موالاة الكفار من نواقض الاسلام... ترصد المجاهدين والتبليغ عنهم من صورها
+2
جعبة الأسهم
عاشقة السماء
6 مشترك
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات العامة و الساحة السياسية والاقتصادية المفتوحة :: حوار الثغور ومنبر السياسة والاقتصاد والفتن الخاصة (عمران بيت المقدس خراب يثرب)!
صفحة 1 من اصل 1
موالاة الكفار من نواقض الاسلام... ترصد المجاهدين والتبليغ عنهم من صورها
الكاتب : عبد الحكيم حسان
اعلم؛ أنه يحرم على المسلم موالاة أهل الكفر والشرك والردة ونصرهم على المسلمين أينما كانوا، ولا يجوز لمسلم أبدا أن يترصد على المجاهدين وينقل أخبارهم إلى أعدائهم الكفار أو المشركين، ولا يجوز كذلك المعاونة على قتل مسلم، ولو بشطر كلمة فضلا عما فوق ذلك من عمل.
واعلم أن لفظ الولاية مشتق من الولاء، وهو الدنو والقرب، والولاية ضد العداوة، والمؤمنون أولياء الرحمن والكافرون أولياء الطاغوت والشيطان، وكل من كان ناصرا لأحد؛ فهو موال له.
وموالاة الكفار؛ تعني التقرب إليهم وإظهار الود لهم بالأقوال والأفعال ونصرتهم على أهل الإسلام والذب عنهم بلسان الرضى، ومن أعلى ما يدخل في موالاتهم؛ معاونتهم والتآمر والتخطيط معهم وتنفيذ مخططاتهم والدخول في تنظيماتهم وأحلافهم والتجسس من أجلهم ونقل عورات المسلمين وأسرار الأمة إليهم والقتال في صفهم.
وقد أوجب الله الموالاة بين المؤمنين وبين أن ذلك من أصول الإيمان ولوازمه، ونهى عن موالاة الكفار والمشركين وبين أن ذلك منتفٍ في حق المؤمنين، وبين تعالى أن موالاة الكفار ونصرتهم على المسلمين منافية لحقيقة الإيمان.
فأما موالاة المؤمنين؛
فكقوله تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا...}، إلى قوله تعالى: {ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون}، وقال تعالى: {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض...}، إلى قوله تعالى: {والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم}.
ولذلك يقول ابن تيمية رحمه الله: (إن أصل الدين وكماله؛ أن يكون الحب في الله والبغض في الله والموالاة في الله والمعاداة في الله والعبادة لله والاستعانة بالله والخوف من الله والرجاء لله والإعطاء لله والمنع لله) [1] اهـ.
وفي وجوب معاداة الكافرين؛
قال تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير}.
وقد قال شيخ المفسرين ابن جرير الطبري رحمه الله: (ومعنى ذلك؛ لا تتخذوا أيها المؤمنين الكفار ظهرا وأنصارا، توالونهم على دينهم وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلونهم على عوراتهم، فإنه من يفعل ذلك؛ {فليس من الله في شيء}، يعني بذلك فقد برئ من الله وبرئ الله منه بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر) [2] اهـ.
ويقول الشيح صالح الفوزان: (من مظاهر موالاة الكفار إعانتهم ومناصرتهم على المسلمين ومدحهم والذب عنهم، وهذا من نواقض الإسلام وأسباب الردة - نعوذ بالله من ذلك -) [3] اهـ.
وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة}، إلى قوله تعالى: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاؤ منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده}، فلا تتم موالاة المؤمنين ولا تصح إلا بمعاداة الكافرين وبغضهم.
وقد قال ابن القيم رحمه الله في بيان هذا المعنى: (لا تصح المولاة إلا بالمعاداة، كما قال تعالى عن إمام الحنفاء المحبين أنه قال لقومه: {أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين}، فلم تصح لخليل الله هذه الموالاة والخلة إلا بتحقيق هذه المعاداة فإنه لا ولاء إلا لله ولا ولاء إلا بالبراءة من كل معبود سواه، قال تعالى: {وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون}، أي جعل هذه الموالاة لله والبراءة لله والبراءة من كل معبود سواه كلمة باقية في عقبه يتوارثها الأنبياء واتباعهم بعضهم عن بعض، وهي كلمة لا إله إلا الله، وهي التي ورثها إمام الحنفاء لأتباعه إلى يوم القيامة) [4] اهـ.
يقول الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله تعالى في رسالته "سبيل النجاة والفكاك" عند قوله تعالى: {إنا برءاؤا منكم ومما تعبدون من دون الله}: (وهاهنا نكتة بديعة، وهي أن الله تعالى قدّم البراءة من المشركين العابدين غير الله، على البراءة من الأوثان المعبودة من دون الله، لأن الأول أهم من الثاني، فإنه إن تبرأ من الأوثان ولم يتبرأ ممن عبدها لا يكون آتياً بالواجب عليه، وأما إذا تبرأ من المشركين؛ فإن هذا يستلزم البراءة من معبوداتهم، وكذا قوله: {وأعتزلكم وما تدعون من دون الله... الآية}، فقدّم اعتزالهم على اعتزال ما يدعون من دون الله، وكذا قوله: {فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله}، وقوله: {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون من دون الله}، فعليك بهذه النكتة فإنها تفتح لك باباً إلى عداوة أعداء الله، فكم من إنسان لا يقع منه الشرك ولكنه لا يعادي أهله فلا يكون مسلماً بذلك إذ ترك دين جميع المرسلين) اهـ.
ويقول أيضا رحمه الله تعالى في نفس الرسالة: (فقوله: {وبدا}؛ أي ظهر وبان، وتأمل تقديم العداوة على البغضاء، لأن الأولى أهم من الثانية، فإن الإنسان قد يبغض المشركين ولا يعاديهم فلا يكون آتياً بالواجب عليه حتى تحصل منه العداوة والبغضاء، ولا بد أيضاً من أن تكون العداوة والبغضاء باديتين ظاهرتين بيّنتين، واعلم أنه وإن كانت البغضاء متعلقة بالقلب، فإنها لا تنفعه حتى تظهر آثارها وتتبين علاماتها، ولا تكون كذلك حتى تقترن بالعداوة والمقاطعة، فحينئذ تكون العداوة والبغضاء ظاهرتين) اهـ.
ويقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله حول آية الممتحنة السابقة: (فمن تدبر هذه الآيات عرف التوحيد الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه وعرف حال المخالفين لما عليه الرسل وأتباعهم من الجهلة المغرورين الأخسرين، قال شيخنا الإمام رحمه الله - يعني بذلك جده محمد بن عبد الوهاب - في سياق دعوة النبي صلى الله عليه وسلم قريشاً إلى التوحيد وما جرى منهم عند ذكر آلهتهم بأنهم لا ينفعون ولا يضرون؛ أنهم جعلوا ذلك شتما: فإذا عرفت هذا عرفت أن الإنسان لا يستقيم له إسلام ولو وحد الله وترك الشرك إلا بعداوة المشركين والتصريح لهم بالعداوة والبغضاء كما قال تعالى: {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حادّ الله ورسوله... الآية}، فإذا فهمت هذا فهماً جيداً عرفت أن كثيراً ممن يدعي الدين لا يعرفه، وإلا فما الذي حمل المسلمين على الصبر على ذلك العذاب والأسر والهجرة إلى الحبشة مع أنه أرحم الناس ولو وجد لهم رخصة أرخص لهم، كيف وقد أنزل الله عليه: {ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله}، فإذا كانت هذه الآية فيمن وافق بلسانه فكيف بغير ذلك، يعني من وافقهم بالقول والفعل بلا أذى فظاهرهم وأعانهم وذب عنهم وعن من وافقهم وأنكر على من خالفهم، كما هو الواقع) [5] اهـ.
وقال تعالى: {لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور}، وذلك؛ أن ناسا من فقراء المسلمين كانوا يخبرون اليهود بأخبار المؤمنين ويواصلونهم فيصيبون بذلك من ثمارهم ودنياهم فنهاهم الله عن موالاتهم ومواصلتهم ونصرهم على أهل دينهم من المسلمين.
وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون}، وفي هذه الآية الكريمة نهي من الله تعالى للمؤمنين عن موالاة الكفار ونصرتهم والاستنصار بهم وتفويض أمورهم إليهم، وأوجب التبري منهم وترك تعظيمهم وإكرامهم.
إلا أنه تبارك وتعالى قد أمر مع ذلك بالإحسان إلى الأب الكافر وصحبته بالمعروف بقوله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه إلى قوله وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا}، وإنما أمر المؤمنين بعدم موالاة الكافرين ليتميزوا عن المنافقين، إذ كان المنافقون يتولون الكفار ويظهرون إكرامهم وتعظيمهم إذا لقوهم ويظهرون لهم الولاية، فجعل الله تعالى ما أمر به المؤمن في هذه الآية علما وفرقانا يتميز به المؤمن من المنافق، وأخبر؛ أن من لم يفعل ذلك فهو الظالم لنفسه المستحق للعقوبة من ربه [6].
وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم}، وهذا نص قرآني محكم؛ بين الله تعالى فيه أن من والى الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم ونصرهم على المؤمنين فهو كافر مثلهم ومصيره مصيرهم في الدنيا والآخرة، وفي هذه الآية دلالة؛ على أن الكافر لا يكون وليا للمسلم لا في التصرف ولا في النصرة، وتدل أيضا؛ على وجوب البراءة من الكفار والعداوة لهم، لأن الولاية ضد العداوة، فإذا أمرنا بمعاداة اليهود والنصارى لكفرهم فغيرهم من الكفار بمنزلتهم، وتدل الآية أيضا على أن الكفر كله ملة واحدة، لقوله تعالى: {بعضهم أولياء بعض} [7].
قال الطبري رحمه الله: (فالصواب؛ أن يُحكم لظاهر التنزيل بالعموم على ما عَمَّ...)، إلى قوله رحمه الله: (غير أنه لا شك أن الآية نزلت في منافق كان يوالي اليهود أو النصارى خوفا على نفسه من دوائر الدهر، لأن الآية التي بعد هذه تدل على ذلك، وذلك قوله تعالى: {فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة}، والصواب من القول في ذلك عندنا أن يُقال: إن الله تعالى ذكره نهى المؤمنين جميعا أن يتخذوا اليهود والنصارى أنصارا وحلفاء على أهل الإيمان بالله ورسوله، وأخبر أنه من اتخذهم نصيرا وحليفا ووليا من دون الله ورسوله والمؤمنين فإنه منهم في التحزب على الله وعلى رسوله والمؤمنين وأن الله ورسوله منه بريئان...).
إلى أن قال: (يعني تعالى ذكره بقوله: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}، أي ومن يتول اليهود والنصارى من دون المؤمنين فإنه منهم، يقول فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتول متول أحدا إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه وصار حكمه حكمه) [8] اهـ.
قلت: وقد ظن بعض الناس وفهم خطئا من كلام الطبري رحمه الله هذا؛ أنه لابد أن يقوم بالقلب رضى بدين الكفار حتى يدخل في هذا الحكم ويكون كافرا، وأن من نصر الكافر على المسلم وقاتل المسلم معه؛ لا يكفر إلا إذا كان راضيا بقلبه عن دينه، وليس ذلك صوابا، بل الصحيح - والله تعالى أعلم - أن من والى الكفار وظاهَرهُم على المؤمنين دخل في هذا الحكم ودل ذلك على رضاه القلبي بدينهم وملتهم، وإن زعم بلسانه أنه مخالف لهم، وذلك لأن لسان الحال مثل لسان المقال أو أعظم، كما قال تعالى: {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر}، وقال تعالى: {وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين}، ومن المعلوم أن هذه الشهادة كانت بلسان الحال وليست بلسان المقال.
ولذلك قال جمال الدين القاسمي رحمه الله: (قوله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}، أي من جملتهم وحكمه حكمهم، وإن زعم أنه مخالف لهم في الدين، فهو بدلالة الحال منهم لدلالتها على كمال الموافقة) [9] اهـ.
وقال ابن حزم: (صح أن قوله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}، إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين) [10] اهـ.
وقال ابن تيمية رحمه الله: (قال تعالى: {ومن يتولهم منكم}، فيوافقهم ويعينهم، {فإنه منهم}).
وقال أيضا في تفسير هذه الآية: (والمفسرون متفقون؛ على أنها نزلت بسبب قوم ممن كان يظهر الإسلام وفي قلبه مرض خاف أن يغلب أهل الإسلام فيوالي الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم، للخوف الذي في قلوبهم، لا لاعتقادهم أن محمدا صلى الله عليه وسلم كاذب وأن اليهود والنصارى صادقون) [11] اهـ.
وقال القرطبي رحمه الله: (قوله تعالى: {ومن يتولهم منكم}، أي يعضدهم على المسلمين، {فإنه منهم}؛ بيَّن تعالى أن حكمه كحكمهم، وهو يمنع إثبات الميراث للمسلم من المرتد، ثم هذا الحكم باق إلى يوم القيامة...)، إلى قوله رحمه الله: ({ومن يتولهم منكم فإنه منهم}؛ شرط وجوابه، أي لأنه قد خالف الله تعالى ورسوله كما خالفوا، ووجبت معاداته كما وجبت معاداتهم، ووجبت له النار كما وجبت لهم، فصار منهم أي من أصحابهم) [12] اهـ.
وقال سليمان بن عبد الله آل الشيخ رحمه الله: (نهى سبحانه وتعالى عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، وأخبر أن من تولاهم من المؤمنين فهو منهم، وهكذا حكم من تولى الكفار من المجوس وعباد الأوثان، فهو منهم...)، إلى قوله رحمه الله: (ولم يفرق تبارك وتعالى بين الخائف وغيره، بل أخبر تعالى أن الذين في قلوبهم مرض يفعلون ذلك خوف الدوائر، وهكذا حال هؤلاء المرتدين) [13] اهـ.
وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون}.
وقال القرطبي: (ظاهر هذه الآية أنها خطاب لجميع المؤمنين كافة، وهي باقية الحكم إلى يوم القيامة في قطع الولاية بين المؤمنين والكافرين...)، إلى أن قال رحمه الله: ({ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون}، قال ابن عباس: هو مشرك مثلهم، لأن من رضي بالشرك فهو مشرك) [14] اهـ.
قال ابن حزم رحمه الله في كلامه عن وجوب الهجرة من دار الكفر: (من لحق بدار الكفر والحرب مختارا محاربا لمن يليه من المسلمين؛ فهو بهذا الفعل مرتد، له أحكام المرتدين من وجوب القتل عليه متى قدر عليه ومن إباحة ماله وانفساح نكاحه...)، إلى أن قال: (وكذلك من سكن بأرض الهند والسند والترك والسودان والروم من المسلمين، فإن كان لا يقدر على الخروج من هنالك لثقل ظهر أو لقلة مال أو لضعف جسم أو لامتناع طريق؛ فهو معذور، فإن كان هنالك محاربا للمسلمين معينا للكفار بخدمة أو كتابة؛ فهو كافر) [15] اهـ.
وقال أيضا رحمه الله: (ولو أن كافرا غلب على دار من دور الإسلام وأقر المسلمين بها على حالهم، إلا أنه هو المالك لها المنفرد بنفسه في ضبطها، وهو معلن بدين غير الإسلام؛ لكفر بالبقاء معه كل من عاونه وأقام معه، وإن ادعى أنه مسلم) [16] اهـ.
وقال ابن حجر رحمه الله في نفس هذا المعنى، في شرح حديث ابن عمر مرفوعا: (إذا أنزل الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم) [17]: (ويُستفاد من هذا؛ مشروعية الهرب من الكفار ومن الظلمة، لأن الإقامة معهم من إلقاء النفس إلى التهلكة، هذا إذا لم يعنهم ولم يرض بأفعالهم، فإن أعان أو رضي؛ فهم منهم) [18] اهـ.
وقال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة}: (قال علماؤنا: فالفتنة إذا عمت هلك الكل، وذلك عن ظهور المعاصي وانتشار المنكر وعدم التغيير...)، إلى قوله: (إن الناس إذا تظاهروا بالمنكر فمن الفرض على كل من رآه أن يغيره، فإذا سكت عليه فكلهم عاص، هذا بفعله وهذا برضاه، وقد جعل الله في حكمه وحكمته؛ الراضي بمنزلة الفاعل، فانتظم في العقوبة) [19] اهـ.
وقد ذكر شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ضمن نواقض الإسلام التي يكفر بها المسلم: (مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، لقوله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}) [20] اهـ.
وقال الشيخ حمد بن عتيق النجدي رحمه الله: (قد تقدم أن مظاهرة المشركين ودلالتهم على عوارت المسلمين أو الذب عنهم بلسان أو رضى بما هم عليه، كل هذه مكفرات ممن صدرت منه من غير الإكراه المذكور، ومن فعل ذلك؛ فهو مرتد، وإن كان مع ذلك يبغض الكفار ويحب المسلمين، وقد تقدم ذلك في غير موضع، وإنما كررنا لعموم الجهل به وشدة الحاجة إلى معرفته) [21] اهـ.
وقال الشيخ حمد بن عتيق أيضا: (أن يوافقهم - أي الكفار - في الظاهر مع مخالفته لهم في الباطن، وهو ليس في سلطانهم، وإنما حمله على ذلك إما طمع في رياسة أو مال أو مشحة بوطن أو عيال، أو خوف مما يحدث في المآل، فإنه في هذه الحال يكون مرتدا، ولا تنفعه كراهته لهم في الباطن، وهو ممن قال الله فيهم: {ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين}، فأخبر أنه لم يحملهم على الكفر الجهل أو بغضه، ولا محبة الباطل، وإنما هو أن لهم حظاً من حظوظ الدنيا آثروه على الدين) [22] اهـ.
قال تعالى: {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا}.
قال الطبري رحمه الله: (قوله: {إنكم إذا مثلهم}، يعني إن جالستم من يكفر بآيات الله ويُستهزأ بها وأنتم تسمعون؛ فأنتم مثلهم، يعني؛ فإن لم تقوموا عنهم في تلك الحال مثلهم في فعله، لأنكم قد عصيتم الله بجلوسكم معهم وأنتم تسمعون آيات الله يكفر بها ويُستهزأ بها كما عصوه باستهزائهم بآيات الله، فقد أتيتم من معصية الله نحو الذي أتوا منها، فأنتم إذا مثلهم في ركوب معصية الله وإتيانكم ما نهاكم الله عنه) [23] اهـ.
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: (أي إنكم إذا ارتكبتم النهي بعد وصوله إليكم ورضيتم بالجلوس معهم في المكان الذي يُكفر فيه بآيات الله ويُستهزأ بها ويتنقص بها وأقررتموهم على ذلك؛ فقد شاركتموهم في الذي هم فيه، فلهذا قال تعالى: {إنكم إذا مثلهم}...)، إلى قوله رحمه الله: (وقوله: {إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا}، أي؛ كما أشركوهم في الكفر كذلك يشارك الله بينهم في الخلود في نار جهنم أبدا ويجمع بينهم في دار العقوبة والنكال والقيود والأغلال وشراب الحميم والغسلين لا الزلال) [24] اهـ.
فإذا كان الله جل ثناؤه قد حكم على من يجلس مع الكفار وهم يكفرون ويستهزءون بآيات الله تعالى ولم يقم عنهم؛ أنه كافر مثلهم وحكمه حكمهم وسيحشرون محشرا واحدا يوم القيامة، فما حكم من يضيف إلى ذلك التجسس لصالحهم ونقل أخبار المسلمين إليهم وحضهم على قتل أهل الإيمان؟! فمما لا شك فيه أن هؤلاء أشد كفرا ممن ذكرهم الله تعالى في الآية الكريمة.
وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه...}، إلى قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء}، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أوليآء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا}.
وهذا نهي من الله عباده المؤمنين أن يتخلقوا بأخلاق المنافقين الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين، فيكونوا مثلهم في ركوب ما نهاهم عنه من موالاة أعدائه، أي لا توالوا الكفار فتؤازروهم من دون أهل ملتكم ودينكم من المؤمنين، فتكونوا كمن أوجب له النار من المنافقين، ثم قال جل ثناؤه متوعدا من اتخذ منهم الكافرين أولياء من دون المؤمنين؛ إن هو لم يرتدع عن موالاته وينجر عن مخالته أن يلحقه بأهل ولايتهم من المنافقين الذين أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بتبشيرهم بأن لهم عذابا أليما.
وقال تعالى عن المنافقين: {ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليهم ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون}، فذم الله تعالى من يتولى الكفار من أهل الكتاب قبلنا، وبيَّن أن ذلك ينافي الإيمان، وأن من فعل ذلك فهو من جملة المنافقين المتوعدين بالخلود في جهنم وبئس المصير.
وقال تعالى: {بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا}.
وقال تعالى عن المؤمنين المتقين: {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه}، إلى قوله تعالى: {أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون}، فقد بين تبارك وتعالى أنه لا يوجد مؤمن يكن المودة لأعداء الله تعالى من الكفار والمشركين، ولو كانوا أقرب قريب له، وذلك لأن مودة الله ومحبته تنافي مودة عدوة، وهما ضدان لا يجتمعان في قلب امرئ مؤمن أبدا، وهذا دليل واضح على وجوب البراءة من الكفار أيا كان موقعهم وقرابتهم، وأن ذلك دليل صحة الإيمان.
ولذلك فقد ورد عن عبد الرحمن بن حسن وعلي بن حسين وإبراهيم بن سيف في رسالتهم إلى بعض إخوانهم: (إن التوحيد هو إفراد الله تعالى بالعبادة ولا يحصل ذلك إلا بالبراءة من المشركين باطنا وظاهرا...)، وبعد أن ساقوا الآيات في ذلك قالوا: (ثم انظر كيف أكد الباري جل وعلا على رسله والمؤمنين باثنتي عشرة آية في البراءة من المشركين ومدحهم بتلك الصفة، وهذا كله يدل بلا ريب؛ على أن الله أوجب على المؤمنين البراءة من كل مشرك وأمر بإظهار العداوة والبغضاء للكفار عامة وللمحاربين خاصة وحرم على المؤمنين موالاتهم والركون إليهم) [25] اهـ.
وقال تعالى: {إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم}، فقد بيَّن تعالى أن سبب ردتهم عن الإسلام وخروجهم عن الدين؛ هو أنهم قالوا للكفار الكارهين ما أنزل الله: {سنطيعكم في بعض الأمر} [26].
فإذا كان من قال ذلك للكفار ولم يوالهم في الواقع كان مرتدا، فكيف من والاهم ونصرهم على المسلمين ودخل في أحلافهم ونفذ مخططاتهم؟! فهو أولى أن يكون كافرا مرتدا مستحقا للعقوبة في الدنيا والآخرة.
وقال ابن حزم رحمه الله: (وقد قال عز وجل: {إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم ا لهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم * ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما أنزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم أسرارهم * فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم * ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم}، فجعلهم تعالى مرتدين كفارا بعد علمهم الحق وبعد أن تبين لهم الهدى بقولهم للكفار ما قالوا فقط، وأخبرنا تعالى أنه يعرف أسرارهم، وأخبرنا تعالى أنه قد أحبط أعمالهم بإتباعهم ما أسخطه وكراهيتهم رضوانه) [27] اهـ.
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ رحمه الله: (فأخبر تعالى؛ أن سبب ما جرى عليهم من الردة وتسويل الشيطان وإملائه لهم، هو قولهم للذين كرهوا ما نزل الله: {سنطيعكم في بعض الأمر}، فإذا كان من وعد المشركين الكارهين لما أنزل الله بطاعتهم في بعض الأمر كافرا - وإن لم يفعل ما وعدهم به - فكيف بمن وافق المشركين الكارهين لما أنزل الله من الأمر بعبادته وحده لا شريك له وترك عبادة ما سواه من الأنداد والطواغيت والأموات، وأظهر أنهم على هدى، وأن أهل التوحيد مخطئون في قتالهم؟! فهؤلاء أولى بالردة من أولئك الذين وعدوا المشركين بطاعتهم في بعض الأمر) [28] اهـ.
وقريب من معنى الآية السابقة قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون}، ففي هذه الآية ببيان جلي بأن وعد المشركين في السر بالدخول معهم في أحلافهم ونصرهم والخروج معهم نفاقا وكفرا، وإن كان هذا الوعد كذبا وتمويها لا حقيقة له، فكيف بمن وعد الكفار بالدخول معهم ونصرهم صادقا ليس بكاذب؟! فكيف بمن نصرهم فعلا وصار من جملتهم وأعهانهم بالمال والرأي والعتاد؟! أليس هذا أشد حالا وأسوأ حكما ومآلا من المنافقين المذكورين في الآية ممن وعدهم فقط؟!
وقال تعالى ناصحا عباده المؤمنين: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر}، فنهى في هذه الآية عن موالاة الكفار وإكرامهم وأمر بإهانتهم وإذلالهم، ونهى عن الاستعانة بهم في أمور المسلمين لما فيه من العز وعلو اليد.
وكذلك كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري ينهاه أن يستعين بأحد من أهل الشرك في كتابته، وتلا قوله تعالى: {لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا}، وقال: (لا تردوهم إلى العز بعد إذ أذلهم الله) [29] اهـ.
وقد سُئل شيخ الإسلام ابن يتيمة رحمه الله؛ عمن يتعمد قتل المسلم بسبب دينه؟ فأجاب رحمه الله: (أما إذا قتله على دين الإسلام مثل ما يقاتل النصراني المسلمين على دينهم، فهذا كافر شر من الكافر المعاهد، فإن هذا كافر محارب بمنزلة الكفار الذين يقاتلون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهؤلاء مخلدون في جهنم كتخليد غيرهم من الكفار، وأما إذا قتله قتلا محرما، لعداوة أو مال أو خصومة ونحو ذلك؛ فهذا من الكبائر، ولا يكفر بمجرد ذلك عند أهل السنة والجماعة، وإنما يُكفِّر بمثل هذا الخوارج) [30] اهـ.
وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم عليهم بأي نوع من المساعدة؛ فهو كافر مثلهم.
من كل ما سبق؛ يتبين أن من عاون الكفار وظاهرهم على المؤمنين ونقل إليهم أسرارهم، وتسبب في ضررهم بذلك، أو قتل المجاهدين بسبب دينهم وحرض على قتلهم بسبب جهادهم؛ أنه كافر مرتد، يقاتل قتال أهل الكفر الذين والاهم و نصرهم.
والله تعالى أعلم
والحمد لله رب العالمين
كتبه الفقير إلى عفو ربه ورحمته
أبو عمرو، عبد الحكيم حسان
___________________
[1] راجع الدرر السنية: 7/109.
[2] تفسير الطبري: 6/313، راجع تفسير القرطبي: 4/57، راجع تفسير ابن كثير: 1/358، راجع تفسير أبي السعود: 2/23.
[3] الولاء والبراء في الإسلام للشيخ صالح الفوزان: 9.
[4] الجواب الكافي: 213.
[5] الدررالسنية، جزء الجهاد: 93.
[6] راجع أحكام القرآن للجصاص: 4/278.
[7] راجع أحكام القرآن للجصاص: 4/99.
[8] تفسير الطبري: 6/276 - 277.
[9] محاسن التأويل للقاسمي: 6/240.
[10] المحلى لابن حزم: 11/138.
[11] مجموع الفتاوى: 7/193 - 194.
[12] تفسير القرطبي: 6/217.
[13] الرسالة الحادية عشرة من مجموعة التوحيد: 338.
[14] تفسير القرطبي: 8/93 - 94، تفسير ابن كثير: 2/343، تفسير أبي السعود: 4/54، فتح القدير للشوكاني: 2/346.
[15] المحلى لابن حزم، 11/200.
[16] السابق.
[17] رواه البخاري في صحيحه، كتاب الفتن، باب إذا أنزل الله بقوم عذابا، والحديث في الصحيح برقم 7108.
[18] فتح الباري: 13/61.
[19] تفسير القرطبي: 7/374 - 375، وراجع أحكام القرآن لابن العربي: 2/847.
[20] مجموعة التوحيد: 33.
[21] الدفاع عن أهل السنة والاتباع للشيخ حمد بن عتيق النجدي: 31 - 32.
[22] رسالة بيان النجاة والفكاك من موالاة المرتدين وأهل الإشراك، من كتاب مجموعة التوحيد: 418.
[23] تفسير الطبري: 9/320 - 322.
[24] تفسير ابن كثير: 1/566 - 567، ط دار المعرفة بيروت.
[25] راجع الدرر السنية: 2/128.
[26] مجموع الفتاوى: 28/190 – 193.
[27] راجع الفصل في الملل: 3/122، راجع: تفسير الطبري: 26/58 - 60، تفسير ابن كثير: 4/181، فتح القدير للشوكاني: 5/39.
[28] الرسالة الحادية عشرة من مجموعة التوحيد: 346 - 347.
[29] راجع أحكام القرآن للجصاص: 4/293.
[30] مجموع الفتاوى: 34/136 - 137.
اعلم؛ أنه يحرم على المسلم موالاة أهل الكفر والشرك والردة ونصرهم على المسلمين أينما كانوا، ولا يجوز لمسلم أبدا أن يترصد على المجاهدين وينقل أخبارهم إلى أعدائهم الكفار أو المشركين، ولا يجوز كذلك المعاونة على قتل مسلم، ولو بشطر كلمة فضلا عما فوق ذلك من عمل.
واعلم أن لفظ الولاية مشتق من الولاء، وهو الدنو والقرب، والولاية ضد العداوة، والمؤمنون أولياء الرحمن والكافرون أولياء الطاغوت والشيطان، وكل من كان ناصرا لأحد؛ فهو موال له.
وموالاة الكفار؛ تعني التقرب إليهم وإظهار الود لهم بالأقوال والأفعال ونصرتهم على أهل الإسلام والذب عنهم بلسان الرضى، ومن أعلى ما يدخل في موالاتهم؛ معاونتهم والتآمر والتخطيط معهم وتنفيذ مخططاتهم والدخول في تنظيماتهم وأحلافهم والتجسس من أجلهم ونقل عورات المسلمين وأسرار الأمة إليهم والقتال في صفهم.
وقد أوجب الله الموالاة بين المؤمنين وبين أن ذلك من أصول الإيمان ولوازمه، ونهى عن موالاة الكفار والمشركين وبين أن ذلك منتفٍ في حق المؤمنين، وبين تعالى أن موالاة الكفار ونصرتهم على المسلمين منافية لحقيقة الإيمان.
فأما موالاة المؤمنين؛
فكقوله تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا...}، إلى قوله تعالى: {ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون}، وقال تعالى: {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض...}، إلى قوله تعالى: {والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم}.
ولذلك يقول ابن تيمية رحمه الله: (إن أصل الدين وكماله؛ أن يكون الحب في الله والبغض في الله والموالاة في الله والمعاداة في الله والعبادة لله والاستعانة بالله والخوف من الله والرجاء لله والإعطاء لله والمنع لله) [1] اهـ.
وفي وجوب معاداة الكافرين؛
قال تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير}.
وقد قال شيخ المفسرين ابن جرير الطبري رحمه الله: (ومعنى ذلك؛ لا تتخذوا أيها المؤمنين الكفار ظهرا وأنصارا، توالونهم على دينهم وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلونهم على عوراتهم، فإنه من يفعل ذلك؛ {فليس من الله في شيء}، يعني بذلك فقد برئ من الله وبرئ الله منه بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر) [2] اهـ.
ويقول الشيح صالح الفوزان: (من مظاهر موالاة الكفار إعانتهم ومناصرتهم على المسلمين ومدحهم والذب عنهم، وهذا من نواقض الإسلام وأسباب الردة - نعوذ بالله من ذلك -) [3] اهـ.
وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة}، إلى قوله تعالى: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاؤ منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده}، فلا تتم موالاة المؤمنين ولا تصح إلا بمعاداة الكافرين وبغضهم.
وقد قال ابن القيم رحمه الله في بيان هذا المعنى: (لا تصح المولاة إلا بالمعاداة، كما قال تعالى عن إمام الحنفاء المحبين أنه قال لقومه: {أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين}، فلم تصح لخليل الله هذه الموالاة والخلة إلا بتحقيق هذه المعاداة فإنه لا ولاء إلا لله ولا ولاء إلا بالبراءة من كل معبود سواه، قال تعالى: {وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون}، أي جعل هذه الموالاة لله والبراءة لله والبراءة من كل معبود سواه كلمة باقية في عقبه يتوارثها الأنبياء واتباعهم بعضهم عن بعض، وهي كلمة لا إله إلا الله، وهي التي ورثها إمام الحنفاء لأتباعه إلى يوم القيامة) [4] اهـ.
يقول الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله تعالى في رسالته "سبيل النجاة والفكاك" عند قوله تعالى: {إنا برءاؤا منكم ومما تعبدون من دون الله}: (وهاهنا نكتة بديعة، وهي أن الله تعالى قدّم البراءة من المشركين العابدين غير الله، على البراءة من الأوثان المعبودة من دون الله، لأن الأول أهم من الثاني، فإنه إن تبرأ من الأوثان ولم يتبرأ ممن عبدها لا يكون آتياً بالواجب عليه، وأما إذا تبرأ من المشركين؛ فإن هذا يستلزم البراءة من معبوداتهم، وكذا قوله: {وأعتزلكم وما تدعون من دون الله... الآية}، فقدّم اعتزالهم على اعتزال ما يدعون من دون الله، وكذا قوله: {فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله}، وقوله: {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون من دون الله}، فعليك بهذه النكتة فإنها تفتح لك باباً إلى عداوة أعداء الله، فكم من إنسان لا يقع منه الشرك ولكنه لا يعادي أهله فلا يكون مسلماً بذلك إذ ترك دين جميع المرسلين) اهـ.
ويقول أيضا رحمه الله تعالى في نفس الرسالة: (فقوله: {وبدا}؛ أي ظهر وبان، وتأمل تقديم العداوة على البغضاء، لأن الأولى أهم من الثانية، فإن الإنسان قد يبغض المشركين ولا يعاديهم فلا يكون آتياً بالواجب عليه حتى تحصل منه العداوة والبغضاء، ولا بد أيضاً من أن تكون العداوة والبغضاء باديتين ظاهرتين بيّنتين، واعلم أنه وإن كانت البغضاء متعلقة بالقلب، فإنها لا تنفعه حتى تظهر آثارها وتتبين علاماتها، ولا تكون كذلك حتى تقترن بالعداوة والمقاطعة، فحينئذ تكون العداوة والبغضاء ظاهرتين) اهـ.
ويقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله حول آية الممتحنة السابقة: (فمن تدبر هذه الآيات عرف التوحيد الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه وعرف حال المخالفين لما عليه الرسل وأتباعهم من الجهلة المغرورين الأخسرين، قال شيخنا الإمام رحمه الله - يعني بذلك جده محمد بن عبد الوهاب - في سياق دعوة النبي صلى الله عليه وسلم قريشاً إلى التوحيد وما جرى منهم عند ذكر آلهتهم بأنهم لا ينفعون ولا يضرون؛ أنهم جعلوا ذلك شتما: فإذا عرفت هذا عرفت أن الإنسان لا يستقيم له إسلام ولو وحد الله وترك الشرك إلا بعداوة المشركين والتصريح لهم بالعداوة والبغضاء كما قال تعالى: {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حادّ الله ورسوله... الآية}، فإذا فهمت هذا فهماً جيداً عرفت أن كثيراً ممن يدعي الدين لا يعرفه، وإلا فما الذي حمل المسلمين على الصبر على ذلك العذاب والأسر والهجرة إلى الحبشة مع أنه أرحم الناس ولو وجد لهم رخصة أرخص لهم، كيف وقد أنزل الله عليه: {ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله}، فإذا كانت هذه الآية فيمن وافق بلسانه فكيف بغير ذلك، يعني من وافقهم بالقول والفعل بلا أذى فظاهرهم وأعانهم وذب عنهم وعن من وافقهم وأنكر على من خالفهم، كما هو الواقع) [5] اهـ.
وقال تعالى: {لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور}، وذلك؛ أن ناسا من فقراء المسلمين كانوا يخبرون اليهود بأخبار المؤمنين ويواصلونهم فيصيبون بذلك من ثمارهم ودنياهم فنهاهم الله عن موالاتهم ومواصلتهم ونصرهم على أهل دينهم من المسلمين.
وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون}، وفي هذه الآية الكريمة نهي من الله تعالى للمؤمنين عن موالاة الكفار ونصرتهم والاستنصار بهم وتفويض أمورهم إليهم، وأوجب التبري منهم وترك تعظيمهم وإكرامهم.
إلا أنه تبارك وتعالى قد أمر مع ذلك بالإحسان إلى الأب الكافر وصحبته بالمعروف بقوله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه إلى قوله وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا}، وإنما أمر المؤمنين بعدم موالاة الكافرين ليتميزوا عن المنافقين، إذ كان المنافقون يتولون الكفار ويظهرون إكرامهم وتعظيمهم إذا لقوهم ويظهرون لهم الولاية، فجعل الله تعالى ما أمر به المؤمن في هذه الآية علما وفرقانا يتميز به المؤمن من المنافق، وأخبر؛ أن من لم يفعل ذلك فهو الظالم لنفسه المستحق للعقوبة من ربه [6].
وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم}، وهذا نص قرآني محكم؛ بين الله تعالى فيه أن من والى الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم ونصرهم على المؤمنين فهو كافر مثلهم ومصيره مصيرهم في الدنيا والآخرة، وفي هذه الآية دلالة؛ على أن الكافر لا يكون وليا للمسلم لا في التصرف ولا في النصرة، وتدل أيضا؛ على وجوب البراءة من الكفار والعداوة لهم، لأن الولاية ضد العداوة، فإذا أمرنا بمعاداة اليهود والنصارى لكفرهم فغيرهم من الكفار بمنزلتهم، وتدل الآية أيضا على أن الكفر كله ملة واحدة، لقوله تعالى: {بعضهم أولياء بعض} [7].
قال الطبري رحمه الله: (فالصواب؛ أن يُحكم لظاهر التنزيل بالعموم على ما عَمَّ...)، إلى قوله رحمه الله: (غير أنه لا شك أن الآية نزلت في منافق كان يوالي اليهود أو النصارى خوفا على نفسه من دوائر الدهر، لأن الآية التي بعد هذه تدل على ذلك، وذلك قوله تعالى: {فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة}، والصواب من القول في ذلك عندنا أن يُقال: إن الله تعالى ذكره نهى المؤمنين جميعا أن يتخذوا اليهود والنصارى أنصارا وحلفاء على أهل الإيمان بالله ورسوله، وأخبر أنه من اتخذهم نصيرا وحليفا ووليا من دون الله ورسوله والمؤمنين فإنه منهم في التحزب على الله وعلى رسوله والمؤمنين وأن الله ورسوله منه بريئان...).
إلى أن قال: (يعني تعالى ذكره بقوله: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}، أي ومن يتول اليهود والنصارى من دون المؤمنين فإنه منهم، يقول فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتول متول أحدا إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه وصار حكمه حكمه) [8] اهـ.
قلت: وقد ظن بعض الناس وفهم خطئا من كلام الطبري رحمه الله هذا؛ أنه لابد أن يقوم بالقلب رضى بدين الكفار حتى يدخل في هذا الحكم ويكون كافرا، وأن من نصر الكافر على المسلم وقاتل المسلم معه؛ لا يكفر إلا إذا كان راضيا بقلبه عن دينه، وليس ذلك صوابا، بل الصحيح - والله تعالى أعلم - أن من والى الكفار وظاهَرهُم على المؤمنين دخل في هذا الحكم ودل ذلك على رضاه القلبي بدينهم وملتهم، وإن زعم بلسانه أنه مخالف لهم، وذلك لأن لسان الحال مثل لسان المقال أو أعظم، كما قال تعالى: {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر}، وقال تعالى: {وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين}، ومن المعلوم أن هذه الشهادة كانت بلسان الحال وليست بلسان المقال.
ولذلك قال جمال الدين القاسمي رحمه الله: (قوله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}، أي من جملتهم وحكمه حكمهم، وإن زعم أنه مخالف لهم في الدين، فهو بدلالة الحال منهم لدلالتها على كمال الموافقة) [9] اهـ.
وقال ابن حزم: (صح أن قوله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}، إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين) [10] اهـ.
وقال ابن تيمية رحمه الله: (قال تعالى: {ومن يتولهم منكم}، فيوافقهم ويعينهم، {فإنه منهم}).
وقال أيضا في تفسير هذه الآية: (والمفسرون متفقون؛ على أنها نزلت بسبب قوم ممن كان يظهر الإسلام وفي قلبه مرض خاف أن يغلب أهل الإسلام فيوالي الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم، للخوف الذي في قلوبهم، لا لاعتقادهم أن محمدا صلى الله عليه وسلم كاذب وأن اليهود والنصارى صادقون) [11] اهـ.
وقال القرطبي رحمه الله: (قوله تعالى: {ومن يتولهم منكم}، أي يعضدهم على المسلمين، {فإنه منهم}؛ بيَّن تعالى أن حكمه كحكمهم، وهو يمنع إثبات الميراث للمسلم من المرتد، ثم هذا الحكم باق إلى يوم القيامة...)، إلى قوله رحمه الله: ({ومن يتولهم منكم فإنه منهم}؛ شرط وجوابه، أي لأنه قد خالف الله تعالى ورسوله كما خالفوا، ووجبت معاداته كما وجبت معاداتهم، ووجبت له النار كما وجبت لهم، فصار منهم أي من أصحابهم) [12] اهـ.
وقال سليمان بن عبد الله آل الشيخ رحمه الله: (نهى سبحانه وتعالى عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، وأخبر أن من تولاهم من المؤمنين فهو منهم، وهكذا حكم من تولى الكفار من المجوس وعباد الأوثان، فهو منهم...)، إلى قوله رحمه الله: (ولم يفرق تبارك وتعالى بين الخائف وغيره، بل أخبر تعالى أن الذين في قلوبهم مرض يفعلون ذلك خوف الدوائر، وهكذا حال هؤلاء المرتدين) [13] اهـ.
وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون}.
وقال القرطبي: (ظاهر هذه الآية أنها خطاب لجميع المؤمنين كافة، وهي باقية الحكم إلى يوم القيامة في قطع الولاية بين المؤمنين والكافرين...)، إلى أن قال رحمه الله: ({ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون}، قال ابن عباس: هو مشرك مثلهم، لأن من رضي بالشرك فهو مشرك) [14] اهـ.
قال ابن حزم رحمه الله في كلامه عن وجوب الهجرة من دار الكفر: (من لحق بدار الكفر والحرب مختارا محاربا لمن يليه من المسلمين؛ فهو بهذا الفعل مرتد، له أحكام المرتدين من وجوب القتل عليه متى قدر عليه ومن إباحة ماله وانفساح نكاحه...)، إلى أن قال: (وكذلك من سكن بأرض الهند والسند والترك والسودان والروم من المسلمين، فإن كان لا يقدر على الخروج من هنالك لثقل ظهر أو لقلة مال أو لضعف جسم أو لامتناع طريق؛ فهو معذور، فإن كان هنالك محاربا للمسلمين معينا للكفار بخدمة أو كتابة؛ فهو كافر) [15] اهـ.
وقال أيضا رحمه الله: (ولو أن كافرا غلب على دار من دور الإسلام وأقر المسلمين بها على حالهم، إلا أنه هو المالك لها المنفرد بنفسه في ضبطها، وهو معلن بدين غير الإسلام؛ لكفر بالبقاء معه كل من عاونه وأقام معه، وإن ادعى أنه مسلم) [16] اهـ.
وقال ابن حجر رحمه الله في نفس هذا المعنى، في شرح حديث ابن عمر مرفوعا: (إذا أنزل الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم) [17]: (ويُستفاد من هذا؛ مشروعية الهرب من الكفار ومن الظلمة، لأن الإقامة معهم من إلقاء النفس إلى التهلكة، هذا إذا لم يعنهم ولم يرض بأفعالهم، فإن أعان أو رضي؛ فهم منهم) [18] اهـ.
وقال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة}: (قال علماؤنا: فالفتنة إذا عمت هلك الكل، وذلك عن ظهور المعاصي وانتشار المنكر وعدم التغيير...)، إلى قوله: (إن الناس إذا تظاهروا بالمنكر فمن الفرض على كل من رآه أن يغيره، فإذا سكت عليه فكلهم عاص، هذا بفعله وهذا برضاه، وقد جعل الله في حكمه وحكمته؛ الراضي بمنزلة الفاعل، فانتظم في العقوبة) [19] اهـ.
وقد ذكر شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ضمن نواقض الإسلام التي يكفر بها المسلم: (مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، لقوله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}) [20] اهـ.
وقال الشيخ حمد بن عتيق النجدي رحمه الله: (قد تقدم أن مظاهرة المشركين ودلالتهم على عوارت المسلمين أو الذب عنهم بلسان أو رضى بما هم عليه، كل هذه مكفرات ممن صدرت منه من غير الإكراه المذكور، ومن فعل ذلك؛ فهو مرتد، وإن كان مع ذلك يبغض الكفار ويحب المسلمين، وقد تقدم ذلك في غير موضع، وإنما كررنا لعموم الجهل به وشدة الحاجة إلى معرفته) [21] اهـ.
وقال الشيخ حمد بن عتيق أيضا: (أن يوافقهم - أي الكفار - في الظاهر مع مخالفته لهم في الباطن، وهو ليس في سلطانهم، وإنما حمله على ذلك إما طمع في رياسة أو مال أو مشحة بوطن أو عيال، أو خوف مما يحدث في المآل، فإنه في هذه الحال يكون مرتدا، ولا تنفعه كراهته لهم في الباطن، وهو ممن قال الله فيهم: {ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين}، فأخبر أنه لم يحملهم على الكفر الجهل أو بغضه، ولا محبة الباطل، وإنما هو أن لهم حظاً من حظوظ الدنيا آثروه على الدين) [22] اهـ.
قال تعالى: {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا}.
قال الطبري رحمه الله: (قوله: {إنكم إذا مثلهم}، يعني إن جالستم من يكفر بآيات الله ويُستهزأ بها وأنتم تسمعون؛ فأنتم مثلهم، يعني؛ فإن لم تقوموا عنهم في تلك الحال مثلهم في فعله، لأنكم قد عصيتم الله بجلوسكم معهم وأنتم تسمعون آيات الله يكفر بها ويُستهزأ بها كما عصوه باستهزائهم بآيات الله، فقد أتيتم من معصية الله نحو الذي أتوا منها، فأنتم إذا مثلهم في ركوب معصية الله وإتيانكم ما نهاكم الله عنه) [23] اهـ.
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: (أي إنكم إذا ارتكبتم النهي بعد وصوله إليكم ورضيتم بالجلوس معهم في المكان الذي يُكفر فيه بآيات الله ويُستهزأ بها ويتنقص بها وأقررتموهم على ذلك؛ فقد شاركتموهم في الذي هم فيه، فلهذا قال تعالى: {إنكم إذا مثلهم}...)، إلى قوله رحمه الله: (وقوله: {إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا}، أي؛ كما أشركوهم في الكفر كذلك يشارك الله بينهم في الخلود في نار جهنم أبدا ويجمع بينهم في دار العقوبة والنكال والقيود والأغلال وشراب الحميم والغسلين لا الزلال) [24] اهـ.
فإذا كان الله جل ثناؤه قد حكم على من يجلس مع الكفار وهم يكفرون ويستهزءون بآيات الله تعالى ولم يقم عنهم؛ أنه كافر مثلهم وحكمه حكمهم وسيحشرون محشرا واحدا يوم القيامة، فما حكم من يضيف إلى ذلك التجسس لصالحهم ونقل أخبار المسلمين إليهم وحضهم على قتل أهل الإيمان؟! فمما لا شك فيه أن هؤلاء أشد كفرا ممن ذكرهم الله تعالى في الآية الكريمة.
وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه...}، إلى قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء}، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أوليآء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا}.
وهذا نهي من الله عباده المؤمنين أن يتخلقوا بأخلاق المنافقين الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين، فيكونوا مثلهم في ركوب ما نهاهم عنه من موالاة أعدائه، أي لا توالوا الكفار فتؤازروهم من دون أهل ملتكم ودينكم من المؤمنين، فتكونوا كمن أوجب له النار من المنافقين، ثم قال جل ثناؤه متوعدا من اتخذ منهم الكافرين أولياء من دون المؤمنين؛ إن هو لم يرتدع عن موالاته وينجر عن مخالته أن يلحقه بأهل ولايتهم من المنافقين الذين أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بتبشيرهم بأن لهم عذابا أليما.
وقال تعالى عن المنافقين: {ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليهم ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون}، فذم الله تعالى من يتولى الكفار من أهل الكتاب قبلنا، وبيَّن أن ذلك ينافي الإيمان، وأن من فعل ذلك فهو من جملة المنافقين المتوعدين بالخلود في جهنم وبئس المصير.
وقال تعالى: {بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا}.
وقال تعالى عن المؤمنين المتقين: {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه}، إلى قوله تعالى: {أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون}، فقد بين تبارك وتعالى أنه لا يوجد مؤمن يكن المودة لأعداء الله تعالى من الكفار والمشركين، ولو كانوا أقرب قريب له، وذلك لأن مودة الله ومحبته تنافي مودة عدوة، وهما ضدان لا يجتمعان في قلب امرئ مؤمن أبدا، وهذا دليل واضح على وجوب البراءة من الكفار أيا كان موقعهم وقرابتهم، وأن ذلك دليل صحة الإيمان.
ولذلك فقد ورد عن عبد الرحمن بن حسن وعلي بن حسين وإبراهيم بن سيف في رسالتهم إلى بعض إخوانهم: (إن التوحيد هو إفراد الله تعالى بالعبادة ولا يحصل ذلك إلا بالبراءة من المشركين باطنا وظاهرا...)، وبعد أن ساقوا الآيات في ذلك قالوا: (ثم انظر كيف أكد الباري جل وعلا على رسله والمؤمنين باثنتي عشرة آية في البراءة من المشركين ومدحهم بتلك الصفة، وهذا كله يدل بلا ريب؛ على أن الله أوجب على المؤمنين البراءة من كل مشرك وأمر بإظهار العداوة والبغضاء للكفار عامة وللمحاربين خاصة وحرم على المؤمنين موالاتهم والركون إليهم) [25] اهـ.
وقال تعالى: {إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم}، فقد بيَّن تعالى أن سبب ردتهم عن الإسلام وخروجهم عن الدين؛ هو أنهم قالوا للكفار الكارهين ما أنزل الله: {سنطيعكم في بعض الأمر} [26].
فإذا كان من قال ذلك للكفار ولم يوالهم في الواقع كان مرتدا، فكيف من والاهم ونصرهم على المسلمين ودخل في أحلافهم ونفذ مخططاتهم؟! فهو أولى أن يكون كافرا مرتدا مستحقا للعقوبة في الدنيا والآخرة.
وقال ابن حزم رحمه الله: (وقد قال عز وجل: {إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم ا لهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم * ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما أنزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم أسرارهم * فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم * ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم}، فجعلهم تعالى مرتدين كفارا بعد علمهم الحق وبعد أن تبين لهم الهدى بقولهم للكفار ما قالوا فقط، وأخبرنا تعالى أنه يعرف أسرارهم، وأخبرنا تعالى أنه قد أحبط أعمالهم بإتباعهم ما أسخطه وكراهيتهم رضوانه) [27] اهـ.
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ رحمه الله: (فأخبر تعالى؛ أن سبب ما جرى عليهم من الردة وتسويل الشيطان وإملائه لهم، هو قولهم للذين كرهوا ما نزل الله: {سنطيعكم في بعض الأمر}، فإذا كان من وعد المشركين الكارهين لما أنزل الله بطاعتهم في بعض الأمر كافرا - وإن لم يفعل ما وعدهم به - فكيف بمن وافق المشركين الكارهين لما أنزل الله من الأمر بعبادته وحده لا شريك له وترك عبادة ما سواه من الأنداد والطواغيت والأموات، وأظهر أنهم على هدى، وأن أهل التوحيد مخطئون في قتالهم؟! فهؤلاء أولى بالردة من أولئك الذين وعدوا المشركين بطاعتهم في بعض الأمر) [28] اهـ.
وقريب من معنى الآية السابقة قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون}، ففي هذه الآية ببيان جلي بأن وعد المشركين في السر بالدخول معهم في أحلافهم ونصرهم والخروج معهم نفاقا وكفرا، وإن كان هذا الوعد كذبا وتمويها لا حقيقة له، فكيف بمن وعد الكفار بالدخول معهم ونصرهم صادقا ليس بكاذب؟! فكيف بمن نصرهم فعلا وصار من جملتهم وأعهانهم بالمال والرأي والعتاد؟! أليس هذا أشد حالا وأسوأ حكما ومآلا من المنافقين المذكورين في الآية ممن وعدهم فقط؟!
وقال تعالى ناصحا عباده المؤمنين: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر}، فنهى في هذه الآية عن موالاة الكفار وإكرامهم وأمر بإهانتهم وإذلالهم، ونهى عن الاستعانة بهم في أمور المسلمين لما فيه من العز وعلو اليد.
وكذلك كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري ينهاه أن يستعين بأحد من أهل الشرك في كتابته، وتلا قوله تعالى: {لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا}، وقال: (لا تردوهم إلى العز بعد إذ أذلهم الله) [29] اهـ.
وقد سُئل شيخ الإسلام ابن يتيمة رحمه الله؛ عمن يتعمد قتل المسلم بسبب دينه؟ فأجاب رحمه الله: (أما إذا قتله على دين الإسلام مثل ما يقاتل النصراني المسلمين على دينهم، فهذا كافر شر من الكافر المعاهد، فإن هذا كافر محارب بمنزلة الكفار الذين يقاتلون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهؤلاء مخلدون في جهنم كتخليد غيرهم من الكفار، وأما إذا قتله قتلا محرما، لعداوة أو مال أو خصومة ونحو ذلك؛ فهذا من الكبائر، ولا يكفر بمجرد ذلك عند أهل السنة والجماعة، وإنما يُكفِّر بمثل هذا الخوارج) [30] اهـ.
وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم عليهم بأي نوع من المساعدة؛ فهو كافر مثلهم.
من كل ما سبق؛ يتبين أن من عاون الكفار وظاهرهم على المؤمنين ونقل إليهم أسرارهم، وتسبب في ضررهم بذلك، أو قتل المجاهدين بسبب دينهم وحرض على قتلهم بسبب جهادهم؛ أنه كافر مرتد، يقاتل قتال أهل الكفر الذين والاهم و نصرهم.
والله تعالى أعلم
والحمد لله رب العالمين
كتبه الفقير إلى عفو ربه ورحمته
أبو عمرو، عبد الحكيم حسان
___________________
[1] راجع الدرر السنية: 7/109.
[2] تفسير الطبري: 6/313، راجع تفسير القرطبي: 4/57، راجع تفسير ابن كثير: 1/358، راجع تفسير أبي السعود: 2/23.
[3] الولاء والبراء في الإسلام للشيخ صالح الفوزان: 9.
[4] الجواب الكافي: 213.
[5] الدررالسنية، جزء الجهاد: 93.
[6] راجع أحكام القرآن للجصاص: 4/278.
[7] راجع أحكام القرآن للجصاص: 4/99.
[8] تفسير الطبري: 6/276 - 277.
[9] محاسن التأويل للقاسمي: 6/240.
[10] المحلى لابن حزم: 11/138.
[11] مجموع الفتاوى: 7/193 - 194.
[12] تفسير القرطبي: 6/217.
[13] الرسالة الحادية عشرة من مجموعة التوحيد: 338.
[14] تفسير القرطبي: 8/93 - 94، تفسير ابن كثير: 2/343، تفسير أبي السعود: 4/54، فتح القدير للشوكاني: 2/346.
[15] المحلى لابن حزم، 11/200.
[16] السابق.
[17] رواه البخاري في صحيحه، كتاب الفتن، باب إذا أنزل الله بقوم عذابا، والحديث في الصحيح برقم 7108.
[18] فتح الباري: 13/61.
[19] تفسير القرطبي: 7/374 - 375، وراجع أحكام القرآن لابن العربي: 2/847.
[20] مجموعة التوحيد: 33.
[21] الدفاع عن أهل السنة والاتباع للشيخ حمد بن عتيق النجدي: 31 - 32.
[22] رسالة بيان النجاة والفكاك من موالاة المرتدين وأهل الإشراك، من كتاب مجموعة التوحيد: 418.
[23] تفسير الطبري: 9/320 - 322.
[24] تفسير ابن كثير: 1/566 - 567، ط دار المعرفة بيروت.
[25] راجع الدرر السنية: 2/128.
[26] مجموع الفتاوى: 28/190 – 193.
[27] راجع الفصل في الملل: 3/122، راجع: تفسير الطبري: 26/58 - 60، تفسير ابن كثير: 4/181، فتح القدير للشوكاني: 5/39.
[28] الرسالة الحادية عشرة من مجموعة التوحيد: 346 - 347.
[29] راجع أحكام القرآن للجصاص: 4/293.
[30] مجموع الفتاوى: 34/136 - 137.
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
رد: موالاة الكفار من نواقض الاسلام... ترصد المجاهدين والتبليغ عنهم من صورها
تدبر أخي القارئ الكريم أن الحكم على هذه المسألة وشبيهاتها كالحكم بغير ما أنزل الله، يكون بناء على الظاهر وليس الباطن، فتدبر بداية هذه الآيات التي ذكرت في سياق تبيان المسألة أعلاه:
{ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر}
{إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم ا لهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم * ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما أنزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم أسرارهم * فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم * ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم}
{ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون}
وتدبر هذه الأقوال الموضحة للحكم على المسألة:
والقاعدة المعروفة؛ أن الأحكام يعمل فيها بالظواهر والله يتولى السرائر، والظاهر فرعٌ للباطن ودليلٌ عليه، ولم يكلفنا الله بالتنقيب عن الناس ومعرفة ما تنطوي عليه الضمائر، إذ لاسبيل عليه ألبته، فلا تعلق الأحكام الشرعية في أمور غير مقدور عليها، قال تعالى: {يأيها الذين أمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا...}، أمر بالتبين لأن الأصل هو الحكم بالظاهر.
وقال النبي للعباس لما أسر يوم بدر: (أما ظاهرك فعلينا، وأما سريرتك فإلى الله...).
وقال ابن القيم: (وأحكام الدنيا فهي جارية على ظاهر الأمر) [طريق الهجرتين: الطبقة السابعة عشرة].
وقال الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي، في رده على قول الجزائري: (يحاسب عباده على ما يعتقدونه على نياتهم، تصديقاً على ما في الحديث: "إنما الأعمال بالنيات... إلخ)، قال رحمه الله - عبد الرحمن بن محمد -: (لا يمنع القول بشرك من جعل مع الله إلهاً آخر، فإن الأخذ في الدنيا بالظواهر، وما دل عليه اللفظ صريحاً، وهذه قاعدة معروفة؛ أن الأحكام يعمل فيها بالظواهر والله يتولى السرائر، ونص العقلاء: على أن من الحمق المتناهي تكذيب العين، وتصديق الظن، فكيف نقبل منك هذه الدعوى، وقد قال عمر رضي الله عنه: "إن الوحي قد انقطع، وإنما نؤاخذكم الآن بما ظهر لنا، فمن أظهر لنا خيراً أمناه وقربناه، وليس لنا من سريرته شيء والله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءاً لم نؤمنه ولم نصدقه وإن قال إن سريرته حسنة"، وعلى هذا إجماع المسلمين) [السيف المسلول على عابد الرسول: 136].
وقال الشيخ عبد الله أبا بطين رحمه الله: (وقد ذكر العلماء من أهل كل مذهب؛ أشياء كثيرة لا يمكن حصرها من الأقوال والأفعال والاعتقادات، أنه يكفر صاحبها، ولم يقيدوا ذلك بالمعاند، فالمدعي أن مرتكب الكفر متأولاً أو مجتهدًا أو مخطئًا أو مقلدًا أو جاهلا؛ معذور، مخالف للكتاب والسنة والإجماع بلا شك، مع أنه لا بد أن ينقض أصله، فلو طرد أصله كفر بلا ريب، كما لو توقف في تكفير من شك في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم) [الإنتصار].
وقال شيخ الإسلام ابن تيميةً: (الإيمان والنفاق أصله في القلب، وإنما الذي يظهر من القول والفعل فرعٌ له ودليلٌ عليه؛ فإذا ظهر من الرجل شيء من ذلك؛ ترتب الحكم عليه، فلما أخبر سبحانه أن الذين يلمزون النبي صلى الله عليه وسلم والذين يؤذونه من المنافقين؛ ثبت أن ذلك دليلٌ على النفاق وفرعٌ له، ومعلوم أنه إذا حصل فرع الشيء ودليله؛ حصل أصله المدلول عليه، فثبت أنه حيثما وجد ذلك كان صاحبه منافقاً) [الصارم: 66]
وقال أيضاً: (أن الإيمان قول وعمل؛ فمن اعتقد الوحدانية في الألوهية لله سبحانه وتعالى، والرسالة لعبده ورسوله، ثم لم يتبع هذا الاعتقاد موجبة من الإجلال والإكرام - الذي هو حال في القلب؛ يظهر أثره على الجوارح، بل قارنه الاستخفاف والتسفيه والازدراء بالقول أو بالفعل - كان وجود ذلك الاعتقاد كعدمه، وكان ذلك موجباً لفساد ذلك الاعتقاد، ومزيل لما فيه من المنفعة والصلاح... هذا فيما بينه وبين الله، وأما في الظاهر، فتجري الأحكام على ما يظهره من القول والفعل، كما تجرد كفر إبليس عن قصد التكذيب بالربوبية، وإن كان عدم هذا القصد لا ينفعه، كما لا ينفع من قال؛ الكفر أن لا يقصد أن يكفر) [الصارم: 377 - 378].
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
رد: موالاة الكفار من نواقض الاسلام... ترصد المجاهدين والتبليغ عنهم من صورها
الدلائل في حكم موالاة أهل الإشراك
الكاتب : سليمان بن عبد الله آل الشيخ
إعلم رحمك الله:
أن الإنسان إذا أظهر للمشركين الموافقة على دينهم، خوفاً منهم، ومداراة لهم، ومداهنة لدفع شرهم، فإنه كافر مثلهم وإن كان يكره دينهم ويبغضهم، ويحب الإسلام والمسلمين.
هذا إذا لم يقع منه إلا ذلك، فكيف إذا كان في دار منعة، واستدعي بهم، ودخل في طاعتهم، وأظهر الموافقة على دينهم الباطل، وأعانهم عليه بالنصرة والمال، ووالاهم وقطع الموالاة بينه وبين المسلمين، وصار من جنود القباب والشرك وأهلها بعد ما كان من جنود الإخلاص والتوحيد وأهله؟! فإن هذا لا يشك مسلم أنه كافر من أشد الناس عداوة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يستثنى من ذلك إلا المكره، وهو الذي يستولي عليه المشركون فيقولون له: اكفر، او أفعل كذا، وإلا فعلنا بك وقتلناك، أو يأخذونه فيعذبونه حتى يوافقهم، فيجوز له الموافقة باللسان مع طمأنينة القلب بالإيمان.
وقد أجمع العلماء على أن من تكلم بالكفر هازلاً، أنه يكفر، فكيف بمن أظهر الكفر خوفاً وطمعاً في الدنيا؟! وأنا أذكر بعض الأدلة على ذلك بعون الله وتأييده.
# الدليل الأول: قوله تعالى: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم}:
فأخبر تعالى أن اليهود والنصارى، وكذلك المشركون، لا يرضون عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى يتبع ملتهم، ويشهد أنهم على حق، ثم قال تعالى: {قل إنَّ هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير}، وفي الآية الأخرى: {إنك إذاً لمن الظالمين}، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، لو يوافقهم على دينهم ظاهراً من غير عقيدة القلب، لكن خوفاً من شرهم ومداهنة، كان من الظالمين، فكيف بمن أظهر لعبَّاد القبور والقباب أنهم على حق وهدى مستقيم؟! فإنهم لا يرضون إلا بذلك.
# الدليل الثاني: قوله تبارك وتعالى: {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}:
فأخبر تعالى أن الكفار لا يزالون يقاتلون المسلمين حتى يردوهم عن دينهم إن استطاعوا، ولم يرخص في موافقتهم خوفاً على النفس والمال والحرمة، بل أخبر عمن وافقهم بعد أن قاتلوه ليدفع شرًّهم أنه مرتد، فإن مات على ردته بعد أن قاتله المشركون فإن من أهل النار الخالدين فيها، فكيف بمن وافقهم من غير قتال؟! فإذا كان من وافقهم بعد أن قاتلوه لا عذر له، عرفت أن الذين يأتون إليهم يسارعون في الموافقة لهم من غير خوف ولا قتال، أنهم أولى بعدم العذر، وأنهم كفار مرتدون.
# الدليل الثالث: قوله تبارك تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة}:
فنهى سبحانه المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء وأصدقاء وأصحاباً من دون المؤمنين وإن كانوا خائفين منهم، وأخبر أن من يفعل ذلك فليس من الله في شيء، أي لا يكون من أولياء الله الموعودين بالنجاة في الآخرة، إلا أن تتقوا منهم تقاة، وهو أن يكون الإنسان مقهوراً معهم لا يقدر على عداوتهم، فيظهر لهم المعاشرة والقلبُ مطمئنّ بالبغضاء والعداوة، فكيف بمن اتخذهم أولياء من دون المؤمنين من غير عذر، استحبابَ الحياة الدنيا على الآخرة، والخوف من المشركين، وعدم الخوف من الله، فما جعل الله الخوف منهم عذراً، بل قال تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}.
# الدليل الرابع: قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين}:
فأخبر تعالى أن المؤمنين إن أطاعوا الكفار فلا بد أن يردوهم على أعقابهم عن الإسلام، فإنهم لا يقنعون منهم بدون الكفر، وأخبر أنهم إن فعلوا ذلك صاروا من الخاسرين في الدنيا والآخرة، ولم يرخص في موافقتهم وطاعتهم خوفاً منهم، وهذا هو الواقع، فإنهم لا يقنعون ممن وافقهم إلا بشهادة أنهم على حق، وإظهار العداوة والبغضاء للمسلمين، وقطع اليد منهم، ثم قال: {بل الله مولاكم وهو خير الناصرين} فأخبر تعالى أن الله مولى المؤمنين وناصرهم، وهو خير الناصرين ففي ولايته وطاعته غُنية وكفاية عن طاعة الكفار، فيا حسرة على العباد الذين عرفوا التوحيد ونشأوا فيه، ودانوا به زماناً، كيف خرجوا عن ولاية رب العالمين، وخير الناصرين، إلى ولاية القباب وأهلها، ورضوا بها بدلاً عن ولاية من بيده ملكوت كل شيء؟! بئس للظالمين بدلاً.
# الدليل الخامس: قوله تعالى: {أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير}:
فأخبر تعالى أنه لا يستوي من اتبع رضوان الله، ومن اتبع ما يسخطه، ومأواه جهنم يوم القيامة.
ولا ريب أن عبادة الرحمن وحدها ونصرها، وكون الإنسان من أهلها، من رضوان الله، وأن عبادة القباب والأموات ونصرها والكون من أهلها مما يسخط الله، فلا يستوي عند الله من نصر توحيده ودعوته بالإخلاص وكان مع المؤمنين، ومن نصر الشرك ودعوة الأموات وكان مع المشركين.
فإن قالوا: خفنا. قيل لهم: كذبتم.
وأيضا فما جعل الله الخوف عذراً في اتباع ما يسخطه، واجتناب ما يرضيه. وكثير من أهل الباطل إنما يتركون الحق خوفاً من زوال دنياهم. وإلا فيعرفون الحق ويعتقدونه، ولم يكونوا بذلك مسلمين.
# الدليل السادس: قوله تعالى: {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً}:
أي في أي فريق كنتم؟ أفي فريق المسلمين، أم في فريق المشركين؟ فاعتذروا عن كونهم ليسوا في فريق المسلمين بالاستضعاف، فلم تعذرهم الملائكة، وقالوا لهم: {ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً}.
ولا يشك عاقل أن البلدان الذين خرجوا عن المسلمين صاروا مع المشركين، وفي فريقهم وجماعتهم. هذا مع أن الآية نزلت في أناس من أهل مكة أسلموا واحتبسوا عن الهجرة، فلما خرج المشركون إلى بدر أكرهوهم على الخروج معهم، فخرجوا خائفين، فقتلهم المسلمون يوم بدر، فلما علموا بقتلهم تأسفوا وقالوا: قتلنا إخواننا، فأنزل الله فيهم هذه الآية.
فكيف بأهل البلدان الذين كانوا على الإسلام فخلعوا ربقته من أعناقهم، وأظهروا لأهل الشرك الموافقة على دينهم، ودخلوا في طاعتهم، وآووهم ونصروهم، وخذلوا أهل التوحيد، واتبعوا غير سبيلهم، وخطؤوهم، وظهر فيهم سبهم وشتمهم وعيبهم، والاستهزاء بهم، وتسفيه رأيهم في ثباتهم على التوحيد، والصبر عليه، وعلى الجهاد فيه، وعاونوهم على أهل التوحيد طوعاً لا كرهاً، واختياراً لا اضطراراً؟ فهؤلاء أولى بالكفر والنار من الذين تركوا الهجرة شحاً بالوطن، وخوفاً من الكفار، وخرجوا في جيشهم مكرهين خائفين.
فإن قال قائل: هلاَّ كان الإكراه على الخروج عذراً للذين قتلوا يوم بدر؟
قيل: لا يكون عذراً، لأنهم في أول الأمر لم يكونوا معذورين إذا قاموا مع الكفار، فلا يعذرون بعد ذلك بالإكراه، لأنهم السبب في ذلك حيث قاموا معهم وتركوا الهجرة.
# الدليل السابع: قوله تعالى: {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم}:
فذكر الله تعالى أنه نزل على المؤمنين في الكتاب أنهم إذا سمعوا آيات الله يكفر بها، ويستهزأ بها، فلا يقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره. وأن من جلس مع الكافرين بآيات الله، المستهزئين بها في حال كفرهم واستهزائهم، فهو مثلهم.
ولم يفرق بين الخائف وغيره إلا المكره، هذا وهم في بلد واحد في أول الإسلام، فكيف بمن كان في سعة الإسلام وعزة بلاده، فدعا الكافرين بآيات الله المستهزئين بها إلى بلاده، واتخذهم أولياء وأصحاباً وجلساء، وسمع كفرهم واستهزاءهم وأقرَّهم وطرد أهل التوحيد وأبعدهم؟
# الدليل الثامن: قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}:
فنهى سبحانه المؤمنين عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، وأخبر أن من تولاهم من المؤمنين فهو منهم.
وهكذا حكم من تولى الكفار من المجوس وعبَّاد الأوثان فهو منهم، فإن جادل مجادل في أن عبادة القباب ودعاء الأموات مع الله ليس بشرك، وأن أهلها ليسوا بمشركين، بان أمره واتضح عناده وكفره.
ولم يفرق تبارك وتعالى بين الخائف وغيره، بل أخبر تعالى أن الذين في قلوبهم مرض يفعلون ذلك خوفاً من الدوائر.
وهكذا حال هؤلاء المرتدين، خافوا من الدوائر، لما في قلوبهم من عدم الإيمان بوعد الله الصادق بالنصر لأهل التوحيد، فبادروا وسارعوا إلى أهل الشرك، خوفاً أن تصيبهم دائرة. قال الله تعالى: {فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين}.
# الدليل التاسع: قوله تعالى: {ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون}:
فذكر الله تعالى أن موالاة الكفار موجبة لسخط الله، والخلود في العذاب بمجردها، وإن كان الإنسان خائفاً، إلا من أكره بشرطه، فكيف إذا اجتمع ذلك مع الكفر الصريح، وهو معاداة التوحيد وأهله، والمعاونة على زوال دعوة الله بالاخلاص، وعلى تثبيت دعوة غيره؟!
# الدليل العاشر: قوله تعالى: {ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيراً منهم فاسقون}:
فذكر تعالى أن موالاة الكفار منافية للإيمان بالله والنبي صلى الله عليه وسلم وما أنزل إليه. ثم أخبر أن سبب ذلك كون كثير منهم فاسقين، ولم يفرق بين من خاف الدائرة وبين من لم يخف، وهكذا حال كثير من هؤلاء المرتدين قبل ردتهم كثير منهم فاسقون، فجرهم ذلك إلى موالاة الكفار، والردة عن الإسلام، نعوذ بالله من ذلك.
# الدليل الحادي عشر: قوله تعالى: {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون}:
وهذه الآية نزلت لما قال المشركون: تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله، فأنزل الله هذه الآية.
فإذا كان من أطاع المشركين في تحليل الميتة مشركاً من غير فرق بين الخائف وغيره إلا المكره، فكيف بمن أطاعهم في تحليل موالاتهم، والكون معهم ونصرهم، والشهادة أنهم على حق، واستحلال دماء المسلمين وأموالهم، والخروج عن جماعة المسلمين إلى جماعة المشركين؟ فهؤلاء أولى بالكفر والشرك ممن وافقهم على أن الميتة حلال.
# الدليل الثاني عشر: قوله تعالى: {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين}:
وهذه الآية نزلت في عالمٍ عابد في زمان بني إسرائيل، يقال له: بلعام، وكان يعلم الاسم الأعظم.
قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: (لما نزل بهم موسى عليه السلام - يعني بالجبارين - أتاه بنو عمه وقومه فقالوا: إن موسى رجل حديد، ومعه جنود كثيرة، وإنه إن يظهر علينا يهلكنا، فادع الله أن يردَّ عنا موسى ومن معه. قال: إني إن دعوت ذهبت دنياي وآخرتي، فلم يزالوا به حتى دعا عليهم، فسلخه الله مما كان عليه. فذلك قوله تعالى: {فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين}).
وقال ابن زيد: (كان هواه مع القوم) - يعني الذين حاربوا موسى وقومه -
فذكر تعالى أمر هذا المنسلخ من آيات الله، بعد أن أعطاه الله إياها، وعرفها وصار من أهلها ثم انسلخ منها، أي ترك العمل بها، وذكر في انسلاخه منها ما معناه أنه مظاهرةُ المشركين ومعاونتهم برأيه، والدعاء على موسى عليه السلام ومن معه، أن يردهم الله عن قومه، خوفاً على قومه وشفقة عليهم، مع كونه يعرف الحقًّ، ويشهد به، ويتعبًّد، ولكن صدًّه عن العمل به متابعة قومه وعشيرته وهواه وإخلاده إلى الأرض، فكان هذا انسلاخاً من آيات الله تعالى.
وهذا هو الواقع من هؤلاء المرتدين وأعظم، فإن الله أعطاهم آياته التي فيها الأمر بالتوحيد، ودعوته وحده لا شريك له، والنهي عن الشرك به ودعوة غيره، والأمر بموالاة المؤمنين ومحبتهم ونصرتهم، والاعتصام بحبل الله جميعا، والكون مع المؤمنين، والأمر بمعاداة المشركين، وبغضهم وجهادهم وفراقهم والأمر بهدم الأوثان، وإزالة القحاب واللواط والمنكرات، وعرفوها وأقروا بها، ثم انسلخوا من ذلك كله، فهم أولى بالانسلاخ من آيات الله والكفر والردة من بلعام أو هم مثله.
# الدليل الثالث عشر: قوله تعالى: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون}:
فذكر تعالى أن الركون إلى الظلمة من الكفار والظالمين موجب لمسيس النار، ولم يفرق بين من خاف منهم وغيره إلا المكره، فكيف بمن اتخذ الركون إليهم ديناً ورأياً حسناً، وأعانهم بما قدر عليه من مال ورأي، وأحبًّ زوال التوحيد وأهله، واستيلاء أهل الشرك عليهم؟! فإن هذا أعظم الكفر والركون.
# الدليل الرابع عشر: قوله تعالى: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم. ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين}:
فحكم تعالى حكماً لا يبدَّل أن من رجع عن دينه إلى الكفر، فهو كافر، سواء كان له عذر خوفاً على نفس أو مال أو أهل، أم لا، وسواء كفر بباطنه أم بظاهره دون باطنه، وسواء كفر بفعاله ومقاله، أو بأحدهما دون الآخر، وسواء كان طامعاً في دنيا ينالها من المشركين أم لا، فهو كافر على كل حال إلا المكره، وهو في لغتنا: المغصوب.
فإذا أكره الإنسان على الكفر وقيل له: اكفر وإلا قتلناك أو ضربناك، أو أخذه المشركون فضربوه، ولم يمكنه التخلص إلا بموافقتهم، جاز له موافقتهم في الظاهر، بشرط أن يكون قلبه مطمئناً بالإيمان، أي ثابتاً عليه، معتقداً له.
فأما إن وافقهم بقلبه فهو كافر ولو كان مكرهاً.
وظاهر كلام أحمد رحمه الله أنه في الصورة الأولى لا يكون مكرهاً حتى يعذًّبه المشركون، فإنه لما دخل عليه يحيى بن معين وهو مريض، فسلم عليه فلم يرد عليه السلام، فما زال يعتذر ويقول: (حديث عمار. وقال الله تعالى: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان})، فقلب أحمد وجهه إلى الجانب الآخر، فقال يحيى: (لا يقبل عذراً)، فلما خرج يحيى قال أحمد: (يحتج بحديث عمار، وحديث عمار؛ مررت بهم وهم يسبونك فنهيتهم فضربوني، وأنتم قيل لكم؛ نريد أن نضربكم)، فقال يحيى: (والله ما رأيت تحت أديم السماء أفقه في دين الله تعالى منك).
ثم أخبر تعالى أن هؤلاء المرتدين الشارحين صدورهم بالكفر، وإن كانوا يقطعون على الحق ويقولون: ما فعلنا هذا إلا خوفاً، فعليهم غضب من الله ولهم عذابٌ عظيم.
ثم أخبر تعالى أن سبب هذا الكفر والعذاب ليس بسبب الاعتقاد للشرك، أو الجهل بالتوحيد، أو البغض للدين، أو محبة الكفر، وإنما سببه أن له في ذلك حظاً من حظوظ الدنيا، فآثره على الدين وعلى رضى رب العالمين. فقال: {ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين} فكفرهم تعالى، وأخبر أنه لا يهديهم مع كونهم يعتذرون بمحبة الدنيا، ثم أخبر تعالى أن هؤلاء المرتدين لأجل استحباب الدنيا على الآخرة، هم الذين طبع على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم، وأنهم هم الغافلون. ثم أخبر خبراً مؤكداً محققاً أنهم في الآخرة هم الخاسرون.
# الدليل الخامس عشر: قوله تعالى عن أهل الكهف: {إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذاً أبداً}:
فذكر تعالى عن أهل الكهف أنهم ذكروا عن المشركين أنهم إن قهروكم وغلبوكم، فهم بين أمرين: إما أن يرجموكم، أي يقتلوكم شرًّ قتلة بالرجم، وإما أن يعيدوكم في ملتهم ودينهم، {ولن تفلحوا إذاً أبداً} أي وإن وافقتموهم على دينهم بعد أن غلبوكم وقهروكم، فلن تفلحوا إذاً أبداً، فهذا حال من وافقهم بعد أن غلبوه، فكيف بمن وافقهم وراسلهم من بعيد، وأجابهم إلى ما طلبوا من غير غلبة ولا إكراه، ومع ذلك يحسبون أنهم مهتدون؟.
# الدليل السادس عشر: قوله تعالى: {ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين}:
فأخبر تعالى أن من الناس من يعبد الله على حرف، أي على طرف {فإن أصابه خير} أي نصر وعز وصحة وسعة وأمن وعافية، ونحو ذلك {اطمأن به} أي ثبت وقال: هذا دين حسن ما رأينا فيه إلا خيراً {وإن أصابته فتنة} أي خوف ومرض وفقر ونحو ذلك {انقلب على وجهه} أي ارتد عن دينه ورجع إلى أهل الشرك.
فهذه الآية مطابقة لحال المنقلبين عن دينهم في هذه الفتنة، يعبدون الله على حرف، أي على طرف، ليسوا ممن يعبد الله على يقين وثبات، فلما أصابتهم هذه الفتنة انقلبوا عن دينهم، وأظهروا موافقة المشركين، وأعطوهم الطاعة، وخرجوا عن جماعة المسلمين إلى جماعة المشركين، فهم معهم في الآخرة، كما هم معهم في الدنيا، فخسروا الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين.
هذا مع أن كثيراً منهم في عافية، ما آتاهم من عدو، إنما ساء ظنهم بالله، فظنوا أنه يديل الباطل وأهله على الحق وأهله، فأرداهم سوء ظنهم بالله، كما قال تعالى فيمن ظن به ظن السوء: {وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين}.
وأنت يا من منَّ الله عليه بالثبات على الإسلام، أحذر أن يدخل في قلبك شيء من الريب، أو تحسين أمر هؤلاء المرتدين، أو أن موافقتهم للمشركين وإظهار طاعتهم رأي حسن، حذراً على الأنفس والأموال والمحارم، فإن هذه الشبهه هي التي أوقعت كثيراً من الأولين والآخرين في الشرك بالله، ولم يعذرهم الله بذلك، وإلا فكثير منهم يعرفون الحق، ويعتقدونه بقلوبهم، وإنما يدينون بالشرك للأعذار الثمانية التي ذكرها الله في كتابه، فلم يعذر بها أحداً ولا ببعضها، فقال: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين}.
# الدليل السابع عشر: قوله تعالى: {إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم * ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم * فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم * ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم}:
فذكر تعالى عن المرتدين على أدبارهم أنهم من بعد ما تبين لهم الهدى ارتدّوا على علم، ولم ينفعهم علمهم بالحق مع الردة، وغرًّهم الشيطان بتسويله، وتزيين ما ارتكبوا من الردة، وهكذا حال هؤلاء المرتدين في هذه الفتنة، غرهم الشيطان، وأوهمهم أن الخوف عذر لهم في الردة، وأنهم بمعرفة الحق ومحبته والشهادة به لا يضرهم ما فعلوه، ونسوا أن كثيراً من المشركين يعرفون الحق ويحبونه ويشهدون به، ولكن يتركون متابعته والعمل به محبة للدنيا، وخوفاً على الأنفس والأموال، والمآكل والرئاسات.
ثم قال تعالى: {ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر} فأخبر تعالى أن سبب ما جرى عليهم من الردة، وتسويل الشيطان، وإملائه لهم، هو قولهم للذين كرهوا ما نزَّل الله: {سنطيعكم في بعض الأمر} فإذا كان من وعد المشركين الكارهين لما أنزل الله بطاعتهم في بعض الأمر كافراً، وإن لم يفعل ما وعدهم به، فكيف بمن وافق المشركين الكارهين لما أنزل الله من الأمر بعبادته وحده لا شريك له، وترك عبادة ما سواه من الأنداد والطواغيت والأموات، وأظهر أنهم على هدى، وأن أهل التوحيد مخطئون في قتالهم، وأن الصواب في مسالمتهم، والدخول في دينهم الباطل؟! فهؤلاء أولى بالردَّة من أولئك الذين وعدوا المشركين بطاعتهم في بعض الأمر، ثم أخبر عن حالهم الفظيع عند الموت، ثم قال: {ذلك} الأمر الفظيع عند الوفاة {بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم}.
ولا يستريب مسلم أن اتباع المشركين، والدخول في جملتهم، والشهادة أنهم على حق، ومعاونتهم على زوال التوحيد وأهله، ونصره القباب والقحاب واللواط، من اتباع ما يسخط الله، وكراهة رضوانه، وإن ادعوا أن ذلك لأجل الخوف، فإن الله ما عذر أهل الردة بالخوف من المشركين، بل نهى عن خوفهم فأين هذا ممن يقول: ما جرى منَّا شيء ونحن على ديننا.
# الدليل الثامن عشر: قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحداً أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون}:
فعقد تعالى الأخوة بين المنافقين والكفار، وأخبر أنهم يقولون لهم في السر: {لئن أخرجتم لنخرجن معكم} أي لئن غلبكم محمد صلى الله عليه وسلم وأخرجكم من بلادكم {لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحداً أبداً}؛ أي لا نسمع من أحد فيكم قولاً، ولا نعطي فيكم طاعة. {وإن قوتلتم لننصرنكم}؛ أي إن قاتلكم محمد صلى الله عليه وسلم لننصرنكم ونكون معكم، ثم شهد تعالى أنهم كاذبون في هذا القول، فإذا كان وعد المشركين في السر بالدخول معهم ونصرهم، والخروج معهم إن أجلوا، نفاقاً وكفراً وإن كان كذباً، فكيف بمن أظهر ذلك صادقاً، وقدم عليهم، ودخل في طاعتهم، ودعا إليها، ونصرهم وانقاد لهم، وصار من جملتهم، وأعانهم بالمال والرأي، هذا مع أن المنافقين لم يفعلوا ذلك إلا خوفاً من الدوائر، كما قال تعالى: {فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة..} فكذا حال كثير من المرتدين في هذه الفتنة، فإن عذر كثير منهم هو هذا العذر الذي ذكره الله عن الذين في قلوبهم مرض ولم يعذرهم به.
قال الله تعالى: {فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين * ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين}، ثم قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين}، فأخبر تعالى أنه لا بد عند وجود المرتدين من وجود المحبين المحبوبين المجاهدين، ووصفهم بالذلة والتواضع للمؤمنين، والعزة والغلظة والشدة على الكافرين، بضد من كان تواضعه وذله ولينه لعباد القباب، وأهل القحاب واللواط، وعزته وغلظته على أهل التوحيد والإخلاص، فكفى بهذا دليلاً على كفر من وافقهم وإن ادعى أنه خائف، فقد قال تعالى: {ولا يخافون لومة لائم} وهذا بضد من يترك الصدق والجهاد خوفاً من المشركين، ثم قال تعالى: {يجاهدون في سبيل الله} أي في توحيده، صابرين على ذلك ابتغاء وجه ربهم لتكون كلمة الله هي العليا، ولا يخافون لومة لائم، أي لا يبالون بمن لا مهم وآذاهم في دينهم، بل يمضون على دينهم، يجاهدون فيه غير ملتفتين للوم أحد من الخلق ولا لسخطه ولا لرضاه، إنما همتهم وغاية مطلوبهم رضى سيدهم ومعبودهم، والهرب من سخطه.
وهذا بخلاف من كانت همته وغاية مطلوبه رضى عبّاد القباب، وأهل القحاب واللواط ورجائهم، والهرب مما يسخطهم، فإن هذا غاية الضلال والخذلان.
ثم قال تعالى: {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم}، فأخبر تعالى أن هذا الخير العظيم، والصفات الحميدة لأهل الإيمان الثابتين على دينهم عند وقوع الفتن، ليس بحولهم ولا بقوتهم، وإنما هو فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، ثم قال: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون}، فأخبر تعالى خبراً بمعنى الأمر بولاية الله ورسوله والمؤمنين وفي ضمنه النهي عن موالاة أعداء الله ورسوله والمؤمنين.
ولا يخفى أي الحزبين أقرب إلى الله ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة. فالمتولي لضدهم، واضع للولاية في غير محلها، مستبدل بولاية الله ورسوله والمؤمنين المقيمين للصلاة المؤتين للزكاة ولاية أهل الشرك والأوثان والقباب. ثم أخبر تعالى أن الغلبة لحزبه ولمن تولاهم: {ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون}.
# الدليل التاسع عشر: قوله تعالى: {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أوعشيرتهم}:
فأخبر تعالى أنك لا تجد من كان يؤمن بالله واليوم الآخر يواد من حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب، وأن هذا منافٍ للإيمان، مضاد له، لا يجتمع هو والإيمان إلا كما يجتمع الماء والنار.
وقد قال تعالى في موضع آخر: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون}، ففي هاتين الآيتين البيان الواضح أنه لا عذر لأحد في الموافقة على الكفر خوفاً على الأموال والآباء والآبناء والأزواج والعشائر ونحو ذلك مما يعتذر به كثير من الناس، إذا كان لم يرخص لأحد في موادتهم، واتخاذهم أولياء بأنفسهم خوفاً منهم، وإيثاراً لمرضاتهم، فكيف بمن اتخذ الكفار الأباعد أولياء وأصحاباً، وأظهر لهم الموافقة على دينهم خوفاً على بعض هذه الأمور ومحبة لها؟! ومن العجب استحسانهم لذلك واستحلالهم له، فجمعوا مع الردة استحلال الحرام.
# الدليل العشرون: قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل}:
فأخبر تعالى أن من تولى أعداء الله وإن كانوا أقرباء، فقد ضل سواء السبيل، أي أخطأ الصراط المستقيم، وخرج عنه إلى الضلالة.
فأين هذا ممن يدَّعي أنه على الصراط المستقيم، لم يخرج عنه؟ فإن هذا تكذيب لله، ومن كذَّب الله فهو كافر، واستحلال لما حرم الله من ولاية الكفار، ومن استحلَّ محرَّماً فهو كافر.
ثم ذكر تعالى شبهة من اعتذر بالأرحام والأولاد فقال: {لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير} فلم يعذر تعالى من اعتذر بالأرحام والأولاد والخوف عليها ومشقة مفارقتها، بل أخبر أنها لا تنفع يوم القيامة، ولا تغني من عذاب الله شيئاً، كما قال في الآية الأخرى: {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون}.
# الدليل الحادي والعشرون: من السنة ما رواه أبو داود وغيره، عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من جامع المشرك وسكن معه، فإنه مثله):
فجعل صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من جامع المشركين، أي اجتمع معهم وخالطهم وسكن معهم مثلهم، فكيف بمن أظهر لهم الموافقة على دينهم وآواهم وأعانهم؟! فإن قالوا: خفنا، قيل لهم: كذبتم.
وأيضاً فليس الخوف بعذرٍ، كما قال تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله} فلم يعذر تبارك وتعالى من يرجع عن دينه عند الأذى والخوف، فكيف بمن لم يصبه أذى ولا خوف؟! وإنما جاؤوا إلى الباطل محبة له وخوفاً من الدائرة.
والأدلة على هذا كثيرة وفي هذا كفاية لمن أراد الله هدايته.
وأما من أراد الله فتنته وضلالته، فكما قال تعالى: {إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون * ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم}.
ونسأل الله الكريم المنان أن يحيينا مسلمين، وأن يتوفانا مسلمين، وأن يلحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين، برحمته وهو أرحم الراحمين.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم
آمين
الكاتب : سليمان بن عبد الله آل الشيخ
إعلم رحمك الله:
أن الإنسان إذا أظهر للمشركين الموافقة على دينهم، خوفاً منهم، ومداراة لهم، ومداهنة لدفع شرهم، فإنه كافر مثلهم وإن كان يكره دينهم ويبغضهم، ويحب الإسلام والمسلمين.
هذا إذا لم يقع منه إلا ذلك، فكيف إذا كان في دار منعة، واستدعي بهم، ودخل في طاعتهم، وأظهر الموافقة على دينهم الباطل، وأعانهم عليه بالنصرة والمال، ووالاهم وقطع الموالاة بينه وبين المسلمين، وصار من جنود القباب والشرك وأهلها بعد ما كان من جنود الإخلاص والتوحيد وأهله؟! فإن هذا لا يشك مسلم أنه كافر من أشد الناس عداوة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يستثنى من ذلك إلا المكره، وهو الذي يستولي عليه المشركون فيقولون له: اكفر، او أفعل كذا، وإلا فعلنا بك وقتلناك، أو يأخذونه فيعذبونه حتى يوافقهم، فيجوز له الموافقة باللسان مع طمأنينة القلب بالإيمان.
وقد أجمع العلماء على أن من تكلم بالكفر هازلاً، أنه يكفر، فكيف بمن أظهر الكفر خوفاً وطمعاً في الدنيا؟! وأنا أذكر بعض الأدلة على ذلك بعون الله وتأييده.
# الدليل الأول: قوله تعالى: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم}:
فأخبر تعالى أن اليهود والنصارى، وكذلك المشركون، لا يرضون عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى يتبع ملتهم، ويشهد أنهم على حق، ثم قال تعالى: {قل إنَّ هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير}، وفي الآية الأخرى: {إنك إذاً لمن الظالمين}، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، لو يوافقهم على دينهم ظاهراً من غير عقيدة القلب، لكن خوفاً من شرهم ومداهنة، كان من الظالمين، فكيف بمن أظهر لعبَّاد القبور والقباب أنهم على حق وهدى مستقيم؟! فإنهم لا يرضون إلا بذلك.
# الدليل الثاني: قوله تبارك وتعالى: {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}:
فأخبر تعالى أن الكفار لا يزالون يقاتلون المسلمين حتى يردوهم عن دينهم إن استطاعوا، ولم يرخص في موافقتهم خوفاً على النفس والمال والحرمة، بل أخبر عمن وافقهم بعد أن قاتلوه ليدفع شرًّهم أنه مرتد، فإن مات على ردته بعد أن قاتله المشركون فإن من أهل النار الخالدين فيها، فكيف بمن وافقهم من غير قتال؟! فإذا كان من وافقهم بعد أن قاتلوه لا عذر له، عرفت أن الذين يأتون إليهم يسارعون في الموافقة لهم من غير خوف ولا قتال، أنهم أولى بعدم العذر، وأنهم كفار مرتدون.
# الدليل الثالث: قوله تبارك تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة}:
فنهى سبحانه المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء وأصدقاء وأصحاباً من دون المؤمنين وإن كانوا خائفين منهم، وأخبر أن من يفعل ذلك فليس من الله في شيء، أي لا يكون من أولياء الله الموعودين بالنجاة في الآخرة، إلا أن تتقوا منهم تقاة، وهو أن يكون الإنسان مقهوراً معهم لا يقدر على عداوتهم، فيظهر لهم المعاشرة والقلبُ مطمئنّ بالبغضاء والعداوة، فكيف بمن اتخذهم أولياء من دون المؤمنين من غير عذر، استحبابَ الحياة الدنيا على الآخرة، والخوف من المشركين، وعدم الخوف من الله، فما جعل الله الخوف منهم عذراً، بل قال تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}.
# الدليل الرابع: قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين}:
فأخبر تعالى أن المؤمنين إن أطاعوا الكفار فلا بد أن يردوهم على أعقابهم عن الإسلام، فإنهم لا يقنعون منهم بدون الكفر، وأخبر أنهم إن فعلوا ذلك صاروا من الخاسرين في الدنيا والآخرة، ولم يرخص في موافقتهم وطاعتهم خوفاً منهم، وهذا هو الواقع، فإنهم لا يقنعون ممن وافقهم إلا بشهادة أنهم على حق، وإظهار العداوة والبغضاء للمسلمين، وقطع اليد منهم، ثم قال: {بل الله مولاكم وهو خير الناصرين} فأخبر تعالى أن الله مولى المؤمنين وناصرهم، وهو خير الناصرين ففي ولايته وطاعته غُنية وكفاية عن طاعة الكفار، فيا حسرة على العباد الذين عرفوا التوحيد ونشأوا فيه، ودانوا به زماناً، كيف خرجوا عن ولاية رب العالمين، وخير الناصرين، إلى ولاية القباب وأهلها، ورضوا بها بدلاً عن ولاية من بيده ملكوت كل شيء؟! بئس للظالمين بدلاً.
# الدليل الخامس: قوله تعالى: {أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير}:
فأخبر تعالى أنه لا يستوي من اتبع رضوان الله، ومن اتبع ما يسخطه، ومأواه جهنم يوم القيامة.
ولا ريب أن عبادة الرحمن وحدها ونصرها، وكون الإنسان من أهلها، من رضوان الله، وأن عبادة القباب والأموات ونصرها والكون من أهلها مما يسخط الله، فلا يستوي عند الله من نصر توحيده ودعوته بالإخلاص وكان مع المؤمنين، ومن نصر الشرك ودعوة الأموات وكان مع المشركين.
فإن قالوا: خفنا. قيل لهم: كذبتم.
وأيضا فما جعل الله الخوف عذراً في اتباع ما يسخطه، واجتناب ما يرضيه. وكثير من أهل الباطل إنما يتركون الحق خوفاً من زوال دنياهم. وإلا فيعرفون الحق ويعتقدونه، ولم يكونوا بذلك مسلمين.
# الدليل السادس: قوله تعالى: {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً}:
أي في أي فريق كنتم؟ أفي فريق المسلمين، أم في فريق المشركين؟ فاعتذروا عن كونهم ليسوا في فريق المسلمين بالاستضعاف، فلم تعذرهم الملائكة، وقالوا لهم: {ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً}.
ولا يشك عاقل أن البلدان الذين خرجوا عن المسلمين صاروا مع المشركين، وفي فريقهم وجماعتهم. هذا مع أن الآية نزلت في أناس من أهل مكة أسلموا واحتبسوا عن الهجرة، فلما خرج المشركون إلى بدر أكرهوهم على الخروج معهم، فخرجوا خائفين، فقتلهم المسلمون يوم بدر، فلما علموا بقتلهم تأسفوا وقالوا: قتلنا إخواننا، فأنزل الله فيهم هذه الآية.
فكيف بأهل البلدان الذين كانوا على الإسلام فخلعوا ربقته من أعناقهم، وأظهروا لأهل الشرك الموافقة على دينهم، ودخلوا في طاعتهم، وآووهم ونصروهم، وخذلوا أهل التوحيد، واتبعوا غير سبيلهم، وخطؤوهم، وظهر فيهم سبهم وشتمهم وعيبهم، والاستهزاء بهم، وتسفيه رأيهم في ثباتهم على التوحيد، والصبر عليه، وعلى الجهاد فيه، وعاونوهم على أهل التوحيد طوعاً لا كرهاً، واختياراً لا اضطراراً؟ فهؤلاء أولى بالكفر والنار من الذين تركوا الهجرة شحاً بالوطن، وخوفاً من الكفار، وخرجوا في جيشهم مكرهين خائفين.
فإن قال قائل: هلاَّ كان الإكراه على الخروج عذراً للذين قتلوا يوم بدر؟
قيل: لا يكون عذراً، لأنهم في أول الأمر لم يكونوا معذورين إذا قاموا مع الكفار، فلا يعذرون بعد ذلك بالإكراه، لأنهم السبب في ذلك حيث قاموا معهم وتركوا الهجرة.
# الدليل السابع: قوله تعالى: {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم}:
فذكر الله تعالى أنه نزل على المؤمنين في الكتاب أنهم إذا سمعوا آيات الله يكفر بها، ويستهزأ بها، فلا يقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره. وأن من جلس مع الكافرين بآيات الله، المستهزئين بها في حال كفرهم واستهزائهم، فهو مثلهم.
ولم يفرق بين الخائف وغيره إلا المكره، هذا وهم في بلد واحد في أول الإسلام، فكيف بمن كان في سعة الإسلام وعزة بلاده، فدعا الكافرين بآيات الله المستهزئين بها إلى بلاده، واتخذهم أولياء وأصحاباً وجلساء، وسمع كفرهم واستهزاءهم وأقرَّهم وطرد أهل التوحيد وأبعدهم؟
# الدليل الثامن: قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}:
فنهى سبحانه المؤمنين عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، وأخبر أن من تولاهم من المؤمنين فهو منهم.
وهكذا حكم من تولى الكفار من المجوس وعبَّاد الأوثان فهو منهم، فإن جادل مجادل في أن عبادة القباب ودعاء الأموات مع الله ليس بشرك، وأن أهلها ليسوا بمشركين، بان أمره واتضح عناده وكفره.
ولم يفرق تبارك وتعالى بين الخائف وغيره، بل أخبر تعالى أن الذين في قلوبهم مرض يفعلون ذلك خوفاً من الدوائر.
وهكذا حال هؤلاء المرتدين، خافوا من الدوائر، لما في قلوبهم من عدم الإيمان بوعد الله الصادق بالنصر لأهل التوحيد، فبادروا وسارعوا إلى أهل الشرك، خوفاً أن تصيبهم دائرة. قال الله تعالى: {فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين}.
# الدليل التاسع: قوله تعالى: {ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون}:
فذكر الله تعالى أن موالاة الكفار موجبة لسخط الله، والخلود في العذاب بمجردها، وإن كان الإنسان خائفاً، إلا من أكره بشرطه، فكيف إذا اجتمع ذلك مع الكفر الصريح، وهو معاداة التوحيد وأهله، والمعاونة على زوال دعوة الله بالاخلاص، وعلى تثبيت دعوة غيره؟!
# الدليل العاشر: قوله تعالى: {ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيراً منهم فاسقون}:
فذكر تعالى أن موالاة الكفار منافية للإيمان بالله والنبي صلى الله عليه وسلم وما أنزل إليه. ثم أخبر أن سبب ذلك كون كثير منهم فاسقين، ولم يفرق بين من خاف الدائرة وبين من لم يخف، وهكذا حال كثير من هؤلاء المرتدين قبل ردتهم كثير منهم فاسقون، فجرهم ذلك إلى موالاة الكفار، والردة عن الإسلام، نعوذ بالله من ذلك.
# الدليل الحادي عشر: قوله تعالى: {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون}:
وهذه الآية نزلت لما قال المشركون: تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله، فأنزل الله هذه الآية.
فإذا كان من أطاع المشركين في تحليل الميتة مشركاً من غير فرق بين الخائف وغيره إلا المكره، فكيف بمن أطاعهم في تحليل موالاتهم، والكون معهم ونصرهم، والشهادة أنهم على حق، واستحلال دماء المسلمين وأموالهم، والخروج عن جماعة المسلمين إلى جماعة المشركين؟ فهؤلاء أولى بالكفر والشرك ممن وافقهم على أن الميتة حلال.
# الدليل الثاني عشر: قوله تعالى: {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين}:
وهذه الآية نزلت في عالمٍ عابد في زمان بني إسرائيل، يقال له: بلعام، وكان يعلم الاسم الأعظم.
قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: (لما نزل بهم موسى عليه السلام - يعني بالجبارين - أتاه بنو عمه وقومه فقالوا: إن موسى رجل حديد، ومعه جنود كثيرة، وإنه إن يظهر علينا يهلكنا، فادع الله أن يردَّ عنا موسى ومن معه. قال: إني إن دعوت ذهبت دنياي وآخرتي، فلم يزالوا به حتى دعا عليهم، فسلخه الله مما كان عليه. فذلك قوله تعالى: {فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين}).
وقال ابن زيد: (كان هواه مع القوم) - يعني الذين حاربوا موسى وقومه -
فذكر تعالى أمر هذا المنسلخ من آيات الله، بعد أن أعطاه الله إياها، وعرفها وصار من أهلها ثم انسلخ منها، أي ترك العمل بها، وذكر في انسلاخه منها ما معناه أنه مظاهرةُ المشركين ومعاونتهم برأيه، والدعاء على موسى عليه السلام ومن معه، أن يردهم الله عن قومه، خوفاً على قومه وشفقة عليهم، مع كونه يعرف الحقًّ، ويشهد به، ويتعبًّد، ولكن صدًّه عن العمل به متابعة قومه وعشيرته وهواه وإخلاده إلى الأرض، فكان هذا انسلاخاً من آيات الله تعالى.
وهذا هو الواقع من هؤلاء المرتدين وأعظم، فإن الله أعطاهم آياته التي فيها الأمر بالتوحيد، ودعوته وحده لا شريك له، والنهي عن الشرك به ودعوة غيره، والأمر بموالاة المؤمنين ومحبتهم ونصرتهم، والاعتصام بحبل الله جميعا، والكون مع المؤمنين، والأمر بمعاداة المشركين، وبغضهم وجهادهم وفراقهم والأمر بهدم الأوثان، وإزالة القحاب واللواط والمنكرات، وعرفوها وأقروا بها، ثم انسلخوا من ذلك كله، فهم أولى بالانسلاخ من آيات الله والكفر والردة من بلعام أو هم مثله.
# الدليل الثالث عشر: قوله تعالى: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون}:
فذكر تعالى أن الركون إلى الظلمة من الكفار والظالمين موجب لمسيس النار، ولم يفرق بين من خاف منهم وغيره إلا المكره، فكيف بمن اتخذ الركون إليهم ديناً ورأياً حسناً، وأعانهم بما قدر عليه من مال ورأي، وأحبًّ زوال التوحيد وأهله، واستيلاء أهل الشرك عليهم؟! فإن هذا أعظم الكفر والركون.
# الدليل الرابع عشر: قوله تعالى: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم. ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين}:
فحكم تعالى حكماً لا يبدَّل أن من رجع عن دينه إلى الكفر، فهو كافر، سواء كان له عذر خوفاً على نفس أو مال أو أهل، أم لا، وسواء كفر بباطنه أم بظاهره دون باطنه، وسواء كفر بفعاله ومقاله، أو بأحدهما دون الآخر، وسواء كان طامعاً في دنيا ينالها من المشركين أم لا، فهو كافر على كل حال إلا المكره، وهو في لغتنا: المغصوب.
فإذا أكره الإنسان على الكفر وقيل له: اكفر وإلا قتلناك أو ضربناك، أو أخذه المشركون فضربوه، ولم يمكنه التخلص إلا بموافقتهم، جاز له موافقتهم في الظاهر، بشرط أن يكون قلبه مطمئناً بالإيمان، أي ثابتاً عليه، معتقداً له.
فأما إن وافقهم بقلبه فهو كافر ولو كان مكرهاً.
وظاهر كلام أحمد رحمه الله أنه في الصورة الأولى لا يكون مكرهاً حتى يعذًّبه المشركون، فإنه لما دخل عليه يحيى بن معين وهو مريض، فسلم عليه فلم يرد عليه السلام، فما زال يعتذر ويقول: (حديث عمار. وقال الله تعالى: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان})، فقلب أحمد وجهه إلى الجانب الآخر، فقال يحيى: (لا يقبل عذراً)، فلما خرج يحيى قال أحمد: (يحتج بحديث عمار، وحديث عمار؛ مررت بهم وهم يسبونك فنهيتهم فضربوني، وأنتم قيل لكم؛ نريد أن نضربكم)، فقال يحيى: (والله ما رأيت تحت أديم السماء أفقه في دين الله تعالى منك).
ثم أخبر تعالى أن هؤلاء المرتدين الشارحين صدورهم بالكفر، وإن كانوا يقطعون على الحق ويقولون: ما فعلنا هذا إلا خوفاً، فعليهم غضب من الله ولهم عذابٌ عظيم.
ثم أخبر تعالى أن سبب هذا الكفر والعذاب ليس بسبب الاعتقاد للشرك، أو الجهل بالتوحيد، أو البغض للدين، أو محبة الكفر، وإنما سببه أن له في ذلك حظاً من حظوظ الدنيا، فآثره على الدين وعلى رضى رب العالمين. فقال: {ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين} فكفرهم تعالى، وأخبر أنه لا يهديهم مع كونهم يعتذرون بمحبة الدنيا، ثم أخبر تعالى أن هؤلاء المرتدين لأجل استحباب الدنيا على الآخرة، هم الذين طبع على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم، وأنهم هم الغافلون. ثم أخبر خبراً مؤكداً محققاً أنهم في الآخرة هم الخاسرون.
# الدليل الخامس عشر: قوله تعالى عن أهل الكهف: {إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذاً أبداً}:
فذكر تعالى عن أهل الكهف أنهم ذكروا عن المشركين أنهم إن قهروكم وغلبوكم، فهم بين أمرين: إما أن يرجموكم، أي يقتلوكم شرًّ قتلة بالرجم، وإما أن يعيدوكم في ملتهم ودينهم، {ولن تفلحوا إذاً أبداً} أي وإن وافقتموهم على دينهم بعد أن غلبوكم وقهروكم، فلن تفلحوا إذاً أبداً، فهذا حال من وافقهم بعد أن غلبوه، فكيف بمن وافقهم وراسلهم من بعيد، وأجابهم إلى ما طلبوا من غير غلبة ولا إكراه، ومع ذلك يحسبون أنهم مهتدون؟.
# الدليل السادس عشر: قوله تعالى: {ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين}:
فأخبر تعالى أن من الناس من يعبد الله على حرف، أي على طرف {فإن أصابه خير} أي نصر وعز وصحة وسعة وأمن وعافية، ونحو ذلك {اطمأن به} أي ثبت وقال: هذا دين حسن ما رأينا فيه إلا خيراً {وإن أصابته فتنة} أي خوف ومرض وفقر ونحو ذلك {انقلب على وجهه} أي ارتد عن دينه ورجع إلى أهل الشرك.
فهذه الآية مطابقة لحال المنقلبين عن دينهم في هذه الفتنة، يعبدون الله على حرف، أي على طرف، ليسوا ممن يعبد الله على يقين وثبات، فلما أصابتهم هذه الفتنة انقلبوا عن دينهم، وأظهروا موافقة المشركين، وأعطوهم الطاعة، وخرجوا عن جماعة المسلمين إلى جماعة المشركين، فهم معهم في الآخرة، كما هم معهم في الدنيا، فخسروا الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين.
هذا مع أن كثيراً منهم في عافية، ما آتاهم من عدو، إنما ساء ظنهم بالله، فظنوا أنه يديل الباطل وأهله على الحق وأهله، فأرداهم سوء ظنهم بالله، كما قال تعالى فيمن ظن به ظن السوء: {وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين}.
وأنت يا من منَّ الله عليه بالثبات على الإسلام، أحذر أن يدخل في قلبك شيء من الريب، أو تحسين أمر هؤلاء المرتدين، أو أن موافقتهم للمشركين وإظهار طاعتهم رأي حسن، حذراً على الأنفس والأموال والمحارم، فإن هذه الشبهه هي التي أوقعت كثيراً من الأولين والآخرين في الشرك بالله، ولم يعذرهم الله بذلك، وإلا فكثير منهم يعرفون الحق، ويعتقدونه بقلوبهم، وإنما يدينون بالشرك للأعذار الثمانية التي ذكرها الله في كتابه، فلم يعذر بها أحداً ولا ببعضها، فقال: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين}.
# الدليل السابع عشر: قوله تعالى: {إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم * ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم * فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم * ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم}:
فذكر تعالى عن المرتدين على أدبارهم أنهم من بعد ما تبين لهم الهدى ارتدّوا على علم، ولم ينفعهم علمهم بالحق مع الردة، وغرًّهم الشيطان بتسويله، وتزيين ما ارتكبوا من الردة، وهكذا حال هؤلاء المرتدين في هذه الفتنة، غرهم الشيطان، وأوهمهم أن الخوف عذر لهم في الردة، وأنهم بمعرفة الحق ومحبته والشهادة به لا يضرهم ما فعلوه، ونسوا أن كثيراً من المشركين يعرفون الحق ويحبونه ويشهدون به، ولكن يتركون متابعته والعمل به محبة للدنيا، وخوفاً على الأنفس والأموال، والمآكل والرئاسات.
ثم قال تعالى: {ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر} فأخبر تعالى أن سبب ما جرى عليهم من الردة، وتسويل الشيطان، وإملائه لهم، هو قولهم للذين كرهوا ما نزَّل الله: {سنطيعكم في بعض الأمر} فإذا كان من وعد المشركين الكارهين لما أنزل الله بطاعتهم في بعض الأمر كافراً، وإن لم يفعل ما وعدهم به، فكيف بمن وافق المشركين الكارهين لما أنزل الله من الأمر بعبادته وحده لا شريك له، وترك عبادة ما سواه من الأنداد والطواغيت والأموات، وأظهر أنهم على هدى، وأن أهل التوحيد مخطئون في قتالهم، وأن الصواب في مسالمتهم، والدخول في دينهم الباطل؟! فهؤلاء أولى بالردَّة من أولئك الذين وعدوا المشركين بطاعتهم في بعض الأمر، ثم أخبر عن حالهم الفظيع عند الموت، ثم قال: {ذلك} الأمر الفظيع عند الوفاة {بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم}.
ولا يستريب مسلم أن اتباع المشركين، والدخول في جملتهم، والشهادة أنهم على حق، ومعاونتهم على زوال التوحيد وأهله، ونصره القباب والقحاب واللواط، من اتباع ما يسخط الله، وكراهة رضوانه، وإن ادعوا أن ذلك لأجل الخوف، فإن الله ما عذر أهل الردة بالخوف من المشركين، بل نهى عن خوفهم فأين هذا ممن يقول: ما جرى منَّا شيء ونحن على ديننا.
# الدليل الثامن عشر: قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحداً أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون}:
فعقد تعالى الأخوة بين المنافقين والكفار، وأخبر أنهم يقولون لهم في السر: {لئن أخرجتم لنخرجن معكم} أي لئن غلبكم محمد صلى الله عليه وسلم وأخرجكم من بلادكم {لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحداً أبداً}؛ أي لا نسمع من أحد فيكم قولاً، ولا نعطي فيكم طاعة. {وإن قوتلتم لننصرنكم}؛ أي إن قاتلكم محمد صلى الله عليه وسلم لننصرنكم ونكون معكم، ثم شهد تعالى أنهم كاذبون في هذا القول، فإذا كان وعد المشركين في السر بالدخول معهم ونصرهم، والخروج معهم إن أجلوا، نفاقاً وكفراً وإن كان كذباً، فكيف بمن أظهر ذلك صادقاً، وقدم عليهم، ودخل في طاعتهم، ودعا إليها، ونصرهم وانقاد لهم، وصار من جملتهم، وأعانهم بالمال والرأي، هذا مع أن المنافقين لم يفعلوا ذلك إلا خوفاً من الدوائر، كما قال تعالى: {فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة..} فكذا حال كثير من المرتدين في هذه الفتنة، فإن عذر كثير منهم هو هذا العذر الذي ذكره الله عن الذين في قلوبهم مرض ولم يعذرهم به.
قال الله تعالى: {فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين * ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين}، ثم قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين}، فأخبر تعالى أنه لا بد عند وجود المرتدين من وجود المحبين المحبوبين المجاهدين، ووصفهم بالذلة والتواضع للمؤمنين، والعزة والغلظة والشدة على الكافرين، بضد من كان تواضعه وذله ولينه لعباد القباب، وأهل القحاب واللواط، وعزته وغلظته على أهل التوحيد والإخلاص، فكفى بهذا دليلاً على كفر من وافقهم وإن ادعى أنه خائف، فقد قال تعالى: {ولا يخافون لومة لائم} وهذا بضد من يترك الصدق والجهاد خوفاً من المشركين، ثم قال تعالى: {يجاهدون في سبيل الله} أي في توحيده، صابرين على ذلك ابتغاء وجه ربهم لتكون كلمة الله هي العليا، ولا يخافون لومة لائم، أي لا يبالون بمن لا مهم وآذاهم في دينهم، بل يمضون على دينهم، يجاهدون فيه غير ملتفتين للوم أحد من الخلق ولا لسخطه ولا لرضاه، إنما همتهم وغاية مطلوبهم رضى سيدهم ومعبودهم، والهرب من سخطه.
وهذا بخلاف من كانت همته وغاية مطلوبه رضى عبّاد القباب، وأهل القحاب واللواط ورجائهم، والهرب مما يسخطهم، فإن هذا غاية الضلال والخذلان.
ثم قال تعالى: {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم}، فأخبر تعالى أن هذا الخير العظيم، والصفات الحميدة لأهل الإيمان الثابتين على دينهم عند وقوع الفتن، ليس بحولهم ولا بقوتهم، وإنما هو فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، ثم قال: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون}، فأخبر تعالى خبراً بمعنى الأمر بولاية الله ورسوله والمؤمنين وفي ضمنه النهي عن موالاة أعداء الله ورسوله والمؤمنين.
ولا يخفى أي الحزبين أقرب إلى الله ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة. فالمتولي لضدهم، واضع للولاية في غير محلها، مستبدل بولاية الله ورسوله والمؤمنين المقيمين للصلاة المؤتين للزكاة ولاية أهل الشرك والأوثان والقباب. ثم أخبر تعالى أن الغلبة لحزبه ولمن تولاهم: {ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون}.
# الدليل التاسع عشر: قوله تعالى: {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أوعشيرتهم}:
فأخبر تعالى أنك لا تجد من كان يؤمن بالله واليوم الآخر يواد من حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب، وأن هذا منافٍ للإيمان، مضاد له، لا يجتمع هو والإيمان إلا كما يجتمع الماء والنار.
وقد قال تعالى في موضع آخر: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون}، ففي هاتين الآيتين البيان الواضح أنه لا عذر لأحد في الموافقة على الكفر خوفاً على الأموال والآباء والآبناء والأزواج والعشائر ونحو ذلك مما يعتذر به كثير من الناس، إذا كان لم يرخص لأحد في موادتهم، واتخاذهم أولياء بأنفسهم خوفاً منهم، وإيثاراً لمرضاتهم، فكيف بمن اتخذ الكفار الأباعد أولياء وأصحاباً، وأظهر لهم الموافقة على دينهم خوفاً على بعض هذه الأمور ومحبة لها؟! ومن العجب استحسانهم لذلك واستحلالهم له، فجمعوا مع الردة استحلال الحرام.
# الدليل العشرون: قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل}:
فأخبر تعالى أن من تولى أعداء الله وإن كانوا أقرباء، فقد ضل سواء السبيل، أي أخطأ الصراط المستقيم، وخرج عنه إلى الضلالة.
فأين هذا ممن يدَّعي أنه على الصراط المستقيم، لم يخرج عنه؟ فإن هذا تكذيب لله، ومن كذَّب الله فهو كافر، واستحلال لما حرم الله من ولاية الكفار، ومن استحلَّ محرَّماً فهو كافر.
ثم ذكر تعالى شبهة من اعتذر بالأرحام والأولاد فقال: {لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير} فلم يعذر تعالى من اعتذر بالأرحام والأولاد والخوف عليها ومشقة مفارقتها، بل أخبر أنها لا تنفع يوم القيامة، ولا تغني من عذاب الله شيئاً، كما قال في الآية الأخرى: {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون}.
# الدليل الحادي والعشرون: من السنة ما رواه أبو داود وغيره، عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من جامع المشرك وسكن معه، فإنه مثله):
فجعل صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من جامع المشركين، أي اجتمع معهم وخالطهم وسكن معهم مثلهم، فكيف بمن أظهر لهم الموافقة على دينهم وآواهم وأعانهم؟! فإن قالوا: خفنا، قيل لهم: كذبتم.
وأيضاً فليس الخوف بعذرٍ، كما قال تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله} فلم يعذر تبارك وتعالى من يرجع عن دينه عند الأذى والخوف، فكيف بمن لم يصبه أذى ولا خوف؟! وإنما جاؤوا إلى الباطل محبة له وخوفاً من الدائرة.
والأدلة على هذا كثيرة وفي هذا كفاية لمن أراد الله هدايته.
وأما من أراد الله فتنته وضلالته، فكما قال تعالى: {إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون * ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم}.
ونسأل الله الكريم المنان أن يحيينا مسلمين، وأن يتوفانا مسلمين، وأن يلحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين، برحمته وهو أرحم الراحمين.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم
آمين
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
رد: موالاة الكفار من نواقض الاسلام... ترصد المجاهدين والتبليغ عنهم من صورها
اختنا الفاضلة/ عاشقة السماء
بارك الله فيكم .. وجزاكم الله خيرا
موضوع عام ينتفع به كل مسلم .. ننتظر الرأي المخالف والقائم على الدليل .. والله من وراء القصد
بارك الله فيكم .. وجزاكم الله خيرا
موضوع عام ينتفع به كل مسلم .. ننتظر الرأي المخالف والقائم على الدليل .. والله من وراء القصد
جعبة الأسهم- الفقير إلى عفو ربه
- عدد المساهمات : 17019
تاريخ التسجيل : 29/01/2013
رد: موالاة الكفار من نواقض الاسلام... ترصد المجاهدين والتبليغ عنهم من صورها
أكرمك الله أخي جعبة الأسهم
شكراً لطيب مرورك
----------------------
وسنعرص للشبهات التي تثار في المسألة تباعاً
وقد فصل لها العلامة الشيخ: ناصر بن حمد الفهد في لاكتابه التبيان في كفر من أعان الأمريكان
الشبهة الأولى ؛ قصة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه
احتج أهل الباطل؛ بأن مظاهرة الكفار ليست كفراً، بقصة مكاتبة حاطب رضي الله عنه لكفار قريش وإعلامهم بخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
والقصة كما في الصحيحين وغيرهما عن علي رضي الله عنه - في غزوة الفتح - قال: (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد، فقال: (انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ؛ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها، فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، قلنا: أخرجي الكتاب، قالت: ما معي كتاب، قلنا: لتخرجن الكتاب، أو لتلقين الثياب)، قال: (فأخرجت الكتاب من عقاصها، فأخذنا الكتاب فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا فيه؛ من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين بمكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا حاطب، ما هذا؟ قال: لا تعجل علي، إني كنت أمرءاً ملصقاً في قريش، ولم أكن من أنفسهم، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم بمكة، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يداً يحمون بها قرابتي، وما فعلت ذلك كفراً ولا ارتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه صدقكم. فقال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق - وفي رواية: فقد كفر - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال؛ اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم).
قالوا: فقد ظاهر حاطب كفار مكة، ومع ذلك لم يكفره النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا يدل على أن المظاهرة ومناصرة الكفار ليست كفراً!
والجواب عن هذه الشبهة:
أنه لا يحتج مبطل على باطله بدليل من الكتاب أو السنة إلا وكان في ذلك الدليل ما ينقض باطله ويبين فساده - كما ذكر ذلك شيخ الإسلام رحمه الله - وسأذكر ما يدل على نقيض مرادهم من هذا الدليل نفسه، ويتبين هذا من وجوه...
الوجه الأول؛ أن هذا الدليل من أصرح الأدلة على كفر المظاهر وارتداده عن دين الإسلام، وهذا يظهر من ثلاثة أمور في هذا الحديث:
الأمر الأول؛ قول عمر في هذا الحديث: (دعني أضرب هذا المنافق)، وفي رواية: (فقد كفر)، وفي رواية: بعد أن قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أو ليس قد شهد بدراً؟)، قال عمر: (بلى، ولكنه نكث وظاهر أعداءك عليك).
فهذا يدل على أن المتقرر عند عمر رضي الله عنه والصحابة؛ أن مظاهرة الكفار وإعانتهم كفر وردة عن الإسلام، ولم يقل هذا الكلام إلا لما رأى أمراً ظاهره الكفر.
الأمر الثاني؛ إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم لما فهمه عمر، ولم ينكر عليه تكفيره إياه، وإنما ذكر عذر حاطب.
الأمر الثالث؛ أن حاطباً رضي الله عنه قال: (وما فعلت ذلك كفراً ولا ارتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام)، وهذا يدل على أنه قد تقرّر لديه أيضاً أن مظاهرة الكفار كفر وردة ورضا بالكفر، وإنما ذكر حقيقة فعله.
الوجه الثاني؛ أن حاطباً رضي الله عنه إنما أعان الرسول صلى الله عليه وسلم على أعدائه، وناصره بنفسه، وماله، ولسانه، ورأيه، في جميع غزواته، وشهد معه بدراً، والحديبية، وأهلها في الجنة قطعاً، وأعان الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة أيضاً؛ فقد خرج فيها غازياً مع المسلمين بنفسه وماله لحرب المشركين، ولم تقع منه مناصرة للكفار على المسلمين مطلقاً، لا بنفس، ولا مال، ولا لسان، ولا رأي، وله من السوابق ما عرفه كل مطلع.
ومع هذا كله؛ فإنه لما كاتب المشركين يخبرهم بخروج النبي صلى الله عليه وسلم - ولم يكن ذلك منه مظاهرة لهم ولا مناصرة، لأنه سيقاتلهم بنفسه مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تيقن من الانتصار - فقد اتهمه عمر بالنفاق، وسأله الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ونفى هو عن نفسه الكفر والردة، ونزل فيه قرآناً يتلى إلى يوم القيامة وهو قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ... الآيات} [الممتحنة: 1].
وهذا من أعظم الدلائل؛ على أن من ناصر الكفار بنفسه أو بماله أو بلسانه أو برأيه ونحو ذلك فقد ارتد عن دين الإسلام، والعياذ بالله.
الوجه الثالث؛ أن رسالة حاطب رضي الله عنه لكفار مكة ليست من المظاهرة والإعانة لهم على المسلمين في شيء.
فقد روى بعض أهل المغازي كما في [الفتح: 7/520] أن لفظ الكتاب: (أما بعد، يا معشر قريش، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءكم بجيش كالليل، يسير كالسيل، فوالله لو جاءكم وحده لنصره الله وأنجز له وعده، فانظروا لأنفسكم والسلام).
وليس في هذا ما يفهم منه أنه مظاهرة ومناصرة لهم، بل هو قد عصى الرسول صلى الله عليه وسلم بكتابته لهم، وهي معصية كبيرة كفرتها عنه سوابقه.
الوجه الرابع؛ أن فعل حاطب رضي الله عنه اختلف فيه هل هو كفر أو لا؟
فإن قيل: هو كفر؛ فهذا دليل على أن إفادة الكفار بمثل هذا الأمر اليسير كفر، فهو تنبيه على أن ما فوقه من المناصرة بالنفس أو المال أو غير ذلك كفر من باب أولى.
وإن قيل: ليس بكفر؛ فإنما يكون هكذا لأنه في حقيقة فعله ليس مناصراً للكفار ولا مظاهراً لهم على المسلمين، ومع هذا فهو بريد للكفر وطريق إليه، مع عدم وجود صورة المناصرة للكفار لما سبق في الوجه الأول، فلا يستدل بهذه الصورة على مسألتنا هذه، ولا تقدح في هذا الأصل.
الوجه الخامس؛ أن حاطباً رضي الله عنه إنما فعل ذلك متأولاً أن كتابه لن يضر المسلمين، وأن الله ناصر دينه ونبيه حتى وإن علم المشركون بمخرجه إليهم، وقد جاء في بعض ألفاظ الحديث أن حاطباً قال معتذراً: (قد علمت أن الله مظهر رسوله ومتم له أمره).
وقد أخرج البخاري رحمه الله قصة حاطب في كتاب "استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، في "باب ما جاء في المتأولين".
وقد قال الحافظ في [الفتح: 8/634]: (وعذر حاطب ما ذكره، فإنه صنع ذلك متأولاً ألاّ ضرر فيه).
ففرق كبير بين ما فعله وهو موقن بأن الكفار لن ينتفعوا من كتابه في حربهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وبين من ظاهرهم وأعانهم بما ينفعهم في حربهم على الإسلام وأهله!
الوجه السادس؛ أن يقال للمستدل بهذا الحديث على عدم كفر المظاهر؛ هل هذا الحديث يدل على أن جميع صور مظاهرة الكفار ومناصرتهم ليست كفراً وردة؟
فإن قال: نعم! فقد خرق الإجماع، ولا سلف له، فلا كلام معه.
وإن قال: لا.
فيقال: فما الصور التي يكفر بها المظاهر للكفار؟
فأي صورة يذكرها يقدح فيها بحديث حاطب هذا، وأي جواب له على هذا القدح، فهو جوابنا عليه هنا.
شكراً لطيب مرورك
----------------------
وسنعرص للشبهات التي تثار في المسألة تباعاً
وقد فصل لها العلامة الشيخ: ناصر بن حمد الفهد في لاكتابه التبيان في كفر من أعان الأمريكان
الشبهة الأولى ؛ قصة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه
احتج أهل الباطل؛ بأن مظاهرة الكفار ليست كفراً، بقصة مكاتبة حاطب رضي الله عنه لكفار قريش وإعلامهم بخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
والقصة كما في الصحيحين وغيرهما عن علي رضي الله عنه - في غزوة الفتح - قال: (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد، فقال: (انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ؛ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها، فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، قلنا: أخرجي الكتاب، قالت: ما معي كتاب، قلنا: لتخرجن الكتاب، أو لتلقين الثياب)، قال: (فأخرجت الكتاب من عقاصها، فأخذنا الكتاب فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا فيه؛ من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين بمكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا حاطب، ما هذا؟ قال: لا تعجل علي، إني كنت أمرءاً ملصقاً في قريش، ولم أكن من أنفسهم، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم بمكة، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يداً يحمون بها قرابتي، وما فعلت ذلك كفراً ولا ارتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه صدقكم. فقال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق - وفي رواية: فقد كفر - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال؛ اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم).
قالوا: فقد ظاهر حاطب كفار مكة، ومع ذلك لم يكفره النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا يدل على أن المظاهرة ومناصرة الكفار ليست كفراً!
والجواب عن هذه الشبهة:
أنه لا يحتج مبطل على باطله بدليل من الكتاب أو السنة إلا وكان في ذلك الدليل ما ينقض باطله ويبين فساده - كما ذكر ذلك شيخ الإسلام رحمه الله - وسأذكر ما يدل على نقيض مرادهم من هذا الدليل نفسه، ويتبين هذا من وجوه...
الوجه الأول؛ أن هذا الدليل من أصرح الأدلة على كفر المظاهر وارتداده عن دين الإسلام، وهذا يظهر من ثلاثة أمور في هذا الحديث:
الأمر الأول؛ قول عمر في هذا الحديث: (دعني أضرب هذا المنافق)، وفي رواية: (فقد كفر)، وفي رواية: بعد أن قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أو ليس قد شهد بدراً؟)، قال عمر: (بلى، ولكنه نكث وظاهر أعداءك عليك).
فهذا يدل على أن المتقرر عند عمر رضي الله عنه والصحابة؛ أن مظاهرة الكفار وإعانتهم كفر وردة عن الإسلام، ولم يقل هذا الكلام إلا لما رأى أمراً ظاهره الكفر.
الأمر الثاني؛ إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم لما فهمه عمر، ولم ينكر عليه تكفيره إياه، وإنما ذكر عذر حاطب.
الأمر الثالث؛ أن حاطباً رضي الله عنه قال: (وما فعلت ذلك كفراً ولا ارتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام)، وهذا يدل على أنه قد تقرّر لديه أيضاً أن مظاهرة الكفار كفر وردة ورضا بالكفر، وإنما ذكر حقيقة فعله.
الوجه الثاني؛ أن حاطباً رضي الله عنه إنما أعان الرسول صلى الله عليه وسلم على أعدائه، وناصره بنفسه، وماله، ولسانه، ورأيه، في جميع غزواته، وشهد معه بدراً، والحديبية، وأهلها في الجنة قطعاً، وأعان الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة أيضاً؛ فقد خرج فيها غازياً مع المسلمين بنفسه وماله لحرب المشركين، ولم تقع منه مناصرة للكفار على المسلمين مطلقاً، لا بنفس، ولا مال، ولا لسان، ولا رأي، وله من السوابق ما عرفه كل مطلع.
ومع هذا كله؛ فإنه لما كاتب المشركين يخبرهم بخروج النبي صلى الله عليه وسلم - ولم يكن ذلك منه مظاهرة لهم ولا مناصرة، لأنه سيقاتلهم بنفسه مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تيقن من الانتصار - فقد اتهمه عمر بالنفاق، وسأله الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ونفى هو عن نفسه الكفر والردة، ونزل فيه قرآناً يتلى إلى يوم القيامة وهو قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ... الآيات} [الممتحنة: 1].
وهذا من أعظم الدلائل؛ على أن من ناصر الكفار بنفسه أو بماله أو بلسانه أو برأيه ونحو ذلك فقد ارتد عن دين الإسلام، والعياذ بالله.
الوجه الثالث؛ أن رسالة حاطب رضي الله عنه لكفار مكة ليست من المظاهرة والإعانة لهم على المسلمين في شيء.
فقد روى بعض أهل المغازي كما في [الفتح: 7/520] أن لفظ الكتاب: (أما بعد، يا معشر قريش، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءكم بجيش كالليل، يسير كالسيل، فوالله لو جاءكم وحده لنصره الله وأنجز له وعده، فانظروا لأنفسكم والسلام).
وليس في هذا ما يفهم منه أنه مظاهرة ومناصرة لهم، بل هو قد عصى الرسول صلى الله عليه وسلم بكتابته لهم، وهي معصية كبيرة كفرتها عنه سوابقه.
الوجه الرابع؛ أن فعل حاطب رضي الله عنه اختلف فيه هل هو كفر أو لا؟
فإن قيل: هو كفر؛ فهذا دليل على أن إفادة الكفار بمثل هذا الأمر اليسير كفر، فهو تنبيه على أن ما فوقه من المناصرة بالنفس أو المال أو غير ذلك كفر من باب أولى.
وإن قيل: ليس بكفر؛ فإنما يكون هكذا لأنه في حقيقة فعله ليس مناصراً للكفار ولا مظاهراً لهم على المسلمين، ومع هذا فهو بريد للكفر وطريق إليه، مع عدم وجود صورة المناصرة للكفار لما سبق في الوجه الأول، فلا يستدل بهذه الصورة على مسألتنا هذه، ولا تقدح في هذا الأصل.
الوجه الخامس؛ أن حاطباً رضي الله عنه إنما فعل ذلك متأولاً أن كتابه لن يضر المسلمين، وأن الله ناصر دينه ونبيه حتى وإن علم المشركون بمخرجه إليهم، وقد جاء في بعض ألفاظ الحديث أن حاطباً قال معتذراً: (قد علمت أن الله مظهر رسوله ومتم له أمره).
وقد أخرج البخاري رحمه الله قصة حاطب في كتاب "استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، في "باب ما جاء في المتأولين".
وقد قال الحافظ في [الفتح: 8/634]: (وعذر حاطب ما ذكره، فإنه صنع ذلك متأولاً ألاّ ضرر فيه).
ففرق كبير بين ما فعله وهو موقن بأن الكفار لن ينتفعوا من كتابه في حربهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وبين من ظاهرهم وأعانهم بما ينفعهم في حربهم على الإسلام وأهله!
الوجه السادس؛ أن يقال للمستدل بهذا الحديث على عدم كفر المظاهر؛ هل هذا الحديث يدل على أن جميع صور مظاهرة الكفار ومناصرتهم ليست كفراً وردة؟
فإن قال: نعم! فقد خرق الإجماع، ولا سلف له، فلا كلام معه.
وإن قال: لا.
فيقال: فما الصور التي يكفر بها المظاهر للكفار؟
فأي صورة يذكرها يقدح فيها بحديث حاطب هذا، وأي جواب له على هذا القدح، فهو جوابنا عليه هنا.
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
رد: موالاة الكفار من نواقض الاسلام... ترصد المجاهدين والتبليغ عنهم من صورها
بارك الله فيك أختي العزيزة
أعز الله بك ونفع
أتمني أن أري بناتنا في مثل نشاطك ومنهجيتك العلمية في البحث
وفقك الله تعالي لما يحبه ويرضاه
إحتفظي بما تكتبين وتجمعين علي جهازك الخاص ((خوفا من ضرر محتمل يصيب الشبكة العنكبوتية ))
ونصيحة لك
إستمري في منهجك ولا تنشغلي بالرد علي المكايدين والمندسين بغرض صرفك عن طريقك ومنهجك
إستعيني بالله واصبري
بارك الله فيك
أعز الله بك ونفع
أتمني أن أري بناتنا في مثل نشاطك ومنهجيتك العلمية في البحث
وفقك الله تعالي لما يحبه ويرضاه
إحتفظي بما تكتبين وتجمعين علي جهازك الخاص ((خوفا من ضرر محتمل يصيب الشبكة العنكبوتية ))
ونصيحة لك
إستمري في منهجك ولا تنشغلي بالرد علي المكايدين والمندسين بغرض صرفك عن طريقك ومنهجك
إستعيني بالله واصبري
بارك الله فيك
حمدي توفيق- ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا
- عدد المساهمات : 541
تاريخ التسجيل : 10/10/2013
رد: موالاة الكفار من نواقض الاسلام... ترصد المجاهدين والتبليغ عنهم من صورها
حفظ الله الجميع
إني أرى الكثير يكتب في الملتقى أو غيره ويفهم من كلامه التعميم على جميع البلدان دون تخصيص أو استثناء
فهل إطلع على ما عند كل أحد أم ماذا
أما إن كان إطلاقا للكلام أن من كان هذا فعله فحكمه هكذا فلابأس
وإن كان يقصد الحكم على كل أحد فهذا غير صحيح ولا يقبل لا عقلا ولا شرعا
ليعلم أن هناك أصولا وقواعدا منها
قاعدة كبرى الأمور بمقاصدها
يبقى العام على عمومه مالم يرد مخصص له أو لبعضه
فهناك أصول لابد الأخذ بها وجمع جميع الأدلة فما أطلق في مكان وقيد في آخر أو أجمل في مكان وبين في آخر عمل بها جميعا ولا يصح ترك دليلا واحدا وإلا أختل الاستدلال كما أن العام لا يعمل بعمومه مع وجود مخصص وغالب الشبه تأتي ممن لا يلم بالأصول الفقهية كما أن من الفقه أن ننظر للحال والزمان فالحكم يدور مع علته وجودا وعدما
أقولها من باب التحذير ليس غير وهذا
وهذا رابط للرد على كل ما ذكر وزيادة
http://d1.islamhouse.com/data/ar/ih_books/single3/ar_sharh_rsah_aldlal_faozan.pdf
إني أرى الكثير يكتب في الملتقى أو غيره ويفهم من كلامه التعميم على جميع البلدان دون تخصيص أو استثناء
فهل إطلع على ما عند كل أحد أم ماذا
أما إن كان إطلاقا للكلام أن من كان هذا فعله فحكمه هكذا فلابأس
وإن كان يقصد الحكم على كل أحد فهذا غير صحيح ولا يقبل لا عقلا ولا شرعا
ليعلم أن هناك أصولا وقواعدا منها
قاعدة كبرى الأمور بمقاصدها
يبقى العام على عمومه مالم يرد مخصص له أو لبعضه
فهناك أصول لابد الأخذ بها وجمع جميع الأدلة فما أطلق في مكان وقيد في آخر أو أجمل في مكان وبين في آخر عمل بها جميعا ولا يصح ترك دليلا واحدا وإلا أختل الاستدلال كما أن العام لا يعمل بعمومه مع وجود مخصص وغالب الشبه تأتي ممن لا يلم بالأصول الفقهية كما أن من الفقه أن ننظر للحال والزمان فالحكم يدور مع علته وجودا وعدما
أقولها من باب التحذير ليس غير وهذا
وهذا رابط للرد على كل ما ذكر وزيادة
http://d1.islamhouse.com/data/ar/ih_books/single3/ar_sharh_rsah_aldlal_faozan.pdf
الازدي333- موقوووووووف
- عدد المساهمات : 2313
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
رد: موالاة الكفار من نواقض الاسلام... ترصد المجاهدين والتبليغ عنهم من صورها
أكرمك الله في الدارين أخي الكريم حمدي توفيق، نحن نستقي من حكمتكم، ثبتنا الجليل وإياكم على الطريق القويم
وختم لنا بالشهادة
وأكرمك الله أخي الأزدي، وزقك الحكمة والبصيرة
في هكذا مسائل أخي الكريم هناك من يحمل المتشابه على غير وجهته الصحيحة، فضلاً عن اختلاف السبب الذي يقيس المتشابه به، غير محطاطاً لجمع كل النصوص وتدبرها.
وموالاة الكفار اليوم ليس فيها شبهات يمكن أن تؤول لمصلحة الإسلام وأهله، فأين مصلحة المسلمين بزرع قواعد عسكرية تنطلق منها الطائرات لحرق المسلمين، ماذا يفعل في السفارات اليوم، كيف بات الكفار لهم اليد الطولى في أوطاننا؟!!!!، والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل.
-----------------------
ونكمل عرض الشبهات...
الشبهة الثانية ؛ قصة أبي جندل بن سهيل رضي الله عنهما
ومن الشبه التي أثيرت في هذا الباب أيضاً قصة صلح الحديبية، وهي طويلة، ومما جاء فيها - كما في الصحيح - : (فقال سهيل بن عمرو - وكان مشركاً آنذاك - : وعلى أنه لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا، قال المسلمون: سبحان الله! كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلماً؟ فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إليّ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنا لم نقض الكتاب بعد، قال: فوالله إذاً لم أصالحك على شيء أبداً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فأجزه لي، قال: ما أنا بمجيزه لك، قال: بلى فافعل، قال: ما أنا بفاعل، قال مكرز: بل قد أجزناه لك، قال أبو جندل: أي معشر المسلمين أرد إلى المشركين وقد جئت مسلماً ألا ترون ما قد لقيت - وكان قد عذب عذاباً شديداً في الله -).
وفي الحديث: (ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين، فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين فخرجا به، حتى بلغا ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيداً، فاستله الآخر، فقال: أجل، والله إنه لجيد، لقد جربت به ثم جربت، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه فضربه حتى برد، وفر الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - حين رآه - : لقد رأى هذا ذعراً، فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير، فقال: يا نبي الله، قد والله أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ويل أمه، مسعر حرب لو كان له أحد، فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر).
قال: (وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها، فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده بالله والرحم لما أرسل فمن أتاه فهو آمن، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم).
قال أصحاب هذه الشبهة: فقد رد الرسول صلى الله عليه وسلم المسلم إلى الكفار، وفي هذا دلالة على جواز مثل هذا!
الجواب:
أن هذا الحديث من أصرح الأدلة أيضاً عليهم، وأقواها في بيان باطلهم من وجوه:
الوجه الأول؛ أما رده المسلم إلى الكفار فهو أمر خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم، لا يتعدى إلى غيره.
ويدل على خصوصيته ما في الصحيح عن أنس لما سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الأمر فقال: (إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله، ومن جاءنا منهم فسيجعل الله له فرجاً ومخرجاً).
فقد ذكر أن من رده إليهم سيجعل الله له فرجاً ومخرجاً، وهذا على القطع لا يعلم إلا بالوحي، وفي هذا دلالة على عدم جوازه من غيره، لأنه لا أحد يعلم أنه سيفرج الله لمن رده إلى الكفار.
وقد ذكر ابن حزم رحمه الله شبهة من استدل بهذا الحديث على رد المسلم إلى الكافر [الأحكام: 5/26] حيث ذكر وجوهاً في ردها، ومما قاله: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد إلى الكفار أحداً من المسلمين في تلك المدة إلا وقد أعلمه الله عز وجل؛ أنهم لا يفتنون في دينهم ولا في دنياهم وأنهم سينجون ولا بـد) - ثم ذكر حديث أنس السابق -
قال أبو محمد: (قد قال الله عز وجل واصفاً لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى}، فأيقنا أن إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بأن من جاءه من عند كفار قريش مسلماً فسيجعل الله له فرجاً ومخرجاً؛ وحي من عند الله صحيح لا داخلة فيه، فصحت العصمة بلا شك من مكروه الدنيا والآخرة لمن أتاه منهم حتى تتم نجاته من أيدي الكفار، لا يستريب في ذلك مسلم يحقق النظر، وهذا أمر لا يعلمه أحد من الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يحل لمسلم أن يشترط هذا الشرط ولا أن يفي به إن شرطه، إذ ليس عنده من علم الغيب ما أوحى الله تعالى به إلى رسوله، وبالله تعالى التوفيق).
وقال ابن العربي رحمه الله [أحكام القرآن: 4/1789]: (فأما عقده على أن يرد من أسلم إليهم؛ فلا يجوز لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما جوزه الله له لما علم في ذلك من الحكمة، وقضى فيه من المصلحة، وأظهر فيه بعد ذلك من حسن العاقبة، وحميد الأثر في الإسلام ما حمل الكفار على الرضا بإسقاطه، والشفاعة في حطه).
الوجه الثاني؛ ولو سلمنا بأنه غير خاصٍ بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه إنما يصح ممن حاله ووضعه كوضع النبي صلى الله عليه وسلم في جهاده للكفار، ونشره للإسلام، وحرصه على الدعوة، وقيامه بأمر الله تعالى، وبراءته من الكفر وأهله، فإنه لم يقبل هذه الشروط نكاية بالمجاهدين، ولا كيداً لهم، ولا إخلاداً إلى الدنيا وركوناً إليها، ولا "تعزيزاً للعلاقات" مع كفار مكة، ولا تحالفاً معهم، وحاشاه صلى الله عليه وسلم من ذلك كله، بل ما قبلها إلا لصالح الإسلام والمسلمين، وليتفرغ للدعوة إلى الله تعالى، والجهاد في سبيله، ونشر الإسلام، ففتح خيبر، وغزا عدة غزوات، وراسل الملوك في عصره فدعاهم إلى الإسلام، وغير ذلك من المصالح الدينية الظاهرة.
الوجه الثالث؛ أن الرسول صلى الله عليه وسلم في وفائه بهذا الشرط لم يعقد "حلفاً" بينه وبين الكفار لمحاربة "الإرهابيين" فيعقد معهم "الاتفاقات" للـ "قضاء عليهم" ولم يتبرأ منهم، بل تولاهم، وأخبر أن الله سيفرج عنهم، وكان يدعو لهم، وبقي على براءته من الكافرين، بل غاية ما في الأمر؛ أنه خلى بينهم وبين من يأتيه منهم، ولكنه لا يعينهم عليهم كما سيأتي إن شاء الله في الكلام على "أبي بصير".
الوجه الرابع؛ أن أبا بصير رضي الله عنه قتل الرسول - وهو عند "قريش" قد أتى منكرين - :
أحدهما؛ الهدنة التي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يقتتلون خلالها.
الثاني؛ قتل الرسول، والرسل لا تقتل في "العرف الدولي" آنذاك، وقد أقره الإسلام.
ومع هذا فلم "يشجب" الرسول صلى الله عليه وسلم أو "يندد" أو "يهاجم" أو "يبرأ" إلى الله مما فعله أبو بصير، أو يجعل عمله هذا من "الإرهاب"، أو من "خرق المواثيق والأعراف الدولية"؛ لأن العهد الذي بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم لا يلزم أبا بصير رضي الله عنه.
الوجه الخامس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعاون مع رسول قريش الكافر الثاني بعد مقتل صاحبه، ولم يأمر المسلمين أن يقبضوا على أبي بصير رضي الله عنه ويرسله مخفوراً إلى مكة بعد قتله للرسول الأول، بل خلى بينه وبينهم وفاء بالشرط، وليس هذا من المظاهرة في شيء.
الوجه السادس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بصير: (ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد)، وفي رواية: (لو كان له رجال).
قال الحافظ [الفتح: 5/350]: (وفيه إشارة إليه بالفرار، لئلا يرده إلى المشركين، ورمز إلى من بلغه ذلك من المسلمين أن يلحقوا به).
الوجه السابع؛ أن أبا بصير وأبا جندل ونحوهم من المسلمين لحقوا بسيف البحر، وصاروا يقتلون من رأوه من كفار قريش ويستولون على أموالهم، ولم "يستنكر" الرسول صلى الله عليه وسلم هذا العمل منهم، ولم "يندد" ولم "يشجب".
الوجه الثامن؛ أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتعاون مع كفار قريش ويعقد معهم: (حلفاً) للقضاء على: (إرهاب أبي بصير ومن معه لكفار قريش)، ولم ينصرهم بشيء من الأشياء، وحاشاه صلى الله عليه وسلم من ذلك.
الوجه التاسع؛ أن الدليل قائم على أن الرسول صلى الله عليه وسلم راض عن فعل أبي بصير ومن معه واستحسانه له من ثلاثة وجوه:
الأول؛ أنه لم ينكر عليه قتله للرسول، ولو كان مستنكراً لأنكره، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
الثاني؛ قوله له: (ويل أمه مسعر حرب لو كان معه أحد)، وقد سبق ذكر كلام الحافظ عليه.
الثالث؛ أنه لم يرسل إليهم لما أرهقوا قريشاً وسفكوا دماء بعضهم وسلبوا أموالهم، ولم ينههم، فلو كان يراهم مخطئين في فعلهم؛ لنهاهم، ولو نهاهم عن فعل شيء؛ لانتهوا عنه، فلما لم يفعل شيئاً من ذلك فقد دل على رضاه بعملهم.
قال ابن حزم رحمه الله في "الأحكام" [5/126]: (فهذا أبو بصير وأبو جندل ومن معهم من المسلمين؛ قد سفكوا دماء قريش المعاهدين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذوا أموالهم، ولم يحرم ذلك عليهم، ولا كانوا بذلك عصاة، ولا شك في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قادراً على منعهم من ذلك لو نهاهم، فلم يفعل).
وأختم الرد على هذه الشبهة بكلام نفيس للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله حيث قال في الرد على اعتراضات ابن نبهان كما في "الدرر" [8/199 - 200]: (ويقال؛ بأي كتابٍ، أم بأية حجةٍ أن الجهاد لا يجب إلا مع إمامٍ متبع؟! هذا من الفرية في الدين، والعدول عن سبيل المؤمنين، والأدلة على إبطال هذا القول أشهر من أن تذكر، من ذلك عموم الأمر بالجهاد، والترغيب فيه، والوعيد في تركه، قال تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة: من الآية 251]، وقال في سورة الحج: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ... الآية} [الحج: من الآية 40]، وكل من قام بالجهاد في سبيل الله؛ فقد أطاع الله وأدى ما فرضه الله، ولا يكون الإمام إماماً إلا بالجهاد، لأنه [كذا، ولعله لا أنه] لا يكون جهاد إلا بإمام، والحق عكس ما قلته يا رجل...).
إلى أن قال: (والعبر والأدلة على بطلان ما ألفته كثير من الكتاب والسنة والسير والأخبار وأقوال أهل العلم بالأدلة والآثار، لا تكاد تخفى على البليد، إذا علم بقصة أبي بصير لما جاء مهاجراً فطلبت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرده إليهم بالشرط الذي كان بينهم في صلح الحديبية، فانفلت منهم حتى قتل المشركين اللذين أتيا في طلبه، فرجع إلى الساحل، لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "ويل أمه مسعر حرب، لو كان معه غيره"، فتعرض لعير قريش - إذا أقبلت من الشام - يأخذ ويقتل، فاستقل بحربهم دون رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم كانوا معه في صلح - القصة بطولها - فهل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخطأتم في قتال قريش لأنكم لستم مع إمام؟ سبحان الله! ما أعظم مضرة الجهل على أهله؟ عياذاً بالله من معارضة الحق بالجهل والباطل).
وختم لنا بالشهادة
وأكرمك الله أخي الأزدي، وزقك الحكمة والبصيرة
في هكذا مسائل أخي الكريم هناك من يحمل المتشابه على غير وجهته الصحيحة، فضلاً عن اختلاف السبب الذي يقيس المتشابه به، غير محطاطاً لجمع كل النصوص وتدبرها.
وموالاة الكفار اليوم ليس فيها شبهات يمكن أن تؤول لمصلحة الإسلام وأهله، فأين مصلحة المسلمين بزرع قواعد عسكرية تنطلق منها الطائرات لحرق المسلمين، ماذا يفعل في السفارات اليوم، كيف بات الكفار لهم اليد الطولى في أوطاننا؟!!!!، والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل.
-----------------------
ونكمل عرض الشبهات...
الشبهة الثانية ؛ قصة أبي جندل بن سهيل رضي الله عنهما
ومن الشبه التي أثيرت في هذا الباب أيضاً قصة صلح الحديبية، وهي طويلة، ومما جاء فيها - كما في الصحيح - : (فقال سهيل بن عمرو - وكان مشركاً آنذاك - : وعلى أنه لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا، قال المسلمون: سبحان الله! كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلماً؟ فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إليّ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنا لم نقض الكتاب بعد، قال: فوالله إذاً لم أصالحك على شيء أبداً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فأجزه لي، قال: ما أنا بمجيزه لك، قال: بلى فافعل، قال: ما أنا بفاعل، قال مكرز: بل قد أجزناه لك، قال أبو جندل: أي معشر المسلمين أرد إلى المشركين وقد جئت مسلماً ألا ترون ما قد لقيت - وكان قد عذب عذاباً شديداً في الله -).
وفي الحديث: (ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين، فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين فخرجا به، حتى بلغا ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيداً، فاستله الآخر، فقال: أجل، والله إنه لجيد، لقد جربت به ثم جربت، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه فضربه حتى برد، وفر الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - حين رآه - : لقد رأى هذا ذعراً، فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير، فقال: يا نبي الله، قد والله أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ويل أمه، مسعر حرب لو كان له أحد، فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر).
قال: (وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها، فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده بالله والرحم لما أرسل فمن أتاه فهو آمن، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم).
قال أصحاب هذه الشبهة: فقد رد الرسول صلى الله عليه وسلم المسلم إلى الكفار، وفي هذا دلالة على جواز مثل هذا!
الجواب:
أن هذا الحديث من أصرح الأدلة أيضاً عليهم، وأقواها في بيان باطلهم من وجوه:
الوجه الأول؛ أما رده المسلم إلى الكفار فهو أمر خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم، لا يتعدى إلى غيره.
ويدل على خصوصيته ما في الصحيح عن أنس لما سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الأمر فقال: (إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله، ومن جاءنا منهم فسيجعل الله له فرجاً ومخرجاً).
فقد ذكر أن من رده إليهم سيجعل الله له فرجاً ومخرجاً، وهذا على القطع لا يعلم إلا بالوحي، وفي هذا دلالة على عدم جوازه من غيره، لأنه لا أحد يعلم أنه سيفرج الله لمن رده إلى الكفار.
وقد ذكر ابن حزم رحمه الله شبهة من استدل بهذا الحديث على رد المسلم إلى الكافر [الأحكام: 5/26] حيث ذكر وجوهاً في ردها، ومما قاله: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد إلى الكفار أحداً من المسلمين في تلك المدة إلا وقد أعلمه الله عز وجل؛ أنهم لا يفتنون في دينهم ولا في دنياهم وأنهم سينجون ولا بـد) - ثم ذكر حديث أنس السابق -
قال أبو محمد: (قد قال الله عز وجل واصفاً لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى}، فأيقنا أن إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بأن من جاءه من عند كفار قريش مسلماً فسيجعل الله له فرجاً ومخرجاً؛ وحي من عند الله صحيح لا داخلة فيه، فصحت العصمة بلا شك من مكروه الدنيا والآخرة لمن أتاه منهم حتى تتم نجاته من أيدي الكفار، لا يستريب في ذلك مسلم يحقق النظر، وهذا أمر لا يعلمه أحد من الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يحل لمسلم أن يشترط هذا الشرط ولا أن يفي به إن شرطه، إذ ليس عنده من علم الغيب ما أوحى الله تعالى به إلى رسوله، وبالله تعالى التوفيق).
وقال ابن العربي رحمه الله [أحكام القرآن: 4/1789]: (فأما عقده على أن يرد من أسلم إليهم؛ فلا يجوز لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما جوزه الله له لما علم في ذلك من الحكمة، وقضى فيه من المصلحة، وأظهر فيه بعد ذلك من حسن العاقبة، وحميد الأثر في الإسلام ما حمل الكفار على الرضا بإسقاطه، والشفاعة في حطه).
الوجه الثاني؛ ولو سلمنا بأنه غير خاصٍ بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه إنما يصح ممن حاله ووضعه كوضع النبي صلى الله عليه وسلم في جهاده للكفار، ونشره للإسلام، وحرصه على الدعوة، وقيامه بأمر الله تعالى، وبراءته من الكفر وأهله، فإنه لم يقبل هذه الشروط نكاية بالمجاهدين، ولا كيداً لهم، ولا إخلاداً إلى الدنيا وركوناً إليها، ولا "تعزيزاً للعلاقات" مع كفار مكة، ولا تحالفاً معهم، وحاشاه صلى الله عليه وسلم من ذلك كله، بل ما قبلها إلا لصالح الإسلام والمسلمين، وليتفرغ للدعوة إلى الله تعالى، والجهاد في سبيله، ونشر الإسلام، ففتح خيبر، وغزا عدة غزوات، وراسل الملوك في عصره فدعاهم إلى الإسلام، وغير ذلك من المصالح الدينية الظاهرة.
الوجه الثالث؛ أن الرسول صلى الله عليه وسلم في وفائه بهذا الشرط لم يعقد "حلفاً" بينه وبين الكفار لمحاربة "الإرهابيين" فيعقد معهم "الاتفاقات" للـ "قضاء عليهم" ولم يتبرأ منهم، بل تولاهم، وأخبر أن الله سيفرج عنهم، وكان يدعو لهم، وبقي على براءته من الكافرين، بل غاية ما في الأمر؛ أنه خلى بينهم وبين من يأتيه منهم، ولكنه لا يعينهم عليهم كما سيأتي إن شاء الله في الكلام على "أبي بصير".
الوجه الرابع؛ أن أبا بصير رضي الله عنه قتل الرسول - وهو عند "قريش" قد أتى منكرين - :
أحدهما؛ الهدنة التي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يقتتلون خلالها.
الثاني؛ قتل الرسول، والرسل لا تقتل في "العرف الدولي" آنذاك، وقد أقره الإسلام.
ومع هذا فلم "يشجب" الرسول صلى الله عليه وسلم أو "يندد" أو "يهاجم" أو "يبرأ" إلى الله مما فعله أبو بصير، أو يجعل عمله هذا من "الإرهاب"، أو من "خرق المواثيق والأعراف الدولية"؛ لأن العهد الذي بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم لا يلزم أبا بصير رضي الله عنه.
الوجه الخامس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعاون مع رسول قريش الكافر الثاني بعد مقتل صاحبه، ولم يأمر المسلمين أن يقبضوا على أبي بصير رضي الله عنه ويرسله مخفوراً إلى مكة بعد قتله للرسول الأول، بل خلى بينه وبينهم وفاء بالشرط، وليس هذا من المظاهرة في شيء.
الوجه السادس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بصير: (ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد)، وفي رواية: (لو كان له رجال).
قال الحافظ [الفتح: 5/350]: (وفيه إشارة إليه بالفرار، لئلا يرده إلى المشركين، ورمز إلى من بلغه ذلك من المسلمين أن يلحقوا به).
الوجه السابع؛ أن أبا بصير وأبا جندل ونحوهم من المسلمين لحقوا بسيف البحر، وصاروا يقتلون من رأوه من كفار قريش ويستولون على أموالهم، ولم "يستنكر" الرسول صلى الله عليه وسلم هذا العمل منهم، ولم "يندد" ولم "يشجب".
الوجه الثامن؛ أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتعاون مع كفار قريش ويعقد معهم: (حلفاً) للقضاء على: (إرهاب أبي بصير ومن معه لكفار قريش)، ولم ينصرهم بشيء من الأشياء، وحاشاه صلى الله عليه وسلم من ذلك.
الوجه التاسع؛ أن الدليل قائم على أن الرسول صلى الله عليه وسلم راض عن فعل أبي بصير ومن معه واستحسانه له من ثلاثة وجوه:
الأول؛ أنه لم ينكر عليه قتله للرسول، ولو كان مستنكراً لأنكره، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
الثاني؛ قوله له: (ويل أمه مسعر حرب لو كان معه أحد)، وقد سبق ذكر كلام الحافظ عليه.
الثالث؛ أنه لم يرسل إليهم لما أرهقوا قريشاً وسفكوا دماء بعضهم وسلبوا أموالهم، ولم ينههم، فلو كان يراهم مخطئين في فعلهم؛ لنهاهم، ولو نهاهم عن فعل شيء؛ لانتهوا عنه، فلما لم يفعل شيئاً من ذلك فقد دل على رضاه بعملهم.
قال ابن حزم رحمه الله في "الأحكام" [5/126]: (فهذا أبو بصير وأبو جندل ومن معهم من المسلمين؛ قد سفكوا دماء قريش المعاهدين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذوا أموالهم، ولم يحرم ذلك عليهم، ولا كانوا بذلك عصاة، ولا شك في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قادراً على منعهم من ذلك لو نهاهم، فلم يفعل).
وأختم الرد على هذه الشبهة بكلام نفيس للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله حيث قال في الرد على اعتراضات ابن نبهان كما في "الدرر" [8/199 - 200]: (ويقال؛ بأي كتابٍ، أم بأية حجةٍ أن الجهاد لا يجب إلا مع إمامٍ متبع؟! هذا من الفرية في الدين، والعدول عن سبيل المؤمنين، والأدلة على إبطال هذا القول أشهر من أن تذكر، من ذلك عموم الأمر بالجهاد، والترغيب فيه، والوعيد في تركه، قال تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة: من الآية 251]، وقال في سورة الحج: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ... الآية} [الحج: من الآية 40]، وكل من قام بالجهاد في سبيل الله؛ فقد أطاع الله وأدى ما فرضه الله، ولا يكون الإمام إماماً إلا بالجهاد، لأنه [كذا، ولعله لا أنه] لا يكون جهاد إلا بإمام، والحق عكس ما قلته يا رجل...).
إلى أن قال: (والعبر والأدلة على بطلان ما ألفته كثير من الكتاب والسنة والسير والأخبار وأقوال أهل العلم بالأدلة والآثار، لا تكاد تخفى على البليد، إذا علم بقصة أبي بصير لما جاء مهاجراً فطلبت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرده إليهم بالشرط الذي كان بينهم في صلح الحديبية، فانفلت منهم حتى قتل المشركين اللذين أتيا في طلبه، فرجع إلى الساحل، لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "ويل أمه مسعر حرب، لو كان معه غيره"، فتعرض لعير قريش - إذا أقبلت من الشام - يأخذ ويقتل، فاستقل بحربهم دون رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم كانوا معه في صلح - القصة بطولها - فهل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخطأتم في قتال قريش لأنكم لستم مع إمام؟ سبحان الله! ما أعظم مضرة الجهل على أهله؟ عياذاً بالله من معارضة الحق بالجهل والباطل).
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
رد: موالاة الكفار من نواقض الاسلام... ترصد المجاهدين والتبليغ عنهم من صورها
عاشقة السماء .. أسأل الله أن يجزيك كل خير وأن ينير لك طريقك في الدنيا والآخرة..
طابة- وما ينبغي للرحمن ان يتخذ ولدا
- عدد المساهمات : 23
تاريخ التسجيل : 28/10/2013
رد: موالاة الكفار من نواقض الاسلام... ترصد المجاهدين والتبليغ عنهم من صورها
أختي طابة آمين وأسأل الله لك بمثل
وأشكر لك طيب مرورك، أكرمك الرحمن وأعزك في الدارين
----------------
الشبهة الثالثة ؛ أن هذا التحالف بين المسلمين والصليبيين مثل "حلف الفضول"
ومن الشبه التي أثيرت أيضاً في هذه المسألة قول بعضهم: (إن الدخول في التحالف الصليبي ضد "الإرهاب" يشبه "حلف الفضول" الذي كان في الجاهلية وأثنى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان لمكافحة الظلم)!
والجواب على هذه الشبهة أن يقال:
سنذكر أولاً قصة "حلف الفضول"، ثم نثني بالجواب على هذه الشبهة.
فقد جاء في كتب السير والتاريخ أن قبائل من قريش اجتمعوا في دار "عبد الله بن جدعان التيمي"، فتعاقدوا وتعاهدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوماً من أهلها وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا قاموا معه وكانوا على من ظلمه، حتى ترد عليه مظلمته، فسمت قريش ذلك الحلف "حلف الفضول".
وفي ذلك يقول الشاعر:
إن الفضول تحالفوا وتعاقدوا أن لا يبيت ببطن مكة ظالم
وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم حضر هذا الحلف وهو صغير - قبل أن يبعث - وأنه قال بعد النبوة كما في المسند وغيره: (شهدت وأنا غلام مع عمومتي "حلف الفضول" - وفي رواية "حلف المطيبين" - فما أحب أن لي به حمر النعم وإني أنكثه).
والجواب عن هذه الشبهة أن يقال:
إن هناك فروقاً شاسعة بين الحلفين، بل لا وجه شبه بينهما إلا باسم "الحلف" فقط، ويظهر الفرق بينهما من وجوه:
الوجه الأول؛ أن صاحب "حلف الفضول" هو عبد الله بن جدعان التيمي، وهو وإن كان مشركاً إلا أنه كان حريصاً على مكارم الأخلاق، فقد ثبت في الصحيح عن عائشة، قلت: (يا رسول الله، ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم، ويطعم المسكين، فهل ذاك نافعه؟)، قال: (لا ينفعه، إنه لم يقل يوماً؛ رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين)، والمقصود شهرة "ابن جدعان" بمكارم الأخلاق.
وأما صاحب "تحالف أمريكا" فهم "الأمريكيون"؛ أكثر الناس ظلماً وبغياً وعدواناً، وقد سبق ذكر نبذة عن "مكارمهم" في المبحث الثاني من الفصل الأول فراجعه.
الوجه الثاني؛ أن سبب "حلف الفضول" هو بعض المظالم التي حصلت في "مكة" - من قومهم - فأرادوا التحالف بينهم لرفعها وإنصاف المظلوم ممن ظلمه ولو كان من بني عمهم.
وأما سبب "تحالف أمريكا" فليس لرفع المظالم التي تحصل من قومهم والتي بلي بها الناس من عشرات السنين، وراح ضحيتها الملايين من القتلى والمشردين.
ولا بسبب مظالم "إسرائيل" التي سفكت أنهاراً من الدماء، فقتلوا وشردوا الآلاف من المسلمين.
ولا بسبب مآسي الشعب العراقي الذي يحتضر بسبب العدوان الأمريكي عليه من عشر سنوات وحتى الآن، حتى قتل وأصيب بسببهم الملايين.
ولا بسبب المظالم الأخرى التي يعانيها الشيشان من الروس، أو المسلمون في الفلبين من النصارى، أو المسلمون الذين يقتلون في جزر الملوك، أو الذين يقتلون في الصين، أو غيرهم من أبناء هذه الأمة المكلومة.
بل سبب هذا التحالف الصليبي مقتل بضعة آلاف منهم على أيدي مجهولين، فأرادوا الانتقام من "المسلمين" وزيادة مظالمهم!
الوجه الثالث؛ أنهم في "حلف الفضول" لم يلزموا أحداً بالدخول في حلفهم، وأما "تحالف أمريكا" فأساسه - كما قالوا - : إن من لم يكن معنا فهو ضدنا! بمعنى أنه هدف له! وهذا أول الظلم.
الوجه الرابع؛ أن هدف "حلف الفضول" - كما ذكرنا - رفع الظلم عن جميع من في مكة، وأما هدف تحالف "أمريكا" فالقضاء على "الإسلام"، أو على الأقل "تجفيف منابعه"، وضرب "الملتزمين" منهم كما يظهر من أهدافهم الأولية، كما أن من أهدافه زيادة "الهيمنة الأمريكية" على العالم، فهدفه الحقيقي زيادة الظلم واستعباد الشعوب.
الوجه الخامس؛ أنه ليس في "حلف الفضول" غير رفع المظالم - وهو أمر تقره الشريعة وتدعو إليه - وأما "تحالف أمريكا" فمنكراته كثيرة، عرفنا بعضها، وجهلنا أكثرها، ومن أهمها متابعة الإرهابيين في كل مكان، والإرهابيون هم "المسلمون"، و "تجفيف منابع الإرهاب" وهو "التعليم الإسلامي" - كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الوجه العاشر في الرد على الشبهة السابعة - ومكافحة دعم الإرهاب، وهو صدقات المسلمين وزكواتهم التي تدفع للمجاهدين، ودعم النفوذ الأمريكي في أراضي المسلمين والاستمرار في استعبادهم، وهكذا في سلسلة تخالف شرع الله تعالى وتناقضه.
الوجه السادس؛ أن الحلفاء في "حلف الفضول" من تيم وزهرة وأسد وغيرهم لا مآرب لهم وراء هذا الحلف غير مكارم الأخلاق، والتناصر بينهم ضد الظالمين من قومهم، مع أن دينهم واحد، وكلهم مشركون.
وأما الحلفاء في "حلف أمريكا" فجميع الكفرة تقريباً، وهم أساس الظلم الواقع على العباد والبلاد، ولهم مآرب سياسية واقتصادية ودينية خبيثة من وراء هذا التحالف، وحلفهم جاء للنكاية بالمسلمين، وزيادة مآسيهم، فدين المتحالفين شتى، وعدوهم واحد!
الوجه السابع؛ أن "حلف الفضول" يعتمد في رفع الظلم على جاه ومنصب المتحالفين - كما ذكر أهل السير - فليس فيها وسيلة محرمة في تحقيق هدف الحلف.
وأما "التحالف الأمريكي" فله وسيلتان:
الأولى؛ الوسيلة السلمية: وهو أن يؤخذ ما يسمونهم بـ "الإرهابيين" - وهم من المسلمين - ويعرضون على طاغوت أمريكا "القانون".
الثانية؛ الوسيلة الحربية: وهو دك بلاد الأفغان وسحقها - كما هو تعبير رئيسهم بوش - مع فعل الشيء نفسه في الأهداف الأخرى.
والتعاون في كلا الوسيلتين كفر وردة، فالأول تحاكم إلى الطاغوت، والثاني مظاهرة للكفار على المسلمين ظلماً وعدواناً وبغياً.
الوجه الثامن؛ في نتائج الحلفين:
أما "حلف الفضول" فرفعوا كثيراً من المظالم في بلدهم - حتى بقيت من مناقبهم بعد الإسلام - وأما "تحالف أمريكا" فقد زادوا المظالم في الأرض بعد هذا التحالف، فمن نتائج تحالفهم بعد شهر تقريباً:
1) قتل أكثر من ألف مدني من الأفغان - منهم النساء والشيوخ والأطفال -
2) إصابة أضعاف هذا الرقم من المدنيين من الأفغان بجروح.
3) تدمير عدد من المدن وضربها بأطنان من القنابل.
4) نسف عدد من القرى ومحوها من الوجود.
5) زيادة معاناة الأفغان بتدمير مصالحهم - على قلتها - كالمستشفيات والمستودعات والمرافق.
6) زيادة الحصار على عشرين مليون من الأفغان!
7) تشريد الملايين من المدنيين وإخراجهم من أراضيهم.
8) اعتقال وسجن المئات من المسلمين لمجرد الاشتباه بهم.
9) زيادة تسليط الكفار على المسلمين، كتسليط الروس على الشيشان، وتسليط عباد البقر على الكشميريين.
10) التضييق على الهيئات الإغاثية الإسلامية بحجة دعمهم للإرهاب.
وغير ذلك من المآسي التي حصلت بسبب هذا التحالف.
الوجه التاسع؛ وهو أهم الأوجه، وهو حكمهما الشرعي:
وذلك أن الدخول في مثل "حلف الفضول" مشروع، لأنه قائم على أساس إسلامي وهو "رفع الظلم"، والظلم محرم في الشريعة، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (إياكم والظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة)، وكما في الصحيح أيضاً في الحديث القدسي: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)، ونحوها من النصوص، ولا يلزم من الدخول في مثله ارتكاب أمر محرم، وليس فيه مظاهرة للكفار على المسلمين، ولا تحاكم إلى غير ما أنزل الله.
وأما الدخول في "التحالف الأمريكي" فهو مركّب من منكرات كثيرة، منها:
1) مظاهرة الكفار على المسلمين، وهذا كفر.
2) تحاكم إلى الطواغيت، وهذا كفر.
3) زيادة البلاء على المسلمين في الأفغان، وقتل أولادهم ونسائهم وشيوخهم، وإجلاء الكثيرين عن أرضهم.
4) زيادة الظلم والبغي في الأرض بغير الحق.
5) مد النفوذ الأمريكي الظالم إلى مناطق المسلمين في وسط آسيا.
نسأل الله تعالى أن ينتقم من "أمريكا" وأحلافها عاجلاً غير آجل، وأن يقر عيون المسلمين بانتصار الإسلام والمسلمين.
وأشكر لك طيب مرورك، أكرمك الرحمن وأعزك في الدارين
----------------
الشبهة الثالثة ؛ أن هذا التحالف بين المسلمين والصليبيين مثل "حلف الفضول"
ومن الشبه التي أثيرت أيضاً في هذه المسألة قول بعضهم: (إن الدخول في التحالف الصليبي ضد "الإرهاب" يشبه "حلف الفضول" الذي كان في الجاهلية وأثنى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان لمكافحة الظلم)!
والجواب على هذه الشبهة أن يقال:
سنذكر أولاً قصة "حلف الفضول"، ثم نثني بالجواب على هذه الشبهة.
فقد جاء في كتب السير والتاريخ أن قبائل من قريش اجتمعوا في دار "عبد الله بن جدعان التيمي"، فتعاقدوا وتعاهدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوماً من أهلها وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا قاموا معه وكانوا على من ظلمه، حتى ترد عليه مظلمته، فسمت قريش ذلك الحلف "حلف الفضول".
وفي ذلك يقول الشاعر:
إن الفضول تحالفوا وتعاقدوا أن لا يبيت ببطن مكة ظالم
وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم حضر هذا الحلف وهو صغير - قبل أن يبعث - وأنه قال بعد النبوة كما في المسند وغيره: (شهدت وأنا غلام مع عمومتي "حلف الفضول" - وفي رواية "حلف المطيبين" - فما أحب أن لي به حمر النعم وإني أنكثه).
والجواب عن هذه الشبهة أن يقال:
إن هناك فروقاً شاسعة بين الحلفين، بل لا وجه شبه بينهما إلا باسم "الحلف" فقط، ويظهر الفرق بينهما من وجوه:
الوجه الأول؛ أن صاحب "حلف الفضول" هو عبد الله بن جدعان التيمي، وهو وإن كان مشركاً إلا أنه كان حريصاً على مكارم الأخلاق، فقد ثبت في الصحيح عن عائشة، قلت: (يا رسول الله، ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم، ويطعم المسكين، فهل ذاك نافعه؟)، قال: (لا ينفعه، إنه لم يقل يوماً؛ رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين)، والمقصود شهرة "ابن جدعان" بمكارم الأخلاق.
وأما صاحب "تحالف أمريكا" فهم "الأمريكيون"؛ أكثر الناس ظلماً وبغياً وعدواناً، وقد سبق ذكر نبذة عن "مكارمهم" في المبحث الثاني من الفصل الأول فراجعه.
الوجه الثاني؛ أن سبب "حلف الفضول" هو بعض المظالم التي حصلت في "مكة" - من قومهم - فأرادوا التحالف بينهم لرفعها وإنصاف المظلوم ممن ظلمه ولو كان من بني عمهم.
وأما سبب "تحالف أمريكا" فليس لرفع المظالم التي تحصل من قومهم والتي بلي بها الناس من عشرات السنين، وراح ضحيتها الملايين من القتلى والمشردين.
ولا بسبب مظالم "إسرائيل" التي سفكت أنهاراً من الدماء، فقتلوا وشردوا الآلاف من المسلمين.
ولا بسبب مآسي الشعب العراقي الذي يحتضر بسبب العدوان الأمريكي عليه من عشر سنوات وحتى الآن، حتى قتل وأصيب بسببهم الملايين.
ولا بسبب المظالم الأخرى التي يعانيها الشيشان من الروس، أو المسلمون في الفلبين من النصارى، أو المسلمون الذين يقتلون في جزر الملوك، أو الذين يقتلون في الصين، أو غيرهم من أبناء هذه الأمة المكلومة.
بل سبب هذا التحالف الصليبي مقتل بضعة آلاف منهم على أيدي مجهولين، فأرادوا الانتقام من "المسلمين" وزيادة مظالمهم!
الوجه الثالث؛ أنهم في "حلف الفضول" لم يلزموا أحداً بالدخول في حلفهم، وأما "تحالف أمريكا" فأساسه - كما قالوا - : إن من لم يكن معنا فهو ضدنا! بمعنى أنه هدف له! وهذا أول الظلم.
الوجه الرابع؛ أن هدف "حلف الفضول" - كما ذكرنا - رفع الظلم عن جميع من في مكة، وأما هدف تحالف "أمريكا" فالقضاء على "الإسلام"، أو على الأقل "تجفيف منابعه"، وضرب "الملتزمين" منهم كما يظهر من أهدافهم الأولية، كما أن من أهدافه زيادة "الهيمنة الأمريكية" على العالم، فهدفه الحقيقي زيادة الظلم واستعباد الشعوب.
الوجه الخامس؛ أنه ليس في "حلف الفضول" غير رفع المظالم - وهو أمر تقره الشريعة وتدعو إليه - وأما "تحالف أمريكا" فمنكراته كثيرة، عرفنا بعضها، وجهلنا أكثرها، ومن أهمها متابعة الإرهابيين في كل مكان، والإرهابيون هم "المسلمون"، و "تجفيف منابع الإرهاب" وهو "التعليم الإسلامي" - كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الوجه العاشر في الرد على الشبهة السابعة - ومكافحة دعم الإرهاب، وهو صدقات المسلمين وزكواتهم التي تدفع للمجاهدين، ودعم النفوذ الأمريكي في أراضي المسلمين والاستمرار في استعبادهم، وهكذا في سلسلة تخالف شرع الله تعالى وتناقضه.
الوجه السادس؛ أن الحلفاء في "حلف الفضول" من تيم وزهرة وأسد وغيرهم لا مآرب لهم وراء هذا الحلف غير مكارم الأخلاق، والتناصر بينهم ضد الظالمين من قومهم، مع أن دينهم واحد، وكلهم مشركون.
وأما الحلفاء في "حلف أمريكا" فجميع الكفرة تقريباً، وهم أساس الظلم الواقع على العباد والبلاد، ولهم مآرب سياسية واقتصادية ودينية خبيثة من وراء هذا التحالف، وحلفهم جاء للنكاية بالمسلمين، وزيادة مآسيهم، فدين المتحالفين شتى، وعدوهم واحد!
الوجه السابع؛ أن "حلف الفضول" يعتمد في رفع الظلم على جاه ومنصب المتحالفين - كما ذكر أهل السير - فليس فيها وسيلة محرمة في تحقيق هدف الحلف.
وأما "التحالف الأمريكي" فله وسيلتان:
الأولى؛ الوسيلة السلمية: وهو أن يؤخذ ما يسمونهم بـ "الإرهابيين" - وهم من المسلمين - ويعرضون على طاغوت أمريكا "القانون".
الثانية؛ الوسيلة الحربية: وهو دك بلاد الأفغان وسحقها - كما هو تعبير رئيسهم بوش - مع فعل الشيء نفسه في الأهداف الأخرى.
والتعاون في كلا الوسيلتين كفر وردة، فالأول تحاكم إلى الطاغوت، والثاني مظاهرة للكفار على المسلمين ظلماً وعدواناً وبغياً.
الوجه الثامن؛ في نتائج الحلفين:
أما "حلف الفضول" فرفعوا كثيراً من المظالم في بلدهم - حتى بقيت من مناقبهم بعد الإسلام - وأما "تحالف أمريكا" فقد زادوا المظالم في الأرض بعد هذا التحالف، فمن نتائج تحالفهم بعد شهر تقريباً:
1) قتل أكثر من ألف مدني من الأفغان - منهم النساء والشيوخ والأطفال -
2) إصابة أضعاف هذا الرقم من المدنيين من الأفغان بجروح.
3) تدمير عدد من المدن وضربها بأطنان من القنابل.
4) نسف عدد من القرى ومحوها من الوجود.
5) زيادة معاناة الأفغان بتدمير مصالحهم - على قلتها - كالمستشفيات والمستودعات والمرافق.
6) زيادة الحصار على عشرين مليون من الأفغان!
7) تشريد الملايين من المدنيين وإخراجهم من أراضيهم.
8) اعتقال وسجن المئات من المسلمين لمجرد الاشتباه بهم.
9) زيادة تسليط الكفار على المسلمين، كتسليط الروس على الشيشان، وتسليط عباد البقر على الكشميريين.
10) التضييق على الهيئات الإغاثية الإسلامية بحجة دعمهم للإرهاب.
وغير ذلك من المآسي التي حصلت بسبب هذا التحالف.
الوجه التاسع؛ وهو أهم الأوجه، وهو حكمهما الشرعي:
وذلك أن الدخول في مثل "حلف الفضول" مشروع، لأنه قائم على أساس إسلامي وهو "رفع الظلم"، والظلم محرم في الشريعة، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (إياكم والظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة)، وكما في الصحيح أيضاً في الحديث القدسي: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)، ونحوها من النصوص، ولا يلزم من الدخول في مثله ارتكاب أمر محرم، وليس فيه مظاهرة للكفار على المسلمين، ولا تحاكم إلى غير ما أنزل الله.
وأما الدخول في "التحالف الأمريكي" فهو مركّب من منكرات كثيرة، منها:
1) مظاهرة الكفار على المسلمين، وهذا كفر.
2) تحاكم إلى الطواغيت، وهذا كفر.
3) زيادة البلاء على المسلمين في الأفغان، وقتل أولادهم ونسائهم وشيوخهم، وإجلاء الكثيرين عن أرضهم.
4) زيادة الظلم والبغي في الأرض بغير الحق.
5) مد النفوذ الأمريكي الظالم إلى مناطق المسلمين في وسط آسيا.
نسأل الله تعالى أن ينتقم من "أمريكا" وأحلافها عاجلاً غير آجل، وأن يقر عيون المسلمين بانتصار الإسلام والمسلمين.
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
رد: موالاة الكفار من نواقض الاسلام... ترصد المجاهدين والتبليغ عنهم من صورها
الشبهة الرابعة ؛ وجود إكراه في هذا الأمر
من يدعي وجود الإكراه في دخول التحالف مع "أمريكا" سواء من "الدول"، أو من المنتسبين للإسلام من العسكريين الأمريكيين.
وقد أخطأ صاحب هذه الشبهة من وجهين:
الوجه الأول؛ في معرفة الإكراه:
فإن الإكراه الذي يبيح الكفر هو القتل أو ما يؤدي إليه أو تلف شيء من الأعضاء ونحو هذا - على تفصيلات مذكورة في كتب الفروع - وليس من الإكراه الخوف على المال، أو المنصب، أو الراتب، ونحو ذلك، وحقيقة الأمر فيمن دخل في تحالف الكفار إنما هو رغبة في الدنيا وركون إليها.
وكما قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ رحمه الله [الدرر: 8/374] في رده على أحدهم في تجويزه الاستنصار بالمشركين في حال الضرورة: (غلط صاحب الرسالة في معرفة الضرورة، فظنها عائدة إلى ولي الأمر في رياسته وسلطانه، وليس الأمر كما زعم ظنه، بل هي ضرورة الدين، وحاجته إلى ما يعين عليه وتحصل به مصلحته، كما صرح به من قال بالجواز).
الوجه الثاني؛ في معرفة المكره عليه:
فإن الإكراه - إذا صح - فإنما يرخص للمكرَه أن يتكلم بالكفر ونحو ذلك مما ليس فيه إضرار بغيره، وأما إذا كان الإكراه في قتل الغير فلا يجوز بالإجماع؛ لأنه ليس له أن يستبقي نفسه بقتل غيره.
قال ابن العربي رحمه الله [أحكام القرآن: 1/525]: (قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً} [النساء: من الآية 30]؛ دليل على أن فعل الناسي والخاطئ والمكره لا يدخل في ذلك، لأن هذه الأفعال لا تتصف بالعدوان والظلم، إلا فرع واحد منها؛ وهو المكره على القتل، فإن فعله يتصف إجماعا بالعدوان، فلا جرم يقتل عندنا بمن قتله، ولا ينتصب الإكراه عذراً).
وقال النووي رحمه الله [شرح مسلم: 18/16 - 17]: (وأما القتل؛ فلا يباح بالإكراه، بل يأثم المكره على المأمور به بالإجماع، وقد نقل القاضي وغيره فيه الإجماع).
وقال ابن رجب رحمه الله [جامع العلوم والحكم: 2/371]: (واتفق العلماء؛ على أنه لو أكره على قتل معصوم لم يبح له أن يقتله، فإنه إنما يقتله باختياره افتداءً لنفسه من القتل، هذا إجماع من العلماء المعتد بهم).
وهنا في هذه الحادثة إنما تريد "أمريكا" ودول الكفر - أخزاهم الله جميعاً - قتل المسلمين، فلا يجوز إعانتهم من أي مسلم - ولو أكره على ذلك - لأن هذا مما لا يبيحه الإكراه.
وقد حصل نحو هذا في وقت شيخ الإسلام رحمه الله تعالى، حيث ادعى بعض من أعان التتار على المسلمين الإكراه، فذكر شيخ الإسلام أن الإكراه لا يبيح لهم فعل هذا، فقال رحمه الله [مجموع الفتاوى 28/539]: (المقصود أنه إذا كان المكره على القتال في الفتنة ليس له أن يقاتل، بل عليه إفساد سلاحه، وأن يصبر حتى يقتل مظلوماً، فكيف بالمكره على قتال المسلمين مع الطائفة الخارجة عن شرائع الإسلام - كمانعي الزكاة، والمرتدين، ونحوهم - ؟ فلا ريب أن هذا يجب عليه إذا أكره على الحضور أن لا يقاتل وإن قتله المسلمون، كما لو أكرهه الكفار على حضور صفهم ليقاتل المسلمين، وكما لو أكره رجل رجلاً على قتل مسلم معصوم؛ فإنه لا يجوز له قتله باتفاق المسلمين، وإن أكرهه بالقتل فإنه ليس حفظ نفسه بقتل ذلك المعصوم أولى من العكس، فليس له أن يظلم غيره فيقتله، لئلا يقتل هو).
من يدعي وجود الإكراه في دخول التحالف مع "أمريكا" سواء من "الدول"، أو من المنتسبين للإسلام من العسكريين الأمريكيين.
وقد أخطأ صاحب هذه الشبهة من وجهين:
الوجه الأول؛ في معرفة الإكراه:
فإن الإكراه الذي يبيح الكفر هو القتل أو ما يؤدي إليه أو تلف شيء من الأعضاء ونحو هذا - على تفصيلات مذكورة في كتب الفروع - وليس من الإكراه الخوف على المال، أو المنصب، أو الراتب، ونحو ذلك، وحقيقة الأمر فيمن دخل في تحالف الكفار إنما هو رغبة في الدنيا وركون إليها.
وكما قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ رحمه الله [الدرر: 8/374] في رده على أحدهم في تجويزه الاستنصار بالمشركين في حال الضرورة: (غلط صاحب الرسالة في معرفة الضرورة، فظنها عائدة إلى ولي الأمر في رياسته وسلطانه، وليس الأمر كما زعم ظنه، بل هي ضرورة الدين، وحاجته إلى ما يعين عليه وتحصل به مصلحته، كما صرح به من قال بالجواز).
الوجه الثاني؛ في معرفة المكره عليه:
فإن الإكراه - إذا صح - فإنما يرخص للمكرَه أن يتكلم بالكفر ونحو ذلك مما ليس فيه إضرار بغيره، وأما إذا كان الإكراه في قتل الغير فلا يجوز بالإجماع؛ لأنه ليس له أن يستبقي نفسه بقتل غيره.
قال ابن العربي رحمه الله [أحكام القرآن: 1/525]: (قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً} [النساء: من الآية 30]؛ دليل على أن فعل الناسي والخاطئ والمكره لا يدخل في ذلك، لأن هذه الأفعال لا تتصف بالعدوان والظلم، إلا فرع واحد منها؛ وهو المكره على القتل، فإن فعله يتصف إجماعا بالعدوان، فلا جرم يقتل عندنا بمن قتله، ولا ينتصب الإكراه عذراً).
وقال النووي رحمه الله [شرح مسلم: 18/16 - 17]: (وأما القتل؛ فلا يباح بالإكراه، بل يأثم المكره على المأمور به بالإجماع، وقد نقل القاضي وغيره فيه الإجماع).
وقال ابن رجب رحمه الله [جامع العلوم والحكم: 2/371]: (واتفق العلماء؛ على أنه لو أكره على قتل معصوم لم يبح له أن يقتله، فإنه إنما يقتله باختياره افتداءً لنفسه من القتل، هذا إجماع من العلماء المعتد بهم).
وهنا في هذه الحادثة إنما تريد "أمريكا" ودول الكفر - أخزاهم الله جميعاً - قتل المسلمين، فلا يجوز إعانتهم من أي مسلم - ولو أكره على ذلك - لأن هذا مما لا يبيحه الإكراه.
وقد حصل نحو هذا في وقت شيخ الإسلام رحمه الله تعالى، حيث ادعى بعض من أعان التتار على المسلمين الإكراه، فذكر شيخ الإسلام أن الإكراه لا يبيح لهم فعل هذا، فقال رحمه الله [مجموع الفتاوى 28/539]: (المقصود أنه إذا كان المكره على القتال في الفتنة ليس له أن يقاتل، بل عليه إفساد سلاحه، وأن يصبر حتى يقتل مظلوماً، فكيف بالمكره على قتال المسلمين مع الطائفة الخارجة عن شرائع الإسلام - كمانعي الزكاة، والمرتدين، ونحوهم - ؟ فلا ريب أن هذا يجب عليه إذا أكره على الحضور أن لا يقاتل وإن قتله المسلمون، كما لو أكرهه الكفار على حضور صفهم ليقاتل المسلمين، وكما لو أكره رجل رجلاً على قتل مسلم معصوم؛ فإنه لا يجوز له قتله باتفاق المسلمين، وإن أكرهه بالقتل فإنه ليس حفظ نفسه بقتل ذلك المعصوم أولى من العكس، فليس له أن يظلم غيره فيقتله، لئلا يقتل هو).
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
رد: موالاة الكفار من نواقض الاسلام... ترصد المجاهدين والتبليغ عنهم من صورها
الشبهة الخامسة ؛ أن إعانة الكفار على المسلمين على قسمين
ومن الشبه الساقطة التي لبس بها بعضهم على المسلمين قولهم؛ (إن إعانة الكفار على المسلمين على قسمين، الأول؛ كفر: وهو مظاهرة الكفار على المسلمين من أجل كفر الكافرين وإسلام المسلمين، الثاني؛ مباح، بل مأمور به: وهو مساعدة الكافر إذا ظلمه مسلم للوصول للعدل).
والجواب على هذه الشبهة الساقطة من وجوه:
الوجه الأول؛ أن هذا التقسيم من كيس القائل، وليس له سلف فيه، والله المستعان.
الوجه الثاني؛ أن المفتي عندما يفتي العامة إنما ينزل النصوص على الواقع وهو ما يسمى بـ "تحقيق المناط"، وليست وظيفته وضع تقسيمات تزيد العامة حيرة، لذلك كان المطلوب هو الكلام عن المسألة المسئول عنها، وهو بيان حكم الدخول في تحالف الكفار ضد المسلمين الأفغان، لا الإحالة على تقسيم لم يسبق إليه.
الوجه الثالث؛ أن يقال: لو أن أحداً سئل عن الذبح لغير الله؟، فقال: هو على قسمين:
الأول؛ إن كان يقصد بذلك عبادة غير الله بهذا الذبح، فهو كفر.
والثاني؛ إن كان يقصد بذلك غير العبادة، فهو مباح.
ولو قسم السجود للصنم، ودعاء الأوثان، وغيرها من النواقض العملية أو القولية، إلى هذين القسمين أيضاً، لما كان بينه وبين هذا التقسيم المخترع فرق، مع بطلان الجميع، فإن هذه الفعلين - الذبح لغير الله ونحوه، ومظاهرة الكفار على المسلمين - كفر بمجرد وقوعها من الفاعل.
وقد ذكرني هذا التقسيم تقسيمات علماء القبورية المخترعة الذين ابتلي بهم أئمة الدعوة النجدية رحمهم الله تعالى.
الوجه الرابع؛ أنه ذكر هذين القسمين للمظاهرة، وترك أساس المسألة وهي "مظاهرة الكفار على المسلمين رغبة أو رهبة أو نحو ذلك"، فأصل المظاهرة والتي وردت الأدلة عليها هذا القسم الذي لم يذكره، كما قال تعالى في آية المظاهرة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ}، فذكر الله سبحانه أن سبب مظاهرة هؤلاء للكفار هو أنهم يخشون الدائرة، ولم يذكر أن ذلك لأجل كفرهم.
ثم إن صاحب هذا التقسيم لم يترك الأصل في هذه المسألة فقط ولم يذكره، بل وذكر قسمين باطلين ليسا من "المظاهرة في شيء" كما يتبين في:
الوجه الخامس؛ وهو أن كلا القسمين باطلان، وبيان ذلك كما يلي:
أما القسم الأول؛ فإنه جعل المظاهرة المكفّرة هي التي تكون لأجل كفر الكافر وإسلام المسلم، وبطلانه من وجوه:
الوجه الأول؛ أن الرغبة في الكافر لأجل كفره كفر ولو لم يتكلم أو يفعل شيئاً، وإنما يقول بمثل هذا القول غلاة المرجئة الذين يردون المكفرات العملية أو القولية إلى "الاعتقاد".
الوجه الثاني؛ أن هذا خلاف النصوص المستفيضة، وقد سبق ذكرها، فإنها لم تعلق الكفر إلا باتخاذهم أولياء، فوجود "التولي" يقتضي وجود الكفر، فإن كان الذي تولاهم إنما تولاهم لأجل كفرهم فهو كفر مركّب أساسه محبة الكفار لا مظاهرتهم، وقد سبق ذكر النصوص وأقوال العلماء عليها في المبحث الأول فراجعه.
الوجه الثالث؛ أن هذا أيضاً خلاف الثابت من الحوادث التاريخية التي أفتى فيها علماء الإسلام، فإنه لا يوجد أحد ممن ظاهر المشركين على المسلمين ظاهرهم لأجل دينهم، بل إما أن يظاهرهم خوفاً منهم، أو رغبة في رئاسة، أو طمعاً في مال، ونحو ذلك، ومع ذلك أفتى علماء الإسلام بكفر أولئك، وتأمل في حال المسلمين الذين خرجوا مع المشركين بالإكراه في "بدر" وكيف أبيح للمسلمين قتلهم، واختلف أهل العلم في تكفيرهم مع وجود الإكراه - كما سبق تفصيله - وانظر إلى كلام شيخ الإسلام رحمه الله فيمن ظاهر التتار على المسلمين حيث أفتى بردته ولو ادعى الإكراه كما في "الفتاوى" [28/539]، وكما ذكره عنه في "الفروع" [9/163]، وانظر في كلام الشيخين سليمان آل الشيخ وحمد بن عتيق في من ظاهر المشركين وهو يبغضهم ويحب المسلمين!
الوجه الرابع؛ أن أهل العلم جعلوا مظاهرة الكفار على المسلمين كفراً بمجردها - ولم يشترطوا فيها أن تكون من أجل كفر الكافر - وقد سبق نقل هذا، بل ونص بعضهم على أنه يكفر ولو كان محباً للمسلمين مبغضاً للمشركين، ومن ذلك:
قول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله [الدرر: 10/8]: (واعلموا أن الأدلة على تكفير المسلم الصالح؛ إذا أشرك بالله، أو صار مع المشركين على الموحدين - ولو لم يشرك - أكثر من أن تحصر، من كلام الله، وكلام رسوله، وكلام أهل العلم كلهم).
قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ [8/396]: (والمرء قد يكره الشرك، ويحب التوحيد، لكن يأتيه الخلل من جهة عدم البراءة من أهل الشرك، وترك موالاة أهل التوحيد ونصرتهم، فيكون متبعاً لهواه، داخلاً من الشرك في شعبٍ تهدم دينه وما بناه، تاركاً من التوحيد أصولاً وشعباً، لا يستقيم معها إيمانه الذي ارتضاه، فلا يحب ويبغض لله، ولا يعادي ولا يوالي لجلال من أنشأه وسوّاه، وكل هذا يؤخذ من شهادة: أن لا إله إلا الله).
وقال الشيخ حمد بن عتيق في "الدفاع عن أهل السنة والاتباع" [ص: 31]: (إن مظاهرة المشركين، ودلالتهم على عورات المسلمين، أو الذب عنهم بلسان، أو رضي بما هم عليه، كل هذه مكفرات، فمن صدرت منه - من غير الإكراه المذكور - فهو مرتد، وإن كان مع ذلك يبغض الكفار ويحب المسلمين).
وأما بطلان القسم الثاني؛ وهو قوله: (أن مساعدة الكافر إذا ظلمه مسلم للوصول للعدل مباح بل مأمور به)، فمن وجوه أيضاً...
الوجه الأول؛ أن مساعدة المسلم للكافر "المعاهد" أو "الذمي" في رفع مظلمته - بالشرع الإسلامي - أمر مشروع، ولكن هذا الأمر لا يسميه أحد من أهل العلم مظاهرة للكفار أو مناصرة لهم، ولا يذكر بهذا الوصف مطلقاً، فمن جعل مثل هذا مظاهرة للكفار فهو من أجهل الناس.
الوجه الثاني؛ أن الكافر الذمي أو المعاهد إذا ظلمه مسلم، فإن الذي ينصفه ويأخذ حقه هم المسلمون، وليس له أن يأخذه بنفسه أو بمساعدة الكفار من جنسه، فمنزلته التي أنزله الله تعالى فيها الذلة والصغار، ولو مكّن من أخذ حقه لكان له على المؤمنين سبيل، والله تعالى قد حكم بخلاف ذلك.
الوجه الثالث؛ أن يقال: قولك "الوصول للعدل" ما المراد به؟
إن قلت: أقصد به الشرع، فهذا صحيح، ولكن هذا ليس مقصوداً لأصحاب هذه الحملة الصليبية، ولا من يظاهرهم، بل هم يصرحون ويصرخون بملء أفواههم بأنهم يريدون محاكمته في "أمريكا".
وإن قلت: المراد به "محكمة أمريكا" - وهي التي يطالبون بتقديم المسلمين المتهمين لها -
قلنا: هذا القول كفر وردة عن دين الإسلام، من ثلاثة وجوه:
الأول؛ وصف حكم الطاغوت "القانون الأمريكي" بـ "العدل" - بإطلاق -
قال صديق حسن خان رحمه الله في "العبرة فيما ورد في الغزو والشهادة والهجرة" [ص: 249]: (وأما قوله: إنهم أهل عدل، فإن أراد أن الأمور الكفرية التي منها "أحكامهم القانونية" عدل، فهو كفر بواح صراح، فقد ذمها الله سبحانه وشنّع عليها، وسماها عتواً وعناداً وطغياناً وإفكاً وإثماً مبيناً وخسراناً مبيناً وبهتاناً، والعدل؛ إنما هو شريعة الله التي حواها كتابه الكريم، وسنة نبيه الرؤوف الرحيم، فقال تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ} [النحل: من الآية 90]، فلو كانت أحكام النصارى عدلاً لكان مأموراً بها).
الثاني؛ جعل تحاكم المسلم لذلك الطاغوت مباحاً بل مأموراً به، فجعل الكفر مأموراً به، وهذا من استحلال المحرمات، بل من استحلال المكفّرات!
الثالث؛ إباحة مظاهرة الكفار على المسلمين من أجل تقديمهم لمحاكمة الطاغوت.
وقد ذكر شيخ الإسلام كما في "الاختيارات" [ص: 165] من نواقض الإسلام: (من توهم أن أحداً من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم قاتل مع الكفار، أو أجاز ذلك).
فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
الوجه الرابع؛ أن يقال: هاك صوراً من عدالة "أمريكا" التي تريدون تحكيمهم في رقاب المسلمين:
1) قتلت في حصار العراق مليون طفل.
2) قتلت من الفلسطينين بأسلحتها التي تمد بها إسرائيل الآلاف من الشيوخ والنساء والأطفال.
3) قتلوا في حصارهم لأفغانستان أكثر من 15000 طفل قبل الحرب.
4) قتلوا الآلاف من المسلمين في الصومال أثناء غزوهم له.
5) ضربوا السودان وأفغانستان بصواريخ كروز، فقتلوا ودمروا من لا ذنب لهم حتى عندهم.
وغير هذا من صور "عدالتهم"، وقد سبق ذكر بعضها في المبحث الأول من الفصل الأول فراجعه.
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
رد: موالاة الكفار من نواقض الاسلام... ترصد المجاهدين والتبليغ عنهم من صورها
جزى الله عاشقة السماء خير الجزاء على ما نقلت لنا من كلام الله سبحانه وتعالى وكلام نبي الله صلى الله عليه وسلم من وجوب موالاة المسلمين والبراءة من المشركين فبارك الله فيها.
وأود أن أضيف أنه لا ينبغي على الفرق والأحزاب أن تسفك دماء المسلمين ولا تنازع الملك من تأمر على المسلمين بذريعة موالاة الكافرين، فالولاة وغيرهم مفتونون ومبتلون بالملك وزهرة الدنياـ فلا تفتنوا بفتنتهم، واسألوا الله السلامة والعفو والعافية.
وعليكم بأمر نبيكم حين قال عليه الصلاة والسلام ( ألاَ من وَلِيَ عليه وال فرآه يأتي شيئًا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعنَّ يدًا من طاعة ).
وقال صلى الله عليه وسلم (إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها. قالوا : يا رسول الله ، فما تأمرنا قال : تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم)
أثرة: فيأخذ الدنيا ويعطي منها من أحب لأولاده وأقربائه ، وأمور تنكرونها: المفاسد في الدين، كفعل مصالح الغرب والتودد لهم.
فقال الصحابة (فما تأمر)، وضع تحت تأمر ألف ألف خط فماذا قال نبي الله صلى الله عليه وسلم (تؤدون الحق الذي عليكم ، وتسألون الله الذي لكم).
الأمراء والسلاطين المفتونون اليوم لو قلت لهم لم تتوددون إلى الغرب لقالوا بقول حاطب بن أبي بلتعة ( وما فعلت ذلك كفراً ولا ارتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام) ولكن فعلت ذلك لكذا وكذا ولمصلحت كذا وكذا، وأمرنا بالظواهر لا البواطن، قال عليه والصلاة والسلام ( إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم) هذا في رجل قال لنبي الله (اتق الله) وإليكم الحديث بطوله:
قام رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناشز الجبهة كث اللحية محلوق الرأس مشمر الإزار فقال يا رسول الله اتق الله فقال ويلك أولست أحق أهل الأرض أن يتقي الله قال ثم ولى الرجل فقال خالد بن الوليد يا رسول الله ألا أضرب عنقه فقال لا لعله أن يكون يصلي، قال خالد وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم.
وتصيح الفرق والأحزاب أن الولاة يقتلون المسلمين، فهل هذا الواقع ؟
الأمراء تقاتل طائفة من المسلمين خرجوا عن طاعتهم كما فعل الأموين بمخالفيهم وما فعل العباسيون في الأمويين والعثمانيين بالمماليك وقس على ذلك ، إنما هي فتنة الملك، طائفة تخرج باللسان أو السلاح ماذا تنتظر من شخص مفتون بالملك أن يقابلهم بالورود؟ لذا يقاتل الأمراء الأحزاب والفرق خوفا على دنياهم، فأين قتال المسلمين إلا إذا كانت الفرق والاحزاب تعد نفسها مسلمة وما سواها على الكفر!
فضلا من أن بعض الامراء تجد له أمور تشكر في مجال الدعوة إلى الإسلام كبناء المساجد و مراكز الدعوة ومساعدة المحتاجين، فهل مثل هذا يعد حربا على الإسلام والمسلمين؟
( يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىۤ أَلاَّ تَعْدِلُواْ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )
ليت الأحزاب سلكت سبيل الأنبياء وتركت للملوك دنياهم واجتهدت في الدعوة إلى الله بدل مصارعة الحكام وقتالهم وتكفيرهم.
رجل كعبدالرحمن السميط رحمه الله إذا ذكر استغفر له الناس أما أمراء الفرق والأحزاب يدعوا الناس عليهم لما جلبوه من الفتن والدم، ماذا فعل ذلك الرجل الصالح لأفريقيا وماذا فعل أمراء الفرق في بلاد المسلمين!
نقول للفرق والاحزاب عليكم بأثر الأنبياء والله ما هي قصص تتلى تسلية وإمرارا للوقت قال الله تعالى (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ) ، (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)
صدق ربي لنا في قصة إبراهيم هدى وفي قصة موسى هدى وفي قصة يوسف هدى ، قالت الأنبياء لأقوامهم (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إلَهٍ غَيْرُهُ) ، وصبروا على أذى أقوامهم فماذا كان عاقبة صبرهم وثقتهم بربهم (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۖ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا ۖ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ )
صبر موسى وبنو اسرائيل على أذى فرعون الذي قال كلمة الكفر البواح (أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى) لا ثاروا ولا شكلوا فرقا وأحزابا سرية.
فالله الله في دماء المسلمين .
اللهم إن كنت ما قلت حقا فأعيني ولا تعن علي واهدني واصرف عني قول الضلالة ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وإن قلت باطلا متأولى فاغفر لي زلتي وارحمني وردني إلى الحق ردا جميلا وصلى الله وسلم على نبيه محمد عليه الصلاة والسلام.
وأود أن أضيف أنه لا ينبغي على الفرق والأحزاب أن تسفك دماء المسلمين ولا تنازع الملك من تأمر على المسلمين بذريعة موالاة الكافرين، فالولاة وغيرهم مفتونون ومبتلون بالملك وزهرة الدنياـ فلا تفتنوا بفتنتهم، واسألوا الله السلامة والعفو والعافية.
وعليكم بأمر نبيكم حين قال عليه الصلاة والسلام ( ألاَ من وَلِيَ عليه وال فرآه يأتي شيئًا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعنَّ يدًا من طاعة ).
وقال صلى الله عليه وسلم (إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها. قالوا : يا رسول الله ، فما تأمرنا قال : تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم)
أثرة: فيأخذ الدنيا ويعطي منها من أحب لأولاده وأقربائه ، وأمور تنكرونها: المفاسد في الدين، كفعل مصالح الغرب والتودد لهم.
فقال الصحابة (فما تأمر)، وضع تحت تأمر ألف ألف خط فماذا قال نبي الله صلى الله عليه وسلم (تؤدون الحق الذي عليكم ، وتسألون الله الذي لكم).
الأمراء والسلاطين المفتونون اليوم لو قلت لهم لم تتوددون إلى الغرب لقالوا بقول حاطب بن أبي بلتعة ( وما فعلت ذلك كفراً ولا ارتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام) ولكن فعلت ذلك لكذا وكذا ولمصلحت كذا وكذا، وأمرنا بالظواهر لا البواطن، قال عليه والصلاة والسلام ( إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم) هذا في رجل قال لنبي الله (اتق الله) وإليكم الحديث بطوله:
قام رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناشز الجبهة كث اللحية محلوق الرأس مشمر الإزار فقال يا رسول الله اتق الله فقال ويلك أولست أحق أهل الأرض أن يتقي الله قال ثم ولى الرجل فقال خالد بن الوليد يا رسول الله ألا أضرب عنقه فقال لا لعله أن يكون يصلي، قال خالد وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم.
وتصيح الفرق والأحزاب أن الولاة يقتلون المسلمين، فهل هذا الواقع ؟
الأمراء تقاتل طائفة من المسلمين خرجوا عن طاعتهم كما فعل الأموين بمخالفيهم وما فعل العباسيون في الأمويين والعثمانيين بالمماليك وقس على ذلك ، إنما هي فتنة الملك، طائفة تخرج باللسان أو السلاح ماذا تنتظر من شخص مفتون بالملك أن يقابلهم بالورود؟ لذا يقاتل الأمراء الأحزاب والفرق خوفا على دنياهم، فأين قتال المسلمين إلا إذا كانت الفرق والاحزاب تعد نفسها مسلمة وما سواها على الكفر!
فضلا من أن بعض الامراء تجد له أمور تشكر في مجال الدعوة إلى الإسلام كبناء المساجد و مراكز الدعوة ومساعدة المحتاجين، فهل مثل هذا يعد حربا على الإسلام والمسلمين؟
( يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىۤ أَلاَّ تَعْدِلُواْ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )
ليت الأحزاب سلكت سبيل الأنبياء وتركت للملوك دنياهم واجتهدت في الدعوة إلى الله بدل مصارعة الحكام وقتالهم وتكفيرهم.
رجل كعبدالرحمن السميط رحمه الله إذا ذكر استغفر له الناس أما أمراء الفرق والأحزاب يدعوا الناس عليهم لما جلبوه من الفتن والدم، ماذا فعل ذلك الرجل الصالح لأفريقيا وماذا فعل أمراء الفرق في بلاد المسلمين!
نقول للفرق والاحزاب عليكم بأثر الأنبياء والله ما هي قصص تتلى تسلية وإمرارا للوقت قال الله تعالى (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ) ، (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)
صدق ربي لنا في قصة إبراهيم هدى وفي قصة موسى هدى وفي قصة يوسف هدى ، قالت الأنبياء لأقوامهم (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إلَهٍ غَيْرُهُ) ، وصبروا على أذى أقوامهم فماذا كان عاقبة صبرهم وثقتهم بربهم (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۖ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا ۖ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ )
صبر موسى وبنو اسرائيل على أذى فرعون الذي قال كلمة الكفر البواح (أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى) لا ثاروا ولا شكلوا فرقا وأحزابا سرية.
فالله الله في دماء المسلمين .
اللهم إن كنت ما قلت حقا فأعيني ولا تعن علي واهدني واصرف عني قول الضلالة ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وإن قلت باطلا متأولى فاغفر لي زلتي وارحمني وردني إلى الحق ردا جميلا وصلى الله وسلم على نبيه محمد عليه الصلاة والسلام.
المغيرة- اللهم اني أعوذ بك من فتنة الدجال
- عدد المساهمات : 140
تاريخ التسجيل : 06/12/2013
رد: موالاة الكفار من نواقض الاسلام... ترصد المجاهدين والتبليغ عنهم من صورها
اللهم آمين ولك بمثل ما دعوت لي أخينا المغيرة
وشكراً لمرورك الكريم
أما عن مدلول قولك بعد اثبات كفر من يوالي الكفار وتبيان الشبهات حولها بأن من يحكمون ولاة أمر واجب طاعتهم فهذا والله به عجباً، ومعاذ الله أن نطيع أمثال هؤلاء.
وقد ناقشتكم في موضوع لأخينا عالم باشراط الساعة وكفى بما أوردته هناك تبياناً، ومن يريد البحث فسيجد في هذا الملتقى مقالات فقهية عديدة حول الحاكم والقوانين والوضعية ..الخ من المسائل ذات العلاقة.
والتمسك بالتمتشابه وعدم رده للمحكم هو من أضاع الدين وأوصل الأمة لهذه الحالة المزرية.
ومن يسفك الدماء من الموحدين؟!!!!!
أليست الصورة واضحة لكم بعد أن من يقتل ويجرم هم من يسمون ولاة أمر شرعي وهم البادئون، ومن يرد صولتهم بحكم المجاهد؟!!!!
أتظنون أن الصورة لن تتكرر في الأوطان المتبقية بمشيئة الله ومكره بهؤلاء المجرمين، لأن كرسي الحكم مقدم عندهم عن إقامة الدين!!!!
-----------------
الشبهة السادسة ؛ أن "طالبان" ومن معهم ظالمون
ومن الشبه التي أثيرت قول بعضهم: إن تنظيم القاعدة - المتهم بأحداث أمريكا - وطالبان ظالمون بما فعلوه في "بلاد الكفار"، لذا فهذا الفعل من باب رفع الظلم!
والجواب من وجوه:
الوجه الأول؛ أن هذا الكلام لا يثبت في شرعنا، ولا في قانونهم:
أما شرعنا: فيرده قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6]، وهذا الاتهام ليس موجهاً من "فاسق" بل من "كافر"، فيجب التبين والتثبت في هذه المسألة قبل إصدار الأحكام.
وأما قانونهم - طاغوت أمريكا - فقاعدتهم تقول: إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وهؤلاء الكفار لم يقدموا دليلاً واحداً يثبت ما اتهموا به المسلمين كما هو معروف لدى الجميع.
الوجه الثاني؛ ولو فرضنا صدق كلام هؤلاء الكفار بضلوع هؤلاء المسلمين بهذا العمل، فلا يلزم من كونه عملاً إجرامياً عند الكفرة أن يكون كذلك عند المسلمين، فالمسلمون يتحاكمون للكتاب والسنة لا إلى طواغيت الكفار، وإلا فإن هؤلاء يجعلون الجهاد إرهاباً، وإقامة الحدود انتهاكاً لحقوق الإنسان، وحجاب النساء كبتاً للمرأة، ومنع الزنا وشرب الخمر تدخلاً في الحريات الشخصية، وهكذا في كثير من شرائع الإسلام.
فالواجب رد هذا العمل والنظر فيه من خلال الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم المعروفين، ولا يرد إلى الطواغيت المسماة بـ "القوانين والأعراف الدولية".
الوجه الثالث؛ أننا لو فرضنا أن هؤلاء المسلمين هم الذين نفذوا هذه العمليات، وأنه عندنا خرق للعهود والمواثيق، فإنه لا يلزم من كونه هكذا عندنا أن يكون عند المتهمين في العملية كذلك، فإنهم قد نبذوا إلى أمريكا العهود، بل وسبق لأمريكا أن ضربتهم بصواريخ "كروز"، وبينهم العداء ظاهر، ولا مواثيق بينهم، وقد سبق في الشبهة الثانية ذكر ما عمله أبو بصير ومن معه من المسلمين في المشركين مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم عاهدهم، لأن عهده لم يلزمهم.
الوجه الرابع؛ أننا لو فرضنا أن هؤلاء المسلمين هم الذين نفذوا هذه العمليات، وفرضنا أن عملهم هذا أيضاً يذمه الشرع ولا يقره، وأنهم في شرعنا "مجرمون" و "ظالمون"، وأنهم بينهم وبين أولئك عهود ومواثيق انتهكوها، فالواجب في مثل هذا الحالة أن يحاكموا بالشريعة الإسلامية، لا وفق طواغيت الكفار!
الوجه الخامس؛ أننا لو فرضنا أن "طالبان" ومن معهم ظالمون، فظلم "أمريكا"؛ أعظم، وأكبر، وأشمل، وأوسع، وأخبث، وأقدم، وقتلاهم من المسلمين بالملايين، فهم الذين قتلوا المسلمين في العراق، وفلسطين، ولبنان، والصومال، والسودان، وغيرها، وهم الذين أعانوا على قتل المسلمين في جزر الملوك، وتيمور، والبوسنة، والشيشان، وكشمير، والفلبين، وغيرها، وهم الذين أثاروا الحروب بين المسلمين، وغير هذا من جرائمهم وقد تقدم بعضها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله [المنهاج: 1/484]: (وهذا حال أهل الكتاب مع المسلمين، فما يوجد في المسلمين شر إلا وفي أهل الكتاب أكثر منه، ولا يوجد في أهل الكتاب خير إلا وفي المسلمين أعظم منه؛ ولهذا يذكر سبحانه مناظرة الكفار من المشركين وأهل الكتاب بالعدل، فإن ذكروا عيباً في المسلمين لم يبرئهم منه، لكن يبين أن عيوب الكفار أعظم، كما قال تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: من الآية 217]، وهذه الآية نزلت لأن سرية من المسلمين ذكر أنهم قتلوا ابن الحضرمي في آخر يوم من رجب فعابهم المشركون بذلك، فأنزل الله هذه الآية).
الوجه السادس؛ أن المسلم حتى لو كان ظالماً فإن حق ولايته باقٍ بما معه من الإسلام، ولا يجوز إعانة الكافر عليه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" [28/208 - 209]: (والمؤمن عليه أن يعادي في الله ويوالي في الله، فإن كان هناك مؤمن فعليه أن يواليه وإن ظلمه، فإن الظلم لا يقطع الموالاة الإيمانية، قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: 9، 10]، فجعلهم إخوة مع وجود القتال والبغي وأمر بالإصلاح بينهم).
وشكراً لمرورك الكريم
أما عن مدلول قولك بعد اثبات كفر من يوالي الكفار وتبيان الشبهات حولها بأن من يحكمون ولاة أمر واجب طاعتهم فهذا والله به عجباً، ومعاذ الله أن نطيع أمثال هؤلاء.
وقد ناقشتكم في موضوع لأخينا عالم باشراط الساعة وكفى بما أوردته هناك تبياناً، ومن يريد البحث فسيجد في هذا الملتقى مقالات فقهية عديدة حول الحاكم والقوانين والوضعية ..الخ من المسائل ذات العلاقة.
والتمسك بالتمتشابه وعدم رده للمحكم هو من أضاع الدين وأوصل الأمة لهذه الحالة المزرية.
ومن يسفك الدماء من الموحدين؟!!!!!
أليست الصورة واضحة لكم بعد أن من يقتل ويجرم هم من يسمون ولاة أمر شرعي وهم البادئون، ومن يرد صولتهم بحكم المجاهد؟!!!!
أتظنون أن الصورة لن تتكرر في الأوطان المتبقية بمشيئة الله ومكره بهؤلاء المجرمين، لأن كرسي الحكم مقدم عندهم عن إقامة الدين!!!!
-----------------
الشبهة السادسة ؛ أن "طالبان" ومن معهم ظالمون
ومن الشبه التي أثيرت قول بعضهم: إن تنظيم القاعدة - المتهم بأحداث أمريكا - وطالبان ظالمون بما فعلوه في "بلاد الكفار"، لذا فهذا الفعل من باب رفع الظلم!
والجواب من وجوه:
الوجه الأول؛ أن هذا الكلام لا يثبت في شرعنا، ولا في قانونهم:
أما شرعنا: فيرده قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6]، وهذا الاتهام ليس موجهاً من "فاسق" بل من "كافر"، فيجب التبين والتثبت في هذه المسألة قبل إصدار الأحكام.
وأما قانونهم - طاغوت أمريكا - فقاعدتهم تقول: إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وهؤلاء الكفار لم يقدموا دليلاً واحداً يثبت ما اتهموا به المسلمين كما هو معروف لدى الجميع.
الوجه الثاني؛ ولو فرضنا صدق كلام هؤلاء الكفار بضلوع هؤلاء المسلمين بهذا العمل، فلا يلزم من كونه عملاً إجرامياً عند الكفرة أن يكون كذلك عند المسلمين، فالمسلمون يتحاكمون للكتاب والسنة لا إلى طواغيت الكفار، وإلا فإن هؤلاء يجعلون الجهاد إرهاباً، وإقامة الحدود انتهاكاً لحقوق الإنسان، وحجاب النساء كبتاً للمرأة، ومنع الزنا وشرب الخمر تدخلاً في الحريات الشخصية، وهكذا في كثير من شرائع الإسلام.
فالواجب رد هذا العمل والنظر فيه من خلال الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم المعروفين، ولا يرد إلى الطواغيت المسماة بـ "القوانين والأعراف الدولية".
الوجه الثالث؛ أننا لو فرضنا أن هؤلاء المسلمين هم الذين نفذوا هذه العمليات، وأنه عندنا خرق للعهود والمواثيق، فإنه لا يلزم من كونه هكذا عندنا أن يكون عند المتهمين في العملية كذلك، فإنهم قد نبذوا إلى أمريكا العهود، بل وسبق لأمريكا أن ضربتهم بصواريخ "كروز"، وبينهم العداء ظاهر، ولا مواثيق بينهم، وقد سبق في الشبهة الثانية ذكر ما عمله أبو بصير ومن معه من المسلمين في المشركين مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم عاهدهم، لأن عهده لم يلزمهم.
الوجه الرابع؛ أننا لو فرضنا أن هؤلاء المسلمين هم الذين نفذوا هذه العمليات، وفرضنا أن عملهم هذا أيضاً يذمه الشرع ولا يقره، وأنهم في شرعنا "مجرمون" و "ظالمون"، وأنهم بينهم وبين أولئك عهود ومواثيق انتهكوها، فالواجب في مثل هذا الحالة أن يحاكموا بالشريعة الإسلامية، لا وفق طواغيت الكفار!
الوجه الخامس؛ أننا لو فرضنا أن "طالبان" ومن معهم ظالمون، فظلم "أمريكا"؛ أعظم، وأكبر، وأشمل، وأوسع، وأخبث، وأقدم، وقتلاهم من المسلمين بالملايين، فهم الذين قتلوا المسلمين في العراق، وفلسطين، ولبنان، والصومال، والسودان، وغيرها، وهم الذين أعانوا على قتل المسلمين في جزر الملوك، وتيمور، والبوسنة، والشيشان، وكشمير، والفلبين، وغيرها، وهم الذين أثاروا الحروب بين المسلمين، وغير هذا من جرائمهم وقد تقدم بعضها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله [المنهاج: 1/484]: (وهذا حال أهل الكتاب مع المسلمين، فما يوجد في المسلمين شر إلا وفي أهل الكتاب أكثر منه، ولا يوجد في أهل الكتاب خير إلا وفي المسلمين أعظم منه؛ ولهذا يذكر سبحانه مناظرة الكفار من المشركين وأهل الكتاب بالعدل، فإن ذكروا عيباً في المسلمين لم يبرئهم منه، لكن يبين أن عيوب الكفار أعظم، كما قال تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: من الآية 217]، وهذه الآية نزلت لأن سرية من المسلمين ذكر أنهم قتلوا ابن الحضرمي في آخر يوم من رجب فعابهم المشركون بذلك، فأنزل الله هذه الآية).
الوجه السادس؛ أن المسلم حتى لو كان ظالماً فإن حق ولايته باقٍ بما معه من الإسلام، ولا يجوز إعانة الكافر عليه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" [28/208 - 209]: (والمؤمن عليه أن يعادي في الله ويوالي في الله، فإن كان هناك مؤمن فعليه أن يواليه وإن ظلمه، فإن الظلم لا يقطع الموالاة الإيمانية، قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: 9، 10]، فجعلهم إخوة مع وجود القتال والبغي وأمر بالإصلاح بينهم).
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
رد: موالاة الكفار من نواقض الاسلام... ترصد المجاهدين والتبليغ عنهم من صورها
الشبهة السابعة ؛ أن "طالبان" دولة مشركين
ومن الشبه التي أثيرت أيضاً قول بعضهم: (إن "طالبان" دولة "قبورية"، يقوم عليها طائفة من المشركين، لذلك فالتحالف مع أمريكا هو في حقيقته إعانة كافر على كافر)!
بل ومنهم من يقول: (إعانة كتابي على مشرك، والكتابي أقرب إلينا من المشرك)!
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
الوجه الأول؛ أن القاعدة الشرعية تقول؛ "البينة على المدعي"، فمن ادعى هذا الشيء فعليه أن يقيم بينتين:
البينة الأولى؛ وجود الشرك الأكبر في تلك البلاد.
والبينة الثانية؛ أن حكام تلك البلاد يقرون هذا الشرك.
فإن لم يقم هاتين البينتين فهو من الكاذبين.
الوجه الثاني؛ أن بلاد الأفغان ليست بلاداً نائية لا يصل إليها أحد، بل قد جاءها كثيرون من المسلمين منذ أكثر من عشرين سنة وحتى اليوم، ووقفوا عليها وعلى أحوالها، ومنهم طلبة علم ودعاة معروفون، وقد شهد كثير منهم على مجموعةٍ من قادة الأفغان وعلمائهم وزعمائهم أنهم بريئون من الشرك الأكبر، ولا يقرونه، بل ينكرونه، ووجود البدع لا يقتضي وجود الشرك، وفرق بين البناء على القبور مثلاً - وهو بدعة - وبين الطواف عليها والذبح عندها والنذر لها - وهو شرك أكبر - وبين تحري الدعاء عند قبور الأولياء - وهو بدعة - وبين دعاء الأولياء - وهو شرك أكبر - وبين التبرك بآثار الصالحين - وهو بدعة - وبين صرف شيء من العبادة لهم - وهو شرك أكبر - والدعوة للتوحيد نشطة في صفوف الجهال.
الوجه الثالث؛ أن "طالبان" خاصة قد قامت بهدم بعض المشاهد الشركية كما ذكر ذلك وزير الأمر بالمعروف فيها، وقامت بمنع الشرك الأكبر عند القبور - كما سبق ذكر هذا في المبحث الثاني من الفصل الأول -
الوجه الرابع؛ أن وجود الشرك من بعض الرعية لا يلزم منه وصف البلاد بأسرها بهذا الوصف، ولو كان الحال هكذا فإنه لا يوجد بلاد إسلام أبداً، فبلادنا مثلاً - في جزيرة العرب - يوجد فيها من المشركين "الروافض" في المنطقة الشرقية والمدينة، و"الإسماعيلية" في نجران وما حولها، و ("القبورية" من الصوفية في مكة وبعض مدن الحجاز، وليس وجودهم جاعلاً بلادنا بلاداً شركية، وهكذا الكلام في "طال.
ومن الشبه التي أثيرت أيضاً قول بعضهم: (إن "طالبان" دولة "قبورية"، يقوم عليها طائفة من المشركين، لذلك فالتحالف مع أمريكا هو في حقيقته إعانة كافر على كافر)!
بل ومنهم من يقول: (إعانة كتابي على مشرك، والكتابي أقرب إلينا من المشرك)!
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
الوجه الأول؛ أن القاعدة الشرعية تقول؛ "البينة على المدعي"، فمن ادعى هذا الشيء فعليه أن يقيم بينتين:
البينة الأولى؛ وجود الشرك الأكبر في تلك البلاد.
والبينة الثانية؛ أن حكام تلك البلاد يقرون هذا الشرك.
فإن لم يقم هاتين البينتين فهو من الكاذبين.
الوجه الثاني؛ أن بلاد الأفغان ليست بلاداً نائية لا يصل إليها أحد، بل قد جاءها كثيرون من المسلمين منذ أكثر من عشرين سنة وحتى اليوم، ووقفوا عليها وعلى أحوالها، ومنهم طلبة علم ودعاة معروفون، وقد شهد كثير منهم على مجموعةٍ من قادة الأفغان وعلمائهم وزعمائهم أنهم بريئون من الشرك الأكبر، ولا يقرونه، بل ينكرونه، ووجود البدع لا يقتضي وجود الشرك، وفرق بين البناء على القبور مثلاً - وهو بدعة - وبين الطواف عليها والذبح عندها والنذر لها - وهو شرك أكبر - وبين تحري الدعاء عند قبور الأولياء - وهو بدعة - وبين دعاء الأولياء - وهو شرك أكبر - وبين التبرك بآثار الصالحين - وهو بدعة - وبين صرف شيء من العبادة لهم - وهو شرك أكبر - والدعوة للتوحيد نشطة في صفوف الجهال.
الوجه الثالث؛ أن "طالبان" خاصة قد قامت بهدم بعض المشاهد الشركية كما ذكر ذلك وزير الأمر بالمعروف فيها، وقامت بمنع الشرك الأكبر عند القبور - كما سبق ذكر هذا في المبحث الثاني من الفصل الأول -
الوجه الرابع؛ أن وجود الشرك من بعض الرعية لا يلزم منه وصف البلاد بأسرها بهذا الوصف، ولو كان الحال هكذا فإنه لا يوجد بلاد إسلام أبداً، فبلادنا مثلاً - في جزيرة العرب - يوجد فيها من المشركين "الروافض" في المنطقة الشرقية والمدينة، و"الإسماعيلية" في نجران وما حولها، و ("القبورية" من الصوفية في مكة وبعض مدن الحجاز، وليس وجودهم جاعلاً بلادنا بلاداً شركية، وهكذا الكلام في "طال.
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
رد: موالاة الكفار من نواقض الاسلام... ترصد المجاهدين والتبليغ عنهم من صورها
الشبهة الثامنة ؛ الاستدلال بقوله تعالى: {إلا على قومٍ بينكم وبينهم ميثاق}
ومن الشبه التي أثيرت أيضاً قول بعضهم: إن ترك إعانة "طالبان" ونحوها إنما هو وفاء بالمواثيق التي بيننا وبين أمريكا لقوله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} [لأنفال: من الآية 72].
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
الوجه الأول؛ أن هذا الأمر في حق من ترك الهجرة وبقي في ديار الحربيين، كما قال تعالى في أول الآية: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [لأنفال: 72].
قال ابن كثير رحمه الله [التفسير 2/330]: (قوله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ}؛ هؤلاء الأعراب الذين لم يهاجروا في قتال ديني على عدوٍ لهم فانصروهم، فإنه واجب عليكم نصرهم لأنهم إخوانكم في الدين، إلا أن يستنصروكم على قوم من الكفار بينكم وبينهم ميثاق، أي مهادنة إلى مدة، فلا تخفروا ذمتكم ولا تنقضوا أيمانكم مع الذين عاهدتم).
والآية ظاهرة في هذا الأمر، فلا لبس فيه ولا إشكال، ولله الحمد.
وقال القرطبي رحمه الله [التفسير 8/57]: (قوله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ}؛ يريد إن دعوا هؤلاء المؤمنون الذين يهاجروا من أرض الحرب عونكم بنفير أو مال لاستنقاذكم؛ فأعينوهم، فذلك فرض عليكم، فلا تخذلوهم، إلا أن يستنصروكم على قوم كفار بينكم وبينهم ميثاق؛ فلا تنصروهم عليهم ولا تنقضوا العهد حتى تتم مدته).
الوجه الثاني؛ أن هذا الأمر أيضاً منسوخ كما صرح به جمع من أهل العلم [أحكام الجصاص: 3/113].
وقد قال ابن العربي رحمه الله [أحكام ابن العربي: 2/440]: (ثم نسخ الله ذلك بفتح مكة والميراث بالقرابة، سواء كان الوارث في دار الحرب أو في دار السلام، لسقوط اعتبار الهجرة بالسنة، إلا أن يكونوا أسراء مستضعفين، فإن الولاية معهم قائمة، والنصرة لهم واجبة بالبدن؛ بألا يبقى منا عين تطرف حتى نخرج إلى استنقاذهم إن كان عددنا يحتمل ذلك، أو نبذل جميع أموالنا في استخراجهم، حتى لا يبقى لأحد درهم، كذلك قال مالك وجميع العلماء، فإنا لله وإنا إليه راجعون على ما حل بالخلق في تركهم إخوانهم في أسر العدو، وبأيديهم خزائن الأموال وفضول الأحوال والعدة والعدد، والقوة والجلد).
قلت: رحمك الله يا ابن العربي، كيف لو رأيت حالنا اليوم؟!
الوجه الثالث؛ أن هذا الأمر إنما يكون في جهاد الطلب، أما جهاد الدفع فليس محل خلاف مطلقاً، وجهاد الدفع من أعظم الجهاد.
كما قال شيخ الإسلام [الفتاوى: 28/359]: (فأما إذا أراد العدو الهجوم على المسلمين فإنه يصير دفعه واجباً على المقصودين كلهم، وعلى غير المقصودين، لإعانتهم، كما قال الله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ}، وكما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنصر المسلم، وسواء أكان الرجل من المرتزقة للقتال، أو لم يكن، وهذا يجب بحسب الإمكان على كل أحد بنفسه وماله، مع القلة والكثرة، والمشي والركوب، كما كان المسلمون، لما قصدهم العدو عام الخندق ولم يأذن الله في تركه أحداً كما أذن في ترك الجهاد ابتداء لطلب العدو، الذي قسمهم فيه إلى قاعد وخارج، بل ذم الذين يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم: {يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً} [الأحزاب: من الآية 13]، فهذا دفع عن الدين والحرمة والأنفس، وهو قتال اضطرار، وذلك - يعني جهاد الطلب - قتال اختيار، للزيادة في الدين وإعلائه ولإرهاب العدو، كغزاة تبوك ونحوها).
الوجه الرابع؛ أننا لو تنزلنا درجات، وسلمنا أن هذا الحكم غير منسوخ، وأن بين المسلمين وبين الأمريكان "مواثيق لم ينقضوها"، وأن هذا الأمر ليس فيمن ترك الهجرة، فإن غايته ترك نصرة أولئك المسلمين فقط، ولا يدل بحال من الأحوال على نصرة الكفار عليهم.
ومن الشبه التي أثيرت أيضاً قول بعضهم: إن ترك إعانة "طالبان" ونحوها إنما هو وفاء بالمواثيق التي بيننا وبين أمريكا لقوله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} [لأنفال: من الآية 72].
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
الوجه الأول؛ أن هذا الأمر في حق من ترك الهجرة وبقي في ديار الحربيين، كما قال تعالى في أول الآية: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [لأنفال: 72].
قال ابن كثير رحمه الله [التفسير 2/330]: (قوله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ}؛ هؤلاء الأعراب الذين لم يهاجروا في قتال ديني على عدوٍ لهم فانصروهم، فإنه واجب عليكم نصرهم لأنهم إخوانكم في الدين، إلا أن يستنصروكم على قوم من الكفار بينكم وبينهم ميثاق، أي مهادنة إلى مدة، فلا تخفروا ذمتكم ولا تنقضوا أيمانكم مع الذين عاهدتم).
والآية ظاهرة في هذا الأمر، فلا لبس فيه ولا إشكال، ولله الحمد.
وقال القرطبي رحمه الله [التفسير 8/57]: (قوله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ}؛ يريد إن دعوا هؤلاء المؤمنون الذين يهاجروا من أرض الحرب عونكم بنفير أو مال لاستنقاذكم؛ فأعينوهم، فذلك فرض عليكم، فلا تخذلوهم، إلا أن يستنصروكم على قوم كفار بينكم وبينهم ميثاق؛ فلا تنصروهم عليهم ولا تنقضوا العهد حتى تتم مدته).
الوجه الثاني؛ أن هذا الأمر أيضاً منسوخ كما صرح به جمع من أهل العلم [أحكام الجصاص: 3/113].
وقد قال ابن العربي رحمه الله [أحكام ابن العربي: 2/440]: (ثم نسخ الله ذلك بفتح مكة والميراث بالقرابة، سواء كان الوارث في دار الحرب أو في دار السلام، لسقوط اعتبار الهجرة بالسنة، إلا أن يكونوا أسراء مستضعفين، فإن الولاية معهم قائمة، والنصرة لهم واجبة بالبدن؛ بألا يبقى منا عين تطرف حتى نخرج إلى استنقاذهم إن كان عددنا يحتمل ذلك، أو نبذل جميع أموالنا في استخراجهم، حتى لا يبقى لأحد درهم، كذلك قال مالك وجميع العلماء، فإنا لله وإنا إليه راجعون على ما حل بالخلق في تركهم إخوانهم في أسر العدو، وبأيديهم خزائن الأموال وفضول الأحوال والعدة والعدد، والقوة والجلد).
قلت: رحمك الله يا ابن العربي، كيف لو رأيت حالنا اليوم؟!
الوجه الثالث؛ أن هذا الأمر إنما يكون في جهاد الطلب، أما جهاد الدفع فليس محل خلاف مطلقاً، وجهاد الدفع من أعظم الجهاد.
كما قال شيخ الإسلام [الفتاوى: 28/359]: (فأما إذا أراد العدو الهجوم على المسلمين فإنه يصير دفعه واجباً على المقصودين كلهم، وعلى غير المقصودين، لإعانتهم، كما قال الله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ}، وكما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنصر المسلم، وسواء أكان الرجل من المرتزقة للقتال، أو لم يكن، وهذا يجب بحسب الإمكان على كل أحد بنفسه وماله، مع القلة والكثرة، والمشي والركوب، كما كان المسلمون، لما قصدهم العدو عام الخندق ولم يأذن الله في تركه أحداً كما أذن في ترك الجهاد ابتداء لطلب العدو، الذي قسمهم فيه إلى قاعد وخارج، بل ذم الذين يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم: {يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً} [الأحزاب: من الآية 13]، فهذا دفع عن الدين والحرمة والأنفس، وهو قتال اضطرار، وذلك - يعني جهاد الطلب - قتال اختيار، للزيادة في الدين وإعلائه ولإرهاب العدو، كغزاة تبوك ونحوها).
الوجه الرابع؛ أننا لو تنزلنا درجات، وسلمنا أن هذا الحكم غير منسوخ، وأن بين المسلمين وبين الأمريكان "مواثيق لم ينقضوها"، وأن هذا الأمر ليس فيمن ترك الهجرة، فإن غايته ترك نصرة أولئك المسلمين فقط، ولا يدل بحال من الأحوال على نصرة الكفار عليهم.
عاشقة السماء- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
- عدد المساهمات : 4735
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
مواضيع مماثلة
» نواقض الاسلام
» سبحان من سخر الكفار لخدمة دوله الاسلام في العراق والشام
» هل الاخوان والتبليغ هالكون......ليسوا من اهل السنة
» بسبب رؤيا نجاة مرتد عن الاسلام وعودته لدين الاسلام
» الصبر على أذى الناس والعفو عنهم
» سبحان من سخر الكفار لخدمة دوله الاسلام في العراق والشام
» هل الاخوان والتبليغ هالكون......ليسوا من اهل السنة
» بسبب رؤيا نجاة مرتد عن الاسلام وعودته لدين الاسلام
» الصبر على أذى الناس والعفو عنهم
ملتقى صائد الرؤى :: الملتقيات العامة و الساحة السياسية والاقتصادية المفتوحة :: حوار الثغور ومنبر السياسة والاقتصاد والفتن الخاصة (عمران بيت المقدس خراب يثرب)!
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى