كفى تبرير؛ إنها سنن التغيير

بسم الله الملك الحق الحكم العدل المعز المذل الذي {أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}

والقائل في كتابه العزيز:

{أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)} [سورة العنكبوت]

{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [سورة المائدة]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [سورة البقرة]

{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40]

{فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 250]

{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (42)} [الروم]

{اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} {فاطر: 43]

فمن قرأ هذه الآيات حرفاً حرفاً، متدبراً كما أمر الملك القدير:
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24]

يجد أن بها أقيمت الحجة على الناس، وجاءت السنة النبوية الشريفة، مفسّرة ومبينة، وأكمل الدين قبل وفاته صلى الله عليه وسلم، ليبلغنا:
"قدْ تركتُكم على البيضاءِ ليلُها كنهارِها ، لا يزيغُ عنها بعدي إلَّا هالِكٌ ، ومَنْ يَعِشْ منكم فسيرَى اختلافًا كثيرًا ، فعلَيْكُم بما عرَفْتُم مِنْ سُنَّتِي، وسنةِ الخلفاءِ الراشدينَ المهديينَ ، عضُّوا عليها بالنواجِذِ ، وعليكم بالطاعَةِ وإِنْ عبدًا حبشِيًّا ، فإِنَّما المؤمِنُ كالجمَلِ الأَنِفِ ، حيثُمَا انقيدَ انقادَ"
الراوي:  العرباض بن سارية المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 4369
خلاصة حكم المحدث: صحيح

"خمسٌ بخمسٍ ، ما نقض قومٌ العهدَ إلا سُلِّطَ عليهم عدَوُّهم ، وما حكموا بغير ما أنزل اللهُ إلا فشا فيهم الفقرُ ، ولا ظهرتْ فيهم الفاحشةُ إلا فشا فيهم الموتُ ، ولا طفَّفوا المكيالَ إلا مُنِعوا النباتَ وأُخِذوا بالسِّنين ، ولا مَنَعوا الزكاةَ إلا حُبِسَ عنهم القطرُ”.
الراوي:  عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 3240
خلاصة حكم المحدث: حسن

"والذي نفسي بيدِه لَتَأْمُرُنَّ بالمعروفِ ، ولَتَنْهَوُنَّ عن المنكرِ ، أو لَيُوشِكَنَّ اللهُ أن يبعثَ عليكم عقابًا من عندِه ، ثم لَتَدْعُنَّه فلا يستجيبُ لكم".
الراوي:  حذيفة بن اليمان المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 7070
خلاصة حكم المحدث: حسن

فتعجب أشد العجب بعد لفت النظر لهذه النصوص الواضحة الدلالة، أن لا يجد قارئها تبياناً ووصفاً لما بات عليه حال الأمة؟!!!!!
فضلاً عن أن يأتي اليوم من يشنع ويجلد بكلماته من خرجوا غضباً على أنظمة بلدانهم مطالبين بالحرية وتحقيق العدالة ورفع الظلم!!!!!

فنسألهم: أين ذهب أمر المصطفى صلى الله عليه وسلم أعلاه، وأين ذهب قوله صلى الله عليه وسلم؟

"سيِّدُ الشُّهداءِ حمزةُ بنُ عبدِ المطَّلبِ ، ورجلٌ قام إلى إمامٍ جائرٍ فأمره ونهاه فقتله".
الراوي:  جابر بن عبدالله المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 374
خلاصة حكم المحدث: صحيح

"أفضلُ الجهادِ كلِمةُ حقٍّ عِندَ سُلطانٍ جائِرٍ".
الراوي:  أبو سعيد الخدري و أبو أمامة و طارق بن شهاب المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1100
خلاصة حكم المحدث: صحيح

وتعجب أكثر؛ حينما ترى من ينبري واصفاً المنتفضين بالخوارج؟!!!!!

فنسألهم: هل خرج هؤلاء صادحين بكفر شارب الخمر، ليقال أنهم يكفرون بالكبائر فهم خوارج؟!!!!!
هل خرجوا يقتلون المسلمين المعصومي الدماء، ليقال أنهم يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان فهم خوارج؟!!!!!
هل قول كلمة الحق والمطالبة برفع الظلم وتحقيق العدالة من المروق في الدين، ليقال إنهم يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية فهم خوارج؟!!!!!
ويزيدون: إنهم خرجوا على الحاكم، فلا يجوز الخروج على حاكم، ونزع يد الطاعة له، فهم خوارج؟!!!!!

مهلاً علينا، لقد قرأنا في سنة نبينا صلى الله عليه وسلم:
"حجَجْتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حجّةَ الوداعِ . فرأيتُه حين رمى جمرةَ العقبةِ وانصرف وهو على راحلتِه . ومعه بلالٌ وأسامةُ . أحدُهما يقودُ به راحلتَه . والآخرُ رافعٌ ثوبَه على رأسِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من الشمسِ . قالت : فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قولًا كثيرًا . ثم سمعتُه يقول " إن أُمِّر عليكم عبدٌ مُجدَّعٌ ( حسبتُها قالت ) أسودُ ، يقودُكم بكتاب اللهِ تعالى ، فاسمَعوا له وأَطيعوا".
الراوي:  أم الحصين الأحمسية المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1298
خلاصة حكم المحدث: صحيح

"دخلْنا على عبادةَ بنِ الصامتِ وهو مريضٌ، قلنا : أصلحك اللهُ، حدِّث بحديثٍ ينفعُك اللهُ به، سمعتَه مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، قال : دعانا النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا : أن بايعنا على السمعِ والطاعةِ، في منشطِنا ومكرهِنا، وعسرِنا ويسرِنا وأثرةٍ علينا، وأن لا ننازعَ الأمرَ أهلَه، إلا أن تروا كُفرًا بَواحًا، عندكم من اللهِ فيه برهانٌ .
الراوي:  عبادة بن الصامت المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7055
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

فهل تحقق ما اشترطه الشرع للطاعة، لينادى بوجوب تأديتها؟!!!!!
وكيف تطلبون طاعة مَنْ حكّم القوانين الوضعية ووالى الكفار وأعانهم على المسلمين، فجاء بكفر بواح عليه برهان؟!!!!!

فيرد بعضهم، إنهم لم يستحلوا ذلك؟!!!!!
فنسألهم:
عن أي استحلالٍ تتحدثون والأمور أوضح الواضحات؟!!!!!
أليس إقامة المحاكم الوضعية وتنظيمها وتدريس قوانينها فيه استحلال؟!!!!!
أليس إقامة القواعد العسكرية للكفار على أرض المسلمين؛ لتنطلق منها النيران لتحرق النساء والأطفال، وزيادة على ذلك التنسيق معهم فيما أسموه بالحرب على الإرهاب فيه استحلال؟!!!!!

هذا تنزلاً، فكبار أهل العلم بيّنوا أن شرط الاستحلال لا يكون في الأعمال التي حكم الله عليها، ومجمل أقوالهم: الأعمال والأقوال المكفّرة، هي الّتي سمّاها الله كفراً، أو أجمع العلماء على تكفير صاحبها، أمّا الأعمال غير المكفّرة بذاتها، فإنّها لا بدّ لها من مصاحب يحكم على صاحبها بالكفر والمصاحب هو الذي يسمّى بالاعتقاد، سواء كان جحوداً أو استحلالاً. فالبحث عن الجحود القلبيّ ليحكم على صاحبه بالكفر هو في الأعمال التي لا يكفر صاحبها بها، أي بمجرّد عملها أو قولها.
وأنّ شرط الجحود القلبيّ للتّكفير هو للأعمال والأقوال التي لم يحكم الله تعالى بكفر صاحبها بمجرّد اقترافها، بل هي الأعمال والأقوال النّازلة عن درجة الكفر الأكبر.

فمن الأفعال التي حكم الله تعالى بكفر صاحبها:

{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:44]

فيأتي بعضهم بتبرير عجيب، عند إيراد هذه الآية الكريمة، فيقول: هذه الآية نزلت في المشركين، ولا علاقة لها بمن يحكمون بالقوانين الوضعية!!!!!!

فنسألهم: وماذا عن قوله تعالى:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 60]

قال الحافظ ابن كثير: "فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة، كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه؟ من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين". ]البداية والنهاية، 13/128]

ومن الأفعال التي حكم الله تعالى بكفر صاحبها ما جاء في قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51]

وتبريراً عجباً يساق تعقيباً عليها، فيقال: إن الله لم ينزع صفة الإيمان عن الموالين، وخاطبهم بالمؤمنين؟!!!!!
فنسأله: كيف فسرت الخطاب للمؤمنين وتحذيرهم من موالاة الكفار واعتبار المتولي لهم منهم، أن صفة الإيمان لا يسقطها اقتراف هذا الفعل؟!!!!!!

ونقول له: إليك مزيداً من أقوال كبار أهل العلم، في مسألة الاستحلال:
قال شيخ الإسلام رحمه الله مبيناً أن الأعمال التي يشترط فيها الاستحلال هي المعاصي:
"ونحن إذا قلنا: أهل السنة متفقون على أنه لا يكفر بذنب، فإنما نريد به المعاصي كالزنا والشرب" (ابن تيمية، الإيمان، ص294)
وقال رحمه الله:
"قد تقرر من مذهب أهل السنة والجماعة ما دل عليه الكتاب والسنة: أنهم لا يكفرون أحدا من أهل القبلة بذنب، ولا يخرجونه من الإسلام بعمل إذا كان فعلا منهيا عنه، مثل الزنا والسرقة وشرب الخمر، ما لم يتضمن ترك الإيمان؛ وأما إن تضمن ترك ما أمر الله بالإيمان به مثل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت، فإنه يكفر به". (مجموع الفتاوى، 20/53)
"وبالجملة فمن قال أو فعل ما هو كفر كفر بذلك، وإن لم يقصد أن يكون كافرا، إذ لا يقصد أحد الكفر إلا ما شاء الله". (الصارم المسلول، ص178)

ويقول الإمام ابن حزم -رحمه الله:
"فصح أن من أعمال الجسد ما يكون كفراً مبطلاً لإيمان صاحبه جملة، ومنها ما لا يكون كفراً، لكن على ما حكم الله تعالى به في كل ذلك ولا مزيد". (الفصل في الملل والأهواء والنحل، 3/220)

وقال إسحاق بن راهويه رحمه الله:
"قد أجمع العلماء على أن من سب الله عز وجل، أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم، أو دفع شيئا أنزله الله، أو قتل نبيا من أنبياء الله، أنه كافر بذلك، وإن كان مقراً بكل ما أنزل الله". (ابن تيمية، الصارم المسلول على شاتم الرسول، ص4)

وخير شاهد قصة أبو بكر الصديق رضي الله عنه بقتاله الممتنعين عن أداء الزكاة، ولم يشفع لهم نطقهم بالشهادتين، و قد وردت القصة بهذا الحديث الشريف:
"لمَّا توفِّيَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ واستُخلِفَ أبو بكرٍ بعدَهُ وكفرَ من كفرَ منَ العربِ قالَ عمرُ بن الخطاب لأبي بكرٍ كيفَ تقاتلُ النَّاسَ وقد قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أمرتُ أن أقاتلَ النَّاسَ حتَّى يقولوا لا إلهَ إلَّا اللَّهُ فمَن قالَ لا إلهَ إلَّا اللَّهُ فقد عصمَ منِّي مالَهُ ونفسَهُ إلَّا بحقِّهِ وحسابُهُ على اللَّهِ فقالَ أبو بكرٍ واللَّه لأَقتُلَنَّ مَن فرَّقَ بينَ الصَّلاةِ والزَّكاةِ فإنَّ الزَّكاةَ حقُّ المالِ واللَّهِ لو منعوني عِقالًا كانوا يؤدُّونهُ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لقاتلتُهُم على منعِهِ فقالَ عمرُ بن الخطاب فواللَّهِ ما هوَ إلَّا رأيتُ اللَّهَ عز وجل قد شرحَ صدرَ أبي بكرٍ للقتالِ فعرفتُ أنَّهُ الحقُّ".
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 20
خلاصة حكم المحدث: صحيح

فالأشد عجباً بعد كل هذا التبيان وظهور الاستحلال بشكل صارخ، أن يشترط الاستحلال للتكفير بالاستحلال!!!!!
والأغرب من هذا كله أن تجد في سياق التبريرات،  قولهم أن المنتفضين لم يطالبوا بتطبيق الشريعة، وخرجوا بشعارات علمانية وهم ينفذون مخطط غربي...الخ!!!!!

فنقول لهم كيف تطلبون ممن غيّب عن فهمهم طوال عقود فقه الإمامة الشرعية والشروط الواجبة في القائم بها، ولم يدركوا أن تحكيم القوانين الوضعية شرك بالله، أن يخرجوا منادين بغير ما نادوا به؟!!!!!
وأين دوركم في هذا الظرف وقد شاء الله أن يخرج الناس يدفع بعضهم بعضاً لتغيير المنكر وإزالة الفساد، في توجيههم ودفعهم للاتجاه الصحيح، بدلاً من تخذيلهم وإعانة الظلمة عليهم؟!!!!!
وانتبهوا أنكم بهذا تقرون بوجود ما يخالف الشرع، وبالتالي تقيمون الحجة على أنفسكم، وتطلبون من الطرف الأضعف والأقل فقهاً أن يقوم بدوركم، فما هو عذركم أنتم؟!!!!!

ومن عجيب التبريرات بعد الإقرار بوجود المخالفات الشرعية التي تقتضي عدم شرعية فاعلها، أن يطالب الناس بالجلوس في بيوتهم  والصبر والطاعة؛ بحجة الحفاظ على الجماعة ودرء الفتنة؟!!!!!

الله ربي لا أشرك به شيئاً!!!!!

فأين هذا الكلام من قول المصطفى صلى الله عليه وسلم:
"أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعث جيشًا وأمَّرَ عليهم رجلًا . فأوقد نارًا . وقال : ادخُلوها . فأراد الناسُ أن يدخلوها . وقال الآخرون : إنا قد فَرَرْنا منها . فذكر ذلك لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال ، للذين أرادوا أن يدخلوها ( لو دخلتُموها لم تزالوا فيها إلى يومِ القيامةِ ) وقال للآخرين قولًا حسنًا . وقال ( لا طاعةَ في معصيةِ اللهِ . إنما الطاعةُ في المعروفِ )."
الراوي:  علي بن أبي طالب المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1840
خلاصة حكم المحدث: صحيح

"سيكونُ عليكم أمراءٌ يؤخِّرونَ الصلاةَ عَنْ مواقيتِها ، ويُحْدِثونَ البدعَ ، قال ابنُ مسعودٍ : فكيفَ أصنعُ ؟ قالَ : تسألُني يا ابنَ أمِّ عبدٍ كيفَ تَصْنَعُ ؟ لا طاعةَ لمنْ عَصَى اللهَ".
الراوي:  عبدالله بن مسعود المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 3664
خلاصة حكم المحدث: صحيح

فمن أين أتيتم باستثناء لطاعة الحكام فيما تجاوز حدود المعاصي لشرك الحاكمية؟!!!!!
وهل إذا حكمكم نصراني بذات القوانين تعدونه ولي أمر شرعي لا يجوز الخروج عليه؟!!!!!
فإن قلتم: لا. نقول لكم:
كيف أجزتم الطاعة لمسلمٍ يحكمكم بالقوانين الوضعية، ولم تجيزوها لنصراني كافر؟!!!!!
وكيف يكون مجرد الانتساب للإسلام هو الموجب للطاعة؟!!!!!
فأين أنتم من أهل خير القرون الذين خرجوا على ولاتهم ولم يطيعوهم لجورهم وظلمهم، رغم أنهم يقيمون فيهم الدين؟!!!!!
كيف فهموا أن الولاية إقامة للدين وتحقيق العدل، وفهمتموها حاكم يطاع وليفعل ما يشاء؟!!!!!

وبعد كل ما أوردناه، ألم تدركوا بعد أن ما يجري هو من سنن الله في التغيير؟!!!!!
وهل أدركتم أن إقامة الدين سبب لاستتباب الأمن واستقرار أنظمة الحكم؟

تدبروا هذا الحديث الشريف:
"إنَّ هذا الأمرَ في قريشٍ ، لا يُعاديهم أحدٌ إلا كبَّه اللهُ على وجهِه، ما أقاموا الدينَ".
الراوي:  معاوية بن أبي سفيان المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3500
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

وهلا تدبرتم هذا الحديث الشريف:
"إذا تبايعتُم بالعِينةِ ، و أخذتُم أذنابَ البقرِ ، و رضِيتُم بالزَّرعِ ، و تركتُمُ الجهادَ سلَّط اللهُ عليكم ذُلًّا ، لا يَنزِعُه حتى ترجِعوا إلى دِينِكم".
الراوي:  عبدالله بن عمر المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 423
خلاصة حكم المحدث: صحيح

ألا يحملكم على إدراك سبب ما نحن فيه من تسلط الظلمة وأعداء الإسلام على المسلمين؟!!!!!

فكيف إذا أصبح الجهاد فرض عين في عديد البقاع لرفع صولة الظلمة على إخواننا كما هو حاصل في سوريا والعراق وعديد البلدان؟!!!!!

وبأي حجة يخذل عن الجهاد، وقد هيأ الله الأسباب بدفع الشعوب بساساتها ليجاهدوهم بالبيان والسنان، وفق تدبيرات يسوقها الملك القدير؟!!!!!

هلا تدبرتم كيف بدأت الأحداث في كل بلد؟، وكيف انطلقت شرارتها من تونس، أكثر بلد عربي عادى الإسلام في قوانينه –متجاوزاً مثيلاته- بأن منع الحجاب وتعدد الزوجات. لتنطلق الشرارة منه لمصر التي وفقاً لتقارير حكومية -سبقت الثورة- بلغت نسبة الأمية  فيها أكثر من 45% ، وأكثر من 5.5 مليون يعيشون في العشوائيات، أكثرهم يقيمون في عشش الصفيح.  ومن ثمَّ لليبيا التي لقب زعيمها نفسه بملك الملوك، فاليمن النظام الذي مكّن للحوثيين وتفرّج على ذبحهم للسنة، إلى سوريا البلد الذي حكم بالنار والحديد، وتقشعر الأبدان من أهوال قصص التعذيب في سجونه، فكان انقداح شرارة الثورة فيها قيام صبية كتبوا شعارات على الجدران، ليخرج النظام عن طوره، فيشطاط كالشيطان ليمعن سكينه في الناس، إلا أن أجبروا على التداعي للجهاد!!!!!
فهل بقية الظلمة في مأمن من استدراج ومكر الله بهم؟!!!!!
فقد حذر سبحانه عباده من مكره قائلاً:
{أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأنعام: 99]

ألا يدعو كل هذا للتبصر؟!!!!!

ولمن يردد مصطلح الفتنة، ألم يصف الله جل وعلا الشرك بأنه أشد من القتل في قوله:
{وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 191]
أليست الأمة اليوم واقعة في هذه الفتنة، باحتكامها للقوانين الوضعية؟!!!!!

ولمن لا يزال لا يرى حقيقة صورة هذا التدافع، ومكر الله واستدراجه للظلمة، هلا تدبرت هذا الحديث الشريف:
"تكونُ هدنَةً على دَخَنٍ : … ثُمَّ تكونُ دعاةُ الضلالَةِ ، فإِنْ رأيْتَ يومَئِذٍ خليفَةَ اللهِ فِي الأرْضِ فالزمْهُ ، وإِنَّ نَهَكَ جِسْمَكَ ، وأخذ مالَكَ ، وإِنْ لم تَرَهُ فاضرِبْ في الأرْضِ ، وَلَوْ أنْ تموتَ وأنتَ عاضٌ على جِذْلِ شجرةٍ".
الراوي:  حذيفة بن اليمان المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2995
خلاصة حكم المحدث: حسن
هل يسمى محكِّم القوانين الوضعية بخليفة الله؛ كي يلزم الناس بطاعته والاحتماء به، ناهيك عن أنه هو البادئ بقتلهم وترويعهم، فكيف يستجار من الرمضاء بالنار؟!!!!!
هل هذه الفتن رفعها يكون بالاعتزال أم بالجهاد، والناس تقتل، والحرائر تغتصب وتعتقل؟!!!!!

بأي عقلٍ يمكن استيعاب كل هذه التبريرات؟!!!!!

وفوق كل هذا:
هل تدبرتم وسألتم أنفسكم ما السبيل الموصل للفوز بالجنة والنجاة من النار؟

جاء في الحديث الشريف:
"لما خلق اللهُ الجنةَ قال لجبريلَ : اذهبْ فانظرْ إليْها ، فذهب فنظر إليها ، ثُمَّ جاء فقال : أيْ ربِّ ! وعزَّتِكَ لا يَسْمَعُ بها أحَدٌ إلَّا دخَلَها ، ثُمَّ حفَّها بالمكارِهِ ، ثُمَّ قال: يا جبريلُ ! اذهبْ فانظرْ إليها ، فذهب ، ثُمَّ نظر إليها ، ثُمَّ جاء فقال : أيْ ربِّ ! وعزَّتِكَ لقَدْ خشِيتُ أن لا يَدْخُلَها أحَدٌ ، فلما خلق اللهُ النارَ ، قال : يا جبريلُ ! فانظرْ إليها ، فذهبَ فنظر إليها ، ثُمَّ جاء فقال : وعزَّتِكَ لا يَسْمَعُ بها أحدٌ فيدخُلُها ، فحفَّها بالشهواتِ ، ثُمَّ قال : يا جبريلُ اذهبْ فانظرْ إليها ، فذهب ، فنظرَ إليها فقال : أيْ ربِّ وعزَّتِكَ لقدْ خشيتُ أن لا يبقى أحد إلَّا دخلَها".
الراوي:  أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 5210
خلاصة حكم المحدث: صحيح

وأَلا ترون أن هذا الحديث الشريف خير ما يصف حال أمتنا:

"يُوشِكُ أن تَدَاعَى عليكم الأممُ من كلِّ أُفُقٍ ، كما تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إلى قَصْعَتِها ، قيل : يا رسولَ اللهِ ! فمِن قِلَّةٍ يَوْمَئِذٍ ؟ قال لا ، ولكنكم غُثاءٌ كغُثاءِ السَّيْلِ ، يُجْعَلُ الْوَهَنُ في قلوبِكم ، ويُنْزَعُ الرُّعْبُ من قلوبِ عَدُوِّكم ؛ لِحُبِّكُمُ الدنيا وكَرَاهِيَتِكُم الموتَ".
الراوي:  ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 8183
خلاصة حكم المحدث: صحيح

ولمن يرددون أن الدعوة قائمة وسبيلها وحده سيوصل لتحكيم الشريعة، نسألهم:
أي صورة للدعوة تصل لأذهان الناس اليوم، والأنظمة تحارب العلماء الربانيين وتسجنهم، ولكم أن تسألوا عن عدد العلماء في سجون الأنظمة، فكيف سيسمح لسواهم بحرية الدعوة، والتكلم بمسائل دقيقة، دون أن تفتح لهم أبواب السجون على مصراعيها؟!!!!!

ألم تقرأوا ما جاء في الحديث الشريف زمن الحديبية:
".... فإن شاؤُوا مادَدْتُهم مدةً ، ويُخَلُّوا بيني وبينَ الناسِ ، فإن أظْهَرَ فإن شاؤوا أن يَدْخُلوا فيما دخَلَ فيه الناسُ فعلوا ؛ وإلا فقد جَمُّوا ، وإن هم أبَوْا ، فوالذي نفسي بيدِه لأُقاتِلَنَّهم على أمري هذا حتى تَنْفَرِدَ سالفتي ، وليَنْقَذَنَّ اللهُ أمرَه... ."
الراوي:  المسور بن مخرمة و مروان بن الحكم المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2731
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

فكان شرطه صلى الله عليه وسلم ليكف عن قتال قريش ويهادنهم أن يخلى بينه وبين الناس لتصلهم دعوة الإسلام، فهل خلت الأنظمة بين الناس والعلماء، وما الذي يرعبهم في قول كلمة الحق وتبيان أحكام الدين؟!!!!!.

وسبحان من شاء في هذه الثورات أن تسقط عديد الأقنعة، فها هو الشيخ محمود المصري يشير لحقيقة العلماء المرضي عنهم من قبل النظام المصري، وكيف أنهم عملاء لأمن الدولة، وكيف يصل الأمر بهم أن يذرفوا الدموع للتدليل على الورع عند خروجهم على الفضائيات!!!!!:


هل تعلموا أين وصل الجهل بالأمة اليوم، وفي ظل هذا التقدم التكنولوجي؟!!!!!
https://t3beer.ahlamontada.com/t3041-topic

وماذا تستقرئون من هذا الحديث الشريف:

"إنَّ اللهَ تعالَى يَبعثُ لهذِهِ الأُمَّةِ على رأْسِ كلِّ مِائةِ سنةٍ مَنْ يُجدِّدُ لها دِينَها".
الراوي:  أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1874
خلاصة حكم المحدث: صحيح

أليست الأمة بحاجة لتجديد دينها، وقد بَعدت عن فقهه وإقامته على الوجه الصحيح مسافات؟!!!!!
ألم تمضي قرابة المائة عام على احتكام كامل الأمة الإسلامية للقوانين الوضعية؟!!!!!

فلا يمكن أن نجد بعد استقراء كل هذه النصوص والشواهد عذراً لمخذل، وقد نجده لساكت.

إنها سنن التغيير وكفى تبرير