مشرعًا مع الله وبين كونه عالماً أو جاهلًا كل ذلك ينافي المبدأ المذكور الذي آمن به الشباب والحمد لله تعالى . فهذا الذي أردت لكم أن تتنبهوا له وأذكركم به . فإن الذكرى تنفع المؤمنين . (الحديث حجة بنفسه ص96)
قلت : ومقصود الشيخ الألباني رحمه الله أن تحليل الحرام وتحريم الحلال ينافي كون الحاكمية لله تعالى بغض النظر عن حال قائله .
...
????- زائر
رد: شرك الحاكمية المفقود
سؤالي موجه الى الاخوان مؤيدين القاعده ومنهجهم
اتمنى ان تكون الاجابه واضحه حتى لاتتهمون بالتقيه والخداع وفعل الاخوان والروافض
على سبيل المثال ... للتقريب ثم ننتقل الى مثال اخر
س1 : هل رئيس السودان الحالي كافر ام مرتد ام منافق ؟
نريد الدليل من الكتاب والسنة على نوع الكفر ونريد الدليل على كفره من الواقع (بمعنى اخر ماهو الكفر البواح الذي فعله واستوجب هذا النوع من الكفر)
اتمنى ان تكون الاجابه واضحه حتى لاتتهمون بالتقيه والخداع وفعل الاخوان والروافض
على سبيل المثال ... للتقريب ثم ننتقل الى مثال اخر
س1 : هل رئيس السودان الحالي كافر ام مرتد ام منافق ؟
نريد الدليل من الكتاب والسنة على نوع الكفر ونريد الدليل على كفره من الواقع (بمعنى اخر ماهو الكفر البواح الذي فعله واستوجب هذا النوع من الكفر)
????- زائر
رد: شرك الحاكمية المفقود
شكراً لتفضلك الكريم أخي حليم
أسأل الله الملك القدير أن يزيل العقبات التي وضعت في طريق تبليغ رسالة الإسلام، وفهما على الوجه الصحيح
أما عن سؤالكم أخينا حاكم الموجه لمؤدي القاعدة، ويفترض للنقاش العلمي أن يوجه لكل مسلم، تستحثه لمعرفة وإدراك المسائل الشرعية، من مصادرها الموثوقة، بالرجوع للقرآن الكريم وصحيح السنة، والوقوف عن أقوال الصحابة والسلف الصالح في تفسيرها..
أما عن منهج القاعدة وأخواتها فهو مبني على تأصيلات شرعية تابعوا فيها السلف الصالح، وتعبّر عنها أقوال المتحدثين باسمهم في تسجيلاتهم الصادرة من المؤسسات التابعة لهم، وليس صعباً الوصول إليها.
والمهم للقارئ الكريم أن يقف عند أصل ما بنى عليه المجاهدون فقههم، ليتسنى له فهم المسائل من وجهة نظر الشرع الحنيف، التي وضحها عملياً منهج الخلفاء الراشدين والصحابة رضوان الله عليهم، وكذلك سلفهم الصالح، ومن اقتفى أثرهم إلى يومنا.
وواقع السودان وما تحتكم إليه ليس أحسن حالاً من بقية الدول العربية والإسلامية، وهنا ستجد أخينا حاتم والقارئ الكريم إجابات مستفيضة، حيث يجب أن نتكلف عناء معرفة صورة الواقع الصحيحة، ومن ثم نحكم الشرع فيها دون وجل:
الإمام الشرعي.. الإمام المتغلب .. الخروج على الإمام
https://t3beer.ahlamontada.com/t3195-topic#27375
حكم الحكام المستبدلين لشرائع الدين
https://t3beer.ahlamontada.com/t2965-topic#25562
منزلة الحكم بما أنزل الله من الدين
https://t3beer.ahlamontada.com/t2964-topic
رسالة تحكيم القوانين.. محمد آل الشيخ
https://t3beer.ahlamontada.com/t2974-topic
شبهات في مسألة اشتراط الاستحلال
https://t3beer.ahlamontada.com/t3505-topic#29257
بين منهجين.. الجحود والاستحلال
https://t3beer.ahlamontada.com/t3504-topic#29255
شبهة استدلال المانعين بالخروج على الحكام بحديث «لا ما أقاموا فيكم الصلاة»
https://t3beer.ahlamontada.com/t2579-topic
الفلك في إزالة الحلك عن لفظة: (وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك)
https://t3beer.ahlamontada.com/t2105-topic
جهاد المرتدين.. دفع الصائل على الدين أو النفس أو العرض أو المال
https://t3beer.ahlamontada.com/t2186-topic
هدي الصحابة في قتال المرتدين وأحكام هامة
https://t3beer.ahlamontada.com/t2609
التقديرات في مشروعية المظاهرات .. تفنيد الشبهات حول المظاهرات .. تفنيد شبهات أحاديث طاعة الإمام
https://t3beer.ahlamontada.com/t3329-topic
أسأل الله الملك القدير أن يزيل العقبات التي وضعت في طريق تبليغ رسالة الإسلام، وفهما على الوجه الصحيح
أما عن سؤالكم أخينا حاكم الموجه لمؤدي القاعدة، ويفترض للنقاش العلمي أن يوجه لكل مسلم، تستحثه لمعرفة وإدراك المسائل الشرعية، من مصادرها الموثوقة، بالرجوع للقرآن الكريم وصحيح السنة، والوقوف عن أقوال الصحابة والسلف الصالح في تفسيرها..
أما عن منهج القاعدة وأخواتها فهو مبني على تأصيلات شرعية تابعوا فيها السلف الصالح، وتعبّر عنها أقوال المتحدثين باسمهم في تسجيلاتهم الصادرة من المؤسسات التابعة لهم، وليس صعباً الوصول إليها.
والمهم للقارئ الكريم أن يقف عند أصل ما بنى عليه المجاهدون فقههم، ليتسنى له فهم المسائل من وجهة نظر الشرع الحنيف، التي وضحها عملياً منهج الخلفاء الراشدين والصحابة رضوان الله عليهم، وكذلك سلفهم الصالح، ومن اقتفى أثرهم إلى يومنا.
وواقع السودان وما تحتكم إليه ليس أحسن حالاً من بقية الدول العربية والإسلامية، وهنا ستجد أخينا حاتم والقارئ الكريم إجابات مستفيضة، حيث يجب أن نتكلف عناء معرفة صورة الواقع الصحيحة، ومن ثم نحكم الشرع فيها دون وجل:
الإمام الشرعي.. الإمام المتغلب .. الخروج على الإمام
https://t3beer.ahlamontada.com/t3195-topic#27375
حكم الحكام المستبدلين لشرائع الدين
https://t3beer.ahlamontada.com/t2965-topic#25562
منزلة الحكم بما أنزل الله من الدين
https://t3beer.ahlamontada.com/t2964-topic
رسالة تحكيم القوانين.. محمد آل الشيخ
https://t3beer.ahlamontada.com/t2974-topic
شبهات في مسألة اشتراط الاستحلال
https://t3beer.ahlamontada.com/t3505-topic#29257
بين منهجين.. الجحود والاستحلال
https://t3beer.ahlamontada.com/t3504-topic#29255
شبهة استدلال المانعين بالخروج على الحكام بحديث «لا ما أقاموا فيكم الصلاة»
https://t3beer.ahlamontada.com/t2579-topic
الفلك في إزالة الحلك عن لفظة: (وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك)
https://t3beer.ahlamontada.com/t2105-topic
جهاد المرتدين.. دفع الصائل على الدين أو النفس أو العرض أو المال
https://t3beer.ahlamontada.com/t2186-topic
هدي الصحابة في قتال المرتدين وأحكام هامة
https://t3beer.ahlamontada.com/t2609
التقديرات في مشروعية المظاهرات .. تفنيد الشبهات حول المظاهرات .. تفنيد شبهات أحاديث طاعة الإمام
https://t3beer.ahlamontada.com/t3329-topic
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
رد: شرك الحاكمية المفقود
هذا ردا لايشفي الغليل
هل الرئيس كاااااااااااااافر ؟؟؟
ام مرتد ؟؟
ام منافق ؟؟
ارجع واكرر لم نفهم هل هو تكفير للرئيس فقط
ام للحكومة ام للحرس والحكومه ام للشرطه معها
او للكل
وهل حكمهم واحد
اين المشكلة بالظبط كي تستأصل بنظركم
هل الرئيس كاااااااااااااافر ؟؟؟
ام مرتد ؟؟
ام منافق ؟؟
ارجع واكرر لم نفهم هل هو تكفير للرئيس فقط
ام للحكومة ام للحرس والحكومه ام للشرطه معها
او للكل
وهل حكمهم واحد
اين المشكلة بالظبط كي تستأصل بنظركم
????- زائر
مواضيع مماثلة
» مناظرة فى موضوع الحاكمية العام 1995
» "الحاكمية لله"
» اللحيدان الحاكمية ضاهرها التوحيد وباطنها السياسه
» "الحاكمية لله"
» اللحيدان الحاكمية ضاهرها التوحيد وباطنها السياسه
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات العامة و الساحة السياسية والاقتصادية المفتوحة :: حوار الثغور ومنبر السياسة والاقتصاد والفتن الخاصة (عمران بيت المقدس خراب يثرب)!
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى